الشروط العشرة للحوار المثمر

فاضل العماني

 

لم يعد هناك شك بقيمة وأهمية وتأثير الحوار على الإنسانية، لأنه يُعدّ أحد أهم القيم/المرتكزات الحضارية التي تُسهم في تنمية وتطور وازدهار الأمم والشعوب والمجتمعات، وغيابه يعني أن لكل فرد أو جماعة أو طيف الحق بممارسة قوته وسلطته ونفوذه لفرض فكره وآرائه وثقافته ومعتقداته وقناعاته على الآخرين، دون أن يدع لهم الفرصة أو الحرية للاختلاف أو الاعتراض.

نعم، يُشكّل الحوار منطلقاً رائعاً لتحقيق الانسجام والتناغم والتكامل والتكافؤ والعدالة بين مختلف الفرقاء والمتباينين والمختلفين، فضلاً عن المتشابهين، ولكنه لن يستقيم ويُحقق التوازن الضروري ويُصبح خياراً إستراتيجياً لكل أفراد ومكونات المجتمع، إلا حينما يستند إلى ضوابط وأسس وآليات تحكم مساره وتُحقق أهدافه وتُسهم في نجاحه.

والكتابة عن هذه القيمة المهمة التي لا تتمظهر بشكل جيد في مجتمعاتنا العربية، أشبه بغوص عميق في محيطات الظنون أو تحليق سحيق في سماوات الشجون.

أما أسس وآداب وآليات وضوابط ومناهج الحوار، فهي كثيرة ومتداخلة ومتقاطعة، ولكنني اختزلتها في عشرة شروط/ ضوابط، أجدها الأكثر قيمة وأهمية وتأثيرا، وهي:

١- الحوار، ليس فرصة لهزيمة الآخر، ولكنه بوصلة حضارية باتجاه إشاعة التسامح والتصالح والتآخي وقبول الآخر، للوصول إلى مداءات واسعة من الانسجام والتناغم والتكامل.

٢- الحوار، أشبه بكائن حي، يولد وينمو ويترعرع ويتجدد ويتبدل ويتغير، بل ويشيخ أيضاً، لذا فإنه بحاجة لكسر الجمود والتزمت والانغلاق والتحجر، وهذا لن يكون إلا بممارسة الصدق والشفافية والجرأة.

٣- قبل أن تبدأ حواراً مثمراً، ثبّت هذه الأسئلة/ المرتكزات الستة جيداً على "طاولة الحوار": لماذا تُحاور؟ ومع من تُحاور؟ ومتى تُحاور؟ وأين تُحاور؟ وكيف تُحاور؟ وما هي ضوابط الحوار؟

٤- الحوار، صورة رائعة من صور التواصل والاتصال الإنساني، ووسيلة ملهمة لتبادل ــ لا لفرض ــ الأفكار والرؤى والقناعات.

٥- الحوار، يُحقق الطمأنينة والثقة والرضا للجميع على حد سواء، وذلك من خلال "تحرير" العقول والقلوب من مشاعر الكبت والعداء والقلق والخوف.

٦- حينما تتوفر الظروف المناسبة والمناخات الصحية للحوار، يُسهم وبشكل كبير في الحدّ من مظاهر الغلو والعنف والتشدد والتطرف، ويكون سداً منيعاً بوجه كل ملامح الكراهية والطائفية والعنصرية.

٧- لتأسيس "ثقافة الحوار" في مجتمعنا، لا بد من تضافر وتوجيه كل الجهود والخبرات والقدرات، بدءاً من البيت ومروراً بالمدرسة والمسجد والملعب والشارع والمكتب وانتهاءاً بالإعلام بمختلف أشكاله ومستوياته.

٨- لكي يُثمر الحوار ويُحقق أهدافه، لا بد من وجود حزمة واضحة وشفافة ودقيقة من التشريعات والتنظيمات والآليات واللوائح والعقوبات التي تدعم وتحمي مسيرة الحوار.

٩- الحوار الذي يتكئ على الوعي والفهم والبصيرة، وقبل كل ذلك الغيرة والخوف على الوطن، هو الذي يُحرّض عادة على الاعتراف بالخطأ أو التراجع عن الموقف، لأنه ــ أي الحوار الواعي ــ لا يعتبر ذلك استسلاماً، بل نبلاً.

١٠- الحوار، بذرة طاهرة نغرسها بإيمان في النفوس والأرواح والقلوب والعقول، لكي نحصد من ثمرها الحب والتسامح والتصالح وقبول الآخر كما هو، كل ذلك من أجل أن نعيش في سعادة وأمن واستقرار وتنمية.

تلك هي قائمتي الخاصة بالشروط العشرة للحوار المثمر، فماذا عن قائمتك أنت عزيزي القارئ؟

http://www.alriyadh.com/1555848

 

الحوار الداخلي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك