الإعلام وحتمية التغيير

أ.د. سالم بن أحمد سحاب

الإعلام الحديث عالم يتغيّر بسرعة كبيرة، ليس على مستوى الوسائل والآليات والمضمون والوسائط فحسب، ولكن أيضًا على مستوى الأذواق والتوجهات والأفكار لدى الناس؛ الذين هم المستهلك الأول والمصدر الرئيس للموارد المالية للوسائل الإعلامية المختلفة، وخاصة القائمة على أسس تجارية واضحة.

لقد بات من حديث الناس المتداول، وممّا يجري على ألسنة بعضهم قولهم: (لم أمسك جريدة منذ عدة أشهر، ولم أشاهد محطة إخبارية تلفزيونية منذ شهرين، أمّا غصب 1، فقد نسيتها منذ أمد)! ولكل من هذه التقريرات خلفيات وأسباب ونتائج، فانصراف المشاهد عن فضائية تجارية يقلل من حجم وثمن إعلاناتها؛ لأن المردود منه يتآكل ويضعف، وكذلك الحال مع الصحيفة الورقية التي تقتات على حجم الإعلانات ومداخيلها المالية.

ولعل صحيفة يو إس توداي قد ضربت مثلاً واضحًا

للتغيرات الجذرية التي أصابت الصحافة خلال 3 عقود فقط، فقد انطلقت بقوة وإبداع مطلع الثمانينيات وقبل ظهور الإنترنت بعقد ونصف. وها هي اليوم بعد انتشار الإنترنت على نطاق واسع بعقدٍ واحدٍ فقط تعاني ما تعاني منه مثيلاتها. إنه داء التغيير الذي لم يعد له دواء إلاّ أدوية التغيير الشامل. وفي بعض القواميس أدوية الإصلاح الشامل الذي يمتد من القمة إلى القاعدة.

كثير هم الذين يكابرون في عالم الصحافة اليوم، بل وفي دنيا الإعلام بأسره. والمكابرون هم الخاسرون لأن رياح التغيير ستقتلعهم من جذورهم، وستحيلهم إلى مجرد رموز (سابقة) لأزمان غابرة.

المراقبون للتغيرات في عالم الصحافة الورقية يتوقعون اختفاء العملاق يو إس توداي خلال النصف الثاني من هذا العقد على أبعد تقدير، إذ لم تعد الواردات تغطي المصروفات؛ فضلاً عن ربحية تكفل البقاء. وحتى النسخة الرقمية منها لم تستطع مجاراة منافساتها المتجذرة والمتجددة والسابقة في نشر الخبر عبر الأثير الإليكتروني اللحظي.

وللتاريخ فإن بدايات يو إس توداي كانت مشوقة ومختلفة؛ وذات صورة غايرت السائد، لكن المتغير آنذاك أصبح السائد فيما بعد. لقد اشتد التنافس وتعددت منافذ الخبر، وتغيّرت الذائقة الإعلامية لدى أطياف واسعة من البشر!

من هم يا ترى ضحايا التغيير القادم؟!

المصدر: http://www.amnfkri.com/news.php?action=show&id=24701

الحوار الداخلي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك