بيع الأثار بين إحلال الدين وتحريم الدولة

مصطفى محمد مهران 

 

ذهبت في الشهر الماضى إلى متحف برلين ، وقد هالني المنظر من روعة ما رأيت لآثارنا المصرية ، وشعرت بغيرة شديدة نحو تاريخنا ، نحو ممتلكاتنا ، نحو الشرف الذي بيع بأبخث الأثمان ، وقد راودني سؤال مهم كيف وصلت تلك الاثار الى هنا ، وكيف يُعرف السارق وصاحب الحق ولم يرد الحق لاهله ، وان كانت مهداه فهل تهدى شواهد حضارتنا الوحيدة على مر التاريخ.

وهل لو كان لتلك البلاد "لو كان" حضارة قديمة ، وامتلكنا نحن منها بعض شواهدها ، فهل كان يحق لنا الاحتفاظ بها مثلما هو حادث اليوم مع آثارنا ، أم كانت انتفضت تلك البلاد وصالت وجالت وحركت كل آلياتها من المنظمات الدولية التى تديرها مثل اليونسكو والمحكمة الدولية وما إلى ذلك من كل تلك المسميات التى تعمل في الاصل لصالح أصحابها؟!

وما دام لم نستطع ارجاع ما سُلب منا بالقوة او بالرضى ، فيجب علينا منع تكرار ما حدث وتشريع وتسنين قوانين رادعة لكل من يحاول ارتكاب هذا الجرم نحو وطن ، علم الانسانية معنى الحضارة والوطنية.

واني لاتعجب من موقف الحكومة السلبي تجاه من يقوموا بمثل هذة الجرائم ، فيومياً تقبض الحكومة على أهالي متلبسين بالحفر والنقب والتنبيش بغرض الغنى السريع وان كان غير مشروع ، وتركهم بعد سويعات قليلة من التحقيق معهم ، اليس هذا شروع في جريمة يعاقب عليها قانون البلاد .إذاً فما المانع من جريمة لا يوجد لها عقاب ، وهل تعلم الحكومة موعد استخراج الاثار وبيعها لترأف بنا وبوطننا وتقرر محاكمتهم.

وربما الكثير منا لا يردع بفعل القانون ، لكنه يرجع عن فعل أخطاء الامور بفعل طبيعته السمحة المتدينة فيرفض ما يحرمه الدين ، لا ما تجرمه الدولة ، ولكل دين ُرجال ، أما عن رجال ديننا فقد جزموا وأقروا وأقسموا على أن بيع الاثار حلالٌ حلالٌ حلال .

أما عن ذلك فلا يوجد نص واضح من القران او السنة يؤكد القول الفاصل لهم واجماعهم المتناهي على إحلال هذة الجريمة ، ألم يحرم الله الزنا لعدم اختلاط الأنساب ، فكيف يحل دينه بيع تاريخ وأصل البلاد ، وكيف يحثنا الدين على بيع التاريخ وثلث القرآن تاريخ ، اذاً فلنبيع اسمنا الذي حملنا ، وشرفنا الذي عليه حافظنا ، وديننا الذي الى الله عاهدنا ، ووطننا الذي هو أصل كل شيء سبق ، فلنبيع بنفسٍ رضية وليكن كلنا عواد.

ومجتمعنا الحالي يميل الى عدوانية الأفكار واختلاط المفاهيم ، وظروف البلاد جلبت مفهوم الوطنية مقابل التدين ، فاصبح كل ما هو وطني ضد الدين ، وكل ما هو ديني خائن ، حتى أصبح الدين مفهوم معاكس لحب الوطن ، ألم يعلمنا رسولنا الكريم درساً في حب الوطنية وهو مهاجر حين نظر إلى مكة عند خروجه منها وقال "والله لو أن أهلكي أخرجونى منك ما خرجت".

ويقول البعض بأن ما في باطن الارض هو ليس ملكية خاصة وانما هي ثروة عامة ، ونحن نقول بل هي ملكية البلاد وتاريخ البلاد ، وإن لم يكن كذاك فلنسرق البنوك وننهب المؤسسات ، وليشرب كل منا كأسه من دماء الوطن.

وأخيراً فإننا نطالب الحكومة بتغيير القوانين التي تتعلق ببيع الاثار وفرض عقوبات رادعة على من تسول له نفسه الشروع في مثل هذة الجريمة ، ونذكر أنفسنا وإياكم باتباع "الشرفاء" الوطنيين من رجال الدين ، فالفتوى كلمة ، وشرف الإنسان هو الكلمة.

المصدر: http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=533944

أنواع أخرى: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك