علة العلل

مها محمد الشريف

    لقد كان السيوطي يصنّف العلل النحوية، لتأكيد أسباب المسيّرة للأصول المبدئية، مبينا أن علم النحو من البداية استنباطي افتراضي عقلي، في غاية التجريد لظاهرة العلة والدلالات النحوية.

هذا ما يخص النحو، أما ما يخص المجتمع فإن المفهوم المتداول أن علة العلل، هو ذلك الفرد الذي يحتكم إلى ذائقته وقناعاته ثم يريد فرضها على الناس بكل ما أوتي من أساليب، وفروض وسنن وواجبات، ليثبت للجميع أنه الوحيد على حق وما دونه باطل، هذا في نظر العامة من علل الحياة وليس من علل السيوطي.

ولعل أهم وجه تعليلي هنا يدور حول بعض الكتاب في الصحف، تجده كالفعل لكثرة مقتضياته وإسهاماته المتعددة في جميع القضايا العامة والخاصة، ويعتبر قلمه بمثابة ذلك المركب الذي اعتمد عليه الفعل، مخاطباً الوزير ومستنجداً به، لشرح موضوع بسيط بهالة إعلامية ضخمة.

لنفترض أن تعاطي القضايا بصوت عالٍ يغير النتائج ويقلل من الجدل الكبير المحتدم حولها، ويغير واقع الأفكار الجديدة وحماسها، وهذا ما لم يسئ لواقع تقديمها، ويفسد حججها ثم تنسحب خلف الشخصنة وتنتهي بالمقاضاة ويذوب هدف

الموضوع، وتبني علاقة متذبذبة بين النجاح ومعدل الذكاء، فهناك احتمال كبير، يخبر أن هناك منافسة غير متكافئة، تترجم واقعاً أقل من معدل الكفاية، ويتضاد مع أهداف المجتمع. وفي هذا الإطار تظل مجموعة التأملات صوراً غامضة يبحث عنها الفرد بين سطور الكلمات، وتحت رعاية أسماء أصحاب المواقف البطولية على صفحات الورق ومواقع التواصل الاجتماعي.

فهل كل كاتب أو عامل في صحيفة أو دور نشر وطباعة مثقف، يملك صلاحية المرشد والمصلح الاجتماعي، والمستشار القانوني المفوض عن المجتمع، يرفع صوته للمسؤول مطالباً بحلول عاجلة لقضية ما، أم أن الشروط لا تجتمع في شخصه ويظل غير مخول للترافع عنهم.

لقد بات من المألوف اليوم، مشاركة جميع أطياف المجتمع في طرح القضايا ونقد المسؤول والمسؤولية، وأيضاً المشاركة في حركات التجديد والإصلاح، بعد التطور الذي شهده العالم، والنقاشات التي تمضي إلى ما وراء القضايا دون فاعلية تذكر، غير أن هناك سقوطاً محكماً لجدار الخصوصية، ونشر فكر عام أجمع الناس حوله بأنه تقهقر ينتهى خلف أبواب اليقين، ما حرّض على نثر بذور البلبلة والفوضى في الحدائق الصغيرة، التي انقسمت القناعات حولها وحول السياسة والعلماء التقليديين.

فعلينا إذن، أن ننادي بالعودة والتنبه إلى غواية الغرب، والسياق العالمي الذي يلتف حول الانقسامات الداخلية في أغلب الدول،

ومن البديهي أن المفكرين الجدد يعون معالم الحداثة ويهتمون بالقضايا الكبيرة وليس السطحية، ولكنهم يستخدمون الخطاب الديني لصالح أهداف سياسية واقتصادية خاصة، ما أفقد ثقة الجمهور بمساعيهم الخيّرة وجهودهم المبذولة.

فالمسألة بحاجة إلى استكمال العيش في فضاء مبهج، والقيام بمبادرات تغلق النقيض في حياة الكائن البشري.

http://www.alriyadh.com/962580

الحوار الداخلي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك