خدمة اللغة العربية نشر لمعالم حضارتنا

د. علي بن عبدالله بن صقر

    قبل ثلاثة أعوام، وبالتحديد في يوم 18 ديسمبر من عام 2012م، اليوم العالمي للغة العربية، اجتمعت اللجنة الثقافية، في مبنى الملحقية في فيينا، وضعت خطة قصيرة المدى لثلاثة أعوام، لترجمة ثلاثين كتاباً من مؤلفات السعوديين المميزة، إلى اللغة الألمانية تشمل جميع حقول المعرفة، وذلك تكريماً واعتزازاً باللغة الضاد التي اعتمدتها هيئة الأمم المتحدة منذ اليوم الثامن عشر من شهر ديسمبر (كانون الأول) من عام 1937م لغة عالمية سادسة ضمن هيئاتها ومؤسساتها وجمعياتها، كانت المهمة حينذاك تبدو صعبة المنال، وشكك بعض أعضاء اللجنة بتحقيقها وإنجاز هذا القدر الهائل خلال تلك الفترة القصيرة.

شرعت اللجنة باختيار عدد من مؤلفات السعوديين المميزة مستعينة في مهمتها بأساتذة من الجامعات السعودية فأعدت قائمة بالكتب المختارة نالت موافقة ودعم ومؤازرة المسؤولين في وزارة التعليم العالي آنذاك مادياً ومعنوياً، ألا أن المشكلة الحقيقية التي واجهت الملحقية وأعضاء اللجنة الثقافية في تحقيق برنامجها في الترجمة هي ندرة المترجمين ذوي الكفاءات العالمية بخاصة من اللغة العربية إلى اللغة الألمانية، وهنا كان معهد الاستشراق ومعهد الترجمة في النمسا خير عون في تسهيل وتيسير هذه المهمة باختيار الشركات المتخصصة في هذا الحقل.

واصلت اللجنة الثقافية مهمتها بجد دون كلٍ أو مللٍ فعرضت ما تمَ ترجمته خلال هذه الأعوام الثلاثة في معارض فيينا الدولية، واستضافت الملحقية المؤلفين السعوديين لمشاركتهم في عرض مؤلفاتهم، وتزيينها بتواقيعهم، لضيوف المعرض وعشاق اللغة العربية وآدابها، وقام بعضهم بإلقاء كلمات موجزة، عن مؤلفه المترجم إلى اللغة الألمانية، ثم أعقب ذلك حوار ومداخلات.

لم تكتفِ الملحقية بهذا القدر من الكتب المترجمة، بل أعدت برنامجاً حافلاً، اشتركت فيه الصحف المحلية في النمسا، لليوم العالمي للغة العربية، وأرسلت بطاقات تهنئة إلى جميع السفارات العربية والإسلامية المعتمدة في النمسا، والطلائع الثقافية من الجاليات العربية المقيمة في فيينا.

كما أقامت الملحقية ندوة عن تعليم وتعلم اللغة العربية لعام 2013م، في صالة الاحتفالات في مبنى الملحقية، شارك فيها أساتذة وطلبة معهد الاستشراق في جامعة فيينا، وأساتذة مستشرقون من جامعات دول الإشراف (المجر، التشيك، سلوفاكيا، رومانيا) ونخبة من المثقفين العرب المقيمين في النمسا.

وبمناسبة اليوم العالمي للغة العربية لعام 2014م، أقامت الملحقية ندوة عن تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها في جامعة اتفوس لوراند، في العاصمة المجرية بودابست، إلى جانب برنامج تدريبي وورشة عمل أعدتها الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة وبمشاركة خمسة عشر أستاذاً سعودياً ولمدة سبعة أيام.

وفي جامعة فيينا احتفلت الملحقية باليوم العالمي للغة العربية لعام 2015م، بإعداد ندوة عنوانها "العربية في عيون غربية" وبمحاضرة ألقاها الدكتور علي بن معيوف المعيوف، الأستاذ في كلية الآداب –جامعة الملك سعود، شارك فيها أساتذة وطلبة من جامعة فيينا وعدد من الممثليات العربية في النمسا.

وبحلول اليوم الثامن عشر من شهر ديسمبر – كانون الأول – من هذا العام 2015م، ستحتفل الملحقية الثقافية السعودية في النمسا باليوم العالمي باللغة العربية –إن شاء الله-، وبتحقيق تسعة أعشار من خطتها في الترجمة (قصيرة المدى) التي أقرتها قبل ثلاثة أعوام، حيث بلغ عدد الكتب المترجمة سبعة وعشرين كتاباً، أربعة وعشرون كتاباً من اللغة العربية إلى اللغة الألمانية، وثلاثة كتب من اللغة الإنجليزية إلى اللغة الألمانية.

قد شرعت الملحقية بتوزيع تلك الذخيرة، من الكتب المترجمة، خلال معارض فيينا الدولية للكتاب، والتي تعقد في الأسبوع الثالث من شهر نوفمبر – تشرين الثاني- من كل عام، على زوار الجناح السعودي في المعرض الدولي، ممن لهم صلة باللغة العربية وآدابها، والعلوم الإسلامية.

كما قامت بإهداء مجموعة من الكتب المترجمة، إلى المعاهد والجامعات، والمنتديات الثقافية في الدول الناطقة باللغة الألمانية، لإظهار الجانب المشرق للمملكة، ونقل صورة صحيحة عن معالم نهضتها الحديثة، والتعريف بثلة من المؤلفين السعوديين.

بالإضافة إلى هذا الكم الهائل، من الكتب المترجمة قام رئيس تحرير مجلة السفير الثقافي الأستاذ سالم بن محمد جفشر وبإشراف الملحق بتأليف كتاب باللغة العربية، تمت ترجمته إلى اللغة الألمانية يقع في 300 صفحة استعرض فيه وقائع الرحلة العلمية الاستطلاعية لجامعة فيينا، في ربوع المملكة العرية السعودية، والتي استغرقت أسبوعين من شهر مايو من عام 2014م. كما ضم الكتاب بين دفتيه، آراء وتطلعات الوفد النمساوي خلال رحلته العلمية، وعدة مقالات عن المنجزات العملاقة، للنهضة الصناعية والزراعية، وتطور الجامعات والمعاهد العلمية في المملكة العربية السعودية، كما أصدرت إدارة الإعلام في هيئة تحرير المجلة، تسعة أعداد من مجلة السفير الثقافي، خلال الأعوام الثلاثة، شارك فيها رئيس تحريرها الأستاذ سالم جفشر، والطلبة السعوديون المبتعثون في الجامعات النمساوية وجامعات دول الإشراف، وثلة من طلائع المثقفين العرب، المقيمين في أوروبا.

ومن ضمن الفعاليات بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية، مشاركة الملحق الثقافي السعودي في النمسا، بكلمات في الاحتفالات المقامة بهذه المناسبة في جامعة فيينا، وجامعة أتفوس لوراند، في العاصمة المجرية في بودابست، وبورقة عمل (عولمة اللغة العربي) في مؤتمر اللهجات العربية الحادي عشر، المنعقد في جامعة بوخاريست في رومانيا خلال الفترة 25-30 مايو 2015م.

لقد كانت الحصيلة، خلال تلك الأعوام الثلاثة من ترجمة الكتب، وإعداد للندوات، وإلقاء المحاضرات وإصدار المجلة الثقافية الدورية، والمشاركة في الندوات والمؤتمرات سيلاً من كلمات الشكر، والإعجاب والتقدير، من الأوساط الثقافية، من الدول الناطقة باللغة الألمانية، تركت أثراً طيباً، وصورة مشرقة للمملكة ورجال الفكر، من كتاب ومؤلفين.

إن الملحقية الثقافية السعودية في النمسا، تسأل الباري عز وجل، العون في خدمة اللغة العربية، ونشر معالم الحضارة الإسلامية وعلومها.

 

أنواع أخرى: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك