اللاجئون السوريون بين القانون والإرادة السياسية

 

د. منيرة فهد الحمدان*

    تشهد التغيرات السياسية والمجتمعية الإقليمية في المنطقة العربية، عدداً من التحولات الجذرية، فمنذ عام 2011م، دخل على عدد من المجتمعات العربية كثير من التغيرات التي نتج عنها زيادة في العنف وانتهاكات حقوق الإنسان، التي نتج عنها زيادة غير عادية في عدد اللاجئين من العالم العربي، ما أدى إلى تأثير ذلك في القوانين والاجراءات الوطنية الاقليمية والدولية، علاوة على عدد من التساؤلات حول الاتفاقات الدولية الخاصة باللاجئين وشؤونهم، ومع استمرار المأساة لا سيما تلك التي يعانيها السوريون، والتي نتج عنها ان اصبحت سورية اكبر مأساة في العالم العربي في عدد اللاجئين، بل والعالم اجمع في عام 2015.

يأتي اللجوء السوري في المقدمة، وبعدد تجاوز ال 4 ملايين شخص، يليهم اللاجئون من أفغانستان، وبعدد 2.59 مليون شخص، وفي المرتبة الثالثة لاجئو الصومال 1.11 مليون شخص، وتشكل هذه الجنسيات مجتمعة ما نسبته 53% من عدد اللاجئين في العالم، طبقاً لذات القراءة، ما يشير إلى أن هناك مسؤولية على عاتق جامعة الدول العربية، حيث يشكل رعايها نسبة كبيرة من هؤلاء اللاجئين.

عدد من التغيرات القانونية والسياسية والأمنية تتأثر بهذه الظاهرة، لكننا نحاول في هذا المقال التركيز في الجانب القانوني، وسبر مكامن الخلل في القوانين الدولية والاتفاقيات حاكمة اللجوء.

يشكل القانون الدولي - لا سيما الاتفاقية الخاصة بشؤون اللاجئين عام 1951م - المرتكز القانوني الخاص باللاجئين الذي وضع المعايير التي من خلالها يمكن أن يكتسب الشخص صفة لاجئ، ومن ثم يحصل على جميع الحقوق الخاصة بذلك، التي تنص على أن اللاجئ: "كل إنسان يخشى جدياً من تعذيبه/ اضطهاده بسبب دينه، أو جنسيته، أو جنسه ...".

وتشير المادة 14 من الميثاق العالمي لحقوق الإنسان (1) إلى أن كل فرد الحق في أن يلجأ إلى بلاد أخرى، أو يحاول الالتجاء إليها هرباً من الاضطهاد، كما أشارت المادة 12 من الاعلان الإسلامي لحقوق الانسان إلى ذلك.

وإضافة إلى غياب قوانين وطنية تناقش المركز القانوني في كل دولة عربية على حدة، إلى أنه مع الأسف لا يوجد إطار قانوني شامل وموحد يجمع الدول العربية، أو الخليجية، تحت إطار مؤسساتي أو تشريعي، فالدول اقتصرت تنظيماتها على وضع اللاجئ على شكل بعض الإجراءات الخاصة بدخول أراضيها، أو الإقامة المؤقتة بالنظر إلى كل حالة على حدة.

تحليل الحالة السورية وتأثيراتها القانونية في مفهوم اللجوء الحديث

احتلت تركيا المركز الأول في استقبال اللاجئين بعدد أربعة ملايين لاجئ، كما أن لبنان كان له دور كبير في استضافة اللاجئين بالرغم من أنه ليس من الدول الموقعة على اتفاقية 1951م، كما أن دستوره 1926م لم ينص على حق اللجوء، وكل ذلك يشكل خطراً على اللاجئين السوريين المتدفقين إليه، إذ إنه لن يكون هناك تحديد واضح وثابت لحقوقهم وواجباتهم، إضافة إلى أنه من الناحية المقابلة ستجد دولة لبنان نفسها في وضع ما، بين الاستجابة الإنسانية لهذا الوضع الاضطراري، وحفظ أمنها وكيانها الاجتماعي من هذا التدفق الكبير للاجئين.

ولا تغيب عن الذكر الأردن، التي ما زالت تستقبل أعداداً هائلة من اللاجئين السوريين في مخيمات الزعتري، والمخيم الحديث المسمى بالأزرق، ومخيمات أخرى، ومع ذلك لم يستفد من هذه المخيمات إلا 20% من اللاجئين السوريين حسب إحصائية المفوضية السامية، إذ جاوزت أعداد القادمين من سورية السبعمئة ألف.

وكانت الدول الأوروبية - على غير جديد - في تناقض مع تشريعاتها و"مبادئها الحقوقية" و"حقوق الإنسان" الذي يدعونه، في استقبال اللاجئين، حيث منعت المجر مثلاً القطارات على اللاجئين السوريين مع أنها أحد الموقعين على اتفاقية 1951م، وسمحت بعض الدول الأخرى للنصارى فقط بحجة أن المسلمين لن يندمجوا في مجتمعاتهم، وقد بدا زيف شعاراتهم، لكن العيب فينا إذ نحن نحملهم المسؤولية من دون أن نحملها أنفسنا أولا.

. http://www.alriyadh.com/1113900

 

 

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك