كنت أصلي

يوسف القبلان

 

في خضم الأحداث الإرهابية الأخيرة التي تضرب في كل مكان وما يتبعها من تغطيات إعلامية انفعالية عاطفية تذكرت موقفاً بطولياً يستحق التأمل حدث في العام الماضي أثناء العمليات الإرهابية التي ضربت باريس.

كان المواطن الفرنسي المسلم من أصل مالي حمدي كوليبالي قد هاجم متجراً يهودياً للمواد الغذائية في باريس، وفي نفس الوقت كان المواطن الفرنسي المسلم الحسن باثيلي وهو أحد العاملين في المتجر يؤدي الصلاة في الطابق الأرضي من المتجر بعيداً عن حركة المتسوقين. هنا قرر هذا البطل أن ينقذ ما يستطيع من الرهائن، حيث قاد 20 رهينة إلى ثلاجة المتجر وقطع عنها الكهرباء لحمايتهم من التجمد، وأخفاهم فيها، ثم خرج من منفذ آخر بحثا عن المساعدة.

خروجه أثار شك رجال مكافحة الإرهاب فقبضوا علية لكنه أوضح لهم ما حدث وساعدهم بالمعلومات التي مكنتهم من الهجوم على المحل وإنهاء العملية قبل قتل المزيد من الرهائن، وكان المختطف قد قتل وقتها شرطية وأربعة من الرهائن.

يقول هذا البطل إن صلاته هي التي أنقذته وساعدته على إنقاذ الرهائن وأنه لو كان في الطابق الأعلى لتم احتجازه مع الرهائن.

وقال في إحدى المقابلات (المسألة لا تتعلق بمسلم أو يهودي أو مسيحي في تقديري، كلنا أخوة على المركب نفسه، فإذا لم نتبادل المساعدة للخروج من هذه الأزمة، فلا أحد بإمكانه النجاة منفردا).

موقف المسلم حمدي الذي هاجم المتجر يمثل فئة متطرفة محدودة لا تمثل الإسلام لكنه موقف يستغل من متطرفين آخرين من ديانات أخرى للإساءة للإسلام وتخويف المجتمعات الأوربية التي يعيشون فيها من خطرهم كما فعل الكاتب الفرنسي في روايته الجديدة بعنوان (استسلام) أما موقف الشاب الحسن ( 24سنة) فيعبر عن الإسلام وقيمه الأخلاقية العظيمة وعن قدوة المسلمين النبي المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم. قال تعالى: (وإنك لعلى خلق عظيم).

السلوك الانتقامي لحمدي ورفاقه يوصل رسالة خاطئة عن الاسلام، أما سلوك بطل هذه القصة (الحسن) فيوصل رسالة للعالم بأن الإسلام دين الإنسانية والرحمة والمساواة، دين يحارب العنصرية والعنف، وينتصر لحقوق الإنسان. سلوك الأول ينشر الانقسام والانتقام، وسلوك الثاني ينشر المحبة بين أفراد المجتمع ويعزز الأمن والسلام. سلوك الأول يغذي حملة تشويه الإسلام ويتسبب في مزيد من الإزعاج للأبرياء من المسلمين المقيمين في الغرب أو الزائرين، أما سلوك الثاني الإيجابي فلن يكون له مع الأسف التأثير المطلوب بسبب سلوك الأول الذي يركز عليه الإعلام أكثر من الثاني.

المصدر: http://www.alriyadh.com/1525816

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك