ميثاق الأمم المتحدة تجاه تحديات أمنية غير تقليدية السلام والعدالة والرحمة في المجال العالمي

أنطوان نصري مسرّه

دور الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي في إرساء السلام في العالم ومعالجة النزاعات المسلحة هو موضع تشكيك منذ سنوات، مع مساعٍ لإيجاد أطر قانونية ودبلوماسية في سبيل تفعيل مبادئ شرعة الأمم المتحدة وتوطيد حكمية عالمية أكثر فاعلية.

نشأت منظمة الأمم المتحدة وميثاقها كثمرة معاناة حربين عالميتين وظمأ بشري لإرساء منظومة عالمية تسعى بفعالية إلى تحقيق السلام العالمي، أو على الأقل المعالجة السلمية للنزاعات. في ظل القطبية الثنائية الأميركية والسوفياتية، أو ما سُمّي في بعض الحالات الحرب الباردة، اعتمدت استراتيجيّة الاحتواء containment تجنبًا لصراع مباشر بين القطبين ذات القدرات النووية، ولكن غالبًا على حساب دول أخرى مُستقطبة أو ضعيفة أو مُستضعفة، كما في حالة لبنان، من خلال حروب أهلية أو داخلية في ساحة صراع إقليمي ودولي يتخطى قدرات وطموحات الدول المُستقطبة.

-1-

ميثاق الأمم المتحدة تجاه الحروب الداخلية وبالوكالة

أدت التغيرات في أنماط الحروب منذ بداية التسلُّح النووي وامتداد الأسلحة الفتاكة ونهاية الحرب العالمية الثانية إلى انتفاء الحروب نسبيًا بين الدول, وامتداد صراعات مسلّحة بالوكالة في بلدان كبرى أو صغرى ضعيفة أو مُستضعفة. ومن نتائج امتداد الأسلحة الفتاكة لدى دول عظمى انتشار وسائل عمل حربية عابرة للدول والحدود من خلال منظمات إرهابية.

كلفة الحروب المباشرة بين الدول باهظة، ونتائجها غير مضمونة، ولا أحد على الأرجح سيكون منتصرًا. تتنامى تاليًا -وسوف تتنامى أكثر فأكثر- أنماط متجددة من حروب مسماة أهلية أو داخلية مُستدامة في دول مستقطبة أو ضعيفة أو مستضعفة من خلال أتنوستراتيجية؛ أي استغلال التباينات الدينية والمذهبية والعرقية واللغوية... إذا استمرت هذه الحروب بالوكالة فترة تتجاوز السنة فسوف يُستعصى بعدئذ معالجتها داخليًا؛ إذ تترسخ مصالح إقليمية ودولية من خلال تزويد المتقاتلين بالمال والسلاح، وتترسخ أيضًا مصالح داخلية من خلال سياسة واقتصاد حرب. ويستحيل إيقاف دورات العنف في الحروب المستدامة وبالوكالة إلا من خلال وفاق إقليمي ودولي بالإضافة طبعًا إلى وفاق داخلي على الأقل في حدّه الأدنى. 

ليس هذا النمط من الحروب بالوكالة جديدًا بل بالأحرى أكثر انتشارًا اليوم. بعد حروب دامت حوالي ثلاثين سنة في المقاطعات المتحدة الهولندية قال أحد المندوبين لممثلي المقاطعات المتحدة للهولنديين قبيل معاهدة Utrecht سنة 1713: "سنوقع السلم عندكم ولكم وبدونكم"(1). هذا ما حصل أيضًا في لبنان في وثيقة الوفاق الوطني-الطائف سنة 1989؛ إذ بالإضافة إلى وفاق داخلي حصل توافق إقليمي ودولي على وقف الحروب في لبنان، وقد سبق أن أصدر اللبنانيون قبل هذه الوثيقة 14 وثيقة وفاق وطني وعلى المستوى الرسمي دون أن يؤدي ذلك إلى وقف العنف! نذكر هنا قول الأخضر الإبراهيمي للعراقيين في 14/2/2004 بصفته مندوبًا للأمم المتحدة في العراق: "لقد قلت لأصدقائي في مجلس الحكم وللعراقيين الذين التقيتهم: إنني كنت منهمكًا بعض الشيء في لبنان، وإذا كان هناك من بلد في هذا الجزء من العالم يمكن لأحد أن يتصوره مسرحًا لحرب أهلية فهو لبنان"(2).

أمام حالات الحروب الداخلية الممتدة وبالوكالة ومخاطر ممارسة حق الفيتو في مجلس الأمن الدولي يواجه ميثاق الأمم المتحدة حالات عجز في الحد من مسار العنف، وحتى حالات الإبادة الجماعية والعمليات الإرهابية العابرة للدول، وتشهد المنطقة العربية حالات من هذا النمط، وقد تمتد الأعمال الحربية في مناطق غير عربية، بخاصة في بلدان يحكمها طغاة وطدوا استقطابًا إقليميًا أو دوليًا يستفيدون منه من خلال ممارسة أداتية لحق الفيتو. يهدف حق الفيتو في جوهره إلى نبذ الطغيان، وليس السماح أو الصمت أو التواطؤ مع طغاة، وما كتبه ريمون آرون Raymond Aron سنة 1944 بعنوان: "الإنسان في مواجهة الطغاة" يكتسب أهمية كبرى في عالم اليوم(3).

على إثر ما يحصل يقول وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس Laurent Fabius -في خطاب له في معهد العلوم السياسية في باريس، وتجاه عجز مجلس الأمن من خلال ممارسة حق الفيتو-: إنه "من الضروري اعتماد شرعة سلوكية يلتزم بموجبها الأعضاء الدائمون في مجلس الأمن على عدم ممارسة حق الفيتو في حالات الأزمات الإنسانية الخطيرة، حيث مصالحهم الحياتية المباشرة غير مهددة"، ويورد حالة "تهز الضمائر"(4).

تُبين هذه التحولات -وتاليًا عجز ميثاق الأمم المتحدة في مواجهة النزاعات والحروب والإرهاب العابر للدول- أن مجرد تعديل الإطار القانوني التنظيمي لمنظمة الأمم المتحدة ولمجلس الأمن هو غير كاف في سبيل مزيد من الفاعلية وإرساء السلام العالمي لصالح دول أو شعوب ضعيفة أو مستضعفة في حروب "من أجل الآخرين" حسب تعبير غسان تويني(5). طالب غسان تويني مرارًا -بصفته ممثلاً للبنان في الأمم المتحدة- بممارسة المنظمة الدولية دورًا فاعلاً في حماية سيادة الدول الصغرى(6).

ترتبط فاعلية ميثاق الأمم المتحدة -في إطار التحولات الحاضرة، وفي سبيل اكتساب مزيد من الشرعية- بثلاثة عناصر متلازمة: حدود ممارسة حق الفيتو أو على الأقل تحديد أطر ربما خُلقية سلوكية في ممارسته، وتوسيع الممارسة الديمقراطية في المجال العالمي، وفضح ومقاومة دبلوماسية الابتزاز.

هل يمكن أن ننتظر من دول أعضاء دائمين في مجلس الأمن -هي في درجة دنيا في سلّم الممارسة الديمقراطية- أن يساندوا مساعي وقف العنف الذي يمارسه حكام طغاة؟ ما هو موقع الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي بالنسبة إلى المؤشرات العالمية في الديمقراطية؟ منظمة الأمم المتحدة التي نشأت أساسًا لمقاومة الطغيان في العلاقات الدولية، واستلهمت من الخبرات العالمية مع الفاشية والنازية، ربما أصبحت اليوم -من خلال الانحراف في ممارسة حق الفيتو- خاضعة لطغيان من الداخل نابع من دول كبرى ليست ميزاتها الأساسية الانسجام مع المعايير الدنيا في الديمقراطية. 

يظهر تحقيق مؤشرات الديمقراطية لسنة 2011 حسب قياس من 1 إلى 7 (قياس واحد هو أعلى درجة في الانسجام مع المعايير الديمقراطية وقياس سبعة هو أدنى درجة) أن بلدانًا عديدة لها دور أو تسعى إلى اكتساب دور في المنظومة الدولية هي في أدنى درجات الممارسة الديمقراطية. إنها بالأخص حالات روسيا (درجة 6 في الحقوق السياسية و5 في الحقوق المدنية)، والصين (درجة 7 في الحقوق السياسية و6 في الحقوق المدنية)، وإيران (درجة 6 في الحقوق السياسية و6 في الحقوق المدنية)... بموازاة ذلك هناك دول عديدة في المنطقة العربية والقارة الإفريقية وأميركا الجنوبية هي في مستويات دنيا في المسار الديمقراطي، وهي لا تتمتع في غالبيتها بموقع في العلاقات الدولية؛ ولكنها معرّضة لتكون ساحة صراعات إقليمية ودولية بالوكالة من قبل دول أكثر قدرة وشأنًا في العلاقات الدولية.

يمكن تاليًا التمييز في المسار الديمقراطي بين أربع حالات: الأنظمة الاستبدادية أو الدكتاتورية، وأنظمة الديمقراطيات الراسخة consolidated democracy، والأنظمة قيد التحول الديمقراطي transitional democracy، والديمقراطيات المستضعفة والمهددة من خلال ضغوط إقليمية ودولية، تحوّل هذه الديمقراطيات إلى ساحة صراع. يُشكل لبنان حالة نموذجية طيلة أكثر من ثلاثين سنة لديمقراطية مهددة من خلال وضع إقليمي ضاغط، وأنظمة استبدادية تمارس العنف والإرهاب بالوكالة في ساحات غيرها. 

ليست طبعًا مؤشرات قياس الديمقراطية مطلقة؛ بل تحتاج هذه المؤشرات إلى مراجعة، بخاصة ما يتعلق بالحريات الدينية، واحترام قرارات الأمم المتحدة، واحترام حق الشعوب في تقرير مصيرها وحق اللاجئين... لا تحظى إسرائيل في هذه الحالة بدرجة واحد في الحقوق السياسية، ولا بدرجة اثنين في الحقوق المدنية حسب المؤشرات المعتمدة(7).

2

دول مارقة ودبلوماسية الابتزاز

انتشرت نتيجة التحولات في الحروب ظاهرة دول مارقة Etats voyous, وهي دول تخرق القوانين الدولية، وتهدد السلام خاصة في مجال الإرهاب وتطوير السلاح النووي، وقد استوعبت تمامًا هذه الدول المارقة عجز المنظومة الدولية عن اللجوء إلى القوة العسكرية، والخوف من الإرهاب العابر للدول، وحرص الشعوب على رفاهيتها. 

تعتمد الدول المارقة دبلوماسية الابتزاز، استوعبت بعض الأنظمة دبلوماسية الابتزاز هذه في العلاقات الدولية، فاعتمدت سياسة خارجية طيلة أكثر من ثلاثين سنة قوامها ثلاثة عناصر: 

1. تحييد العدو المجاور من خلال تجنب أي مقاومة مشروعة لاسترداد أرض أو حقوق مع المزايدة إقليميًا ودوليًا بالمقاومة والتصدي.

2. استقطاب واستتباع دولة مجاورة satellisation بفضل موقع هذه الدولة المجاورة في السياسة الدولية والتحالف عسكريًا مع قوة إقليمية داعمة. 

3. تولي مناقصات أمنية إقليمية؛ أي نشر الفوضى في دول مجاورة ثم العمل على وقفها، مع إيهام الدول الكبرى أن الدولة المارقة هي عنصر "استقرار" في المنطقة، وأن البديل هو الفوضى والإرهاب "الإسلامي"، وأنها حامية لأقليات خائفة من أديان مُخيفة. 

إننا نعيش اليوم الثمار المرّة للخضوع المتمادي لدول كبرى تمارس دبلوماسية الابتزاز.

3

عدالة دولية وثقافة سلام وذاكرة جماعية رادعة

كيف يواجه مجلس الأمن الدولي العجز في تحقيق السلام في دول مستضعفة ومُستعملة كساحات صراع من أجل الآخرين، وفي دول يحكمها طغاة يمارسون القمع والإبادة على شعوبهم؟ من الضروري العمل على مراجعة اختبارية لممارسة حق الفيتو؛ ولكنه من الضروري أيضًا الاعتماد على أربعة سياقات داعمة للمنظومة الدولية، وهي سياقات ذات طابع قضائي وأخلاقي وثقافي. تكتسب قضايا العدالة الدولية، والتطور الديمقراطي، وثقافة السلام وبناء الذاكرة الجماعية المشتركة، وتوفر منظومات أمنية إقليمية داعمة، تكتسب هذه العوامل مكانة مهمة لتحقيق السلام العالمي وحماية دول عديدة من "حروب من أجل الآخرين"، أو لصالح نظام طغاة في دول مارقة، وذلك دعمًا لميثاق الأمم المتحدة.

1. العدالة الدولية والمحاسبة: لا تقتصر المحاسبة وما قد يستتبعها من عقاب على محاسبة قضائية صادرة على محكمة؛ بل هي محاسبة اجتماعية لصالح المجتمع ككل، وإذا اقتصرت المحاسبة على جهاز قضائي غير متفاعل مع حالة اجتماعية توفر لهذا الجهاز الدعم والشرعية فقد يتحول هذا الجهاز إلى أداة انتقام سياسي أو يراه الناس كذلك، والحاجة ملحّة إلى اعتماد مفهوم واسع للعدالة الدولية وللمحاسبة في حالات الحرب الأهلية أو الداخلية حيث المحاسبة لا تقتصر على جهاز قضائي بل تشمل القضاء والمجتمع معًا.

وما هي غائية المحاسبة من خلال العقاب القضائي؟ فإذا كانت الغاية حماية المجتمع وعدم تكرار حرب أهلية أو داخلية فالمحاسبة القضائية وحدها قد لا تفي بهذه الغاية، إذا لم يترافق إحقاق الحق مع توبة قومية وذاكرة جماعية تحقق مناعة المجتمع.

تنتهي الحروب الأهلية أو الداخلية بانتصار فريق، أو بالتقسيم، أو بمأزق لا غالب ولا مغلوب واعتماد نظام مشاركة، ويُركز باحثون كثْر في كتاباتهم عن الحروب الداخلية في أسبابها في العالم اليوم؛ لكنهم لا يوفرون الكثير من المواد المتعلقة بكيفية انتهائها أو توقفها. غالبًا ما تنتهي تلك الحروب بالتفاوض بين الأطراف المتحاربة بفعل استحالة تحقيق أي منهم انتصارًا حاسمًا يسمح له بتطبيق مبدأ "كل شيء للرابح".

بعض الحروب الداخلية لا تنتهي إلا بصيغة "غالب ومغلوب" مِمَّا يسمح بفرض حل قادر على الصمود والاستمرار لمراحل طويلة، والتسويات الناجمة عن المفاوضات قد لا تصمد؛ لأنه إذا ترافقت التسوية مع قبول المتصارعين لها ضمنيًا وعلى مضض، عندها تكون التسوية مؤقتة استعدادًا لجولة عنف أخرى.

لا تندمل الجروح بسرعة بسبب الرواسب والمخاوف في الذاكرة الجماعية؛ فالحرب في كولومبيا عام 1957 انتهت باتفاقية بين الفريقين المتحاربين الرئيسين على تنازلات متبادلة قضت باعتماد مبدأ المداورة في التناوب على الحكومة الوطنية. والتسوية التي حصلت في السودان عام 1971 أوجدت مقاطعة في جنوب البلاد تتمتع بحكم ذاتي، وأصبح زعيم الثوار رمزًا سياسيًا في السودان، وفي اليمن الشمالي انتهت الحرب عام 1970 باتفاق مع الثوار مُنحوا بموجبه حكمًا ذاتيًا وتمثيلاً داخل الحكومة والحكم المركزي، وفي زمبابواي انتهت الحرب بالاتفاق على دستور أعطى البيض نفوذًا أكثر أهمية من الحجم الديموغرافي الذي يتمتعون به لأكثر من عشر سنوات، جرت بعدها انتخابات أدت إلى فوز الثوّار، وانتهت الحرب في إيرلندا الشمالية بعد التوصل إلى اتفاق يضع حدًا لـ 30 سنة من الصراع بين الغالبية البروتستانتية المؤيدة للحكم البريطاني والأقلية الكاثوليكية الراغبة في الانفصال، عُرف باتفاق "الجمعة العظيمة" للسلام الموقع في نيسان 1998، وبموجبه أصبح لإيرلندا الشمالية -اعتبارًا من مطلع كانون الأول 1999- حكومة يتمثل فيها البروتستانت والكاثوليك مناصفة، وتتمتع بحكم ذاتي في مجالات الاقتصاد والزراعة والنقل، في حين احتفظت بريطانيا بالسيطرة على شؤون أساسية كالضرائب والأمن.

في الحالة اللبنانية تحركت الدول العربية، مدفوعة باشتداد الحرب في لبنان عام 1989، ودعت البرلمانيين اللبنانيين إلى مؤتمر في مدينة الطائف السعودية، وتوصلوا إلى ميثاق جديد ينهي حالة الحرب، ويشكل مدخلاً لإعادة بناء الاستقلال ووحدة الدولة. وعملاً بأحكامه، حلّت الحكومة اللبنانية الميليشيات المسلّحة باستثناء "حزب الله" الذي تركت له حرية العمل وتوجيه عمليات المقاومة في جنوب لبنان ضد الاحتلال الإسرائيلي، ووافقت الميليشيات الرئيسة على تسليم أسلحتها إلى الجيش اللبناني أو بيعها وإعادتها إلى خارج البلاد، وأدخل في المؤسسة العسكرية عدد من عناصر الميليشيات السابقة الذين وافقت الحكومة على انضوائها في الألوية العسكرية. جميع هذه القرارات -التي اعتبرت المدخل لإنهاء الحرب بوجهها الداخلي- اتخذتها حكومة ضمت عددًا من قادة الميليشيات بين وزرائها. حتى في الحروب الأهلية الأشد عنفًا التي انتهت بانتصار، أوجدت اتفاقيات وتسويات متساهلة، أو متسامحة، وأبرزها نموذج الولايات المتحدة الأميركية، ونيجيريا، والنموذج اللبناني.

غالبًا ما يتم اللجوء إلى الوساطة بقوة العضلات Mediation with muscle, هذا التعبير مقتبس من عالم السياسة William Zartman(8) وهو يبرز بوضوح في الحلول المطبقة في حالة لبنان حيث كان كل لقاء يواكب بتصعيد القصف، ولم تكن تلك المرة الوحيدة التي وجد اللبنانيون أنفسهم فيها أمام خيار: الاتفاق/المساومة، أو الفوضى والقصف! في مرحلة من الانتخابات الرئاسية خيّر اللبنانيون بوقاحة على لسان ديبلوماسي دولة عظمى: إما الانتخابات والمرشح الفلاني، وإما الفوضى! وفي بعض بنود وثيقة الوفاق الوطني عام 1989 وانتخابات 1992 وُضعوا أمام الخيار الآتي: القبول أو الفوضى! وفي حالة زمبابواي أدى تدخّل حكومة -بريطانيا التي لها مصالح في ذلك البلد- إلى استخدام نفوذها القوي للضغط على الطرفين المتنازعين، وإرغامهما على التوصل إلى اتفاق.

2. الذاكرة الجماعية المشتركة الرادعة: كيف تحمي الدول الضعيفة أو المستضعفة نفسها من حروب أهلية أو داخلية في ساحاتها بالإضافة إلى جهود المنظومة الدولية؟ كيف لا تتكرر الحرب الأهلية أو الداخلية؟ يمكن التمييز بين أربعة أنواع من الذاكرة الجماعية: 

- الذاكرة الاتهامية: استنادًا إلى واقعة تاريخية فعلية أو مضخمة، يتم التركيز على اتهام الآخر واستغلال التاريخ لطمس مظالم وتبرئة الذات وملاحقة متهمين بعد عشرات السنين بعيدين جغرافيًا أو شيوخ منازعين؛ لتغذية ذاكرة تسعى إلى نبش حقد أصلي. ترتد هذه الضراوة الاتهامية على المدعي نفسه الذي يحتجز الآخر دون حظوظ في الغفران، ويحده في زمن تاريخي معين يعدّ تأسيسيًا لنقاوة الهوية والبراءة المطلقة.

- الذاكرة النزاعية: تحت ستار علم التاريخ، يتابع مؤرخون الحرب بعد نهاية الحرب، ويصرفون فعل "قتل" على كل الموازين باحثين عن أدنى ضربة كف بين شخصين متنافسين في أية قرية صغيرة لتذكير كل الذين يسعون إلى النسيان أن الهويات متصارعة حتمًا، وأن التفاعل الثقافي وَهم وأن التسوية مساومة. نرى هذا المنحى لدى مؤرخين يوغوسلافيين وإيرلنديين ولبنانيين...

- الذاكرة المُجمدة: تبقى الصدمة النفسية التي أحدثتها المعاناة أو التهجير حيّة بشكل مرضي، وتجعل الشعب مغلقًا سياسيًا على ماضيه، وعاجزًا عن استكشاف آفاق جديدة أفضل ودون نكران تراثه.

3. ذاكرة التوبة والتضامن: ألا تتوفر خلقية علمية تاريخية تتخطى العلموية التاريخية الاختزالية؟ للانتقال من ذاكرة الحرب إلى ثقافة السلام، يقتضي بناء توبة قومية بفضل مؤرخين محاسبين ينبشون التاريخ، ويقرأونه من ناحية الكلفة والمنافع والناس التي تتألم وتناضل كما في فيلم زياد دويري وعنوانه: "بيروت الغربية" West Beirut وفيلم نادين لبكي: وهلك لوين رايحيين. ليست الحاجة إلى فتح الجراح والذكريات الأليمة بل مقاربة المعاناة بصدقية ومن النواحي التالية: 

- مقاومة الشعب المدنية.

- الحفاظ على معنويات الشعب بالرغم من واقع الحرب.

- تضامن الناس تجاه الحرب.

- الالتزام لصالح السلام.

- الشجاعة والأمل بالرغم من الظروف الضاغطة.

- كلفة النزاعات ومنافع التضامن.

هل التاريخ هو من العلوم الإنسانية كتصنيف علمي، أم هو إنساني في الخلفية العلمية للمؤرخ وللمرّبين، دون سعي لطمس أية واقعة، ولكن دون متابعة الحرب بعد انتهاء الحرب ودون زرع الضغينة والتبرئة الذاتية وإضفاء إطلاقية الشر على الآخر؟

يقتضي الإقرار أن تعليم التاريخ هو غالبًا ليس إنسانيًا، إن أنسنة التاريخ لا تعني فقط بلاد كيوغوسلافيا السابقة وإيرلندا وإفريقيا الجنوبية وسويسرا وبلجيكا ولبنان... بل كل البلدان في سبيل ترسيخ الديمقراطية والسلام.

في إفريقيا الجنوبية -تجاه خيار محاكمة الفاعلين أمام محكمة من نوع محكمة نورنبرغ أو اللجوء إلى عفو عام- قررت حكومة الرئيس دي كليرك اللجوء إلى تسوية من خلال إنشاء "هيئة الحقيقة والمصالحة" كإطار لمصالحة بين الضحايا والجناة، وكان من مهمة اللجنة: 

“… the telling of the truth about past gross human rights violations, as viewed from different perspectives, facilitates the process of understanding our divided pasts, whilst the public acknowledgement of the untold “suffering and injustice” (Preamble to the Act) helps restore the dignity of victims and afford perpetrators to come to terms with their past”(9).

عند نهاية الثمانينيات، لاحظ الرئيس دي كليرك أن الوسائل العسكرية لن تجدي لوقف الحرب الأهلية التي اندلعت بسبب نظام التمييز العنصري، وباشر مفاوضات سرية مع قادة المعارضة السوداء المسجونين، ومن بينهم نلسون مانديلا الذي أفرج عنه في عام 1990، ومنذ ذلك الحين بدأت عملية مصالحة عميقة للتأكد من أن أخطاء الماضي لن تتكرر. وفي مواجهة خيار محاكمة مرتكبي الفظائع أمام محكمة من نوع نورمبرغ، أو اللجوء إلى عفو عام، اختارت حكومة دي كليرك حلاً وسطًا: إنشاء هيئة الحقيقة والمصالحة. وقد عُدت هذه الهيئة إطارًا لعملية مصالحة بين القامعين والمقموعين، وكان هدفها تثبيت الحقيقة حول الفظائع المرتكبة، وإعادة بناء الذاكرة المجزأة لإفساح المجال أمام مصالحة القامعين والمقموعين مع الماضي، وإعادة الوحدة إلى الأمة، وكان على الهيئة لبلوغ هذا الهدف أن: 

1. تعد لائحة بانتهاكات حقوق الإنسان التي جرت بين 1960 و1994.

2. تعيد الكرامة المدنية والإنسانية للضحايا عبر منحهم الوسائل لرواية عذاباتهم، والمساعدة الكفيلة بتمكينهم من تخطي تجاربهم.

3. تراجع طلبات العفو التي يتقدّم بها المجرمون، وأن تمنح هذا العفو للذين عبّروا عن ندم جدي يسمح بالاعتقاد بأنهم لن يكرروا ما سبق أن قاموا به.

كان هدف الهيئة إظهار الحقيقة حول الأعمال المرتكبة، من دون إغفال ذاكرة القامعين، وهذا أمر ضروري لإعادة بناء الذاكرة الجماعية، والسماح بخرق الصمت، وهو خرق ملازم لشفاء المجتمع، وأوجدت هيئة الحقيقة والمصالحة مساحة للذاكرة ضرورية لوحدة البلد(10). 

تسببت المجزرة الجماعية الرواندية من نيسان إلى تموز 1994 في أكثر من مليون قتيل، وكرد فعل على "الصمت المطبق"، ولدت مبادرة "رواندا: الكتابة عملاً بواجب التذكّر" عام 1996، ويؤدي المشروع دورًا كبيرًا في المحافظة على ذاكرة المجزرة الجماعية. 

يقول Boubacar Boris Diop: "أظن أننا نجحنا في التعبير عما يخاطب في عذابات الروانديين كل كائن إنساني، وقد أتاح لنا هذا التطلّع العالمي ترسيخ المجزرة في الزمن بقوة أكبر. في الواقع كلّما مر الوقت خفّ ميلنا إلى النسيان، مهما حاول البعض إنكار ذلك"(11).

حول التجربة الألمانية تقول سوزان ويلبمز: "أدرك جيلي المولود بعد الحرب أهمية إنشاء محكمة نورمبرغ لمحاكمة مجرمي الحرب؛ لكنها لم تحكم إلا على أربعة وعشرين مجرمًا، فيما خرج كل الآخرين من دون عقاب. ففي بلد خرج لتوّه من الحرب، اعتبر المسؤولون أنه من الطبعي استدعاء عسكريين وأطباء وصناعيين وسياسيين، حتى لو كانوا قد شاركوا في جرائم الرايخ، وذلك كي يتمكن البلد من الوقوف على رجليه من جديد وتولد الديمقراطية الجديدة، وكانت النتيجة أنه لم يتم الانتباه بشكل كاف إلى تجربة ضحايا النازية، وكان لا بد من انتظار الستينيات، حيث بدأ الالتفاف إلى الذاكرات المتناقضة، وبدأ الحديث للمرة الأولى عن التعويض المالي للضحايا، وانتهت العملية مع تراخي الجدار الحديدي ثم سقوطه. 

في إطار جهود المصالحة والمواجهة مع الماضي، أعمل مع فريق ينظم زيارات تعليمية للمراهقين، وتسمح هذه الزيارات للشباب بالتفكير بالإبادة الجماعية، بالتماهي مع الضحايا، وبتأكيد الوعي الذي يجب أن يتيح عدم معاودة جرائم كهذه في المستقبل(12) ". 

في الساحة العامة في غوييانيا (Goiania) عاصمة مقاطعة غويياس (Goias) في الوسط الغربي من البرازيل، حيث شيدت شمالا العاصمة الكبرى برازيليا، ينتصب تمثال تذكاري لبناء المدينة منذ حوالي نصف قرن، يمثل ثلاثة رجال من البرونز يرفعون معًا حجرًا ضخمًا. وبما أن كلا من الثلاثة يتميز بثياب خاصة، يقتضي الاقتراب من النصب للملاحظة بأنهم: هندي، وأسود، وأبيض. لا شك في أن هناك أنصابًا أخرى مماثلة في كل أنحاء البرازيل، تعبّر عن قناعة عامة يتناقلها ملاكو الأراضي، وترسخها كتب التاريخ والثقافة المتداولة، ومفادها أن بناء البرازيل يعود إلى تضامن ثلاثة أعراق: الهنود أو السكان الأصليين، والسود القادمين من أفريقيا، والبيض القادمين من البرتغال، بدءًا من سنة 1500(13).

وفي أسبانيا، يخلد الأسبان ذكرى الحرب الأهلية التي استمرت من شباط 1936 إلى أول نيسان 1939 وحصدت أكثر من نصف مليون قتيل، من دون مهرجانات انتصارية.

في فصل الصيف من كل سنة، تحدث في إيرلندا الشمالية اضطرابات؛ ففي تموز تصادف ذكرى انتصارات غليوم دورانج على الكاثوليك في القرن السابع عشر. وفي شهر آب، تصادف ذكرى "السجن دون محاكمة"، وهو قرار اتخذته لندن سنة 1971، وقضى بتوقيف وسجن كل شخص متهم بإحداث اضطرابات إلى أجل غير محدود ومن دون محاكمة. هذا التدبير أُلغي سنة 1975؛ لكنه ظل مناسبة لمهرجانات ذكرى في الأحياء الكاثوليكية بالرغم من استمرارية النزاع ومأزقه سنة 1968.

إن قراءة تاريخ سويسرا المدرسي تترك صدمة نفسية تجاه احتمالية تكرار تجارب الماضي الانقسامية، وبالمقابل تترك إدراكًا حسيًا واختباريًا بمنافع التضامن.

لا يضاهي السويسريين في فكرة التضامن إلا الأرمن الذين يحفظون ذاكرة الماضي، ويخشون الانزلاق في صراعاته، فعندما توالت الانتفاضات في لبنان، قال أحد القياديين الأرمن في لبنان خاتشيك بابيكيان: "لقد بدأت هجرتنا بانتفاضات متلاحقة، لن ننخرط في سلسلة انتفاضات لتهجيرنا من جديد". إن دعم الطائفة الأرمنية المستمر للمؤسسات الشرعية -كضمانة لوجود كل الأقليات في لبنان- نابع من التجربة التاريخية، ومن الإدراك الواقعي والعقلاني لمفهوم الولاء. إن مهرجانات الذكرى الأرمنية تعبر عن أحزان الماضي والتطلع إلى المستقبل، يقول البطريرك كاركين: "طالما هناك أرمن سيتذكرون دائمًا يوم 24 نيسان 1915؛ حيث غرق شعب كامل في الويلات. لقد مر اثنان وسبعون عامًا على ذلك اليوم، وما زلنا نتذكر شهداءنا، إنه يوم مشؤوم، يوم صلاة وذكرى، لا نذكر ذلك كتعبير عن معرفة تاريخية؛ بل كحدث يؤثر في أعماق وجوديتنا... إنه شعب يعيش ذكرى شهدائه المقدسة بروح من الأمل وبنظرة مستقبلية (...) إن ما تعلمناه من صفحات تاريخنا هو أن الإبادة تصبح ممكنة عندما تترادف مع إبادة الأرض. إن الهجرة تحمل بذور ابادة الأرض Terracide". ينشد الأرمن في المناسبات الوطنية أغنية تعود إلى 1890 للمجاهدين الأرمن تحتوي على البيتين التاليين: 

لا يا أخي، يا أخي

لا تأمل بالأجنبي(14)

إن لبنان المستقبل بحاجة إلى زرع نُصُب تذكارية في مختلف أنحاء البلاد، تُعبر عن التمسك بالاستقلال والدفاع عنه والشهادة له، لا بالانتصارية والمهرجانات، بل بالتوبة القومية.

السلام العالمي قضية حقوقية وإنسانية وخلقية ووجدانية واجتماعية. المعضلة في لبنان ليست في القانون رقم 84 الذي "يرمي إلى منح عفو عام عن الجرائم المرتكبة قبل تاريخ 28 آذار 1991 وفقًا لشروط محددة" الصادر في 26/8/1991 ولا في المرسوم رقم 1637 حول "منح عفو خاص عن بعض ضباط الجيش السابقين" تاريخ 28/8/1991، بل في إحكام قبضة بعض قادة الحرب على السياسة مع إضفاء صفة شرعية لهم. 

لا بد من قانون عفو يراعي فيه الاهتمام بالحقيقة والعدالة لصالح الضحايا كما حصل في أفريقيا الجنوبية. أين يتوقف الاقتصاص من الناس؟ هل نحاكم المرأة التي كانت توصل الطعام إلى المتقاتلين؟ أو الصحافي الذي كتب تأييدًا لهذا التصريح أو ذلك أو ربما أيد عملية حربية؟ هل نحاكم كل المجتمع؟

3. المسار الديمقراطي في الشرعية الاجتماعية: في كل الحالات حيث يظهر أن مجلس الأمن عاجز أو يصعب عليه بشدة تحقيق السلام في منطقة من العالم، يترادف هذا العجز أو الصعوبة القصوى مع تباين كبير في مستوى الممارسة الديمقراطية.

نعني هنا بالممارسة الديمقراطية ليس مجرد الإطار الدستوري، بل مدى ارتباط النظام الدستوري بشرعية شعبية Legitimacy، أي بقبول الناس بسلطة الحاكم وليس إذعانهم. والناس اليوم هم غالبًا مخدوعون ومسيّرون بدبلوماسية ابتزاز من دول مارقة تمارس القمع والابادة على شعوبها، أو تستمر بعد أكثر من نصف قرن في تعميم أيديولوجيا الضحية، وقد تحولت الضحية إلى جلاد مع الادعاء بديمقراطية أفرغت من أبرز مضامينها، وتعمل على هندسة شعوب وتهجير وتصدير النزاعات.

4. منظومات أمنية إقليمية داعمة: تتطلب فعالية مجلس الأمن توفر منظومات أمنية إقليمية داعمة. أن تراجع فعالية الجامعة العربية في المنطقة العربية كان له تأثير سلبي في انتشار دبلوماسية الابتزاز، وعدم استقرار دول عربية وعراقيل مساعي تحولها الديمقراطي، وبروز مغامرات إقليمية جديدة. في الحالة الأوروبية فإن تفكك يوغوسلافيا السابقة يعود في جزء كبير منه إلى غياب منظومة أمنية أوروبية مساعدة في احتواء النزاعات.

* * *

لا مجال لنقد ميثاق الأمم المتحدة والمنظومة الدولية. قد تستفيد من هذا النقد دول مارقة بالذات تتحدى الشرعية الدولية وأية شرعية غير "شرعيتها" المصدّرة للحروب والإرهاب العابر للدول، والحاجة ملحة إلى مزيد من الدعم والتطوير للمنظومة الدولية حرصًا على مستقبل البشرية المهددة في مكتسباتها الحضارية. يُنقل عن البير إينشتاين Albert Einstein قوله: إنه يعرف كيف ستكون الحرب العالمية الثالثة الشاملة المدمرة تمامًا، أما الحرب العالمية الرابعة فستكون بعد زوال مكتسبات الحضارة... بالحجارة والعصي!

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1) “On signera la paix chez vous, pour vous et sans vous”, la ap. Maurice Braure, Histoire des Pays-Bas, Paris, PUF, « Que sais-je ? », 1974, no 490, 128 p, p71.

2) الأخضر الإبراهيمي، "الإبراهيمي لمجلس الحكم العراقي: حذار اللبننة"، النهار، 14/2/2004.

3) Raymond Aron, L’homme contre les tyrans, Paris, 1944.

4) “Un code de conduite pour débloquer le Conseil de sécurité », L’Orient-Le Jour (Beyrouth), 7/9/1012 (“Une sorte de code de conduite par lequel les membres permanents du Conseil de sécurité s’engageraient à ne pas exercer leur droit de veto dans les situations de crises humanitaires graves où leurs intérêts vitaux ne sont pas en jeu. »

5) غسان تويني، حرب من أجل الآخرين، بيروت، دار النهار، 1985.

6) غسان تويني، اتركوا شعبي يعيش، بيروت، دار النهار، 1985.

7) The Freedom House Survey for 2001, and Arch Puddington, “The Freedom House for 2011: The Year of Arab Uprisings”, Journal of Democracy, vol. 23, no 2, April 2012, 74-88. حول تقييم مؤشرات قياس الديمقراطية: أنطوان نصري مسرّه، قياس الديمقراطية والإصلاح الديمقراطي في الدول العربية (الحالة البحثية: مؤسسات، مؤشرات، حاجات، أولويات، منهجيات، استشراف) بيروت، المؤسسة اللبنانية للسلم الأهلي الدائم، سلسلة "وثائق" رقم 31، 2010، 124.

8) Roy Licklider, “Internal Conflicts: Negotiation and End in Civil Wars: General Findings”, in Peaceworks Revue of United States Institute of Peace, “On a New Approaches to International Negotiation and Mediation”, Edited by Timothy D. Sisk, August 1999, pp. 24-27.

9) Truth and Reconciliation Commission of South Africa Report (TRC Report). Cape Town, 1998, 

Vol 1, Chapter 4, p48.

10) Paul Haupt, “Between Memory and Hope: The Role of Memory in the South African Truth and Reconciliation Commission”, in Memory for the Future, Beirut, Ed. An-Nahar, 2002, 376 p, pp. 133-144.

11) Boubacar Boris Diop, “Des auteurs africains au Rwanda: Ecrire dans l’odeur de la mort”, ibid. 

pp. 149-165.

12) Suzanne Willems, The German Experience: Irreconcilable Memories and Reunification”, ibid., pp. 167-175.

13) أنطوان مسرّه، "البناء القومي بالمواثيق والتوبة القومية"، في كتاب: أنطوان نصري مسرّه (إشراف)، الحق في الذاكرة، بيروت، المؤسسة اللبنانية للسلم الأهلي الدائم، المكتبة الشرقية، 1988، 376 ص15-39.

14) أنطوان مسرّه، الحق في الذاكرة، المرجع نفسه، ص30.

المصدر : http://tafahom.om/index.php/nums/view/7/146

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك