الحضارات و الثقافات الإنسانية من الحوار إلى التحالف ، تونس، 30 يناير- 1 فبراير 2006
الحضارات و الثقافات الإنسانية من الحوار إلى التحالف ، تونس، 30 يناير- 1 فبراير 2006
إن المشاركين في الندوة الدولية حول " الحضارات والثقافات الإنسانية: من الحوار إلى التحالف " التي عقدتها المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة ـ إيسيسكو ـ بالتعاون مع وزارة الثقافة والمحافظة على التراث في الحكومة التونسية، وتحت الرعاية السامية لفخامة السيد زين العابدين بن علي، رئيس الجمهورية التونسية، خلال الفترة من 30 يناير إلى فاتح فبراير 2006 في تونس العاصمة، موطن الحوار والتثاقف وملتقى الحضارات والثقافات التي أغنت الحضارة الإسلامية، وساهمت في صنع إبداع الحضارة الإنسانية وازدهارها، والتي صدر عنها (عهد قرطاج للتسامح عام 1995) و (نداء تونس من أجل الحوار بين الحضارات عام 2001) ،
- استناداً إلى قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة (نوفمبر 1998) بجعل عام 2001 سنة الأمم المتحدة للحوار بين الحضارات، وإلى قرار مؤتمر القمة الإسلامي في دورته العاشرة (ماليزيا، أكتوبر 2003)، بشأن الإعلان العالمي للحوار بين الحضارات، وإسهام العالم الإسلامي في الأنشطة الدولية حول الحوار بين الحضارات،
- واستلهاماً لروح الحضارة الإسلامية المبنيّة على قيم الحوار والتسامح والأخوة الإنسانية، وتأكيداً للرؤية الإسلامية الصحيحة لمقاصد التفاعل والتعايش والحوار والتحالف بين مختلف الأديان والحضارات،
- واستجابةً للتوجيه الكريم لفخامة الرئيس زين العابدين بن علي، رئيس الجمهورية التونسية للمدير العام للإيسيسكو، بعقد هذه الندوة في رحاب الجمهورية التونسية وضيافتها،
- ودعماً من العالم الإسلامي لمبادرة رئيس الحكومة الإسبانية السيد خوسي لويس ساباتيرو من أجل تعزيز التحالف بين الحضارات،
- وإذ يشعرون بمسؤوليتهم وبالواجب تجاه الإنسانية في حاضرها ومستقبلها التي تهددها مخاطر شديدة بسبب الابتعاد عن القيم الحضارية والإنسانية الكفيلة بتعميق التفاهم بين الشعوب والأمم وتعزيز التعايش بينها،
- وإذ يؤكدون على ضرورة استمرار العمل لتحقيق أهداف السنة الدولية للحوار بين الحضارات، وتكثيف جهود المجتمع الدولي من أجل إشاعة قيم الحوار والسلام والتفاهم، بعيدا عن كل مظاهر الغلو والتطرف والإرهاب التي لم تسلم منها أي حضارة أو ديانة على مر العصور، والتي تعدُّ حالات شاذة لا يقاس عليها،
- وإذ يسجلون بكل تقدير واعتزاز ما ورد في الخطاب الافتتاحي للندوة الذي ألقاه فخامة السيد زين العابدين بن علي رئيس الجمهورية التونسية، من معان سامية وقيم نبيلة، وأفكار مستنيرة وتوجيهات قويمة، وكذلك ما ورد في كلمة معالي الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة من تحليل عميق،
فإنهم يتفقون على إصدار الإعلان التالي الذين يؤكدون فيه ما يلي :
- الحوار بين الحضارات هو تعبير عن أبرز قيم الحضارة الإسلامية وسمات الشخصية الإسلامية المتوازنة، وهو ضرورة حتمية وواجب أخلاقي وإنساني، وشرط مؤكد للتعاون الإيجابي والمثمر للتعايش السلمي والإيمان بالقيم المشتركة الثابتة بين البشر، يتطلب فضلاً عن التكافؤ بين الإرادات والتوفر على النوايا الحسنة، الاحترام المتبادل والالتزامَ بالأهداف التي تعزز القيم والمبادئ الإنسانية التي هي القاسم المشترك بين جميع الحضارات والثقافات.
- رسالة الإسلام عالمية موجهة لجميع الشعوب، وهي تعترف بجميع الديانات السماوية وتحترمها وتعترف بالأنبياء والرسل كافة، والحضارة الإسلامية جزء من الحضارة الإنسانية، تقوم على الوسطية والاعتدال والتعايش السلمي، والإيمان بالقيم المشتركة الثابتة، والتعاون والتفاهم المتبادل بين الحضارات، والتحاور البناء مع الديانات والثقافات.
- الإقرار بغنى جميع الحضارات واحترامها، والتعبير عن القلق إزاء استمرار الحملات المعادية والمغرضة ضد الإسلام وحضارته وثقافته وشعوبه، والتي تزداد ضراوة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، والتي أصبح يطغى عليها طابع التحيّز والتحامل والتطاول في بعض الأحيان، على المقدسات الإسلامية والقرآن الكريم وشخص رسول الله محمد عليه الصلاة والسلام.
- إن الصدامات والصراعات تسبب المآسي على مستوى الأفراد والشعوب، وتزرع الكراهية والنفور فيما بين البشر، وإن البديل الأمثل للوقاية منها هو الحوار والتفاهم والتعايش السلمي واحترام حقوق الآخرين ومراعاة خصوصياتهم، مع الاستفادة من التنوع الذي يمثله تعدد الديانات والثقافات والحضارات لبناء مجتمع إنساني متفاعل ومتكامل.
- الاعتراف بكونية الحق في الحياة الحرّة والكريمة وفي التنمية، وبأن مجابهة الفقر والتهميش والظلم والعنف والتطرف والإرهاب والتعامل المزدوج والنظريات الاستعلائية، مسؤولية أخلاقية مشتركة للإنسانية جمعاء تستوجب اتخاذ تدابير عادلة ووضع استراتيجيات ملائمة من أجل إيجاد محيط يسمح ببناء علاقات إنسانية متوازنة. وتشكّل مبادرة تونس لإنشاء صندوق عالمي للتضامن لمجابهة الفقر والتنمية البشرية، نموذجاً ملائما لتعزيز الحوار والتحالف بين الحضارات في إطار التكافل والتضامن بعيداً عن شتى أشكال العنف والتطرف والشعور بالغبن والإقصاء.
- تحالف الحضارات مبدأ من مبادئ القانون الدولي وأساس من الأسس التي تقوم عليها العلاقات الدولية، وهو يساهم بدرجة كبيرة في التقارب بين الشعوب والأمم، وفي إزالة الحواجز المتراكمة من سوء الفهم المتبادل، ويمثل أحد الخيارات المثلى لمعالجة الانعكاسات السلبية لظاهرة العولمة وتنشيط التعاون والتضامن بين الشعوب ونبذ كل أشكال المفاضلة والثنائيات التي تؤدي إلى صدام الحضارات، وهو اختيار العقلاء وسبيل يسلكه الحكماء ومسؤولية إنسانية مشتركة يتحملها بصورة خاصة، صانعو القرار بمختلف درجات المسؤولية، والنخب الفكرية والثقافية والإعلامية في العالم كله، من أجل المشاركة الجماعية في بناء السلام في الحاضر والمستقبل.
- تحالف الحضارات المنشود هو الذي يقوم على القيم الإنسانية المشتركة ومبادئ الحق والعدل والاحترام المتبادل والملتزم بقواعد القانون الدولي وحقوق الإنسان والتسامح والمواطنة والديمقراطية، ويفتح المجال واسعا أمام تفاهم الشعوب والجماعات، ويؤدي إلى تقارب الحضارات وتلاقحها، وينطلق من نقاط الالتقاء بدل أوجه الاختلاف، في إطار الالتزام بالموضوعية والحياد عند تناول الآخر من النواحي كافة، والابتعاد المطلق عن تغيير الحقائق على نحو يشوه صورة الآخرين أو يسيء إليهم.
- الإرهاب ظاهرة عدوانية عالمية لا جنسية لها ولا ديانة ولا وطن، عانت منه البشرية عبر تاريخها، ولم ينج من لوثته وويلاته أهل ثقافة من الثقافات، أو اتباع ديانة من الديانات، يتعين تحالف الجهود من أجل محاربته بكل صوره وأشكاله وأساليبه واقتلاع جذوره وتجفيف منابعه ومصادر تمويله، ومتابعة المنفذين له والمخططين لجرائمه، والداعين إليه، وضرورة التمييز بين الإرهاب وبين الحق في مقاومة العدوان والاحتلال الأجنبي وفي الدفاع عن النفس.
- التمسك بخيار السلام العادل والشامل والدائم في مختلف المناطق التي تعرف توترات في العالم، وبخاصة في منطقة الشرق الأوسط، وتجديد الدعم للقضية الفلسطينية ونضال الشعب الفلسطيني المشروع من أجل إقامة دولته المستقلة على أرضه وعاصمتها القدس الشريف، وتطبيق قرارات الشرعية الدولية الرامية إلى انسحاب إسرائيل من الأراضي العربية المحتلة.
- تضافر جهود الحكومات والمنظمات الدولية والإقليمية والأهلية، وبخاصة منظمتي الإيسيسكو واليونسكو، لتعزيز آليات التواصل والتفاعل والتحالف بين الحضارات وإشاعة ثقافة الصداقة والسلام والحوار والتسامح، باعتبار الحوار هو البديل الوحيد لثقافة المواجهة والصّدام والصّراع، وذلك من خلال شراكات ومبادرات ومشاريع ملموسة على أرض الواقع، وتوسيع دائرة الحوار حتى لا يقتصر على القنوات الرسمية، وإشراك المجتمع المدني والجمهور الواسع في هذه الجهود.
- الاستفادة على نحو ملائم، من الاتفاقيات الثنائية ومتعددة الأطراف، ومن الشبكات والمبادرات التعليمية والكراسي الجامعية، وتشجيع سنّ تشريعات وطنية ووضع معايير وآليات دولية للحد من تشويه صورة الآخر في وسائل الإعلام، وبخاصة في المقررات والمناهج الدراسية، وإنشاء مراصد لرصد الصور النمطية لمظاهر الإجحاف والمغالطات والمفاهيم الخاطئة عن مختلف الديانات والحضارات والثقافات والقيام بالتدابير اللازمة لتصحيحها.
ويشيد المشاركون باختيار تونس مكاناً لعقد هذه الندوة، نظراً إلى ما يتميز به هذا البلد العربي الإفريقي المسلم من غنى حضاري، وما يقوم به من جهود متواصلة لتعزيز قيم الحوار والتحالف بين الحضارات، ودعم للأمن والسلم الدوليين، ويعبّرون مجدداً عن تقديرهم وامتنانهم للجمهورية التونسية، رئيساً وحكومة وشعباً، على استضافتها لهذه الندوة، وعن اعتزازهم لحصول الرئيس زين العابدين بن علي، على الدرع الذهبي للإيسيسكو في مجال تعزيز الحوار بين الحضارات، تقديراً من العالم الإسلامي واعترافاً منه بجهود فخامته في هذا المجال الحيوي، ويشيدون بالجهود المتميزة للمنظمة الإسلامية ـ إيسيسكو ـ والحكومة التونسية، وبخاصة وزارة الثقافة والمحافظة على التراث، من أجل عقد هذه الندوة في أحسن الظروف.
المصدر: http://www.isesco.org.ma/arabe/dialogue/tunis2006/dialogue2006.php?page=/الصفحة الرئيسية/حوار الحضارات