عن الشّعر السُّوريّ الحالي: الموقف من الزَّمان والمكان والحبّ
بقلم: عبد الكريم بدرخان
سلطة النَّموذج الحداثي:
لم يكن الزمنُ الذي نشأ فيه شعر الحداثة العربي، وتطوَّر فيه بالتفاعل مع الأحداث المحلية والإقليمية والدولية؛ زمناً عادياً، فهو زمنُ التحرّر من الاستعمار الغربي ودخول الدول العربية في طور الاستقلال، وهو زمن التحرّر من الاستغلال الاقتصادي والتخلّف الاجتماعي، وانطلاق العمل السياسي والثقافي ووسائل الإعلام، وهو الزمن الحسّاس جداً بين نكبة فلسطين 1948 ونكسة العرب 1967. وقد لعبتْ هذه الظروف التاريخية دوراً في أنْ يأخذ شعر الحداثة خصوصيّةً زمنيّة، هي خصوصيّة الأصل، أو النموذج الأوّل، أو المثال الأكمل. وبالتالي لم تعدْ علاقة الشعر العربي اليوم مع الشعر العربي إبّـان النكسة؛ علاقةً بين فترتين زمنيتين عاديتين، بل هي علاقةٌ بين نموذج الحداثة الأكمل، ومحاولاتٍ شعرية تسعى اليوم للوصول إليه، وهنا دخلنا –مُسبقاً- في تقييم الأحدَث بمعيار الأقدَم، بدلاً من تقييم الشعر الأقدَم بمعيار الشعر والنقد الأحدَثين.
كانت نكسة حزيران بمثابة الزلزال الذي أسَّس وعياً وطنياً وقومياً جديداً، رافقه تأسيسٌ لشعرٍ جديدٍ سُـمّيَ “شعر القضيّة”، وللربيع العربي اليوم آثارُه الأكثرَ زلزلةً للوعي أيضاً، ومن المفروض أنْ يؤسّس لشعرٍ وشعراء جُدد، دون أنْ نضع “شعر القضية” أو “شعراء القضية” في مرتبة النموذج الأكمل، فعلى هذا “الشعر المثال” مآخذُ وانتقاداتٌ رافقتْه منذ نشأته، لكنّ الظرف السياسي -آنذاك- رفعَهُ، وأغفلَ منتقديه، ومنهم أدونيس الذي لم يُخفِ رأيه في شعر الأرض المحتلّة وشعرائها، قائلاً: “إن هذا الشعر يجري ضمن الأطُر الموروثة، وإنه خارج الثورة لأنه يعتبرُها حدثاً خارجياً قابلاً للوصف والهتاف والغناء، وهو مشبَعٌ بروح المبالغة، والمبالغة تفرّغ الوعي وتجعله خاوياً، وهو نتاج غنائيّ بأبسط مستوىً للغنائية”.[1]
العوامل الَّتي تتحدّد الاتّجاهات الشّعريَّة:
كيف يحدّد الشاعر موقفه الأسلوبي؟ فيكون شاعراً كلاسيكياً أو محافظاً أو مجدّداً أو متمرداً، كيف يبني موقفه السياسي؟ وهل للأيديولوجيا يدٌ بذلك؟ أم أنّ تأييده للأنظمة أو للثورات صارَ خارجاً عن الأطُر الأيديولوجية؟ وهل تتحدّد علاقته بالمكان- الوطن وفقَ بيئته التي نشأ فيها؟! وهل يتبنّى موقفه من الزمان على أساسٍ حداثيّ يرى الفردوس في المستقبل؟ أم على أساسٍ سلفيّ يرى الفردوس في الماضي؟!
أعتقد أن للنشأة الثقافية دورٌ في تحديد الاتجاه الأسلوبي، حيث يختلف أسلوب الشاعر المتعمّق في التراث عن أسلوب الشاعر المتأثّر بالأدب العالمي. كما تلعب وسائل الإعلام دوراً في تشكيل الوعي السياسي، وتحديد موقف الشاعر من أحداث العالم. وقد يكون للبيئة- البيت- الطفولة دورٌ في تحديد موقفه من المكان، ويكون لتكوينه السيكولوجي دورٌ في قدرته على التمرّد الشعري أو البقاء ضمن الـتقليد.
سأحاول في هذه الدراسة، إضاءة بعض الاتجاهات الشعرية، في الشعر السوري بعد 15 آذار 2011، وقد اخترتُ نصوصاً لشعراء سوريين (دون الأربعين عاماً) موضوعاً للدراسة، التي ستكون ضمن ثلاثة محاور: الموقف من الزمان، الموقف من المكان، الموقف من الحبّ.
أوَّلاً: الموقف من الزَّمان:
“الزمان هو الأفق الذي نطلُّ منه على مسألة الوجود”، تكفي هذه العبارة لـ هيدغر لمعرفة أهمية الزمان في تيارات الأدب الحديث، فالزمان –عنده- ليس مجرّد امتداد أفقي، بل هو حركةٌ دؤوبةٌ نحو المستقبل، من حيث أنّ كلّ وجود هو إمكانيةٌ تنتظر التحقيق[2]. ويرى برغسون أنّ الزمن تجربةٌ نوعيّة لا كميّة، حين يكون مُسقطاً على المكان أو المسافة، فهو لا يُستعادُ باللحظاتِ التي عاشها المرء، بل بالروابط التي تصل بين هذه اللحظات[3].
يتضّح من بعض نصوص الشعر السوري بعد 15 آذار 2011، أنّ موقف الشاعر من الزمان يتشكّل ضمنَ موقفه من ثلاثة أزمنة؛ الأول: هو الزمن الماضي الذي يأخذُ صورةَ الحنين إلى الطفولة، والثاني هو الزمنُ المستقبل الذي يأخذ صورةَ الانبعاث، والثالث هو الزمن الميتافيزيقي، أي الزمن الذي يسير خارج دورة الفصول وتعاقب الليل والنهار، فهو زمنٌ يطفو فوق الزمن، وهو بنفس الوقت ليس زمناً منعدماً، إذ هو زمنٌ متخيَّلٌ شعرياً.
يأخذ الزمن الماضي صورة الطفولة البيضاء النقية، حين كان الشاعر واحداً من مفردات الطبيعة، فيلوذُ به هارباً من الحاضر الثقيل، يقول محـمد طه العثمان:
“عُدْ بي لفيضكَ أيها الطفلُ كفراشةٍ يعدو بها الليلُ” [4]
ويأخذ الزمن الماضي صورة الحنين إلى فترة الشباب، والتحسّر على الأيام الخوالي، كقول عمر يوسف سليمان:
“وكانَ لنا زمنٌ طيّبُ
وكانتْ كؤوسُ الشرابِ رفيقاً
ولكنّها أقربُ” [5]
بينما يأخذ الزمن المستقبل؛ صورة العنقاء المنبعثة من الرماد، وتكون لهُ دلالاتُ الانتصار الحتمي للشعب على الطغيان، لكنْ يُـؤخذ على هذا التفاؤل كونه عاطفياً، أو أسطورياً- تموّزياً، كقول عمر يوسف سليمان:
“ليلةً ما سيصلُ البدرُ كي يضيءَ حجارة الشوارعْ
سندركُ أنّ للحجارةِ شكلَ وجوهِ آبائنا
وسوف نكونُ جسوراً
يعبرُها أطفالُ آذار إلى عسلِ الشمسْ” [6]
وفي النظرة الأسطورية- التموزية نحو المستقبل، يصبح الزمنُ دائرياً، فالربيع قادمٌ حتماً بعد الشتاء، والعنقاء ستنبعث لا محالة من الرماد، فلا تعود للمستقبل حريةُ الانعتاق من الماضي، إذ يصيرُ ماضياً في ولادةٍ جديدة، وضمن هذه النظرة يقول حسن ابراهيم الحسن:
“لا بُـدَّ من نيرونَ كي نصحو،
إذنْ،
لا بُـدَّ من نارٍ لينتصرَ الرمادُ” [7]
أما الزمن الميتافيزيقي فتضيقُ مساحته بين ثنائية الحنين إلى الماضي والتطلُّع نحو المستقبل، كما أن للموروث الشعري العربي دوراً في ذلك، فهو يضيق بالزمن الـمُتخيَّل، بعكس الموروث النثري العربي الحافل بالسرديّات الخارجة عن قانون الزمن. ولذا نرى الشاعر يطعّمُ نصّه بالسرد، ليتحرّر من قيود الزمن، ويدخل في زمنه المتخيّل، كقول تمام التلاوي:
“تقولُ الحكايةُ
إنَّ النساءَ انهمرنَ من الشرفاتِ
وإنَّ المدينةَ لم ينجُ منها أحدْ
بكى صاحبي فوق جسرِ الظهيرةِ
لـمّـا رأى جثّتي
وهي تطفو على بردى كالزبدْ” [8]
وبما أنّ الموت هو النقطة التي ينتهي عندها ميدانُ المعرفة، ويبدأ مِنْ بعدها فضاءُ الميتافيزيقا، يدخلُ الأمواتُ في زمنٍ خارجَ زمننا، ويصبح التواصلُ معهم وانتظارُ بعثهم، تشكيلاً لزمنٍ ميتافيزيقي مُتخيَّل، تقول بسمة شيخو:
“أولّفُ المذياعَ على تردُّد القيامة
فهمْ ينتظرونَ إعلانَ بعثهم،
ألهو قليلاً مع أرواحٍ مشاكسةٍ
بكُراتٍ زجاجيةٍ
كانتْ تنـبِّـئُهم يوماً، بماضيهم الآتي”. [9]
ثانيًا: الموقف من المكان:
يعتبر المكان عنصراً أساسياً من عناصر تشكيل الفضاء الشعري، والفضاءُ غالباً أوسع من المكان، فهو فضاءٌ جغرافي ونصّي ودلالي ومنظوري. وبما أن الهمّ الشاغل للشاعر اليوم هو بلده سوريا، لا يغدو المكان- الوطن مجرَّد مسرحٍ للحدث الشعري، بل هو البحرُ الذي تُفضي إليه كلُّ خيوط القصيدة. وهكذا يتحدّد موقف الشاعر من المكان تبعاً لموقفه من ثلاثة أمكنة؛ الأول: المكان الغائب، وهو سوريا قبل الثورة، ويأخذ صورة الفردوس المفقود. والثاني: المكان الحاضر، وهو سوريا اليوم وما تتعرّض له من تدميرٍ وويلات، ويأخذ صورة الجحيم. والثالث هو المكان الرؤيوي، الذي يجنح إليه الشاعر هرباً من سطوةِ المكانين الأوَّلين.
لا يكون للمكان الغائب صورةُ الفردوس المفقود لكونه غائباً فحسب، بل لارتباطه بعلاقاتٍ زمانية واجتماعية وثقافية تشكّلُ هويته، ولمكانته في ذاكرة الشاعر وأبعادها السيكولوجية، يقول تمام التلاوي عن فردوسه المفقود:
“وأقولُ سوريّـا.. كوصفٍ للمجرّةِ
ليسَ كاسْـمٍ للبلاد، ولا كنصلٍ غارَ فينا
وأقولُ سوريّـا.. كأنيْ لستُ أعنيها تماماً
بل أشبّهُ باسمها قطْرَ الندى فوقَ الرموشِ...” [10]
بينما يأخذ المكانُ الحاضر صورةَ الجحيم، كقول عماد الدين موسى “المدينةُ تستوي على نارٍ هادئة”[11]، ولا يكون للمكان الحاضر (الجحيم) فجاعته المؤلمة، إلا بكون المكان الغائب (الفردوس المفقود) حاضراً في البُنية العميقة للنصّ، فهو بمثابة العدم الذي يأخذ منه الوجود وجوده، وتبلغ المأساة ذروتها عند التقاء المكانين، يقول تمام التلاوي:
“لم تبقَ أندلسٌ تتوّجُ خطوتي إلّا وأحرقها التتارْ
لا قبرَ أحفرُ فيه قبري بين درعا والقصيدةِ
بين حمصٍ والحصارْ” [12]
وعندما يطغى الجحيم على مفردات الحياة، ويصبح الأحياءُ موتى، يُعطي الشاعر بُعداً تموزياً لهذا الجحيم، وتصبح عشتار خلاصَه الوحيد من العالم السفلي، يقول حكمة شافي الأسعد:
“حين اشتقتُ إليكِ.. تنفّستُ هواءً نقياً
وكأنني لستُ في ثلّاجة الموتى” [13]
ومع الدخول أكثرَ في الأسطورة والرؤيا الشعرية، ينتقل الشاعر إلى المكان الرؤيوي المتحرّر من قيود الواقع وتقسيماته، فبدلاً من التغنّي بجماليّة المكان الغائب، أو البكاء على أطلال المكان الحاضر، ينطلقُ الخيال الشعري محلّقاً في المكان الرؤيوي، وكأنّ نبيّاً يضيفُ سِفراً جديداً على أسفار الرؤيا، يقول حسن ابراهيم الحسن:
“إني أرى شجراً يسيرُ
وراءهُ الطوفان يزحفُ
والقلاعُ تغـلِّـقُ الأبوابَ كي تنجو قليلاً
ثمّ تفتكُ –إذ تجوعُ- بساكنيها” [14]
وأظنُّ أن النماذج الشعرية التي قرأتها؛ فقيرةٌ بالرؤيا الشعرية نوعاً ما، وأرجّحُ أنّ ذلك عائدٌ إلى الظروف الحياتية الصعبة التي يعيشها الشاعر السوري، حيث أنّ ضغوط الحياة والمآسي اليومية أفقرتْ خياله الشعري، ولذلك نجدُ توظيفاً للأسطورة في النصّ، لكننا نادراً ما نجدُ أسْطَرةً للواقع، وكنموذجٍ لتوظيف الأسطورة، يقول حسن ابراهيم الحسن:
“طوفانُ نوحْ؟
أم أنهُ البركانُ يلتهمُ السفوحْ؟!
الأرضُ تخلعُ نفسَها من نفسِها
كي ترتدي الماءَ الجموحْ” [15]
ثالثًا: الموقف من الحبّ:
“يكمن جوهر البشرية في الجنسانية”[16] أسوقُ هذه العبارة لـ جورج باتاي، قاصداً إننا ما زلنا نعيش في عصر فرويد، أي في عصر تحطيم الحواجز بين الحبّ والجنس. صحيحٌ أنّ النظرية الفرودية تعرّضتْ للنقد علمياً وطبياً، إلا أنّ “حُـمّـى الأرشيف الفرويدي” –والتعبير لـ دريدا- ما زالتْ تُهيمن على النتاج الأدبي والفني، والدراسات الجنسانية والسيميولوجية إلى اليوم.
كيف كتبَ الشاعر السوري عن الحبّ؟ هل اعتبره أمراً ثانوياً بالمقارنة مع الحدث الأهمّ- الثورة؟ هل كان الحبّ جزءاً من حبّ الوطن؟ أم رغبةً مستقلّة بذاتها؟ هل توجد ثورة جنسية؟!
يتحدّد موقف الشاعر السوري من الحبّ –في النماذج التي قرأتُها- عبرَ ثلاثة اتجاهات؛ الأول هو ثنائية المرأة- الوطن، أما الاتجاه الثاني فيرى الحبَّ بديلاً عن الوطن، وفي الاتجاه الثالث تظهر الجنسانية موحّدةً بين الحبّ والجنس مُنطَلقاً، وبين الجنس والموت مُـنـتَـهىً.
لقد كان لسلطة نموذج “شعر القضية” التي ذكرتُها في البداية، أنْ تفرضَ اتجاهاً شعرياً مُتمِّماً لما سادَ في الستينات والسبعينات من الجمْع بين المرأة والوطن شعرياً، وكان مقياسُ الشعرية -آنذاك- عمقَ التماهي بين المرأة والوطن، بشكلٍ يصعبُ فيه الفصل أو التمييز بينهما عند المتلقّي. وأعتقد أنّ لثنائية المرأة- الوطن جذوراً تمتدُّ إلى الأسطورية الزراعية، وما زالتْ بعضُ دلالاتها الزراعية تطفو بين نصٍّ وآخر، يقول حسن ابراهيم الحسن:
“ليديكِ رائحةُ البلادِ
وقهوةُ البدوِ
احضنينيْ...
ليديكِ رائحةُ البيادرِ
نملةٌ جوعي، وقمحُكِ صاخبٌ جداً” [17]
وهكذا تأخذُ البلدانُ شكلَ النساء، كفلسطين عند محمود درويش، ودمشق عند نزار قباني، وفي هذا السياق يقول عمر يوسف سليمان:
“أمشّطُ شَعركِ يا اِبنةَ الشعراءِ
ويا طفلةً شاعرةْ
أمشّطُ شَعركِ يا حمصُ
يا امرأةً في الثلاثين
لكنّ ضحكتها لابنةِ العاشرةْ” [18]
بينما يظهر الحبّ في الاتجاه الثاني كبديلٍ عن الوطن الضائع، وكصناعةٍ للحياة في مواجهة الموت، وعادةً ما تزدادُ الرغبة بالحبّ والجنس في ظروف الحرب، كاستجابةٍ سيكولوجية لغريزة حبّ البقاء، فيغدو الحبّ فضاءً مكانياً وزمانياً ودلالياً لمجمل مفردات الحياة. تقول وداد نبي:
“الليلةَ أنا نازحةٌ
من شمالِ مدينةٍ صارتْ خراباً
باتجاهِ قلبكَ مباشرةً
لا أريدُ خيمةً للنازحين
ولا ملجأً يحميني من القصف
ولا حصّةً غذائيةً بائسةً تصلُني بعد طول انتظار
فقط أريدُ حصّتي من هواءِ رئتيك” [19]
في الاتجاه الثالث الذي أسميتُه “الجنساني”، وهو في الأصحّ الاتجاهُ المتأثر بآراء فرويد وفوكو وباتاي، يختصرُ الحبُّ الجسدي عجائبَ الكون وقوى الوعي واهتزازاتِ الشعور، وتغدو ممارسةُ الحبّ حالةً من الموت والبعث، أو هي معاملةٌ مع الموت من عدّةِ أوجُه: التزيِّ بالموت- الانتقام من الموت- الاتحاد مع الموت- الانفصال عن الموت، وهو ما عبّر عنه باتاي “الجنسُ والموتُ لحظتانِ حادثتانِ لعيدٍ تحتفل فيه الطبيعة، فكلٌّ منهما يحمل معنى الهدر اللامحدود”[20]. ومن النصوص الناردة المحتفية بالجنس فيما قرأت، والتي تربطُه بالموت، ثم توحّدُ بينهما بعمقٍ سيكولوجي، أختارُ هذا المقطع لـ تمام التلاوي:
“تنامينَ.. أعرفُ..
مرَّ الطغاةُ أمامي وأنتِ تنامينَ
كنتُ أمزّقُ فستانَ عرسكِ
كان الشتاءُ قوياً قوياً
وصوتُ الرعودِ كصخرٍ عظيمٍ على جبلٍ يتدحرجُ
كنتُ أصيحُ: اقتلوني اقتلوني..
ولا يسمعون..” [21]
خاتمة:
في الختام، يحضرُني سؤالان: هل يوجد شعرٌ سوريّ عن الثورة؟ والجواب: نعمْ يوجدُ الكثير من الشعر، وبعضُه في غاية الإبداع والتألّق. أما السؤال الثاني: هل توجدُ ثورةٌ في الشعر السوري؟!
رأيتُ من خلال دراستي للزمان، أنّ الحنين إلى الزمن الماضي هو الغالب، وبعدَه يأتي التطلّع الأسطوري نحو المستقبل، أما الزمن الميتافيزيقي فهو نادرُ الوجود. ومن خلال دراستي للمكان؛ أنّ المكان الرؤيوي محصورٌ بين فكّي المكان الغائب والمكان الحاضر. أما الحبُّ فهو إما تقليديّ، أو حبٌّ للمرأة والوطن بآن، مع غيابٍ واضحٍ للتأثيرات السيكولوجية على موضوعة الحبّ.
هذا ليس حكمَ قيمةٍ على الشعر السوري اليوم، بل تشجيعٌ لهُ على الثورة والتجاوز والتمرّد.
المصادر:
ـــــــــــــــــــــــــــ
1- أدونيس: زمن الشعر، دار الساقي، بيروت 2005.
2- جمال محمد أحمد سليمان: مفهوم الزمان عند هيدجر، رسالة ماجستير في الفلسفة، جامعة القاهرة 2002.
3- إحسان عباس: اتجاهات الشعر العربي المعاصر، عالم المعرفة، فبراير 1978.
4- محمد طه العثمان: سدرة الموت شهوة الوطن، دار نينوى، دمشق 2014.
5- عمر يوسف سليمان: لا ينبغي أنْ يموتوا، دار الغاوون، بيروت 2013.
6- عمر يوسف سليمان: الموت لا يغوي السكارى، دار “L’Oreille du Loup”، باريس 2014.
7- حسن ابراهيم الحسن: غامضٌ مثل الحياة وواضح كالموت، جائزة دبي الثقافية للإبداع، الدورة الثامنة.
8- تمام التلاوي: الصفحة الرسمية للشاعر تمام التلاوي على الفيسبوك: (Tammam Tellawi, Poet).
9- بسمة شيخو: شهقة ضوء، مركز التفكير الحر، جدّة 2015.
10- المصدر رقم 8.
11- عماد الدين موسى: كسماء أخيرة، دار فضاءات، عمّان 2015.
12- المصدر رقم 8.
13- حكمة شافي الأسعد: نتلمّس الكلمات على الجدار، مكتبة الأدب السوري، كتاب إلكتروني 2014.
14- المصدر رقم 7.
15- المصدر رقم 7.
16- صخر الحاج حسين: اللغة المقدّس المدنّس، الحوار المتمدن 4/9/2009.
17- المصدر رقم 7.
18- المصدر رقم 5.
19- وداد نبي: ظهيرة حب ظهيرة حرب، دار كوبيا، حلب 2013.
20- عمر مهيبل: الموت والرغبة كتجلٍّ وجودي للموت والعدم عند باطاي، مجلة نزوى، العدد 29.
21- المصدر رقم 8.