فطرة التوازن والوسطية ، وتحديات التطرف والغلو
فطرة التوازن والوسطية ، وتحديات التطرف والغلو
{ فأقم وجهك للدين حنيفا ، فطرة الله التي فطر الناس عليها ، لا تبديل لخلق الله ، ذلك الدين القيم ولكن
أكثر الناس لا يعلمون }الروم 30
من أبرز صفات المنهج الرباني صفة التوازن والوسطية ، وهي صفة فطرية تحقق سلامة السلوك البشري وسعادة الانسان وأمنه الاجتماعي والاقتصادي والبيئي والصحي ، وغيره .
توازن في كل جانب
والمنهج الاسلامي حرص على تحقيق التوازن هذا في كل جانب من جوانب حياة الانسان .. متوجا هذا النهج الفطري الراشد بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم :{ إن لبدنك عليك حقا ، وإن لنفسك عليك حقا ، وإن لأهلك عليك حقا ، وإن لربك عليك حقا ، فأعط كل ذي حق حقه }
- فلا بد من توازن بين اشباعات العقل والروح والبدن .
- ولابد من توزن بين الاهتمامات الخاصة والعامة ، الدنيوية والاخروية ، يحدوه قوله تعالى :{ وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ، ولا تنس نصيبك من الدنيا ، وأحسن كما أحسن الله اليك }
- ولابد من توازن في الانفاق يحول دون الامساك والاسراف ، يؤصله قوله تعالى :{ والذين اذا انفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا ، وكان بين ذلك قواما }
- ولابد من توازن في توزيع الثروات ـ كي لا يصبح المال دولة بين الاغنياء ، كما هو الحال اليوم ، حيث تشير الاحصاءات الى أن 30 بالمائة من سكان العالم يعانون من المجاعات الحقيقية ، وأن 40 بالمائة يعانون من العطش وعدم توفر الماء ؟
- ولابد من توازن في الانتاج الصناعي يحول دون التلوث البيئي نتيجة تزايد النفايات الصناعية ، مما تسبب ويتسبب بكوارث بيئية مهلكة ومدمرة ؟
- ولابد من وقف التجارب النووية للحيلولة دون تفاقم مشكلة خسارة الاراضي الزراعية بسبب التصحر ، وارتفاع حرارة الأرض ، وخفض في انبعاث الغازات السامة ..
وهكذا يحرص المنهج الفطري في الاسلام على تحقيق التوازن في كل جانب من جوانب الحياة ، كي تستمر الحياة ، بعيدا عن المشكلات والمهلكات والمخاطروالمآسي .
ولكم حفل هذا المنهج الرباني بشواهد قاطعة الدلالة على تبني واعتماد الوسطية والاعتدال ، وعلى الدعوة اليه ، والتحذير من تجاوزه ومخالفته . فرسول الله صلىالله عليه وسلم ما خير بين أمرين الا اختار اوسطهما ما لم يكن إثما كما حذر من التطرف عموما حيث قال :{ الا هلك المتنطعون }
ولتأكيد خيار الوسطية الذي جاء به الاسلام وأرسى قواعده كان قوله تعالى :{ وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ، ويكون الرسول عليكم شهيدا }
حصاد عدم التوازن
إن البشرية اليوم ، أفرادا وشعوبا ومجتمعات ودولا ، تقطف ثمرات مجانبتها الأخذ بسنة التوازن ، نتيجة الاطماع التي تحركها وتدفع بها الى الشقاء والجحيم ، بل الى الانتحار ، والذي لا تشعر به إلا بعد فوات الأوان ؟
وما مؤتمرات قمة الارض ، وقرارات حظر التجارب النووية ، والدعوة الى خفض الانتاج الصناعي ، ومعالجة مشكلة تزايد النفايات الصناعية وسواها ، سوى نتيجة صارخة لسياسات الافراط والتفريط المعتمدة على كل صعيد .
وهكذا يتأكد في كل حين ، مدى حاجة البشرية الى الاسلام ، والى منهجه الوسطي الفطري ، للخروج من الشقاء والتعاسة الى السعادة والهناء .
{ قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين * يهدي به الله من اتبعه رضوانه سبل السلام ، ويخرجهم من الظلمات الى النور باذنه ، ويهديهم الى صراط مستقيم ]
صدق الله العظيم ، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
فتحي يكن
الجمعة 28 جمادى الثانية 1423هـ الموافق 6 ايلول [ سبتمبر ]
المصدر: http://www.daawa.net/display/arabic/efuqh/efuqhdetail.aspx?eid=90&etype=6