كيف يستفيد العالم العربي من العالم الإسلامي غير العربي في تجديد الخطاب الديني

سعد الدين العثماني

 

يعتبر تجديد الخطاب الإسلامي مطلبا دينيا وضرورة واقعية ملحة، فهوشرط جوهري في عبور الفجوة الواسعة التي تفصل العالم العربي والإسلامي عن العالم المتقدم. وتحتاج مقاربة جهود التجديد في المنطقة العربية إلى أربع مقدمات أساسية، نوجزها فيما يلي:

1- لابد من التأكيد على تنوع الخطاب الديني الإسلامي ليس فقط من بلد إلى آخر ولكن داخل كل بلد، فهو ليس نمطًا واحدًا يصدق عليه حكم عام، وإنما هو أطياف مختلفة من الرؤى والمواقف. والجهود التجديدية ضمنها كثيرة ومتنوعة.

2- إنه من المؤكد أن هناك تفاعلا بين الفكر والواقع، ولا يمكن دراسة أحدهما بمعزل عن الآخر. وبالتالي فإن هناك عوامل ومحركات تؤثر في الفكر وتطوراته، وهي عوامل من الواقع الاجتماعي والسياسي، ومن التأثيرات المحيطة. ولذلك فإن تطورات تجديد الخطاب الديني لا يمكن أن تدرس وتحلل بعيدا عن الواقع العام وتفاعلاته وتأثيراته.

3- إنه على الرغم من أن جهود تجديد الخطاب الإسلامي تبقى دائما في حاجة إلى تطوير، إلا أن صعوبة التجدد تنسحب أيضا في العالم العربي على مختلف الاتجاهات الفكرية والاجتماعية والسياسية الأخرى، يشهد على ذلك تعاملها الحرفي مع الأفكار الوافدة، وضعف تأثيرها في المجتمع وضعف إسهامها في تغيير سلوكياته وفكره، إضافة إلى الممارسات غير الديمقراطية التي سادتها وعجزها عن نسج علاقات صحية مع الجماهير، والطبيعة الاستبدادية للأنظمة التي أقامتها في المنطقة.

4- فيما يتعلق بتجديد الخطاب الديني في العالم الإسلامي غير العربي، يلاحظ أنه على الرغم من وجود محاولات تجديدية في عدة بلدان إسلامية انتهت إلى تجارب تنموية وتجارب ديمقراطية ناجحة نسبيا كما هو الشأن في تجربة بعض بلدان جنوب شرق آسيا الإسلامية، لكن أسئلة عديدة تطرح بصددها. فهل تلك النهضة مرتبطة بتجديد الخطاب الديني، وهل هذا التجديد هو مدخلها الأساس ؟ ولماذا لم تتحول تلك التجارب إلى قاطرة تنسج على منوالها الدول الإسلامية الأخرى ؟

ومن الواضح أنه حتى في حال صحة فرضية وجود تجديد في الخطاب الديني في تلك البلدان، فإنه لم يصل إلى درجة يصبح معها حاملا لقوة جذب ذاتية أو محركا لحركة تجديد في الفكر الديني على مستوى العالم الإسلامي كله بما في ذلك العالم العربي. وبالتالي يبدو من المفيد التساؤل عن مدى صواب فكرة نموذجية الفكر الإسلامي غير العربي في مجال التجديد الديني بالذات وجعله معيارا يتم من خلاله مساءلة تجارب تجديد الفكر الديني في العالم العربي .

تبعا لذلك يبدو أن إشكالية تجديد الفكر الديني تبقى إشكالية إسلامية وليس مجرد إشكالية عربية، إذ يستوي في ذلك الفكر الديني الإسلامي العربي والفكر الديني الإسلامي غير العربي. وفي كلتا الحالتين يمكن أن نسجل أنه على الرغم من الموجات التجديدية المتواصلة للخطاب الديني الإسلامي سواء في العالم العربي أو الإسلامي عموما، إلا أنها لم تستطع أن تجعل ذلك ثقافة لدى عموم المسلمين. ولا أن تجد بعض الجهود التجديدية الناجحة في الخطاب الإسلامي غير العربي صداها الكامل في العالم العربي أو أن تكتسب قوة جاذبة في الخطاب الديني العربي، والعكس أيضا صحيح. وهذا يبين أننا أمام مشكلة ثقافية بنيوية ذات صلة بالعقل الإسلامي المعاصر وليس بالعقل الإسلامي العربي، مشكلة بنيوية تتغذى بمجموعة من الشروط والمعطيات الثقافية والاجتماعية والتاريخية في العالم الإسلامي، جعلت كثيرا من التطورات والإبداعات الفكرية ومحاولات تجديد الخطاب الديني تبقى محصورة بين النخب من جهة، ولم تستطع في عمومها أن تكتسب قوة جذب تجعلها تنتقل من السياق الإسلامي إلى السياق العربي أو العكس.

 

عوامل إعاقة التجديد:

إن الإجابات التي من الأولى ملامستها إذن هي عن أسئلة مثل لماذا بقيت التطورات الفكرية في مجال الخطاب الديني محصورة في بعض النخب؟ لماذا تستمر كثير من التفسيرات والاجتهادات الدينية المتشددة في تأثيرها على الناس؟ لماذا بقيت حركة التلاقح الفكري بين العقل الإسلامي غير العربي والعقل الإسلامي العربي دون المستوى المطلوب ؟

إن العوامل وراء ذلك في رأيي تتلخص في أربعة أمور:

1ـ التركيز الاستعماري الذي تعيشه المنطقة منذ قرنين من الزمان تقريبا، ولا زالت تعيشه، وهو تركيز انتهى باقتطاع جزء من الأمة وإنشاء كيان صهيوني فوقه. ثم ارتكبت على مدى عقود من الزمان مجازر متتالية ضد الشعب الفلسطيني تشذ عن الوصف. وتم احتلال القدس الشريف والمسجد الأقصى واستمرت محاولات تهويده والتهديد بهدمه، مع ما له من مكانة دينية ورمزية عند المسلمين. ويمكن أن نلاحظ أنه بوقوع العدوان الأمريكي الأخير على العراق في مارس 2003 بلغ عدد الحروب التي شهدتها المنطقة طيلة الستين عاما الأخيرة، ثمانية حروب شاركت فيها مباشرة قوى دولية. يضاف إليها مثلها من الحروب الأهلية التي لبعض الأطراف الدولية فيها دور وتأثير. وهكذا تكون المنطقة قد شهدت حوالي ستة عشر حربا، بمعدل حرب كل نحو أربع سنوات تقريبا. وهذه الوضعية لا توفر الاستقرار الضروري لتوجيه طاقاتها للبناء السياسي والاقتصادي، ولا للبناء الفكري والحضاري، بل هيأت ظروف ردود فعل قاسية للدفاع عن النفس وعن الحقوق، وفق منطق ديناميكية الشعوب في الدفاع عن نفسها وعن وجودها.

إن نقاط التماس والتوتر الكبرى تكون فيها عموما ردود الفعل والعواطف الجياشة سيدة الميدان، ويتراجع الفكر الهادئ العميق. وهذا ما جعل التأكيد على الهوية في المنطقة العربية خيارا جماهيريا ونخبويا طاغيا. ودفع الخطاب الإسلامي ليعطي الأولوية لمواضيع المقاومة وحماية حقوق الأمة على حساب التجديد الفكري والحضاري، وينشغل تبعا لذلك عن تجديد الخطاب الديني. ومما يعزز هذا التوجه أن الإسلام كان باستمرار عنصر صمود وتعبئة ضد مختلف محاولات الهيمنة والظلم والطغيان. ولذلك يرى الدكتور محمد عابد الجابري على سبيل المثال أن "الحرص على الهيمنة على عصب الحياة في الاقتصاد العالمي (النفط)، دفع ويدفع بكثير من المحللين الغربيين إلى بناء سيناريوهات عدوانية تماماً تتجه مباشرة وبكل صراحة، إلى "الإسلام"، لا بوصفه مجرد دين، بل لكونه عنصر تعبئة يمكن أن يوظف ضد الهيمنة التي يمارسها الغرب اقتصادياً وثقافياً"(1) .

لسنا نجادل في أن المقاومة حق مشروع وأمر واجب مطلوب، لكن إهمال التجديد الفكري والفقهي عنصر نقص كبير. فخطاب المقاومة لا يكتمل إلا إذا ترافق بتجديد فكري يؤمن من اختراق ثقافة عنصر الانحطاط وثقافة التبعية وضياع الهوية. ولا يكفي في سبيل ذلك التوسل بآليات الدفاع الذاتي، ولكن أيضا لا بد من اعتماد آليات الإبداع والتجاوز والاستشراف والتثاقف الحضاري في إطار مرجعية الإسلام وأحكامه ومقاصده. لكن قساوة التحديات التي واجهتها المنطقة، حروبا وعنفا، حالت دون التوازن بين الحفاظ على الهوية وتجديدها، وبين مقاومة الاستعمار والاستفادة من حضارته.

يضاف إلى هذا التحدي الاستعماري تحدي العولمة، فمع ضمور تأثير التوجهات الفكرية السياسية الأخرى في الشارع العربي، أضحى التوجه الإسلامي هو الملاذ الذي يلجأ إليه والذي يشكل رد فعل جدي على الهيمنة الثقافية والاقتصادية والسياسية الغربية منذ انهيار الاتحاد السوفياتي.

2 ـ سيطرة الأنظمة الشمولية والمنتهكة للحريات الفردية والجماعية، وهي التي تعاملت مع شعوبها عموما، ومع الاتجاهات الإسلامية على وجه الخصوص بإقصاء وحرب تجاوزتها أحيانا إلى محاربة الدين وشعائره. لقد كان لهذا المنحى نتيجتان أساسيتان هما:

ـ انشغال النخب العربية بالصراع على السلطة وتهميش الطاقات والكفاءات ومؤسسات المجتمع بسبب مأزق الشرعية الذي كانت تواجهه أغلب الأنظمة. ونتج عن ذلك ترهل القوى السياسية واستشراء الفساد الإداري والمالي وهدر الطاقات وتفاقم المشكلات الاجتماعية، وهي كلها تؤدي إلى لامبالاة أوسع الشرائح من المواطنين واستياء شعبي واسع من الأوضاع الفاسدة، وبالتالي عدم تعبئة المجتمع للمشاركة في معركة النهوض والتنمية.

ـ انشغال الفكر الإسلامي عموما بتحديات الوجود، بدلا من الانشغال بهموم النهضة الفكرية. فتولد لدى بعض تياراته منهج اتسم بالتوجس والمواجهة والصدام، منهج ينظر بسلبية إلى التحاور أو التعاون مع مؤسسات أو جهات رسمية طلباً لجلب مصلحة أو درء مفسدة. وقد كان نصيب الأسد في ذلك للدول العربية بينما وجدنا أن الدول الإسلامية الآسيوية لم تشهد في الغالب ذلك المستوى من الحرب الشرسة على الحركات الإسلامية من قبل أنظمة محلية، ويالتالي تهيأت فيها شروط أفضل لتجارب تجديدية وإن كانت لم ترتق إلى مستوى أن تكون لها الجاذبية المذكورة لتلعب دور القاطرة وتكون نموذجا لباقي الدول الإسلامية العربية وغير العربية. ونظن أن النظام السياسي المغلق في المنطقة العربية جعلها أقل تأثراً بموجة الإصلاحات السياسية والمد الديمقراطي والتطور الاجتماعي من كثير من مناطق العالم الثالث.

ومن الشواهد على دور النظام السياسي العربي في إعاقة تطور المجتمع وعدم ارتباط ذلك مباشرة بالخطاب الديني، أن في إسرائيل حركات أصولية يهودية عديدة أكثر تقليدية من أغلب الحركات الإسلامية، ورغم ذلك فإن إسرائيل دولة عصرية، والدول العربية في عمومها دول متخلفة، أو قل تأدبا من دول العالم الثالث؟ فمن الذي يكرس التقليدية نمطا في التفكير وفي العلاقات، ويجعلها مسيطرة وسائدة؟ ألا يتحمل النظام السياسي العربي المغلق المسؤولية الكبرى في ذلك؟

إن الخلاصة التي نريد الانتهاء إليها هي أنه على الرغم من أن تجديد الخطاب الديني عامل رئيسي في تجديد الحياة السياسية والاجتماعية، إلا أن تحقيق تجديد الخطاب الديني بنفسه يستلزم إصلاحا سياسيا يشمل إرساء ديمقراطية تؤمن بالتعددية وتحمي الحريات الفردية والعامة. ولذلك فإن انتشار الاستبداد ومنطق الحزب الواحد شجع على انغلاق الحياة الثقافية والفكرية عموما، وأسهم بالتالي في محدودية الأفق التجديدي في الفقه والفكر الإسلاميين واسعي الانتشار.

3 ـ سيادة الفكر التقليدي لدى مختلف المدارس الفكرية في المجتمعات العربية. فالخطاب الديني ليس هو الخطاب الوحيد الذي يتصف عندنا بالتقليدية، وليس هو الوحيد الذي تنتابه أفكار وميولات تتسم بالتعصب والخروج عن قواعد المنطق والعقلنة. كما أنه ليس وحده المحتاج إلى التجديد.

ومن الواضح أنه يتعذر أن يبرز التجديد في الخطاب في ظل بنيات فكرية وثقافية معيقة مكرسة لأكثر التوجهات والممارسات تقليدية. فبروز خطاب أو مدرسة فكرية ذي مواصفات معينة لا يتم بمجرد وجود إرادة لدى فرد أو جماعة، بل إن السياقان الاجتماعي والسياسي محددان أساسيان لذلك. وإن تجديد الخطاب الديني لن يؤتي ثماره المرجوة بدون إصلاح ثقافي مجتمعي ينطلق من الإيمان بنسبية المعارف والآراء، وبحقوق البشر في الحوار والمساءلة، وهو ما يعني انتشار ثقافة اجتماعية سياسية جديدة.

وهذه الفكرة قريبة مما أكده كثير من المفكرين ومن بينهم ناعوم تشومسكي من أن الرقابة الذاتية أكثر فاعلية وتأثيرا من رقابة الحاكم الدكتاتور. وقد لا حظ تشومسكي ذلك وهو يحلل أسباب ضعف الانتقادات الموجهة لحرب فيتنام لسنوات طويلة. وبين كيف أن المناخ الثقافي العام وتأثير وسائل الإعلام جعلا الفرد الأمريكي خاضعا لما يسميه تشومسكي: حدود الفكر الذي يمكن أن يفكر فيه(2) . وهكذا فإن المطالبة بتجديد الخطاب الديني في وسط يعيش فيه أنواع الخطابات الأخرى الجمود والتقليدية شيء غير موضوعي ولا منصف.

إن الحركات الإسلامية بنت واقعها ومحيطها، وهي تخضع على العموم للمناخ الثقافي السائد. وبدل أن تضطلع بدور ريادي وتحرري على المستوى الفكري والثقافي والاجتماعي كما هو مفروض في الحركات الإسلامية، وكما كانت الدعوة الإسلامية في العصر النبوي حركة تحررية وسابقة على عصرها ومحيطها، وجدنا أن بعضها بقي صدى لأوضاع التخلف التي تعيشها بلدانها، وغدت توجهاتها واجتهاداتها تمتص كثيرا من المسبقات والقيم الثقافية والاجتماعية السائدة. وصارت تقرأ الإسلام من خلال ذلك كله بدل أن تقرأ تلك القيم والتقاليد انطلاقا من أحكام الإسلام ومقاصده. وبذلك صارت جزءا لا يتجزأ من واقع التخلف بل من أهم مسبقاته، وفي ذلك تستوي البلاد الإسلامية العربية والبلاد الإسلامية غير العربية.

والمقارنة بالدول المماثلة التي حققت في العالم المعاصر نهضتها توضح بجلاء أين يكمن الخلل. فهذه كوريا وضعت أقدامها على مسار التحديث بعد قيام مصر الناصرية بفترة، وها هي اليوم متقدمة عليها على أكثر من صعيد. فقد نجحت في حوالي ربع قرن من الزمان في تغيير وضعها المادى وظروفها الاقتصادية والإنسانية والاجتماعية من النقيض إلى النقيض.

واليابان انطلقت في مجال إعادة بناء نفسها بداية القرن الماضي وهي آنذاك في مستوى مقارب لبعض الدول العربية، وقد خطت خطوات أضحت بها واحدة من القوى الاقتصادية العالمية. وفي كلتا التجربتين كان الإنسان هو محور التغيير وهو الرأسمال الأكبر في التنمية المستدامة. لقد استورد العرب التكنولوجيا الحديثة كما استوردتها الدولتان، وفي فترة مقاربة، لكن ذلك لم يصاحبه في الدول العربية استيعاب جيد للتكنولوجيا ولا تحول التحديث إلى ثقافة في المجتمع.

خلاصة هذه النقطة هي أن تجديد الخطاب الديني لا يتم إلا في وسط يعيش حركة تجديد فكري واجتماعي حاضن، وإن سيادة الفكر التقليدي في المدارس الفكرية الأخرى عامل إعاقة إضافي.

 

 

ما العمــل؟

أيا كانت الاستدراكات المنهجية والمعرفية على مقولة دور تجديد الخطاب الديني في نهضة الدول الآسيوية المعاصرة، فإن الحاجة ماسة لتستفيد الدول العربية من العالم الإسلامي غير العربي. ونقترح لذلك الأمور التالية:

1 ـ التواصل اللغوي:

إذا كانت بعض البلاد الإسلامية غير العربية اليوم تقدم مؤشرات على أنه من الممكن أن تتحول إلى قاطرة من قاطرات النهضة الإسلامية الحديثة، وربما تؤثر إيجابا على البلاد العربية والإسلامية الأخرى، فإن أكبر عائق في ذلك يبقى هو التواصل اللغوي. وفي هذا الصدد يمكن أن يكون إعادة الاعتبار إلى اللغة العربية كلغة للعلم والثقافة والإبداع والتواصل بين المسلمين في نظرنا من أهم العوامل التي ستخلق ديناميكية تجديدية تفاعلية بين بلدان العالم الإسلامي حتى يسري أي إبداع تجديدي على مستوى الخطاب الديني أو غيره بين المسلمين ويتحقق التلاقح بينهم.

2 ـ العلم والمعرفة:

فالعالم لم يتقدم ولن يتقدم دون المعرفة وانتشارها، وجودة التعليم والبحث العلمي. تلك حقيقة أثبتها تاريخ البشرية الحديث منذ أكثر من قرنين من الزمان على الأقل، منذ الثورة الصناعية في أوروبا مرورا بثورة الميجي في اليابان في الثلث الأخير من القرن التاسع عشر، وصولا إلى ثورة المعلومات المعاصرة.

إن تجربة ماليزيا التي يراها الكثيرون ناجحة بدأت بقرار إصلاح التعليم، ومنها انطلقت إلي ما أنجزته من مساهمة عالمية في التنمية. وهناك بلدان كثيرة بدأت التغيير من التعليم، بل إن بعضها كلما واجهه تحد لجأ إلي التعليم، يقيمه ويقومه. ولعل من الأمثلة على ذلك التقرير الشهير الذي صدر في الولايات المتحدة بعد نجاح الاتحاد السوفيتي في وسط الستينيات من القرن الماضي لإرسال رجل إلى الفضاء، وهو تقرير أثار الانتباه إلي ضرورة تجديد التعليم. ولا زالت بعض البلاد المتقدمة مثل بريطانيا تتحدث برامجها السياسية عن ضرورة إحداث نقلة نوعية في التعليم. وهذه النقلة في التعليم هي التي يمكن أن تجعل الاستفادة من جهود تجديد الخطاب الديني مثمرة مؤثرة في الثقافة الاجتماعية السائدة.

3 ـ الدراسة المكثفة للتجارب الناجحة:

فالباحثون العرب والمراكز البحثية العربية مطالبون بالإكثار من الأبحاث العلمية الرصينة والموثقة عن التجارب الناجحة في العالم الإسلامي، وبشكل خاص في مجال التجديد الديني. ومن الملاحظ أن الدراسات باللغة العربية عن تلك التجارب دون المستوى المطلوب، كما وكيفا، بالمقارنة مع ما يصدر من ذلك في اللغات الأخرى.

4ـ التبادل الثقافي والعلمي بين الجامعات من الطرفين، بتبادل الباحثين والطلبة والإنتاج الثقافي والفكري وعقد الندوات المشتركة.

وبعـــد

ليس تجديد الخطاب الديني إلا جزءا من مشروع تجديدي اجتماعي يهم الخطاب السائد بمختلف أصنافه. وإن الدرس المستفاد من التجارب الآسيوية هو أن التجديد مشروع مجتمعي يتداخل فيه الديني يالسياسي والثقافي والتنموي، وإلا فهو تجديد يراوح مكانه.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1. ـ الدكتور محمد عابد الجابري، المسألة الثقافية، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 1999، ص 203.

2- Scott Burchill ; Exposing the limits of thinkable thought; in: E:Exposing the limits of thinkable thought - News Business Career Jobs Education World Books High Tech Online Articles.htm

المصدر: http://almultaka.org/site.php?id=294&idC=2&idSC=5

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك