ماذا بعد «رياح الشرق»؟

أيمن الحماد

    منذ الظهور العلني لصواريخ رياح الشرق، والدوائر العسكرية والتحليلات ما انفكت تنهمر حول مغزى تلك الخطوة غير الكلاسيكية، لقوة إقليمية اعتمدت دوماً اتخاذ خطواتها السياسية بكل تؤدة بعيداً عن الأضواء، فيما عرف بدبلوماسية الصمت. إذ لطالما كانت السعودية تثير استغراب كثير من المراقبين عن سر الصمت الطويل الذي تبديه تجاه التفاعلات السياسية التي تعصف بالشرق الأوسط فيما يشبه هبات الحمى المزمنة التي لا تخبو حتى تعود إلى الارتفاع.

اليوم ترى المملكة أن المنطقة بلغت ذروتها وأصبحت أمام تحدّ كبير، ولا تستبعد إطلاقاً إتمام صفقة يكون ضحاياها هي وجارتها الخليجية، لذا كانت رياح الشرق بداية فقط لما يمكن أن يكون عليها السلوك السياسي السعودي الفترة المقبلة، والذي بلا شك سيكون مفاجئاً لكثير من المراقبين، لاسيما على صعيد دخول المملكة على خط شراكات عسكرية غير تقليدية نوعاً وصناعة، والمتابع لتحركات السعودية خلال ستة أشهر الماضية على هذا الخط سيلحظ بداية لتفعيل المملكة الخط الشرقي سياسياً وعسكرياً، فالزيارات التي قام بها رئيس الاستخبارات السابق الأمير بندر بن سلطان إلى روسيا ثم الجولة التي قام بها الأمير سلمان بن سلطان نائب وزير الدفاع إلى عدد من الدول الآسيوية منها باكستان والصين واندونيسيا حيث تداول وصاغ عدداً من الأفكار مع صانعي القرار في تلك البلدان، ولم يكن ذلك ليتأتى بكل هذه السرعة، لولا دفع واشنطن بالرياض بكل قوة عنوة أو سوء تقدير منها وهو سمة الفترة الرئاسية الثانية للرئيس باراك أوباما للقيام بذلك. تشعر المملكة منذ حوالي 3 أعوام بكثير من الضيق في طريقة إدارة البيت الأبيض لأزمات الشرق الأوسط وكاد الأمر أن يؤدي بكارثة في مصر، ووقعت في سورية التي دخلت نفقاً لا يبدو بصيص النور فيه قريباً، ثم جاءت التقارب الأميركي - الإيراني، هذه «النقلة» غيرت قواعد اللعبة تماماً، وأخرجت المملكة عن صمتها الطويل.

السعودية كدولة نفطية تمد العالم يومياً بملايين البراميل تخشى أن يؤدي ذلك إلى استنزاف لطاقة أجيالها، وهو أمر سيؤثر في مستقبلها التنموي ووضعها وحضورها الدولي، لذا يرجح أن تتخذ المملكة خطوات ملموسة في طريق تطوير طاقتها النووية السلمية، مع احتفاظها بحقها في تخصيب اليورانيوم الذي يعتبر حقاً سيادياً لا يمكن لأي مجموعة دولية أن تتحفظ على قيامها بذلك، خصوصاً أن للمملكة حضوراً عالمياً إيجابياً في شتى القضايا الدولية، لا سيما فيما يخص الأمن الدولي، بالرغم من أن هذا المعيار لم يعد أمراً ذي جدوى في وقت أصبحت تلك التقنية في أيدٍ يشتبه فيها المجتمع الدولي.

http://www.alriyadh.com/935367

الأكثر مشاركة في الفيس بوك