الحوار الإنساني.. بين ضرورات التعايش وعُقَد الذات
كامل الهاشمي
يقول تعالى:(قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلا نَعْبُدَ إِلا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ * يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالإنْجِيلُ إِلا مِنْ بَعْدِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ * هَا أَنْتُمْ هَؤُلاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ * مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ) (آل عمران/ 64-68).
- تأصيلات الدين لمبدأ الحوار:
1-عبر الإصرار على إكتشاف نقطة مشتركة بين أطراف الحوار تمثل منطلقاً للدخول في عملية الحوار.
2-عبر التأكيد على وجود الحاجات المشتركة بين الناس، وعدم إستغناء كل واحد عن الآخر.
3-عبر الإفصاح عن وجود عامل إيجابي في كلّ فرد مهما كان يمكن للآخر أن يوظفه لمصالحه وغاياته، يقول الإمام علي (ع): "فعليكم بالتناصح في ذلك وحسن التعاون عليه، فليس أحد وإن اشتد على رضاء الله حرصه وطال في العمل اجتهاده ببالغ حقيقة ما الله أهله من الطاعة له، ولكن من واجب حقوق الله على العباد النصيحة بمبلغ جهدهم، والتعاون على إقامة الحق بينهم، وليس امرؤ وإن عظمت في الحق منزلته، وتقدمت في الدين فضيلته بوفق أن يعاون على ما حمله الله من حقه، ولا امرؤ وإن صغرته النفوس واقتحمته العيون بدون أن يعين على ذلك أو يعان عليه).
- ضرورات التعايش التي تفترض تأصيل مهمة الحوار:
1-الحوار أفضل سبيل للتعرف على الحقائق وكشف الإلتباسات.
2-الحوار منهج إنساني ينطلق من احترام الإنسان لذاته وإنسانيته ورفضه للإنسياق وراء الهمجية والوحشية اللتين لا تناسبانه.
3-الحوار أفضل آلية لتطوير الأداء والعمل السياسي والإجتماعي، ومن هنا لابدّ من وجود فسحة للحوار دائماً في العمل الذي يراد تطويره وتحسينه، و(في توحيد المفضل أنّه لما سمع المفضل من ابن أبي العوجاء بعض ما رشح منه من الكفر والإلحاد، لم يملك غضبه، فقال: يا عدو الله، ألحدت في دين الله، وأنكرت البارئ جل قدسه – إلى آخر ما قال له. فقال ابن أبي العوجاء: يا هذا إن كنت من أهل الكلام كلمناك، فإن تثبت لك الحجة تبعناك، وإن لم تكن منهم، فلا كلام لك، وإن كنت من أصحاب جعفر بن محمد الصادق، فما هكذا يخاطبنا، ولا بمثل دليلك يجادلنا، ولقد سمع من كلامنا أكثر مما سمعت، فما أفحش في خطابنا ولا تعدى في جوابنا، وإنّه للحليم الرزين العاقل الرصين، لا يعتريه خرق ولا طيش ولا نزق، يسمع كلامنا ويصغي إلينا ويستعرف حجتنا حتى إذا استفرغنا ما عندما وظننا أنا قد قطعناه أدحض حجتنا بكلام يسير وخطاب قصير يلزمنا به الحجة، ويقطع العذر، ولا نستطيع لجوابه ردا، فإن كنت من أصحابه فخاطبنا بمثل خطابه).
-عقد الذات التي تمنع من تأصيل مهمة الحوار:
1-ضيق الأفق في فهم الذات وتقييمها.
2-افتقاد التواضع في ادعاء العلم والمعرفة، والإصرار على امتلاك الحقيقة.
3-الخوف من التكشف أمام الآخرين، وبروز الحجم الحقيقي لمدّعيات الطرف الرّافض للحوار.
4-التكبر على مقتضيات العلم والمعرفة التي تستدعي الخضوع لمن يمتلك العلم والمعرفة.
5-المنهج التربوي والإجتماعي في التعامل مع الآخرين والنظر إليهم.
المصدر: كتاب أصول المحاضرات (أفكار أولية لكتابات ومحاضرات إسلامية)