هل نستطيع استقراء المستقبل؟

د. محمد ناهض القويز

    لايزال لخلط الأوراق في الشرق الأوسط دور كبير في حيرة كثير من المحللين أو تناقضهم في قراءة الواقع.

ولئن كان عدم قدرة العامة على الرؤية أو التحليل لايضر ولا ينفع إلا أن مثل هذه الضبابية في الرؤية لو وجدت لدى المفكرين وصناع القرار فستكون عواقبها وخيمة جدا على المنطقة برمتها.

الجميع يعرف أن إعادة تشكيل الشرق الأوسط هو أحد الأهداف الاستراتيجية للسياسة الأميركية والإسرائيلية. وقد كانت هناك محاولات سابقة معلنة. ما لم يعلن هو الآلية التي سيتم بها إعادة تشكيله.

من هنا تأتي أهمية اتخاذ خطوات تضمن لنا معرفةً وإلماما بما يدور حولنا:

أولى الخطوات: النظر إلى الصورة الكبيرة لما يدور في الشرق الأوسط لأنها تعنى برسم مستقبل المنطقة بشكل يضمن مصالح الدول الكبرى التي لاتمانع من وجود نقاط نزاع محدودة تستهلك مدخرات دول المنطقة وتفني أهلها.

علينا ألا نغرق في التفاصيل الدقيقة والأحداث الصغيرة لأن ذلك يزيد من ضبابية الموقف ويؤدي إلى خطأ القراءة.

وأوضح مثال على ضرر الإغراق في التفاصيل هو القضية الفلسطينية إذ يكفي إلقاء نظرة على خارطة توزع الفلسطينيين والتمدد الإسرائيلي خلال نصف قرن بينما الفلسطينيون غارقون في أدق التفاصيل متناسين الصورة المكبرة.

ثانيها: وجود مراكز متخصصة تشتمل على خبراء في شتى المجالات ترصد وتحلل ولديها القدرة على رصد المتغيرات وتوقعها ومن ثم رسم مسارها المستقبلي. وتصبح تقاريرهم أحد أهم العوامل المساعدة على اتخاذ القرار ورسم الاستراتيجيات على المستوى الإقليمي والعالمي. ويكون من مهامه أيضا مراجعة الإجراءات السابقة ومدى فاعليتها والحاجة إلى تغييرها أو تطويرها.

ثالثها: تفعيل دور الهيئات الدولية الإقليمية والعالمية كمجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة ومجلس الأمن، فالتحرك في ركاب هيئة دولية خير من التحرك المفرد، وهذا ماتصنعه أميركا دائما وهو أيضا ما فعلته المملكة العربية السعودية قبل عاصفة الحزم.

رابعها: أن نكون شركاء في عملية التغيير من دون أن نستغل لتنفيذ أجندات خارجية.

من أوضح الأمثلة في تنفيذ الأجندات الخارجية ما تم من دفع صدام للحرب مع إيران ثم احتلال الكويت. أو من تجنيد حزب الله أو أنصار الله للمساعدة في تنفيذ المخطط الفارسي، أو استغلال حب الإخوان للسلطة من قبل الأميركيين لإيهامهم بإمكانية قيام خلافة إسلامية ذات توجه معتدل.

وستبقى هناك خطوات أخرى مساهمة كالتعاون مع الدول الصديقة في المجال الاستخباراتي والعسكري والتقني.

بدون تلك العوامل سيبقى استقراؤنا للمستقبل اجتهادا يصيب ويخطئ، ولايعتد به.

http://www.alriyadh.com/1112774

الحوار الداخلي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك