من الجدال إلى الحوار

الحوار وسيلة تواصل راقية بين الناس تقود إلى المعرفة

يوسف القبلان
 

الحوار بين أفراد المجتمع على كافة المستويات وفي كافة المجالات ظاهرة صحية تقود إلى الإثراء الفكري والخطوات العملية في طريق التغيير والتطوير، وحل المشكلات.. هذه النتائج تتحقق بتوفر الحوار الموضوعي الذي يبحث عن الحقيقة وليس انتصار طرف على آخر.

عندما يتحول الحوار إلى جدل موسمي حول قضايا متكررة ثم يتطور هذا الجدل إلى التصنيف والانقسام والإقصاء، هنا تتحول الظاهرة الصحية إلى مشكلة خطيرة تتطلب التشخيص والعلاج.

نحن في حالة جدل مستمرة وصلت إلى حد الإدمان. نتجادل بلا كلل أو ملل حول نفس القضايا بصفة موسمية. عمل المرأة، المهرجانات، معرض الكتاب، تعليق الدراسة، المسرح، السينما، قيادة المرأة للسيارة، يوم الحب، تكافؤ النسب، مشاركة المرأة في الفعاليات الاجتماعية والثقافية والمؤتمرات والندوات العلمية، وغيرها.

هل المشكلة في طرح هذه القضايا للحوار، أم في أسلوب الحوار؟

أجيب فأقول إن المشكلة تكمن في تحولها إلى جدل موسمي وأن هذا الجدل يتناول نفس القضايا ويتركها معلقة بانتظار إعادة طرحها في الموسم التالي. المشكلة أن الجدل العقيم حل محل الحوار المفيد. وأن القضية ليست تلاقح أفكار بل صدام بينها حد الاقصاء.

المشكلة هي الزعم بامتلاك الحقيقة لفريق دون آخر. المشكلة هي ترك العمل والتفرغ للجدل. المشكلة أن الجدل لا يصب في قنوات بحثية تتوصل إلى نتائج صناعة القرار.

وحيث إن كلمة الجدل أو الجدال لغوياً ترتبط بالشدة، والعناد، والتعصب للرأي فهو بهذا المعنى لا طائل منه، ويتعين انتشال القضايا المهمة من دائرة الجدل إلى ساحة الحوار الموضوعي والنقاش العلمي. في هذه الساحة تختفي الآراء الجاهزة، ويتحقق الإنصات وتبادل الآراء، ويبتعد المتحاورون عن الشخصنة، ويبحثون عن الحقيقة وليس عن الانتصار.

الحوار وسيلة تواصل راقية بين الناس تقود إلى المعرفة، والحقيقة، والحلول. شروط الحوار أصعب من شروط الجدل. المحاور المؤهل هو من يمتلك العلم في مجال معين ويمتلك مهارات الاتصال. أما الجدال فهو ميدان مفتوح لمن لديه مهارة العناد، والقدرات الصوتية، والتعالي، وإصدار الأحكام والآراء القاطعة غير القابلة للنقاش.

الجدل المسيطر يأخذنا بعيداً عن الحوار. لهذا السبب تستمر المشكلات بلا حلول، وتستمر بعض القضايا معلقة، ويستمر الجدال ويغيب الحوار حتى إشعار آخر.

المصدر: http://hewarpost.com/?p=833

 

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك