لماذا تغزو الصين البلاد الخصيبة؟

عصام أمان الله بخاري

 

يقول الدبلوماسي الصيني السفير سونغ آي جوه: "تستطيع القافلة عبور الصحراء، ولكن جملاً وحيداً لا يستطيع ذلك". تعبر هذه المقولة عن فكر صانع القرار الصيني في سعيه لمد جسور التعاون مع دول العالم للعبور في صحراء التحديات التنموية والاقتصادية. إذا كان الأمر كذلك، فكيف نستطيع في المملكة تعزيز الشراكة مع الصين ثاني أكبر اقتصادات العالم؟ وكيف تنظر بكين إلى آليات تفعيل الشراكة؟ وكيف يجب أن نتعامل مع ذلك؟ مقالة اليوم تجيب عن هذه الأسئلة.

ننطلق من السؤال الأول: كيف يمكن تعزيز الشراكة مع الصين؟ تقوم القيادة الصينية بالترويج لمبادرتين مهمتين هما: (الحزام الاقتصادي لطريق الحرير) و(طريق الحرير البحري للقرن الـ 21). تم طرح المبادرة من الرئيس الصيني شي جين بينغ في عام 2013 وتختصر بمسمى (الحزام والطريق). ومن المتوقع أن ينتهي بناء هذا الحزام والطريق عام 2049م بحيث تمتلك الدول المشاركة في المبادرة 55% من إجمالي الناتج القومي العالمي و75% من موارد الطاقة و70% من سكان العالم مما سيجعله تكتلاً اقتصاديا قوياً وحاسماً في منتصف القرن الحادي والعشرين.

وحسب منتدى المؤسسات البحثية لاثنتي عشرة دولة على طريق الحرير الذي استضافته جامعة الشعب الصينية في يونيو 2014م، بمشاركة إيرانية، فمن المتوقع أن يمر بناء الحزام والطريق عبر ثلاث مراحل: أولا فترة التعبئة الإستراتيجية من 2013 إلى 2016م. ثانيا) فترة التخطيط الإستراتيجي من 2016 إلى 2021م. ثالثا) فترة التطبيق الإستراتيجي من 2021 إلى 2049م.

أما السؤال الأهم فهو ما هي الآليات التي تسعى الصين من خلالها لتعزيز هذه الشراكات؟ تقترح الصين مع المملكة والعالم العربي إطار معادلة التعاون 1+2+3. يرمز الرقم 1 إلى الطاقة على أنها القاعدة التي تنبني عليها الشراكة بيننا والصين. أما رقم 2 فيرمز إلى جناحي الشراكة والمتمثلة بمجالي البنية التحتية وتسهيل التجارة والاستثمارات. أما رقم 3 فيرمز إلى التعاون في مجالات تكنولوجية متقدمة مثل الطاقة النووية، الفضاء والأقمار الصناعية والطاقات المتجددة.

ما المطلوب منا سعودياً تجاه هذه المبادرة الصينية؟؟ يمكن اختصار المقترحات في النقاط التالية:

-السعي لمشروعات مشتركة ومباشرة بين البلدين وعدم حصرها في اللقاءات الجماعية (منتدى التعاون الصيني العربي)، بالرغم من أهميتها، حيث لا تكون فيها المحادثات مركزة ولا النتائج بالمستوى المأمول مقارنة بالمحادثات الثنائية المباشرة السعودية الصينية. ولا شك أن زيارة سمو ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى الصين تحمل أهمية كبرى من هذا المنظور. ويكفيك أن السعودية هي الدولة العربية الوحيدة في مجموعة العشرين.

  • تفعيل عمل مراكز الأبحاث والدراسات الوطنية الإستراتيجية بالعمل مع نظيرتها الصينية حول موضوع محدد: كيف نربط رؤية السعودية 2030م بمبادرة الحزام والطريق؟

  • العمل على أن تكون مشروعاتنا المشتركة القادمة مع الصين في مجالات الصناعات عالية الكثافة التقنية مما سيضمن نقل تقنية وإسهام في بناء منظومة الابتكار الوطنية السعودية.

  • محاولة استقطاب الاستثمارات الصينية والعمل على ألا تنتهي هذه المبادرات بمجرد تمهيد الطريق للشركات الصينية في السوق السعودي على حساب الجانب السعودي.

-العمل على فتح الطريق عبر مبادرة الحزام والطريق للمنتجات والشركات السعودية للنفوذ إلى السوق الصيني والأسواق الكبرى.

وأخيرا، فلنتذكر أن الصين دولة تسعى لمصالحها في نهاية الأمر وكذلك حالنا وحال كل دولة تهتم بتنمية شعبها وبناء نهضتها، ونحن والصين في حوارنا ومفاوضاتنا وكأنما نعمل بمنظور اقتصادي لتطبيق نصيحة الحكيم الصيني سن تزو في كتابه فن الحرب: "اغز البلاد الخصيبة من أجل إمداد جيشك بالطعام".

المصدر: http://www.alriyadh.com/1529672

أنواع أخرى: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك