دعوي حوار وتقارب الأديان الدوافع والأهداف

دعوي حوار وتقارب الأديان الدوافع والأهداف

عشرى علام

المـقدمــة
إن التباين فى تناول هذه الدعوة ومعالجتها ينبع من المنهجية المستخدمة فى رصدها وتحليلها ووضع الحلول لها , ولذا حاولت استصحاب منهج عقيدة أهل السنة كمعيار ضابط في تناولها كما اخذت بحوادث التاريخ الاسلامي فيما يتعلق بهذه الظاهرة وكيف تعامل معها رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ، وكيف تعامل معها المسلمون حتى عصرنا . وقدمت نماذج لذلك الحوار والتى تمثل الخبرة العملية و لنكون على بصيرة ، فماذا حدث منذ عام1965م ؟ ، والآن فى مسيرة دعوة الحوار والتقارب لعل الصفحات القادمة تستطيع توصيف هذه الظاهرة وتحليلها ووضع رؤية لكيفية التعامل معها بشكل صحيح .

الفصل الاول

1ـ تعريف بمصطلح حوار وتقارب الاديان وتمييز اتجاهاته00
أولا : لحوار لغة . ثانيا : تحقيق لفظ الدين لغة .
ثالثا : تمييز الاتجاهات .
2 ـ الدوافع المشتركة لأطراف الحوار ..
أولا : الدافع التشكيكى :
أ ـ لدى اليهود . ب ـ لدى المسيحيين الغربيين . ج ـ لدى المسيحيين العرب .
ثانيـًا : الدافع السياسى :
أ ـ لدى اليهود . ب ـ لدى المسيحيين الغربيين . ج ـ لدى المسيحيين العرب .
ثالثـًا : الدافع التنصيري :
أ ـ لدى المسيحيين الغربيين . ب ـ لدى المسيحيين العرب .
3 ـ الدوافع الخاصة لدى أطراف الحوار :
أ ـ الدافع الاجتماعي لدى اليهود .
ب ـ المأزق العالمي للكنيسة لدى المسيحيين الغربيين .
ج ـ دوافع الاندثار وتهميش الدور لدى المسيحيين العرب .
4 ـ دوافع المحاوريين المسلمين00
5ـ شبهات دعاة التقريب00

1- تعريف بمصطلح الحوار والتقريب بين الأديان وتمييز اتجاهاته :
إنه من المصطلحات التي تستدعى إلقاء الضوء عليها لتحديد مفاهيمه خاصة و قد شاع هذا المصطلح فى العقود الأخيرة على كافة المستويات والأصعدة السياسية والاقتصادية والثقافية وطال دعوة التقريب بين الأديان.
فالحوار لافتة تخفى وراءها أشكالا متنوعة من المضامين ، ووعاء يمكن أن يحوى مواد متباينة فقد يكون حوار يقصد به التقريب وفق أسس فكرية ومنهجية تكون غطاء لوحدة الأديان كما في دعوة "جارودى" تحت شعار الابراهيميه ، و وثنية كالمونية أتباع "صن مون" الكوري فيتسللون لمقاصدهم الخفية بالحوار 0 وكما يفعل أتباع الأب "ايميلوغاليندو" الاسبانى وغيرهم من أصحاب الدعوات الضالة فلكل هدفه من الحوار0
فالحوار خارج هذه الدعوة يعرف أحيانا بقضايا التعايش والاهتمام بقضايا مثل الإنماء الاقتصادي والبيئة والسلام ومن امثلتة ؟ الحوار العربي الاروبى ، وحوار الشمال والجنوب ، و المتوسطي ......الخ . هذا النوع من الحوارات لاغبار عليه ولا على الدخول في مفاوضات ومناقشات بشأنه لكن بحسب ما تقتضيه السياسة الشرعية ومصلحة الأمة الإسلامية 0 لكن قبل الدخول في الحوار لابد من معرفة الأهداف و ألا يجر المسلمون إلى مواقف لم يحسبوا حسابها ولم يعدو للأمر عدته وما يلزمه من خطة ووسائل 0
فالذي يحدث في دعوى الحوار والتقارب أن الطرف المسيحي هو الداعي له وهو الجاهز بالخطة وحدد الهدف والوسائل والطرف المسلم على النقيض من ذلك مجامل على حساب الدين ومصلحة الأمة .
كما أن دعوة الحوار والتقريب تعنى "مجمل المحاولات الفكرية والعملية الساعية لإيجاد لون من ألوان التلاقي والاتصال بين دين الإسلام وغيره من الأديان المحرفة و الملل الوثنية " (1)
فإذا اضفنا الظرف السياسي الذي نعيشه في ظل العولمة والتي تعمل القوى الصليبية من خلالها على تمييع الحدود والقضاء على الخصوصيات للمجتمعات سواء كانت خصوصية دينية أو ثقافية أو حضارية يصبح عندها الحوار أداة للسيطرة والهيمنة ، والطرف الصليبي متفوق ماديا وتكنولوجيا ، وتجئ الدعوة من قبله هذا يجعلهم في المؤتمرات أقرب للإملاء منه الحوار 0 ولفظ التقريب والتقارب Rapprochement) ) يدل على مسألة نسبية هي القرب ، و تتفاوت في حقيقتها وتطبيقاتها لدى مختلف الأطراف . وقد تقتصر على حدود فن المجاملات الشكلية وقد توغل في الإقتراب لدرجة الاندماج والوحدة وسقوط الفوارق(2)

أولا : تعريف الحوار لغة:
يذكر "ابن منظور" : أن مادة حور والحوار الرجوع عن الشىء إلى الشىء ، والمحاورة المجاوبة والتحاور التجاوب والمحاورة مراجعة المنطق والكلام في المخاطبة 0وحقيقتة اللغوية متطابقة لحقيقته الاصطلاحية والتي تعنى التباحث بين طرفين أو أكثر ومراجعة الكلام بينهم بغرض التوصل إلى اتفاق وابداء وجهة النظر.
ألقيت الضوء على كلمتى الحوار والتقريب ، بقية كلمة الأديان : فهل هناك أديان سماوية ثلاثة ؟ .
قال العلامة " ابن عثيمين " ـ رحمه الله ـ : " وقد يسمع بين الحين والأخر كلمة الأديان الثلاثة حتى يظن السامع انه لا فرق بين هذه الأديان الثلاثة كما بين المذاهب الأربعة ولكن هذا خطأ عظيم . أنه لا يمكن أن يحاول التقريب بين اليهود والنصارى والمسلمين إلا كمن يحاول ان يجمع بين الما ء والنار "(3)
ويقول الشيخ " الحميدى " : " كذلك وصف الأديان ـ سوى الإسلام ـ بأنها سماوية وصف باطل لما يحمله من دلالة باطلة من كونها نزلت من السماء والواقع إنها تحريف لما نزل من السماء " (4)
ويقول العلامة " محمود شاكر " ـ رحمه الله ـ في منع إطلاق لفظ الدين على ما سوى الإسلام فيقول: " فصار بينَّا بعد هذا أن الله سبحانه لا يرضى لنا ان نسمى شيء من الملل من نصرانية ويهودية وغيرهما دينا سوى ملة أبينا إبراهيم وملة أنبيائه جميعًا هي الإسلام دين الله الذي لايقبل من عباده سواه ، والذي أرسل به رسوله محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ : فيقول مثلا الأديان السماوية . قول مخالف لعقيدة أهل الإسلام في حقيقة هذه الملل هذا من حيث دلالة اللفظ والمصطلح على المدلول الشرعي لكلمة دين وهو ما بعث الله به
أنبيائه ورسله فهو واحد لا يتعدد وهو الإسلام " (5)
ثانيا : تحقيق لفظ الدين لغة :
أهمية التحقيق لبيان جواز أطلاق لفظ الدين من باب اللغة لا من حيث الاصطلاح الشرعي 0
يذكر " ابن منظور" (6) : " كلمة الدين بمعنى العادة والطاعة ، والشأن ، وقال دان بكذا ديانة وتدين فهو دين و متدين ، وعند صاحب الصحاح الجوهري يدل على العادة والشأن ومطلق الطاعة0 إذا من حيث دلالة اللغة الأمر واسع فيتناول الدين الحق الذي هو الإسلام وسائر البدع والضلالات والأحوال والتقاليد التي يسير عليها الإنسان " .
لهذا تجد في القران الكريم المعينين :-
الأول في قوله تعالى حين قيد لفظ الدين " أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ " (7) ، وقوله تعالى " وَدِينِ الْحَقِّ" (8) كما سمي ما عليه أهل الكتاب دينا من حيث المعنى الثاني فقال تعالى " وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ" (9) وقوله تعالى " وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا " (10)
فمن سوغ تعدد الأديان وإنها طريقة أو طريق يؤدى إلى الله فقد افترى على الله الكذب وقال على الله بغير علم0
قال الله تعالى " إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ ? إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ" (11) . وهناك فرق بين تنوع الشرائع المتعلقة بالحلال والحرام وصور العبادة وأوقاتها وبين التوحيد والعقيدة فالأول جائز فيه النسخ والتغير لحكمة يعلمها الله المشرع سبحانه ، والثانية يستحيل النسخ والتغير فيها . قال تعالى " إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ " (12)
وفى صحيح مسلم يقول " صلى الله عليه وسلم " : " والذي نفس محمد بيده لا يسمع بى أحد من هذه الامة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به ، إلا كان من أصحاب النار" . إذًا المدلول الشرعي لكلمة دين المعني به هو الاسلام ولايتعده لغيره . أما من حيث اللغة فكما ذكرنا الأمر أوسع فيتناول الدين الحق وهو الاسلام وغيره من ضلالات وجهالات 0
فدعوى الحوار والتقارب من قبل اليهود والنصارى ليست مستقلة بل هي تابعة لمشروع الكنيسة والصهيونية
كما سيظهر عند الكلام على بواعث ودوافع هذين الطرفين .
ثالثا : تميز الاتجاهات :
ـ الاتجاه الاول : التقريب بين الأديان :-
ويمثل معظم المحاولات العالمية والإقليمية والمحلية لإيجاد تواصل وبناء علاقات بين مختلف الأديان و الملل0 ويعتمد على خصائص وأساليب مثل :
1- اعتراف كل طرف للآخر بصحة إيمانه بحسب ما يعتقد هو وأن يحترم الطرفان شعائر وعقائد الطرف الأخر ؟
2- حمل الأديان بعضها على بعض للوصول لوضع موحد 0
و الأساليب هي :
أ- الدعوة إلى التعرف على الأخر كما يريد أن يعرف لا كما هو0
ب- تجنب البحث في المسائل العقدية ، وإقصاء أوجه الاختلاف وإبراز أوجه التشابه 0
ج- نسيان الماضي التاريخي والإعتذار عن أخطائه ومحاولة التخلص من آثاره 0
د- تبادل التهاني والزيارات والمجاملات في المناسبات الدينية المختلفه0
ـ الاتجاه الثاني :-
يقول بصحة جميع المعتقدات الدينية وصواب جميع العبادات وإنها طريقة إلى غاية واحدة0 وهذا الاتجاه يحمل القسمات الفكرية والمنهجية السابقة لكنه يزيد بالدعوة إلى التخفف من السمات العقدية والتشريعية الخاصة بكل ديانة بحسبانها ظواهر وتقاليد تاريخية محلية لشعب معين في زمن معين والانضواء تحت مفاهيم فضفضة 0 ويمثل هذا الاتجاة زنادقة الصوفية كابن عربي الطائي ، والفرق الباطنية كإخوان الصفا ، ويمثلها الآن متصوفة العصر السائرون على منهج ابن عربي وامثاله 0و مثل الشاعر اللبناني " جبران خليل جبران " وغيره 0
وعقدت مؤتمرات بين النصارى وعشاق التصوف تحت شعار الايمان والروحانية ، أبرز هذه المؤتمرات مؤتمر عقد في فرنسا بدعوة من " دير سنينكا " لمجموعة فرقة الأبحاث الإسلامية المسيحية ( ( gri ، بعض هذه المؤتمرات تخلد ذكرى ما يسمى أولياء الصوفية ، وقديسي النصارى0 وأبرز الداعين لهذه الفكرة " روجيه جارودى " ـ الفرنسي ـ ويطرح نوعين من الوحدة :
1- صغرى وهى الإبراهيمية للإسلام واليهودية والنصرانية 0
2- كبرى وتشمل جميع الأديان والملل والوثنية بل و الملحدين 0ويقول مبررا دخول الوثنين إن تلكم الوثنيات آثار لنبوات سابقة0
ـ الاتجاه الثالث :-
وهو الأسؤ و يسعى لدمج جملة من الأديان والملل في دين واحد مستمد منها جميعا ، لكن بحيث ينخلع أتباع
تلك الأديان منها و ينخرطون في الدين الملفق الجديد ، وحل جميع الأوضاع السابقة للأديان ، ونسخها0
وهذا الاتجاه يمثله " صن مون " ـ الكوري ـ ويتبعه حوالي ثلاثة ملايين 0و" الاب ايميليو غاليندو" ـالاسبانى ـ ومجموعته التى تطلق على نفسها " كريسلام " (Crislam )(13)

ـ الموقف من المصطلح والاتجاهات :
إن هذه الاتجاهات الثلاثة " التقريب ، والوحدة ، والتوحيد " لايفصلها حدود حاسمة في مجال التطبيق العملي والميداني فكلها تتمازج بنسب متفاوتة 0
**********************
2- الدوافع المشتركة لأطراف الحوار :-
أولا : الدافع التشكيكى :
أ- لدى اليهود :
ولليهود في ذلك تفنين عجيبة ، وإفك قديم يوجب على المؤمن أن يقف حذرا 0يقول الخاخام اليهودي " جوزى ايزنبرنخ " ( 4/2/1404ه ـ 28/10/1984م ) ـ عن الحوار الاسلامى اليهودي يقول وهو يعدد محاسن الحوارـ " إن ثمة إفتراءات على اليهود في كتب النصارى وقد ساعد الحوار بين الطائفتين على التحقيق في هذه الافتراءات ورفعها من كتب النصارى 0 و لعل الحوار مع المسلمين يؤدى الى حذف الإفتراءات المقولة في كتبهم عن اليهود "
سأدع لك أيها القاريء أن تقارن هذا بما حدث عندنا بما يسمى تنقية مناهج التعليم ؟ وهى صورة أخرى لخبث اليهود يقول اليهودي " روفن فاير ستون " إبراهيم أهو اليهودي الأول أم المسلم الأول ؟
أراد من خلالها هز قناعة المسلمين وبأن اليهود وحدهم الذين يمتلكون الحقيقة المطلقة الفريدة 0
ب- لدى المسيحيين الغربيين :
فالكنيسة وبسبب الذعر من دخول الأوربيون الإسلام بأعداد ضخمة ووجود أعداد كبيرة من المسلمين في فرنسا وانجلترا و أوربا دفعهم لهذه الحيلة الخبيثة يقول الأستاذ أحمد الأهدل :
"وحين انعتقت أوربا من نير الكنيسة وساد الفكر الإنسانى واتصلت الشعوب بعضها البعض عبر قنوات الاتصال المختلفة ومنهم من شرح الله صدره للإسلام ، و حتى تصد هؤلاء عن التعرف على الإسلام الصحيح كانت دعوى الحوار والتقارب لتقوم بإيصال رسالة إلى هؤلاء المتعطشين لمعرفة الحق 0 هذه الرسالة التي أرادت الكنيسة إيصالها لمن يريد أن يدخل في الإسلام أو يتعرف عليه هي إنه لا حاجة له في الإسلام فقد
اعترف المتحاورون المسلمون بصحة إيمانه وعقيدته من خلال الحوار0بل تصله رسالة أقوى وإن هي عقيدتة أفضل من الإسلام والدليل حرص المسلمين على التحاور والتقريب والتقرب إليهم حتى يكتسبوا عزًا وشرفًا0

ج - لدى المسيحيين العرب :
ويأخذ صورًا متعددة من هذه الصور إلباس الحق بالباطل ومن أبين الصور وأوضحها الكلام عن الله ـ سبحانه وتعالى ـ ونعته بما لم يصف به نفسه والتلبيس بالكلام وكأننا متفقون على هذه الصفات الشركيه وهذا من أوضح الباطل 0مثلما ذكر القس الدكتور" ثروت قادس " : " لايوجد إلا أله واحد نعبده جميعا " (14) ثم فى مكان أخر يوضح لنا ، من هذا الإله وما هى صفاته ، ثم يذكر قانون الإيمان النيقاوى : " بالحقيقة نؤمن بإله واحد ، الله الأب ضابط الكل خالق السماء والارض مايرى وما لا يرى ونؤمن برب واحد يسوع ابن الله الوحيد المولود من الاب قبل كل الدهور نور من نور إله الحق من إله الحق مولود غير مخلوق0مساو للأب فى الجوهر الذى كان به كل شىء هذا الذى من أجل خلاصنا نزل من السماء ، وتجسد من الروح القدس ومن مريم العذارء تأنس ، وصُلب عنا على عهد بيلاطس النبطى تألم وقبر و قام فى اليوم الثالث كما فى الكتب وصعد الى السماوات ، وجلس عن يمين أبيه، وأيضا يأتى فى مجده ليدين الأحياء الأموات الذى ليس لملكه انقضاء ـ نعم نؤمن بالروح القدس ، الرب المحيى المنبثق من الأب نسجد له ونمجده مع الأب والابن ، الناطق فى الأنبياء وبكنيسة واحدة ، مقدسة ، جامعة ، رسوليه00؟ (15)
هذا نص الكلام للقس : والسؤال هل عندنا نحن المسلمين الله مولود من الله ؟ ذلك فى قوله المولود من الاب قبل الدهور أرجو أن يُثبت الله أفئدتنا من هول الفرية الكفر بالله ـ الله يلد ولايخلق فى هذا النص ، ثم هو كذلك ابن الله الوحيد ، ثم هو إله الحق ، والسؤال هنا أثبت الإيمان النيقاوى من خلال قانونه إن هناك الهين حتى الأن لكن لا تعجل سيصبحون ثلاثة قبل نهايه النص كيف ؟ لأنه تجسد فى روح القدس الذى يؤمنون به مجسدا ومنبثقا من الاب ونسجد له ونمجد مع الأب والابن إذا اصبحوا ـ ثلاثه ـ لكن علينا أن نحن المسلمين أن نلغى عقيدتنا وعقولنا وأن نتبع القوم ونقول عن كلام الكفر والشرك السابق مرددين خلفهم أن هذه الشركة السابقة إله واحد نعبده جمعيًا كما يقول القس " ثروت قادس " ؟
ثم فى كتابه فى الفصل الرابع يعقد مقارنة باطلة حول الأركان الخمسة للإسلام وما يقبلها من ضلال عند المسيحية(16) :
الإسلام المسيحية
1 ـ الشهادة . 1ـ قانون الإيمان .
2 ـ الصلاة . 2 ـ الصلاة متى 6:5-10 .
3 ـ الصوم . 3 ـ الصوم متى 6:16-18 .
4ـ الزكاة . 4 ـ الصدقة متى 6-1-4 .
5 ـ حج البيت لم استطاع . 5 ـ زيارة القدس – أورشليم .

فهل بعد هذا التشويه والجهل وألباس الحق بالباطل صدًا عن سبيل الله ، وتشكيكًا فى الإسلام فهو يقول لبنى قومه ما عندكم أفضل مما عند المسلمين وعلى أقل تقدير مساوى له فلا حاجة لكم فى الاسلام 0
بل إن المؤلف هو نموذج حى للمبشر ـ المنصر ـ الذى يستخدم هذه الوسيلة لتحقيق أهدافه فما من فقرة يتكلم فيها عن الحوار أو مقارنة ظالمة للإسلام مع ملته الباطلة إلا ويطعن فى الإسلام ويطرح ما يظن انه يضحك به على عقولنا وعقول المسلمين بل يتجرأ بجهل فى شرح مفاهيم الإسلام للمسلمين خذ مثلا : فى شرحه لأسماء الله الحسنى وهويتكلم فى شرحه التسعة وتسعون اسما يقول "رغم أن الاسلام يذكر}99{ اسما للتسبيح باسم الله تستخدم "السبحة "وعدد حباتها تسعة وتسعون أو}33{ سبحان الله +}33 {الحمد الله + }33{ الله اكبر 0 وأرجو أن تهيؤا أنفسكم لفكرته اللاوزعية وهو يذهب بنا الى التثليث ، يقول ولعل الرقم ثلاثه لايغير هنا من العقيدة الراسخة أنه إله واحد 00 كيف ولماذا؟؟ لأن ذلك عنده ـ يساعد على الحوار فى هذه النقطة ولعلنا نقرأ هذه الأسماء " بسم الله الرحمن الرحيم " ـ مازال القس يقربنا من الشرك التثليث يقول ـ مقارنة باسم " الأب والابن والروح القدس " إله واحد آمين؟ (17)
هذا نموزج من آلاف النماذج وصدق الله تعالى " يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ " (18)

ثانيا : الدافع السياسى :
أ – لدى اليهود :
لم يُعرف في تاريخ اليهود محاولات للحوار و التقارب و ذلك للأسباب :
1- تصورهم إنهم شعب الله المختار ونظرتهم للآخرين على إنهم أغيار ـ جوييم ـ اميين لا تسحتق
مصافة اليهود فضلا عن مقاربتهم 0
2- إرهاب الخاخامات لإتباع الديانة اليهودية وتحذيرهم من خرق التعاليم وإلا تعرضوا للعقاب بنوعيه
البدنى والروحي وهذا يفسر لنا لماذا لم يطور اليهود موقعهم الديني خلافا للنصارى (19) .
3- فاليهود ولبواعث عنصريه بحتة لم يخضعوا ديانتهم لتجربة التقارب بين الأديان وحرصوا أشدا
الحرص على التميز عن الاممين . لكن وكما يقول الدكتور " القاضي " :
"استعاضوا عن تعريض ديانتهم للمساومة بإنشاء الجمعيات الهدامة التي تدعو الى العالمية والعولمة وتطلق الشعارات الإنسانية الفضفاضة الحرية ،والمساواة ،الإخاء ليتم تذويب وصهر الأديان والثقافات العالمية في صهريجه الضخم وتبقى اليهودية نقية متماسكة أمام تيار العولمة العالمية فيتسنى لها القضاء على الخصوم وتحقيق السيادة على العالم " (20)
ويقول البرتوكول الرابع عشر : " عندما نغدو سادة العالم لن نترك دينًا قائمًا غير ديننا القائل بالإله الواحد الذي يرتبط به مصيرنا لأننا شعب الله المختار وبنا ارتبط مصير العالم ولذا يجب علينا نقض كل الأديان..."
والسؤال كيف سيقضى على كافة الأديان ؟ وبأى وسيلة ؟
منها هذه الوسيلة التي نحن بصددها بغرض تمييع الحق و إلباسه بالباطل وهنا ملاحظة مهمة ، وهى استخدام اليهود والنصارى معهم دائما مصطلحات فضفضة وقد يسبب رفضها أحيانا مايفهم منه أننا نرفض أمور لا يجب أن ترفض فيحدث الإختلاف حولها 0فيحققوا في حالة الرفض مكسبا ، و في حالة القبول مكاسب ومنها هذه الدعوة للحوار والتقارب والمخرج الصحيح والمثمر هو القبول بالحوار ولكن وفق ضوابط شرعية ولنا إسهامات عبر التاريخ , وللآن نماذج ناجحة حيث تصدر لهذه المهمة المؤهلون لها ، وإن لا يتجنب أصل الحوار وهو بحث العقيدة مادم الطرف الأخر طرح الحوار تحت شعار الدين فلا بد من مناقشة العقيدة لأنها أصله . وألا فليغير شعار ولفظ الدين مثل قضايا التعايش وغيرها 0
فاليهود والنصارى مثلهم يأخذون بمبدأ ماركس القائل : " بالثبات على المبدأ مع المرونة في التكتيك " . وحتى لو أبدى واحدًا من اليهود ميلا للحق حاربوه وخلعوا عليه كل صفات النقص 0 حدث هذا مع من أسلم في عهد نبينا " صلى الله عليه وسلم " كما حدث مع " عبد الله بن سلام " والقصة مشهورة في كتب التاريخ الإسلامى0
وحدث مع رأسي الجالوت زمن الايوبين وهو رأس اليهود وخاخامهم عندما أبدى نوعا من الميل والتقارب مع الشريعة مثل دعوته لتقليد المسلمين في الركوع في الصلاة ، وإزالة المساند من الكنس وتوزيع السجاجيد وامتدح الصمت والإحترام في مساجد المسلمين الى غير ذلك من أمور؛ ثاروا عليه وشكوه للملك العادل وأجبروه على الإعتذار هذه لمحة تاريخية عن فكرة التقارب والحوار لدى اليهود . يبرز الخاخام " اند ريال وبس " الدافع السياسى فيقول : " هو شعور اليهود بأنهم سيتعرضون لهبوط في الوضع السياسي والنفسي في أمريكا خاصة و بقية العالم عامة 0 و قال سنه1993م يجب علينا أن نتحرى ماذا يعنى لنا نحن اليهود تزايد نمو الاسلام 0 أنه اليوم وليس بعد اثنين وعشرين عامًا من الآن يجب أن نبدأ رحلة الحوار والالتحام" (21)
فنظرية الإلتحام هذه تذكرني بمبدأ عسكرى وهو أن فرد المشاة إذا أراد أن يتجنب القتل أو الإصابة عليه الالتحام بالمركبة التي تطلق النار عليه ليسهل عليه تدميرها ومن ثم نجاته 0
ويذهب الى نفس الأسباب الدكتور " جوناثان سرنا "0ويقول أن الآثار المترتبة على تغير الهويه الدينية الأمريكية من جراء زيادة المسلمين على حساب اليهود بالآتي :
1- تعرض النفوذ السياسي لليهود الى الهبوط في السنوات القادمة 0
2- سوف يقل كثيرًا عن الآن ما يتمتع به اليهود الأمريكان من الإعتبار في المنزلة ومن جانب الإعلام.
3- سيقع على إسرائيل الجانب الأكبر من المعاناة من جراء هذه التغيرات إذا انحدر منزلة اليهود الأمريكان ،مقترنا بصعود الإسلام بأمريكا و بنمو الرشد السياسي لطائفة المسلمين الأمريكان ، و سوف يجعل من الصعب في هذه الأيام القادمة الظفر بموافقة الكونجرس الأمريكى على منح إسرائيل المساعدات الضخمة(22)0 وهذا يبين أن الدافع للحوار سياسي في هذا الإطار . فإذا كان هذا هو الوضع داخل أمريكا فماذا عن الوضع في عالمنا العربي الاسلامى؟ .
حضر الخاخام الأكبر لليهود السفا رديم " الياهو باكش " مؤتمرا في الرباط سنه 1998م 0 وحصل الخاخام اليهودي " مناحم كرومان " في فبراير سنه 1998 م على تصريح بزيارة إيران وتم تعين خاخام اكبر لليهود فيها . وحضر الخاخام الاشكنازى " اسرئيل لو " و زار شيخ الأزهر طنطاوى .
ب ـ لدى المسيحيين الغربيين :
الدافع السياسي لديهم من البواعث الكامنة خلف عملية التقريب 0 لكن تختلف حصته قلة وكثرة 0بحسب الظروف المحلية والعالمية المصاحبة والسابقة لعقد مؤتمر ما بحسب كلام الدكتور "القاضي " ، ونحن معه في هذا لكن ما نختلف معه و مع الكاتب الروسي " ليكس جورافسكى " القائل :
" نجد أن هذه المسألة ـ الحوار ـ تناقش كظاهرة سياسية وحسب ، مثل الدعوة لإقامة جبهة المؤمنين في العالم ضد الوثنين والملاحدة 0صحيح أن الدوافع السياسية الايدلوجية من المحركات المهمة لهذه الظاهرة
، ولكن أن يعزى إليها مضمون الحوار كله فهذا يظل أمرًا غير موضوعي ولا يكشف الحقائق كاملة " (23)
إذا الدكتور" القاضي " ، و " جوار فسكي " متفقان على أن المحرك والدافع السياسي مهم وأساسى في مسألة الحوار ولكنه ليس وحده 00فإذا نظرنا للبعد الأخر وهو الديني هل هو منفصل عن هذا الهدف أبدا ، والدليل نفسه من كلام الدكتور " القاضي " بعد نص " جوارفسكي " السابق يقول : " الكنائس الغربية لا تألوا جهدًا في استثمار لقاءات التقارب لتحقيق بعض المكاسب السياسية المتعلقة بالأقليات النصرانية في بلاد الإسلام وقضايا الحريات الدينية ومفهوم الدين والدولة ونحوها . ويرى من ورائها تعزيز النفوذ السياسي والاجتماعي لتلك الأقليات ، وتمكينها من بناء كنائس ، ومهاجمة حد الردة ، وحرية تغيير الدين ومشروع الدولة الإسلامية " (24)
فالحوار والتقريب 00أداة تنصيرية ـ تبشيرية , وغيرها فيما ذكرنا وفى نفس الوقت أداة سياسية تخدم الهدف السياسي ، وفى هذه الحالة تصبح الظاهرة سياسية بإمتياز مغلفة باسم الدين والحوار 00
ج ـ لدى المسيحيين العرب :
فالدافع الاجتماعى هنا مسيس فالمسيحيون العرب لا يكتفون فقط بالمساواة الإجتماعية , والعيش المشترك بل يلجاؤن بالضغط لإصدار قوانين يكسبون من خلالها العديد من المميزات ربما لايحصل عليها المسلمون خذ على سبيل المثال :مصر ..... ففى عام 1998م صدر قانون يعطى المحافظين حق إصدارالبناء للكنائس وإلغاء ما كان يعرف بالخط الهمايونى ، فأصبح من حقهم بناء ما يشاؤن من كنائس و ردت الدولة أوقاف الكنيسة ـ ولم ترد أوقاف المسلمين وتتحكم فيها0 ففى مصر هناك العديد من الوزراء المسيحيين رغم أن نسبتهم السكانية لا تتجاوز 6% وعلى أحسن الأحوال7% فاذا قابلت النسبة بعدد المسلمين من أماكن عديدة فى أوربا ، و أمريكا ، وبعض البلدان التى يمثل الإسلام الديانة الثانية من حيث العدد كما فى أمريكا " المسلمون حوالى 15% " وياتون فى الترتيب الثانى من حيث الديانات ، ولم نرى بلاد التعددية والحريات والديمقراطية تعين وزير أو سفير للمسلمين 0وتقول الدكتورة " زينب عبد العزيز " عن ظاهرة إلصاق كنيسة بجوار كل مسجد بصورة نشاز بحيث قد تعدى عدد الكنائس المساجد التى كانت تتباهى بها القاهرة ذات الألف مئذنة ، محاولة لتنصير الشكل المعمارى لمصر(25)
مصر هنا فقط نموذج 00لكن ما الذى يدفعهم للحوار معنا ؟ يقول بطارقة الشرق الكاثوليك فى هذا الموضوع وبشكل واضح عن دافع الحوار ففى رسالتهم "معًا أمام الله فى سبيل الانسان و المجتمع " وهم يتكلمون عن العيش المشترك بين المسلمين والمسيحين فى العالم العربى جاء فيها أنه من حقهم أن يسهموا فى بناء المجتمع فى جميع المجالات الوطنية من " أجهزة الدولة ومؤسسات عامة وخاصة، ووظائف ومصالح اقتصادية وغيرها 00ألا يهمش أحد لدينه 00ومهما كانت عقيدتة لكن يجد موقعه فى الحياة العامة بعيدًا عن الحدود والحسسيات الطائفية (26) نفس المعنى ذكره الأب " كريستيان فان نسبين " صاحب كتاب " مسيحيون ومسلمون أخوة أمام الله " فى الفصل الخامس بعنوان " معا فى المجتمع " يقول " لقد تحدثنا عن اللقاء والحوار " (27) و ينتقل بنا ليصل إلى هدفه فيقول : " هكذا بالنسبة الى الأمة الإسلامية لها الأولوية على الأمة التى تكون الوطن وحين تكون الأرض بالنسبة للمسيحين هى " أرض البشر " يقسم المسلمون الأرض " أرض الإسلام " من جانب " أرض الحرب " من جانب أخر " أرض العهد " وحيث يتكلم المسيحيون عن مواطنين يستمر المسلمون فى الحديث عن " ذميون " وحيث يتحدث المسيحيون عن الحقوق الطبيعيه ومن بينها الحق فى " تغير الدين " يتحدث المسلمون عن " التسامح " الذى يستبعد حد الردة عن الاسلام ويفرض عقوبة تصل للاعدام ." ( 28)
فالقس والراهب " كرسيتيان " ـ وحتى لايشعر المسيحيون بأدنى حرج ـ يلغى أحكام الإسلام ويعرضها هى والقرآن لنظرية الحداثة من نفد النصوص وهدم الأحكام ، فيقول بعد هذا مباشرة : " إلى أى مدى يعد الإسلام قادر على أن يتجدد ـ لاحظ ـ ويندمج بالتالى فى العالم الحديث ؟ ـ هذا غمز ولمز صريح فى انه لا يصلح لعصرنا وخذ الاخرى ـ وما إمكانياته فى أن يقبل تجديدًا فى التفسير القرانى ؟ (29) ثم أقرأ معى الدعوة لتعريض القرآن الكريم للنقد التاريخى والأدبى كما فعلوا هم مع كتابهم يقول المطران " خضر " : " زد على ذلك كله أن منهج النقد الادبى والتاريخى الذى يستعمله اللاهوتيين والمسيحيون فى دراسه الكتاب المقدس ، ويرفض علماء الاسلام تطبيقه على القرآن (30) والهدف فى النهاية " التعايش المشترك القائم على قاعدة المساواة المطلقة 00كنيونة وشرعا ، لا بالامان ولا بالذمة ولا بالعهد (31) وهذه البواعث الاجتماعية والسياسية المرجوة من الحوار لديهم ؟

ثالثـًا : الدافع التنصيري :
أ ـ لدى المسيحيين الغربيين :
والذي تعتبره الكنيسة واجبًا لايمكن التنازل عنه يقولون ذلك معتمدين على ما ورد في ( متى 28/19)
"اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الأب والابن والروح القدس "
ومما يذكر أن فكرة الحوار والتقارب لما طرحت في البداية ثارت الكنائس وقيادتها ووصفوا الحوار بأنه خيانة للكنيسة ورسالتها التبشيرية ـ التنصيريه ـ فكان رد الداعين للحوار بأن الحوار ما هو إلا شهادة عصرية للمسيح 0 فقد ورد في الدستور الرعوى " الكنيسة في العالم اليوم " قولهم " تبدو الكنيسة رمز
هذه الإخوة التي تنتج الحوار الصادق وتشجيعه وذلك بفعل رسالتها والتي تهدف الى إنارة المسكونة كلها بنور البشارة الإنجيلية وجمع جميع البشر في الروح الواحد إلى أى أمة أوعرق أو ثقافة انتموا " (32) فهم يريدون من خلال الحوارتنصيرالعالم ـ المسكونة ـ وجميع البشر.
يقول الأستاذ " أحمد ديدات " ـ وهو من هو في الخبرة بهذا الشأن ـ " المقصود بالمناظرة عند المنصيرين أن يجعلوك محايدًا ويخدروك ويجمدوك فهم يعملون لك حفلا بهيجًا ويسلمون عليك ويجاملونك بكلمات معسول تحت شعارات مختلفة كان يقولوا يجب أن نلتقى لمحاربة الشيوعية والمخدرات لكن يشغلوك وفى نفس الوقت يسرقون أطفالك " (33)
فهم يقولون للمسلمين والذي يمثل الإسلام وأغلبهم للأسف مجامل وليس لديه تصور عقدي صحيح وربما ملتبس 0 لا تناقش العقيدة وفى نفس الوقت يدعون لعقيدتهم .
ويقول القس " ثروت قادس " : " الحوار المثمر بين الأديان لاينبغى ان يكون حوار عقائد" (34)
هناك إصرار واضح لهذا العمل التنصيرى ـ التبشيري ـ ، يقول " يوحنا بولس الثاني " وبشكل جلي يوضح هذا الارتباط : " نحن لا نخال أن بين الحوار والشهادة تناقصًا وما من شك أنه عندما يدخل المسيحي في الحوار وملتزم بيوع المسيح غالبا ما يكون الحوار مجالا الشهادة حقيقية لذا يمكننا بكل صدق ان نحسب الحوار كإحدى الوسائل الشهادة ليسوع المسيح في أيامنا " (35) بل قد استغلوا الحالة التي يمر بها العالم الإسلامى للنفاذ إليه والعمل على تنصيره جاء هذا صريحًا في المقررات والمؤتمر الذي عقدها المنصرون البروتستانت في أمريكا الشمالية في مدينة "جلين أيرى " بولاية كولورادو سنة 1987م ووصف بكونه واحدًا من المؤتمرات القادرة على تغير مجرى التاريخ ـ ورجاء تأمل هذا العنوان وإدراك خطورته ـ فبعد أن اجتمع أكثر من 150مؤتمرًا وفدوا من أنحاء العالم يمثلون أغلب الشعوب والتقاليد والكنائس المختلفة واجتمعوا يربطهم هدف واحد هو البحث عن أنجح السبل لتنصير 720 مليون مسلم 0 والسبب المشجع لهم أن العالم الإسلامى يمر اليوم بحالة من التمزق الاجتماعي والسياسي ، ولذلك يوجد لدى المسلمين استعداد قلبي وعقلي لتقبل رسالة المسيح " (36) وهذا شأن القوم أنهم يستغلون الفقر والمرضى والعوز لدى البشر وإما حالات الضعف الاقتصادي والسياسي والإجتماعي وكأنهم يقولون بمفهوم المخالفة نحن لا يمكننا أن نعمل في أجواء صحية للأمة الإسلامية فليست لدينا القدرة الاقناعية وكتابنا لا يمكننا من ذلك وإلا لماذا استغلال هذه الظروف لدى بسطاء الناس 00 ومع المتحاورين تتجنبون الحوار العقدي مثلا هل المسيح هو الله ؟ 0 وهل الكتاب المقدس كلمه الله ؟ 0 وحقيقة صلب المسيح 00 مما تقوم عليه الملة النصرانية وعند اليهود ، ما مدى صحة التلمود والتوراة أو المشناه ؟ 0 أما ما يصدر من بيانات بعد المؤتمرات فالقوم غير ملزمين بها يقول مجلس الكنائس العالمي عن البيانات 0" إن أعضاء المجلس غير ملتزمين بالتقييد بهذه البيانات وإن الاشتراك في الحوار لا يعنى على الإطلاق إيقاف المرامي التنصرية " (37)
ب ـ لدى المسيحيين العرب :
ففى مؤتمرات التقريب والحوار يتم تعميد المفاهيم الدينية الإسلامية وبحضور المشاركين من المسلمين .
وقد ذكرنا ذلك فى الدوافع التشكيكية . فالطرق القديمة لم تعد مناسبة لعصر العولمة فترسيخ هذه المفاهيم خطوة لما بعدها فالمسيحيون الغربيون والعرب ينتهزون فرصة الحوار لخدمة العمل التنصيرى . يقول البابا " يوحنا بولس الثانى " : " نحن لا نخال بين الحوار والشاهدة تناقضًا " فتنصير العالم الإسلامى والمسلمين هدفهم المشترك فى هذا الإطار عقدت الكنيسة المصرية الأرزثوكسية مع باقى كنائس مصر مؤتمرًا سنة 2006م (من 14 إلى 18 فبراير) حضره " شنودة " ، و القس " صفوت البياضى " ـ رئيس الطائفة الإنجيلية بمصر ورئيس كنائس الشرق الأوسط ـ والهدف ـ كما يذكر ثروت قادس ـ " تعزيز التعاون بين الكنائس و تقوية وسائل الشهادة للمسيح ـ يعنى تنصير المسلمين ـ واتفقوا على :-
1- بث إذاعة صوت الإنجيل .
2- الخدمة فى الخليج ـ العمل على تنصيره ـ وبث الشهادة والدعوة . " (38)
فالتنصير مشروع لغزو العالم الإسلامى ومهمة أساسية من مهمات الكنيسة . فيذكر الدكتور " محمد عمارة "
فى حوار له مع مجلة المنار الجديدة : " أنه مما جاء فى المؤتمر رغبتهم فى تنصير كل المسلمين وليس بعض المسلمين فالتنصير الذى ينصحون به ليس مواجهة الكتاب والسنة وإنما إختراق الإسلام فى صدق ودهاء بنفس التعبيرات التى استخدموها ولأول مرة يطالبون بتوضيف الكنائس الوطنية فى مخطط التبشير فعلى الجميع أن يشتركوا فى تنصير المسلمين و الإمكانيات المرصودة هائلة 0000ثم يقول والجديد فى الموضوع توظيف الكنائس المحلية فى مخطط التنصير للمسلمين " 0ولهذا الغرض أنشئت قنوات فضائية تنصيرية تغطى منطقة الشرق الأوسط مثل : قناة الحياة ، وسات 7 ، وصوت الإنجيل , وقناة أغابى الأرزثوكسية التى تعبر عن صوت الكنيسة المصرية .
فالتنصير يتم من خلال مؤتمرات الحوار والتقريب لتمرير كافة المصطلحات والمفاهيم الدينية التى تخدم الهدف التنصيرى ومن جهة ثانية التنصير من خلال وسائل الإعلام المختلفة (39)
****************
لكن هناك ملاحظة وهى إن اليهود مختلفون عن المسيحيين في البواعث والدوافع 0 يقول الدكتور " طارق متري " مسئول العلاقات مع المسلمين في مجلس الكنائس العالمي : " اليهود يطلقون ، ويشاركون في حوارات كثيرة0لكن الذي يتابع الحوارات اليهودية مع المسحيين يلاحظ الآتى :
1- يغلب عليها الحساب السياسي 0
2- موظفة لخدمة المشروع الصييونى .
3- ابتزاز للمسيحيين 0
ويقول ليس فيها حوارحقيقى فاليهود أنفسهم المعنيون بالحوار مع المسيحيين يقولون أن هدف الحوار مع المسيحيين :
أولا:أن يعترف المسيحيون بالجرائم التي ارتكبوها تاريخيا وللآن 0
ثانيا :أن يطهر المسيحيون كتبهم الدينية ونصوص صلواتهم من كل الإيحاءات المعادية لليهود السامية 0
ثالثا :أن يعترف المسيحيون أن بين الشعب اليهودي ودولة إسرئيل علاقة خاصة 0
إن الحوار عندهم لا علاقة له بما يتحدث فيه المسيحيون والمسلمون عن التعارف والتعاون (40) والعجيب أن النصارى فى حوارهم معنا يسسخدمون ما فعله اليهود معهم ولنفس الأهداف . فمثلا :
ـ البعد السياسي اِستخدم الحوار كأداة له موجود 0
ـ خدمة المشروع التنصيرى موجود 0
ـ ابتزاز المسلمين موجود
ـ وتنقية مناهج التعليم ومنع تطبيق الشريعة بحجة وجود أقلية غير مسلمة موجود 0
******************
3- الدوافع الخاصة لدى أطراف الحوار :-
أ ـ الدافع الاجتماعي لدى اليهود :
وهو باعث لجأت إليه اليهود وخاصة في أمريكا ودول أوربا ولأنهم أقلية وسط مجتمعات نصرانية ولأن المسلمين يعيشون أوضاعًا متشابهة في بعض الوجوه الإجتماعية والمعيشية مثل " القضية الغذائية فهم يذبحون كالمسلمين ولا يصعقون بالكهرباء كالنصارى0 وقضايا الأسرة والعدالة الاجتماعية والمطالبة بالصلاة في المدراس وأماكن العمل " كان هذا من العوامل التي دفعت اليهود للتقارب 0
ب ـ المأزق العالمي للكنيسة لدى المسيحيين الغربيين :
وذلك بسبب الانفتاح والتطور في عالمي الاتصالات والإعلام الذي أدى إلى الاحتكاك بين كافة الثقافات في العالم 0مما وضع الكنيسة في مأزق وعجزها عن متابعة المتغيرات الإجتماعية التي أحدثتها العوامل السابقة فهذا الضغط الفكري والاجتماعي الذى جلبتة العولمة معها وكان من أسبابه :
1-حدوث نفور وتصادم بين الكنيسة ورعايتها ، خاصة بعد ما اكتشفوا حجم الكذب والتضليل عن الإسلام من قبل الكنيسة 0
2-محاولة الكنيسة التغيير من الوسائل و الطرق التقليدية القديمة في المحافظة على سلطاتها لم تعد مناسبة ولا التنصير بالطرق القديمة عاد ذي جدوى ولهذا كان الحوار أداة جيدة أثبتت نجاحًا للطرف المسيحي 0
ويقول "أليكس جوارفسكى" : " الحضارة الكونية العالمية الناشئة في عصرنا الحاضر والتي تتميز خصوصًا بالتعددية والعقائدية 00 دينيًا وسياسيًا وفكريًا وفلسفيًا 00 إلخ . تضع الناس أمام حقيقة ساطعة تتمثل في ضرورة البحث عن مؤسسات وهيئات جديدة من أجل التقارب والاتفاق والتفاهم المتبادل 00 لهذا فالحوار كما يعتقد الآن كثير من اللاهوتيين وممثلي الجمعات الدينية المختلفة ، أصبح ضروريًا للغاية ، إضافة إلى أنه أكثر ملائمة وتوافقًا مع روح العصر التي تتسم بالتسامح والتعايش بين الأديان " (41)
فهذا الإتصال المباشر جعل الطرف المسيحي يتعرف حقائق الإسلام ونبيه دون تشويه وشبهات فقد زال الكنترول الذي قامت به الكنيسة طوال تاريخها على عقول هذه المجتمعات فأصبح الآن من ير يد منها أن يتعرف على الإسلام ونبييه " صلى الله عليه وسلم " مباشرة دون تدخل الكنسية وهذا أصابها بالذعر .
لهذا تجد حرص المسيحيون المتحاورون في المؤتمرات على الصلاة المشتركة ، والدعاء المشترك ليقولوا لأتباعهم ها هم المسلمون يباركون صلواتنا ـ الشركية ـ بل يصمدون عندما نصلى ويصلى الوثنيون والبوذيون ، وتقرأ المزامير والقرآن ويصلى بعضهم على نية بعض هكذا يفعلون فلا تسأل كيف يصلى بعضهم على نية بعض ؟ ، وكيف يكون الصمت عبادة ؟ 0 كل هذا يتم وفق طقوس النصارى الكهنوتية صدا عن سبيل الله 0
ج- دوافع الاندثار وتهميش الدور لدى المسيحيين العرب :
يعبر عنه الدكتور " كمال الصليبيي " بعد أن طرح سؤالا ثم أجاب عنه حول العمل المطلوب فى المنطقة العربية ينقذها من خطر الزوال يقول حل مستقبلى لابد منه يبقى حل واحد : " لم يجرب بعد ، وهوتغيرالخطاب المسيحى ، والجهةالتى يوجه إليها هذا الخطاب تماشيًا مع التغيرات التى حصلت وتحصل فى العالم (42)0 إذًا الحوار هنا متغير تابع لإهداف سياسيه ودينية وأمنيه ونفسية ووظفية فنصارى العرب يتطلعون لدور كبير فى الحوار الدائر بين المسلمين والعرب ويلحون على هذا الدور و إن تجاوزهم يقلل ويهمش دورهم داخل العالم العربى 0
يقول المطران اللبنانى " خضر" : " حين يتجاوز الحوار الإسلامى المسيحى حاجز النصارى العرب أو يقفزعليه يقول الحوارلا يكتمل ما لم يجر مع مسيحيي الشرق 00المسيحيون العرب يحسون بالتهميش إذا انحصر الحوار المسيحى الإسلامى بالغرب (43). يذكرالدكتور " القاضى " تعلقيًا جيدًا بعد ذكره للنص السابق 00وسواء كان هذا الدور بإيعاز خارجى أم بقناعة داخلية أم بهما معا ، فإن نصارى العرب يجدون فى ذلك مهمه مميزة تعوضهم عما فقدوه من جراء تراجع الدعوات القومية والوطنية والتى كانوا ياؤون إلى كنفها .
هذا الكلام ، ذكر قريبًا منه مع الإتفاق فى الدوافع والهدف القس " ثروت قادوس " فى فصل " مستلزمات الحوار " 00وهو يتحدث عن المواطنة ثم اردف بعدها قائلا ومشيرًا إلى الدور فى حوارهم بين الشرق والغرب " وقد نواجه هذا الامر فى الحوار بين الشرق والغرب وخاصة بين مصر والغرب00إلى أن يقول 00إننى أعتبر نفسى أول من سعى إلى هذا الحوار المسيحى الإسلامى ، والحوار الألمانى المصرى " (44) ونفس الكلام فى معناه تحدث عنه " كريستيان " ...... ودلالة هذا الأمر بعدما ذكرت أهم البواعث ودافع النصارى العرب للحوار والتقريب 00من خلال أقولهم هم عملا بما يؤمنون به مما جاء من العهد الجديد 00" من فمك أُودينك " تبين لنا أن الحوار للدوافع السابقة الذكر. ومن ناحية أخرى هناك دلالة أرها مهمة وهى رغم الفترات الزمنيه المختلفة التى وردت فيها هذه المقولات فإنها تعبرعن هدف واحد بإستخدام نفس الطريقة مما يجعلنا نؤكد أن هناك جهات مركزية
أولا : لصناعة القرار ووضع الخطط ودراسة واقع المسلمين والمتغيرات المحلية والإقلمية والدولية والعمل وفق هذه البيانات بما يناسبها .
ثانيا : الدعم المادى والمعنوية لهذه اللقاءات والترويج لها إعلاميًا فى الغرب وفى عالمنا الإسلامى لتحقيق أهدافهم التى ذكرنا قدرًا منها .
إذا كان ماسبق من بواعث ودوافع من قبل اليهود ونصارى العرب فماهى دوافع المتحاورين من المسلمين ؟

*****************

4- دوافع المحاوريين المسلمين :-

أ ـ الواقعية السياسية "الوقائعية ":
لابد أن نفرق بداية بين مفهوم الواقعية السياسية من وجهة نظر الفكر السياسى الإسلامى كمفهوم وبين دلالة المفهوم لدى الفكر السياسى الغربى 0
فالمسلمون عندما يخطط لهم قادتهم السياسيون لا يتجاهلون الواقع بل يؤخذ بعين الإعتبار لكن الفرق بينه وبين المفهوم الغربى أنه لايجعل من ذلك الواقع ولا من افرازته المتعددة قيدًا لا يمكن الفكاك منه و أن نسلم ونستلم له وللقائمين عليه فلدينا من الخبرات التاريخيه الإسلامية والقواعد الشرعية ما يكفينا فى إدارة أزمتنا 00فأصبح التسليم بهذا المفهوم وقائعى وليس واقعى فلا مجال ها هنا لمفهوم الواقعية بمفهومه المدمر 0
وذهب البعض من الدعاة والمشهورين واستجابوا لهذه الدعوة لدوافع و بواعث عدة ومنها هذا الدافع يقول الدكتور " حسن الترابى " مسوقن هو وغيره بحجة اننا يجب أن نذهب للحوار لأن الخروج عنه يعد امرا مستحيلا ومصادمة للواقع 00
" إنه ضرورة عملية يفرضها الواقع العالمى ،القائم على الإتصال والإعتماد المشترك بين الأمم والشعوب والجماعات والحركات ، مما يوجب علينا فهم الاخرين ، وتفهم واقعهم ومعرفعة الحقائق للتعامل معها(45) .
ويذهب آخر إلى أبعد من ذلك وهى علينا أن ننغمس فى ثقافة الغرب 00فإذا أخذنا بمفهوم المخالفة من كلامه فالمعنى أننا نفتقد هذه الثقافة فى ديننا وعقيدتنا وحضارتنا ؟ ويقول " الفضل الشلق " تحت عنوان " الحوارالذى لم يبداء " : " إن علينا أن نعترف بالأمر الواقع ونعمل لكى نتجاوزه , ولن يكون هذا التجاوز
، ممكنا دون الأخذ بثقافة الغرب والإنخراط بالعالم (46)
ويقول " سعود المولى " إذا نظرنا إلى المستقبل القريب فى عالمنا العربى والإسلامى فأننا نرى العالم يسير بإتجاه القبول بالتعدديه الدينية 00 إن هذا السير الحتمى بإتجاه المستقبل التعددى ، والتعايش ، يحتم علينا أن نبدأ منذ الآن فى تنكب طريق الحوار ، وخوض غماره (47) , هذه الدعوة للحوار بهذا المعنى وذلك الدافع لسنا معها نهائيًا لأنها تنطلق من دعوى العالمية ، والعولمة للدين وصهره فى بوتقة واحدة لصالح غير المسلمين 00 كذا حجم المخالفات الشرعية والواقعية أثناء الحوار ، ثالثا أن الطرف الآخر يهود و نصارى بواعثها مختلفة تماما عن دوافع الحوار والتى يبتغيها المنهج الإسلامى من الحوار والذى سنأتى على ذكره لاحقا ـ إن شاء الله ـ

ب ـ الدافع القومى والوطنى:
تم الدفع بهذا الباعث ليحل محل " الجامعة الإسلاميه والرابطة الدينية ، وكان نصارى الشام ومصر والقوميين فى البلاد العربية عامة وعلى رأسهم السياسيين و من الشعراء أحمد شوقى ، على الغاياتى ، وإسماعيل صبرى و أحمد محرم ، وحافظ إبراهيم ، ومعروف الرصافى 00وغيرهم 0أكثر الناس قيامًا لهذا الأمر.
هذا الدافع جعلهم يصححون ما عليه المسيحيون فى البلاد الإسلامية من عقائدهم الباطلة فى سبيل مقاومة المحتل والمتسعمر فحلت الوطنية والقومية محل الولاء والبراءة من الشرك والمشركين 00على الرغم من خيانة قطاعات منهم لبلاد المسلمين حدث هذا زمن الحروب الصليبية 0وزمن الاستعمار الحديث فى الحملة الفرنسيه ـ كما ذكرجلال كشك والجبرتى ـ من انحياز قطاعات من نصارى مصر للحملة وإذلالهم للمسلمين وإجبراهم على الوقوف أثناء مرورهم إلى غير ذلك من إهانات ، و فرض مكوس ، وقتل للمسلمين واتهم الجنرال يعقوب ـ كما سماه الفرنسين وجرجس الجوهرى ـ ونفس الشىء حدث زمن الاحتلال الإنجليزى على مصر ، وحتى فترة العدوان الثلاثى فقد ذهب بعض الضباط المسيحيين للمحتل قائلين "نحن مسيحيون مثلكم " (48) . تجسدت مثل هذه الدعوات فى النهاية من خلال دعوى الحوار بتكوين فريق عمل عربى تحت مسمى الحوار الإسلامى المسيحى 0وانتتقد الفريق كل من ينتقده من المسلمين ؟ ونسبوا للمسيحيين دور تاريخى لم يثبت لهم بهذا الحجم حتى أصبح الآن من الصعب على من ينتقد هذا الدور ولو من المتخصصيين. و صعب من ذلك الإدعاء بأنهم كما يقول دعاتهم " الدور الكبير والمركزى للمسيحية العربية بالمشاركة مع المسلمين فى إطلاق هذا الحوار على أسس جديدة دون المرور عبر الوسيط الغربى"( 49) .
ثمة ملاحظة هامة ذكرها القس " كريستيان " و " ثروت قادس " وصاحبا كتاب الاسلام والآخر(50) : " من أن جزءًا كبيرًا أو جزءًا غير يسير من حضارة الإسلام قامت على أكتاف النصارى العرب "
وهذه الدعوة تفتقد إلى الدليل التاريخى فمع عدم الإنكار أن لهم بعض الإسهامات ، ولكنهم كانوا :-
أولا : مدينين للإسلام بالحرية العلمية والأجواء السياسية الإسلامية والتى عاشوا فيها ، وهذا يشهد أن الإسلام تعامل معهم دون حساسية للإمكانية العلمية عندهم بل ويرعاها داخل المجتمع الإسلامى ووفقـًا لنظامه السياسى 00
ثانيا :هذه الإمكانيات العلمية لم تجنح فى أغلب حالاتها لتنيصرالمسلمين على عكس ما يحدث الآن. فالمتاحورون يحبون أن يتكلموا عن الإسلام الحضارى ويستبعدون أساس البناء الحضارى للإسلام وهو العقيدة الإسلامية الخالية من الشرك والتى كانت معيارًا لكافة الأنشطة الحضارية من فنون ، وعمارة ، وعادات إجتماعية كلها من مظاهر الحضارة الاسلامية العظيمة .

ج ـ دافع التحالفات :
ضد الإلحاد مرة وضد اليهود أخرى 0 فالوقوف ضد الإنحلال الإخلاقى من أوراق التوت التى لاتستر عورة دعاة الحوار من الطرفين فهل هناك إلحاد أكثر من الإلحاد فى حق الله وأسماءه وصفاته العلى وسبه جل جلاله ونعته بما لا يليق ؟
من القائلين بتعدد أهداف الحوار تحت هذا الدافع ـ للأ سف ـ الدكتور" يوسف القرضاوى " يقول فى مستهل تعداده لاهداف الحوار الدينى بين الإسلام والمسيحية : " الوقوف فى وجه تيار الإلحاد والمادية الذى يعادى الرسالات السماوية ، ويسخر من الإيمان بالغيب ولايؤمن بألوهية ، ولا نبوة ، وجزاء ، وقيم روحية 00"
ويقول ـ أيضا ـ " لا مانع فى الإسلام من أن يقف أتباع الديانات السماوية الذين يتبعون إبراهيم الخليل ـ عليه الصلاة والسلام ـ فى حندق واحد وقد يختلفون فى بعض الأمور ، لكن بينهم من الأصوال المشتركة ما يجمعهم ضد الذين ينادون بواحدنية السوق والدولار و يعتبرون أن لا إله والحياة مادة (51) .
ولاشك فى أن الإسلام وحده ودون الحاجة لغيره من اليهودية والمسيحية حتى تدعمه لدفع غائلة الإلحاد والإنحلال الأخلاقى هذا اتهام غير مباشر بضعف وقصور الإسلام عن القيام بالمهمة وهو غير معقول وسوف أدع أحد الدعاة من النصارى ليرد ـ للأسف ـ على دعوة أن بيننا أصول مشتركة وان ما يجمعنا كثير ، يقول المطران اللبنانى " خضر" : " بشكل واضح بعدم وجود مثل ما ذهب إليه الدكتور القرضاوى من الأصوال المشتركة كل حديث عن وحدة الديانتين كما نعرفهما حقا إنما هو حديث مجاملة ، و ولا يقول به رصين فالله الواحد الذى نعبده مختلفٌ في صفاته اختلافـًا بينـًا ، و لا الإنسان الموصوف هنا وهناك واحد ولا العلاقة بين الله والإنسان واحد ولا مفهوم الوحى يجمعنا , ثم يؤكد على جزئية مهمة . فيقول , و أهم ما فى الأمر أن المسيحية التى يصفها القرآن ولا يعرفها المسيحيون على أنها دينهم ، وعندهم و أن الرسالة الإنجيلية نهائية ، وأنها جوهريًا قائمه فى الكنيسة 0 فلا الصلب ولا نبوة المسيح لله مقبولة عند المسلم (52)
ونفس الكلام فى وجود المشترك والحرب على الإلحاد والفساد الأخلاقى قال به كثيرون تدثروا بعباءة الحوار المهلهلة 0
نأتى لدافع الإتحاد أو الوقوف ضد اليهود فالمسلمون المتحاورون مع المسيحيين كانوا يأملون فى أن تقف الكنيسة معهم فى حقوقهم مثلا فى فلسطين ، و ضد قتل المسلمين هناك ؟
ونسوا قوله تعالى " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ " (53)
فبعد أقل من خمسة أشهر من انعقاد المجمع المسكونى والفاتيكانى بعد هزيمة يونيو 1967م تمنى الدكتور " صبحى الصالح " اللبنانى على المجمع :" أن يخلى تصريحاته من جملة فى صالح اليهود " . فجاءه بيان البابا " بولس السادس " فى بيان علاقة الكنيسه بالأديان غير المسيحية ومعها التوقيعات من آباء الكنيسة فى 28 اكتوبر بعد هزيمة العرب . وفيه يشد البيان باليهود ويمنحهم الخلاص ، و يبرؤهم مما تعاقب النصارى عليه طوال القرون من تحميلهم خطئية الصلب ويقدم لهم الإعتذار الحار ، والاستنكار البالغ عما لحقهم من ألم و اضطهاد ، ويدعوهم إلى التلاقى على التراث الروحى المشترك بينهما والتعاون والتقدير والحوار الأخوى (54) . لقد فعل النصارى عكس ما يرجوه و يأمله المتحاورن المسلمون من الوقوف معهم ضد اليهود بل قدموا الإعتذارات لهم كما فعلت هذا فرنسا ، و المانيا ، و أوربا 00 و ذهبت الندوات لدعاة التقريب أدراج الرياح 00كما يقول الدكتور القاضى : " صيحة فى واد ، ونفخة فى رماد ". ونصارى الشرق فى سنه 1991م فى المجمع الفاتيكانى وجهوا نداءات لليهود قائلين : " نتوجه إليكم وأنتم إخوننا اليهود ، و بابا الفاتيكان الراحل ذهب لإسرائيل وباركها وصلى عند حائط المبكى فأين نتائج الحوار على قضية فلسطين 00؟

د ـ الرغبة فى حصول على اعتراف للإسلام:
خزى ما بعده خزى وخور و جهل بعظمة الإسلام وحين يمثله أمثال هذا القائل :
الدكتور " رضوان السيد " : " توق الإسلام الشديد ليعترف بهم المسيحيون دينًا مستقلا ، كما اعترف بهم الإسلام باعتبارهم أهل كتاب " (55)
ويقول فى مكان اخر " الإسلام كان يواجه تحديات ضخمة فى بدايات عهده و أهم تلك التحديات محاولته وضع نفسه فى سياق التقليد الإبراهيمى ، و سياق لتقليد الكتابى ، وحاجته فى المسألتين إلى اعترف من اليهود والمسيحين (56) . ولم يتغير أهل الكتاب قيد أنملة عن إنكارهم نبوة رسولنا ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولم يعترفوا بالقرآن ونسبته إلى الله ـ سبحانه وتعالى ـ مع عدم احتياجنا لهذا الاعتراف بكل تأكيد 00

******************

5 ـ شبهات دعاة الحوار والتقريب:
تكلمت فى المبحث السابق عن دوافع التقريب والحوار لدى الأطراف الثلاثة الأساسية اليهود , والنصارى ، و المسلمين وفيما يخص الذين دخلو الحوارمن المسلمين كانت لديهم شبهات دفعتهم لهذا ؟ نناقشها في عجلة من الأمر لأننا في النقد الشرعي ودلالة الواقع على فشل الدعوة سيظهر الأمر بشكل أفضل تتلخص شبهة أصحاب دعوة الحوار في الآتى :
1- قالوا إن الحوار والتقريب يحقق التعارف الذي حث عليه القرآن فى قوله تعالى : " يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ " (57)
2- قالوا إنها ضرورة لعودة الغرب وتفهمه للإسلام لدى الغربيين .
3- الواقع العالمي في ظل العولمة وثورة الإتصال والإعلام الذي جعل العالم قرية كونية يستدعى عندهم الحوار .
4- إنه وسيلة لتنجب الحروب ومواجهة الإلحاد والفساد 0
5- إن الحوار وسيلة للوحدة الوطنية لمختلف الطوائف0
6- وأخيرًا إنه وسيلة لتحسين أوضاع المسلمين فى الغرب 0 هذه الشبهات محل إجماع لدى دعاة الحوار والتقريب من المسلمين . بخصوص حجة التعارف فقد حرف دعاة الحوار المعنى المقصود بالآية فهى تعنى تعارف الأنساب ـ كما ذكر ذلك ابن كثير والطبرى ـ أو هو كل تعارف لا يؤدى إلى إرتكاب مخالفات شرعية من أى نوع فالواقع أثبت من خلال المؤتمرات منذ أربعين سنة أنه تحول من تعارف إلى استجداء الاعتراف بالإسلام ؟ كدين ، والإسلام لا يسعى لكسب الاعتراف من أحد ، فاعتراف المتحاورين من المسلمين بصحة اليهود ية ، والمسيحية الحالية على الجملة باطل وسيأتى مزيد توضيح .
ـ وفيما يخص إنه وسيلة لدعوة الغرب وشرح الإسلام له ، فدلالة الواقع أثبتت عكس ذلك ، فالمحا ورون من الطرف الآخر لديهم صورة و مفاهيم عن الإسلام يعتبرونه غير صالح لعصرنا هذا ويطالبوننا فى المؤتمرات بنقد النصوص الشرعية وأحكام الإسلام ، بما يتوافق مع عصرنا . فالحداثة بالمفهوم الغربى طالت النص القرآنى ، والأحكام الشرعية فماذا بقى من الاسلام إن فعلنا 00 فهو مطالب بتوفيق أوضاعه بما يناسب مزاج أهل الكتاب ، فلا جهاد ، ولاتطبيق لأحكام الله عامة 00فأين ثمار هذه المؤتمرات ؟ فالذين يسلمون منهم يسلمون بعيدا عن هذه المؤتمرات ، وحجة العولمة على العكس أتاحت لنا فرصة توصيل الإسلام من خلال حوارات مباشرة أوجدتها وسائل العولمة مما أفزع الكنيسة ، فالحوار رفع وصايتهم على المجتمع لمن يسعى لمعرفة الإسلام . وحجة مواجهة الإلحاد والإنحلال إنما جاء ذلك من قبلهم هم 0 ـ وبخصوص الإلحاد هل هناك إلحاد أكثر من الإلحاد فى آيات الله وأحكام الإسلام و تطويعها لكسب رضى أهل الكتاب فتحريف الكلم عن مواضعه وإهمال النصوص وأخذ البعض وترك البعض ، هذا أكبر إلحاد ؛ فإلحاد المنكر لوجود الله أظهر من أن يحتاج لرد 0 والنوع الآخر لا ينكشف لعامة المسلمين وهو يرى مسلمين يقولون له بصحة عقيدة أهل الكتاب وصحة كتبهم وهنا الصد عن سبيل الله ، وإلباس الحق بالباطل 0
ـ فيما يخص إنها وسيلة لإيقاف الصدامات والحروب إنه لأمرغاية فى الغرابة فالقائلون بصدام الحضارات هم ، والذين يقتلون المسلمين وكل من خالفهم هم ، و مع ذلك لم نسمع أن نتائج أيـًا من المؤتمرات هذه منعت حربـًا أو أعادت حقا ؟ غاية ما هنالك تقديم تأسف عما صدر ضد المسلمين إن قدم .
ـ فيما يخص الوحدة الوطنية التى يحققها الحوار؟ كيف وقد ثبت أن هناك توزيعـًا للأدوار بين الداخل والخارج بشكل مكشوف وإليك ما ذكره الدكتور " حامد ربيع " ـ فيما يخص مصر ويخطط لها ـ يقول " فى قراءة فى فكر علماء الاستراتجيه : إن المخطط العام والذى يسيطر على القيادات الصهيونية هو تجزئة المنطقة العربية وتحويلها لكيان صغير يسيطر عليها مفهوم الدولة الطائفية ، وفيما يخص وادى النيل المخطط كالآتى:
محور الدولة النصرانية الممتدة من جنوب بنى سويف حتى أسيوط ، و قد إتسعت غربـًا لتضم الفيوم التى بدورها تمتد فى خط صحراوى يربط هذه المنطقة بالإسكندرية ، التى تصير عاصمة للدولة النصرانية وهكذا تفصل مصر عن الإسلام الإفريقى الأبيض من طرابلس الغرب ، و تونس ، و الجزائر ، والمغرب ، عن باقى أجزاء وادى النيل (58) ـ أى السودان ، و دول القرن الإفريقى ـ والوقاع يؤكد ما نشر أنظر للسودان ولمصرنا و ما يحدث فيهما من قلاقل طائفية ودور نصارى المهجر ومؤتمراتهم ضد مصرنا والمواقع الإلكترونية التى تدعوا إلى قتل المسلمين أوعودتهم نصارى أو خروجهم من مصر؟ فمنذ عمرو بن العاص ـ رضى الله عنه ـ وهم محتلون من قبل الإسلام هكذا يفكر ويعمل القوم فأين فائدة الحوار و أين الوحدة الوطنية ؟0
ـ فيما يخص تحسين وضع المسلمين فى أوربا ، سأذكر مقولة لنائب فى البرلمان اليونانى " بافلوس سارليس " فى خطاب أمام البرلمان مستشهدا هذا البرلمانى بما قاله " أسقف ديمترياس " أمام القضاة والمحامين اليونان وذلك بعد مؤتمر لحزب الشعب الأوربى 00طالب هولاء بأن يعامل المسلمين والجالية الإسلامية فى أوربا معاملة قاسية ؟ كما يعامل المسيحيون بحسب زعمه فى البلاد الإسلامية ؟0
ويقول أيضًا وزير خارجية السويد فى مؤتمر حوارى تقريبى مع المسلمين قال فى الإفتتاح " إننا حين نرحب بالمسلمين فى أوروبا فإننا نريد أن نؤكد الحاجة لحماية حقوق الأقليات ، مسيحين أو سواهم لتكون محل إحترام فى البلدان الإسلامية 00أو طالب بأن تطبق على المسيحين فى البلاد الإسلامية ما يطبق على المسلمين فى أوربا 00 فالجالية الإسلامية ورقة ضغط وفى حالة الخطر أشبه بالرهائن 00 و خاصة لو حدثت حروب ماذا سيكون وضع الجالية الإسلامية فى البلاد التى يعيشون فيها مع بلادهم الإسلامية ؟ أ م مع البلاد التى يعيشون فيها ؟
تلك شبهات دعاة التقريب علقت عليها سريعا0
النقد الشرعى لدعوى الحوارو التقريب :-
1ـ إنها إلباس الحق بالباطل وصد عن سبيل الله و الإسلام ، جاء بعكس ذلك فيقول شيخ الاسلام ابن القيم فى قوله تعالى " لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ" (59) إن ما أنتم عليه من الدين لا نوافقكم عليه أبدًا فإنه دين باطل فهومختص بكم ، لا نشرككم فيه و لا أنتم تشركوننا فى ديننا الحق ، وهذا غاية البراءة والتنصل من موافقتهم فى دينهم (60)
ويقول الأستاذ أنور الجندى ـ رحمه الله ـ : " إن هناك محاولات لحجب الإسلام بدعاوى الحوار ، و الحوار يهدف حقيقة للحصول على إعترفات إسلامية من علماء مسلمين لا معين بأنه لا توجد خلافات حقيقية بين الإسلام والمسيحية ، و أن الخلافات بينهما هى خلافاتأكاديمية 0وذلك لتقديمها إلى الغربيين لإقناعهم بأن تطلعهم إلى الإسلام لا يفيد ، وبعد أن تبين لهم ـ كذبًا وزورًا ـ إنه لا يوجد خلاف بينه وبين المسيحية ، ولذا عليهم ألا يلتفتوا إلى الإسلام " (61) 0 وسأختم هذه الجزئية بنموذج لأحد المتحاوريين من المسلمين لهذا الصد عن سبيل الله و إلباس الحق بالباطل يقول الشيخ " أحمد كفتارو " !!! ....
" ولئن ذهب بعض الناس إلى تأليه المسيح ، فذلك بشدة وإنعكاس نور الله فى قلبه ، كما تعكس المرآة الصافيه نور الشمس !! إلباس الحق بالباطل ويقول مداهنة وجهل بالعقيدة.....!!!! (62)
2 ـ مداهنة وتسوية الايمان بالشرك , فالمساواة بين الشرك والإيمان شرط للحوار والتقريب ؟
يقول الاستاذ " فهمى هويدى " : " ليس صحيحًا أن المسلمين فى هذه الدنيا صنف متميز و متفوق من البشر لمجرد كونهم مسلمين 0 و ليس صحيحا أن الإسلام يعطى أفضلية للمسلمين ، ويخص الآخرين بالدونية ، ليس صحيحا أن ما كتبه أكثر الفقهاء فى هذا الصدد هو دين ملزم و صحيح ولا ترد ، إنما هو اجتهاد يصيب ويخطىء . إن دعاوى التميز على الآخرين ، وتكريس هذا التميز من جانب أكثر الفقهاء ، إنما تستخدم لغة غير مقبولة دينًا , فضلا عن أنها باتت محل إدانة هذا العصر " (63) وهذا قال به أيضًا فى أكثر من موضع صاحبا " كتاب الإسلام والآخر" , وقال به من المسيحيين " ثروت قادس " والأب " كريستيان " .
يقول " بول خورى " : "الحوار يفترض المساواة بين الأشخاص والجماعات " (64)
3 ـ إنها تدفع المسلمين إلى التنازل عن الكثير من أحكام دينهم و عقيدتهم مثل :-
1- تصحيح دين اليهود والنصارى ـ وغيرهم ـ تحت مسمى الاعتراف بالآخر والذى لا يخلو منه
مؤتمر.
2- إلغاء حكم الله فى اليهود والنصارى الخاص بكفرهم 0
3- إلغاء أحكام اهل الذمة بحجة العدالة الإجتماعية وحقوق الإنسان 0
4- إلغاء حد الردة ، وتمكين المنصرين من العمل فى بلاد المسلمين وبناء معابدهم الشركية تحت مسمى
الحرية الدينية ، والتعددية الدينية ، و التعرف على الآخرين.... إلخ 0
5- إلغاء الجهاد وتحريف مفهومه تحت مسمى السلم العالمى والأدهى أن نعتذر عن الفتوحات الإسلامية
لأجدادنا المسلمين 0 فى مصر اعتبرنا مسيحيوها أننا غزاة مجرمين كل ذلك فى وسائل الإعلام
المختلفة 0 والجهاد فُسر بالسعى على لقمة العيش ومجاهدة الفقر إلى غير ذلك من تحريف للمعنى
الصحيح للجهاد فى الإسلام 0 وماذا نسمى احتلال بلاد المسلمين وقتلهم ونهب ثرواتهم ؟
6- و بحجة نسبية الحقيقة واليقين يدعوننا من خلال حوارهم إلى أن نتشكك فى عقيدتنا وديننا أليست
الحقيقة نسبية ؟! فلماذا نجزم بصحة النصوص القرآنية والأحاديث الصحيحة ؟ ولماذا لانعرضهما
للنقد التاريخى والأدبى ؟ 0 7- ترك الدعوة للإسلام ، وإبطال أهم رابطة بعد الايمان بالله ، الأخوة الإسلاميه وعقيدة الولاء والبراءة ، فإذا كان لابد من الدعوة فتكون بصيغ يفرضونها علينا . كذلك تنقية مناهج التعليم ووضع مشرفين من قبلهم عليها ، وعلى وسائل الإعلام والتثقيف الرسمية لتكون فى النهاية لخدمة أهدافهم ، و استئناس المسلمين لحين ذبحهم وامتلاك بلادهم ونهب ثراوتهم ؟0نماذج حية العراق ، و افغانستان ، و فلسطين. وأختم بسؤال لماذا أقدمت أمريكا والغرب على إستقدام مبشرين مع جيوشهم أثناء اغتصاب العراق ؟!!! هذا غيض من فيض فى نقد وبطلان هذه الدعوة 0
الفصل الثاني
1ـ النقد الشرعي لدعوى التقريب0
2ـ دلالة الواقع على فشل دعوى الحوار والتقريب0
3ـ علاقةالحواربالمشاريع السياسية للمنطقة0
دلالة الواقع على فشل وبطلان دعوى التقريب من خلال الحوار :
من أوضح الدلالات على فشل التقريب حجم التنازلات التى قدمها المحاور المسلم للطرف الآخر ، وتمسك الآخر بكل ثوابت دينه وثقافته وإليك الأدلة :
1- لم نستطيع تقريب المتحاورين من أهل الكتاب للإسلام . فلم يعترفوا للمسلمين المتحاورين بنبوة رسولنا ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولا بقدسية القرآن الكريم . بل ومساواتهم بما كتبوا بأيديهم وزعموا أنه من عند الله ، بكتاب الله العزيز .
2- إصرارهم على إعلان الكفر مثل : الإصرار على أن عيسى ـ عليه السلام ـ ابن الله أوهو الله
المخلص . بل هو مولود الله بحسب ما جاء فى قانون الإيمان النيقاوى وفى هذا تكذيب للقرآن .
والإسلام بأنه لم يولد 0
3- العمل على تنصير المسلمين ـ بحجة التبشير والتكريز بإسم الرب يسوع المسيح فالكنيسة بدون
تكريز ـ تنصير لا وجود لها ولا لوظيفتها ؟ فى نفس الوقت يدعوننا لوقف الدعوة إلى الله وإذا كان
ولابد من الدعوة فلا يجب أن تمس عقيدتهم و لا ما هم عليه من باطل . ويحدث هذا أثناء الحوار فى
شكل رسالة و من خلال البيانات الصادرة أو المفردات المستخدمة فى الحوار .
4- إلباس الحق بالباطل وتسوية الإسلام و كتاب الله عز وجل بما كتبوه بأيدهم وقالوا إنه من عند الله ،
وكذلك مساواة بيوت الشرك من معابد ، و كنائس 00ببيوت الله المساجد ة، والمشاركة فى الصلوات
والإبتهالات الشركية معهم وفى حضور المتحاورين ، كذلك إجراء بحوث مشتركة فى مقارنة الأديان
تبحث فقط عن ما يعتقدون أنه مشابه لما عندهم دون تمحيص دقيق للعقائد 0وهذا النوع من الدراسة
ينهى قدسيه الإسلام ويتهمونه بأنه مقتبس من الأديان والكتب السابقة0
5- وعلى الرغم من حجم المؤتمرات وكثرتها االداعية للتقريب تتجنب إدانة إسرئيل ، بل إعترفت
الفاتيكان بها وأقامت معها علاقات دبلوماسيه سنه 1993م ، وذكرنا أن البابا " يوحنا ولس الثانى " ،
وضع عن اليهود دم المسيح بحسب عقيدتهم . وغاية ما فاز المتحاورون من الفاتيكان وعموم
النصارى ، هو دعوة إسرائيل للسلام مع الإقرار بإغتصابها لفلسطين المسلمة فهناك مشترك عقائدى
بينهم و لدى قطاع كبير من النصارى ، بأن مجئ إسرائيل وإحتلالها لفلسطين هو وعد من الرب
بحسب زعمهم 0 فأين الناجح والتقريب 0 من يدعم اسرائيل أليس هم ، أم نحن فقد ضاعت بيننا
عقيدة الولاء والبراءة والوحدة الإسلامية وسط هذه الدعوات الباطلة و إحلال الوطنية والقومية
مكانها0
6- إستغلال الحوار والتقريب . فى بناء الكنائس ونشر وإحلال كتب التنصير ومؤسسات التنصير فى
بلاد المسلمين كل ذلك تحت شعار " الحريات الدينيه والتعدديه " والتدخل فى مناهج التعليم إلى آخرة. 7 - إظهار البابا والمسيحية بإنها الدين الأفضل بوضعه القائد الروحى للأديان 0 كما حدث فى يوم
الصلاة من أجل السلام فى اسيزى سنة 1986م وما تلاه , وحرصه على الخطابة الجماهيرية
بإتباع مختلف الأديان ولإلتقاء بممثليهم أينما حل بإسم الحوار والتقارب . كل هذا وغيره يحدث
إلتباس لدى الناس فى دينهم وأغلبهم لا علم له 0
8- إلغاء مصطلح أهل الذمة من كتابات دعاة الحوار والتقريب 0

علاقة الحوار بالمشاريع السياسية للمنطقة :
لا يمكننا ونحن نحلل هذه الظاهرة أن تفصلها عن المخططات التي رسمت ويجرى تنفيذها فى عالمنا الإسلامى0 فمهمة القراءة التحليلية للأحداث ربطها بما يجرى على الأرض وألا نسبح فى فضاء الفرضيات ، و هذا يُمكن أصحاب القرار من الرؤية الصحيحة وإتخاذ ما يلزم .
وفى هذا الفصل سنركز على الآتى :
1ـ قراءة المخطط المرسوم للمنطقه وأهدافه .
2ـ استغلال الأقليات الدينية كأداة لنفيذه .
3ـ معالم المخطط المرسوم للمنطقة .
هو بلقنة المنطقة طبقا للإنتماء الدينى ، والعرقى ، والمذهبى فالعالم الإسلامى يجب تقطيع أوصاله ، و منعه من الإستقرار ، وإستغلال مشكلاته المتعددة لإنهاكه وإلهائه عن طرح أى مشاريع للوحدة .
من ناحية ثانيه طرح مشاريع بغرض السيطرة عليه ورسم خريطة جديدة للمنطقة. يقول " برنارد لويس "
" طرح مزيدًا من التفتيت للعالم الإسلامى من باكستان للمغرب ، ودعى إلى تقسيم المنطقه على النحو التالى ـ العراق لثلاثة دول ، و السودان إلى دولتين ، و لبنان إلى خمس دول ( مسيحية ، واخرى دُرزيه , و سنية ، و شعية ، و علوية ) ، و تقسم مصر إلى دولتين قبطية واسلامية ، و بحسب تعبيره ليصبح العالم الإسلامى برجًا من ورق " (65)
و ذكرت مجلة كيفوييم " الاتجاهات الاسرائيلية " ـ فى عدد4 /2/1982م ـ مخططًا للمنطقة قدمه باحثون إسرائيليون يعتمد على تفتيت لبنان بصورة مطلقة إلى خمس دول ـ مقاطعات ـ إقليمية كسابقة للعالم العربى بأسره ، وتذكر المجلة أن المخطط يشمل : مصر , وسوريا ، و العراق ، و شبه الجزيرة العربية ، و أن دولا مثل : ليبيا , والسودان , ودول المغرب الأربعة لن تبقى على صورتها الحالية بل ستقتفى أثر مصر بعد إنهيارها وتفتيتها فمتى تفتت مصر تفتت الباقون ، فهذا صمام الأمان والسلام لإسرائيل ، و يجب من الآن فصاعدا بعثرة السكان فهذا هوالهدف الإستراتيجى وإذا لم يحدث فليس بإستطاعتنا البقاء ومهما كانت حـدودنـا (66) .
والسؤال الذى طرحه " برنارد لويس " وطرحته إسرئيل هل هو مجرد توارد خواطر أم تنسيق وتخطيط
إستراتيجى ضد العالم الإسلامى ؟
يذكر الدكتور " أحمد محمد النابلسى " صورة لهذا المخطط فيقول : " إن هناك فريقـًا أمريكيـًا من كبار المخططين والسياسين الأمريكيين موجود فى الدول المجاورة لإسرئيل يهدف إلى دراسة الدول العربية التى تريد أمريكا تفكيكها ، وأن هناك دولا ستختفى وستظهر أخرى فهم يرون إمكانية تفكيك المنطقة و إعادة ترتيبها كما حدث فى سيكس بيكو و أمريكا تعتمد فى رسم خريطة المنطقة على حجم التناقضات الموجودة داخل الدول المستهدفة فى الشرق الاوسط ـ الاسلامى ـ فأثارة أمريكا مشكلة الأقليات فى المنطقة لتقضى على توازنها الديمغرافى الحالى ، بما ينزع طابعها الإسلامى والعربى فتصبح قادرة على إستيعاب إلحاقات چيوسياسية تمهد الطريق أمام شرق أوسطية ممتدة وغير قادرة على رفض عضوية إسرائيل (67) . فعلينا أن نقرأ هذه المخططات التى تستهدفنا سواء كانت أفكارًا أو أحبارًا ، أو يجرى تنفيذها للتعامل معها .
والرئيس الامريكى " نيكسون " : قد اشار فى كتابه " الفرصة السانحة" عن تجربة لبنان وأنه من الممكن أن تحدث فى كثير من بلاد العالم الإسلامى . فيقول " إن المسلمين بينهم الكثير من الإختلاف لايسمح لهم أن يكونوا كتلة واحدة ثم يقول إن التنافس بين دول العالم الإسلامى جعله بؤرة للصراعات . المغرب ضد الجزائر ، ليبيا ضد الجزائر ، وليبيا ضد تشاد ، والعالم العربى ضد إسرائيل ، الاردن ضد السعودية ، وسوريا ضد الاردن ، و سوريا ضد لبنان ، والسعودية ضد اليمن والامارا ت ، و العراق ضد سوريا ، والعراق ضد الكويت والسعودية .... إلى أن يقول ولما كانت معظم هذه الدول مصطنعة من عدة موميات وأجناس مختلفة فقد سادت المنطقة الصراعات الداخلية و ربما يحدث فى كثير من الدول الإسلاميه مستقبلا ما حدث فى لبنان (68). هذه صورة جامعة لما يراد بالمنطقة ..و من أدواتها :-
1-دعوى الحوار والتقريب بين الاديان :-
تنطلق هذه الدعوة فى إطار إستمرارية الصراع مع الإسلام والمسلمين فمن الخطأ الشائع أن الحروب الصليبية قد انتهت 1270 م ، الحقيقة غير ذلك فهناك فرق بين الانتهاء من صورة حروب عسكرية مباشرة وإحتلال الأرض ، وبين أخذ الصراع صور أخرى لنفس الأهداف التى من إجلها قامت الحروب الصليبية فى حملاتها المعروفة مع ملاحظة هامة وهى معاودة إستخدام الغزو المباشر نموذج العراق ، و وأفغانستان .
ولعل السبب فى إستمراية هذا الصراع بصوره المختلفة أن الإسلام مثل الخيط الذى يربط بين المسلمين على إختلاف الأماكن والإتجاهات الفكرية . كما أن العقيدة الإسلامية مثله الأساسى الذى قامت عليه الحضارة الإسلامية وهذا يفسر لنا لماذا تستهدف العقيدة بالدرجة الأولى فى الحوار والتقريب ليأتى بعدها التغير فى الأنماط السلوكية وطرق التفكير بإطار مسيحى غربى ..
يقول " جان بول رو " بوضوح هدف إسقاط الخلافة العثمانية " لقد قذف بملايين الأوروبيين إلى شواطئ
الشرق الاسلامى ومهمتهم تغير المعتقدات الإسلامية الشرقية من أجل الوصول لذلك كان عليهم أن يخربوا الشرق ويقول من جزر الفلبين لقلب أفريقيا عمل الرجل الأبيض على بسط سيطرته على الرجل المسلم وفرض عليه مفاهيمه فى وجوده وطرق معيشته وطريقة تفكيره (69)
لهذا جاء التفسير لأسباب الحملة الصليبية الجديدة لتحقيق هذا الهدف على لسان " هانتجتون " " مادام الإسلام سيبقى إسلامًا وليس هناك من شك ليصبح غير ذلك ، ومادام الغرب سيبقى غربًا ولا يتوقع أحد
غير ذلك سيظل الصراع قائمًا كما ظل منذ أربعة عشر قرنًا ثم يحدد بدقة أن المشكلة بالنسبة للغرب ليست فى المتطرفين الإسلاميين بل فى الإسلام كله ؟ الإسلام بكل طوائفه وأقسامه فى مختلف الدول عبارة عن حضارة تشمل الدين والدنيا و أن المسلمين يعلنون فى وجه كل غربى أن دينهم وتقاليدهم هى الأفضل ، حتى المعتدلون الليبراليون " ولكن لماذا الدين هنا والغرب هناك ؟ فالحوار و التقريب يحدث خلخة فى الثوابت العقائدية وتشوه الثوابت الدينية لدى قطاعات من المسلمين وهو ما أعلنوا عنه و ذاكرته . فقد إستفاد القوم من خبرة الحروب الصليبية القديمة بحسب نصيحة " لويس الرابع عشر " الذى حدد محاورالعمل للقضاء على الاسلام فأوصى : -
أ ـ بتجنيد المنصرين ـ المبشرين ـ الغربيين فى معركة سلمية لمحاربة الإسلام و وقف إنتشاره ثم القضاء عليه معنويًا وإعتبار هولاء المبشرين فى تلك المعارك جنودًا للغرب .
وهذا عين ما يقوم به الحوار يقول " يوحنا بولس الثانى " بابا روما الراحل فى ذلك : " إن الحوار بالنسبة للكنيسة هو نوعًا ما ـ أداة ـ على الأخص طريقة للقيام بعملها فى عالم اليوم .. " (70)
فهو تكتيك جديد يناسب المرحلة .. والغريب أن المسلمين والمشاركين فى هذه الدعوى جعلوها هدفًا فى ذاته وليس وسيلة للوصول للحق فأصبح الحوار عندهم لمجرد الحوار ، و الطرف الثانى الحوار لتحقيق الأهداف الدينية والسياسية..
ب ـ يوصى " لويس " بالمحور الثانى : " بإستخدام مسيحيوا الشرق الإسلامى فى تنفيذ سياسية الغرب . وهنا تبرز أهمية الأقليات الدينية فى منطقتنا كأداة لأهداف الغرب وهذا واضح فى تطابق الدوافع والأهداف وإن إختلف مسيحيوا الشرق الإسلامى فى بعض المطالب للظروف المحلية والاقليمية ..
ج ـ أوصى ونفذت وصيته ـ بإيجاد قاعدة فى قلب الشرق الإسلامى يتخذها الغرب نقطة إرتكاز له ومركزًا لقوته الحربية و لدعوته السياسة والدينية ومنها يمكن حصار الإسلام ، والوثوب عليه كلما اُتيحت الفرصة ..فكانت إسرائيل فى فلسطين كافيه للغرض وزيادة .. فحتى يمكن السيطرة علينا لابد من تغير معتقداتنا وافكارنا والحوار يقوم بهذا وبنظرة إلى ما أحدثه الحوار من تنازلات قدمها المحاور
المسلم بدءًا من العقيدة وحتى التسليم بكافة الخصوصيات ....
فمن مطالب المؤتمرات التقريبية :-
1- تعرض القرآن للنقد الأدبى بقواعد الحداثة الغربية 0
2- طرح المساواة الدينية فى الإعتقاد .
3- حجب أحكام الشريعة عن التطبيق بعلة وجود أقليات غير مسلمة فهذا ثمن التقريب .
4- تعديل مناهج التعليم الإسلامية بالأزهر والمدارس العامة وحذف كل ما يشير لبطلان وفاسد عقيدة أهل الكتاب و التركيز بدلا منها على مفهوم قبول الأخر .
5- إلغاء كل المظاهر الإسلامية حتى لا تحرج الآخرين فى الوطن .
والطرف المسيحى فى أوربا والمنطقة لم يتقدم خطوة واحدة يبرهن بها على :
ا- عدم استخدامه كأداة لضرب الإسلام .
2- وعدم الطعن فى الإسلام ونبيه بكافة الصور.
يقول " ولفيتز " إنه حتى يحقق المسيحيون الغربيون والشرقيون أهدافهم ضد المسلمين لابد من تغير
أفكارهم ومعتقداتهم " لتحسم المعركة ضدنا ؟
" إن معركتنا هى معركة الأفكار والعقول ولكى ننتصر على الإرهاب ـ الإسلام ـ لابد من الإنتصار فى ساحه الحرب على الأفكار "
فسياسة إستخدام التنصير كأداة موجود فى دعوى الحوار والتقريب لكن بصورة أكثر قبولا لدى المسلمين والمتحاورين وهذا أكده كل المتحاوريين من المسيحيين غربـًا وشرقـًا ووثقته توصيات المؤتمرات وإعلاناتها . فالتلازم بين الحركة التنصرية والمسمى تبشيرية وبين السياسة الأوروبية والأمريكية والمخططة للمنطقه ليس وليد هذه اللحظة لكنه مصاحب لتاريخ الصراع بيننا .
يقول " جون ل . أسبوسيتو " و " محمد أ.مقتدر خان " (71) : " استفادة الحركة التبشيرية وإرسالياتها من الأوضاع السياسية حدث هذا زمن الحروب الصليبية و فترة الإستعمار الحديث وللآن استفادة الإرساليات المسيحية من مناصرة وحماية القوة الأوروبية فكان التعاون بين التاج والصليب ثمرة تجربته الإستعمارية كما تجسدة العلاقه بين التاج والصليب زمن الحروب الفرنسية فى الجزائر وبعد ما تم الإستيلاء على الجامع الكبير فيها تم تحويله إلى كاتدرائية باسم " فليب " ورفع العلم الفرنسى والصليب فوق المسجد ولقد استطاعت المسيحية أن تحقق الكثير من المكاسب السياسية والإقتصادية بفضل الغزوات الإستعمارية "
والمارشال الفرنسى " توماس روبير " يحدد بشكل دقيق أهمية الإرساليات المسيحية لخدمة الأهداف
السياسية والاستعمارية إن رجال الدين المسيحى مكسب كبير لنا لأنهم نجحوا فى إستمالة قلوب السكان العرب الذين غزونهم بقوة السلاح إذ قامت هذه الإرساليات بفتح المدراس والمستشفيات ، و دور الطباعة
والنشر ، وسعت هذه الإرساليات ليس فقط إلى إستئصال الديانة المحلية والإسلام . لتحل محلها المسيحية بل أيضًا إلى تغيير الفهم التاريخى لدى العرب وأفكارهم عن أنفسم وثقافتهم (72)
فالآن أضيف إلى الكنيسة والمنصرين ـ المبشرين ـ مساندة الأمم المتحدة وتبنيها أراء الفاتيكان فى طرحها لقضية حوار الأديان وأن يكون على الأجندة الأممية لتصبح الأدوار تكاملية الفاتيكان و جيوشه من المنصرين والمخطط لها والأمم المتحدة بغطاء القرارت الدولية بحجة الحريات وحقوق الإنسان ثم بتتدخل عسكرى للغرب و أمريكا .. فليست تيمور الشرقية ، و مشكلة جنوب السودان ، ومشكلة أقباط مصر سوى نماذج لهذا التحالف الأسود ضد الإسلام والمسلمين . والسؤال الكبير الحائر أين حقوق المسلمين فى أوروبا و أمريكا على نفس المستوى من مطالب الأقليات المسيحية فى المنطقة والعالم الإسلامى عامة فأين مردود هذا الحوار فظاهرة التقريب و حقيقتة التذويب والسيطرة .
2- استغلال الأقليات كأداة للتنفيذ ويظهر ذلك من خلال أمرين: -
الأول : وظيفة هذه الأقليات الدينية .
الثانى : تطابق أجندة المطالب لهذه الأقليات مع مخططات الغرب وأمريكا والفاتيكان والكنائس فى المنطقة 0
أولا : من حيث الوظيفة 0 يقول السيد ياسين : " لقد كشف الغزو الأمريكى والعسكرى عن استخدام الدول الكبرى لأدوات الإستعمار القديم التى كنا نظن أنها انتهت ، وأبرزها الغزو العسكرى المباشر للدول وتمزيق نظمها السياسى بالقوة و تمزيق النسيج الإجتماعى الوطنى وقلب الموزين فيما يتعلق بالتوزان الطائفى (73)
و الدكتور " محمد عمارة " (74): بعد تجربته الطويلة فى الحوار أدراك فى الفترة الأخيرة أهدافه فكما ذكرنا له بعض أقواله التى جانبه الصواب فيها نذكر له الأخرى ، يقول بصدد هذا التوظيف للأقليات الدينية : " الكنيسة الكاثوليكية الغربية والمشروع الإمبريالى الغربى منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية لقد تحالفت الكنيسه الكاثوليكية مع الصهيونية ضد العرب والمسلمين ونجحت الإمبريالية الأمريكية فى ضم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية إلى مجلس الكنائس العالمى .. إننا أمام توظيف عالمى إمبريالى غربى أمريكى بالأساس للكنيسة ضد الإسلام
ويقول الدكتور " محمد أحمد النابلسى " على موقعه : " فأمريكا تعتمد فى رسم خريطة المنطقة على حجم
التناقضات الموجودة داخل البلاد المستهدفة فى الشرق الاوسط فأثارة أمريكا مشكلة الأقليات فى المنطقة لتقضى على توازنها الديمغرافى الحالى ، بما ينزع عنها طابعها الإسلامى والعربى ، فتصبح قادرة على إستيعاب إلحاقات چيوسياسيه تمهد الطرق أمام شرق أوسطية ممتدة وغير قادرة على رفض عضوية إسرئيل " (75)
* خطة إسرائيل لتوظيف المسيحيين فى المنطقة ضد الإسلام وتفتيت دوله ... كان مدخل الخطة أمرين :
1- تقوية الميول الإنعزالية للأقليات فى العالم الإسلامى .
2- تحريك هذه الأقليات لتدمير المجتمعات المستقرة وإذكاء النار فى مشاعر الأقليات المسيحية ثم توجيهها للمطالبة بالاستقلال والتحرر بما يزعمون ـ من الاضطهاد الإسلامى ـ . فكما ذكرنا سلفـاً أن تفتيت لبنان بصورة مطلقة إلى خمس مقاطعات , لو تم بعد غزو لبنان سنة1982 م كما كان يأمل شارون والدولة العبرية لعممواالنموذج بعدها ومازالت المحاولات مستمرة.
فقد عقدة ندوة 20/5/1992م بمركز أبحاث " بارابلان " بجامعة تل أبيب وشاركت فيه وزارة الخارجية الإسرائيلية وكان عنوان الندواة : " الموقف الاسرائيلى من الجماعات الإثنية فى منطقة الشرق الاوسط " نوقش فيه أحد عشر بحثـًا وخلصت بالتوصيات الآتية : إن الأقليات هى شريكة لإسرائيل فى المصيرو لابد من أن تقف مع إسرائيل فى مواجهة الإسلام أو تبدى استعدادًا لمحاربته و مقاومته فهى حليف و قوة لإسرائيل (76)
وأذكر بأن إسرائيل فى إطارالتخطيط الإستراتيجى ضد المنطقة وضعت منذ الخمسينيات خطة لتوظيف الأقليات لتفتيت المنطقة.
ثانيا : تطابق الأجندة للغرب ، أمريكا ، الأمم المتحدة ، الفاتيكان ، وكنائس المنطقة.
من ذلك وضع قضية الحوار بين الأديان على أجندة الأمم المتحدة بمطلب من الفاتيكان والكنائس. ليسهل التدخل المباشر فى الدول بحجة اضطهاد الأقليات وحماية الحريات ، وحقوق الإنسان.إلى آخر أدوات الهيمنة فى عصرنا والتى باتت مكشوفة للسيطرة على المنطقة والعالم.
من أهم نقاط التطابق :
لكن قبل ذكرها أنبه إلى شىء لفت نظرى وهو المبالغة التى يتميز بها مسيحيو المنطقة العربية سواء فى حضورهم الإجتماعى ، والإقتصادى ، والسياسى ، والثقافى مما يتمتعون به فى مجتمعنا العربى كله. وهذا المظهر السياسى لا تتمتع به الأقليات المسلمة فى أى مكان فى العالم ، وقد يمثلون الديانة الثانية فى بعضها ؟ وتفسيرى لذلك أمرين : الأول: تنامى الصحوة الإسلامية فى المنطقة العربية والإنتشارالعام للدعوة فى التجمعات السكانية الكثيفة فأثار ذلك قلق المسيحيين .
الثانى : استغلالهم للظروف السياسية التى تمر بها المنطقة ، واستقوائهم بالخارج ، فهم يتخذون من تصنع الضعف مدخلا لتتدخل الغرب فى أرض الإسلام قديمـًا وحديثـًا.
التطابق فى المطالب:
1 ـ منع تطبيق الاحكام الشرعية التى جاءت بها الشريعة الإسلامية مثل: إلغاء حد الردة لأنه يتنافى مع أحد مطالب التقريب من تطبيق الحرية الدينية بكافة صورها فى الإعتقاد وغيره ، السماح بالزواج بين المسلمة من غير المسلم لا العكس وإلا قالوا نحن مضطهدون واستدعوا كل لجان حقوق الإنسان علينا فى العالم فنتنازل وعلى هذا النحو تجرى الأموركافة .
2ـ التتدخل فى مناهج التعليم والمطالبة بحذف الأحكام الشرعية المتعلقة ببيان فساد عقيدتتهم ، أو التى تشرح فقه الجهاد ، أو تتكلم عن تاريخ الإسلام فى مواجهة اليهود والنصارى .
3ـ منع كافة وسائل الإعلام الرسمية من تناول نقد عقيدتهم وتجريم ذلك 0
4ـ المطالبة بإلغاء كافة ما يمثل للمسلمين أحكام شرعية و يعتبرونه يحدث فرز إجتماعى .
وجدت و أنا أبحث تطابق فى أغلب هذه المطالب بمطالب الأقباط فى مؤتمر لهم عقد فى أسيوط 1911م (77)
أراد القبط أن لا يذكر اسم الإسلام و الإسلامية فى أمور الحكومة ولا غيرها من المصالح الحكومية ؟ ليكون الإنتقال من إسلامية لمصرية مدرجة ـ خطوة ـ إلى الإنتقال من مصرية الى قبطية . ويذكر كذلك من مطالب مؤتمر أسيوط ، إنهم إنما يعملون كل شىء للقبط باسم الأمة القبطية و يسمون البلاد المصرية بلادهم ، ويطالبون من المناصب والأعمال فى الحكومة باسم الأمة القبطية ، ثم يقول : ولقد اجمع القبط على تأييد الاحتلال ؟ وطالبوا :
1ـ تولى المناصب من منطلق إنهم لهم ما ليس لغيرهم من المسلمين فهم كما يزعمون أصحاب البلاد الأصليين .
2- استنجادهم بأوربا وأعلامها لخدمة أهدافهم .
قارن هذا بمطالب أقباط المهجر الآن :
1- عدم الإفراج عن المعتقلين المسلمين من السجون ؟ وأين الحرية وحقوق الانسان ؟
2- عدم تطبيق الشريعة الإسلامية لأنها تهدد البشرية وتمثل خطرًا عليها.
3- طالبوا بتدخل السفارات الأجنبية للضغط على مصر لتحقيق مطالبهم .
4- طالبوا الأزهر بمراجعة ـ هكذا ـ ما يسمى الثقافة الإسلامية الخاطئة والحد من نشر الكتب الإسلامية.
5- إلغاء المادة الثانية من الدستور فإذا لم تلغى تصبح مصر دولة دينية وهذا يكفى لغزوها وحربها.
6- طالبوا بإنشاء جامعة قبطية .
وقالوا إما أن تكون مسلمًا أو مصريًا لكن مسلم مصرى لا. فأين التقريب والحوار من تلك الطوام ، وأين الذين قادونا لهذا الحال ؟

الفصل الثالث

نحو منظور إسلامى للحوار

إن للإسلام منهجه المستقل ، وطريقه المتميز فى تحديد مسار العلاقة بأهل الكتاب ، وقد تحدد هذا المسار منذ بزوغ شمس الإسلام بالوحى الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، و بهدى رسولنا ـ صلى الله عليه وسلم ـ الذى لا ينطق عن الهوى 0 فكان المنهج هو الدعوة الصريحة المباشرة للإسلام ، و إلى المجادلة بالتى هى أحسن 0 أما دعوى التقريب بين الأديان ، فليست من منهج الإسلام فى شىء مهم حاولوا من ستر عوراتها أو تزويقها بالألقاب ، ومن ذلك لفظة الحوار والتقارب 00وليس حوار الدعوة للإسلام ولا المناظرة بالتى هى أحسن ، وبالتالى فهو حوار مرفوض ؟ فقد كان من نتائجه على الصور التى جرى عليها من أفضل السبل للقضاء على ديناميكية الإسلام ونهضته الحاضرة وحاول أن يضع نفسه ندًا للإسلام و أن يحدث حالة من التوفيق والتكيف والإعتراف بما عليه اليهود والنصارى من باطل ، لهذا فنحن لا نحتاج إلى تفاهم وتسوية ، بل نحتاج إلى الإجتهاد بالحق والإصرار عليه فالحوار الذى نجريه مع اليهود والنصارى هو حوار من أجل دعوتهم إلى الإسلام ، وليس للإسترضاء و إ ستجداء لإعتراف مزيف 0 فالمسلمون ينطلقون للحوار وفق قواعد قرآنية منها قوله تعالى " وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ " (78) ، و قوله تعالى " قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ " (79) ، و قوله تعالى " ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ " (80) ، و قوله تعالى " فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ " (81) ، و قوله تعالى " وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ " (82) .
إلى ما ندعوى اليه اليهود والنصارى :
1- لقد جاءت دعوة الإسلام لتخاطب الناس عامة إلى الدخول فيه وخاص أهل الكتاب بالنداء فى القرآن بيا أهل الكتاب 00 ومجموع هذه النداءت على الصورة السابقة سبعة عشر مرة 00 ففى هذا دلالة لعناية الإسلام بمخاطبة أهل الكتاب ودعوتهم للدخول فى الاسلام :-
يدعوهم إلى عقيدة التوحيد الخاصة ونبذ الشرك بالله ، وجاء ذلك فى قوله تعالى " قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ " (84) . والكلمة " السواء " ليس لها سوى معنى واحد وهو التوحيد والإسلام فقد شذ من شذ من دعاة الحوار لتفسير معنى " سواء " بإنها عمل الصالحات والنافعات للبشرية و لمواجهة الطغيان و إزالة سوء الفهم إلى أن يقول ألا يشتغل الحوار بمسائل الاعتقاد بل ينطلق كل طرف من احترم عقيدة الطرف الآخر . قال بهذا محمد الحسن (85)
ويقول الدكتور " محمدعمارة " فى تفسير كلمة " سواء " معنى بعيد عن الصحة " هل يستطيع جميع الفرقاء أن يتفقوا على كلمة سواء : أن يتخذ ابنا كل شريعة شريعتهم طريقـًا ونهجـًا خاصـًا لتدينهم بالعقائد الأصلية للدين الإلهى الواحد00فليحتفظ كل بشريعته00 و ليعترف الجميع بكل الشرائع (86) .
كان هذا رأى الدكتور " عمارة " وفيما يبدو تخلى عن مثل هذه الآراء فى الفترة الأخيرة فهذا قول مخالف للعقيدة الإسلامية0
2- ندعوهم كذلك إلى عدم الغلو فى الدين وألا يقولوا على الله بغير علم فمن صور غلوهم : إن عزير ابن الله كما فى قوله تعالى " يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا " (87) ومن أعجب ما أوقع فيه دعاة التقريب أنفسهم عن المسيحيين المعاصرين ومحاوريهم هذه الصفات التى ذكرها القرآن وقالوا بزعمهم إنها فى طوائف قديمة لا وجود لها الآن ؟
3- دعوتهم إلى الإيمان برسالة رسولنا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ فلا يجوز لنا أن نقبل اعترافـًا عامـًا منهم بنبوته دون تصديقه أو إتباعه وإتباع شريعته وترك ما هم عليه من الشرك والمخالفة فرسالة رسولنا ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى الناس كافة عربهم وعجمهم والإنس والجن فهو ـ صلى الله عليه وسلم ـ خاتم الانبياء والمرسلين :
قال تعالى " يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ " (88) ، و قوله تعالى " الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آَمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ " (89) .
4- دعوتهم للإيمان بالقرآن :-
لابد لهم من الإيمان بالقرآن والذى نزل على رسولنا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ فإنه مصدق للتوراة والإنجيل ومهيمن عليهما ناسخ لشرائعهما يحكم بينهم فيما فيه يختلفون ولا يجوز لهم البتة مساواة القرآن بما فى أيدهم من كتب . قال تعالى " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آَمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا " (90)
، و قوله تعالى " الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آَمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ " (91) .
هذا ما ندعوى إليه المتحاوريين من أهل الكتاب فالحوار وسيلة لتصحيح عقيدتهم ودعوتهم لدين الله الإسلام وإلا فلا حوار تحت مسمى التقريب بين الأديان . ذكرنا فيما سبق منطلقات الحوار التى ندعوهم إليها 0 والآن بأية طريقه و وسيلة نقيم الحوار يمكننا أن نذكر فى هذا الصدد :-
1- أسلوب القرآن فى دعوة أهل الكتاب 0
2- الوسائل النبوية فى دعوتهم 0
3- ذكر نماذج ناجحه لعلماء المسلمين عبر التاريخ 0
1- أسلوب القرآن فى دعوة أهل الكتاب :
فالأسلوب القرآنى طالب المحاور المسلم بأن يحاورهم بضوابط 1- الحكمة 2- الموعظة 3 - المجادلة بالتى هى احسن 0
ـ فالحكمه : كما يقول شيخ المفسرين ابن جرير فى تفسيره " الحكمة 0 بوحى الله الذى يوحيه إليك وكتابه الذى ينزل عليك " (92) وقال الشوكانى " هى الحجة القطعيه المفيدة لليقين "
ـ الموعظه الحسنة : قاله ابن كثير " أى بما فيه من الزواجر والوقائع بالناس وذكرهم بها ليحذروا بأس الله تعالى " ، و قال البغوى " هى الدعاء إلى الله تعالى بالترغيب والترهيب " ، و قيل " القول اللين الرقيق من غير غلظة وتعنيف "
وخلاصتها : مخاطبة العقل بالحكمة ، والقلب بالموعظة الحسنة 0
المجادلة بالتى هى احسن : يقول البغوى " وخاصمهم وناظرهم بالخصومة التى هى أحسن ، أى أعرض عن أذاهم ولا تقصر فى تبليغ الرسالة والدعاء إلى الحق " وخلاصتها كما يقول الدكتور " القاضى " : " المخاصمة والمناظرة لكشف الشبهات بالحجج والبيانات وأنواع الاستدلالات لمغالبة الخصم ، بغية هدايته ، وحصول البلاغ التام رجاء ايمانه , أن تكون المجادله بالقرآن والتوحيد والطرق الشرعيه فى الاستدلال وأن تكون بالآداب الشرعيه من الخلق والرفق اللين والبعد عن الأذى والبعد عن الغلظة والفظاظة فى القول
والفعل 0
فهذه الضوابط الثلاثة تخاطب طبقات المخاطبين لكل طبقة ما يناسبها من أسلوب وطريقة ، وتستخدم الطرق الثلاثة مع مدعو واحد كذلك فقد تحتاج إلى أن تترقى بالمدعو من الأسهل إلى الأصعب لتبلغ الدعوة 0 كما قال الشيخ " السعدى " فى تفسيره ـ رحمه الله ـ وفى ختام لهذه الضوابط ظن البعض أن الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتى هى أحسن منسوخة بآية السيف والجهاد 0 رد شيخ الإسلام " ابن تيميه " على ذلك فقال :" كان صلى الله عليه وسلم يحاج الكفار بعد نزول الأمر بالقتال ، وقد أمره تعالى أن يجير المستجير حتى يسمع كلام الله ثم يبلغة مأمنه والمراد بذلك تبلغيه رسالات الله وإقامة الحجة عليه ، وذلك قد لا يتم إلا بتفسيره له الذى تقوم به الحجة ، ويجاب به عن المعارضة وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب علم بطلان قول من ظن أن الأمر بالجهاد ناسخ للأمر المجادلة مطلقا 00"
أولا :- أساليب القرآن فى دعوتهم : -
1- أسلوب المبادأة الواضحة :
هذا ما ينبغى ، أن يكون فأهل الإسلام لا يستقيم أمرهم ، ولا يعبرون بصدق عن دينهم إلا أن يكونوا أصحاب مبادرة للقيام بأمر الله ، وألا يكونوا دائمـًا هم الطرف المدعو للحوار كما هو الحاصل فيساقون للحوار دون تخطيط مسبق ولا أهداف واضحه 0لهذا كانت النتائج الكارثية على الدعوة والوقوع فى مخالفات شرعية خطيرة أعظمها تصحيح العقائد الشركية ، و الإعتراف بصحتها ، وتحقيق أهداف خصوم الاسلام من هذه الدعوة 0
2- أسلوب تذكير أهل الكتاب بما حدث للأمم السابقة :
ليأخذوا العبرة مثل قوله تعالى " وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ " (93) , و قوله تعالى " يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ " (94) . و بأسلوب التذكير لقوله تعالى " يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ " (95) فهذا الأسلوب مؤثر وقوى لأن التذكير بحوادث التاريخ التى وقعت لهم و للأمم السابقة قوى التأثير خاصة و أن هذه الحوادث مذكورة فى كتبهم ففيها العبرة بما حدث لمن كذب الأنبياء وعاداهم فى دعوتهم 00
3- أسلوب الترغيب والإغراء :
كقوله تعالى " وَلَوْ آَمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا " (96) , و قوله تعالى " أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ " (97) , وفى أسلوب الإغراء كقوله تعالى : " وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ " (98) , و قوله تعالى " وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ " (99) , و كقوله تعالى " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآَمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ " (100)
يقول الدكتور " القاضى " : " فهذا الأسلوب أنجح الأساليب وأدعاها إلى قبول الحق والاغتباط به ، ففيه من الترغيب والإغراء ما يحض أصحاب الهمم العالية و النفوس التواقه إلى الكمالات 0 إلى استشراف الهدى بنفس مستبشرة طامعة بفضل الله ورحمته " (101)0
4- أسلوب التحذير والترهيب :
كقوله تعالى " لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ" (102) .
وكقوله تعالى " وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ" (103)
وكقوله تعالى " إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ " (104)
فهذا لمن ينفع معه أسلوب الترغيب و الترهيب فهو سبحانه أعلم بخلقه " أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ" (105)
5- أسلوب التوبيخ والنكير:
ومن عجب وبديع هذا الأسلوب إنه كشف عن ما يدور فى ذهنيه أهل الكتاب ويجلى موقفهم من الاسلام ، فهى كما ذكرنا :
1- الكفر بالإسلام . 2- إلباس الحق بالباطل مع العلم به 0
3- الصد عن سبيل الله . 4- كتمان الحق مع العلم به .
5- ترك الطريق المستقيم وهو الإسلام والإلتفات إلى الطرق العوجاء 0
6- بغضهم أهل الإسلام لما هم عليه من الحق والايمان .
وهذا جسدته الآيات الآتيه :
كقوله تعالى " يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ " (106)
كقوله تعالى " قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ * قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجًا وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ " (107)
وقوله تعالى " قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ " (108) فهذا الاسلوب القرانى يضع اهل الكتاب امام حقيقة انفسهم ويعلمهم ان المسلمين يدركون حقيقة اهدافهم لاعلام الله سبحانه وتعالى لم بمرا دكم فعليهم ان يكونوا وا عين اذا دعوى للحواراولمناظرة 0
6- أسلوب المناظرة المحاججة والنقض :
فقد يكون الحوار والمجادلة والمناظرة ـ مستحبة ، أو واجبة أو غير ذلك بحسب الحال ، فقد ذكر العلامة " ابن القيم " من قصة وفد نجران ومنها جواز مجادلة أهل الكتاب و مناظرتهم ، بل استحباب ذلك بل وجوبه ، إذا ظهرت مصلحته من إسلام من يرجى إسلامه منهم وإقامة الحجه عليهم 0 ولا يهرب عن مجادلتهم إلا عاجز عن إقامة الحجة فليول ذلك إلى أهله ، وليخل بين المطى وحاديها والقوس وباريها " زاد المعاد (109)
وكلام الإمام ابن القيم فيه من التحذير من عدم قبول المناظرة والمجادله وخاصة حال الطمع فى إسلام أحد منهم أوإقامة الحجة عليه وهذا يتراوح بين الواجب والمستحب لكننى أضيف قد يحرم حال تصدر غير المؤهلين علميـًا على المستويين الشرعى وفهم الواقع 00
الامر الثانى 00وجوب أن يتصدر الأكفاء للحوار و إن يخلى بين القوس وبارها والمطايا وحاديها 00 فلو أن العصريين العقليين غيرهم ممن تصدر للحوار تركوا الأمر لأهله لأمكن تجنب الكثير من الأخطاء والأخطار ومن فوائد هذا الأسلوب إذا تصدر للحوار أهله 0
ـ رفع التشويش والتضليل عن حقيقة الإسلام 0
ـ كشف تهافت وبطلان ما هم عليه من خلال حجج واهية 0
ـ إقامة الحجة عليهم ورفع اللبس عن الناس 0
ومن آيات القرآن الكريم الدالة على ما سلف :
قوله تعالى " الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ " (110) .
وقوله تعالى " وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ" (111)
وقوله تعالى " يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ*هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ*مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ " (112)
7 - أسلوب المباهلة :
وهى فى تمام الحجة واظهار المحجة لمن عاند وكابر عن قبول الحق ففى اية المباهلة يقول الله تعالى " فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ " (113)
قال ابن جرير ـ رحمه الله ـ فى تفسيرها " فمن جادلك يا محمد فى المسيح عيسى بن مريم 00فقل تعالوا هلموا فلندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل يقول ثم نلتعن : فنجعل لعنة الله على الكاذبين منا ومنكم فى آية عيسى " (114) , ولعل البعض يظن أن المباهلة قد انتهت بزمن رسولنا ـ صلى الله عليه وسلم ـ يرد ابن القيم ـ رحمة الله ـ على أهل الباطل إذا قامت عليهم حجة الله ولم يرحبوا ، بل إصروا على العناد و إن يدعوهم إلى المباهلة ، وقد أمر الله سبحانه بذلك رسوله ، ولم يقل أن ذلك ليس لأمتك من بعدك وهذا من تمام الحجة , يقول الدكتور " القاضى " وهذه الوسيله مفيدة من جهتين :
1- إظهار التحدى والثقة التامة ، بأن الداعى إلى المباهلة على الحق 0
2- إرهاب المعاند وحمله على الجد والحزم ، بالتعرض لعنة الله فينقله من حالة المراوغة الجدلية والنظرية ، إلى مقام المواجهة العلمية المخيفة فربما نزع و استغفر و استعتب0 (115)
8- أسلوب المفاصلة :
يأتى أخيرًا أسلوب المفاصلة فبعد أن استفرغ العمل وفق الأساليب السابقة يأتى أسلوب المفاصلة . قال تعالى " فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ " (116)
" فَإِنْ آَمَنُوا بِمِثْلِ مَا آَمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ " (117)
وقوله تعالى " فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ" (118)
وأسلوب المفاصلة يجعل الطرف المحاور مجبور على تحديد وحزم موقفه وعدم إستغلال الحوار كأداة لتمرير أهدافه فيكون البيان الختامى كما يقول الدكتور " القاضى " : " لا من طرف واحد بل يكون بحثا عن قضايا مشتركه يعلنها الطرفان ، فيكسب أهل الكتاب تنازل المسلمين عن دعواتهم الأساسيه " أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ" وهكذا المحاور المسلم لا يدع الأمر معلقا ومائع ليس له حدود واضحة بل يكشف عن موقفه بوضوح ويعلن حجته فإما الإسلام و إما التوالى عنه 00
ثانيـًا : الوسائل النبوية لدعوة أهل الكتاب :
الوسيلة الأولى : استخدام الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ للأساليب القرآنية السابقة :
ومن تأمل وسائله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لدعوة أهل الكتاب لا يجدها تخرج عن حبه هدايتهم إلى دين الله ـ عز و جل ـ الحق وهو الإسلام ورغبته فى نجاتهم من النيران وهديتهم للجنان : فالتنوع فى الأساليب إنما هو فى الأدوات المناسبة لحال المخاطبين والأقرب لتوقع القبول عندهم 0
والأمر الآخر المقصود من الدعوة عبر هذه الوسائل النبوية وإقامة الحجة و بيانها لينقطع عذر المدعويين أمام ربهم يوم الحساب 0 فإذا نظرت للوسائل القرآنية وجدتها فى النهاية تنتهى إلى المناظرة ، و المباهلة والمفاصلة فهى نهاية طبيعية لكافة صور الدعوة حتى يمكن أن يحدد الطرف الآخر من أهل الكتاب موقفه على بينة و دون عذر له من أى نوع من الأعذار ، فقد عرضت عليه الدعوة بكافة الوسائل وعليه أن يتحمل نتيحة موقفه أمام الله ـ عز و جل ـ يوم القيامة ، وكذلك أمام المجتمع المسلم من كيف تكون صورة العلاقه معه فلا لوم على المجتمع المسلم فى أن يطبق عليه أحكام الله ـ عز و جل ـ فمعلوم أن لكل مجتمع بشرى جملة من القيم تمثل أغلى ما لديه تقوم هذه القيم بتحديد قوانينه ومعاييره الأخلاقية و لا يتسامح فيها مهما كان من يخالفها لهذا توضع القونين والدساتير لحماتيها وسواء كانت هذه القيم صحيحة وصالحه لدى الآخرين أم لا . لكنها فى نطاق سيادته يفرضها على قاطنيه دون اسثناء لأحد 00 هذا أيضا شأن القوانين والقيم الإسلامية0
أسلوب الترهيب والوعيد بعد رفضهم لدعوته قال لهم ـ صلى الله عليه وسلم ـ " ابيتم فوالله إنى لأنا الحاشر ، وأنا العاقب " وأسلوب التوبيخ والنكير فى قوله " كذبتم لن يقبل قولكم , أما انفا فتثنون عليه من الخير ما اثنيتم ، و لما آمن كذبتموه وقلتم فيه ما قلتم ، فلن يقبل قولكم " وعليك أن تقارن هذا بما يفعله المحاورون المعاصرون أثناء الحوار لترى حجم التباين والتناقض والغريب أنهم يزعمون الحكمة والعلم فى طريقتهم وما حققوا شيئا سوى الكوارث ، وتقديم التنازلت 0
الوسيلة الثانية للنبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ دعوتهم لدار الإسلام للمناظرة و سماع الدعوة :
ففى حديث البخارى عن طريق انس ابن مالك ـ رضى اللله عنه ـ " إنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ دعا يهود المدينة لمجلسه ليشهد له بالنبوة ويدخلوا الإسلام فأبوا وكان قد أسلم حبر من أحبارهم و هو عبدالله بن سلام فشهد للرسول بالرسالة لكنهم كذبوه 0 قال لهم عبد بن سلام 0إنكم لتعلمون إنه رسول الله و إنه جاء بالحق فقالوا كذبت فأخبرهم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بإسلامه , ونفس الشىء حدث مع حبر من أحبارهم و أسلم وكان يسمى ميمون بن يامين لما أعلمهم بإسلامه كذبوه 00
من هاتين الحادثتين دلاله : منها استحباب دعوتهم لدار الإسلام والمناظرة خاصة حال إسلام عظيم من عظمائهم ومن رجال ملتهم وعلمائهم ليكون الأمر إلزم لهم وطمعا فى الإسلام أحد منهم 0
الإعلان والإعلام عن حالة من أسلم من علمائهم و وجهائهم لتحفيزهم للإسلام و إذهابا بالوحشة عن من يريد أن يسلم منهم وكذلك مرسلة ملوكهم وأمرهم و علمائهم والسيرة والسنة فيها الكثير من ذلك و أشهرها مراسلة رسولنا ـ صلى الله عليه وسلم ـ لكل ملوك الأرض سنة (7ه و9ه ) فقد أرسل لهرقل الروم ، والمقوقس فى مصر ، والنجاشى فى الحبشه ، والحارث الغسانى ملك غسان ، و كسرى فارس ، كما أرسل لبابا روما وقتها ، وبطاريك الشام 0
الوسيلة الثالثة غشيائهم فى محافلهم ومجتمعاتهم وبيوتهم :
فقد حفلت السيرة النبويه بالعديد من الشواهد على هذه الوسيلة وأوردتها كتب السنة الصحيحة من ذلك 0
ذهابه ـ صلى الله عليه وسلم ـ لليهود فى بيت المدارس ـ وهو موضع قراءة التوارة ـ وهذه الرواية عند البخارى ومسلم عن أبى هريرة ـ رضى الله عنه ـ حديث رواه الامام أحمد فى مسنده و الحاكم فى المستدرك و ذكره الهيثمى فى مجمع الزوائد و قال رجاله رجال الصحيح 0 وهو عن عوف بن مالك رضى الله عنه 0 و حديث البخارى – الذى فيه قصة الغلام اليهودى الذى دعاه النبى صلى الله عليه فأسلم قبل أن يموت بعد ان أمره أبوه بقوله أطع أبا القاسم 0
ـ ففى الحديث الاول : ناداهم ـ صلى الله عليه وسلم ـ بقوله : يا معشر يهود أسلموا تسلمو ا ، فقالوا : قد بلغت يا أبا القاسم ، فقال ذلك أريد ثم قالها ثانية : فقالوا قد بلغت يا أبا القاسم 0 ثم قالها ثالثة ثم قال علموا أن للأرض لله ورسوله : وإنى أريد أن أجليكم فمن وجد منكم بماله شىء فليبعه ، ولا فأعلموا أن الأرض لله ورسوله 0 وفى هذا ما ذكرت من – الإهتمام أولا : بالدعوه رغبة من هدايهم 0
الأمر الثانى : إلزامهم بنتيجة إختيارهم وهو إجلاءهم عن المدينة 0
ـ والحديث الثانى " عوف بن مالك " : " إنه دخل عليهم يوم عيدهم فى كنيستهم ودعوته لهم فلم يستجب له سوى واحد منهم وكان من أعلمهم شهد للنبى بالرسالة فكان رد فعلهم أنهم كذبوه بعد إسلامه 0 وقبل إسلمه اثنوا عليه خيرًا هو وأبائه "
من هذا الحديث دلالة مهمه : -
جواز الغشيان لهم فى أماكن عبادتهم وتجماعتهم الدينية لدعوتهم فقد ذهب صلى اله عليه وسلم ومعه عوف ابن مالك ـ رضى الله عنه ـ وفى هذا الإصطحاب للصاحبى إشارة إلى أن الداعى المسلم لابد أن يكون معه من المسلمين من يشهد المناظرات حتى إذا كذب أهل الكتاب من المناظرين منهم على الداعية المسلم كان هذا شاهد عدل له0
ومما يستفاد من هذه المرسلات للمحاور المسلم الآتى :
أ - استخدامه وسيلة المراسلة والمكاتبة للإبعاد من الملوك والأمراء ومن يرجى هدايته لتتم إقامة الحجة على الجميع 0
ب- أن الداعية المسلم هو الذى يبدأ بالمراسلة والمكاتبة لأهل الكتاب وليس العكس ثم يتضمن خطابه لهم دعوتهم بشكل صريح للدخول فى الإسلام وعدم خلط الدعوة للإسلام بغيرها من الدعوات أيـًا كانت صورة هذه الدعوات 0
ج- الأسلوب فى الكتابة راقى من جهة و فاصل من جهة راقى من حيث مخاطبة كل مدعو بما لا
ينتقصى من مكانته الدنيوية فيقول " لهرقل " عظيم الروم فهو عظيم فى قومه فلاضير من مخاطبته
بهذا فليس من هذا النوع من المخاطبة لون مداهنة فمثلا إذا كان المحاور يحمل الدكتوره يخاطبه
بلقبه ، و إذا كان عالمـًا أو بطاريكا أو غير ذلك نضعه حيث وضعه قومه لكن الفيصل هنا ألا
نجامل على حساب الدين فلا يقال مثلا قداسه البابا أو إخوننا النصارى0
د- ومما جاء فى السيرة والسنه كذلك إستقباله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وفودهم 0 حدث مع وفد
نجران وهى عند الإمام البخارى فى صحيحه وعن ابن سعيد فى طبقاته وفى سيرة ابن هشام
وغيرهم 0 وهذه القصة من عبرها : 1- عدم منع النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ من الصلاة إلى
المشرق وهم فى المسجد 0 وقد صحح ابن القيم ـ رحمه الله ـ هذه الرواية فى أحكام أهل الذمه
وفصل المسألة فى متى يكون منعهم من الصلاة فى المساجد ومتى تجوز 0
2- رفضهم المباهلة دلالة على عدم تيقنهم من موقفهم الدينى من جهتين الأولى :أنهم غير واثقين على
ما هم عليه من دين ، الثانى : عدم قدرتهم على قبول الملاعنه لنفى صفة الرسالة عن رسولن ـ صلى
الله عليه وسلم ـ فعدم قبولهم المباهلة ، و الملاعنة , و قبولهم بالجزية دلالة على ضعف موقفهم
الدينى وعلى النقيض من ذلك موقف المسلمين فليقينهم مما هم عليه من الحق يقبلون وليومنا هذا
بالمباهلة والملاعنه و هو ما لم نرى دعاة الحوار يستخدمونه أبدًا طوال مؤتمراتهم ونداواتهم التى قاربة
الأربعمائه ؟ وهذا إنحراف عن منهجه ـ صلى الله عليه وسلم ـ .
ه- دعوتهم حال الغزو والجهاد: فقد كانت تعاليم الرسول لقادة جيوشه أن يدعو المشركين قبل قتالهم
إلى ثلاثة خصال " الإسلام أو الجزيه أو القتال " .
ومما لاشك فيه أن دعوة أهل الكتاب وغيرهم من المشركين فى هذه الحالة لتدعوهم إلى الإسلام بالجد والاستبصار و تنفض عن عقولهم اللامبالاة والإعراض عن الاسلام فيحملهم الرغب أو الرهب على قبولها والاذعان لها . و فى تاريخ المسلمين الكثير ففى اليرموك دخل أحد قادة الروم الإسلام وقت المعركة فأسلم وصلى فقط ركعتى الإسلام مع سيف الله خالد بن الوليد ثم قاتل مع المسلمين فقتل – حدث فى أحد غزوات رسولنا ـ صلى الله عليه وسلم ـ أسلم احد المشركين ثم قاتل فقتل ومات شهيدا فهذا قائد من قواد الروم وكان يسمى "جرجه " كما ذكر ابن كثير أراد وقت المعركه أن يستفسر عن أشياء فى دين الله و يعلمه خالد و متى وقت المعركة و صليلاالسيوف وقعقعة المعارك إنها الدعوة قبل وأثناء وبعد الغزو والجهاد ليظهر الفارق العظيم بين الإسلام وغيرها وأنه دين هداية فهذه جملة الأساليب القرآنية والنبوية وعلى من يريد أن يمثل الإسلام فى المناظرات والمحاورات وغيرها أن يتمثلها حال القيام بالدعوة والمناظرة و إلا فهو لايمثل إلا نفسه .
3- نماذج ناجحة لعلماءالمسلمين عبر التاريخ :
1- حالة جعفر بن أبى طالب مع النجاشى " اصحمة بن ابجر" ومايستفاد منها كد رس للمحاور المسلم :
الصدق فى الإجابة عن الأسئلة الموجه إليه دون مجاملة أو مداهنة كما فعل سيدنا جعفر ـ رضى الله عنه ـ مع النجاشى وبحضور البطاركة . ففى سؤاله عن ماذا يقولون فى عيسى عليه السلام أجاب جعفر على النجاشى : نقول : " هو كلمة الله وروحه ألقاها إلى مريم البتول التى لم يمسها بشر ، و لم يفرضها ولد فرفع النجاشى عودًا من الأرض ثم قال يا معشر الحبشة والقسيسين والرهبان و الله مايزيد على الذى نقول فيه ما يسوى هذا فجاءت النتيجة.. مرحبا بكم وبمن جئتم من عنده و شهد شهادة الإسلام .. والطريف فى ذلك أن المسلمين لم يطبقوا البرتوكول الملكى وهو السجود للملك النجاشى فلما سأُل جعفر ـ رضى الله عنه ـ قال بصراحة تامة إنّ لا نسجد إلا لله ـ عز و جل ـ فلا وقوع فى شرك من أى نوع بحجة التقريب المزيفة ؟
الأمر الرائع كذلك تلاوة القرآن وجعله دليل المناظرة وعنصر الحسم فقد قرأ جعفر
ـ رضى الله عنه ـ "سورة كهيعص" أمام النجاشى وحاشيته لبيان موقف الاسلام من قضية عيسى ـ عليه السلام ـ وأمه .
2- وبنفس المنهج يخاطب شيخ الاسلام " سرجون " ـ ملك قبرص ـ ويعلمه أنه من نواب المسيح و سائر الأنبياء فى مناصحة الملك وأصحابه وطلب الخير لهم ، ويستمر ابن تيمية فى بيان الحق وأعلن عقيدة التوحيد فى الإسلام صافية نقية ، ثم يشرع فى الرد وإظهار الشرك فى عقيدة التثليث وإختلاف فرق النصارى فى العقيدة . ثم لا يكتفى بإن يعرض التوحيد منذ آدم إلى محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولا بإختلاف أهل ملة الملك فى عقيدة التثليث ولكنه يرغبه فى الإسلام ..فيقول له ديننا الإسلام زخر متزايد وخير مترافد ويذكره بإسلام أهل الكتاب قديمـًًا وحديثـًا وهجرتهم إلى الله ورسوله . ثم يرهبه ويزجره حالة إستمرار العدوان على المسلمين وإستحلال دمائهم فيقول له : " كيف تستحل سفك دماء ، وسبى الحريم و أخذ الأموال بغير حكم الله ورسوله . ثم أما يعلم الملك أن بديارنا من النصارى ، وأهل الذمة ما لايحصى عددهم إلا الله ومعاملتنا فيهم معرفة ، فيكف يعاملون أسرى المسلمين بهذه المعاملات التى لا يرضى بها ذو مروءة ولا ذو دين ؟ ثم يذكر الملك ويزجره بقوله .أليس الأسرى من رعية الملك أليست عهود المسيح وسائر الأنبياء توصى بالبر والاحسان ، فأين ذلك ؟ ثم إن الكثي منهم أخذوا غدرًا ، والغدر حرام فى جميع الملل والشرائع والسياسات، فيكف تستحلون أن تستولوا على من أخذ غدرًا ؟
ثم يزجره بقوله .. أفتأمنون مع هذا أن يعاملكم المسلمون ببعض هذا وتكونوا مغدورين ؟ والله ناصرهم
ومعينيهم إلى أن يذكره بأن عند المسلمين من الرجال الفداوية من يغتالون الملوك فى فرشها وعلى أفرسها ،
من قد بلغ الملك خبرهم قديما وحديثا ، ومنهم الصالحون الذين لايرد دعواتهم ، ومن تجيب طلباتهم والذين
يغضب الرب لغضبهم ويرضى لرضاهم .
لله در شيخ الإسلام ابن تيمية . دعوته مطابقة تماما لفعل رسولنا ـ صلى الله عليه وسلم ـ وصحابته الكرام فعلى المحاور المسلم أن يدرس هذه النماذج ليستفيد منها فى مناظراته ودعوته
وفى هذه المكاتبة ..بين شيخ الاسلام الموقف العقدى للمسلمين والاسلام من دين النصاى .باسلوب رقيق لامجاملة فيه ولا مداهنة يناسب مقام الدعوة وحال المدعو ومقامه..فتارة يخاطبه مثلا بقوله : الىسرجون عظيم اهل ملته . ثم يذكر له انه بلغه انه محب للعلم والفضل فتخذا شيخ الاسلام هذه الحضال مدخلا للدعوة اليه والى قومه فى الدخول فى الاسلام من باب حب الخير لهم ، فيقول شيخ الاسلام له .. ولما كان امر الدنيا خسيا ، و رأيت ان اعظم ما يهدى لعظيم قومه المفاتحة فى العلم بالمذاكرة فيما يقرب الى الله ..الى ان يقول له : فان امة محمد صلى الله عليه وسلم خير امة اخرجت للناس يريدون للخلق خير الدينا والاخرة ،يامرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويدعونهم الى الله ويعنيونهم على مصالح دينهم ودنياهم "
3- العلامة " رحمة الله " الهندى ـ صاحب كتاب اظهار الحق ـ من النماذج فى عصرنا الحديث :
ففى فترة إحتلال بريطانيا للهند ركزوا على تنصير المسلمين وتركوا الوثنيين وعباد البقر ولم يهتموا بتنصيرهم إلا قليلا مما دفع الشيخ " رحمةالله" لمناظرة أكبر المنصرين وقتها فى الهند ..وهو القس " فندر " والدرس المستفاد هنا أنه حال تعرض المسلمين لحملات التشكيك ، والتنصير لا يجوز بحال السكوت و ترك المسلمين تتقاذفهم الشبهات وأغلبهم لا علم له بحيل المنصريين ولا بأهدافهم فالسكوت عندها يصبح جريمة وهذا ما دفع العالم " رحمةالله " الهندى إلى الآتى : ا- طلب المناظرة مع هذا القس " فندر " وذهابه إليه فى محل إقامته وطلبه المناظرة العلنية ونجد هذا مطابقا لما ذكرناه من أن المسلمين هم الذين يطلبون المناظرة خاصة حال نشاط هؤلاءالمنصرين .
ب-تحديد العالم " رحمةالله " الهندى :
موضوعات المناظرة والتى فيها الحسم التام فى بطلان عقيدة القس " فندر " .. فلم يضع فى موضوعات المناظرة أمورًا هامشية بعيدة عن أصل دينهم .. فكان اختيار موضوع مثل النسخ والتحريف فى ثمانية مواضع وأثبت له أنه وقع فى اكثر من خمسين او ستين موضعا باقرار علماء المسيحيين . وهذا ما ينبغى أن يكون فلا تدع المحاور المسيحى يطرح الشبهات وسط المسلمين وتجمعاتهم ثم يهرب لكن عليك أن تعلن للجمهور الاستعداد للمناظرة والمجادلة على الملا .والرد على الشبهة اثناء المناظرة .
4- نموذج الشيخ أحمد ديدات : وما قام به من مناظرات شهيرةمع سوجارت وشورش وغيرهما ، والذى يعنينا هنا :هو ذكاء الشيخ " ديدات " فى تحديد الموضوعات الحاسمة امام المناظر المسيحى مثل : هل الكتاب المقدس كلمة الله .. ومثل : من د حرج الحجر.
فإذا كان الكتاب المقدس ليس كلمة الله بطل الدين بالكلية ؟ وعندها لامجال فى البحث فى الفرعيات وفى بحثه من دحرج الحجر أثبت أن عيسى ـ عليه السلام ـ المسيح لم يصلب ولم يدخل المقبرة وذلك من خلال نصوص الكتاب المقدس –ثم القرآن الكريم كما أثبت نبوة رسولنا ـ صلى الله عليه وسلم ـ من خلال الكتاب المقدس ، والخلاصة : أنه فى حالة دراسة مثل هذه الحالات وغيرها يكون لدى المحاور المسلم خبرة عملية ونظرية فلا يحدث ما يحدث من أخطاء ومخالفات شرعية و أخطار سياسية .كل هذا يجب أن يتوقف .
هذا ما يجب أن تكون عليه المحاورات والمناظرات وهكذا نقيمها فى ضوء هذه الضوابط وتلك الخبرات التارخية .
لكن ثمة ملاحظة هامة اختم بها وهى أنهم يعملون وفق خطط مرسومة وجهات مركزية وتنظيم هذا كله و الأمر على النقيض من ذلك عندنا من هذا الأمر خاصة بل فى أمور كثيرة فلديهم جهات ـ دعم مالى ،و إعلامى ، وسياسي، وإجتماعى . تتكاتف كلها لتحقيق أهدافهم .أما نحن فنادرًا ما تجد عمل جماعى أو مؤسسى فى هذه نازلة حاولت بيان حقيقتها وكيف نتعامل معه.
الخاتمة
لعلى استطعت ان اوضح المعالم الاساسية لخطورةهذه الدعوةعلى المستويين الشرعى والسياسى المتحالف مع القوى التى تريدان ترسم الخريطة الجديدة للمنطقة الاسلامية.فلن ننهض الابمنهجيةاسلامية خالصةاستوعبت دروس التاريخ وتعى الواقع بكافة ابعاده على حقيقته.
ففى الاعتصام بمنهج الله المخرج لكل الازمات التى نعيشها’والعجيب ان واضعوا الخطط يدركون اكثرممايدر ك الداعون للعلمانية او الديمقراطيةاو البيرالييةان الاسلام يملك منهجامستقلا فيه كافة الحلول لازمات الانسانيةالكنه العداءللا سلام ومنهجه ا لم يقولواما دمنانحمل اسم او صفة مسلم فلن يحول هذادو ن العداء والصراع معناحتى ولو اصبحنا ليبراليين فقط للا ننامسلمين هذا نص كلامهم. الم يقل نصارى المهجر ام ان تكون مصرى واما ان تكون مسلماولا يصح ان نجمع
الاثنين معا .اننا لانكره احد على الاسلام ولانقبل ان يكرهنا احدعلى الكفر تحت اى مسمى من المسميات او يقربنامنه. فلكلمة السواء هى الدعوة الى الاسلام وتعاليمه لاالى غيره من ملل ومذاهب جلبت على المسلمين الكوارث.فعقيدتتنا هى الصخرةالتى تتحطم عليهاكافة المؤمرات
لهذا كانت دعوة التقريب والحوارمحاولةللنيل من هذهالصخرةفنصبح دون طوق نجاة. والله غا لب على امره ولكن اكثر الناس لا يعلمون. لقد استفادة كثيرا من الدكتور " أحمد عبد الرحمن القاضى " فى رسالته للدكتورة " دعوة التقريب بين الأديان ، و طبعتها دار الجوزى فى أربعة أجزاء ، فله خالص التقدير.

والله أسأل السداد والتوفيق
المصدر: http://www.tanseerel.com/main/articles.aspx?article_no=10397

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك