تَميزت المدرسة الإصلاحية الحديثة في البلاد العربية بما قدمته من معالجة تجلّت في فكرها السياسي والاجتماعي، وهي التي صيغت في سؤال: لماذا تأخر المسلمون وتقدّم غيرهم؟ ضمن هذه المعالجة قدم الطهطاوي أطروحة "المنافع العمومية"؛ بينما ركز خير الدين على أطروحة "التنظيمات"؛ وكانا في ذلك بمعية عموم الإصلاحيين يعملون على ضرورة الفصل نظريا وعمليا بين الثقافة الغربية ومبتكراتها التقنية من جهة، وبين السياسات الغربية التوسعية تجاه العالم الإسلامي من جهة ثانية.
لكن الجانب المغمور والذي تميزت به هذه المدرسة هو مبادرتها الرائدة في إصلاح الفكر الديني. أبرز من جسّد هذا التوجه هو الأستاذ الإمام محمد عبده (1849- 1905) الذي كان يرى أن الإصلاح ينبغي أن يعتني بالفكر الديني أساسا لذلك عرّفه بقوله: "هو تحرير الفكر من قيد التقليد، وفهم الدين على طريقة سلف هذه الأمة قبل ظهور الخلاف، والرجوع في كسب معارفه إلى ينابيعها الأولى، واعتباره ضمن موازين العقل البشري التي وضعها الله لتردَّ من شططه، وتقلل من خلطه وخبطه؛ لتتم كلمة الله في حفظ نظام العالم الإنساني"(1). من ثم فلم يُولِ محمد عبده الإصلاحَ السياسي والاجتماعي الاهتمام الذي أولاه لإصلاح الفكر الديني ومؤسساته التعليمية ومنظومته القيمية والتربوية. لقد كان يرى أن بلوغ ندّيّة حضارية مع الغرب ومواجهة سياساته المعادية للمسلمين تقتضي ابتداءً إعادة بناء الذات عبر مراجعات نقدية للتراث وقراءات تجديدية لقضايا فكره الديني ومناهجه التعليمية.
مثل هذا المشغل لم يكن قدرا مشتركا بين صاحب المنار وبين عموم الإصلاحيين ناهيك أن أستاذه السيد جمال الدين الأفغاني كان لا يخفي تبرمّه من التمحض لهذا التوجه. لذلك كان يكاتب الشيخ بما يشبه التقريع ليطالبه بالاعتناء بالتوجيه السياسي الاجتماعي وما يلزم ذلك من إيقاظ الهمم، وإلهاب المشاعر قصد إزاحة أنظمة الحكم المستبدة(2).
مع ذلك فقد واصل الشيخ في منهجه النقدي مركزا بالخصوص اهتمامه على تفسير القرآن الكريم رافضا ما كان سائدا لدى عموم المفسرين من النظر إلى التفسير على أنه(3): "عبارة عن الاطلاع على ما قاله بعض العلماء في كتب التفسير على ما في كلامهم من اختلاف يتنزّه عنه القرآن القائل: ﴿وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا﴾(4).
كان صاحب المنار بذلك يقف بوعي على مشارف تحوّل مفصلي متمثل أولا في أن منطلق الإصلاح يكون من الذات، وأنه يتحدد ثانيا بإعادة بناء المعرفة الدينية، وأنه يكون ثالثا بمراجعة منهج التعاطي مع النص القرآني، وأنه ختاما يقتضي مراجعة دقيقة للمفاهيم المفاتيح في الخطاب القرآني. ذلك كان جوهر المقاربة الإصلاحية الحديثة في مستوى فكرها الديني: إرساء بناء فكري مختلف عما ظلّت المدرسة التراثية تعتمده باستمرار دون أن يعني ذلك تنكرا للعدّة المعرفية التي اعتمدها القدماء ولبعض أساليبهم في شرح النص المؤسس.
معنى هذا أن عمل الشيخ عبده في خصوص قراءته الإصلاحية المتعاملة مع النص القرآني كان في حقيقته عتبة تدشينية، إن لم تبلغ طور التجاوز للمناهج الموروثة؛ فإنها وضعت أول معْلم من معالم القراءات التجديدية التي ستظهر طوال القرن المنصرم. في هذا يقول محمد عبده: "التكلّم في تفسير القرآن ليس بالأمر السهل، وربما كان من أصعب الأمور... وأهم وجوه الصعوبة أن القرآن كلام سماوي تنزل من حضرة الربوبية التي لا يُكتنَه كُنهُها على قلب أكمل الأنبياء". يضيف بعد ذلك: "إن الله تعالى لا يسألنا يوم القيامة عن أقوال الناس وما فهموه؛ وإنما يسألنا عن كتابه الذي أنزله لإرشادنا وهدايتنا"(5).
هكذا صيغت دعوة التحرّر من عبء المدونة التفسيرية التي عدّها رائد الإصلاح الديني أخرجت الكثيرين عن المقصود من الكتاب الإلهي.
القرآن كتاب هداية
مواجهة لهذا الانحراف قام الشيخ عبده بتركيز مقولة: "القرآن كتاب هداية"(6)، وهي التي كان قد صاغها أستاذه السيد جمال الدين في عبارة توجيهية عامة حين كان يقول: إن "القرآن وحده سبب الهداية والعمدة في الدعاية، أمّا ما تراكم عليه وتجمّع حوله من آراء الرجال واستنباطهم ونظريّاتهم فينبغي ألا نعوّل عليه"(7).
لكن ما ميّز مقولة "القرآن كتاب هداية" يظهر فيما اهتم به محمّد عبده علميا وفكريا؛ إذ جعل من تلك المقولة افتتاحا لتوجه منهجي جديد للعلاقة بالنصّ القرآني وبقضاياه ومفاهيمه. هو توجّه يحدّد للتفسير هدفا مغايرا لما استقر عليه المفسرون التقليديون، إنه: "ذهاب المفسّر إلى فهم المراد من القول وحكمة التشريع في العقائد والأحكام على وجه يجذب الأرواح ويسوقها إلى العمل والهداية المودعة في الكلام"(8). الغرض الجديد للتفسير في نظر صاحب "المنار" هو التوصّل إلى الاهتداء بالقرآن بما يجعل وظيفة النصّ القرآني محددة في إصلاح المجتمع وتغيير مضمونه ووجهته عبر مسلك ومنهج مخصوص.
ما تركزه مقولة: "القرآن كتابَ هداية"، في المقام الأول، هو قطع مع الرؤية المثالية التي تتصوّر أن حقيقة القرآن تقع خارج التاريخ وبمعزل عن العالَم والإنسان بما يشتمل عليه مفهوم "الهداية" من معاني الإصلاح والتغيير والكدح والتصويب. هي مقولة توسع من الدائرة المرجعية التي ينبغي أن يعتمدها المفسّر في فهم النص وفي تعاطيه مع مفاهيمه المفتاحية وفيما ترسيه تلك المفاهيم من حقول دلالية متضافرة للتعاطي مع خطابه الجامع سعيا لفهم الحقيقة المودعة فيه.
تواصلا مع هذا التحوّل المفصليّ الداعي إلى تجاوز المعرفة الدينية اللاتاريخية في التفسير وسعيا للوقوف على قضايا الخطاب القرآني ومنهجه تُطرَح جملة من الأسئلة عن قضايا "التغيير" في الخطاب القرآني باعتماد منهج تفسيري قادر على إدراك أفضل لـ"مقاصد الشارع" التي لا تنفصل عن مشاغل الإنسان وآفاقه وإمكاناته.
أول مستلزمات الوقوف على قضايا "التغيير" نتوصل إليه من خلال مفهوم "الهداية" ذاته الذي يمثل عنصرا من عناصر الركيزة الصلبة التي تتحرك عليها تلك القضايا في الخطاب القرآني. ما يشدد ذلك الخطاب على تأكيده في هذا الشأن هو أن الهداية عنصر أساس للتغيير المنشود شريطة ألا تعّد حُظوَة وتفضيلا إلهيًّا عشوائيا يختص بِه مَن يشاء من عبادِه دونما سنّة ناظِمة أو نامُوسٍ حاكِم. ما يفيده الخطاب القرآني في هذا الخصوص باعتبار ما يعنيه "الخطاب"(9) من فكر متجسّد في كامل مفاصل النص هو أن الهداية لا يمكن أن تحصرها دلالة التلقّي الضيقة بقدر ما ينبغي أن تكون مطبوعة بحس إنساني للتواصل والفاعلية. المهتدي -بناء على ذلك- هو الذي يسلك في سيره قاصدا هدفا واضحا متخذا في ذلك سبيلا بيّنةً لديه لها علامات جليّة، عند ذاك سيتوفّر لطالب الهداية عونٌ على سلوك طريقه ليصل إلى الهدف بسلام.
مع هذه الدلالة التواصلية والإرادية للهداية التي تستدعي من الإنسان الكدح والوعي نقف على مَعْلَم أول من معالم "التغيير" كما يرسيه القرآن الكريم وكما جَلَّتْه آية ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ﴾(10)، ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا﴾.
عن هذا المعلم الأول تحدثت أكثر من آية من القرآن المجيد. ذلك ما نجده واضحا في قوله تعالى: ﴿أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ. أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ﴾(11)، وكذلك في قوله: ﴿وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ﴾(12)، وهي كذلك في قوله: ﴿قُلْ فَلِلّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاء لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ﴾(13).
من هذه الأمثلة ومن غيرها الكثيرة(14) التي تتجاوز المئات في كامل النص القرآني يتبين أن "الهداية" مسلك من مسالك "التغيير" القرآني، وأنها بذلك تقتضي تربية على الإرادة والاختيار. ما يفيده النسق القرآني بهذا الخصوص هو أن لهذا المسلك ثلاثة موجهات كبرى تحدد طبيعته وسبيل فعله في مجال "التغيير" وهي أن:
1- الهداية ظاهرة عامة في الوجود، فهي لا تقتصر على جانب من جوانب الحياة إذ النبات والحيوان وسائر الكائنات مشمولة بها تستلهم منها سر وجودها وفْقَ هدى غَريزي تَكويني (15).
2- تشمل هذه الظاهرة الإنسان لكن بخصوصية تراعي مكانته في سلّم الكائنات، والغاية المميزة من خلقه ووجوده، بما يجعلها تكليفية تحقيقا لمبدأ استخلافه وتجسيدا لمعنى مسؤوليته ومساءلته(16).
3- من وجهَيْ الهداية التكويني والتكليفي يتولد مبدأ "التكافؤ الإنساني" الذي يساوي بين الناس والأمم السابقة واللاحقة في استحقاق هذه الهداية سعيا لتعين قيم الحرية والفاعلية والإبداع التي لا يتحقق إعمار الأرض إلا بها(17).
نخلص من هذا أن "الهداية" في الخطاب -القرآني بما تقتضيه من حرص ومكابدة إنسانية موصولة(18) على المستوى الفردي والجماعي- تمثّل القضية الأولى المفضية إلى "التغيير"، وأنها تتضافر في ذلك مع أربعة مفاهيم رئيسة أخرى تحدد حقيقة هذا "التغيير"، وإمكان تحققه، والطرق الموصلة إلى ذلك، والأولويات التي ينبغي أن تراعى فيه.
الإنسان المهتدي في موكب العالَم
كانت مقولة "القرآن كتاب هداية" عنوانا دالاّ ومدخلا لتوجّه جديد يفتح الباب على تحوّل مفصلي حامل لخطاب تغيير نوعي هدفه الْمُعلَن ولادة "إنسان جديد"، إنسان مستحق للهداية بما يعبر عنه من إرادة ويتوصل إليه من وعي وفاعلية. تلك هي القضية الثانية التي لا يتأتى "التغيير" القرآني إلا بها.
لِمزيد تحديد هذه القضية يعرض لنا الخطاب القرآني الخصائص الكبرى لهذا "الإنسان الجديد" فيقدمه على أنه:
· كائنٌ متميز في سُـلّم الموجودات بالإرادة وبإمكان الوعي بمسؤوليته في عالَم هو موضوع المعرفة وأحد مصادرها(19).
· كاشفٌ لذاته، يرتقي بها بصفتها مجالا أعمق من نفسّية الفرد العادية معتمدا في ذلك على تجربة حيوية تنطلق من توقه إلى ذات الحقّ العليا(20).
· بانٍ لتجارب واقعيّة تتمثّل مقاصد الخطاب القرآنيّ بما يجعل إنسانيته في سيرورة مبدعة ومتفاعلة مع أعمق رغبات العالَم المحيط به.
• بعبارة واحدة: الإنسان القرآني الفاعل للتغيير كائنٌ متجدد باستمرار في رؤيته لذاته ولمن يختلف معه وللكون اللامتناهي والمتغيّر هو أيضا.
على هذا فإن "التغيير" في الخطاب القرآني يرتبط عضويا بالخاصية الدلالية لمفهوم "الإنسان الجديد" من جهة، وما تستدعيه خاصيته تلك من رؤية جديدة للعالَم الممتد والمحيط به.
مقتضى هذا الترابط منهجيا هو تحوّل "العالَم" في الخطاب القرآني إلى قضية ثالثة من قضايا التغيير؛ إذ أنه يَمْثُل أمامنا في موكب متحرك بما يشتمل عليه من طاقة إيجابية حافزة على الفعل وقابلة للتغيير.
تأكيدا لهذه الرؤية الجديدة فإن القرآن الكريم يبدأ بنزع كل قداسة عن العالَم جاعلا منه بكافة مكوناته مجالا ممتدا ومُسَخَّرا بنواميس لا جنوح عنها ومنضبطة بأنساق تكوينية بيّنة (21). إضافة إلى هذا فإن الآياتُ القرآنية العديدة تؤكد أن الكون في زيادة مطّردة بما يدحض الرؤية القارّة والثبوتية، وبما يعزّز رؤيةً مغايرة تقوم على خَـلْقٍ للعالَم لا يتوقف، ومسيرة منفتحة لا تفتأ تنمو وتزيد(22).
أهم ما ينجم عن هذين العنصرين أمران:
الأول: إمكانية إقامة علائق موضوعية بين "الإنسان الجديد" والعالَم المسخر والمتسع، وهي العلائق التي تسمح بميلاد معرفة جديدة في عالَم يصبح موضوعا للبحث ومجالا للفعل والتغيير.
من جهة ثانية تتضح غائية العالَم وصيرورته في ضوء المكانة المتميزة للإنسان الجديد والآفاق المنفتحة أمامه ضمن نموّ العالَم المنضبط والمتحرك والقابل للتغيير والحفيّ به.
من ثم جاز القول: إن "التغيير" القرآني متعيّن في إحكام الصلة بين السيادة الاستخلافية للإنسان وبين عالَمٍ لا يحمل قداسة ذاتية؛ لكنه يظل منضبطا ومتحركا بصورة متواصلة راسما بذلك الغاية من هذا الموكب الحافل الذي يلتحم فيه الجِرْم الصغير في حراكه ضمن العالَم الممتد(23).
في هذا نقرأ قوله تعالى: ﴿يا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ "(24) فندرك أن طبيعة هذا الحراك في عالَم الدنيا إنما هي توليدية، عنها تتحقق السيادة الاستخلافية التي يَضْحى بها الإنسان الجديد مركز تفاعلات عالَمٍ هو سبيله لتجسيد إنسانيته. على ذلك فالهويّة القرآنية للإنسان تجعله كائنا تاريخيّا يفهم نفسه ليس من خلال التأمّل العقليّ؛ بل من خلال التجارب المتجدّدة والموضوعيّة للحياة التي يكتسبها، ومن خلال الغائية الكبرى التي توجه تلك التجارب. ذلك هو الكدح الذي يكتشف الإنسان به نفسه فيعي أنه كون صغير أودعت فيه من القوى والطاقات ما يستطيع به التأثير أثناء رحلة العمر داخل العالَم الكبير بنظامه الموزون المؤثِّر فيه والمتأثر به. بذلك يكون مقصود العالَم في الخطاب القرآني هو -بالدرجة الأولى- أنسنة الإنسان وتحرره ليلقى بهما "الحق"؛ منتهى سعيه وغائية كدحه(25).
الخاتمية بوّابة الحرية
إذا كان "التغيير" القرآني متعيّنا في إحكام الصلة بين السيادة الاستخلافية للإنسان وبين عالَمٍ منزوع القداسة مع كونه متأثرا بالذات الإنسانية ومؤثرا فيها؛ فإن القيمة الدالة على علاقة الإنسان بالعالَم والتاريخ في الخطاب القرآني تحدد في "الحريّة". على هذه القيمة تتأسس منزلة الآدمي الوجودية ويتبيّن أن إرادته ووعيه وفعله لا يمكن أن تكون محدّدة سلفا؛ بل هي في حالة تشكُّل مستمر. بذلك يؤسس الخطاب القرآني للإنسان في المستوى التاريخي حريته باعتبارها قيمةً مركزية لمشروع استخلافه في الأرض(26).
يتأكد هذا المعنى في الآية الكريمة التي تقرن بين حرية الإنسان وما يتصدى له من عوائق يجسّد الشيطان جانبا منها حين يقول: ﴿وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم﴾(27).
السؤال الذي يطرح نفسه عند هذا الحد هو: أيُّ أساس ديني اختاره الخطاب القرآني تتويجا لقضايا "التغيير" التي سبق أن عرضناها بحيث يكون مكمّلا لنسقها التجديدي بصورة جليّة تكشف خصوصية منهجه؟
هذا ما يدفعنا لتناول قضية "ختم النبوة" باعتبارها القضية الرابعة من قضايا التغيير كما يبرزها الخطاب القرآني. في ضوء ما سبق أن سقناه تكون قضية " الخاتمية " العنصر المكمّل للقاعدة المفهومية للبناء المركب الذي يقيمه الخطاب القرآني لتناول إشكالية "التغيير"؛ ذلك أن الدعوة إلى اهتداء الإنسان بصورة تجدّد ذاته وتفعّلها بما يكسبه رؤيةً وعلاقة مميزة بالعالَم؛ بحيث لا يبقى العالَم لمجرد الرؤية أو أنّه يُعـرف بالتصوّر فقط؛ بل يصبح المجالَ الذي يُعرف ويُعاد بالعمل المستمر (28)-هذه الدعوة تستدعي تأسيسا دينيا وفكريا مميزا. ما جاءت قضية " ختم النبوة " لترسيه ليس مجرد " نفي ظهور نبوة أخرى" فقط؛ بل هو التجسيد لمشروع الإنسان الجديد الذي لم يعد بحاجة إلى نبوّة جديدة بعد أن جاء محمّد صلّى عليه وسلم مبشّرا بالإنسان الساعي إلي الحق والكمال، الإنسان الواعي بمسؤوليته والصانع لذاته في عالَم مسخّر له معرفيا وموضوعيا.
لذلك فالقول بأن رسالة محمد -صلَّى الله عليه وسلَّم- هي آخر الرسالات السماوية(29) هو إبرازٌ -من جهة أولى- للخيط الناظم والقيمة المتفق عليها بين جميع الرسالات وهو الارتباط بالمفارق وبالوحي، تلك الطاقة الشاملة والمطلقة التي لا تصمت ولكنّها لا تكرّر نفسها؛ لأنها التعبير عن الحيّ السميع البصير. من جهة ثانية، هو تصريحُ الرسالة الخاتمة بالمسكوت عنه في موكب الأنبياء السابقين والمجسد للسيرورة التاريخية التي تتمثل طاقةَ الوحي وحضوره الموصول. من ثم فإذا كانت النبوّة الخاتمة تنطوي على مبدإ استحالة بقاء الوجود معتمدا إلى الأبد على مِقوَد يقاد منه؛ فإن ذلك يمكّن مفهوم "استخلاف الإنسان في الأرض" من دلالة واضحة في مداها الإنساني وبعدها القيمي. هو نفي أن يكون نمو الحياة ومصيرها رهين إحلال العقل محلَّ الشعور الديني أو إلغاء للرياضة الروحية وإثبات لرؤية جديدة ومجددة للإنسان والعالَم.
قضية "الخاتمية" على هذا تناهض ما سيتجه إليه الفكر الديني لعدة قرون في حمأة الجدل العقدي والروح الدفاعية عن الإسلام، وما فرضه واقع سياسي وفكري مأزوم من عقلية الإيحاء بامتلاك نهائي للحقيقة واعتقاد أن الخلاص والنجاة حكرٌ على ملّة بعينها لا تتجاوزها لغيرها. ذلك التوجه لم يكن ليفضي في النهاية إلا إلى إفراغ الاستخلاف من كل حسّ تاريخي ومن كل فاعلية تجديدية يحفز عليها الوحي. قراءة قضية "ختم النبوة" وفق مقتضيات إشكالية "التغيير" الذي ركّزه الخطاب القرآني يجعل " الخاتمية " إسهاما في إذكاء قيمة الحرية، وعنصرا فاعلا من عناصر ترسيخ التكامل الذي أقامه الخطاب القرآني بين السيادة الاستخلافية ومقتضيات الاجتماع والتاريخ، وما يتضمنانه من معاني الإرادة والحرية والحراك والتجديد.
إضاءات منهجية:
ما يفيده تمثّل القضايا التغييرية الأربع السابقة في دلالتها المنهجية هو إيصالنا للوقوف على خصوصية المنهج القرآني في التغيير. للتوصل إلى هذا نتساءل: ما الذي يُفضي إليه النظر عندما نتمثّل آية: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا﴾ في ترابطها مع الهوية الاستخلافية للإنسان، في فرديته ومجتمعيته، ومع العالَم المُسخّر بالسنن والمتسع في أبعاده باستمرار؟ ثم إلى ماذا نتوصل عندما نعي ذلك ضمن مبدأ "الخاتمية" بما يعنيه من أن النبوة بلغت قمّة وعيها بإدراكها الحاجة إلى إلغاء النبوّة نفسها؟
عن هذا الترابط المفاهيمي القرآني تتولد ثلاثة مبادئ منهجية هي:
- أن مقولة "القرآن كتاب هداية" تُفضي إلى اعتبار أن كتاب الهداية هو "الكلام المتعالي المنزَّل والحيّ"، وأن المقصد من تنزيله وحياته هو التغيير والإصلاح بالانضواء في المنظومة الحضارية؛ لذلك فـ"كتاب الهداية" ينبغي أن يُقْرَأ ويُفَعَّل على أساس خصوصيته ومراميه، وباعتبار أن التغيير والتطور في حياة البشر والمجتمعات الإنسانية من السنن الكونية المستمرة.
- أن نبوّة محمد -عليه السلام- إيذان بنهاية عصر وبداية عالَم، في تلك النبوة استمرارٌ للعصور القديمة باعتبار مصدر الرسالة وبداية لعالم حديث وُلد معه العقل الإنسانيّ، وظهرت فيه ملَكة النقد والتمحيص والتفكير الفردي والاختيار الشخصي بعد أن كانت الأحكام والاختيارات تعدّ من قبلُ خارج إرادته ودون اعتبار لأساليب عمله.
- أن جماع ذلك بشارةٌ بالإنسان السّاعي إلى الكمال سعيا يجعله لا يخشى من التاريخ، مجالِ صنعه لذاته واتساع معرفته وتعلّمه من العالَم الخارجي وارتقائه برياضته الدّينية المتمثلة لنبوّة محمد -عليه الصلاة والسلام-، التي تعينت في "العروج" الذي استتبع حضورا في الواقع الموضوعي الدنيوي وضمن شروط التاريخ.
هذه المبادئ بما تشتمل عليه من دلالة معرفية وأدوات مفهومية قادرة على أن تتيح التقعيد للمنهج القرآني في "التغيير".
هو منهج رافض للحتمية والجبرية العامة المتحكمة في الإنسان والتاريخ ومقرٌّ بتطوّر مفهوم الذات القابلة لأن تصبح قوّة حرة أمامها غايات ومطالب مختلفة وجديدة. مؤدى هذا أن المنهج القرآني لا يستقيم معه "التغيير" إلا عندما يكون منهجه "غائيا انتقائيا"؛ لأن الحراك الدائم والمتدرج للعالَم والإقرار في الوقت ذاته بأن التاريخ وحركة الكون يوفّران موازين وتقديرات مختلفة للأمور، مثل ذلك يؤدي إلى أن تكون حركة الزمان قابلة للتغيير؛ أي لتحقيق تلك الممكنات الجائزة.
لهذا فـ"التغيير" لا مسوّغ له إن كان المنهج آليا جبريا لا مجال لحرية الإنسان فيه كما لا معنى للقدرة والإرادة الإلهية ذاتها في مجرياته. ضرورة "التغيير" وموضوعيته تتعيّنان حين يكون المنهج المعتمد غائيا وانتقائيا؛ لأن ذلك يوفر توازنا تركيبيا بين حركة الكون في الزمان من جهة وبين الترابط بين مراحل الحياة من جهة ثانية مع التغييرات المتاحة في التقدير الإنساني للأشياء وللمواقف من جهة ثالثة.
إلى جانب هذا فإن ما يجعل منهج "التغيير" كما وضّحته قضاياه الأربع السابقة ذا سمة مميزة هو أنه -إضافة إلى سمتي الغائية والانتقائية- منهج اشتمالي لا يقبل الحديّة التي ينتجها فكر القطع. هو منهج يعلن بوضوح عن نهاية الثنائيات المتناقضة: التعالي ضد القرب (والعكس)؛ الفردية ضد الجماعة(والعكس)؛ الخصوصية ضد العالمية (والعكس)، التراث ضد التجديد (والعكس)؛ لكونه يقرّ بإمكان "التقاء" هذه النقائض من أجل تحقيق حاضر جديد مع قدر من الاحتفاظ بالماضي والإضافة إليه.
اشتمالية هذا المنهج في بنائيته التي تتمثّل ما حققه الخطاب القرآني حين انطلق من خصوصية الأميين التي أوردتها سورة "الجمعة"(30) إلى العالمية المنصوص عليها في سورة "الصف"(31)، وسورة "الفتح"(32). بهذا الطابع الاشتمالي يكون المتعالي المنزه "قريبا" من العبد(33)، وبنفس هذا الطابع يصبح تغيير الفرد نفسه هو المدخل إلى تغيير المجتمع(34).
باشتمالية منهج التغيير القرآني تتأكد الحاجة إلى الوسائل المقويّة للإرادة وتعزيز مقتضيات تقدير الذات والثقة بالنفس وتأسيس دعائم الحرية والعدالة والإبداع دون أن ينفي ذلك ضرورة احترام الحياة وتعزيز الكرامة الإنسانية بشكل لا يهمل التحولات الكيفية التي يقتضيها تطوّر بنية المجتمع ومستلزمات الوعي الجديد وشروطه.
التغيير واستمرارية الأمة
نخلص من هذا كله أن مقولة " القرآن كتاب هداية " كانت في جوهرها ومآلها تأسيسا لمبدأ "التغيير" بدلالة متميزة في واقعيتها وغائيتها وإنسانيتها.
هو "تغيير" يبدأ برفض للخطاب الذي يلقي على الآخرين تَـبِعات الضعف والهوان والتخلف مستعيضا عن ذلك بالوعي بأن التغيير القرآني يقوم على فهم لقول الله تعالى: ﴿إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾(35) فيما يؤكده من مناهضته للنزوع إلى الفردية.
في ذات الوقت فإن الخطاب القرآني -في حرصه على إنشاء وعي جديد متجاوز للثنائيات ومتعاطٍ مع الظواهر وفق مبدأ الوحدة وقانون الصيرورة- لا يمكن أن يتخلّى عن أساس التغيير الفرديّ في فكره وواقعه وتصوّره والذي لا يمكن أن يكون إلاّ متدرجا.
لكن أهم ما يميّز هذا المنهج التغييري للقرآن الكريم هو أنه في رفضه للنزوع الفردي يبني منظومته التغييرية على أساس الاهتمام بالفرد وتقوية الذات لكونها تبقى القوة الفعّالة التي تحول دون انحلال الجماعة. وذلك أخص ما ينبغي أن يركّز عند معالجة إشكالية "التغيير" بحيث يتعيّن تحقق غائيتها باستجابتها المعرفية والاجتماعية لمتطلبات استمرارية الأمة وباستعادة هذه الأخيرة مكانتها الحضارية وفاعليتها بين سائر الأمم.
***************
الهوامش:
1) محمد عمارة، تجديد الفكر الإسلامي عند محمد عبده ومدرسته، القاهرة، 1980.
2) يقول الأفغاني لتلميذه الشيخ عبده في إحدى مراسلاته: "كن فيلسوفا يرى العالم ألعوبة، ولا تكن صبيا هلوعا". انظر: محمد البهي: الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالغرب، ص121.
3) الأعمال الكاملة الجزء الرابع، ص16.
4) سورة النساء: 4/82.
5) تفسير المنار، ج1، ص18، 24.
6) م. س.
7) محمد المخزومي، خاطرات جمال الدين الأفغاني، ط. بيروت، 1931، ص99.
8) انظر: دراستنا عن الإنسان والقرآن وجه لوجه، دار الفكر، دمشق، 2000.
9) المقصود بالخطاب معناه: الحديث الذي يعني المقولَ الجامع الذي يحمل وجهة النظر المصاغة في تعبير استدلالي باستعمال مفردات وتراكيب ومفاهيم لإثبات علاقات خاصة. هو بذلك نسيج أكثر ثراء باعتبار أن المعنى في الخطاب ليس متناظرا مع المفردات بل هو بناء قائم على مختلف مواد النص حين تفهم في تكاملها وبعد قراءة تركيبية فيها تقديم وتأخير وإبراز وإخفاء.
10) سورة الرعد: 13/11.
11) سورة الزمر: 39/57.
12) السجدة: 32/13.
13) سورة الأنعام: 6/149. وارجع أيضا إلى سورة النحل: 16/9.
14) مثل قوله تعالى: ﴿هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئاً مَّذْكُوراً. إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً. إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً﴾ سورة الإنسان: 76/1-3. أو قوله: ﴿أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ. وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ. وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ﴾ سورة البلد: 90/8-9-10.
15) انظر مثلا: قوله تعالى: ﴿قَالَ فَمَن رَّبُّكُمَا يَا مُوسَى. قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى﴾ سورة طه: 20/49-50. وقوله: و﴿الَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى﴾ سورة الأعلى: 87/3.
16) كقوله تعالى: ﴿اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا﴾ سورة الإسراء: 17/14.
17) لم تُستثن من الهداية أمة من الأمم تعبيرا عن العدل الشامل وفي ذلك يقول تعالى فيمن سبق من الأمم: ﴿نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ. مِن قَبْلُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَأَنزَلَ الْفُرْقَانَ﴾ سورة آل عمران: 3/3- 4، كما قال فيما سيأتي من الزمان: ﴿وإنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم﴾ سورة محمد: 47/38. ويقول أيضا: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ﴾ سورة المؤمنون: 23/49.
18) مثل قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾ سورة العنكبوت: 29/69، وقوله: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً. وَإِذاً لَّآتَيْنَاهُم مِّن لَّدُنَّـا أَجْراً عَظِيماً. وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً﴾ سورة النساء: 4/66- 68، وقوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ﴾ سورة محمد: 47/25.
19) انظر مثلا قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُون﴾ سورة البقرة: 2/30.
20) انظر مثلا قوله تعالى: ﴿بَلِ الْأِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ. وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ﴾ سورة القيامة: 75/14-15.
21) في قوله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ﴾ سورة الرعد: 13/15.
22) انظر مثلا: قوله تعالى: ﴿يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ سورة فاطر: 35/1، وقوله: ﴿وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ سورة النحل: 16/8، وقوله: ﴿يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ﴾ سورة الرحمن: 55/29.
23) إشارة إلى قول الشاعر:
أتـزعـم أنـك جـرم صغـيـر ... و فيـك انطوى العـالـم الأكـبر
وأنـت الكتـاب المبيـن الـذي ... بـأحـرفـه يظهـر الـمضمـر
24) سورة الانشقاق: 84/6.
25) عبد الوهاب بوحديبة، الإنسان في الإسلام، دار الجنوب للنشر، تونس، 2007، ص14.
26) راجع: قراءة محمد إقبال لقصة "نزول" آدم الواردة في القرآن الكريم؛ حيث يرى أنها تعبّر عن أحد أبرز محددات إنسانية الإنسان، وهي الحرية التي انتقل من أجلها بذاتيته في نموّها من حالة بدائية إلى مرحلة أكثر تطوّرا، تجديد الفكر الديني، ص100 و101. وانظر دراستنا المذكورة عن "الإنسان والزمان في منظومة محمد إقبال التجديدية".
27) سورة إبراهيم: 14/22.
28) تجديد الفكر الديني، ص226.
29) في قوله تعالى: ﴿مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا﴾ سورة الأحزاب: 33/40، وقوله: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا﴾ سورة الفرقان: 25/1.
30) في قوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾ سورة الجمعة: 62/2.
31) في قوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾ سورة الصف: 61/9.
32) في قوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا﴾ سورة الفتح: 48/28.
33) كقوله تعالى: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ﴾ سورة البقرة: 2/186.
34) في قوله تعالى: ﴿رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَتِنَا أُمّةً مسْلِمَةً لكَ﴾ سورة البقرة: 2/128.
35) سورة الرعد: 13/11.
|