الإرسالية الأمريكية في عُمان: قصتها وخِطابُها الديني

هلال الحجري

 

مقدمة:

 

الهدف الأساسي لهذه الورقة هو استكشاف خطاب المبشرين الأمريكيين في عمان خلال الفترة من 1891 إلى حوالي عام 1986. على وجه التحديد أنا معني بالنظر في مواقفهم، سواء كانت إيجابية أم سلبية من الشعب العماني وثقافته، وآمل أن أسهم في نقد الخطاب الديني المسيحي حول الشرق الأوسط من وجهة نظر مختلفة. إن الفجوة المعرفية التي تتعهد هذه الورقة بملئها هي أن معظم النصوص التبشيرية في عمان لم تدرس في سياق الاستشراق. وحسب علمي، فإن العمل الوحيد المتاح الذي تعامل مع هذه المجموعة من النصوص هو كتاب الحملات التنصيرية إلى عمان، لسليمان الحسيني (2006). وهو معتمد كليا تقريبا على أرشيف المبشرين في دوريتهم المعروفة بـ "نيجليكتيد أريبيا". استطاع الحسيني أن يقدم لمحة مفصلة عن أهدافهم وطرائقهم في التبشير، وترجم العديد من مقالاتهم إلى اللغة العربية. ومع ذلك، يفتقر عمله هذا -كما يعترف هو في المقدمة- إلى أي تحليل للنصوص التبشيرية(6).

 

وتستند هذه الورقة أساسا على تقارير وقصص الرحلات الصادرة عن أفراد "الإرسالية العربية" في مسقط، في مجلدات مختلفة من "نيجليكتيد أريبيا"، وهي دورية وثقت أنشطة المبشرين في الخليج العربي خلال الفترة 1891-1962. المصدر الرئيس الآخر لهذه الورقة هو مذكرات المبشرين أنفسهم، وهي السيرة الذاتية لأولئك الذين عاشوا في عمان لفترة طويلة، مثل بول هاريسون وجانيت بويرسما(1). نشر هاريسون في عام 1940 كتابه "طبيب في بلاد العرب"، وقد شمل جولاته الطبية في المنطقة خلال الفترة 1909-1954، أما جانيت فقد نشرت في عام 1991 سيرتها الذاتية "النعمة الإلهية في الخليج"، وقد روت فيها تجربتها، وخصوصا في عمان خلال الفترة 1950-1986.

 

قصة الإرسالية:

 

في عام 1889، أنشأ ثلاثة مبشرين أمريكيين - صمويل زويمر، وجيمس كانتين(2)، وفيليب فيلبس في نيو برونزويك، بولاية نيو جيرسي - ما سموه "الإرسالية العربية". كان الهدف الأساسي للمشروع "تنصير شبه الجزيرة العربية"، وقد تم تطبيق جهود الإرسالية مباشرة بين المسلمين. وكان هدفها - وفقا لخطتها المعلنة - "احتلال المناطق الداخلية من شبه الجزيرة العربية"(Mason & Barny 1926: 196). عملت الإرسالية على نحو مستقل أولا، ولكن في عام 1894 اعتمدتها الكنيسة البروتستانتية في الولايات المتحدة. أنشأ حيمس كانتين أول محطة للإرسالية في البصرة في أوائل أغسطس 1891، ثم أسس صمويل زويمر محطة البحرين في أغسطس 1893، كما أسس شقيقه الأصغر بيتر زويمر محطة مسقط في نوفمبر 1893(3). سعت الإرسالية العربية في البداية في عمان إلى تحويل العمانيين إلى المسيحية، وقد بذل مبشروها قصارى جهدهم لتحقيق هذا الهدف من خلال التبشير، والوعظ، ونشر الأدب المسيحي، والتعليم، والعمل الطبي.

 

كان التبشير ونشر الأدب المسيحي من الاهتمامات الرئيسة الأولى للإرسالية في مسقط، وقد قدمت دور النشر في بيروت للإرسالية الوليدة الكثير من الأدب المسيحي، وأمدتها "جمعية الكتاب المقدس البريطانية والأجنبية" بأجزاء من الكتاب المقدس والأناجيل، وزودتها محطات العراق بالباعة الجائلين المؤهلين الذين كانوا يعرفون وظيفتهم جيدا. كل هذا تطلب أن يكون هناك محلات لبيع الكتاب المقدس، كما تطلب الأمر أن يكون هناك جوّال لنشر الأدب المسيحي خارج هذه المحلات. بالإضافة إلى توزيع الكراسات الدينية وبيع الأناجيل، فإن العمل التنصيري كان بشكل أساسي يعتمد على الاتصال الشخصي، كالزيارات في المنازل الخاصة، والمناقشات في محلات بيع الإنجيل أو في المستشفى. وعُدّت صلوات الأحد مع أصوات الموسيقى والغناء أداة للتنصير، وكان المبشرون والباعة الجائلون يديرونها، ويستغلون المواعظ التي تقدم فيها للعمل التنصيري. كما تم التبشير أيضا في المستشفيات، فبعد جولات الصباح وقبل فتح باب عيادة المرضى، فإن المبشرين والباعة الجوالين والطبيب وموظفي المستشفى يتجمعون مع آخرين، سواء أكانوا زوارا أم مرضى، وينصتون إلى قراءة الكتاب المقدس، والحديث، والصلاة. كما شجعت الإرسالية النساء المبشرات على تطوير الاتصالات الشخصية في المجتمع العماني. وقد تم تصميم منازل الإرسالية في مسقط ومطرح بتخصيص مجالس منفصلة للنساء، ولها مداخل لا تلتقي مع مداخل الرجال. وبتوظيف هذه العادة المحلية استغلت المبشرات فكرة "المجلس" لقراءة مقاطع من الكتاب المقدس، ورواية قصصه، وتعليم بعض من تراتيله وأغانيه، وإشراك المرأة العمانية في حوارات حول هذه الأشياء (Scudder 1998: 195-204). أدت الحاجة لتوزيع الأدبيات المسيحية والكراسات الدينية إلى انخراط المبشرين الأميركيين في أعمال الطباعة والنشر، وقد أنشأ المبشرون الرواد للإرسالية العربية مطبعة في مسقط في وقت مبكر من عام 1900، كما أنهم أنتجوا أدبا دينيا اتسم بالهجومية والعدائية، ومثال ذلك أنهم نشروا عبر مطبعتهم في مسقط لأول مرة باللغة العربية مقالة بعنوان "يسوع أو محمد"، للدكتور روس، وطبعوا منها 600 نسخة، ووزعوها في مسقط. والمقالة تتحدث بوضوح - كما يصفها بيتر زويمر - عن "خطيئة محمد مقارنة ببراءة المسيح"(1897 b:10).

 

و قد ركز المبشرون الأميركيون منذ البداية على التعليم؛ بكونه أداة مهمة للتنصير، فإذا كان التبشير بالإنجيل ضروريا، فإنه من الضروري أيضا نشر التعليم حتى يسهل على المستهدفين قراءة الكتاب المقدس وفهمه. وقد اهتم المبشرون أيضا بترجمة الكتاب المقدس والأدب المسيحي إلى اللغة العربية. وعليه لم يكن المبشرون دعاة فقط؛ وإنما كانوا أيضا مترجمين ومعلمين أيضا. وكما يقول سوشيل باثاك Sushil Pathak، فإن العقلية الإنجيلية أدركت أن الطبيعة البشرية يمكن أن "تتحول فجأة بشكل كلي باعتداء مباشر على العقل عبر العملية التعليمية"(1964: 69). وفي مثل هذه العملية يتم تعليم الأطفال القراءة والكتابة والرياضيات جنبا إلى جنب مع المبادئ الأساسية للمسيحية. وقد كان المعلمون في هذه المدارس عموما هم المبشرين أنفسهم، والذين حاولوا اختراق عقول الطلاب بالتعاليم المسيحية.

 

إن الأداة الثالثة التي ارتكز عليها عمل الإرسالية العربية في عمان، إلى جانب التبشير والتعليم هي العمل الطبي. كانت الفلسفة الكامنة وراء العمل الطبي واضحة جدا؛ فبالإضافة إلى اتباع سلوك المسيح المتعلق بشفاء المرضى، فإن الشعبية العامة للعمل الطبي وفرت المزيد من الفرص للعمل التبشيري. وقد رُحِّب بالأطباء في كثير من الأحيان في مناطق لم يستطع المبشرون دخولها. ومع أن الأطباء المبشرين لم يفرضوا على مرضاهم التحول إلى المسيحية كشرط لتلقي العلاج؛ فإنهم انتهزوا في كثير من الأحيان الفرصة للتبشير بالإنجيل بين المرضى (Davis 2001: 68). إن الأطباء استغلوا العمل الطبي كوسيلة للتنصير؛ إذ استطاعوا من خلاله الولوج إلى مناطق في عمان كانت محرمة على المبشرين، كما أنهم أرادوا به أن يجعلوا المسيحية أكثر جاذبية للعمانيين. ونظرا لأن المستشفيات كانت معدومة في عمان في ذلك الوقت، وكانت الأمراض متفشية، والجهل طاغيا، نجح الأطباء المبشرون في تخفيف معاناة الناس والتغلغل إلى قلوبهم؛ حتى اعتقد كثير من العامة أن كل الغربيين هم خبراء في مجال الطب، ولذلك طالما احتشدوا حول الرحالة والمبشرين راجين منهم المساعدة في العلاج.

 

فكر الإرسالية:

 

كما يقول ماثيو ديفيس Mathew Davis "معظم المبشرين كانوا معنيين في المقام الأول بتنصير العالم، وتقديم المساعدات الإنسانية إلى الشعوب الأجنبية في المقام الثاني"(2001: 81-82). كان هناك اتفاق بارز بين المبشرين الأميركيين حول مهمتهم لم يكن أقل من "تنصير شبه الجزيرة العربية"، ونتيجة لذلك، ارتبطت جميع أنشطتهم بالتنصير بمختلف الطرق. ولأنهم جاءوا محملين بفكرة أن عمان مكان يسوده "الأمية" و"الظلام"، فإنهم بذلوا قصارى جهدهم في تقديم الإنجيل إلى جميع السكان. كتب بيتر زويمر، في عام 1896 تقريرا إلى مجلة الإرسالية "نيجليكتيد أريبيا" يقول فيه: "إن متجر الإنجيل وسط البازار كان التوبيخ اليومي لأمية عرب عمان، والمركز الذي انبثق منه عبر بيع الكتب المقدسة، والاتصال الشخصي، علم له نور الحياة"(1896: 8).

 

إضافة إلى هذه الأيديولوجية، فإن الإرسالية العربية نظرت إلى مهمتها على أنها تحويل للعالم الوثني إلى المسيحية. وعلى الرغم من أن المبشرين - في كتاباتهم على الأقل - يميزون بين "المحمديين" في شبه الجزيرة العربية و"الوثنيين" في أفريقيا، فإنهم يعتقدون أن الكتاب المقدس يحتوي على وعود بالخلاص للأمتين على حد سواء(4). صمويل زويمر، الناطق الرسمي للإرسالية العربية، يقول ذلك صراحة:

 

"العالم الإسلامي ليس أفضل حالا ولا أسوأ من العالم الوثني كما صور في كتاب العهد الجديد. إن حاجة كليهما واحدة، العمل على تنصيرهما، ولدينا الوعد نفسه من الله على مباركة عملنا. العالم المحمدي أيضا بدون غفران [...]، بدون أمل [...]، بدون سلام [...]، بدون شعور [...]، بدون المسيح تماما كالعالم الوثني"(1900: 397).

 

والواقع أن فكرة التحويل كانت جزءا من عقيدة المسيحية البروتستانتية في مراحلها المبكرة في بريطانيا في القرن الثامن عشر، وترى أن التحول يعني الانتقال من حياة الخاطئين الماضية إلى حياة أفضل من خلال الإيمان بالمسيح يسوع (Longworth 2005: 5).

 

إن موظفي الإرسالية العربية كانوا أيضا مهووسين بأيديولوجية أن شبه الجزيرة العربية هي "أرض الميعاد" في الكتاب المقدس، وأن العرب هم من نسل إسماعيل، وقد كرس صمويل زويمر مساحة كبيرة من كتابه، شبه الجزيرة العربية: مهد الإسلام، لهذه الأيديولوجية، يلخصها قائلا:

 

"إن الحياة في شبه الجزيرة العربية ينبغي أن تأتي من واهب الحياة. "أؤمن بالشبح المقدس الرب واهب الحياة"، ولذلك فإن عمل الإرسالية في شبة الجزيرة العربية سيثبت وعد الرب حقيقة بدقته ومنتهاه. "ليت إسماعيل يعيش أمامك... أما إسماعيل فقد سمعت لك فيه". (1900: 398-408).

 

كان ضمن هذه الأيديولوجية نظرة المبشرين الأميركيين إلى القبائل في عمان، ولا سيما في حروبها ونزاعاتها الأهلية؛ فقد أكد الدكتور هارولد ستورم(5) أنه في زيارته إلى جعلان عام 1931 لطالما ذكّره وضع الناس هناك بالتنبؤ الوارد في سفر التكوين 16: 12، حين قال ملاك الرب للسيدة سارة في إشارة إلى إسماعيل: "يَكُونُ إِنْسَاناً وَحْشِيّاً يُعَادِي الْجَمِيعَ وَالْجَمِيعُ يُعَادُونَهُ، وَيَعِيشُ مُسْتَوْحِشاً مُتَحَدِّياً كُلَّ إِخْوَتِهِ"، وقد أسقط الدكتور ستورم هذا التنبؤ على مواطني جعلان، الذين وجدهم "يهيمن عليهم الخوف". يقول: "هنا كنا مباشرة بين ظهراني نسل إسماعيل، وكان هنا وفاء هذه النبوءة ماثلا أمام أعيننا"(1932: 3). وفقا لهذه الأيديولوجية، وجد المبشرون الأميركيون أن وعود إسماعيل تؤهل عرب عمان ليكونوا شعبا "مباركا" وثيق الصلة بشعوب "مملكة الرب"، ولهذا رأوا أن هذه العلاقة هي سبب كاف لأن تقوم الكنيسة بتنصير العمانيين(6).

 

الإرسالية والإمبريالية الأمريكية:

 

يقرن إدوارد سعيد البعثات البروتستانتية في الشرق الأوسط بالتوسع الاستعماري الأوروبي في المنطقة، ويذكر أن بريطانيا أمّنت مصالحها في الدول الإسلامية من خلال حمايتها "لجهاز معقد" من المنظمات التبشيرية شملت "جمعية تعزيز المعارف المسيحية"، و"جمعية ترويج الإنجيل في الأطراف الخارجية"، و"الجمعية التبشيرية المعمدانية"، و"الجمعية التبشيرية الكنسية"، و"جمعية الكتاب المقدس البريطانية والأجنبية" و"جمعية لندن لترويج المسيحية بين اليهود". ويؤكد إدوارد سعيد أن "هذه البعثات رافقت علنا التوسع في أوروبا"(1978: 100)، ويجادل سعيد أيضا بأن "جميع الكتاب الغربيين أيدوا الكوكبة الإمبريالية، وسهلوا التغلغل الأمريكي-الأوروبي في الشرق"(1978: 294). في عام 1993 جادل سعيد - في كتابه الثقافة والإمبريالية - بأن العلاقات الثقافية كانت ذات أهمية أكبر بكثير من "الهيمنة المباشرة والقوة المادية". والهدف في كلتا الحالتين: تأسيس الإمبراطوريات الإقليمية، وتأكيد أشكال الاستعمار الجديد. يقول سعيد: "إنني أناقش رؤية أيديولوجية نفذت وثبتت... بفعالية أكبر على مدى فترة زمنية طويلة بوسائل مقنعة... الفرض اليومي للسلطة في ديناميات الحياة اليومية"(1993: 128-132). إنه من الصعب تجنب عبارة "المسيحية الإمبريالية" في حالة الإرساليات التبشيرية إلى المسلمين خلال القرنين التاسع عشر والعشرين. بعيدا عن التشدق بعبارة "إنجيل الحب اللطيف"، وصف المبشرون الأمريكيون عملية التنصير بوضوح وفي كثير من الحالات، بأنها حرب. استخدموا مثل هذا الخطاب رغم أن العديد من أنشطتهم ─ توفير الرعاية الطبية المجانية في المستشفيات، ورعاية الأيتام، وهلم جرا ─ أكدت الأشكال السلمية من الارتباط الاجتماعي (Sharkey 2008: 51). في هذا الشأن فإن المبشرين الأميركيين في عمان -بوعي أو دون وعي- أكثروا من استخدام كلمات مثل "الحرب" و"الاحتلال" في يومياتهم وتقاريرهم. صمويل زويمر وزوجته اليزابيث إيمي، على سبيل المثال، في نعيهما لويلز ماريون تومز، يعلنانها بصراحة: "إن أفضل تكريم يمكن أن نقدمه لأولئك الذين سقطوا في الجبهة هو الاستمرار في الحرب، وإرسال المجندين، وتعزيز مواقفنا، والكفاح في الصلاة من أجل النصر"(1905: 4). ليس هذا فحسب، وإنما نظر المبشرون الأميركيون إلى "الرسل" الذين لقوا حتفهم في مسقط بشكل طبيعي على أنهم "شهداء". القس الدكتور برنار هاكن، في مقالته حول "المصطلحات الفنية لأسماء مدن الخليج العربي"، يفسر كلمة مسقط مثلا بأنها "مكان السقوط"، حيث: "سقط الشهداء في سبيل المسيح؛ لأنه في هذا المكان ضحى كل من المطران فرينش ستون والقس الدكتور تومز بحياتيهما من أجل المسيح، كما تعرض القس بيتر زويمر للحادث الذي تسبب في وفاته. حقا، إن هذا هو "مكان السقوط". "(1925: 9).

 

وعلاوة على ذلك، كان هناك دائما البعد السياسي لعمل الكنيسة، والإرسالية الأمريكية في عمان ليست استثناء. حقيقة أن الولايات المتحدة لم تكن متورطة في الإمبريالية رسميا آنذاك - كما كانت بريطانيا - لا تعفي المبشرين الأميركيين من النقد في هذه المسألة. في الواقع فإن الدكتور بول هاريسون - الذي "سار على حبل بهلواني رقيق جدا في ظل حماية حذرة من الإمبراطورية البريطانية" - يعترف قائلا: "في أعماق قلبه، يعتقد المبشر في كثير من الأحيان أن الأمل الوحيد في الإنجيل يكمن في دعمه بالحِراب الغربية. ما لم توفر الحكومات الغربية - بقواتها العسكرية - حماية المبشرين، لن تكون حياتهم آمنة ولن يستطيعوا تبليغ الرسالة المسيحية. وما لم تكن هناك سلطة غير مسيحية؛ ولكنها دنيوية ومهيأة لحماية أرواح المتحولين من الإسلام إلى المسيحية، ليس بإمكاننا فعل شيء. إن تعريض المتحولين لقسوة الاضطهاد مع عدم وجود الحماية إلا من الرب في سمائه عمل ميئوس منه. ولهذا أن تتوقع من المبشرين أن يعيشوا دون حراسة أمر مفرط في الخيال."(1925a:325 Scudder 1998: 7-9).

 

في الواقع، كان الشعور بـ"الإمبريالية الثقافية" واضحا لدى المبشرين الأميركيين في عمان منذ بداياتهم المبكرة في مسقط؛ ففي عام 1895، كتب بيتر زويمر في تقريره: "كل هذا يثبت كم كان عظيما وفعالا أن يفتح الباب أمامنا في مسقط ذاتها، برعاية حكومتها المعتدلة تحت النفوذ السياسي القوي لإنجلترا"(1895b: 8). وبالمثل، فإن القس جيمس كانتين، في عام 1904، اعترف قائلا: "يبدو أن النفوذ الإنجليزي قد عزز من مكانته منذ مغادرتي، ورغم أن هذا لا يساعدنا بشكل مباشر، فإنه يعني كسر بعض التحيزات، وأن التربة مهيأة جدا لاستقبال الحقيقة"(1904: 6).

 

ومن هنا، يمكننا أن نلحظ العلاقات الودية المتينة التي توثقت بين الوكلاء السياسيين البريطانيين في الخليج العربي، والمبشرين الأميركيين. وعليه، لقد منحت بريطانيا شرف خدمة الإمبراطورية لبعض المبشرين الأميركيين مثل ستانلي ميلري، الذي حصل على "وسام الإمبراطورية البريطانية" من الحكومة الإنجليزية، كما حصل كل من الدكتور بول هاريسون وهارولد ستورم على الميدالية الذهبية "قيصر الهند" من الحكومة البريطانية في الهند. (Scudder 1998: 14).

 

و يمكن تفسير هذا التعاون بين المبشر والقوة الاستعمارية بأن الأول يرى في الثاني جسرا للوصول إلى البلدان غير المسيحية، وسلاحا لحماية أنشطته؛ بينما يرى الثاني في الأول أداة لتحويل المواطنين الفقراء من جذورهم الدينية والثقافية، وتهيئتهم لتقبل الإمبريالي أو المستعمر أخا، متحضرا، متفوقا، بدلا من عدو محتل. (Al-Taha 1989: 170-171)

 

أما بالنسبة للعمانيين، فقد كان من الواضح لهم بأن المبشرين الغربيين لم يكونوا يمثلون فقط سلطة الإنجيل؛ ولكنهم يمثلون أيضا سلطة حكوماتهم. على سبيل المثال، يسرد الدكتور بول هاريسون هذه الحوار مع أحد المواطنين:

 

"لماذا لا يسمح لنا أن تأتي وننشئ مستشفى هنا؟

 

لأنه إذا فعلنا ذلك سيأتي بعدكم الإنجليز مباشرة ليفتحوا قنصلية ومكتب تلغراف، وبعدها لن نكون إلا عبيدا". (1925b: 7)

 

الصور المتحيزة:

 

في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، حققت أوروبا تقدما كبيرا في مجال التكنولوجيا، ولذلك انتقل جوهر السلطة من الشرق إلى الغرب. مثل هذا التقدم - كما يقول فيليب كورتن Philip Curtin- أدى إلى تكثيف مشاعر التفوق وأهمية الذات. "وكانت النتيجة بالنسبة للفكر الغربي موجة كاملة من الغطرسة الثقافية، ارتفعت باطراد حتى فترة متقدمة من القرن العشرين"(1971: xv). ولم تكن شخصيات الإرسالية العربية في عمان خالية من هذه المشاعر: من الغطرسة والتفوق. ومن أقدم النصوص التي تظهر هذا الشعور المتغطرس قصة رحلة قام بيتر زويمر إلى البستان - وهي قرية صغيرة في مسقط - في عام 1897، فبعد أن وجد أهل القرية جد فقراء، لم يستطع إلا أن يذكّر قراءه الأمريكيين بتفوق حضارتهم، في هذه الكلمات المتعجرفة: "تخيلوا ما الذي تعنيه زيارة أوروبي مصحوب بفانوس، وكرسي، وكتب، وأشياء رائعة أخرى لمثل هؤلاء الناس. ووفقا لقدرتنا نحن لم نفشل أيضا في تبليغهم كلمات رائعة عن الحياة من الكتاب المقدس "(1897a: 8).

 

وكان زميله المبشر جيمس كانتين أكثر وضوحا في العنصرية، عندما كتب في عام 1902 حول الاختلافات الطبيعية بين المبشرين، الذين يمثلون الغرب المتحضر، وباعة الأناجيل الجوالين، والذين يمثلون - في رأيه - الشرق الوضيع:

 

"إنهم بطبيعتهم يواجهون محنا قاسية أكثر منا، نحن الذين طوقتنا عناية نستمدها من انتمائنا إلى عرق متفوق، وإذا كانت مسيحيتنا الغربية هي التي نعتنق، فإنها من المحتم أن تمنحنا المزيد من القوة المعنوية والروحية كي نبقى منتصرين"(1902a: 10).

 

من المؤكد أن التكنولوجيا كان لها تأثير على المبشرين الأميركيين. منذ البداية كان معظم ما استخدمه المبشرون في نشاطهم اليومي يعتمد على أساس من الراحة المادية النسبية والتفوق التكنولوجي. وكانت المستشفيات التي كانوا يديرونها ماديا وتقنيا أكثر تطورا من المجتمع الأصلي. وكذلك كانت الأدوات التي استخدموها في مدارسهم. حتى المنصرون - بفوانيسهم، وكراسيهم القابلة للطي، وكتبهم، ومذياعاتهم - كانوا يعكسون تطورا تكنولوجيا. وفي بداية القرن العشرين كانوا المبشرون يعتقدون بوقاحة أن هذه الأشياء لم تكن سوى نتاج "الحضارة المسيحية" (Scudder 1998: 16-17).

 

إضافة إلى إحساسهم الواضح بالغطرسة، فإن المبشرين الأميركيين تصوروا بشكل أعمى أن الكنيسة كانت وراء الازدهار السريع الذي تدفقت مياهه إلى الخليج العربي بعد اكتشاف النفط. جانيت بويرسما تمثل مثالا نموذجيا لهذه الأيديولوجية المتغطرسة. فقرتها هنا جديرة بالاقتباس: "لا بد لي أن أضيف هنا أن الرب لم يسمح باكتشاف النفط حتى أنشئت أول كنيسة في منطقة الخليج، وكانت الطائفة التي كان لها شرف دخول الخليج هي الكنيسة البروتستانتية في أمريكا، والتي أنا عضو منها. لا أحد يعرف أن النفط الكامن تحت التربة العربية مهيأ للاستغلال، في حين أن العرب ما زالوا يعانون من الفقر المدقع والأمية ونقص الرعاية الطبية. فلم يكن من قبيل المصادفة أن إنشاء الكنيسة أعقبه بركات النفط" (1991: 196).

 

في موضع آخر من مذكراتها تتحسر جانيت بويرسما -بسذاجة بالغة- على العمانيين الذين تحولوا عن المسيحية، والذين صارت لهم منازل من الطوب، مزودة بأحدث الأثاث، والحمامات الحديثة، والمياه الجارية، والكهرباء، والثلاجات وأجهزة التكييف الشاملة؛ ولكنهم "نسوا الرب الذي أعطاهم هذه النعم... لقد نسوا كل ما وهبه يسوع المسيح لهم" (1991: 215).

 

مواقف محايدة:

 

أتفق مع بعض علماء مرحلة ما بعد الاستعمار، مثل ليزا لوي Lisa Lowe، التي تلح على وجوب النظر في أي خطاب بصفته بنية غير متجانسة، ومتعددة الأصوات، وتتكون من أمثلة مختلفة وغير متكافئة. تقول: إن الاستشراق هو "معقد داخليا وغير ثابت" (1992: 15). في هذا الشأن أود القول بأن خطاب المبشرين الأميركيين في عمان متنوع ومتناقض. ثمة صور ومواقف محايدة من السهل إثباتها في كتاباتهم، وعلى النقيض من مشاعر الغطرسة والهوية الدينية المتعالية، فإننا نجد في كتاباتهم تأكيدات على مواقف موضوعية تجاه بعض جوانب الثقافة العمانية، مثل الصداقة والكرم والتسامح. يمكننا أن نجد مثل هذه التأكيدات عن الكرم في رحلة قام بها هاري ويرسم(7) إلى مسقط في عام 1900، يقول فيها: "إن العرب هم مضرب المثل في الكرم. فبعد خطابات حملنا إياها إمام مسقط وعمان، عوملنا معاملة ملكية بحق أينما ذهبنا". (1900: 9). معظم الرحالة والمبشرين الأجانب قد أكد هذا الجانب الاجتماعي في شبه الجزيرة العربية، ولكن الدكتور بول هاريسون، ربما كان أكثر من أعجب بكرم الضيافة العمانية، بل هو الموضوع المهيمن في كتاباته. يقول - بكثير من المبالغة -: إنه "لا يوجد مثل العرب العمانيين، أشك إذا كان من الممكن تكرار مثل هذا الكرم في أي مكان آخر في العالم"(1922: 13). ومن المثير للاهتمام أن المبشرين الأمريكيين استخدموا هذا المفهوم للضيافة بأنفسهم؛ إذ أنشأوا غرفة منفصلة - أو مجلسا - في محطتهم في مسقط، حيث تلقوا - مرحبين - بعض زعماء القبائل العمانية بالقهوة والحلوى، ولكن للتنصير هذه المرة.

 

إضافة إلى هذا التأكيد على الكرم، أثنى المبشرون الأمريكيون على الصداقة ولطف المعشر عند العمانيين. ولعل من أوائل المبشرين الذين أكدوا هذا السلوك هو صمويل زويمر، في زيارته إلى المناطق الداخلية من عمان في عام 1910، والتي اختتمها قائلا: "كان الناس ودودين جدا في كل جزء من عمان؛ إذ قدموا لنا مطلق الضيافة"(1911: 16). وفي عام 1934، أكد هارولد ستورم هذه السمة لدى عرب عمان: "العماني هو الأكثر ودية بصورة عامة في تعامله مع الجميع. مجالس الرجال أكثر حرية من أي مكان آخر، ولا يوجد فيها انقسام كبير بين ذوي المكانة الاجتماعية. في كثير من الأحيان يلتقي في مجالس الشيوخ العبيد والأسياد، والبدو الرحل والتجار الأغنياء، تجمعهم المحادثات الودية، ويمكن العثور على هذه الصورة نفسها في أجزاء أخرى من شبه الجزيرة العربية، ولكن في عمان روح ديمقراطية أكثر. وهذا يخلق نوعا رائعا من روح الأخوة في المجتمع" (1934: 265).

 

موضوع التسامح الديني هو أيضا سمة متكررة جدا في كتابات المبشرين الأميركيين في عمان. كان الدكتور بول هاريسون - خلال جولاته الطبية داخل عمان - مندهشا من التسامح الذي أبداه العرب العمانيون تجاه المسيحية، وقد قدم هذه الشهادة عن التسامح الديني: "عمان هي منطقة تحظر استخدام التبغ مثلما يحصل في نجد، ولكن عمان هي أرض التسامح واللطف، الذين بالكاد يمكن أن تجدهما في نجد، الطبيب الزائر هنا ليس كافرا وابن كلب لأنه ببساطة مجرد مسيحي، علماء الدين هنا يبدون أكثر نقاء وأقل صلابة من أي مكان آخر في شبه الجزيرة العربية"(1934: 268).

 

وقد علل المبشرون هذا الموقف الإيجابي تجاه عرب عمان بحقيقة أن العمانيين لم يكتفوا بتقبل الإنجيل وشراء نسخ من الكتاب المقدس؛ ولكنهم أيضا رحبوا بالمبشرين بكياسة ولطف. حتى أن الإمام محمد بن عبد الله الخليلي - الذي كان معروفا برفضه لأي تأثير غربي في عمان - استقبل المبشرين الأميركيين بكرم ولطف في مقر إقامته في نزوى، وتحاور معهم وثمن حضورهم إليه(8).

 

المثال الآخر على مواقف المبشرين الأميركيين المحايدة تجاه الشعب العماني هو انتقاداتهم الشديدة للاحتلال البرتغالي لعمان في القرن السادس عشر؛ فعلى الرغم من أن المبشرين الأميركيين يلتقون في طموحهم مع البرتغاليين بأن المسيحية يجب أن تهيمن على العالم الإسلامي، فإنهم انتقدوا الفظائع والأعمال الوحشية التي ارتكبها البرتغاليون المسيحيون ضد السكان المدنيين في عمان. نجد القس جيمس كانتين - على سبيل المثال - يؤكد في عام 1902 بأنه "انتابه شعور بالأسف والعار" عندما نظر إلى البرتغاليين الذين تحت قيادة البوكيرك وقد "دمروا بالنار والسيف سواحل الجزيرة العربية". يقول: "منذ مائة وخمسين عاما قضت الحكومة المسيحية العليا على ساحل عمان، فقط لإثراء الحكام على حساب الآخرين، لسفك الدماء بلا توقف، وبناء حصون وقلاع مزقت في النهاية الأعلام التي حيتها في عهدها"(1902b: 8).

 

وبالمثل، نجد الدكتور بول هاريسون - في وصفه حصون البرتغاليين في مسقط - لا ينسى أن يدين وحشيتهم: "على الجانب الآخر من الميناء توجد القلعتان اللتان بناهما البرتغاليون في القرن 15. إحداهما خصصت للقديس يوسف، والأخرى للسيدة مريم، ولا شك أنهما قد أقضتا مضجعيهما، بالنظر إلى أولئك المغامرين العسكريين الذين شيدوهما، وإلى أغراض الطمع والقسوة والشهوة التي سخرتا من أجلها (1940: 14).

 

الخاتمة:

 

كما حاولت أن أبين في هذه الدراسة، تختلط الكتابات الأمريكية التبشيرية في عمان بأصوات مختلفة. في الوقت الذي كان فيه المبشرون الأميركيون نتاجا للنظرية الاستشراقية، كما أوضحها إدوارد سعيد، من حيث "الإمبريالية" و"المهمة الحضارية"، تصطبغ كتاباتهم بتعاطف مع "الآخر". إعجابهم ببعض ملامح الثقافة العمانية - كلطف المعشر، والكرم، والتسامح، إضافة إلى موقفهم الموضوعي من الاستعمار البرتغالي وانتقادهم لوحشيته وبطشه - يتعارض مع التحليل الأحادي الاتجاه، الذي يتبناه بعض دارسي خطاب ما بعد الاستعمار، والذين يدعون أن الخطاب الغربي حول الشرق الأوسط هو كتلة واحدة، تتمركز حول "العنصرية" و"إعلاء الذات".

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

1)         كان بول ويلبرفورس هاريسون Paul Wilberforce Harrison (1883-1962) طبيب مبشر لأكثر من أربعة عقود من الزمن (1910-1954) في منطقة الخليج العربي، بما في ذلك عمان والكويت والبحرين والعراق. تخرج من جامعة جونز هوبكنز في عام 1909. بعض مؤلفاته تشمل العربي في وطنه (1924)، و طبيب في شبه الجزيرة العربية (1940)، والضوء الذي ينير كل إنسان (1958). لمزيد من المعلومات، انظر Heideman) 1999: 282). جانيت بويرسما Jeanette Boersma (?(-1918 كانت ممرضة مبشرة في عمان خلال الفترة 1950-1986، وكانت تعرف محليا باسم خاتون نعيمة. ظهرت بعض يومياتها في مجلة الإرسالية "أريبيا كولينج" Arabia Calling، ولكنها نشرت لاحقا سيرتها الذاتية الكاملة في كتابها "النعمة الإلهية في الخليج" (1991).

 

2)         صمويل مارينوس زويمر (Samuel Marinus Zwemer (1867-1952 هو الشخصية الأكثر بروزا بين أفراد الإرسالية العربية؛ لأسفاره ومنشوراته. قام بثلاث رحلات في عمان، الأولى في عام 1900 أخذته من الشارقة إلى صحار، والرحلة الثانية أخذته من البريمي إلى صحار في مايو 1901، والثالثة كانت في أكتوبر 1910، سافر فيها زويمر من مسقط إلى بوشر. كان صمويل زويمر كاتبا غزير الإنتاج. أعماله الكاملة يصعب ذكرها هنا، ولكن يمكن العثور على قائمة شاملة له في 1952 (Wilson). انظر أيضا Marshall (1994: 35). جيمس كانتين James Cantine (1861-1940) هو الرائد الثاني، بعد صمويل زويمر، في تأسيس الإرسالية العربية. زار عمان أولا في عام 1891 أثناء رحلته إلى شبه الجزيرة العربية التي هدفت إلى استكشاف إمكانيات التنصير. ثم خدم في الإرسالية لمدة 38 سنة في البصرة ومسقط وبغداد. يومياته وتقاريره عن عمان تتوفر في أعداد متفرقة من مجلة "نيجليكتيد أريبيا" Neglected Arabia. لمزيد من المعلومات حول جيمس كانتين، راجع النعي الذي تلي في جنازته في شهر يوليو عام 1940، وقد طبع في كتيب تذكاري ظهر في المجلد السابع من مجلة "نيجليكتيد أريبيا".

 

3)         بيتر زويمر Peter Zwemer ( 1868-1898) هو مؤسس محطة الإرسالية العربية في مسقط في عام 1893. مباشرة بعد وصوله، قام بفتح محل لبيع الكتاب المقدس في سوق مسقط، ووظف بائعا جوالا. كما أنه أنشأ في عام 1896 أول مدرسة تبشيرية في مسقط هي "المدرسة الصناعية للعبيد المحررين"، والتي رعى فيها زويمر 18 شابا، يزعم أن فرقاطة بريطانية أنقذتهم من سفينة رقيق عربية. غادر زويمر عمان في مايو 1898، وبحلول أكتوبر كان قد وافته المنية في "بيرزبيتريان هوسبيتال" Presbyterian Hospital في نيويورك. لمزيد من المعلومات، انظر: (Shavit 1988: 395).

 

4)         يزعم إريك ديويت ألتيس Eric DeWitt Altice أن الإنجيليين الأميركيين، في القرن التاسع عشر "صنفوا الأديان في العالم بدقة إلى وثنية، ومحمدية، ومسيحية، ويهودية. معظم البلدان البربرية والوحشية - كما هو متوقع - عدوها وثنية، والأكثر استنارة وحضارية عندهم هي المسيحية، في حين أن الدول الإسلامية سقطت في فئة "النصف متحضرة" (2004: 83).

 

5)         وليم هارولد ستورم William Harold Storm (1901-1980) طبيب مبشر عمل في عمان خلال الفترة 1930-1933. خلال هذه السنوات سافر على نطاق واسع إلى العديد من مناطق عمان بما في ذلك الرستاق، والجبل الأخضر، وجعلان، وصور، وظفار. ونشرت قصص رحلاته في مجلة "نيجليكتيد أريبيا". عمل في وقت لاحق في الكويت والبحرين حتى تقاعده عام 1964. لمزيد من المعلومات، انظر: (Pengelley 2005).

 

6)         معظم المبشرين الأميركيين في عمان كانوا مأخوذين بهذه الأيديولوجية. لمزيد من الأمثلة، راجع: Peter Zwemer (1895a: 10), Mylrea (1913: 3) and Harrison (1940: 276).

 

7)         هاري ويرسم Harry Wiersum (1874-1901) هو من القساوسة الرواد للإرسالية العربية. أرسل إلى العراق في ديسمبر 1899؛ لكنه توفي بالجدري في أغسطس 1901 بعد أقل من عامين على عمله التبشيري. زار ويرسم مسقط في مايو 1900، ومنها انطلق - يرافقه جيمس كانتين - في رحلة إلى المناطق الداخلية من عمان بما في ذلك سمائل، ووادي المعاول، ونخل. لمزيد من المعلومات، راجع: (Barny 1901: 3-5).

 

8)         زار الدكتور ويلز تومز (المعروف عند العمانيين باسم الدكتور طوماس) Wells Thoms الإمام في عام 1941، برفقة زميله المبشر ديرك دايكسترا Dirk Dykstra. يقول عن الإمام: تساءل كثيرا عن هدفنا من مغادرة بلادنا للعيش والعمل في مسقط، وعندما أجبناه بأن يسوع - المسيح، الذي نحن أتباعه - أمرنا بالذهاب إلى جميع الأمم لتدريس الناس تعاليمه، وشفاء المرضى ومشاركة جميع الناس ببشارة الإنجيل (الكلمة العربية للكتاب المقدس)، قال: "هل تعتقدون بأن الله واحد؟" وعندما قلنا: "نعم" قال: "أنتم لست كفارا، وإنما أنتم أهل الكتاب". نؤمن بأنكم مخطئون في بعض عقائدكم؛ ولكننا نحترمكم لأنكم تخشون الله سبحانه وتعالى، وعليه يمكنكم أن تسيروا بأمان في بلادنا " (Phillips 1971: 187).

المصدر: http://tafahom.om/index.php/nums/view/4/89

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك