الاختلاف الفكري هو أساس بقاء المجتمعات. فالتاريخ الإنساني يخبرنا أن الفكر الواحد لم يؤد سوى للجمود وعدم التحرك. ونحن في زمن القفز في العربة وليس البقاء مع المتردّية.
لكن الاختلاف المقصود لايعني تمزق الكيان والعمل على إقصاء بقية الأجزاء، بل يعني -كما يقول الحكماء- أن نفكر بمنظور: (متفرقون كالأصابع الخمس.. مجتمعون كاليد الواحدة). وهذا المنظور يحتاج إلى «مهارات الاتصال»؛ التي تعمل على مفهوم تبادل المعلومات والحوار والجدل والتعامل الفكري بين الأطراف المختلفة بعيدا عن عبث: التفوق على الآخر، وإفحام الآخر، والنجاح على حساب الآخر.
مهارات الاتصال تساعدنا على الاختلاف (للتحرك)، وتساعدنا على الحوار والجدل والتعامل مع الآخر (للاجتماع).
الإنسان هو أقل المخلوقات قدرة على الاتصال واستخدام أقصى إمكاناته بشكل صحيح، وهذه ليست عبارة جدلية أو ضبابية. فلو نظرنا إلى بقية الكائنات بدءا من آلية تواصل النمل والنحل.. وانتهاء بتواصل الحيتان، لعرفنا أننا الأضعف قدرة على التواصل مع بعضنا البعض. لهذا، نحتاج أن تكون خطوتنا القادمة هي العمل بشكل جاد على نشر ثقافة مهارات الاتصال بشكلها الصحيح في المجتمع؛ بكل أطيافه وشرائحه وكياناته. ولن تخوننا النتائج، فالسير على الطريق الصحيح لا يؤدي إلا إلى أهداف صحيحة. لا أحد يدعي أن تلك المهارات ستفعل المستحيل، ولكنها -على أقل تقدير- ستجعلنا أكثر سلاما مع أنفسنا ومع الآخرين.
وكما يقول مروّضو الأسود: (إنك لن تستطيع أن تحوّل الأسد إلى حيوان نباتي وديع.. ولكنك تستطيع أن تروّضه). أيضا مهارات الاتصال تستطيع أن تزرع في أرضنا.. غصن الزيتون.
المصدر: http://hewarpost.com/?p=685
