عقدة .. أم حلّ؟!

يوسف الكويليت

    هل نسمي خطوة فتح معابر لتقديم معونات غذائية للمحاصرين السوريين موقفاً إنسانياً، أم انفراجاً ونقلة نوعية، وطريقاً جديداً لحلول قادمة، أم هي تجميل للمؤتمر فقط إذا ما علمنا أن إسرائيل أرحم من نظام الأسد في فتح المعابر مع غزة لنقل الوقود والبضائع والأدوية وغيرها مع أنها في حالة حرب مستمرة، ومع ذلك هناك من يشكك بالتزام النظام تمرير أي عمل يجد فيه تنازلاً أو ضعفاً سياسياً؟

المباحثات تجري على عدة محاور، فهناك روسيا وأمريكا تكثفان حضورهما، ويبدو أنهما تلتقيان على العديد من النقاط، في الجانب الآخر نجد الأخضر الإبراهيمي يدير معركة الحوار بين النظام والمعارضة، وهو (ماراثون) معقد وصعب، لأن اتفاق جنيف (١) هو القاعدة ومنطلق الأسس التي تقوم عليها كل خطوط المواجهة بين أصحاب القضية أو من يديرونها، ولعل الأرض ستلعب الدور الأهم لأن الأسد يحاول أن يسابق الساعة بالتمدد على أكبر المناطق الاستراتيجية والحساسة حتى يفاوض من قوة، بنفس الوقت نجد الجيش الحر وحلفاءه يسعون لإيقاف قوات الأسد، والالتفاف عليها وتحقيق امتداد أكبر وخاصة في حلب وبقية المناطق ذات الكثافة السكانية، والمهمة اقتصادياً، ويبدو أن الروس مدّوا جيش الأسد بقوة جديدة، وهي الأخذ بمبدأ فاوض من مركز القوة، وهذا ما لم يحدث حيث هناك إجماع بأن الأسد فقد أهم المواقع التي كان يريد أن يبعث للعالم رسائل بأن المعارضة مجرد جيب تسيطر عليه مجموعات من الإرهابيين لا يمثلون الشعب السوري، بينما الواقع يكذّب الادعاء وفقاً لخارطة كلا الطرفين..

أيضاً هل تطبق بنود جنيف (١) بتشكيل حكومة انتقالية لا وجود للأسد أي مجال فيها، أم أن هذه القضية ستبقى مجال المناورة والعقدة، طالما ظل النظام يقاتل من أجل البقاء حتى لو ذهب معظم الشعب السوري، إن لم يكن تحت السلاح، ففي التشريد والسجون والمجاعات؟

والجدل يجب أن لا يطول إذا كانت دائرة الموت مستمرة، ولا توجد هناك قوة ضغط مباشر، تؤهل المتحاورين سواء أكانوا القوى الكبرى، أم طرفيْ العلاقة في الجانب السوري على زحزحة الأسد إلاّ بتجفيف مواقع قوته، سواء الدعم المادي المباشر من روسيا وإيران، أو السلاح، أو من يتطوعون في القتال من حزب الله أو العراقيين، وبقية الجماعات التي تدفعها روح القتال باسم الطائفية..

الدول العربية المؤيدة للحكم، والمعارضة، والصامتة عن أداء أي دور تختلف من حيث تأثيرها على مجريات الصراع على الأرض، وكذا القوتان الإقليميتان، إيران وتركيا، فالأولى تخوض معركة وجود في مد نفوذها على أرض عربية تضعها في ميزان القوة، وإملاء القرارات وحتى النفوذ في المستقبل البعيد، في حين تركيا لا تشكل الضغط القوي، رغم أن أي تبدل سلبي قد يؤثر في أمنها بحكم الجوار، وكذا التداخل السكاني طائفياً وعرقياً، وموضوع التنافس بينهما كلّ يقوّمه وفق رؤيته ومصالحه، لكن تركيا رغم تحملها عبء اللاجئين والمخاوف من حالات اضطراب تقودها عناصر من العلويين، وكذا الأكراد، فإن إيران لا تواجه مثل هذه القضية الحدودية الحرجة..

سورية حاضرة دولياً وعربياً وإقليمياً، ولكن مشاكلها أكبر من كل تلك الدول لأن الحل يظل في الداخل فقط..

المصدر: http://riy.cc/905132

 

الحوار الداخلي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك