التفكير... ليس لك

 

ندى الأزهري

مع نهاية العام، تنتشر في الإعلام الفرنسي إحصاءات عن الأكثر والأسوأ... وعشرات الصفات الأخرى التي تستخدم فيها أفعال التفضيل. ثمة العناوين الأكثر تداولاً في الإعلام، والبرامج الأكثر مشاهدة، والمسلسلات الأكثر جذباً، والمحطات «الأكثر غرقاً».

ضمن العنوان الأخير نجد محطات تلفزيونية صرفت الكثير واستخدمت أسماء شهيرة في عالم الإعلام ورفعت من موازنتها بمعدل أربعين في المئة لتجد بعد أشهر عدة أن حالها ما زال واقفاً وأن عدد متابعيها الذي أرادت دفعه ليتجاوز نسبة اثنين في المئة، ما زال عند الواحد والنصف! وثمة محطات لم تمنعها خبرتها في السوق من إطلاق برامج لم تحقق مشاهدة معقولة فأوقفتها بعد أسبوعين من إطلاقها! وأخرى مثل «تي اف1» المحطة الأكثر متابعة في فرنسا، تقرر ازالة برنامج «مسابقة الحلاقين» من خريطتها الإعلامية لأنه لم يثر اهتمام الجمهور كما كان متوقعاً. كذلك بدأت برامج مثل «ماستر شيف» تثير ملل المشاهدين وهي في موسمها الخامس فتقرر «إغلاق المطبخ» وفق تعبير موقع بيور ميديا الذي نشر دراسة بهذا الخصوص. ولم تسلم محطة أخرى هي الثانية في نسب المتابعة فرنسيا من المفاجأة، فها هو برنامج «الحلونجي الكبير» على «فرانس «2 يفقد محبيه إذ لم يكترث له سوى مليونين من المغرمين بالحلوى.

أما المئة برنامج الأكثر متابعة خلا 2015 فغابت عنها للمرة الأولى مباريات كرة القدم هذا العام لتحلّ محلها مسابقة بطولة العالم في «الركبي» التي سجلت أعلى نسب متابعة ولاسيما مباراة فرنسا ونيوزلاندا التي جذبت أكثر من 12 مليون مشاهد أي 47 في المئة من السوق. كما تبين عودة وهج « صنع في فرنسا» فتفوقت المسلسلات الفرنسية للمرة الأولى على الأميركية في نسب المشاهدة مع تراجع الرغبة في برامج المنوعات.

وكانت العبارات الأكثر نارية على الشاشة الصغيرة عديدة. وعلى رغم أن النقاش التلفزيوني لا يصل ابداً إلى ما نراه على الشاشات العربية من عراك بالأيدي وصراخ وإهانات وكلمات نابية، فإن الأمر لا يخلو أحياناً من كلام خارج عن المألوف. وثمة وصف واحد بالفرنسية شامل بسوئه ونابي يستعمل في كل حالة للتعبير عن الحمقى أو الأغبياء وكل الأوصاف السيئة التي يمتلكها الشخص وهو يتردد كثيراً على لسان الضيوف التلفزيونيين من نوع « إذا وضعنا الحمقى على مدار فإن «فلان» لن يكف عن الدوران»! أو «لا أتحدث مع «الأغبياء» فهذا يثقفهم»! ولا يخلو الأمر من نقاش هادئ ولكنه يسدّد ضربات في الصميم كهذا الحوار بين فيلسوف ضيف وإعلامي روائي إذ قال الأول للثاني» لقد رفضت مكانك هذا الذي تجلس عليه بعدما عرض علي! أنت روائي ممتاز ولكن ليس عليك محاولة التفكير! هذا ليس معمولاً لأجلك!».

http://www.alhayat.com/Opinion/nada-Al-azhari/13182257/%D8%A7%D9%84%D8%A...

الحوار الداخلي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك