السلوك اللغوي مفتاح فهم الآخر

 

خبير الموروث الكويتي عبدالله فليح

حوار: سليمان الرومي وعلاء عبدالفتاح

 

السلوك اللغوي مفتاح فهم الآخر

 

 

منذ صغره أحب القراءة وتدوين المعلومات التي يحصلها من الكتب ومن حكايات الأجداد في أوراق متساوية وكأنه يعمل على بحث أكاديمي، شيئا فشيئا اتضحت الصورة أمامه، صار الموروث الثقافي المحلي جل اهتمامه، انتبه إلى اندثار كلمات وإهمال أخرى لم تعد في دائرة اهتمام المتحدثين، قرر أن يكون أحد حماة هذا التاريخ اللغوي، باعتبار أن اللهجات روافد تصب في نهر الفصحى وتضم ما يعززها ويثريها.. إنه خبير الموروث الثقافي الكويتي عبدالله فليح، الذي زار «الوعي الإسلامي» أخيرا فكان هذا اللقاء الكاشف عن علاقة اللهجة بالهوية، والحدود التي يمكن التحرك فيها لتعزيز العربية لغة الذكر الحكيم.

 

في البداية، يوضح الفليح أنه بدأ دراسته وهو طفل في الكتاتيب، ثم التحق بالمعهد الديني، وتخرج في جامعة الأزهر الشريف. لذا، فقد جمع بين دراسة شعبية وأخرى أكاديمية رسمية، فكان أن اتسع أفقه بتعدد مصادر معرفته.

 

< سألناه: كيف كانت بداية اهتمامك بالتراث؟

 

- فقال: بدايتي كانت بداية عمياء، تلتهم عيناي كل ما يقع عليه بصري من أوراق، فأبصرت عمق التاريخ. وقد تخيرت مقاسا واحدا للورق الذي أدون عليه المعلومات لتسهل مهمة الاسترجاع. أتذكر أنها كانت كبطاقات البحث العلمي مقاسها 15 سنتيمترا عرضا وطولها 21 سنتيمترا. كنت أدون ما استقيه من معلومات من الأشخاص ومن الكتب وحتى من البرامج التي استمع إليها في الإذاعة، شدني الكنز المسمى بالموروث الكويتي واللهجة الكويتية، فكونت أرشيفا عن كل ما أقرأ في سن مبكرة، ربما عام 1965م، وعندما حان الدور علي لأقدم برنامجا بالإذاعة عام 1994م، انتفعت كثيرا بهذه البطاقات.

 

< لكن ألم تنتفع بها في تأليف كتب تضاف إلى المكتبة العربية؟

 

- طبعت كتابا واحدا ومازال الباقي في انتظار الطباعة.

 

< نود أن نسألك عن علاقة اللهجة بالهوية الوطنية وهل هناك خوف على الفصحى من اللهجات المحلية؟

 

- اللهجة لها اسم دقيق هو اللغة، وهي أساس الهوية، وما نقول عنه إنه لغة هو اللسان إن أردنا الدقة. والقرآن نزل بلسان عربي مبين. وعلى الرغم من أن اللغة المحلية هي الأساس ورافد من روافد اللغة العربية الفصحى فإن البعض يحاربها، متناسين أن القرآن الكريم نزل على سبعة أحرف. والجهل في هذا الجانب مصيبة، إذ يضيع علينا مفردات وصيغا وضعت منذ 15 قرنا، ولنضرب مثالا على ذلك:

 

كلمة «ويبة» من معانيها «الخيبة»، وتجد ذلك في التراث الشعبي المصري ربطا بين الخيبة والويبة.. ومن معانيها «الهلاك» وهذه الكلمة منذ أكثر من 1400هـ سنة هي نفسها.

 

ثم لماذا نخاف على الفصحى ومنذ أيام الرسول  " صلى الله عليه وسلم"  واللغات المحلية موجودة، بينما العربية الفصحى هي لغة الخطاب الرسمي تحتفظ بمكانتها ولا تتأثر.

 

قضية التدوين

 

< لكن البعض يستخدم اللغة العامية في التدوين، وهناك مؤلفات بالعامية متداولة، فما موقفك من هذا؟

 

- أنا شخصيا أقرأ باللهجات، وأكاد أجيد اللهجات العامية المصرية والعراقية، والكويتية طبعا، وأكتب الشعر بها، وهذا يقدم إثراء، ومنه نتلمس الحياة عند الأقوام، وسلوكهم اللغوي نفهمه من خلالها.

 

المثل الشعبي يقول: «اللي يعيش ياما يشوف واللي يمشي يشوف اكتر»، وأنا مشيت كثيرا ورأيت كثيرا.

 

أهمية المفردات المحلية

 

< ما أهمية المفردات المحلية من وجهة نظرك؟

 

- نحن نبدأ العلاقة بالكلام، وطيب الكلام يحسن العلاقة الإنسانية، وهناك جمل موروثة تلطف المقابلات، فمثلا إذا قطعت كلام أحدهم لأمر مهم تقول: «مقطوع كلامك بالخير»، وإذا صادفت أحدا تقول له: «تفضل»، فيرد: «يزيد فضلك». لكن هذه الجمل اختفت بسبب تغير إيقاع الحياة وعدم وضع الصيغ البديلة، وبالتالي تأثرت العلاقات.

 

< ما خصائص المجتمع الكويتي التي احتفظ بها في موروثه الثقافي؟

 

- أهل الكويت كانوا أصحاب سفن بحر وسفن بر، وهذا التواصل خصيصة تعطي ميزة التعامل مع جنسيات كثيرة: الهندي والإفريقي والأوروبي، فمثلا إذا أردت أن تخبر بأن فلانا يسكن بعيدا تقول: هو يسكن في «جندهار» (قندهار)؛ ذلك لأن القوافل كانت تأتي الكويت بالبضائع وهي زيادة عن حاجة أهلها فيتاجر بها التجار ويسافرون بقوافل برية إلى قندهار.

 

< هذا قبل ظهور النفط، فماذا حدث بعده؟

 

- التغيير الأكثر بدأ في السبعينات، فما عاد لدينا التواصل الكويتي الحميم، كان الآباء يصطحبون الأبناء معهم إلى الدواوين فيتلقون السلوك من الكبار، لكن الآن الوضع اختلف، الأب مشغول والأم مشغولة، قارن بين ذلك الوضع وبين «الحمولة»، والحمولة لمن لا يعرف: هي العائلة الكبيرة التي كانت تجتمع في بيت واحد، والجد كان يزوج الأبناء ويراعيهم حتى لو لم يجدوا عملا.

 

وكان للجدة الكلمة الأولى فيما يخص ترتيب البيت وتموينه (دار الكيلة) وطعامه، وبالطبع لم يكن هناك تبذير (اليوم نحن من المبذرين نرمي في الحاويات فائضا كبيرا من الطعام)، كانت كل الكويت تشترك في تنظيف الشوارع قبل العيد، وتشم رائحة الورد والبخور منها لكن الآن الكل منشغل.

 

دور الدراما

 

< كيف ساهمت في إخراج الموروث الثقافي للنور؟

 

- كتبت عدة أعمال درامية للمحافظة على الموروث الثقافي، لكن للأسف اكتشفت أن المنتجين يفتقدون العناية المطلوبة بهذا الجانب، فمثلا في عام 1994م كتبت دراما توثيقية عن 15 مهنة كويتية (عرضت ثلاث مرات في اليوم الواحد).

 

فمثلا في سياق الحديث عن مهنة «التناك» كتبت كيف عندما يمنع الملا الصغار من الخروج إلى البحر، فينزلون إلى خزان الماء، وهو «التانك»، وقد حددت أعمارهم من 8 إلى 10 سنوات، ففوجئت بالمخرج يأتي بشباب أعمارهم 25 سنة! وهذا يخالف الحقيقة.

 

ومع ذلك عدت في عام 2002م، وبتكليف من مؤسسة الإنتاج المشترك، فكتبت دراما توثيقية عن الزواج في الكويت، وكتبت عملا تلفزيونيا آخر في البحرين. ويستطرد فليح: أنا لا أعمل من أجل المال، وإنما للتوثيق، وقد كنت مستعدا بمادة علمية لأكتب عن 71 مهنة أساسية، منها «القلاف» (من قلف السفينة)، والحداد، و«المحماص» (هون يستخدم في تحميص البن وأداة لحفر الآبار)، والنجار، و«الصفار» (يعمل بمادة الصفر على النحاس الأحمر)، و«النكاس» (صانع رحى طحن الحبوب والعامل على صيانتها).. غير المهن الأخرى التي تتفرع منها، لكني توقفت لأن المخرج لم ينفذ رؤيتي بدقة.

 

< ما نصيحتك كي نحافظ على الهوية الوطنية؟

 

- أرى أنه على المسؤولين في وزارة التربية إدراج العامية والعاميات المقارنة في المناهج، وعلى المسؤولين في الأجهزة الإعلامية الاهتمام بالتراث وتقديم أعمال درامية مكثفة عن هذا الجانب المنسي؛ لحفظ الموروث. والآن أنا مستعد بمشاريع درامية كثيرة، كما أساعد كل من يكتب دراما تاريخية بتصويب أي خطأ يرد فيها بالمجان؛ لأني أريد وجه الله بالحفاظ على موروثنا الثقافي من الاندثار.

 

 

 

بدأت بداية عمياء بأرشفة المعلومات فأبصرت عمق التاريخ

 

الفليح شاعرا

 

كتب عبدالله الفليح أشعارا عن المعهد الديني ودراسته الثرية فيه، فقد كانت به أنشطة تمثيل وخط وكشافة، على حد قوله، منها:

 

يسمو على دور العلم المعهد

 

أبدا كنجم في العلا يتوقد

 

أخلاق روحية خفاقة يدعو لها

 

الدين العظيم الأمجد

 

ومنها:

 

أنت خلاق العقول النيرة

 

أنت ماء للصحاري المقفرة

 

أنت جملت الورود الناضرة

 

أنت أعددت الشباب للغد

http://alwaei.gov.kw/site/new/default.aspx

السلوك اللغوي مفتاح فهم الآخر

 

خبير الموروث الكويتي عبدالله فليح

حوار: سليمان الرومي وعلاء عبدالفتاح

 

السلوك اللغوي مفتاح فهم الآخر

 

 

منذ صغره أحب القراءة وتدوين المعلومات التي يحصلها من الكتب ومن حكايات الأجداد في أوراق متساوية وكأنه يعمل على بحث أكاديمي، شيئا فشيئا اتضحت الصورة أمامه، صار الموروث الثقافي المحلي جل اهتمامه، انتبه إلى اندثار كلمات وإهمال أخرى لم تعد في دائرة اهتمام المتحدثين، قرر أن يكون أحد حماة هذا التاريخ اللغوي، باعتبار أن اللهجات روافد تصب في نهر الفصحى وتضم ما يعززها ويثريها.. إنه خبير الموروث الثقافي الكويتي عبدالله فليح، الذي زار «الوعي الإسلامي» أخيرا فكان هذا اللقاء الكاشف عن علاقة اللهجة بالهوية، والحدود التي يمكن التحرك فيها لتعزيز العربية لغة الذكر الحكيم.

 

في البداية، يوضح الفليح أنه بدأ دراسته وهو طفل في الكتاتيب، ثم التحق بالمعهد الديني، وتخرج في جامعة الأزهر الشريف. لذا، فقد جمع بين دراسة شعبية وأخرى أكاديمية رسمية، فكان أن اتسع أفقه بتعدد مصادر معرفته.

 

< سألناه: كيف كانت بداية اهتمامك بالتراث؟

 

- فقال: بدايتي كانت بداية عمياء، تلتهم عيناي كل ما يقع عليه بصري من أوراق، فأبصرت عمق التاريخ. وقد تخيرت مقاسا واحدا للورق الذي أدون عليه المعلومات لتسهل مهمة الاسترجاع. أتذكر أنها كانت كبطاقات البحث العلمي مقاسها 15 سنتيمترا عرضا وطولها 21 سنتيمترا. كنت أدون ما استقيه من معلومات من الأشخاص ومن الكتب وحتى من البرامج التي استمع إليها في الإذاعة، شدني الكنز المسمى بالموروث الكويتي واللهجة الكويتية، فكونت أرشيفا عن كل ما أقرأ في سن مبكرة، ربما عام 1965م، وعندما حان الدور علي لأقدم برنامجا بالإذاعة عام 1994م، انتفعت كثيرا بهذه البطاقات.

 

< لكن ألم تنتفع بها في تأليف كتب تضاف إلى المكتبة العربية؟

 

- طبعت كتابا واحدا ومازال الباقي في انتظار الطباعة.

 

< نود أن نسألك عن علاقة اللهجة بالهوية الوطنية وهل هناك خوف على الفصحى من اللهجات المحلية؟

 

- اللهجة لها اسم دقيق هو اللغة، وهي أساس الهوية، وما نقول عنه إنه لغة هو اللسان إن أردنا الدقة. والقرآن نزل بلسان عربي مبين. وعلى الرغم من أن اللغة المحلية هي الأساس ورافد من روافد اللغة العربية الفصحى فإن البعض يحاربها، متناسين أن القرآن الكريم نزل على سبعة أحرف. والجهل في هذا الجانب مصيبة، إذ يضيع علينا مفردات وصيغا وضعت منذ 15 قرنا، ولنضرب مثالا على ذلك:

 

كلمة «ويبة» من معانيها «الخيبة»، وتجد ذلك في التراث الشعبي المصري ربطا بين الخيبة والويبة.. ومن معانيها «الهلاك» وهذه الكلمة منذ أكثر من 1400هـ سنة هي نفسها.

 

ثم لماذا نخاف على الفصحى ومنذ أيام الرسول  " صلى الله عليه وسلم"  واللغات المحلية موجودة، بينما العربية الفصحى هي لغة الخطاب الرسمي تحتفظ بمكانتها ولا تتأثر.

 

قضية التدوين

 

< لكن البعض يستخدم اللغة العامية في التدوين، وهناك مؤلفات بالعامية متداولة، فما موقفك من هذا؟

 

- أنا شخصيا أقرأ باللهجات، وأكاد أجيد اللهجات العامية المصرية والعراقية، والكويتية طبعا، وأكتب الشعر بها، وهذا يقدم إثراء، ومنه نتلمس الحياة عند الأقوام، وسلوكهم اللغوي نفهمه من خلالها.

 

المثل الشعبي يقول: «اللي يعيش ياما يشوف واللي يمشي يشوف اكتر»، وأنا مشيت كثيرا ورأيت كثيرا.

 

أهمية المفردات المحلية

 

< ما أهمية المفردات المحلية من وجهة نظرك؟

 

- نحن نبدأ العلاقة بالكلام، وطيب الكلام يحسن العلاقة الإنسانية، وهناك جمل موروثة تلطف المقابلات، فمثلا إذا قطعت كلام أحدهم لأمر مهم تقول: «مقطوع كلامك بالخير»، وإذا صادفت أحدا تقول له: «تفضل»، فيرد: «يزيد فضلك». لكن هذه الجمل اختفت بسبب تغير إيقاع الحياة وعدم وضع الصيغ البديلة، وبالتالي تأثرت العلاقات.

 

< ما خصائص المجتمع الكويتي التي احتفظ بها في موروثه الثقافي؟

 

- أهل الكويت كانوا أصحاب سفن بحر وسفن بر، وهذا التواصل خصيصة تعطي ميزة التعامل مع جنسيات كثيرة: الهندي والإفريقي والأوروبي، فمثلا إذا أردت أن تخبر بأن فلانا يسكن بعيدا تقول: هو يسكن في «جندهار» (قندهار)؛ ذلك لأن القوافل كانت تأتي الكويت بالبضائع وهي زيادة عن حاجة أهلها فيتاجر بها التجار ويسافرون بقوافل برية إلى قندهار.

 

< هذا قبل ظهور النفط، فماذا حدث بعده؟

 

- التغيير الأكثر بدأ في السبعينات، فما عاد لدينا التواصل الكويتي الحميم، كان الآباء يصطحبون الأبناء معهم إلى الدواوين فيتلقون السلوك من الكبار، لكن الآن الوضع اختلف، الأب مشغول والأم مشغولة، قارن بين ذلك الوضع وبين «الحمولة»، والحمولة لمن لا يعرف: هي العائلة الكبيرة التي كانت تجتمع في بيت واحد، والجد كان يزوج الأبناء ويراعيهم حتى لو لم يجدوا عملا.

 

وكان للجدة الكلمة الأولى فيما يخص ترتيب البيت وتموينه (دار الكيلة) وطعامه، وبالطبع لم يكن هناك تبذير (اليوم نحن من المبذرين نرمي في الحاويات فائضا كبيرا من الطعام)، كانت كل الكويت تشترك في تنظيف الشوارع قبل العيد، وتشم رائحة الورد والبخور منها لكن الآن الكل منشغل.

 

دور الدراما

 

< كيف ساهمت في إخراج الموروث الثقافي للنور؟

 

- كتبت عدة أعمال درامية للمحافظة على الموروث الثقافي، لكن للأسف اكتشفت أن المنتجين يفتقدون العناية المطلوبة بهذا الجانب، فمثلا في عام 1994م كتبت دراما توثيقية عن 15 مهنة كويتية (عرضت ثلاث مرات في اليوم الواحد).

 

فمثلا في سياق الحديث عن مهنة «التناك» كتبت كيف عندما يمنع الملا الصغار من الخروج إلى البحر، فينزلون إلى خزان الماء، وهو «التانك»، وقد حددت أعمارهم من 8 إلى 10 سنوات، ففوجئت بالمخرج يأتي بشباب أعمارهم 25 سنة! وهذا يخالف الحقيقة.

 

ومع ذلك عدت في عام 2002م، وبتكليف من مؤسسة الإنتاج المشترك، فكتبت دراما توثيقية عن الزواج في الكويت، وكتبت عملا تلفزيونيا آخر في البحرين. ويستطرد فليح: أنا لا أعمل من أجل المال، وإنما للتوثيق، وقد كنت مستعدا بمادة علمية لأكتب عن 71 مهنة أساسية، منها «القلاف» (من قلف السفينة)، والحداد، و«المحماص» (هون يستخدم في تحميص البن وأداة لحفر الآبار)، والنجار، و«الصفار» (يعمل بمادة الصفر على النحاس الأحمر)، و«النكاس» (صانع رحى طحن الحبوب والعامل على صيانتها).. غير المهن الأخرى التي تتفرع منها، لكني توقفت لأن المخرج لم ينفذ رؤيتي بدقة.

 

< ما نصيحتك كي نحافظ على الهوية الوطنية؟

 

- أرى أنه على المسؤولين في وزارة التربية إدراج العامية والعاميات المقارنة في المناهج، وعلى المسؤولين في الأجهزة الإعلامية الاهتمام بالتراث وتقديم أعمال درامية مكثفة عن هذا الجانب المنسي؛ لحفظ الموروث. والآن أنا مستعد بمشاريع درامية كثيرة، كما أساعد كل من يكتب دراما تاريخية بتصويب أي خطأ يرد فيها بالمجان؛ لأني أريد وجه الله بالحفاظ على موروثنا الثقافي من الاندثار.

 

 

 

بدأت بداية عمياء بأرشفة المعلومات فأبصرت عمق التاريخ

 

الفليح شاعرا

 

كتب عبدالله الفليح أشعارا عن المعهد الديني ودراسته الثرية فيه، فقد كانت به أنشطة تمثيل وخط وكشافة، على حد قوله، منها:

 

يسمو على دور العلم المعهد

 

أبدا كنجم في العلا يتوقد

 

أخلاق روحية خفاقة يدعو لها

 

الدين العظيم الأمجد

 

ومنها:

 

أنت خلاق العقول النيرة

 

أنت ماء للصحاري المقفرة

 

أنت جملت الورود الناضرة

 

أنت أعددت الشباب للغد

http://alwaei.gov.kw/site/new/default.aspx

السلوك اللغوي مفتاح فهم الآخر

 

خبير الموروث الكويتي عبدالله فليح

حوار: سليمان الرومي وعلاء عبدالفتاح

 

السلوك اللغوي مفتاح فهم الآخر

 

 

منذ صغره أحب القراءة وتدوين المعلومات التي يحصلها من الكتب ومن حكايات الأجداد في أوراق متساوية وكأنه يعمل على بحث أكاديمي، شيئا فشيئا اتضحت الصورة أمامه، صار الموروث الثقافي المحلي جل اهتمامه، انتبه إلى اندثار كلمات وإهمال أخرى لم تعد في دائرة اهتمام المتحدثين، قرر أن يكون أحد حماة هذا التاريخ اللغوي، باعتبار أن اللهجات روافد تصب في نهر الفصحى وتضم ما يعززها ويثريها.. إنه خبير الموروث الثقافي الكويتي عبدالله فليح، الذي زار «الوعي الإسلامي» أخيرا فكان هذا اللقاء الكاشف عن علاقة اللهجة بالهوية، والحدود التي يمكن التحرك فيها لتعزيز العربية لغة الذكر الحكيم.

 

في البداية، يوضح الفليح أنه بدأ دراسته وهو طفل في الكتاتيب، ثم التحق بالمعهد الديني، وتخرج في جامعة الأزهر الشريف. لذا، فقد جمع بين دراسة شعبية وأخرى أكاديمية رسمية، فكان أن اتسع أفقه بتعدد مصادر معرفته.

 

< سألناه: كيف كانت بداية اهتمامك بالتراث؟

 

- فقال: بدايتي كانت بداية عمياء، تلتهم عيناي كل ما يقع عليه بصري من أوراق، فأبصرت عمق التاريخ. وقد تخيرت مقاسا واحدا للورق الذي أدون عليه المعلومات لتسهل مهمة الاسترجاع. أتذكر أنها كانت كبطاقات البحث العلمي مقاسها 15 سنتيمترا عرضا وطولها 21 سنتيمترا. كنت أدون ما استقيه من معلومات من الأشخاص ومن الكتب وحتى من البرامج التي استمع إليها في الإذاعة، شدني الكنز المسمى بالموروث الكويتي واللهجة الكويتية، فكونت أرشيفا عن كل ما أقرأ في سن مبكرة، ربما عام 1965م، وعندما حان الدور علي لأقدم برنامجا بالإذاعة عام 1994م، انتفعت كثيرا بهذه البطاقات.

 

< لكن ألم تنتفع بها في تأليف كتب تضاف إلى المكتبة العربية؟

 

- طبعت كتابا واحدا ومازال الباقي في انتظار الطباعة.

 

< نود أن نسألك عن علاقة اللهجة بالهوية الوطنية وهل هناك خوف على الفصحى من اللهجات المحلية؟

 

- اللهجة لها اسم دقيق هو اللغة، وهي أساس الهوية، وما نقول عنه إنه لغة هو اللسان إن أردنا الدقة. والقرآن نزل بلسان عربي مبين. وعلى الرغم من أن اللغة المحلية هي الأساس ورافد من روافد اللغة العربية الفصحى فإن البعض يحاربها، متناسين أن القرآن الكريم نزل على سبعة أحرف. والجهل في هذا الجانب مصيبة، إذ يضيع علينا مفردات وصيغا وضعت منذ 15 قرنا، ولنضرب مثالا على ذلك:

 

كلمة «ويبة» من معانيها «الخيبة»، وتجد ذلك في التراث الشعبي المصري ربطا بين الخيبة والويبة.. ومن معانيها «الهلاك» وهذه الكلمة منذ أكثر من 1400هـ سنة هي نفسها.

 

ثم لماذا نخاف على الفصحى ومنذ أيام الرسول  " صلى الله عليه وسلم"  واللغات المحلية موجودة، بينما العربية الفصحى هي لغة الخطاب الرسمي تحتفظ بمكانتها ولا تتأثر.

 

قضية التدوين

 

< لكن البعض يستخدم اللغة العامية في التدوين، وهناك مؤلفات بالعامية متداولة، فما موقفك من هذا؟

 

- أنا شخصيا أقرأ باللهجات، وأكاد أجيد اللهجات العامية المصرية والعراقية، والكويتية طبعا، وأكتب الشعر بها، وهذا يقدم إثراء، ومنه نتلمس الحياة عند الأقوام، وسلوكهم اللغوي نفهمه من خلالها.

 

المثل الشعبي يقول: «اللي يعيش ياما يشوف واللي يمشي يشوف اكتر»، وأنا مشيت كثيرا ورأيت كثيرا.

 

أهمية المفردات المحلية

 

< ما أهمية المفردات المحلية من وجهة نظرك؟

 

- نحن نبدأ العلاقة بالكلام، وطيب الكلام يحسن العلاقة الإنسانية، وهناك جمل موروثة تلطف المقابلات، فمثلا إذا قطعت كلام أحدهم لأمر مهم تقول: «مقطوع كلامك بالخير»، وإذا صادفت أحدا تقول له: «تفضل»، فيرد: «يزيد فضلك». لكن هذه الجمل اختفت بسبب تغير إيقاع الحياة وعدم وضع الصيغ البديلة، وبالتالي تأثرت العلاقات.

 

< ما خصائص المجتمع الكويتي التي احتفظ بها في موروثه الثقافي؟

 

- أهل الكويت كانوا أصحاب سفن بحر وسفن بر، وهذا التواصل خصيصة تعطي ميزة التعامل مع جنسيات كثيرة: الهندي والإفريقي والأوروبي، فمثلا إذا أردت أن تخبر بأن فلانا يسكن بعيدا تقول: هو يسكن في «جندهار» (قندهار)؛ ذلك لأن القوافل كانت تأتي الكويت بالبضائع وهي زيادة عن حاجة أهلها فيتاجر بها التجار ويسافرون بقوافل برية إلى قندهار.

 

< هذا قبل ظهور النفط، فماذا حدث بعده؟

 

- التغيير الأكثر بدأ في السبعينات، فما عاد لدينا التواصل الكويتي الحميم، كان الآباء يصطحبون الأبناء معهم إلى الدواوين فيتلقون السلوك من الكبار، لكن الآن الوضع اختلف، الأب مشغول والأم مشغولة، قارن بين ذلك الوضع وبين «الحمولة»، والحمولة لمن لا يعرف: هي العائلة الكبيرة التي كانت تجتمع في بيت واحد، والجد كان يزوج الأبناء ويراعيهم حتى لو لم يجدوا عملا.

 

وكان للجدة الكلمة الأولى فيما يخص ترتيب البيت وتموينه (دار الكيلة) وطعامه، وبالطبع لم يكن هناك تبذير (اليوم نحن من المبذرين نرمي في الحاويات فائضا كبيرا من الطعام)، كانت كل الكويت تشترك في تنظيف الشوارع قبل العيد، وتشم رائحة الورد والبخور منها لكن الآن الكل منشغل.

 

دور الدراما

 

< كيف ساهمت في إخراج الموروث الثقافي للنور؟

 

- كتبت عدة أعمال درامية للمحافظة على الموروث الثقافي، لكن للأسف اكتشفت أن المنتجين يفتقدون العناية المطلوبة بهذا الجانب، فمثلا في عام 1994م كتبت دراما توثيقية عن 15 مهنة كويتية (عرضت ثلاث مرات في اليوم الواحد).

 

فمثلا في سياق الحديث عن مهنة «التناك» كتبت كيف عندما يمنع الملا الصغار من الخروج إلى البحر، فينزلون إلى خزان الماء، وهو «التانك»، وقد حددت أعمارهم من 8 إلى 10 سنوات، ففوجئت بالمخرج يأتي بشباب أعمارهم 25 سنة! وهذا يخالف الحقيقة.

 

ومع ذلك عدت في عام 2002م، وبتكليف من مؤسسة الإنتاج المشترك، فكتبت دراما توثيقية عن الزواج في الكويت، وكتبت عملا تلفزيونيا آخر في البحرين. ويستطرد فليح: أنا لا أعمل من أجل المال، وإنما للتوثيق، وقد كنت مستعدا بمادة علمية لأكتب عن 71 مهنة أساسية، منها «القلاف» (من قلف السفينة)، والحداد، و«المحماص» (هون يستخدم في تحميص البن وأداة لحفر الآبار)، والنجار، و«الصفار» (يعمل بمادة الصفر على النحاس الأحمر)، و«النكاس» (صانع رحى طحن الحبوب والعامل على صيانتها).. غير المهن الأخرى التي تتفرع منها، لكني توقفت لأن المخرج لم ينفذ رؤيتي بدقة.

 

< ما نصيحتك كي نحافظ على الهوية الوطنية؟

 

- أرى أنه على المسؤولين في وزارة التربية إدراج العامية والعاميات المقارنة في المناهج، وعلى المسؤولين في الأجهزة الإعلامية الاهتمام بالتراث وتقديم أعمال درامية مكثفة عن هذا الجانب المنسي؛ لحفظ الموروث. والآن أنا مستعد بمشاريع درامية كثيرة، كما أساعد كل من يكتب دراما تاريخية بتصويب أي خطأ يرد فيها بالمجان؛ لأني أريد وجه الله بالحفاظ على موروثنا الثقافي من الاندثار.

 

 

 

بدأت بداية عمياء بأرشفة المعلومات فأبصرت عمق التاريخ

 

الفليح شاعرا

 

كتب عبدالله الفليح أشعارا عن المعهد الديني ودراسته الثرية فيه، فقد كانت به أنشطة تمثيل وخط وكشافة، على حد قوله، منها:

 

يسمو على دور العلم المعهد

 

أبدا كنجم في العلا يتوقد

 

أخلاق روحية خفاقة يدعو لها

 

الدين العظيم الأمجد

 

ومنها:

 

أنت خلاق العقول النيرة

 

أنت ماء للصحاري المقفرة

 

أنت جملت الورود الناضرة

 

أنت أعددت الشباب للغد

http://alwaei.gov.kw/site/new/default.aspx

السلوك اللغوي مفتاح فهم الآخر

 

خبير الموروث الكويتي عبدالله فليح

حوار: سليمان الرومي وعلاء عبدالفتاح

 

السلوك اللغوي مفتاح فهم الآخر

 

 

منذ صغره أحب القراءة وتدوين المعلومات التي يحصلها من الكتب ومن حكايات الأجداد في أوراق متساوية وكأنه يعمل على بحث أكاديمي، شيئا فشيئا اتضحت الصورة أمامه، صار الموروث الثقافي المحلي جل اهتمامه، انتبه إلى اندثار كلمات وإهمال أخرى لم تعد في دائرة اهتمام المتحدثين، قرر أن يكون أحد حماة هذا التاريخ اللغوي، باعتبار أن اللهجات روافد تصب في نهر الفصحى وتضم ما يعززها ويثريها.. إنه خبير الموروث الثقافي الكويتي عبدالله فليح، الذي زار «الوعي الإسلامي» أخيرا فكان هذا اللقاء الكاشف عن علاقة اللهجة بالهوية، والحدود التي يمكن التحرك فيها لتعزيز العربية لغة الذكر الحكيم.

 

في البداية، يوضح الفليح أنه بدأ دراسته وهو طفل في الكتاتيب، ثم التحق بالمعهد الديني، وتخرج في جامعة الأزهر الشريف. لذا، فقد جمع بين دراسة شعبية وأخرى أكاديمية رسمية، فكان أن اتسع أفقه بتعدد مصادر معرفته.

 

< سألناه: كيف كانت بداية اهتمامك بالتراث؟

 

- فقال: بدايتي كانت بداية عمياء، تلتهم عيناي كل ما يقع عليه بصري من أوراق، فأبصرت عمق التاريخ. وقد تخيرت مقاسا واحدا للورق الذي أدون عليه المعلومات لتسهل مهمة الاسترجاع. أتذكر أنها كانت كبطاقات البحث العلمي مقاسها 15 سنتيمترا عرضا وطولها 21 سنتيمترا. كنت أدون ما استقيه من معلومات من الأشخاص ومن الكتب وحتى من البرامج التي استمع إليها في الإذاعة، شدني الكنز المسمى بالموروث الكويتي واللهجة الكويتية، فكونت أرشيفا عن كل ما أقرأ في سن مبكرة، ربما عام 1965م، وعندما حان الدور علي لأقدم برنامجا بالإذاعة عام 1994م، انتفعت كثيرا بهذه البطاقات.

 

< لكن ألم تنتفع بها في تأليف كتب تضاف إلى المكتبة العربية؟

 

- طبعت كتابا واحدا ومازال الباقي في انتظار الطباعة.

 

< نود أن نسألك عن علاقة اللهجة بالهوية الوطنية وهل هناك خوف على الفصحى من اللهجات المحلية؟

 

- اللهجة لها اسم دقيق هو اللغة، وهي أساس الهوية، وما نقول عنه إنه لغة هو اللسان إن أردنا الدقة. والقرآن نزل بلسان عربي مبين. وعلى الرغم من أن اللغة المحلية هي الأساس ورافد من روافد اللغة العربية الفصحى فإن البعض يحاربها، متناسين أن القرآن الكريم نزل على سبعة أحرف. والجهل في هذا الجانب مصيبة، إذ يضيع علينا مفردات وصيغا وضعت منذ 15 قرنا، ولنضرب مثالا على ذلك:

 

كلمة «ويبة» من معانيها «الخيبة»، وتجد ذلك في التراث الشعبي المصري ربطا بين الخيبة والويبة.. ومن معانيها «الهلاك» وهذه الكلمة منذ أكثر من 1400هـ سنة هي نفسها.

 

ثم لماذا نخاف على الفصحى ومنذ أيام الرسول  " صلى الله عليه وسلم"  واللغات المحلية موجودة، بينما العربية الفصحى هي لغة الخطاب الرسمي تحتفظ بمكانتها ولا تتأثر.

 

قضية التدوين

 

< لكن البعض يستخدم اللغة العامية في التدوين، وهناك مؤلفات بالعامية متداولة، فما موقفك من هذا؟

 

- أنا شخصيا أقرأ باللهجات، وأكاد أجيد اللهجات العامية المصرية والعراقية، والكويتية طبعا، وأكتب الشعر بها، وهذا يقدم إثراء، ومنه نتلمس الحياة عند الأقوام، وسلوكهم اللغوي نفهمه من خلالها.

 

المثل الشعبي يقول: «اللي يعيش ياما يشوف واللي يمشي يشوف اكتر»، وأنا مشيت كثيرا ورأيت كثيرا.

 

أهمية المفردات المحلية

 

< ما أهمية المفردات المحلية من وجهة نظرك؟

 

- نحن نبدأ العلاقة بالكلام، وطيب الكلام يحسن العلاقة الإنسانية، وهناك جمل موروثة تلطف المقابلات، فمثلا إذا قطعت كلام أحدهم لأمر مهم تقول: «مقطوع كلامك بالخير»، وإذا صادفت أحدا تقول له: «تفضل»، فيرد: «يزيد فضلك». لكن هذه الجمل اختفت بسبب تغير إيقاع الحياة وعدم وضع الصيغ البديلة، وبالتالي تأثرت العلاقات.

 

< ما خصائص المجتمع الكويتي التي احتفظ بها في موروثه الثقافي؟

 

- أهل الكويت كانوا أصحاب سفن بحر وسفن بر، وهذا التواصل خصيصة تعطي ميزة التعامل مع جنسيات كثيرة: الهندي والإفريقي والأوروبي، فمثلا إذا أردت أن تخبر بأن فلانا يسكن بعيدا تقول: هو يسكن في «جندهار» (قندهار)؛ ذلك لأن القوافل كانت تأتي الكويت بالبضائع وهي زيادة عن حاجة أهلها فيتاجر بها التجار ويسافرون بقوافل برية إلى قندهار.

 

< هذا قبل ظهور النفط، فماذا حدث بعده؟

 

- التغيير الأكثر بدأ في السبعينات، فما عاد لدينا التواصل الكويتي الحميم، كان الآباء يصطحبون الأبناء معهم إلى الدواوين فيتلقون السلوك من الكبار، لكن الآن الوضع اختلف، الأب مشغول والأم مشغولة، قارن بين ذلك الوضع وبين «الحمولة»، والحمولة لمن لا يعرف: هي العائلة الكبيرة التي كانت تجتمع في بيت واحد، والجد كان يزوج الأبناء ويراعيهم حتى لو لم يجدوا عملا.

 

وكان للجدة الكلمة الأولى فيما يخص ترتيب البيت وتموينه (دار الكيلة) وطعامه، وبالطبع لم يكن هناك تبذير (اليوم نحن من المبذرين نرمي في الحاويات فائضا كبيرا من الطعام)، كانت كل الكويت تشترك في تنظيف الشوارع قبل العيد، وتشم رائحة الورد والبخور منها لكن الآن الكل منشغل.

 

دور الدراما

 

< كيف ساهمت في إخراج الموروث الثقافي للنور؟

 

- كتبت عدة أعمال درامية للمحافظة على الموروث الثقافي، لكن للأسف اكتشفت أن المنتجين يفتقدون العناية المطلوبة بهذا الجانب، فمثلا في عام 1994م كتبت دراما توثيقية عن 15 مهنة كويتية (عرضت ثلاث مرات في اليوم الواحد).

 

فمثلا في سياق الحديث عن مهنة «التناك» كتبت كيف عندما يمنع الملا الصغار من الخروج إلى البحر، فينزلون إلى خزان الماء، وهو «التانك»، وقد حددت أعمارهم من 8 إلى 10 سنوات، ففوجئت بالمخرج يأتي بشباب أعمارهم 25 سنة! وهذا يخالف الحقيقة.

 

ومع ذلك عدت في عام 2002م، وبتكليف من مؤسسة الإنتاج المشترك، فكتبت دراما توثيقية عن الزواج في الكويت، وكتبت عملا تلفزيونيا آخر في البحرين. ويستطرد فليح: أنا لا أعمل من أجل المال، وإنما للتوثيق، وقد كنت مستعدا بمادة علمية لأكتب عن 71 مهنة أساسية، منها «القلاف» (من قلف السفينة)، والحداد، و«المحماص» (هون يستخدم في تحميص البن وأداة لحفر الآبار)، والنجار، و«الصفار» (يعمل بمادة الصفر على النحاس الأحمر)، و«النكاس» (صانع رحى طحن الحبوب والعامل على صيانتها).. غير المهن الأخرى التي تتفرع منها، لكني توقفت لأن المخرج لم ينفذ رؤيتي بدقة.

 

< ما نصيحتك كي نحافظ على الهوية الوطنية؟

 

- أرى أنه على المسؤولين في وزارة التربية إدراج العامية والعاميات المقارنة في المناهج، وعلى المسؤولين في الأجهزة الإعلامية الاهتمام بالتراث وتقديم أعمال درامية مكثفة عن هذا الجانب المنسي؛ لحفظ الموروث. والآن أنا مستعد بمشاريع درامية كثيرة، كما أساعد كل من يكتب دراما تاريخية بتصويب أي خطأ يرد فيها بالمجان؛ لأني أريد وجه الله بالحفاظ على موروثنا الثقافي من الاندثار.

 

 

 

بدأت بداية عمياء بأرشفة المعلومات فأبصرت عمق التاريخ

 

الفليح شاعرا

 

كتب عبدالله الفليح أشعارا عن المعهد الديني ودراسته الثرية فيه، فقد كانت به أنشطة تمثيل وخط وكشافة، على حد قوله، منها:

 

يسمو على دور العلم المعهد

 

أبدا كنجم في العلا يتوقد

 

أخلاق روحية خفاقة يدعو لها

 

الدين العظيم الأمجد

 

ومنها:

 

أنت خلاق العقول النيرة

 

أنت ماء للصحاري المقفرة

 

أنت جملت الورود الناضرة

 

أنت أعددت الشباب للغد

http://alwaei.gov.kw/site/new/default.aspx

السلوك اللغوي مفتاح فهم الآخر

 

خبير الموروث الكويتي عبدالله فليح

حوار: سليمان الرومي وعلاء عبدالفتاح

 

السلوك اللغوي مفتاح فهم الآخر

 

 

منذ صغره أحب القراءة وتدوين المعلومات التي يحصلها من الكتب ومن حكايات الأجداد في أوراق متساوية وكأنه يعمل على بحث أكاديمي، شيئا فشيئا اتضحت الصورة أمامه، صار الموروث الثقافي المحلي جل اهتمامه، انتبه إلى اندثار كلمات وإهمال أخرى لم تعد في دائرة اهتمام المتحدثين، قرر أن يكون أحد حماة هذا التاريخ اللغوي، باعتبار أن اللهجات روافد تصب في نهر الفصحى وتضم ما يعززها ويثريها.. إنه خبير الموروث الثقافي الكويتي عبدالله فليح، الذي زار «الوعي الإسلامي» أخيرا فكان هذا اللقاء الكاشف عن علاقة اللهجة بالهوية، والحدود التي يمكن التحرك فيها لتعزيز العربية لغة الذكر الحكيم.

 

في البداية، يوضح الفليح أنه بدأ دراسته وهو طفل في الكتاتيب، ثم التحق بالمعهد الديني، وتخرج في جامعة الأزهر الشريف. لذا، فقد جمع بين دراسة شعبية وأخرى أكاديمية رسمية، فكان أن اتسع أفقه بتعدد مصادر معرفته.

 

< سألناه: كيف كانت بداية اهتمامك بالتراث؟

 

- فقال: بدايتي كانت بداية عمياء، تلتهم عيناي كل ما يقع عليه بصري من أوراق، فأبصرت عمق التاريخ. وقد تخيرت مقاسا واحدا للورق الذي أدون عليه المعلومات لتسهل مهمة الاسترجاع. أتذكر أنها كانت كبطاقات البحث العلمي مقاسها 15 سنتيمترا عرضا وطولها 21 سنتيمترا. كنت أدون ما استقيه من معلومات من الأشخاص ومن الكتب وحتى من البرامج التي استمع إليها في الإذاعة، شدني الكنز المسمى بالموروث الكويتي واللهجة الكويتية، فكونت أرشيفا عن كل ما أقرأ في سن مبكرة، ربما عام 1965م، وعندما حان الدور علي لأقدم برنامجا بالإذاعة عام 1994م، انتفعت كثيرا بهذه البطاقات.

 

< لكن ألم تنتفع بها في تأليف كتب تضاف إلى المكتبة العربية؟

 

- طبعت كتابا واحدا ومازال الباقي في انتظار الطباعة.

 

< نود أن نسألك عن علاقة اللهجة بالهوية الوطنية وهل هناك خوف على الفصحى من اللهجات المحلية؟

 

- اللهجة لها اسم دقيق هو اللغة، وهي أساس الهوية، وما نقول عنه إنه لغة هو اللسان إن أردنا الدقة. والقرآن نزل بلسان عربي مبين. وعلى الرغم من أن اللغة المحلية هي الأساس ورافد من روافد اللغة العربية الفصحى فإن البعض يحاربها، متناسين أن القرآن الكريم نزل على سبعة أحرف. والجهل في هذا الجانب مصيبة، إذ يضيع علينا مفردات وصيغا وضعت منذ 15 قرنا، ولنضرب مثالا على ذلك:

 

كلمة «ويبة» من معانيها «الخيبة»، وتجد ذلك في التراث الشعبي المصري ربطا بين الخيبة والويبة.. ومن معانيها «الهلاك» وهذه الكلمة منذ أكثر من 1400هـ سنة هي نفسها.

 

ثم لماذا نخاف على الفصحى ومنذ أيام الرسول  " صلى الله عليه وسلم"  واللغات المحلية موجودة، بينما العربية الفصحى هي لغة الخطاب الرسمي تحتفظ بمكانتها ولا تتأثر.

 

قضية التدوين

 

< لكن البعض يستخدم اللغة العامية في التدوين، وهناك مؤلفات بالعامية متداولة، فما موقفك من هذا؟

 

- أنا شخصيا أقرأ باللهجات، وأكاد أجيد اللهجات العامية المصرية والعراقية، والكويتية طبعا، وأكتب الشعر بها، وهذا يقدم إثراء، ومنه نتلمس الحياة عند الأقوام، وسلوكهم اللغوي نفهمه من خلالها.

 

المثل الشعبي يقول: «اللي يعيش ياما يشوف واللي يمشي يشوف اكتر»، وأنا مشيت كثيرا ورأيت كثيرا.

 

أهمية المفردات المحلية

 

< ما أهمية المفردات المحلية من وجهة نظرك؟

 

- نحن نبدأ العلاقة بالكلام، وطيب الكلام يحسن العلاقة الإنسانية، وهناك جمل موروثة تلطف المقابلات، فمثلا إذا قطعت كلام أحدهم لأمر مهم تقول: «مقطوع كلامك بالخير»، وإذا صادفت أحدا تقول له: «تفضل»، فيرد: «يزيد فضلك». لكن هذه الجمل اختفت بسبب تغير إيقاع الحياة وعدم وضع الصيغ البديلة، وبالتالي تأثرت العلاقات.

 

< ما خصائص المجتمع الكويتي التي احتفظ بها في موروثه الثقافي؟

 

- أهل الكويت كانوا أصحاب سفن بحر وسفن بر، وهذا التواصل خصيصة تعطي ميزة التعامل مع جنسيات كثيرة: الهندي والإفريقي والأوروبي، فمثلا إذا أردت أن تخبر بأن فلانا يسكن بعيدا تقول: هو يسكن في «جندهار» (قندهار)؛ ذلك لأن القوافل كانت تأتي الكويت بالبضائع وهي زيادة عن حاجة أهلها فيتاجر بها التجار ويسافرون بقوافل برية إلى قندهار.

 

< هذا قبل ظهور النفط، فماذا حدث بعده؟

 

- التغيير الأكثر بدأ في السبعينات، فما عاد لدينا التواصل الكويتي الحميم، كان الآباء يصطحبون الأبناء معهم إلى الدواوين فيتلقون السلوك من الكبار، لكن الآن الوضع اختلف، الأب مشغول والأم مشغولة، قارن بين ذلك الوضع وبين «الحمولة»، والحمولة لمن لا يعرف: هي العائلة الكبيرة التي كانت تجتمع في بيت واحد، والجد كان يزوج الأبناء ويراعيهم حتى لو لم يجدوا عملا.

 

وكان للجدة الكلمة الأولى فيما يخص ترتيب البيت وتموينه (دار الكيلة) وطعامه، وبالطبع لم يكن هناك تبذير (اليوم نحن من المبذرين نرمي في الحاويات فائضا كبيرا من الطعام)، كانت كل الكويت تشترك في تنظيف الشوارع قبل العيد، وتشم رائحة الورد والبخور منها لكن الآن الكل منشغل.

 

دور الدراما

 

< كيف ساهمت في إخراج الموروث الثقافي للنور؟

 

- كتبت عدة أعمال درامية للمحافظة على الموروث الثقافي، لكن للأسف اكتشفت أن المنتجين يفتقدون العناية المطلوبة بهذا الجانب، فمثلا في عام 1994م كتبت دراما توثيقية عن 15 مهنة كويتية (عرضت ثلاث مرات في اليوم الواحد).

 

فمثلا في سياق الحديث عن مهنة «التناك» كتبت كيف عندما يمنع الملا الصغار من الخروج إلى البحر، فينزلون إلى خزان الماء، وهو «التانك»، وقد حددت أعمارهم من 8 إلى 10 سنوات، ففوجئت بالمخرج يأتي بشباب أعمارهم 25 سنة! وهذا يخالف الحقيقة.

 

ومع ذلك عدت في عام 2002م، وبتكليف من مؤسسة الإنتاج المشترك، فكتبت دراما توثيقية عن الزواج في الكويت، وكتبت عملا تلفزيونيا آخر في البحرين. ويستطرد فليح: أنا لا أعمل من أجل المال، وإنما للتوثيق، وقد كنت مستعدا بمادة علمية لأكتب عن 71 مهنة أساسية، منها «القلاف» (من قلف السفينة)، والحداد، و«المحماص» (هون يستخدم في تحميص البن وأداة لحفر الآبار)، والنجار، و«الصفار» (يعمل بمادة الصفر على النحاس الأحمر)، و«النكاس» (صانع رحى طحن الحبوب والعامل على صيانتها).. غير المهن الأخرى التي تتفرع منها، لكني توقفت لأن المخرج لم ينفذ رؤيتي بدقة.

 

< ما نصيحتك كي نحافظ على الهوية الوطنية؟

 

- أرى أنه على المسؤولين في وزارة التربية إدراج العامية والعاميات المقارنة في المناهج، وعلى المسؤولين في الأجهزة الإعلامية الاهتمام بالتراث وتقديم أعمال درامية مكثفة عن هذا الجانب المنسي؛ لحفظ الموروث. والآن أنا مستعد بمشاريع درامية كثيرة، كما أساعد كل من يكتب دراما تاريخية بتصويب أي خطأ يرد فيها بالمجان؛ لأني أريد وجه الله بالحفاظ على موروثنا الثقافي من الاندثار.

 

 

 

بدأت بداية عمياء بأرشفة المعلومات فأبصرت عمق التاريخ

 

الفليح شاعرا

 

كتب عبدالله الفليح أشعارا عن المعهد الديني ودراسته الثرية فيه، فقد كانت به أنشطة تمثيل وخط وكشافة، على حد قوله، منها:

 

يسمو على دور العلم المعهد

 

أبدا كنجم في العلا يتوقد

 

أخلاق روحية خفاقة يدعو لها

 

الدين العظيم الأمجد

 

ومنها:

 

أنت خلاق العقول النيرة

 

أنت ماء للصحاري المقفرة

 

أنت جملت الورود الناضرة

 

أنت أعددت الشباب للغد

http://alwaei.gov.kw/site/new/default.aspx

السلوك اللغوي مفتاح فهم الآخر

 

خبير الموروث الكويتي عبدالله فليح

حوار: سليمان الرومي وعلاء عبدالفتاح

 

السلوك اللغوي مفتاح فهم الآخر

 

 

منذ صغره أحب القراءة وتدوين المعلومات التي يحصلها من الكتب ومن حكايات الأجداد في أوراق متساوية وكأنه يعمل على بحث أكاديمي، شيئا فشيئا اتضحت الصورة أمامه، صار الموروث الثقافي المحلي جل اهتمامه، انتبه إلى اندثار كلمات وإهمال أخرى لم تعد في دائرة اهتمام المتحدثين، قرر أن يكون أحد حماة هذا التاريخ اللغوي، باعتبار أن اللهجات روافد تصب في نهر الفصحى وتضم ما يعززها ويثريها.. إنه خبير الموروث الثقافي الكويتي عبدالله فليح، الذي زار «الوعي الإسلامي» أخيرا فكان هذا اللقاء الكاشف عن علاقة اللهجة بالهوية، والحدود التي يمكن التحرك فيها لتعزيز العربية لغة الذكر الحكيم.

 

في البداية، يوضح الفليح أنه بدأ دراسته وهو طفل في الكتاتيب، ثم التحق بالمعهد الديني، وتخرج في جامعة الأزهر الشريف. لذا، فقد جمع بين دراسة شعبية وأخرى أكاديمية رسمية، فكان أن اتسع أفقه بتعدد مصادر معرفته.

 

< سألناه: كيف كانت بداية اهتمامك بالتراث؟

 

- فقال: بدايتي كانت بداية عمياء، تلتهم عيناي كل ما يقع عليه بصري من أوراق، فأبصرت عمق التاريخ. وقد تخيرت مقاسا واحدا للورق الذي أدون عليه المعلومات لتسهل مهمة الاسترجاع. أتذكر أنها كانت كبطاقات البحث العلمي مقاسها 15 سنتيمترا عرضا وطولها 21 سنتيمترا. كنت أدون ما استقيه من معلومات من الأشخاص ومن الكتب وحتى من البرامج التي استمع إليها في الإذاعة، شدني الكنز المسمى بالموروث الكويتي واللهجة الكويتية، فكونت أرشيفا عن كل ما أقرأ في سن مبكرة، ربما عام 1965م، وعندما حان الدور علي لأقدم برنامجا بالإذاعة عام 1994م، انتفعت كثيرا بهذه البطاقات.

 

< لكن ألم تنتفع بها في تأليف كتب تضاف إلى المكتبة العربية؟

 

- طبعت كتابا واحدا ومازال الباقي في انتظار الطباعة.

 

< نود أن نسألك عن علاقة اللهجة بالهوية الوطنية وهل هناك خوف على الفصحى من اللهجات المحلية؟

 

- اللهجة لها اسم دقيق هو اللغة، وهي أساس الهوية، وما نقول عنه إنه لغة هو اللسان إن أردنا الدقة. والقرآن نزل بلسان عربي مبين. وعلى الرغم من أن اللغة المحلية هي الأساس ورافد من روافد اللغة العربية الفصحى فإن البعض يحاربها، متناسين أن القرآن الكريم نزل على سبعة أحرف. والجهل في هذا الجانب مصيبة، إذ يضيع علينا مفردات وصيغا وضعت منذ 15 قرنا، ولنضرب مثالا على ذلك:

 

كلمة «ويبة» من معانيها «الخيبة»، وتجد ذلك في التراث الشعبي المصري ربطا بين الخيبة والويبة.. ومن معانيها «الهلاك» وهذه الكلمة منذ أكثر من 1400هـ سنة هي نفسها.

 

ثم لماذا نخاف على الفصحى ومنذ أيام الرسول  " صلى الله عليه وسلم"  واللغات المحلية موجودة، بينما العربية الفصحى هي لغة الخطاب الرسمي تحتفظ بمكانتها ولا تتأثر.

 

قضية التدوين

 

< لكن البعض يستخدم اللغة العامية في التدوين، وهناك مؤلفات بالعامية متداولة، فما موقفك من هذا؟

 

- أنا شخصيا أقرأ باللهجات، وأكاد أجيد اللهجات العامية المصرية والعراقية، والكويتية طبعا، وأكتب الشعر بها، وهذا يقدم إثراء، ومنه نتلمس الحياة عند الأقوام، وسلوكهم اللغوي نفهمه من خلالها.

 

المثل الشعبي يقول: «اللي يعيش ياما يشوف واللي يمشي يشوف اكتر»، وأنا مشيت كثيرا ورأيت كثيرا.

 

أهمية المفردات المحلية

 

< ما أهمية المفردات المحلية من وجهة نظرك؟

 

- نحن نبدأ العلاقة بالكلام، وطيب الكلام يحسن العلاقة الإنسانية، وهناك جمل موروثة تلطف المقابلات، فمثلا إذا قطعت كلام أحدهم لأمر مهم تقول: «مقطوع كلامك بالخير»، وإذا صادفت أحدا تقول له: «تفضل»، فيرد: «يزيد فضلك». لكن هذه الجمل اختفت بسبب تغير إيقاع الحياة وعدم وضع الصيغ البديلة، وبالتالي تأثرت العلاقات.

 

< ما خصائص المجتمع الكويتي التي احتفظ بها في موروثه الثقافي؟

 

- أهل الكويت كانوا أصحاب سفن بحر وسفن بر، وهذا التواصل خصيصة تعطي ميزة التعامل مع جنسيات كثيرة: الهندي والإفريقي والأوروبي، فمثلا إذا أردت أن تخبر بأن فلانا يسكن بعيدا تقول: هو يسكن في «جندهار» (قندهار)؛ ذلك لأن القوافل كانت تأتي الكويت بالبضائع وهي زيادة عن حاجة أهلها فيتاجر بها التجار ويسافرون بقوافل برية إلى قندهار.

 

< هذا قبل ظهور النفط، فماذا حدث بعده؟

 

- التغيير الأكثر بدأ في السبعينات، فما عاد لدينا التواصل الكويتي الحميم، كان الآباء يصطحبون الأبناء معهم إلى الدواوين فيتلقون السلوك من الكبار، لكن الآن الوضع اختلف، الأب مشغول والأم مشغولة، قارن بين ذلك الوضع وبين «الحمولة»، والحمولة لمن لا يعرف: هي العائلة الكبيرة التي كانت تجتمع في بيت واحد، والجد كان يزوج الأبناء ويراعيهم حتى لو لم يجدوا عملا.

 

وكان للجدة الكلمة الأولى فيما يخص ترتيب البيت وتموينه (دار الكيلة) وطعامه، وبالطبع لم يكن هناك تبذير (اليوم نحن من المبذرين نرمي في الحاويات فائضا كبيرا من الطعام)، كانت كل الكويت تشترك في تنظيف الشوارع قبل العيد، وتشم رائحة الورد والبخور منها لكن الآن الكل منشغل.

 

دور الدراما

 

< كيف ساهمت في إخراج الموروث الثقافي للنور؟

 

- كتبت عدة أعمال درامية للمحافظة على الموروث الثقافي، لكن للأسف اكتشفت أن المنتجين يفتقدون العناية المطلوبة بهذا الجانب، فمثلا في عام 1994م كتبت دراما توثيقية عن 15 مهنة كويتية (عرضت ثلاث مرات في اليوم الواحد).

 

فمثلا في سياق الحديث عن مهنة «التناك» كتبت كيف عندما يمنع الملا الصغار من الخروج إلى البحر، فينزلون إلى خزان الماء، وهو «التانك»، وقد حددت أعمارهم من 8 إلى 10 سنوات، ففوجئت بالمخرج يأتي بشباب أعمارهم 25 سنة! وهذا يخالف الحقيقة.

 

ومع ذلك عدت في عام 2002م، وبتكليف من مؤسسة الإنتاج المشترك، فكتبت دراما توثيقية عن الزواج في الكويت، وكتبت عملا تلفزيونيا آخر في البحرين. ويستطرد فليح: أنا لا أعمل من أجل المال، وإنما للتوثيق، وقد كنت مستعدا بمادة علمية لأكتب عن 71 مهنة أساسية، منها «القلاف» (من قلف السفينة)، والحداد، و«المحماص» (هون يستخدم في تحميص البن وأداة لحفر الآبار)، والنجار، و«الصفار» (يعمل بمادة الصفر على النحاس الأحمر)، و«النكاس» (صانع رحى طحن الحبوب والعامل على صيانتها).. غير المهن الأخرى التي تتفرع منها، لكني توقفت لأن المخرج لم ينفذ رؤيتي بدقة.

 

< ما نصيحتك كي نحافظ على الهوية الوطنية؟

 

- أرى أنه على المسؤولين في وزارة التربية إدراج العامية والعاميات المقارنة في المناهج، وعلى المسؤولين في الأجهزة الإعلامية الاهتمام بالتراث وتقديم أعمال درامية مكثفة عن هذا الجانب المنسي؛ لحفظ الموروث. والآن أنا مستعد بمشاريع درامية كثيرة، كما أساعد كل من يكتب دراما تاريخية بتصويب أي خطأ يرد فيها بالمجان؛ لأني أريد وجه الله بالحفاظ على موروثنا الثقافي من الاندثار.

 

 

 

بدأت بداية عمياء بأرشفة المعلومات فأبصرت عمق التاريخ

 

الفليح شاعرا

 

كتب عبدالله الفليح أشعارا عن المعهد الديني ودراسته الثرية فيه، فقد كانت به أنشطة تمثيل وخط وكشافة، على حد قوله، منها:

 

يسمو على دور العلم المعهد

 

أبدا كنجم في العلا يتوقد

 

أخلاق روحية خفاقة يدعو لها

 

الدين العظيم الأمجد

 

ومنها:

 

أنت خلاق العقول النيرة

 

أنت ماء للصحاري المقفرة

 

أنت جملت الورود الناضرة

 

أنت أعددت الشباب للغد

http://alwaei.gov.kw/site/new/default.aspx

أنواع أخرى: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك