المنطقة بعد داعش

مطلق بن سعود المطيري

 

هذا المقال خاص جدا للذين يعتقدون أن داعش أداة سياسية اجنبية خبيثة يتم استخدامها لتنفيذ أجندات التقسيم في المناطق التي يوجد بها داعش أو سمحت بوجوده، أما الذين يرون أن ربط داعش بمخطط اجنبي يرجع لفكر للمؤامرة فهذا المقال يثبت لهم ان هناك من لا يزال يعتقد بذلك، بل يذهب الى أكثر من ذلك حيث يعتقد ان الذين ينفون فكرة المؤامرة هم أقرب الى تقليد المهزوم للمنتصر "عقدة الغالب والمغلوب ".

حرق ورقة داعش في العراق وسورية بات قاب قوسين، فالرؤوس الخطيرة التي لعبت بمصير هاتين الدولتين لم يعد لها حاجة في وجود داعش بعد ان فتحت لهم باب التدخل العسكري على مصراعيه، وأرهقت خصومها العنيدين على ارض الواقع، وهجّرت المكون السني والمسيحي وبعض الأقليات من أراضيهم، الرؤوس الخطيرة : موسكو وطهران، وواشنطن وربما تتبعهم أنقرة بعد ممارسة الضغوط عليها : انقلاب، وتفجيرات، دولة للأكراد على حدودها، العرب خرجوا تماما من لعبة التوازنات السياسية الكبرى، منذ 2003 بعد سقوط النظام في العراق، المملكة تحاول باستمرار ان تجد للعرب مكانا في خريطة مصيرهم، فقد شكلت تحالفا قاعدته الاساسية من دول الخليج لاعادة الشرعية في اليمن، وتشكيل جيش اسلامي لمحاربة الارهاب، أو بمنطق أكثر وضوحا لمحاربة مخطط تقسيم المنطقة، لذا يكون الهجوم السياسي والاعلامي عليها شديدين، لتتراجع عن مهمتها القومية، الهجوم يأتيها في المنطقة من جهتين، جهة ارتبطت مصيريا بطهران، وجهة يمكن تسميتها من جماعة الإخوان المسلمين، " تابع كتاباتهم عن الانقلاب في تركيا، وتعرف الجهة المرتبطين بها ".

هدف هاتين الجهتين الاساسي هو تشكيك الجمهور العربي الكبير بموقف المملكة القومي، حتى يتمكن أرباب نعمتهم من استكمال مخططاتهم بدون وجود مقاومة شعبية تمنعهم من ذلك، فالمطلوب بهذا التوقيت رأس المملكة، فهي آخر المصدات التي يعول عليها الشعب العربي الأصيل ليس كثيرا وحسب بل بالكامل حتى تحمي وجوده التاريخي في أرضه من هجمات الغزاة، ويمكن ان ينشط الهجوم الاعلامي على المملكة بعد انهاء وجود داعش تماما في العراق وسورية، لأسباب ترتبط بمخططات تقسيم المنطقة، ويكون الهجوم يحمل شكل تحميلها سبب سقوط بعض الانظمة في المنطقة، وهذه فرية كبيرة، يراد منها صرف انتباه الجمهور عن الاسباب الحقيقية، التي جاءت بالتقسيم وقامت بالتهجير.

زيارة الرئيس التركي لموسكو ولقاؤه الرئيس بوتين، تأتي ضمن السيناريو الذي سوف يطبق ما بعد داعش، أخبار تلك الزيارة المنشورة في وسائل الاعلام تفيد بان القضية السورية لم تكن أولية، فالعلاقات التجارية بين البلدين وترميم علاقاتهما بعد التصدع الذي اصابها بعد اسقاط الطائرة، هذه أولويتهما، والفهم البسيط يرى بان المصالح الاقتصادية بينهما من الامور المعلنة، سواء جاءت أولى أو تراجعت ـ أما قضية سورية فلم تكن اخبارها معلنة حتى نعرف أولويتها بتلك الزيارة، فتراجعها عن الاعلان لا يعني تراجعها عن الاهتمام، فالمعروف ان القضايا التجارية محل اتفاق مشترك اما الازمة السورية فيوجد بها خلاف بين الدولتين، لذا حرص الطرفان على تمويه المحادثات حولها، فاذا رجعنا للواقع بعد الزيارة لنستشف منها بعض التفاهمات غير المعلنة، لوجدنا دخول البشمركة للموصل وطرد داعش من تسع قرى كان يحتلها والتي كانت في حماية بعض عناصر الجيش التركي، وهزيمته ايضا في منبج السورية، تفجير حافلة تنقل عناصر من قوات الجيش الحر العدو الرئيسي لروسيا على الارض، فهل هذا يعني انتزاع بعض اراضي العراق وسوري واعطاء الاكراد فيها حكما ذاتيا يكون تابعا سياسيا لتركيا، التي ربما سوف يتم انضمامها لتحالف بغداد (العراق، سورية، روسيا، ايران) فزيارة وزير خارجية طهران لانقرة مباشرة بعد قمة موسكو بين اردوغان وبوتين، تفيد بأن هناك اتفاقا قد تم.

المصدر: http://www.alriyadh.com/1527310

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك