فصول لم تنته من الحرب الباردة

أميمة الخميس

    هل ما يحدث الآن في الشرق الأوسط هو فصل أخير من الحرب الباردة، فصل لم يكتمل ولم تنجز شروطه ولم يسرد أبطاله جميع سطور الأدوار المناطة بهم والتي من المفترض تلاوتها في مسرحية صراع الأقطاب، فصل لابد أن يؤديه القطبان معا كي يتسنى للحرب الباردة أن تدخل متحف التاريخ وتنام بسلام؟

قاد الرئيس الروسي السابق جورباتشوف حزب الحمائم داخل الكرملين، وأعلن (البيريسترويكا) مع الانشغال بإصلاح البيت السوفياتي الداخلي، وحول الستار الحديدي إلى سياج من ورد، ولم يبال بالعالم الشيوعي وهو ينفرط وتنفرط معه جمهوريات المنجل والمطرقة، ولكن جماعة الصقور داخل الكرملين لم تكن راضية تمام الرضا عما يحدث.. وهي ترى الاتحاد السوفياتي يمسخ من دولة عظمى إلى بائع متجول للقنابل النووية.

الشوفينية النازية كانت ترى اتفاقية (فرساي) التي وقعتها ألمانيا بعد الحرب العالمية الأولى مهينة وتطعن العنفوان القومي الألماني، لذا أشعل هتلر حربا عالمية ثانية.

والبيريسترويكا طعنت الشوفينية القومية الروسية، لتظهر وتتبدى في العهد الأزلي المتبادل لميدفيدف وبوتين، ليعود بوتين يبحث عن مجد القياصرة ومنجل ومطرقة ماركس معا، فالغرب اختطف كل أكاليل المجد له، وأبقى له فقط دور رجل العصابة الذي رضخ لأقداره.

بوتين يريد أن يتخلص من عار البيريسترويكا الإصلاحي، ويعيد روسيا العظمى، إلى حرب النجوم والبارجات الهائلة، والغواصات النووية وهي تمخر المحيطات، وفكين هائلين يلتقمان نصف العالم.

بالطبع لا أحد يصدق الذرائع التي ساقتها روسيا لترش قنابلها فوق سورية بهدف القضاء على تنظيم داعش.. فداعش هي صيغة استخباراتية سيئة الصنع، وفزاعة شارك في نصبها إيران وروسيا والنظام السوري، لتخوف المنطقة من عهد مابعد سقوط النظام السوري، وليلهث وراءها قطيع من السذج.

بوتين (القيصر الطموح) لديه أجندة طويلة:

يريد فك الاختناقات الدولية حوله في أوكرانيا.

يريد مدينة اللاذقية ميناء روسيا على البحر المتوسط بعدما تحول الأبيض المتوسط لبحيرة أميركية.

يريد قبل هذا وكله أن يلعب الفصل الأخير من مسرحية الحرب الباردة التي أهان فيها جورباتشوف العنفوان القومي الروسي، بعد أن خرج من خرائط العالم مهزوما، واستحوذ الأميركي على العالم.

بسقوط الطائرات الروسية يغوص بوتين أكثر في بحيرة التماسيح، فلم تنته فصول مسرحية الحرب الباردة.

المفارقة

فوق أراضينا وسمائنا وبحارنا وأنهارنا وحدودنا وتخومنا تُلعب هذه المسرحية.

حرب 67 هي معركة داخل الحرب الباردة (أسلحة أميركية وسوفياتية) تتحارب بالنيابة.

حرب 73 هي معركة داخل الحرب الباردة.

حرب أفغانستان هي معركة داخل الحرب الباردة.

القائمة طويلة..

....؟؟

المفارقة دائما نحن كعرب نخوض هذه الحروب بكل حماس، بعدما تسرق قضايانا وأرواحنا لنصبح أدوات ودمى تخوض حروبا بالنيابة.

الدب الروسي في سورية.. يكمل فصولا لم تنته من مسرحية الحرب الباردة.

http://www.alriyadh.com/1105830

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك