تاريخ التخاصم بين بني أمية وبني هاشم

فهد عامر الأحمدي

 

كي تفهم تاريخنا بشكل جيد، عليك أولا فهم تاريخ التنافس بين بني أمية وبني هاشم.. لن نتحدث هنا من منظور ديني، أو طائفي كون التنافس بين الأسرتين كان موجودا قبل ظهور الإسلام نفسه.. بدأ منذ تخاصم هاشم بن عبد مناف (جد الرسول) مع ابن أخيه أمية بن عبد شمس ونجح في نفيه إلى الشام لعشر سنوات..

فحتى "فتح مكة" لم يكن هناك ملك، أو زعيم أوحد يتفرد بزمام الأمور في مكة.. كانت هناك أسر شريفة (أو عشرة بطون) تتداول وتتشاور فيما بينها في "دار الندوة". ورغم أن جميعها كانت تمارس التجارة (وتشارك في رحلات الشتاء والصيف) كانت كل عائلة تحتكر مهمة معينة تقدمها للتجار والحجيج.. فهذه للسقاية وهذه للوفادة وهذه للسدانة وهذه لحجابة الكعبة وتلك لخدمة أصنام القبائل فيها..

وكانت أبرز هذه الأسر (وأكثرها قوة وثراء) أسرتي بني هاشم وبني أمية.. كانتا أبناء عمومة تجتمعان في الرحم، والنسب، ولكنهما تتنافسان في السيادة واللقب.. وكان بنو هاشم (الذين خرج منهم رسولنا الكريم) هم أصحاب الرأي الأقوى في مكة، في حين كان بنو أمية الأكثر ثراء وتسييرا لقوافل التجارة بين الشام واليمن.. وباقتراب موعد البعثة النبوية كانت تجارة بني هاشم قد ضعفت (بل وافتقروا على قول بعض المؤرخين) في حين ازداد بنو أمية ثراء وتواصلاً مع ملوك الشام واليمن..

كان التنافس بينهما قوياً، لدرجة لم يعترف بنو أمية بدعوة الرسول في مكة، كونه لم يظهر بينهم، وقالوا عن بني هاشم: أطعموا فأطعمنا، وحملوا فحملنا، وأعطوا فأعطينا حتى إذا زاحمناهم بالمناكب قالوا: منا نبي، فمتى ندرك هذه!!

غير أن كفة بني هاشم رجحت بعد انتصار الدعوة النبوية، فما كان من سادة بني أمية إلا الخضوع والدخول في الإسلام بعد فتح مكة.. لم تكن منزلة وكبرياء بني أمية خافيتين على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فأعطاهم قدرهم، ونودي يوم فتح مكة: من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن دخل المسجد الحرام فهو آمن (رغم أن أبا سفيان لم يكن حينها قد أسلم، وكاد يقتله بعض الصحابة لولا شفاعة العباس عم الرسول الأصغر الذي طلب العفو عنه، وإكرامه، استمالةً لقومه)..

وهكذا استقر الوضع بين الأسرتين زمن النبوة، وخلال عصر الخلفاء الراشدين، حتى برز مجدداً بين معاوية أبن أبي سفيان (الأموي) وعلي أبن أبي طالب (الهاشمي)..

ورغم أن الأمر انتهى بظهور الدولة الأموية في الشام، ظل تواجد الهاشميين قوياً في المدينة ومكة.. غير أن الكفة بدأت تميل لصالح الأمويين بعد تولي يزيد (ابن معاوية) الخلافة، ومقتل الحسين (ابن علي)..

وفي عام 63 هجرية دخلت جيوش الأمويين المدينة المنورة، فاستباحتها، وقتلت عددا كبيرا من أهلها (وابحث في جوجل عن موقعة الحرة)، ثم زحفت نحو مكة، وصلبت واليها عبدالله بن الزبير، وقضت بذلك على آخر معاقل الهاشميين في الحجاز (وابحث عن قصف الكعبة بالمنجنيق)!!

وسنكمل حديثنا في المقال القادم، لنعرف كيف انقلبت الكفة مجدداً لصالح الأسرة الهاشمية من خلال العباسيين، الذين قضوا على الدولة الأموية، وكتبوا أول سيرة نبوية.

المصدر: http://www.alriyadh.com/1560431

أنواع أخرى: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك