شخصية رسول الله التعليمية

عبد الفتاح أبو غدة

لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرأفة والرحمة، وتَرْكِ العَنَتِ وحُبّ اليُسر، والرِّفق بالمتعلِّم، والحِرصِ عليه، وبَذْلِ العلم والخير له في كل وقت ومناسبة: بالمكان الأسمى والخُلُقِ الأعلى قال الله تعالى: «لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ1حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ» [التوبة: 128].

 

وروى البخاري ومسلم، واللفظ للبخاري، عن مالك بن الحُوَيرث رضي الله عنه، قال: «أَتَينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن شَبَبَةٌ مُتَقاربون، فأقمنا عنده عِشرين ليلة، وكان رسول الله رَحيماً رَفيقاً، فلما ظَنَّ أنّا قد اشتَقْنا أَهلنا، سألنا عمن تركنا بعدنا فأخبرناه، قال: ارجعوا إلى أهليكم، فأقيموا فيهم، وعلِّموهم ومُروهم، وصلّوا كما رأيتموني أصلّي، فإذا حضرتْ الصلاة، فليُؤَذِّن لكم أحدُكم، ولْيَؤمَّكم أكبركم».

وروى الترمذي في الشمائل عن عائشة رضي الله عنها قالت: «ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يَسْرُدُ كسَرْدِكم هذا ولكن كان يتكلم بكلامٍ بيِّنٍ فَصْل، يحفظه من جلس إليه».

وروى فيها أيضاً عن أنس رضي الله عنه قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُعيدُ الكلمة ثلاثاً لِتُعقَلَ عنه»…

وروى الترمذي في الشمائل أيضاً عن الحسن بن علي، قال: قال الحُسين بن علي: سألتُ أبي -علي بن أبي طالب- عن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم في جُلسائِه فقال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم دائِم البِشْر، سَهْلَ الخُلُق، ليِّن الجانب، ليس بفَظٍّ، ولا غليظ، ولا صَخّاب، ولا فَحّاش، ولا عَيّاب، ولا مَدّاح، يتغافَلُ عما لا يشتهي، ولا يُؤْيِسُ منه راجِيَهُ، ولا يُخيبُ فيه.

قد تَرَكَ نفسه من ثلاث: المِراء، والإكثار، وما لا يعنيه. وترك الناس من ثلاث: كان لا يذُمُّ أحداً ولا يَعيبُه، ولا يطلُبُ عَوْرَتَه، ولا يتكلَّم إلاّ فيما رَجا ثوابه.

وإذا تكلَّم أطرَقَ جُلساؤه، كأنَّما على رؤوسهم الطَّيرُ، فإذا سكتَ تكلَّموا، لا يتنازعون عنده الحديث، من تكلَّم عنده أنصتوا حتى يَفرُغ. حديثُهم عنده حديث أوَّلِهم. يضحكُ مما يضحكون، ويتعجَّبُ مما يتعجَّبون منه.

ويصبِر للغريب على الجَفْوَةِ في مَنْطِقِه ومَسْألَتِه، حتى إنْ كان أصحابُه ليَستجلبونهم. ويقول: إذا رأيتم طالبَ حاجةٍ يطلُبها فارْفِدوه. ولا يَقبَلُ الثناء إلاّ من مُكافئ، ولا يقطع على أحد حديثه حتى يجور، فيقطعُه بنهيٍ أو قيام».

وكان صلى الله عليه وسلم يُعطي كل واحد من جُلسائه وأصحابه حقَّه من الالتفات إليه والعناية به، حتى يظُنَّ كل واحد منهم أنه أحبُّ الناس إلى رسول الله. روى الترمذي في الشمائل أيضاً عن سيدنا علي رضي الله عنه في وصفه لمجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «كان يُعطي كل جُلسائِه بنصيبه، لا يحسب جليسه أنَّ أحداً أكرم عليه منه».

[من كتابه: الرسول المعلم].

المصدر: https://alfajrmg.net/2013/06/03/%D8%B4%D8%AE%D8%B5%D9%8A%D8%A9-%D8%B1%D8...

أنواع أخرى: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك