ظاهرة الإرهاب: المؤشرات والاتجاهات المستقبلية في ظل العولمة
أتوقع أن يبقى خطر الإرهاب العالمي التحدي السياسي - الاجتماعي الأول للدول والمجتمعات خلال العقد القادم.
ورغم الاتجاهات الحديثة لتقدم ونجاح الأحزاب السياسات الشعبّوية والقومية - العنصرية وانتشار الإسلاموفوبيا والسياسات الاقتصادية الحمائية، والتوجه نحو الأقلمّة والسياسات الحمائّية، كما يتجلى ذلك في أمريكا وبريطانيا وفي أوروبا الغربية، ستبقى سيرورة العولمة رغم تبطؤها السيرورة التي تحفز الجماعات الإرهابية، وتسهل لها ساحات العمل خاصة آلياتها التكنولوجية.
وفي الوقت الذي سيبقى الشرق الأوسط هو الساحة الأكثر عرضة للإرهاب وانتشار ثقافة التطرف الديني، إلا أن العالم كله سيكون عرضة لهذا الخطر خاصة الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا الغربية وروسيا وجنوب شرق آسيا واليابان.
ولذلك فليس عبثا ً أن يعتبر تحدي الإرهاب والتطرف الديني الإسلاموي التحدي الأول للإدارة الأمريكية؛ فهذا أنتوني كوردسمان (أستاذ كرسي بورك في الاستراتيجية ومكافحة الإرهاب والأمن القومي واستراتيجية وقدرات الدفاع) يؤكد أنه خلال ولاية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأولى في المنصب - ومباشرة بعد بداية رئاسته تقريباً - 2017م سوف تحتاج الولايات المتحدة إلى التعامل مع 12 تحديا رئيسا على الأقل في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وكان على رأس هذه التحديات، الاحتفاظ بعلاقات جيدة عسكرية وفي مجال مكافحة الإرهاب مع حلفائها العرب([1]).
ولقد أثبت في دراسة أكاديمية كمية قمت بها في العقد الماضي (1986-2006) ونشرتها عام 2011م ثم في الطبعة الثانية 2015م في كتابي الموسوم (العولمة والإرهاب: عالم مسطح أم أودية عميقة؟) أن هناك علاقة طردية - إيجابية وأثرا متبادلا بين العولمة والإرهاب، بمعنى أن الزيادة في ظاهرة العولمة تؤدي إلى الزيادة في ظاهرة الإرهاب، كذلك النقصان في ظاهرة العولمة يؤدي إلى النقصان في ظاهرة الإرهاب، ولكن ليس بالضرورة بالمقدار نفسه.
وعززتُ من خلال التحليل الإحصائي باستخدام "معامل الارتباط بيرسون" والدراسات المستقبلية من خلال استخدام المصفوفة التأشيرية هذه النتيجة الصاعقة الخطيرة، وأثبت وجود ارتباط قويّ بين المؤشّر العامّ للإرهاب والمؤشر العام للإرهاب، وأن اتجاه العلاقة بين المتغيرين هو اتجاه طرديّ – إيجابيّ، وأن حجم هذه العلاقة بلغ (67%)، مما يعني أن هناك علاقة وارتباطاً قوياً جداً بين الظاهرتين، وأن هناك تعبيراً إحصائياً كميّاً عن درجة العلاقة بين الظاهرتين.
ثم عززت هذا التحليل باستخدام "معامل الانحدار"، الذي بين حجم العلاقة الهيكلية الوظيفة بين الظاهرتين، وأثبت أن هذه العلاقة طردية إيجابية وذات دلالة إحصائية، حيث إنه لو زاد المؤشر العام للعولمة بمقدار وحدة واحدة فقط، فإن مؤشر الإرهاب العامّ سيزيد في المقابل بمقدار (47%) من الوحدة، وهذا يعبر عن قوة هذه العلاقة.
ولعله من المثير للدهشة أن هناك علاقة طردية – إيجابية وأثرا متبادلا بين الإرهاب والعولمة، أيضا، وقد تمّ التوصل إلى هذه النتيجة من خلال استخدام الأدوات نفسها التي استخدمت في التوصل إلى النتيجة الأولى، إذ تبين أن الإرهاب يساهم في زيادة العولمة، لكن بمقدار حجم أقل من تأثير العولمة ومساهمتها بنشر الإرهاب.
وأكدت الدراسة والأبحاث التي قمت بها لاحقا، أنّ مؤشرات العولمة كافة (السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية، التكنولوجية) قد أثرت طردياً على ظاهرة الإرهاب، لكن مؤشر الترابط التكنولوجيّ كان له الدور الحاسم في تسارع الظاهرتين: العولمة والإرهاب.
لقد استطاعت الشبكات والجماعات الإرهابية المتخطية للحدود الوطنية، والشبكات المحلية من استغلال مخرجات التكنولوجيا بفعالية أكثر من الدول، ونجحت في تنفيذ كثير من الأهداف في العالم، والاستمرار بنشر الترويع والخوف من استخدام أسلحة الدمار الشامل، وبخاصة الأسلحة البيولوجية، واستخدام الإرهاب الإلكتروني، أو إرهاب الشبكات.([2])
ولقد أدى التطور في ميكانزمات العولمة التكنولوجية إلى تسارع كبير في التكنولوجيّا من خلال التوسع باستخدام مخرجات التكنولوجيا الحديثة، ورخص كلفة هذه المخرجات وقلتها، الأمر الذي أدّى في المحصلة إلى نوع من فقدان السيطرة عليها، إذ زوّدت الشبكات الإرهابية عبر العالم بأدوات إرهابية لا حصر لها على الإطلاق، حيث أصبحت هذه الشبكات الإرهابية قادرة على ابتزاز الدول الكبرى، وخلقت مأزقاً لهذه الدول في كيفية مكافحة الإرهاب، وكيفية التعاطي مع ميكانزمات العولمة التكنولوجية المتسارعة، الأمر الذي بات يطرح أسئلة كبرى حول مستقبل النظام العالمي، ومفهوم قيم راسخة مثل: الأمن، والحرية والخصوصية، والثقافة والتثاقف أو المثاقفة، ونقل التكنولوجيا في ظل العولمة.
ويمثّل هذا التطور أهمّ "الاتجاهات" المعاصرة والمستقبلية في دراسة الظاهرتين؛ لما يكتنفه من أهمية وخطورة على مستقبل العلاقات الدولية، والعالمية، ذلك أنّ ثورة المعلومات غيّرت "من الأدوار التي كانت تلعبها مختلف الأطراف الفاعلة (Actors) في العلاقات الدولية، الأمر الذي أدّى إلى الحصول على نتائج متضاربة، وأثبتت الأحداث حتى الآن، أنها كانت لمصلحة الأطراف الفاعلة من غير الدول وخاصة الشبكات والمنظمات الإرهابية، مثل القاعدة وبوكوحرام وداعش وغيرها من جماعات في العالم.
وللتدليل على ذلك نسوق تحليل البرفسور الأمريكي/ جوناثان أرنسون المتخصّص في العلاقات الدولية والاتصالات تأثيرات العولمة في تحليل لأثر ثورة المعلومات التكنولوجية على الأطراف الفاعلة، حيث أكد في أكثر من دراسة وكتاب أنّ أهمّ العوامل المؤثرة على الدول (كطرف فاعل) وصناع القرار هي([3]):
أ- أن الشبكات العالمية للمعلومات عملت على تفتيت (Erode) منظومة احتكار المعلومات الذي كان بيد الدولة وحكرا عليها.
ب- أن الشبكات العالمية تمنح الشفافية للكل) Transparency TO All)، فلا تستطيع دولة بمفردها أن تتخذ قرارات مهمة دون معرفة بقية الدول وبقية الأطراف أو التنسيق معها.
ت- حجم المعلومات الاستخبارية المتوافرة عند الجهاز الاستخباريّ لدولة ما، وترجمة هذه المعلومات واستخدامها للحصول على القرار السياسيّ الأفضل([4]).
ولقد بات من الجلي للخبراء والمتابعين أن ميكانزمات العولمة المختلفة عملت على توسيع مفهوم الأمن، إذ تؤدي العولمة إلى توسيع دائرة المصالح المترابطة والمشتركة لمختلف الدول، وهو ما يجعل عدد الأهداف قابلة للتعرض للخطر من جانب شبكات الإرهاب، فاتساع قاعدة المصالح الأمريكية والأوروبية في العالم بفعل العولمة جعل منها مساحة هدف أكبر للشبكات الإرهابية، وهو ما يسّر عملها من ناحية، وساعد الدولة في الدفاع عن هذه المساحات من ناحية ثانية، ومن هنا تصبح المعادلة على النحو التالي:
زيادة العولمة-----> زيادة مساحة ميدان الصراع ----> تسهيل العمليات الإرهابية وزيادتها.
ثم أن هناك علاقة طردية بين حماية الأمن والمعلومات والقدرات التكنولوجية وقوة الدولة، لكن المفارقة التي تخلقها سيرورة العولمة، وهي أن الدولة لا تستطيع التحكم في حركة مؤشّرات التكنولوجيا وبخاصة أن الصناعات الدفاعية، ومصانع الأسلحة تدار بوساطة القطاع الخاص، والشركات المتخطية للحدود الوطنية التي تؤدي في النهاية إلى تقليل السيطرة الدولية على هذا الإنتاج. وقد مكنت مؤشرات العولمة التكنولوجية أطرافاً فاعلة من غير الدول وعلى رأسها الجماعات الإرهابية من كسر الاحتكار الذي كانت تمارسه بعض الدول أو الشركات والمصانع على التكنولوجيا المتطورة والفتاكة.
ومنذ العقد الماضي، أكدت خلاصة مجموعة من التقارير البحثية الأكاديمية المقدمة حول موضوع اتجاهات الإرهاب (Trends In Terrorism) المعاصر للكونغرس الأمريكيّ أنّ أهمّ اتجاهات الإرهاب لسنة 2006 كان تحوّل الإرهاب إلى ظاهرة، تحكمها الشبكات بفضل نجاح الإرهابيين باستخدام آليات العولمة التكنولوجية وحركة المعلومات، والأموال والأفكار لمصلحتهم.
وتشير دراسات لمركز دراسات راند (القريب من صناعة القرار في أمريكا) وعدد آخر من الدراسات المستقلة إلى زيادة ونمو خطر مؤشرات العولمة التكنولوجية، وبخاصة استخدام أسلحة الدمار الشامل(WMD) وزيادة في اتجاه العمليات الإرهابية ضد تأثيرات العولمة نفسها (Impact Of Globalization)، لكنّ أخطر هذه الاتجاهات، (من وجهة نظرنا) لأنه الأقرب، والأسهل للتنفيذ، يتمثل فيما باتت تسميه الأبحاث الأمنية - الاستخبارية، والبحثية المتخصصة "بإرهاب الشبكات: (Cyber Terrorism).
ويعرف خبراء في الإرهاب والجريمة الدولية، مثل (جون رولنز، وكلاي ولسون) إرهاب الشبكات بطريقتين:
الأولى: من حيث التأثير (Effects-Based): "ويوجد عندما تؤدي مهاجمة الكمبيوترات إلى نتائج وتأثيرات تكون من التخريب بمكان يكفي لإيجاد حالة من الخوف موازية للفعل التقليديّ للإرهاب، حتى لو قام به مجرمون".
الثانية: من حيث النية أو القصد (Intent-Based)، ويوجد عندما تنفذ هجمات الكمبيوتر غير القانونية أو ذات الأهداف السياسية بهدف تهديد وترويع الحكومة أو المواطنين، لأهداف سياسية، أو التسبب في أذى عظيم، أو أضرار اقتصادية جسيمة".
وحذّرَ (رولنز وولسون) قبل عقد من الزمان (منذ 2007) بأنه إذا استمرت هذه الاتجاهات (Trends) للظاهرة المتمثلة بنمو ديناميكيات العولمة التكنولوجية، "فإن مهاجمة أجهزة الكمبيوتر ستصبح أسرع، وأكثر انتشاراً وأكثر تعقيدا ً"(*([5].
ولعل الأكثر خطورة في الأمر- وهو ما يطرح أسئلة كثيرة وعميقة بحاجة إلى دراسات خاصة- يتعلق بمستقبل هذه الظاهرة، وكيف ستتعامل معها الدول في ظل تزايد نموّ التكنولوجية، وخاصة نموّ استخدامات شبكة الإنترنت التي ظهرت منذ سنة 1968، والتي وصفها (جوناثان أرنسون) بأنها تنمو حسب متوالية هندسية: (Geometrical).
وأرى؛ أنّ هذا النموّ المتسارع لمؤشرات التكنولوجية يطرح أسئلة تقع في صميم سيرورة العولمة نفسها، وذلك حينما نعلم وندرك بأنّ دراسة ظاهرة العولمة بوجود الإرهاب وعلاقاتها بالتكنولوجية أخذت تميل نحو نوع من اللعبة الصفرّية (Zero Sum Game)، بشكل أو بآخر، وبخاصة أن صانع القرار في الدولة في تعامله مع ظاهرة الإرهاب يجد نفسه في كثير من الأحيان ليس في صراع رشيد مع الطرف الآخر، بل في صراع مع منتجات بيئة العولمة المستجدة في ظاهرة الإرهاب.
هذا يعني بأنّ الدول - من خلال استراتيجية الحرب العالمية أو التحالف الدولي على الإرهاب مثلاً - حسب "نظرية اللعب" تخسر كلاعب أمام الطرف الآخر، وهو التنظيمات الإرهابية كلاعب إذا نجح هذا الطرف بدفع وإجبار الدول على:
1- تغيير سلوكها السياسي وذلك من خلال جملة واسعة من الإجراءات والممارسات من أهمها: إصدار القوانين والتشريعات ضد الإرهاب، تشديد الإجراءات الأمنية، واستمرار حالة التأهب والإنذار، وفرض قوانين الطوارئ، والمراقبة والتصنّت على الهواتف والاتصالات، والتصنّت على استخدامات الإنترنت، ومنع توريد أجهزة الاتصالات والكمبيوترات والتكنولوجيا المتطورة إلى الخارج، والتشديد بموضوعات الملكية الفكرية، سواء على المدى القصير أو الطويل.
2- تغير بنية الدول ومؤسساتها السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، واستراتيجياتها العسكرية، والأمنية. وهذا قد يتجلى في علاقات الدول مع بعضها البعض وبناء التحالفات أو الانسحاب منها والتشدد في ملفات الهجرة واللجوء والنظرة إلى الأقليات، وهو ما يعني في المحصلة إلى التسبب في عرقلة سيرورة العولمة بشكل عام.
ويلاحظ بأن هذه الهواجس والمخاوف والفرضيات والمقاربات تعززت حالياً مع وصول دونالد ترامب إلى الرئاسة الأمريكية، حتى وإن كان من السابق لأوانه التأكد من صحة هذه الفرضيات.
- مؤشرات واتجاهات الإرهاب الحالية والمستقبلّية
بهدف إلقاء المزيد من الضوء على مستقبل ظاهرة الإرهاب في ظل حقبة العولمة الحالية، سأعرض هنا لمجموعة من المؤشرات الإحصائية الرقمية المهمة التي قد تدعم مقاربتي أعلاه، ولندع الأرقام تفصح عن وجهها القاسي الكالح الكئيب.
لقد اعتمدت على (مؤشر الإرهاب العالمي Global Terrorism Index) لعام 2016م الذي يصدره (معهد الاقتصاد والسلام / سيدني) للسنة الرابعة على التوالي، وهو أحدث وأشمل مؤشر للإرهاب العالمي، حيث يقيس الإرهاب في 162 دولة في العالم ومنذ عام 2000م حتى نهاية عام 2015م)، وهو يغطي المؤشرات الفرعية التالية([6]):
1- الخسائر في الأرواح.
2- الإصابات / الجرحى.
3- الخسائر في الممتلكات (العامة /الخاصة).
4- الآثار الفسيولوجية التي يخلفها الإرهاب (هذا مؤشر فرعي حديث في مؤشرات الإرهاب الحديثة).
ومن خلال هذا المؤشر، نستطيع ملاحظة النتائج والاتجاهات (trends) الحديثة للإرهاب، التي أعتقد أنها تؤشر على الطابع الخطير (والمتشائم إن جاز لي التعبير) لبنية وسلوك الإرهاب في الحقبة الحالية لسيرورة العولمة، والذي يبدو قد ارتدى حلّة إسلاموية. ولعل أهمها وبشكلٍ مختصر جداً ما يلي:
- هناك تطور كبير وانتشار للإرهاب العالمي وتعقيد في اتجاهاته وأساليبه وديناميكياته، يشهد اتجاها ً تصاعديا في الخسائر والممتلكات والآثار النفسية والفسيولوجية متخذا ًمنذ بداية القرن العشرين صبغة إسلاموية بحتة.
- هناك علاقة وارتباط قوي بين وجود الإرهاب في دولة ما ومستويات الصراعات والعنف السياسي، والشعور بالظلم في تلك الدولة، حيث إن ما نسبته 90% من العمليات الإرهابية في العالم تقع ضمن نطاق الدول التي تعاني من تلك المشاكل.
وهناك علاقة وارتباط قوي في الدول النامية بين: وجود الإرهاب، ومستويات الفساد، والصراعات السياسية، مستويات قبول الآخر، وعدم المساوة بين مكونات المجتمع والجماعات المكونة له.
- سجل العام 2014 م الاتجاه الأسوأ في تاريخ مؤشرات الإرهاب، حيث تعرضت (93) دولة في العالم (أي ما نسبته (57%) من دول العالم) للإرهاب. ويعتبر هذا أعلى معدل للعمليات الإرهابية خلال الـ(16) عاما الماضية، وراح ضحيتها ما مجموعه (32765) شخصاً. وهذا يعني أن أكثر من نصف دول العالم تعرض للإرهاب، ويعني كذلك المدى والنطاق الذي وصل إليه الإرهاب كظاهرة عولمية متخطية للحدود الوطنية.
- بلغ العدد الإجمالي لقتلى العمليات الإرهابية عام 2015 ما مجموعه (29376) شخصاً ومع ذلك فهو يشكل انخفاضا بنسبة 10% عن 2014م، وهو أول انخفاض منذ 2010م، وكان سبب الانخفاض نتيجة عمليات مكافحة الإرهاب ضد داعش في العراق، وبوكوحرام في نيجيريا. لكن هذا لم يمنع - للأسف الشديد - من انتشار خطرهما في العالم ذلك أن إرهاب بوكوحرام توسع وتعولم نطاقه وانتقل إلى دول أخرى مثل: الكاميرون، والنيجر، وتشاد ورفع نسبة قتلى الإرهاب في تلك الدول بشكل صارخ إلى 157%.
أمّا داعش، فقد توسع نطاق إرهابه العالمي وانتشر لينشط في (28) دولة في العالم عام 2015م بعد أن كان ينشط في (13) دولة فقط في العالم عام 2014م، وهو ما يعني مدى تعولم إرهاب تنظيم داعش.
من الاتجاهات المهمة أن "المقاتلين الأجانب" الذين يلتحقون بداعش في سوريا على درجة عالية من التعليم، لكن الأقل دخلا ً، ويلتحقون بها جزئيا بسبب شعورهم بالتهميش وعدم الاندماج في بلدانهم الأصلية.
ومن الاتجاهات المهمة أيضا أن هناك 18 حالة قتل قام نفذها تنظيم داعش ومؤيديه عام 2014 في دول "منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية"، لكن عدد العمليات والقتلى ارتفع بشكل صارخ ليبلغ (313) قتيل من خلال (67) عملية إرهابية خلال عام 2015م.
ويعدّ تنظيم داعش في حقبة العولمة المعاصرة الجماعة الأكثر إرهاباً وتوحشاً في العالم، حيث تجاوز إرهاب بوكوحرام عام 2015، حيث نفذ عمليات إرهابية في (252) مدينة في العالم، وكان مسؤولا ً عن مقتل ما مجموعه (6141) شخص خلال عام 2015م. ويلاحظ أن نصف العمليات التي تنسب إلى (أو لها علاقة) تنظيم داعش نفذت عن طريق أشخاص لم يكن لهم علاقة مباشرة بالتنظيم.
- يلاحظ أن هناك جهدا كبيرا تبذله الحكومات الغربية والعربية والإسلامية للتخفيف من خطر الإرهاب والإشارة الممنهجة (على الأقل في الغرب) من أن الإرهاب نوع من العنف السياسي المركز والمحصور في (5) بؤر، وهي بالمناسبة جميعها إسلامية (العراق، أفغانستان، نيجيريا، باكستان، وسوريا). وأن 72% من إجمالي عدد قتلى الإرهاب عام 2015م هم من هذه الدول. ثم أن هناك (4) جماعات إرهابية وكلها إسلامية، وهي: داعش بوكوحرام، القاعدة، طالبان أفغانستان وباكستان مسؤولة عن ما نسبته (74%) من إجمالي عدد القتلى نتيجة الإرهاب في العالم عام 2015م!!
فماذا يعني هذا؟
هذا يعني ترسيخ وتنميط الصورة المتوحشة للإسلام بشكل عام في العالم، ويضع علامات استفهام وحيرة ولبس حول مفاهيم الرحمة، والسلام والتسامح، والعيش المشترك في الإسلام.
ونظرا ًلأن سيرورة العولمة، تتجلى في تحول عالمنا المعاش إلى رقعة أصغر بفعل ضغطه زمانياً ومكانياً، فقد أدى ذلك إلى تحفيز درجة الوعي بالخلافات والتهديدات السياسية والاجتماعية والثقافية بشكلٍ أوسع وأعمق وأكثر خطورة وتوحشاً، وزاد مستوى التوترات واحتمالات الصدام الثقافي والحضاري.
- ارتفع عدد الدول التي شهدت أكبر عدد من قتلى الإرهاب ارتفاعا من (17) دولة فقط عام 2014م إلى (23) دولة عام 2015م. كما ارتفعت نسبة قتلى الإرهاب في دول "منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية" عام 2015م (التي تتكون من (34) في العالم بين الغنية والفقيرة) إلى نسبة صاعقة، حيث بلغت (577) قتيل معظمها في فرنسا وتركيا، فيما كانت تبلغ (77) قتيل عام 2014. ولقد شهدت (21) دولة من المنظمة عملية إرهابية واحدة على الأقل.
والخطير في الأمر أن نصف عدد قتلى الإرهاب في دول "منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية" عام 2015م والبالغ عددها (577) قتيلاً كان تنظيم داعش مسؤولاً عنها.
- تجذر ظاهرة إرهاب الذئاب المنفردة، بعد أن كانت قبل عقد من الزمان فقط مجرد "اتجاه فرعي" في ظاهرة الإرهاب العالمي بشكل عام، ومن الأدلة على ذلك أنه منذ عام 2006م وحتى 2016م (%98) من قتلى العمليات الإرهابية في الولايات المتحدة الأمريكية نتجت عن عمليات نفذتها الذئاب المنفردة (أو طرف فاعل منفرد) وأدت إلى مقتل (1566) شخصا.
- على الجانب العولمة الاقتصادية، فقد بلغت خسائر الاقتصاد العالمي نتيجة العمليات الإرهابية عام 2015م ما مجموعه (US$89.6 billion.). مع ضرورة الإشارة إلى أن هذا المبلغ على ضخامته لا يشكل إلا ما نسبته (1%) من المجموع الكلي لخسائر الاقتصاد العالمي الناتجة عن العنف بشكل عام، والتي بلغت (trillion $13.6). وعلى سبيل المثال فإن تكلفة الإرهاب على الاقتصاد العراقي بلغت عام 2015م ما نسبته (17%) من الناتج المحلي الإجمالي (GDP).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المراجع:
1- أنتوني كوردسمان (2017) مخاطر رئيسية تواجه الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، صحيفة الغد الأردنية، ترجمة: علاء الدين أبو زينة، 4 كانون الثاني / يناير 2017.
2- الشرفات، سعود، (2011).العولمة والإرهاب: عالم مسطح أم وديان عميقة، دار ورد الأردنية للنشر والتوزيع، عمان الأردن، الطبعة الأولى، ص ص 285-287.
3- J. D. Aronson, (2004) The Causes and Consequences of the Global Communication Revolution in John Baylis and Steve Smith, (eds.) The Globalization of World Politics Third edition (OUP, December 2004), p 621-643
4- John Rollins, Clay Wilson,(2007) Terrorist Capabilities for Cyberattack: Overview and Policy Issues Updated January 22, 2007, CRS Report for Congress Received through the CRS Web Order Code RL33123 http://nsarchive.gwu.edu/NSAEBB/NSAEBB424/docs/Cyber-024.pdf, P 1-3.
5- معهد الاقتصاد والسلام www.economicsandpeace.org
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] أنتوني كوردسمان (2017) مخاطر رئيسة تواجه الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، صحيفة الغد الأردنية، ترجمة: علاء الدين أبو زينة4، كانون الثاني / يناير 2017
[2] الشرفات، سعود، (2011).العولمة والإرهاب: عالم مسطح أم وديان عميقة، دار ورد الأردنية للنشر والتوزيع، عمان الأردن، الطبعة الأولى، ص ص 285-287
[3] J. D. Aronson, The Causes and Consequences of the Global Communication Revolution in John Baylis and Steve Smith, (eds.) The Globalization of World Politics Third edition (OUP, December 2004), 621-643
[4]المرجع السابق، ص 198
[5] John Rollins, Clay Wilson, (2007) Terrorist Capabilities for Cyberattack: Overview and Policy Issues Updated January 22, 2007, CRS Report for Congress Received through the CRS Web Order Code RL33123 http://nsarchive.gwu.edu/NSAEBB/NSAEBB424/docs/Cyber-024.pdf, P 1-33.
* يمكن العودة للتقرير أعلاه للمزيد من التفاصيل حول إرهاب الشبكات
[6]لمزيد من التفاصيل حول مؤسر الإرهاب العالمي يمكن العودة إلى الرابط: For more information visit www.economicsandpeace.org