فوضى الألقاب!

منصور الضبعان

 

(1)

العرب أهل مبالغة!، يحبون بتطرف، ويكرهون بتطرف!، ويصفون بتهويل!

ضاق بهم علي بن أبي طالب -رضي الله عنه وأرضاه- ذرعا فقال: "أحبب حبيبك هوناً ما، عسى أن يكون بغيضك يوماً ما، وأبغض بغيضك هونا ما، عسى أن يكون حبيبك يوماً ما"..

وهم أهل توزيع ألقاب "بالمجان"، ألقاب تفتقد -غالبا- للشروط والمعايير والمقاييس والمواصفات!، لأن منبعها القلب!

(2)

"اللقب" لايُخلع على أحد عبثاً!، إما تكريما، أو تعريفا، أو تحقيرا!

يجب أن يكون متسقا مع الشخصية ومكانتها وجهدها وينم عن بلاغة وذكاء ودقة، فـ"عميد الكتّاب" و"الشيخ" و"الإعلامي" و"الأسطورة" وكل ماهو نحو ذلك هو من مبالغات "العامة"، التي تدل على أن العوام لايملكون آلية منح اللقب المناسب للرجل المناسب، لأن عاطفتهم تقودهم!، فيخلع أحدهم على نفسه اللقب، أو يفعل ذلك محبوه، بينما هو لايملك شيئا!، فيصبح كالطفل الذي ينتعل حذاء أبيه.. يتعثر!

(3)

يقول ميكيافيلي:"ليست الألقاب هي التي تشرّف الرجال، بل الرجال هم الذين يشرّفون الألقاب"..

اللقب وصف يأتي بعد سيرة ذاتية ومسيرة طويلة من العمل والتفرد والمؤهلات والأرقام والتفاني والخدمة الخالصة، تترك له إرثا فخما وبصمة في هذه الحياة..

ولايمنح اللقب -رغم عدم أهميته- إلا ذوو خبرة واتزان وعدل وعقل..

وقد رأيت شخصا يتحدث عن شأن اجتماعي، ثم شأن ثقافي، ثم أزمة إعلامية.. وهو لايملك شيئا، ولم يقل شيئا ذا فائدة ترجى!، وقد وضعوا تحت اسمه على الشاشة لقبا لايملك مؤهلاته!

(4)

يبرع الشعب العراقي في خلع "اللقب الدقيق" المناسب للشخصية، أو يكون بعكسها تماما كنوع من السخرية، ففي كتاب "الحلة" لنوفل الجنابي ذكر أن أهل "الحلة" أطلقوا لقب "السريع" على أحد الطلاب الذي قضى ردحا من الزمن في الإعدادية!، وكذلك أطلقوا لقب "لندن" على شخص طويل.. كانوا يطلبون منه أن يذهب إلى الراديو في المقهى رأس كل ساعة ليرفع الصوت على إذاعة لندن، ثم يخفضه نهاية الأخبار!

http://www.alriyadh.com/1582467

 

أنواع أخرى: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك