هوية حوارية

الكاتب  :  مبارك العصيمي

 

البرامج الحوارية الاجتماعية أحدثت تغييراً في المجتمع, وحققت قدراً جيداً من أهدافها بعيداً عن ظلال السياسة, وبخاصة إذا ما كان إعدادها دقيقاً وأهدافها محددة بعناية، والمتحاورون فيها لديهم وضوح في الرؤية وتجربة في الالتزام المنهجي بآلية الطرح. المشكلة أن النماذج الحوارية البارزة التي سادت حيناً من الزمن في الإعلام الفضائي اجتاحتها السياسة بشراسة وطبعتها بصبغتها منذ انفتاح الفضاء وما نتج عنه من تعدد البرامج الحوارية في كل قضايا الناس.
 لكنها كانت مرحلة يمكن تسميتها مرحلة الانفتاح والمحاكاة والجدل الساخن والحوارات المشحونة.. وأعتقد أنها بدأت تتحول إلى ما يمكن اعتباره هوية حوارية تقترب من النقاط المستهدفة.. نعم تمس السياسة عندما تقترب من ميول الضيف السياسية واتجاهاته وأفكاره... لكنها لا تطغى طغيانها السابق على موضوع الحوار الرئيس.
فيما يتعلق بإنتاج البرامج, يمكن إنتاج برامج دينية دون إقحام السياسة وهذا واضح في مجال الإفتاء. ويمكن أن تكون البرامج منخفضة الروح السياسية, وفي حالات أعتقد أن الحضور السياسي في البرامج الدينية يحضر بشكل قوي لأن السياسة جعلت من كل شيء أداة من أدواتها.. واليوم رجل الدين على مقعد السياسة، والدين حزب سياسي, وهناك قنوات تبث وتوجه... والفكر امتزج بكل القضايا وتفاعل معها بما فيها السياسة بل الأحداث السياسية الأنشط والأكثر تأثيراً في الوجدان العربي هي مستجدات سياسية.
ولن تتوافر البرامج الدينية البعيدة عن السياسة إلا من خلال إعداد الإنسان نفسه الذي يمارس, بحيث يستطيع أن يمنهج رؤيته وأدواته وأن يدرك دوره الديني المحض فيصب اهتمامه لتحقيق غايته في وقتها وبأسلوبها وعبر الطريق الأنسب حتى لو كان محفوفاً بالمحظور السياسي، ويمارس السياسة عندما يكون في مجالها. 
وبالنسبة لواقع السياسة فيما إذا كانت مركباً للشهرة أم قضية العصر؛ فأعتقد أن السياسة قضية العصر, فالذين يخوضون فيها بعضهم يكتب بأسماء مستعارة في المواقع الإلكترونية وحسابات التواصل الاجتماعي وغيرها.. وهنا شاهد آخر أن السياسة هي التي اقتحمت على الناس حياتهم ووظفت اتجاهاتهم وقدراتهم لخدمتها.. السياسة عبر الأحداث الكبرى هي التي سيّست الناس, وسخرت المال والفكر, وهذه هي عناصر حياتهم اليومية.. وهذا لا ينفي أن السياسة تتيح الفرصة لمن يرغب ركوب مركب الشهرة, بل هناك من استأجر مركب السياسة من أجل الشهرة والمصالح الذاتية وحقق أهدافه ومقاصده.
الحوار الداخلي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك