ثمار قمة الثماني

سميحة عبد الحليم

 

أعرب زعماء مجموعة الثماني فى ختام قمتهم التى عقدت في منتجع كامب ديفيد بولاية ميريلاند الأمريكية عن توافق متزايد بشأن السياسات المؤيدة للنمو ،في قمة وصفها المحللون بأنها منخفضة المستوى لكنها اسفرت عن قليل من النتائج الملموسة .
ومع غياب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والعلاقات الوليدة بين المستشارة الألمانية انجيلا ميركل والرئيس الفرنسي الجديد فرانسوا أولاند ، قال المحللون إن قمة مجموعة الثماني تقلصت بالفعل من حيث الحجم والفاعلية .

وتضمن البيان الختامى للقمة اعلان إن تعزيز النمو الاقتصادي وخلق الوظائف امر هام من أجل التعافي الاقتصادي العالمي وسط أزمة سياسية في اليونان وزيادة الضغط على القطاع المصرفي في اسبانيا وايطاليا.

وقال زعماء مجموعة الثماني "يظهر التعافي الاقتصادي العالمي علامات مبشرة بالخير لكن لا تزال الرياح المعاكسة مستمرة بشكل كبير"، مؤكدين على
ضرورة "تعزيز النمو والوظائف" وعلى اهتمامهم بأن تبقى اليونان في منطقة اليورو مع "احترام تعهداتها."

وحاول بعض الزعماء ومن بينهم أوباما ونظيره الفرنسي فرانسوا أولاند بشكل واضح الاشارة إلى جدول اعمال مؤيد للنمو وموازنة نهج التقشف الذي تدعمه المستشارة الألمانية انجيلا ميركل.
وأكد أوباما على ان أزمة ديون منطقة اليورو تهدد التعافي الاقتصادي العالمي لكن المنطقة لديها القدرة على مواجهة التحديات.

صحيفة فايننشال تايمز البريطانية اوضحت إنه بالرغم من أن زعماء مجموعة الثماني تعهدوا بتعزيز اقتصاداتهم إلا أنهم اعترفوا خلال قمة كامب ديفيد بأن كل دولة ستسلك سياسة مختلفة.
وأكدت في تحليل أن هذه الإشارة الواضحة في بيان المجموعة الختامي عكست الاختلاف العميق بين مؤيدي ومعارضي سياسات الحفز أو التقشف للخروج من الأزمة الحالية لمنطقة اليورو.

وأشارت الصحيفة إلى نص البيان الذي قال "إننا نتعهد باتخاذ جميع الخطوات الضرورية لتقوية وإعادة إنعاش اقتصاداتنا ولمكافحة الضغوطات المالية، مع
الإدراك بأن تطبيق الإجراءات الصحيحة يختلف من واحد للآخر".
مشيرة في ذلك إلى نص البيان الذي قال "إننا نرحب بالنقاش الجاري في أوروبا حول كيفية خلق النمو بينما نلتزم بقوة بتنفيذ سياسات التعزيز المالي المبني على أساس هيكلي.. نحن متفقون على أهمية قوة وتماسك منطقة اليورو من أجل الاستقرار والتعافي العالمي ونعيد التأكيد على أن مصلحتنا هي في بقاء اليونان ضمن منطقة اليورو، وفي احترام (اليونان) لالتزاماتها".

موقف ميركل ..
ولفتت صحيفة فايننشال تايمز إلى أن ميركل قاومت مساعي زعماء مجموعة الثماني في دفع منطقة اليورو نحو المزيد من العمل لحفز النمو, وذلك طبقا لمسؤولين .

كما أشارت إلى أن الرئيس الأميركي باراك أوباما اجتمع بصورة ثنائية مع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، واتفقا على أن المؤسسات المالية الأوروبية مثل البنك المركزي الأوروبي محتاجة لعمل المزيد من أجل تعزيز اقتصاد منطقة اليورو المتداعي.

وقال كاميرون إن أهمية لقاء القمة تكمن في أن دول منطقة اليورو تستطيع الاستماع لآراء دول خارج المنطقة تأثرت اقتصاداتها بما يحدث بالمنطقة مثل بريطانيا والولايات المتحدة واليابان وكندا.

بيان قمة الثماني عكس الخلافات حول المشكلات المالية العميقة لمنطقة اليورو، وهذه الخلافات عكستها المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند "
وقالت فايننشال تايمز إن صوت أوباما وكاميرون لقيا أذنا صاغية من رئيس الوزراء الإيطالي ماريو مونتي والذى قال "إنه يجب النظر للوضع بصورة أكثر إيجابية مما تراه أكثر الحكومات المتحفظة بأوروبا". لكنه استدرك بأنه في حال اتسع نطاق الحاجة لمساعدة أوروبا "فإن مقاومة ألمانيا لمثل هذا التوسع لن تكون بدون أساس".
واشار مراقبون إلى تأكيد مجموعة الثماني بأنها مستعدة للطلب من وكالة الطاقة الدولية باتخاذ العمل المناسب لضمان إمدادات الطاقة بصورة كاملة وفي الوقت المناسب.

ايران وبرنامجها النووى

وفى خطاب اعتبره البعض ملطفا صرح الرئيس الامريكى باراك أوباما، أن العمل مع إيران يجب أن يجمع بين الحزم واحترام سيادة هذا البلد حيث قال أوباما : " ان المجموعة "متحدة" بشان كيفية التعامل مع المفاوضات المقبلة مع ايران حول برنامجها النووي. "نحن متحدون بشان نهجنا تجاه ايران"، مضيفا ان امكانية استخدام البرنامج للحصول على اسلحة نووية "هو امر يسبب القلق البالغ لنا جميعا".
وهو ما قد يزعج الجماعة الموالية لإسرائيل ( اللوبي الإسرائيلي إيباك ) وكذلك الكثير من المشرعين الأميركيين الذين إستبقوا القمة باستصدار مشاريع قوانين تشدد العقوبات على إيران.

الأزمة الكورية الشمالية

وبخصوص الأزمة الكورية الشمالية، قال القادة "لا نزال قلقين بشدة حيال الخطوات الاستفزازية لكوريا الشمالية التي تهدد الاستقرار الإقليمي"، وطالبوا بيونج
يانج بالتخلي في شكل "يمكن التحقق منه" عن أي برنامج له صلة بالسلاح النووي.
وأبدى قادة الدول استعدادهم لإحالة الملف إلى مجلس الأمن الدولي في حال قامت بيونج يانج بإجراء اختبارات نووية أو عمدت إلى إطلاق مزيد من
الصواريخ البالستية.

سوريا وحالة القمع ..

وبشأن حملة القمع التي تشنها دمشق اشار مسئوولون على "الحاجة للتحرك بسرعة صوب خطة للتحول السياسي داخل سوريا".
ويبدو واضحا فى الشأن السوري إن التباعد بين الموقف الأميركي والفرنسي من جهة والروسي من جهة أخرى والذى يتضح في تصريحات المبعوث الخاص للرئيس الروسي الى دول افريقيا ميخائيل مارغيلوف الذي قال :
" إن أهم شيء بالنسبة لنا في سياق مناقشة الوضع في سوريا هو ايضاح قلقنا لشركائنا. من الممكن ان تختلف او تتفق مع بشار الاسد ويمكن ان تحب او تكره الحكومة الحالية في سوريا ويمكن ان تقيم الانتخابات البرلمانية الاخيرة باشكال مختلفة ، ولكن لا ينبغي ان لا تعطي اجابة واضحة على السؤال الذي مفاده اذا استقالت الحكومة الحالية من سيكون البديل ؟ ان الوضع في سوريا صار مصدر قلق كبير، ليس فقط بالنسبة للعالم العربي، ولكن أيضا بالنسبة لإسرائيل.
سوريا - واحدة من اللاعبين الرئيسيين في تحقيق السلام في الشرق الأوسط. لذلك يجب هنا تنفيذ حاجة طبية معروفة وهي الابتعاد عن المضاعفات السلبية وان يكن الانسان اكثر حذرا ومن هنا لا ينبغي التعامل مع الازمة السورية بالضرب القاسي ، بل بهدوء ".

الملف الافغانى ..

أما الملف الأفغاني فعلى الرغم من وجود تصدع بين موقف الرئيس الفرنسي الداعي لسحب قوات بلاده في نهاية هذه السنة وموقف الرئيس الأميركي الذي يريد أن يتم ذلك في 2014 مع إبقاء لقوات رمزية تتولى تدريب القوات الأفغانية فإن القمة لم تحسم فيه وظل حبيس النقاشات الثنائية على أن يعمق البحث فيه مع باقي الملفات الأمنية فى قمة حلف الناتو بشيكاجو.
وتعهدت القمة بمساعدة أفغانستان اقتصاديا موازاة مع تسليم السلطة الأمنية في البلاد إلى القوات الأفغانية خلال السنوات المقبلة، وتحدثت عن "خطوات للتخفيف من الآثار الاقتصادية للفترة الانتقالية ودعم تنمية مستدامة للاقتصاد الأفغاني".
واتفق القادة على "دعم العملية الانتقالية وتنسيق الإستراتيجيات الأمنية والسياسية والاقتصادية "بهدف جعل أفغانستان خالية من الإرهاب والعنف والتطرف وإنتاج المخدرات".

ازمة اليورو ..والملفات الاقتصادية

بحثت القمة مسألة النمو الاقتصادي والإصلاحات المالية. وأعلن أوباما أن المجموعة "ملتزمة بشكل تام" بتحقيق النمو وتطبيق الإصلاحات المالية، واعتبر أن "النمو وفرص العمل يجب أن يحتلا الأولوية القصوى بالنسبة لنا".
وطغت أزمة منطقة اليورو على نقاشات القمة ,حيث غلبت نقاشات كفة المطالبين بتشجيع النمو عبر زيادة الإنفاق فيما انزوت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل منفردة بموقف يبدو عاريا من الدعم الذي كانت تتمتع به على عهد حليفها الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي .
وكان ايجاد مخرج ممكن لليونان من ازمتها الاقتصادية الخانقة في مقدمة جدول اعمال القمة، لا سيما بعد الانتخابات اليونانية الأخيرة التي لم تكن حاسمة في تشكيل حكومة جديدة لها سلطة اتخاذ قرارات تخرج البلاد من ازمتها الشديدة.
وكان زعماء مجموعة الثماني منقسمين بين مواصلة الاجراءات التقشفية او دعم اجراءات تحفيز النمو الاقتصادي بدلا منها.
وتفضل المستشارة الالمانية انجيلا ميركل الاجراءات التقشفية بينما يقف الرئيس الفرنسي الجديد فرانسوا هولاند الى جانب اتباع سياسات تشجيع نمو اقتصادي اكبر.
وكان رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون دعا في وقت سابق الى تقليص العجز الذي تواجهه ميزانيات دول المنطقة.

الدول الصناعية الكبرى في العالم. .

يجدر الاشارة الى ان مجموعة الثمانية أو مجموعة الدول الصناعية الثمانية تضم الدول الصناعية الكبرى في العالم.
وأعضائها هم: الولايات المتحدة الأمريكية، اليابان، ألمانيا، روسيا الاتحادية، إيطاليا، المملكة المتحدة، فرنسا، وكندا.
ويمثل مجموع اقتصاد هذه الدول الثمانية 65% من اقتصاد العالم وأغلبية القوة العسكرية (تحتل 7 من 8 مراكز الأكثر أنفاقاً على التسلح وتقريباً كل الأسلحة
النووية عالمياً). أنشطة المجموعة تتضمن مؤتمرات على مدار السنة ومراكز بحث سياسية مخرجاتها تتجمع في القمة السنوية التي يحضرها زعماء الدول
الأعضاء. أيضاً، يتم تمثيل الاتحاد الأوربي في هذه القمم.
وتتناوب كل سنة، الدول الأعضاء في مجموعة الثمانية على رئاسة المجموعة. وتضع الدولة الحائزة على الرئاسة الأجندة السنوية للمجموعة وتستضيف القمة
لتلك السنة.

المصدر: http://www.egynews.net/wps/portal/profiles?params=173297

الأكثر مشاركة في الفيس بوك