الحضارة الإسلامية وحوار الحضارات (تعايش أم صراع)

علاء الدين زعتري

 

الحضارات

تكامل المصالح وحوارها

وليس تصادمها

ودور الإسلام في ترسيخ ثقافة الحوار الحضاري

 

إن الناظر في أوضاع البشرية على مدى العصور يرى أنها تعيش حالة مزدوجة تتجاذبها عوامل الوئام وعوامل الصدام.

فأما حالة الوئام فهي المعبّرة عن حاجة الناس بعضهم لبعض، باعتبارهم لا يستطيعون المحافظة على وجودهم وتأمين مصالحهم إلا من خلال تبادل المنافع فيما بينهم.

وأما حالة الصدام فهي المعبّرة إما عن ضرورة الدفاع عن النفس، أو عن الرغبة في التسلط، تسلط القوي على الضعيف، ولقد اعترف القرآن الكريم بسنة التدافع بين الناس في قوله تعالى: {وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ} [البقرة: من الآية251]، وبهذا يكون التدافع سبيلاً لدرء الفساد في الأرض، ولكن بشرط أن يكون تدافعاً يبتغي نصرة الحق ولا يريد الاستعلاء والاعتداء.

غير أن المشكلة التي تُطرح هي أن الإنسان قد يرتكب العدوان وهو يعتقد أنه ينصر حقاً، وقد يردّ ظلماً ويُتَّهم بالاعتداء، فكيف يمكننا أن نضع موازين ثابتة للعدل والظلم حتى نميز بين التصرف العادل والتصرف الظالم؟ ليس الأمر هيناً ولا سهلاً، فقد اختلف المفكرون والفلاسفة منذ أقدم العصور في تحديد معنى الحسن والقبح والخير والشر، وجاءت الشرائع الإلهية بمبادئها لتنير للإنسان السبيل في هذا الميدان، ولكن ليس كل الناس هم من المؤمنين بالقيم الدينية، فضلا عن تعدد الأديان وما يترتب عليه من الاختلاف، بل إن أتباع الدين الواحد قد يكون بينهم من التعدّد في الفهم والتأويل ما يجعلهم يتباينون في الحكم على الأشياء في ميزان العدل والظلم.

مع كل هذا التعقيد في تحديد موازين واضحة من شأنها أن تجنّب الناس التصادم وتدعوهم إلى التعاون والتقارب، فإن الإنسان لا خيار له إلا أن يجتهد في الوصول إلى موقف وسط يحافظ فيه على وجوده ومصالحه من جانب ويأخذ بعين الاعتبار وجود غيره ومصالحه، إذ أن من مصلحته أن يستمر الآخر وأن يكون في حالة من التفاهم تدعوه إلى التعامل المشترك.

وتعتبر ثقافة حوار الحضارات سمة من سمات النصف الثاني من القرن العشرين، فبعد أن اكتوى العالم بلظى حروب عالمية مدمرة أدرك أن البشرية لا تستطيع أن تتحمل مزيداً من الحروب بعد أن حصدت ملايين الأرواح وجرَّت ألام الويلات وأسهمت في تفاقم المشكلات الجوهرية الكبرى.

وارتفعت الأصوات بحوار الحضارات بعد صدور ما سمي بنظرية (هانتغتون) عن (صدام الحضارات) في جميع المحافل والملتقيات.

إن التقاء الحضارات مَعْلَمٌ من معالم التاريخ الحضاري للإنسانية، وهو قَدَرٌ لا سبيل إلى مغالبته أو تجنبه.

الخيار البديل لصدام الحضارات: أن تتفاعل الحضارات الإنسانية مع بعضها بعضاً بما يعود على الإنسان والبشرية جمعاء بالخير والفائدة.

وتم العملُ على إنجاح دعوات (حوار الحضارات) بقصد تجنيب العالم ويلات الصراعات المدمرة، والويلات المهلكة، وكوارث الصدام الحضاري.

والمسلمون مؤمنون بأن (حوار الحضارات) مطلب إسلامي مُلحٌّ يدعو إليه القرآن الكريم وتبشر به السنة النبوية الشريفة.

والحوار يقيم جسور التفاهم بين الأمم والشعوب، للوصول إلى مستوى لائق من التعايش الثقافي والحضاري.

إن نقطة الانطلاقة الأولى لأي استجابة فعالة تبدأ من خلال فهم الذات وفهم الآخر.

وفي البداية يجب أن نتعرف إلى واقعنا كما هو بالفعل من دون رهبة أو خجل ومن دون تهوين أو تهويل.

ولا ينبغي أن ننتظر من الغير أن يغير موقفه من المسلمين، ومن دين رب العالمين، بل الواجب على المسلمين أن يغيروا موقفهم من الله سبحانه وتعالى ومن الدين ومن تصرفاتهم هم أنفسهم، وإذا تم لهم ذلك فسيغير الآخرون مواقفهم من قيمهم الدينية والثقافية والحضارية، وأصدق دليل على هذا قول الله عز وجل: {إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد 11].

مرة أخرى أشير إلى:

إن واقع العلاقات بين الأمم في عالمنا المعاصر، يبرز عقبات وتحديات ضد العيش المشترك، والتعايش السلمي، وذلك بسبب تغليب الاعتبارات المادية والمصلحية على حساب القيم والمبادئ.

وعبر التاريخ كانت هناك حضارات تظهر وأخرى تخبو، وكان مجال التأثير والتأثر فيما بينها حيوياً مع احتفاظ كل حضارة منها بخصوصية الشعوب التي مرت بها أو جاورتها، وقائماً على أساس تبادل النافع، وليس الإلغاء أو الإقصاء أو التذويب كما تحاول حضارة هذا العصر أن تفعل عبر عولمة القهر.

وأقرب دليل على ذلك: تلك التسميات الدالة على حقائق الحضارات في منبعها: فهناك الحضارة الصينية، اليابانية، الهندية، الفرعونية، الرومانية، اليونانية، ولم تكن الحضارة العربية الإسلامية ببدعٍ من تلك الحضارات.

فتنوع الحضارات منشؤه خصوصية المنبع، وكثرة الروافد، وتعدد المخرجات والمعطيات، ولا يُنكَر أن لكل حضارة إنسانية إسهاماتها في حياة الإنسان وفي تقدمه ورقيه، وإسعاده ورفاهيته، عموم الإنسان، وليس فقط لمنتجيها، مع الاعتراف بوجود تفاوت في غايات كل حضارة وأهدافها وفلسفة قيامها وقيمها وقوة عطائها وحتى في أدائها وتأثيرها.

وإن أي حضارة ـ مهما بلغ شأوها وارتفعت رتبتها ـ هي مزيج من حضارات وثقافات سابقة ومتعددة، ومؤسسة لحضارات وثقافات متنوعة ومتجددة، وهذا هو الذي يُكسبها طابع التميز والعظمة والخلود والمجد.

ومسألة الحوار الحضاري هي قضية تفاعل إنساني من خلال الثقافة.

ونؤكد على أن التفاوت بين الحضارات لم يكن يوماً سداً يمنع من التقارب والتأثير والتأثر، كما لم يَحُل دون التعاون بين شعوب تلك الحضارات.

وبالتالي يصح القول بأن ملكية الحضارات ملكية عامة جماعية مشاعية لكل إنسان، وليس لشريحة معينة في مجتمع محدد أنتج الحضارة، أو حكراً لدولة أو حكومة، والخوف كل الخوف في الماضي والحاضر، من احتكار المعرفة، ومن تسلل الدخلاء على الحضارات الإنسانية الذين يقومون بتلويثها، مندسين في صفوفها لإحداث شرخ في البناء الحضاري الشامخ.

وفي عصر التحدي الحضاري، ودوامة التحامل الإعلامي على هذا الدين الإسلامي؛ تتعاظم حاجة الأمة الإسلامية إلى الاضطلاع بمهمة المشروع الحضاري الإسلامي، تقويماً للمسيرة، وتصحيحاً للرؤى، وتنسيقاً في الجهود والمواقف، وإعلاءً لمنظومة المثل والقيم، وإشاعة للود والتسامح والتراحم، وبثاً لرواح التعاون والتصافي والتفاهم، وبالتالي ارتقاءً بالإنسانية وإسعاداً للبشرية.

وللحوار هدف معرفي يحمل معه الآمال والطموحات لتأسيس منظومة أخلاقية شاملة، أما الصراع هو صراع مصالح وليس صراع حضارات.

فالحضارات تتعايش وتتكامل ويتأثر بعضها ببعض وتتفاعل للوصول إلى النتائج الفضلى لخير البشرية جمعاء، لا لجهة أو قوم أو عرق أو سلطة.

وللوصول إلى التأثير الإيجابي والابتعاد عن التأثير السلبي لا بد من إرادة صلبة من الطرفين لاختيار الوسائل ذات التأثير الإيجابي في مسألة التفاعل، والابتعاد عما يثير السلبيات والمشكلات، ليكون تكامل الحضارات على أحسن وجه، بمنطق الحجة والبرهان، لا بقوة البطش والسنان.

ويُشكِّل حوار الحضارات أحد الاهتمامات الإنسانية في عصر العولمة، وتأني الأبحاث بصفة أساسية للحديث عن القواسم المشتركة بين الحضارات الإنسانية؛ وذلك من أجل احتواء كل العوامل التي قد تفضي إلى حدوث صراع حضاري قد تكون له عواقبه الوخيمة على مسيرة التقدم الإنساني.

ونحن نؤمن بضرورة استمرار مشروع حوار الحضارات لكونه مشروع الإنسانية التواقة إلى حياة كريمة تصون عزة الإنسان وكرامته، وتفاعل بين الشعوب والأمم بناء وخلاق.

والمطلوب لحوار الحضارات بلورة خطابنا الحضاري على ضوء معرفة الذات، ومعرفة ما يحمله الآخر من فهم لنا.

العلاقة بين بناة الحضارات: صراع أم تدافع؟:

يصوِّر بعض الكتَّاب الغربيين العلاقة بين الحضارات على أنها صراع، والصواب أن تكون العلاقة بين بناة الحضارات علاقة تدافع وتنافس لما هو الأفضل لخير الإنسان، ومستندنا في ذلك قول الله تعالى: {وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَـكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ} [البقرة: 251].

وبالمعنى اللغوي يُلاحظ أن مدلول الصراع فيه إشارة وببساطة إلى حلبات المصارعة التي تنتهي بصرع الآخر وتغييبه وإقصائه؛ فغاية الصراع تبييت النية للوصول بالآخر إلى العدمية والهلاك.

بينما تسعى نظرية التدافع إلى الإبقاء على ما هو حسن ونافع ومفيد للبشرية من ثمار تلك الحضارات السابقة وإنجازاتها، والبناء عليها وتطويرها ليعم خيرها العالمين؛ فغاية التدافع والتنافس عمارة الأرض، قال تعالى: {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ} [هود: 61].

فالتدافع حركة طبيعية مستمرة تعيشها شعوب الأرض بهدف الاستخلاف في الأرض، قال تعالى: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ} [الأنبياء: 105]، أي الصالحون لعمارتها واستكمال بنائها، وقانون الله ثابت لا يتغير ولا يتبدل، إذ قال: {وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} [محمد: 38].

والدفع والتدافع يأتي بمعنى طرد الخبيث والفاسد؛ فأنا وأنت وكل مريد خير للبشرية يعمل على إزالة عناصر الفساد والتلوث والتشويش والفوضى والتشويه والظلم والعدوان وحتى المرض بكافة أشكاله؛ دون أن نصطدم بمَن يعمل عملنا وإن اختلفت وسيلة عمله؛ حجماً وقوة تأثير؛ فمَن يدفع الشر، ويبني الخير فهو متوافق معي سواء كان يحمل نور القلوب أو مصباحاً أو مشعلاً أو شمعة أو عود ثقاب؛ لأن كل ذلك نور يضاء به الطريق للنفس وللآخرين.

وبالتالي تتكاتف الجهود في مواجهة مَن يريد تأجيج الصراعات والصدامات، ويذكي الحروب ويثير الفتن ويزيد لهيبها ويعمل على التصعيد عبر التعنيف والتكفير؛ لتحقيق مصالحه الذاتية؛ ولا يبالي أي وسيلة استخدم؛ حتى ولو كان تلويث الأجواء العامة، وطمس الهويات الوطنية، وتغييب الثقافات البشرية.

وقد قامت حضارة العصر ـ إن صح تسميتها بحضارة ـ على فكرة الحضارة الواحدة، أو هكذا ينبغي أن تكون؛ بحيث تهيمن الحضارة الحالية على كل الشعوب والأمم وهي أحادية الجانب، والقطب الواحد، والقرن الوحيد، والمؤسف أن تُعكس الكلمات لتصبح حضارة وحيد القرن.

صراع الحضارات مطية لصراع أتباع القيم:

ومن المستغرب أن شعار الصراع المرفوع اليوم بين الحضارات لا يظهر جلياً إلا بين أتباع الكتب السماوية؛ مع إضافة اسم جهة للتمويه؛ فالصراع المراد إظهاره هو بين الغرب المسيحي، والشرق الإسلامي، وكأنهم يريدون القول بأن الصراع بين أتباع الشرائع السماوية، ولو أنهم اتبعوا القوانين الوضعية لما اختلفوا واصطرعوا.

مع أن المتأمل بغايات المشروع (صدام الحضارات) يلحظ أنه صراع من أجل البقاء، ومن أجل السيطرة على المقدرات للوصول إلى المنافع الذاتية والمصلحة الخاصة لأصحاب الشعار.

والذي يؤكد هذه الحقيقة تلك الحروب الدموية الدامية في القرن الماضي من خلال الحربيين العالميتين التي راح ضحيتها أكثر من 60 مليون إنسان وبوسائل حرب ليست بقوة وضراوة وفتك أسلحة اليوم، والذي يوضح الدليل هو أن تلك الحروب كانت بين أبناء الحضارة الواحدة لتأكيد السيطرة.

حتى الحرب الباردة بعد حروب المواجهة المسلحة كانت داخل الحضارة الواحدة مع اختلاف الإيديولوجية.

وهذا يعني أن الصراع لا يُشترط فيه أن يكون بين حضارتين مختلفتين، بل الصراع بين مصالح متضاربة.

موقف الإسلام من الآخر:

من الناحية العقيدية يُقِرُّ الإسلام بالشرائع السماوية الأخرى ويعترف بها، بل يعتبر ذلك من مستلزمات سلامة اعتقاد المرء؛ فالمسلم يسلم على جميع الأنبياء ويصلي عليهم في كل مناسبة.

وثمة آيات قرآنية تتحدث عن ذلك؛ منها: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [البقرة:136]، {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} [الشورى: من الآية13]، {{آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ} [البقرة: من الآية285].

من الناحية الحضارية فإن المسلمين يؤمنون بأن الاختلافَ بين الناس في الاعتقاد كما في الأجناس والألسنة، واقعٌ بمشيئة الله تعالى، لحكمة أرادها، وأنه سبحانه وتعالى لو أراد أن يخلق الناس أمة واحدة لما استعصى عليه ذلك، قال تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ} [هود:118]، {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} [يونس:99]، {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [النحل: من الآية93].

وهناك أصول خمسة ينطلق منها التصور الإسلامي لتأسيس قاعدة الحوار الحضاري بين المسلمين مع غيرهم:

* الأصل الأول:

وحدة الرابطة الإنسانية، فالناس جميعاً خُلقوا من نفسٍ واحدةٍ، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً} [النساء: من الآية1].

{شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ، وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى لَّقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِن بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ، فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَقُلْ آمَنتُ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِن كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ} [الشورى: 13-15].

* الأصل الثاني:

الكرامة الإنسانية حق لكل الناس، ومن الآيات قال تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً} [الاسراء:70]، {لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} [التين:4]،{وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَم} [الأعراف: من الآية11]، {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَة} [البقرة: من الآية30]، {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ} [الحجر:29].

والكرامة التي يقررها الإسلام هي كرامة العصمة والحماية، وكرامة العزة والسيادة، وكرامة الاستحقاق والجدارة.

* الأصل الثالث:

حق الجميع في الاختلاف، فالاختلاف من سنن الله في الكون، قال تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ} [هود:118]، والخطاب موجه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ منبهاً إياه إلى أن المشيئة الإلهية لم يكن ليعجزها أن يكون الناس على دين واحد، بمقتضى الغريزة والفطرة، لا رأي لهم فيه ولا اختيار، ولكنه خلقهم بمقتضى حكمته كاسبين للعلم لا مُلْهَمِين، وعاملين بالاختيار لا مجبورين ولا مضطرين.

* الأصل الرابع:

الدعوة إلى التعاون والتآلف بين بني البشر جميعاً، فمن مقاصد التباين والاختلاف إثراء الحياة البشرية؛ تفاعلاً وتعاوناً.

ففي النص القرآني: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا} [الحجرات: من الآية13]، ثم هناك التوجيه الإلهي الذي يطالب المسلمين بأن يتعاونوا على البر والخير، {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ وَالْعُدْوَان} [المائدة: من الآية2].

* الأصل الخامس:

المسلمون ممنوعون من مبادأة أحدٍ بالعدوان.

ذلك أن النصوص القرآنية صريحة في النهي عن العدوان، وكل ما ورد في القرآن الكريم من إشارات إلى القتال جاء في سياق الرد على عدوان الآخرين، قال تعالى: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [البقرة:190]، {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلا عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ} [البقرة:193]، {الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} [البقرة:194].

نوعا الحوار:

الحوار الخطابي (اللغوي):

والذي يتم باستخدام اللغة سواء كانت لغة لفظية (لسانية) أو إشارية وسواء تم الحوار شفاهة أو كتابة.

وهو إما حوار عفوي عادي كالذي يجري يومياً بين الناس لأي غرض كان، وإما حوار منظم ومتعمد يتم داخل إجتماعات أو من خلال تبادل الكتابات والرسائل.

وهذا الحوار الخطابي المنظم والمتعمد هو مايتبادر للذهن عند إطلاق كلمة الحوار.

الحوار العملي (السلوكي):

وهو الحوار الذي يتم من خلال الأفعال والسلوكيات والإنجازات والمواقف التي تعبر عن نفسها وتنقل للأخر إنطباعات أو قناعات إيجابية أو سلبية عن مصدرها.

والحوار الفعلي:

منه ما هو غير مباشر وهو كل فعل أو سلوك لم يتم أساساً بقصد نقل أو إعطاء إنطباع أو فكرة معينة للأخر وإن كان هذا الآخر عادة ما يفهم أو يستقي منه إنطباعات أو فكرة ما.

ومنه ما هو مباشر وهو كل فعل أو سلوك عملي يصحبه قصد التأثير على الآخر ونقل رسالة معينة إليه.

وحوار الحضارات يرتكز في أسسه على الحقائق التاريخية والتفاعل بين الحضارات والتعدد في الحضارات والثقافات، والتاريخ شاهد على أن مسار التطور للمجتمعات البشرية أثبت فشل فكرة قيام دولة واحدة أو حضارة واحدة، وإن محاولة تحويل الحضارة والثقافة إلى ساحة صراع يهدف إلى إلغاء الثقافات والحضارات الأخرى.

والحضارة الإسلامية تقوم بشكل ثابت عبر التاريخ على التعايش السِّلْمي والتعاون والتفاهم المُتبادَل بين الحضارات، وكذلك على التحاور البنَّاء مع الديانات والأفكار الأخرى(1).

وعبر التاريخ شواهد كثيرة:

فالحوار بين الإسلام والحضارات المختلفة لم ينقطع منذ فجر الإسلام.

فقد حاور المهاجرون المسلمون النصارى في الحبشة.

واستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد نصارى نجران في المدينة المنورة وحاورهم في أمور الدين.

وكان الحوار وسيلة فعالة أدت إلى إبرام العديد من العهود والاتفاقات.

فمن أوائل الخطوات التي اتخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة إصدار (وثيقة المدينة) أو (عهد المدينة)، التي حددت لمجتمع المدينة رسالته في دعم الحق والخير، فكانت أسبق في إنسانيتها العالمية من القوانين والمعاهدات العالمية.

وفي ذروة الفتوحات الإسلامية (632-750م) كانت هناك علاقات سلمية بين الدولة العباسية وبيزنطة.

 وبعد انتهاء الحروب الصليبية أُبرِمت معاهدات الصداقة والتحالف بين السلطان المملوكي "الأشرف خليل" سلطان مصر وسوريا و"دون جيم" ملك الأرجون Argon.

وشهدت العلاقات بين الدول الإسلامية وغيرها منذ أوائل القرن العشرين تطورًا ملحوظًا نحو المزيد من التعاون والتحاور؛ حيث كان من الواضح وجود انسجام مع النظام القانوني الدولي سواء في عهد العصبة أو في ظل نظام الأمم المتحدة؛ إذ تساهم الدول الإسلامية ("56" دولةً تمثل (30%) من مجموع أعضاء المنظمة الدولية) مع غيرها في إرساء قواعد القانون الدولي والنظام الدولي الجديد.

فقد عرف المسلمون كيف يتفاعلون مع الآخرين، الذين كانوا يشبهونهم ويختلفون عنهم في معتقداتهم وفي توقعاتهم من الحياة والتاريخ.

لقد كان المسلمون يهتدون بالإيمان بدلاً من التكفير والإدانة، وبالمشاركة والمساهمة) بدلاً من التفرد.

وعلى الأمة اليوم أن تتبنّى المشروع الحضاري الذي يسهم بأفعال -لا بردود أفعال- في تثبيت هوية الأمة، وتفعيل دورها، من حيث كونها أمة الخيرية والرحمة، وإبراز دورها الحضاري، وحقها التاريخي ووجهها المشرق، وتصحيح الصور المغلوطة عن الإسلام وأهله.

وأن يتم تنسيق الجهود بسد جميع الثغرات التي ينفذ منها المصطادون بالمياه العكرة، بوضع برنامج علمي إعلامي مدروس يتسم بحسن العرض، وأسلوب الخطاب، والمتمثل في قول الحق تبارك وتعالى: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً} [البقرة:83]، وقوله: {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [الإسراء:53]، وقوله: {وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل:12]، والحوار الحضاري للعالم بلغاته الحية، وتوضيح الحقائق أمامه، وبيان خطورة الحملات الظالمة، وما تجره من استعداء العالم، وإعلاء لهجة الحقد والكراهية والتميز، وما تجره من شقاء على الإنسانية.

مبادىء عامة للحوار بين الحضارات(2):

1. احترام الكرامة الإنسانية بين جميع البشر وعدم التمييز بينهم أياً كان نوع هذا التمييز وكذلك بين الدول سواء كانت صغيرة أوكبيرة.

2. القبول الفعلي بالتنوع الثقافي بوصفه أحد الملامح الثابتة للمجتمع الإنساني ومصدراً غالياً لتقدم البشرية وازدهارها.

3. الاحترام المتبادل والتسامح في مجال وجهات النظر والقيم الخاصة بمختلف الثقافات والحضارات وحقوق الأفراد المنتمين إلى جميع الحضارات في الحفاظ على تراثهم وقيمهم الثقافية، ورفض تدنيس القيم الأخلاقية والدينية والثقافية وانتهاك الحرمات والمقدسات.

4. الاعتراف بتنوع مصادر المعرفة في كل زمان ومكان وضرورة الاعتماد على مجالات القوة والثراء والحكمة لكل حضارة في إطار عملية قوامها الإثراء المتبادل.

5. رفض محاولات الهيمنة والسيطرة الثقافية والحضارية والتصدي للمذاهب والممارسات الرامية لخلق الصراع والصدام بين الحضارات.

6. السعي لإيجاد أرضية مشتركة بين مختلف الحضارات وداخلها حتى يمكن مواجهة التحديات العالمية المشتركة.

7. القبول بالتعاون والسعي للتفاهم كآلية مناسبة لتعزيز القيم العالمية المشتركة ووضع حد للتهديدات العالمية.

8. الالتزام بمشاركة جميع الشعوب والأمم دون أي تمييز في عمليات صنع القرار وتوزيع المنافع على المستوى المحلي والعالمي.

9. التمسك بمبادىء العدالة والإنصاف والسلام والتضامن وكذلك بالمبادىء الأساسية للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.

مجالات الحوار بين الحضارات(3):

1. التجاوب مع تطلعات البشرية للتمسك بالإيمان والأخلاق.

2. تعزيز التفاهم المتبادل والمعرفة بين مختلف الحضارات.

3. التعاون وزيادة تبادل المعرفة حول مختلف مجالات الأنشطة والإنجازات البشرية في الميادين العلمية والتكنولوجية والثقافية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية والأمنية.

4. تعزيز مفهوم التسامح واحترام التنوعية.

5. التعاون في وضع حد للمخاطر التي تهدد السلم والأمن الدوليين والازدهار: تدهور البيئة، الصراعات، الأسلحة، المخدرات، الإرهاب إلخ....

6. بناء الثقة على المستويين الإقليمي والعالمي.

7. تعزيز وحماية حقوق الإنسان والمسؤولية الإنسانية بما في ذلك الحفاظ على الهوية الثقافية والتعليم والتقاليد الخاصة بالأقليات والمهاجرين.

8. تشجيع وحماية حقوق المرأة وكرامتها والمحافظة على مؤسسة الأسرة وحماية الشرائح المحتاجة للرعاية في المجتمع : الأطفال والشباب والمسنين.

معالم المشروع الحضاري:

المشروع الحضاري الإسلامي: رباني وسطي أخلاقي إنساني، إيجابي شمولي واقعي، ترتبط الأصالة فيه بالمعاصرة، ويلتزم بالمصداقية بلا تضخيم، والواقعية بلا انهزامية، والشفافية بلا تهريج.

الإنصاف رائده، والعدل حاديه، والتسامح أسلوبه وقالبه، يعمل على حشد الطاقات في الأمة وتجميعها، يسلك مسالك الرفق والرحمة بالمخلوقين، يتسم بالعقل والتسامح والحكمة، ويحاذر الصلف والعنف والتهور والشطط.

متطلبات الحوار الحضاري:

ـ الحفاظ على التنوع والاختلاف، والاعتراف به ظاهرة إنسانية، وتمايز الأمم والشعوب واختلافها أمر طبعي، بل هو آية من آيات الله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ لِلْعَالِمِينَ} [الروم: 22]، والتمايز في الخلقة يستتبع اختلافاً في الثقافات والنظم: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ} [المائدة: 48]، وقد قال تعالى: {وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} [هود: 118 -119].

ـ دفع الناس لبناء حضارة إنسانية متكاملة، وليس في الإسلام مشكلة في التعامل مع الأطراف الأخرى، فهو دين أنزله خالق الناس، لا يفــرق بينهم ولا يميز أحداً على أحـد إلا بالتقوى، والعمل الصالح: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13]، و"الخلق كلهم عيال الله وأحب الخلق إلى الله أنفعهم لعياله"(4).

ـ الوفــاء بالعهود والالتزام بالعقود، فمن القواعد الإسلامية: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ} [النحل: 91].

ـ رسالة الإسلام رسالة عالمية، تحمل الرحمة للإنسانية: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 107].

ـ قراءة الآخر قراءة موضوعية، وفهمه بعيداً عن عن المصادر الإعلامية.

ـ استخدام قوة الحجة لا حجة القوة كوسيلة حضارية لفض النزاعات.

من التوصيات:

ـ العمل على أن الحوار حاجة استراتيجية للمسلمين مع كل شعوب العالم لبناء تحالف في مواجهة المشروع الصهيوني.

ـ تعزيز العلاقات الإنسانية والأخوية والروحية والثقافية والحضارية بين الشعوب والأمم.

ـ بث روح التعاون بين أبناء الشعوب في مجالات الخير والبر والمصالح المشتركة المشروعة، قال تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2].

ـ إيجاد آليات لجعل الثقافة في خدمة السلام وتحقيق الإخاء والتعاون والوحدة بين البشر، وإلفاء فكر التهميش والاضطهاد والحقد والضغينة والانتقام.

ـ الدفاع عن القيم والمبادئ والأخلاقيات المشتركة بين الأمم والثقافات؛ كالعدالة والمصداقية ونحوها.

ـ العمل على تنسيق التعاون في تحقيق القيم والمصالح المشتركة، والحرص على فتح قنوات الاتصال للإفادة من التجربة الإنسانية في مجالاتها الواسعة، فالأمن والرفاه للشعوب كافة، لا يتحقق إلا بتعاون عالمي، وبرنامج دولي تسهم في إنجازه مختلف الدول والشعوب، والقوى المحبة للخير في العالم، بحيث تشارك في إيجاد صيغة لتحقيق سلام واقتصاد عالميين عادلين متوازنين.

------------------------------------

(1) من بيان القمة الإسلامية الثامنة (1997)

(2) من بيان الندوة الإسلامية للحوار بين الحضارات، المنعقدة في طهران بالجمهورية الإسلامية الإيرانية في الفترة من 17 إلى 19 محرم 1420هـ، الموافق 3 إلى 5 مايو 1999م.

(3) من بيان الندوة الإسلامية للحوار بين الحضارات، المنعقدة في طهران بالجمهورية الإسلامية الإيرانية في الفترة من 17 إلى 19 محرم 1420هـ، الموافق 3 إلى 5 مايو 1999م.

(4) رواه أبو يعلى، والبزار، والطبراني.

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك