تطابق البرمجة اللغوية العصبية مع القرآن الكريم
محمد راتب النابلسي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا ، إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين ، أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
أيها الأخوة الكرام ، وصلتني رسالة من أخ كريم في البريد الإلكتروني أرسل لي مداخلة في البرمجة العصبية اللغوية و هي مداخلة قيمة جداً ، سأشرحها لكم في هذا الدرس .
يقول هذا الأخ الكريم في مداخلته من منا لم يندم يوماً على كلمة قالها أو على تصرف قام به ، و قد يندم أشد الندم ، و من منا لم يفكر يوماً بضبط انفعالاته و مشاعره ، و من منا لا يتمنى أن يتحكم بعواطفه تجاه الآخرين ؟
و بالمناسبة معظم مشكلاتنا في بيوتنا ، في علاقاتنا بزوجاتنا ، في علاقاتنا بأولادنا ، في علاقاتنا بمراكز أعمالنا ، في علاقاتنا مع شركائنا ، في علاقاتنا مع أقربائنا ، معظم المشكلات التي قد تنتهي بالقطيعة أو قد تنتهي بالطلاق أو قد تنتهي بإنهاء الشركة سببها أن أحد الأطراف لم يضبط انفعالاته .
إذاً يقول بعد حين ليتني سكت ، ليتني استوعبت ، ليتني لم أكن قاسياً ، ليتني لم أرفع صوتي على شريكي ، شركة ناجحة جداً تنتهي بموقف غير منضبط ، لذلك الكتب التي ألفت من منطلق علم النفس و التي أجابت عن هذه التساؤلات حققت مبيعات فلكية و قسم كبير من الناس لا يدرك ما هذا العلم ؟ و هل هناك إشارات قرآنية تتطابق مع هذا العلم ؟
المفاجأة أن هذا العلم علم البرمجة العصبية اللغوية لم يمض على تأسيسه أو اكتشافه أكثر من ثلاثين عاماً ، مع أن كل مبادئه موجودة بأكملها في القرآن الكريم لكن سبحان الله نحن معقدون ، تأتي كلمة أجنبية البرمجة العصبية اللغوية الناس ينبطحون و معهم كتاب الله ، معهم كتاب رب العالمين ، و فيه إشارات بعد قليل سوف ترون كيف أنها تتطابق تطابقاً تاماً مع هذه البرمجة العصبية اللغوية .
إخوانا الكرام : ملخص الملخص أن هذا العلم بدأ في السبعينات ، في القرن الماضي ، و سبب اكتشافه أن هناك بعض الناس حقق نجاحاً كبيراً ، الآن في دمشق بالذات يوجد شركات حققت نجاحاً مذهلاً ، أول فرع و الثاني و الثالث و الرابع ، في أمور التغذية أو أمور الأدوية أو أمور ...أي أمر آخر ، يوجد بعض الشركات حققت نجاحاً كبيراً جداً ، بعض العلماء أرادوا أن يدرسوا ما أسباب هذا النجاح ؟ أو هذا الناجح له طريقة في الحركة ، طريقة في التفكير ، طريقة في إنجاز أعماله ، طريقة في إدارة عمله ، هذه الطريقة عند العلماء سبب نجاحه .
الحقيقة الثانية أن أي إنسان أخذ هذه الطريقة و طبقها يقطف الثمار نفسها ، نقطة دقيقة جداً، يوجد بالحياة أناس ناجحون جداً لو درسنا أساليب حياتهم ، أساليب تنظيم أوقاتهم ، أساليب إنجازهم ، أساليب إدارتهم ، أساليب تعاملهم مع الآخرين ، أساليب تنظيم وقتهم استنبطنا قواعد هذه القواعد لو طبقها أي إنسان لحقق النجاح نفسه ، هذا منطلق البرمجة اللغوية العصبية .
إذاً البرمجة اللغوية العصبية كيف تتحكم بعواطفك و مشاعرك و سلوكك ، طريقة في التحكم ، كلمة برمجة يبدو أن الإنسان مبرمج ، يوجد عنده قواعد دقيقة جداً و كلمة عصبية يبدو أن الإنسان حينما يسيطر على أعصابه ينجح في حياته ، و قال تشرشل ملكنا العالم و لم نملك أنفسنا ، و كلمة لغوية أداة نشرها اللغة .
أيها الأخوة الكرام ، الحقيقة أنه كلما أدركت حقائق دقيقة عن نفسك و عن جسمك و عن انفعالك كلما أمكنك السيطرة عليها ، أنت لا تبتعد بالكومبيوتر إن كنت تعرف دقائق هذا الجهاز أنت مسيطر عليه لكن أحياناً لا تعرف كيف يعمل مشكلة صغيرة جداً تحتاج إلى ثانية واحدة يبقى الجهاز معطلاً أسابيع لأنك لا تعرف كيف يعمل إذاً أنت لا تستطيع أن تسيطر عليه .
و الحقيقة المؤلمة أيضاً أن كثيراً من الناس عندهم قدرات عالية جداً و ميزات عالية جداً و لكنهم لا يستعملونها بسبب عدم علمهم بها .
و كان من الممكن أن تتقدم في حل مشكلاتك إلى خمسين بالمئة حينما تعرف أنك في مشكلة، لمجرد أن تحدد المشكلة و أن تعرف أبعاد المشكلة قطعت في حلها نصف الطريق .
المشكلة التي ليس لها حل أن الإنسان لا يعلم أنه يعاني من مشكلة يظن الحياة هكذا ، لا ، تعاني أنت من مشكلة ، أنت حينما تعرف حجم المشكلة و تعرف أبعاد المشكلة تكون قد قطعت نصف الطريق في حلها ، النقطة التي ينبغي أن نعلمها جيداً إما أن تدير أنت نفسك ، إما أن تتملك زمام إدارة جهازك الدماغي و العصبي و الانفعالي أو يدار دماغك من قبل غيرك ، و الله هذه النقطة يا إخوان أكثر معاناة أعانيها من هذه النقطة ، يأتي شاب قالت له أمه طلق فيطلق ، أبوه قال له افعل كذا يفعل كذا ، هو لا يخطط ، غيره يُخطط له ، الكلمة الدقيقة إما أن تملك أنت قيادة جسمك ، دماغك ، انفعالاتك ، مشاعرك ، إما أن تخطط أو أن يتولى الآخرون ، من الآخرون ؟ أحياناً الوالدة و الوالدة غير متعلمة و عايشة قبل ثمانين سنة نمطها قديم جداً ، تريد أن تتحكم في ابنها و زوجته معاً ، أو الأب أو الأصدقاء أو الأقارب أو الأعداء ، أهون احتمال أن من حولك يتحكم بك ، أحياناً أنا أشعر أنه فتاة أعظم إنسان في حياتها زوجها ، تتلقى التعليمات التفصيلية حتى في فراش الزوجية من أمها ، افعلي معه كذا ، لا تكلميه ، قاطعيه ، اهجري فراشه ، هذه الفتاة تشقى بزوجها لأن التعليمات تتلقاها من غير ذاتها ، و الزوج أحياناً كذلك ، تجد من حول الإنسان يتحكمون به في خصوصياته ، في علاقاته الحميمة ، في مودته لزوجته ، في تربية أولاده ، هذه أكبر مشكلة أنا أعاني منها حينما تعرض عليّ قضايا الناس ، ليس له اختيار ، ليس له شخصية ، ليس له قرار أبداً ، قراره بيد أمه ، أو قرارها بيد أمها ، و كم من أسرة تشرد أبناؤها بسبب الطلاق لأن الأم تتدخل في البنت أو الأب يتدخل في الابن ، فأنت ككيان إما أن تدير نفسك أو يأتي إنسان هو الذي يديرك ، الذي يديرك بعيد عن أحاسيسك ، بعيد عن مشاعرك ، بعيد عن واقعك ، بعيد عن طموحك ، يتحكم بك و أنت لا تشعر .
الآن الفقرة الأولى في هذا اللقاء الطيب أن العلماء يؤكدون أن هناك عقلاً باطناً يتحكم بعواطفك و انفعالاتك و مشاعرك بل و تصرفاتك كيف ؟ يوجد عندنا عقل واع و عندنا عقل باطن ، لك زميل بالمدرسة بعد كذا سنة تألق تألقاً جيداً في المجتمع بعقلك الباطن تتألم ، تقع في غيرة شديدة ، الآن عقلك الباطن يوحي لك ابحث عن أخطائه ، ابحث عن ثغراته ، تأخذ هذه الأخطاء و تكبرها دون أن تشعر لا ترى إلا السلبيات ، لا ترى إلا المثالب تشهر بها ، معنى ذلك و أنا أثق أنك بريء و أنك لا تفكر بعقلك الواعي أن تؤذيه لكن عقلك الباطن تدخل في الأمر و أمر عقلك الواعي أن تبحث عن أخطائه .
الفكرة الأولى أن العقل الباطن يتصل بالعقل الواعي بقنوات ضيقة جداً هذه أول فكرة و سوف أريكم أن العقل الواعي يتصل بالعقل الباطن بقنوات ضيقة جداً ، يصبح العقل الباطن يلقن و يوحي للعقل الواعي أن يفعل كذا و كذا ، أنا أتكلم عن إنسان مؤمن بريء بريء جداً أما عقله الباطن هو الذي يعمل ، و مع تكرار هذا الإيحاء فإن العقل الواعي يستجيب للعقل الباطن و ينتقل هذا التأثر إلى سلوك ، في أية فترة ينشط هذا التواصل بين العقل الباطن و العقل الواعي ؟ قال في فترة ما قبل النوم ، و فترة ما بعد الاستيقاظ ، قبل أن تنام و بعد أن تستيقظ يتصل العقل الباطن بالعقل الواعي عبر قنوات ضيقة .
يوجد أستاذ جامعي ألف كتاباً عن قوة العقل الباطن بيعت من هذا الكتاب أكثر من مليون نسخة ، أستاذ جامعي في العالم الغربي ألف كتاباً عن العقل الباطن بيعت من هذا الكتاب أكثر من مليون نسخة ، ماذا أمر النبي عليه الصلاة والسلام قبل أن تنام أن تقول ؟ اللهم إني أسلمت وجهي إليك و فوضت أمري إليك و ألجأت ظهري إليك رغبة و رهبة إليك ، لا ملجأ و لا منجى منك إلا إليك ، آمنت بكتابك الذي أنزلت و بنبيك الذي أرسلت ، فترة اتصال العقل الباطن بالعقل الواعي عبر قنوات ضيقة تكون قبل النوم و النبي عليه الصلاة والسلام بوحي من الله أمرنا قبل أن ننام أن ندعو بهذا الدعاء ، و أمرنا حينما نستيقظ بعد أن نفتح عيوننا أن نقول : الحمد لله الذي ردّ إليّ روحي و عافاني في بدني و أذن لي بذكره .
الحقيقة عند علماء النفس شيء أنا أراه مضحكاً ، أنت قبل أن تنام قل سأكون أميناً ، سأكون حليماً ، هادئاً ، سأكون صادقاً ، قال قل هذا الكلام قبل أن تنام مع التكرار تكون حليماً و صادقاً و أميناً ، أما النبي يعلمنا أن تستمد من الله الحكمة ، من خالق الأكوان ، بين أن تتلفظ أنت بكلمات لا معنى لها ، قبل أن تنام النبي الكريم أمرك أن تقول هذا الكلام ، أن تتوجه إلى الرحمن الرحيم ، اللهم إني أسلمت وجهي إليك و فوضت أمري إليك و ألجأت ظهري إليك رغبة و رهبة إليك ، لا ملجأ و لا منجى منك إلا إليك ، آمنت بكتابك الذي أنزلت و بنبيك الذي أرسلت .
إذاً قبل أن تنام و بعد أن تستيقظ هذا وقت دقيق جداً حاول أن تدعو بالأدعية التي علمنا النبي إياها قبل أن ننام من أجل أن يستمد عقلك الواعي من عقلك الباطن معونة الله عز وجل، يعني هل هناك أجمل من أن يكون طبيبك هو الله ، و الله أستمع إلى كلمات من أناس جاؤوا من بلاد بعيدة ، مرة شخص له صديق أصيب بمرض في دماغه قال أنا ذهبت إليه و قلت له تحدى المرض ، تحدى المرض تشفى منه ، هذا كلام مضحك ما معنى التحدي ؟ أما قل :
[ سورة الشعراء ]
فرق كبير جداً بين البرمجة اللغوية العصبية أن تتحدى سأشفى ، سوف أتخلص من هذا المرض ، لابد من أن أشفى ، و الله كلام مضحك شهد الله ، لكن النبي يقول قل : يا رب أنت خلقتني و أنا عبدك و أنا على عهدك و وعدك ما استطعت ، أجمل فترة قبل أن تنام و بعد أن تستيقظ اتصل بالله بالدعاء ، يعني العلم الحديث الكتاب الذي بَيَنَ العقل الباطن بيعت منه مليون نسخة و النبي عليه الصلاة والسلام يأمرنا أن نتوجه إلى الله قبل النوم و بعد الاستيقاظ
إخوانا الكرام : من أبرز أسباب الشفاء من الأمراض النفسية قال : أولاً أن تعترف بالخلل أو المرض ، مادمت تعترف أنه عندك مشكلة نفسية اعترافك بهذه المشكلة و إدراكك لأبعادها نصف الطريق على الحل ، و الشيء الثاني يجب أن تتسامح مع الخلق ، صدقوا أيها الأخوة هذا الكلام الذي كتب هذا الكلام لا علاقة له بالإسلام إطلاقاً ، و لا علاقة له بالقرآن إطلاقاً ، و أنا يغلب على ظني أنه ما قرأ القرآن إطلاقاً ، لكن هو باختباراته و بقواعد علمية و بتجارب و بإحصاءات و بمعاينات استنبط أن الاعتراف بالخلل و إدراك أبعاد المشكلة نصف طريق الحل ، و اعترف أيضاً أن أكبر شيء يسرع الشفاء أن تسامح الناس ، الاعتراف ثم المسامحة لذلك قالوا أظهرت الدراسات أن أطول الناس أعماراً هم أكثرهم تسامحاً ، أحياناً إنسان يدخل بدعوى مع خصم له اثنين و عشرين سنة بالقضاء و كل أسبوع يسأل المحامي ماذا حدث ؟ و الله خصمك يُخاف منه ، لا ينام الليل ، مقدم وثيقة مزورة ، ما الحل ؟ نريد خبراء خط ، يدعك اثنين و عشرين سنة محطمة أعصابك ، لو سامحته ، أنت تكون أذكى شخص ، أنت أرحت نفسك من اثنين و عشرين سنة ضغط نفسي و تنتهي أحياناً بالجلطة ، و يقول لي أحد القضاة الكرام أكثر من ألف دعوى تشطب كل شهر لموت أحد الطرفين ، فأنت عندما تسامح تكون عاقلاً و تكون ذكياً .
شيء ثانٍ صدقوا هذا الكلام لا يصدق لأن الذي يكتبه لا يعرف القرآن إطلاقاً قال : حينما تنفق مالك على الفقراء تشعر بتوازن و تشعر بصحة نفسية و تشعر بارتياح ، أن تسامح و أن تنفق و الأولى الاعتراف .
اسمعوا القرآن الكريم :
[ سورة آل عمران ]
بقي الاعتراف :
[ سورة آل عمران : 135]
قال لك استغفر أيقن و اعترف أنك مخطئ ، و لا يوجد إنسان يستغفر من لاشيء ، أيقن و اعترف بأنك مخطئ و سامح خصمك ، أول شيء أن تنفق على الفقراء ، اعترف بحجم المشكلة و استغفر و أنفق على الفقراء و اعفُ عن الناس بهذه الطريقة تمتلك صحة نفسية كبيرة جداً .
صدق أيها الأخ مئات الأشخاص عاشوا حياة سعيدة جداً لأنهم كانوا يسامحون بعضهم ، يقول لك لا يوجد مشكلة أنا صحتي النفسية أغلى ، أنا أعيش حياة نفسية مرتاح أغلى من هذا المبلغ الذي في النهاية قد لا آخذه ، طبعاً :
[ سورة آل عمران : 135]
و يؤكد علماء البرمجة اللغوية العصبية أن الطريق المثالية لعلاج الكثير من الاضطرابات النفسية و الانفعالات هو أن يكون لديه إرادة كافية لعدم تكرار الانفعال :
[ سورة آل عمران : 135]
كيف تطابقت أفكار البرمجة اللغوية العصبية تطابقاً تاماً مع هذه الآية ؟ إذاً نحن يكفينا كلام الله ، يكفينا أن نعود لهذا المنهج الإلهي العظيم الذي أنزله الله على نبيه الكريم ، لكن نحن عندنا عقد مرة قلت لأخوانا شخص يسكن بالحجر الأسود و هو حي متواضع جداً في دمشق فسئل أين أنت تسكن قال له : بلاك ستون سيدي ، مادام كلمة أجنبية شيء تمام .
مرة حدثني أخ أنه صنع كولونيا على يده أحضر إسانس الليمون و سبيترو و عتقهم سنتين فشيء رائع جداً شيء لم يكلف شيئاً ، عمل خمسة ليترات لم يكلفوه خمسين ليرة فكلما عطر شخصاً ما شاء الله من أين هذه ، هذه ليمونز ، نحن كل شيء يأتينا من الخارج شيء كبير جداً ، برمجة عصبية لغوية عندك قرآن كريم ، انظر ما في هذا الكتاب الكريم ، انظر ما في هذا التنزيل العظيم ، فنحن اتفقنا أنه عندنا عقل باطن يعمل و عندنا عقل واع ، و أن بين العقلين اتصالاً بقنوات ضيقة يتم هذا الاتصال قبل أن تنام و بعد أن تستيقظ و النبي الكريم علمنا أننا إذا أوينا على فراشنا أن ندعو الله عز وجل بدل أن تقول أنا سأكون جيداً ، أنا سأكون مستقيماً ، أنا سأكون هادئاً ، أنا سأكون حليماً ، إذا شخص ما معه مال أنا سأكون غنياً، تبقى فقيراً بقدر ما تقول ، أما هنا التوجيه النبوي في ساعة اتصال العقل الباطن مع العقل الظاهر تتوجه إلى الله الذي بيده كل شيء ، يا رب احفظني ، إن أمسكت نفسي فارحمها و إن أرسلتها فاحفظها مما تحفظ منه عبادك الصالحين .
و الله أيها الأخوة الكرام ، جاء شخص له مسافة طويلة يمشي بها يوجد أدعية رائعة جداً : اللهم إني عبدك و ابن عبدك و ابن أمتك ، ناصيتي بيدك ، ماض فيّ قضاؤك ، نافذ فيّ حكمك ، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له السماوات و الأرض ، و صلح عليه أمر الدنيا و الآخرة ، من أن تنزل بي سخطك أو أن تحل عليّ غضبك لك العتبى حتى ترضى لكن عافيتك أوسع لي .
حَدَّثَنِي شَدَّادُ بْنُ أَوْسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَيِّدُ الِاسْتِغْفَارِ أَنْ تَقُولَ: (( اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي فَإِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ ))
[ البخاري ، الترمذي ، النسائي ، أحمد ]
تعلم الأدعية ، اتصل بالله عز وجل ، تركب سيارة ، ماشي بطريق ، تعمل رياضة مثلاً ، جالس بجلسة ، تنتظر إنساناً ، ناجي الله عز وجل ، هؤلاء الذين لا يعرفون الله إطلاقاً قال لك اعمل مناجاة داخلية قل أنا سأكون مستقيماً ، سأكون حليماً ، سأكون منضبطاً ، فهذه أبلغ ، أبلغ أن تتصل بالواحد الديان و أن تسأله .
و الشيء الثاني إخوانا الكرام لمجرد أن تفعل عملاً صالحاً تشعر بسعادة لا توصف ، لكن من ذاق عرف ، جرب تخدم إنساناً لوجه الله ، أن تطعم هرة ، أن تأخذ حيواناً مكسوراً إلى البيطرة ، و الله قال لي أخ مرة قال لي أنا قادم من طريق الزبداني الساعة الثانية عشرة بالليل وجدت بدمر شاباً و فتاة يحملان طفلاً صغيراً لكن وضعه مؤلم جداً هذه أثناء أحداث لبنان الابن حرارته إحدى و أربعين و هم غرباء من لبنان ، قال لي أخذتهم إلى المستشفى و أسعفت الطفل و أخذنا الأدوية و اشتريناها من الصيدلية المناوبة و زرنا مستشفى لنأخذ الإبر قال لي انتهيت الساعة الرابعة ، قال لي بقيت أسبوعين أنا بجنة ، اعمل عملاً و انظر ماذا يحدث معك جرب لوجه الله تخدم إنساناً ، تعاون إنساناً ، الكفار الأجانب الذين ليس فيهم دين يتبرعوا بأعمال صالحة فيشعرون براحة ، و يأتي إنسان يقول لك أنا أريد أن أعتني بالمسنين يقدم طلباً لجمعية يفرزوه لمسن يزوره باليوم ساعة ينظف له غرفته ، يؤانسه و يمشي يحس براحة ، يكون لك عملاً صالحاً ، اخدم الناس ، عندك أبواب العمل الصالح لا تعد و لا تحصى ، الطرائق إلى الخالق بعدد أنفاس الخلائق ، لذلك أيها الأخوة الكرام ، نحن لا نريد برمجة عصبية لغوية نريد قرآناً كريماً و سنة نبوية و فيهما كل شيء .
إخوانا الكرام : لي أستاذ بالابتدائي توفي رحمه الله ، توفي في الثانية و التسعين كان مدير مدرسة و كان إلى جانب المدرسة جامع و يوجد بالجامع غرفة تابعة للجامع امرأة مقعدة ، فتولى خدمتها ثلاثين سنة ينظف الغرفة و يحضر لها أكلها كان بيته بجانب المدرسة و جانب الجامع و ترك التدريس و تقاعد و انتقل للمزة و عمره أصبح بالسبعينات ينزل من المزة بباص المزة لساحة الأمويين ثم يمشي إلى المهاجرين حتى يتابع خدمته لهذه المرأة أهله لم يحتملوا أنه أنت بالسبعين يكفي خدمتها ثلاثين عاماً يكفي هذا قال لهم أبداً لا يمكن أن أترك خدمتها يوماً ، النتيجة بعد فترة الأمر تفاقم فوجدوا لو أنهم أحضروها إلى منزلهم أحسن لهم ، قالوا له أحضرها ، هيئوا لها غرفة صغيرة و وضعوها ثلاثة أيام توفيت ، لماذا يتابع العمل ؟ لأنه سعيد ، أقول لكم كلمة أحياناً تجد الداعية مرهق جداً و لكن إذا لم يكن عنده عمل يموت ، تعود على الخدمة ، تعود على الخير ، فأنت عود نفسك على عمل صالح لا يكفي أن تسمع عندما تعمل عملاً صالحاً تحس برقي كبير .
و الله يوجد أخوات أنا أحترمهم جداً في رمضان و الله هن فقيرات يطعموا كل يوم خمسة و عشرين أسرة فقيرة ، يطبخوا ماذا تملك المرأة ؟ إذا امرأة تحب الله و رسوله تعرف تطبخ ، يوم يعملوا فريكة ، يوم يبرق ، يوم لبنية ، يكفي خمسة و عشرين أسرة ، لماذا هكذا تعمل ؟ تعمل طبخة لخمسة و عشرين أسرة و تعمل من الصبح إلى المساء ؟ تشعر بسعادة ، أنت لا تعرف عندما تخدم الناس كيف الله يتجلى على قلبك بالسكينة ، لا تكن أنانياً ، اخرج من ذاتك، تنتهي كل أمراضك ، تنتهي كل مشاكلك ، عندما أنت تخدم عباده الله شكور ، تحل جميع مشاكلك ، هم في مساجدهم و الله في حوائجهم ، تقريباً سبعة و ثلاثين سنة لم يتغيب يوماً ، قبل خمسة أو ستة أيام لم يعد أهله يتحملون عمرك سبعون سنة يكفي ، من المزة للمهاجرين مسافة بعيدة جداً ، قالوا له أحضرها و انتهى ، أحضروها الله فقط امتحنه و نجح في الامتحان، ثلاثة أيام و ماتت ، فإذا شخص لا عمل صالح له يقول لك أنا متضايق ، صلاتي غير منضبطة ، أقرأ قرآن لا أحس بشيء ، لأنه لا يوجد عمل :
[ سورة الكهف : 110]
عود نفسك أن تعمل عملاً صالحاً ، و يوجد مليون عمل صالح يحس حاله أن له قيمته ، يؤدي بقلوب الناس :
[ سورة النحل : 120]
و الله أخي أحضرنا جبصين مرتب للبيت جميل جداً ظهر بشكل جميل الحمد لله ، هل تكلم بهذا بالقبر ، لا يحكى ، و الله دخلت إلى بيوت و الله يا إخوان و الله بالمالكي تعزية ، أنظر إلى الرخام أو نكس ، شفاف الرخام ، الجبصين ، الأقواس ، الشرقيات ، الأثاث ، التحف الفنية ، أين صاحب المنزل ؟ جالس بباب صغير مع الجرذان ، صح لما خطأ ؟ كلنا سنرحل، هذا البيت الضخم الذي كلف ثمانين مليون أين صاحبه يجلس ؟ يجب أن تفكر في هذه الساعة، هذه الساعة انظر ماذا يحدث يموت الإنسان أغراضه تبقى بالمنزل ، بدلاته ، أغراضه ، خزانته ، له درج كل شيء فيه مقتنياته الخاصة ، لا يُفتح ؟ يُفتح بعد غيابه ، النتيجة ليس في البيت ، سيارته أمام الباب مصفوفة ، يأتي أقرباءه إلى القبر يوضع بالقبر الكل يرجعوا يعزوا و انتهى الأمر من نزل معه ؟ عمله فقط .
لذلك هيئ عملاً صالحاً تلقى الله به ، أنا أتألم أجد أخاً مستقيماً لكن لا عمل له ، طالب العلم ساعده مثلاً ، عندك بيت أجره لشخص طالب علم بنصف الأجرة تخفف عنه قليلاً ، تقدم شيئاً من أثاث بيتك الذي لا تريده لطالب علم ، تعمل صدقة تنفق شيئاً أبداً ، فبصراحة أقول لكم إذا لم يكن لكم أعمالاً صالحة لا ترتاحوا ، الحياة المشاكل تتفجر تفجراً ، و الله يوجد أناس الآن ترحموا على شارون مع أنه لم يمت ، هذا الثاني لأن الأول لم يعمل هذا ، فالثاني البنية التحتية ضربها كلها ، لا يوجد كهرباء ، لا يوجد شيء أبداً ، لا يوجد معامل ، لا يوجد أجهزة، لا يوجد كومبيوترات ، لا يوجد تكييف ، لا يوجد شيء أبداً ، ضرب مئة و خمسين مليون دولار بثانية بكبسة زر ذهبوا جميعاً ، ضرب الجسور كلها قطعها عن بعضها ، فلذلك أيها الأخوة الكرام ، الحياة صعبة جداً و فيها مخاطر و لا تريح ، و عندنا مشاكل بالعالم الثالث كله يعني نحن مشكلتنا أن الطاقة عندنا و كل الحضارة من دون طاقة لا قيمة لها ، فلن يريحونا هؤلاء الجماعة ، لا موضوع أسلحة دمار شامل و لا شيء كل هذا كذب موضوع بترول فقط ، نحن عندنا منابع النفط و هم النفط روحهم لذلك لن يريحونا ، اعمل عملاً صالحاً إذا لقيت الله عز وجل لك شيء يدخل معك في القبر ، فهذه البرمجة العصبية القرآنية فيها توجيهات و النبي الكريم علمنا توجيهاتها .
و الحمد لله رب العالمين
المصدر: https://uqu.edu.sa/page/ar/59402