الجرائم الدولية وسلطة العقاب عليها
د. محمود خليل جعفر
المقدمة
يعتبر القانون الجنائي الدولي فرعا حديثا من فروع القانون الدولي العام وذلك لان نظرية سيادة الدول كانت وما زالت هي المسيطرة على المجتمع الدولي ، فلم ينظر إلى فكرة سن قانون جنائي دولي بعين الاعتبار من جانب الدول إلا عقب تجربة محكمة نورنبرغ لمحاكمة كبار مجرمي الحرب بعد الحرب العالمية الثانية.
إلا انه رغم ذلك فان هذه الفكرة كانت تراود الأذهان منذ زمن بعيد ، خصوصا بصدد حرب الاعتداء التي كانت تشنها دولة على أخرى دون حق وهذا ما نراه في أفكار سواريز الاسباني ومن ثم في أفكار غروسيوس وغيرهم ممن كتبوا في القانون الدولي العام .
ويوجد في الفقه الدولي بحوث وافرة فيما يتعلق بتعريف هذا القانون من قبل فقهاء القانون الدولي العام والمتفق عليه في تلك التعاريف إن موضوع هذا الفرع من القانون هو الجرائم الدولية أي جرائم القانون الدولي العام و فاعليها و جزاءاتها، ويبحث من جهة أخرى في الإجراءات الشكلية أي جهة القضاء المختصة بالنظر في تلك الجرائم .
و أما فيما يتعلق بإنشاء قضاء جنائي دولي فقد ظهرت في ذهن بعض مختصي القانون الدولي فكرة تنظيم قضاء دولي يعاقب على ما يرتكب من جرائم القانون الدولي وفاعليها . ولكن رغم ذلك لم تظهر فكرة إنشاء قضاء جنائي دولي في الفقه بشكل جدي إلا بعد القرن التاسع عشر في مؤلفات المهتمين بالعلوم الجنائية. وان أول عقاب دولي خرج إلى حيز التنفيذ كجزاء للجرائم الدولية إنما هو عقاب مجرمي الحرب العالمية الثانية اللذين قدمهم الحلفاء للمحاكمة عن تلك الجرائم أمام محكمتين عسكريتين هما محاكم نورنبرغ و محاكم طوكيو.
وقد أبدت منظمة الأمم المتحدة اهتماما بالغا بمبادئ محاكمات نورنبرغ وسعت إلى تقنين هذه المبادئ لتكون نواة لقانون جنائي دولي وإنشاء قضاء جنائي دولي وقد أفلحت المنظمة في إصدار معاهدة جماعية عن جريمة إبادة الجنس البشري سنة 1948 كخطوة أولى تحقيقا للفكرة الأولى وتلاها الكثير ، وأفلحت كذلك في تشكيل محكمة جنائية دولية تحقيقا للفكرة الثانية .
وقد سبق تشكيل المحكمة الجنائية الدولية الدائمة تشكيل العديد من المحاكم لملاحقة ومعاقبة منتهكي نصوص وأعراف الحرب أو ما يعرف اليوم بالقانون الدولي الإنساني ، ولئن كانت المحاكم تتشكل لملاحقة الجرائم التي كانت ترتكب إثناء الصراع المسلح فان الاهتمام بدأ يظهر بملاحقة الجرائم التي ترتكب حتى خارج الإطار الزمني لوقت الحرب ، حيث إننا نرى تفاقم العمليات التي توجه ضد السكان المدنيين في العصر الحديث وكبرت المعاناة الإنسانية جراء نتائج تلك الأعمال التي انعكست بنتائجها الإجرامية الوخيمة على حياة الناس ، وتوسعت رقعة المساحة التي تمارس فيها تلك الجرائم لتشمل عمليات القتل غير المحدود والطائش والخطف والتفجيرات والذبح التي طالت الأبرياء من البشر ومما زاد من فاعلية هذه الجرائم وجود دول وتنظيمات ومؤسسات وأشخاص تساند بشكل علني أو خفي أو بشكل غير مباشر هذه الجرائم .
و لقد استدعت هذه الحالة اهتمام المجتمع الدولي فتشكلت بعض المحاكم الخاصة للوقوف أمام هذه الظاهرة المشئومة كالمحكمة التي تشكلت بعد العملية التي طالت برئيس الوزراء اللبناني في عام 2005 .
ولقد تعرض العراق و الشعب العراقي بعد سقوط النظام السابق في 9-4-2003 إلى شتى صنوف العمليات والجرائم التي طالت الأبرياء من الناس واستهدفت مؤسسات الدولة المختلفة في تحد سافر لإرادة شعب يسعى إلى التغير باتجاه التداول السلمي للسلطة ، و ما الجريمة التي ارتكبت يوم 19 آب 2009 والتي استهدفت وزارتي المالية و الخارجية إلا واحدة من مئات الجرائم البشعة التي استهدفت شعب ومؤسسات العراق .
إننا في هذا البحث سوف نقف عند أهم الجرائم الدولية وكذلك سلطات المعاقبة على هذه الجرائم من خلال مبحثين كالأتي :
المبحث الأول : أهم الجرائم الدولية .
المبحث الثاني: الاختصاص القضائي للمعاقبة على تلك الجرائم
· المبحث الأول: أهم الجرائم الدولية
يستدعي هذا المبحث الوقوف عند أهم الجرائم الدولية التي تستوجب عقوبات جنائية دولية وإجراءات جنائية دولية . الخطوط الرئيسية لهذه الجرائم أوضحتها محاكم نورنبرغ والمبادئ المستنبطة منها و غيرها من الوثائق الدولية التي نشأت من المؤتمرات الدولية الخاصة بالجرائم الدولية حيث تم وضع الكثير من الاتفاقيات الدولية التي تتناول الجريمة الدولية .
ولعل أهم ما تمتاز به هذه الجرائم هي اتفاق الإرادة الدولية على ضرورة مواجهة هذه الجرائم والعقاب عليها.
وهناك الكثير من التعاريف التي قدمت من قبل كتاب القانون الدولي حول تعريف الجريمة الدولية منها أن الجريمة الدولية هي الفعل الذي يرتكب إخلالا بقواعد القانون الدولي و يكون ضارا بالمصالح التي يحميها ذلك القانون مع الاعتراف له قانونا بصفة الجريمة واستحقاق فاعله العقاب(1).
و انصب النقاش في المحافل الدولية على تحديد مصاديق الجريمة الدولية ، إلا انه لم يكن من الممكن التوصل إلى تحديد معيار معين يتم بموجبه تعين مصداق الجريمة الدولية فلم يكن من السهل عد جرائم معينه بصورة حصرية وعدها من الجرائم الدولية ويعود هذا إلى أسباب عديدة لامجال لبحثها هنا .
وعلى أية حال فان جرائم الإبادة الجماعية والجرائم الحربية والجرائم ضد الإنسانية لم تكن مورد خلاف على إنها تشكل جرائم دولية تثير مخاوف المجتمع الدولي خلال مناقشات تشكيل المحكمة الجنائية الدولية من قبل لجنة القانون الدولي واللجنة التحضيرية ومؤتمر روما وعلى هذا فقد جاءت صياغة المادة الخامسة من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية على هذه الجرائم إضافة إلى جريمة العدوان لتشكل أهم الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية – تدخل جريمة العدوان ضمن اختصاص المحكمة في حالة رعاية نصوص المواد 121 و123 من النظام الأساسي وذلك بسبب عدم الاتفاق على تعريف لجريمة العدوان(2).
وعلى هذا فإننا سنبداء ببيان أهم الجرائم الدولية من خلال المطالب الآتية :
المطلب الأول : الجرائم ضد الإنسانية
أ : لمحة تاريخية
يرجع الجذور التاريخية للجرائم ضد الإنسانية إلى إعلان سان بطرسبرغ الصادر في 11 كانون الأول من عام 1868 المتعلق بمنع استخدام الرصاص الذي يتناثر أو يتسطح داخل الجسم الإنساني.
و نصت الوثائق الدولية بعد الحرب العالمية الأولى على مفهوم الجرائم ضد الإنسانية ضمن مفهوم الجرائم التي ترتكب ضد القوانين الإنسانية وهو مصطلح ورد في ديباجة اتفاقية لاهاي لعام 1907 ( اتفاقية قوانين وأعراف الحرب البرية )والذي نص على انه حتى صدور – في الحالات التي لا تتضمن القواعد الموضوعة – تقنين كامل لقوانين الحرب فان الدول المتعاقدة ترى الفرصة مناسبة لإعلان أن السكان والمتحاربين يظلون تحت حماية و سلطان قواعد و مبادئ قانون الأمم المؤسسة على العادات المستقرة بين الشعوب المتمدنة و قوانين الإنسانية و مقتضيات الضمير العام(3).
وبعد الحرب العالمية الأولى وتحديدا في عام 1919 قام الحلفاء بتأسيس لجنة للتحقيق في جرائم الحرب ، وجدت أن قتل الأتراك للأرمن عام 1915 يعتبر من الجرائم المرتكبة ضد قوانين الإنسانية . وفي عام 1923 بعد فشل التصديق على معاهدة سيفر للسلام لعام 1919 والتي طالبت الحكومة التركية بتسليم المسئولين عن هذه الجرائم للخلفاء ، استثنت اتفاقية لوزان هذا الشرط منح العفو للأتراك الذين ارتكبوا هذه الجرائم بغض النظر عن صلتهم بالدولة .
وبعد الحرب العالمية الثانية نصت الكثير من الوثائق الدولية على مفهوم الجرائم ضد الإنسانية(4).
ونص النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية الخاصة بيوغسلافيا السابقة والنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لرواندا على الجرائم ضد الإنسانية . ورغم الاستعمال الكثير لعبارة الجرائم ضد الإنسانية في العديد من القرارات الصادرة من هذه المحاكم إلا أنها لم تقدم تعريفا محددا لهذه الجرائم ، ليأتي التعريف الدقيق لعبارة الجرائم ضد الإنسانية بعد نقاش شاق من خلال النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية .
ب – خصائص أو عناصر الجرائم ضد الإنسانية :
نصت المادة السابعة من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية على خصائص أربعة لهذا النوع من الجرائم هي كالآتي :
ج – الأفعال التي تشكل الجرائم ضد الإنسانية وفقا للنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية :
تنص الفقرة 1 من المادة 7 من النظام الأساسي للمحكمة على احد عشر فعلا تشكل ارتكاب أي من هذه الأفعال الجرائم ضد الإنسانية .
الفقرة 2 من المادة 7 تقدم تعريفا لبعض هذه الأفعال وهي محاولة من الأمم المتحدة لتقديم تعار يف مقيدة ومحددة وذلك لتحديد نطاق اختصاص المحكمة . ارتكاب أي فعل من هذه الأفعال ضمن الخصائص التي سبق ذكرها يشكل جريمة ضد الإنسانية بحد ذاته .
تنص الفقرة 1 من المادة 7 من النظام الأساسي على : يشكل الأفعال التالية جريمة ضد الإنسانية متى ارتكب في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد مجموعة من السكان المدنيين وعن علم بهذا الهجوم :
1-القتل العمد
2- الإبادة؛
3- الاسترقاق؛
4- إبعاد السكان أو النقل القسرى للسكان؛
5- السجن أو الحرمان الشديد على أي نحو آخر من الحرية البدنية بما يخالف القواعد الأساسية للقانون الدولي؛
6-التعذيب؛
7- الاغتصاب، أو الاستعباد الجنسي، أو الإكراه على البغاء، أو الحمل القسري، أو التعقيم القسري، أو أي شكل آخر من أشكال العنف الجنسي على مثل هذه الدرجة من الخطورة،
8- اضطهاد أية جماعة محددة أو مجموع محدد من السكان لأسباب سياسية أو عرقية أو قومية أو أثنية أو ثقافية أو دينية، أو متعلقة بنوع الجنس على النحو المعرف في الفقرة 3، أو لأسباب أخرى من المسلم عالميا بأن القانون الدولي لا يجيزها، وذلك فيما يتصل بأي فعل مشار إليه في هذه الفقرة أو بأية جريمة تدخل في اختصاص المحكمة؛
9- الاختفاء القسري للأشخاص؛
10- جريمة الفصل العنصري؛
11- الأفعال اللاإنسانية الأخرى ذات الطابع المماثل التي تتسبب عمدا في معاناة شديدة أو في أذى خطير يلحق بالجسم أو بالصحة العقلية أو البدنية.
المطلب الثاني : جريمة الإبادة الجماعية :
الف – لمحة تاريخية وتعريفية :
تمتاز جريمة الإبادة الجماعية بأنها من أولى الجرائم التي تم التوصل إلى اتفاق بشأنها ففي 9 كانون الأول من عام 1948 اعتمدت الاتفاقية الخاصة بمنع و معاقبة مرتكبي جريمة الإبادة الجماعية .
المادة الثانية من الاتفاقية تعرف جريمة الإبادة الجماعية وحددت هذه المادة الفئات الواقعة حماية الاتفاقية بجماعات ثلاث هم الجماعات الوطنية والعرقية والدينية واستبعدت الجماعات السياسية والاجتماعية ، ولم يكن هذا الاستبعاد مصادفة بل كان يعود إلى أسباب سياسية من عدم رغبة الاتحاد السوفيتي السبق وستالين بالخصوص بشمول هذه الفئات بحماية الاتفاقية وذلك لانشغال ستالين بتصفية هذه الجماعات آنذاك .
وهذا ما يشكل ثغرة في الاتفاقية أدت إلى نتائج وخيمة في بعض المناطق من العالم ففي كمبوديا قتل ما يقرب من مليون شخص بين الأعوام 1975 و1985 من قبل جماعة " الخمير الحمر " ولم يكن من الممكن اعتبار ذلك ضمن جريمة الإبادة الجماعية وذلك لان المنفذين والضحايا كانوا من نفس المجموعة العرقية (7).
ولم يبذل من عام 1984 ولحد عام 1998 أي جهد لملئ هذه الثغرة على الرغم من بروز ثلاث فرص لملئ هذه الثغرة فلم تغير المادة 4 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابقة وكذلك المادة 2 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لرواندا ولا حتى المادة 6 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية من الفئات المشمولة بالحماية.
فقد عرفت المادة 6 من النظام الأساسي للمحكمة جريمة الإبادة الجماعية كالآتي :
" لغرض هذا النظام تعني الإبادة الجماعية أي فعل من الأفعال التالية يرتكب بقصد إهلاك جماعة قومية أو اثنيه أو عرقية أو دينية ،بصفتها هذه إهلاكا كليا أو جزئيا "
ب – الخصائص أو العناصر المشكلة لجريمة الإبادة الجماعية وفقا للنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية :
لابد لتحقق جريمة الإبادة الجماعية من وجود عناصر خاصة تشكل الأساس لقيام هذه الجريمة وفي حالة فقدان العناصر فان الجريمة المرتكبة تدخل ضمن الجرائم ضد الإنسانية أو الجرائم الحربية. هذه الخصائص أو العناصر يمكن تحديدها بعنصرين أساسيين هما العنصر المعنوي و العنصر المادي.
- العنصر المعنوي :
من الضروري لإعمال اختصاص المحكمة على جريمة الإبادة الجماعية أن تكون هذه الجريمة موجهة لتدمير أو إبادة الجماعات المحمية المارة الذكر. أي يجب أن يكون هناك قصد خاص بتدمير أو إبادة الجماعة المحمية كليا أو جزئيا. ويظهر من هذا الشرط أو العنصر إن المسؤولية الجنائية تتحقق بصفة أساسية في قبال جميع الأشخاص الداخلين في ارتكاب الجريمة من المخططين أو البادئين أو المنفذين للسياسة التي قصدت بشكل خاص إحداث النتيجة التدميرية للجماعات المحمية المذكورة أعلاه(8).
تستلزم جريمة الإبادة الجماعية إضافة إلى القصد الخاص وجود قصد عام لارتكاب الجريمة.ولكن الفرق بين القصدين يكمن في أن إثبات القصد الخاص أكثر صعوبة من إثبات القصد العام ،حيث أن القصد العام يمكن إثباته طبقا للمعيار القانوني بمدى علم الشخص المعتاد في ظل الظروف بالجريمة.
أما بالنسبة للقصد الخاص فالصعوبة تكمن في صعوبة إثبات هذا القصد بالنسبة للمنفذين من كبار القادة وذلك لعدم وجود أي اثر لدليل كتبي يثبت هذا القصد في أكثر الأحيان . وهكذا كان الوضع في الصراع الدائر في يوغسلافيا السابقة ورواندا حيث لم يتم العثور على أي دليل كتبي يثبت قصد إبادة الجماعات الداخلة تحت حماية المادة 6 من النظام الأساسي. وعلى هذا تم تشكيل لجنة من الخبراء بموجب القرار الصادر من مجلس الأمن المرقم 780 في عام 1992 للتحقيق في جرائم الإبادة في يوغسلافيا السابقة و خلصت اللجنة بالإجابة بالإيجاب لوجود مثل هذا القصد الخاص(9).
العنصر المادي :
العنصر المهم الآخر في جريمة الإبادة الجماعية يتعلق بالجماعات المحمية وفق نصوص الاتفاقيات والنظام الأساسي ، ولعل السؤال الأبرز يدور حول طبيعة وحجم الجماعة المستهدف بالقضاء عليها كليا أو جزئيا ،هل الجماعة بكاملها كما هي موجودة في جميع أنحاء العالم بأكملها أم جزء اصغر من هذه الجماعة تم تحديده واستهدفه مرتكبو الجريمة ؟ فهذا الجزء من الجماعة من المحتمل انه يقطن منطقة معينة أو مدينة بذاتها كما قد يكون بطائفة من الجماعة مثل المفكرين أو النساء في هذه الجماعة ؟
الإجابة على هذه الأسئلة وأسئلة أخرى في الحقيقة مبهمة وتترك اتفاقية منع ومعاقبة مرتكبي الإبادة والنظام الأساسي للمحكمة هذه الأسئلة بدون إجابة .
ج – الأفعال المكونة للجريمة وفقا للنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية :
وفقا للمادة السادسة من النظام الأساسي فانه لغرض هذا النظام الأساسي، تعنى "الإبادة الجماعية" أي فعل من الأفعال التالية يرتكب بقصد إهلاك جماعة قومية أو أثنية أو عرقية أو دينية، بصفتها هذه، إهلاكا كليا أو جزئيا:
1- قتل أفراد الجماعة؛
2- إلحاق ضرر جسدي أو عقلي جسيم بأفراد الجماعة؛
3- إخضاع الجماعة عمدا لأحوال معيشية يقصد بها إهلاكها الفعلي كليا أو جزئيا؛
4- فرض تدابير تستهدف منع الإنجاب داخل الجماعة؛
5- نقل أطفال الجماعة عنوة إلى جماعة أخرى.
ارتكاب هذه الأفعال يعتبر جريمة إبادة جماعية سواء ارتكبت في زمن السلم ام في زمن الحرب وهي بمقتضى القانون الدولي جريمة تتعهد الدول الأطراف بمنعها والمعاقبة عليها.
المطلب الثالث : جرائم الحرب :
الف – لمحة تاريخية :
نجد أصل طائفة جرائم الحرب في العرف الذي كان سائدا في القرن التاسع عشر ثم في اتفاقيات لاهاي لعام 1899 وعام 1907 ثم في قائمة ( لجنة المسؤوليات) (10) لجرائم الحرب عام 1919 ثم في قائمة لجنة الأمم المتحدة لمجرمي الحرب عام 1942 ثم في لائحة محكمة طوكيو الدولية وفي مشروع تقنين الجرائم ضد سلام وامن البشرية وفي اتفاقيات جنيف الأربعة الموقعة في 12 آب 1949 وبروتوكوليها الملحقين عام 1977 .
ولقواعد الصراعات المسلحة مصدران أساسيان :
الأول : اتفاقيات لاهاي أو ما يعبر عنها بالقانون العرفي الذي تشير إلى الممارسات العرفية للدول في الحرب. وتم اعتماد هذه الاتفاقيات في عام 1907 وبلغ عدد الاتفاقيات المعتمدة ثلاثة عشر اتفاقية(11).
والثاني: اتفاقيات جنيف أو ما يعبر عنه بالقانون الاتفاقي إشارة إلى اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 والبروتوكولين الملحقين بهذه الاتفاقيات في عام 1977(12) .
وفي الحقيقة لايقتصر قواعد الصراعات المسلحة اليوم بهذين المصدرين بل يتجاوز إلى كافة القواعد الإنسانية المستمدة من أي اتفاق دولي آخر أو من مبادئ القانون الدولي المستقرة في العرف ومبادئ الإنسانية والضمير العام(13).
ب – الأفعال المشكلة لجرائم الحرب :
لم تحدد الوثائق السابقة على النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية جرائم الحرب بعدد معين من الجرائم بل صرحت هذه الوثائق بأنه لا يمكن حصر جرائم الحرب ولذلك نصت الفقرة ب من المادة 6 من لائحة نورنبرغ والمبدأ السادس من مبادئ نورنبرغ على هذه الجرائم على سبيل المثال وليس الحصر . فقد جاء في المبدأ أن: "إن جرائم الحرب هي مخالفات قوانين الحرب وعاداتها وتشمل على سبيل المثال أفعال القتل ، وسوء المعاملة أو الأبعاد ..." (14).
إلا أن النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية حددت من خلال المادة 8 من النظام الأساسي على اختصاص المحكمة بجرائم الحرب عندما ترتكب في إطار خطة أو سياسة عامة أو في إطار عملية ارتكاب واسعة النطاق. وقد حددت الفقرة من المادة 8 جرائم الحرب بالأفعال التالية :
المطلب الأول : المحاكم العسكرية الدولية بعد الحرب العالمية الثانية :
أولا : اختصاص المحكمة العسكرية الدولية بنورنبرغ :
أ-الجرائم ضد السلام
ب – جرائم الحرب
ج – الجرائم ضد الإنسانية(16)
ثانيا : اختصاص المحكمة العسكرية الدولية بطوكيو :
المطلب الثاني : المحاكم الخاصة المنشئة بموجب قرارات مجلس الأمن :
ثالثا : المحكمة الخاصة بلبنان :
الف – الطابع القانوني للمحكمة وخصائصها :
ب – اختصاص المحكمة :
أولا :الاختصاص الزمني :
ثانيا : الاختصاص الشخصي للمحكمة الخاصة :
ثالثا : الاختصاص الموضوعي للمحكمة الخاصة :
الف : النظام القانوني للمحكمة الجنائية الدولية :
ب – اختصاص المحكمة :
أولا : اختصاص المحكمة من حيث الزمن :
ثانيا : اختصاص المحكمة من حيث الأشخاص :
ثالثا : اختصاص المحكمة من حيث الموضوع :
ج – اللجوء إلى المحكمة.