فقه الحوار الاسلامي و الواقع المعاصر (Islam)/نماذج لبعض الحوارات في القرآن الكريم والسنة النبوية
فقه الحوار الاسلامي و الواقع المعاصر (Islam)/نماذج لبعض الحوارات في القرآن الكريم والسنة النبوية
إن لكل حوار موضوع وقد يوجد في الحوار الواحد مواضيع متعددة كأن نجد في الحوار الواحد: المجادلة والتربية والقصة والتعليم...الخ
نموذج الحوار الذي موضوعه التعليم
هذا النوع من الحوار الذي يكون موضوعه التعليم والتلقين يتواجد بكثرة لما له من أهمية في تأطير العلاقات التربوية والتعليمية ويمكن التمثيل له :
في القرآن الكريم : بالحوار الذي جرى بين موسى والخضر عليهما السلام في سورة الكهف ﴿ فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنيِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَن شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُّكْرًا قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْرًا قَالَ إِن سَأَلْتُكَ عَن شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِن لَّدُنِّي عُذْرًا فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَن يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِّنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْتطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا ﴾
وفي السنة النبوية : ما أخرجه البخاري في صحيحه قال : حدثنا مسدد قال : حدثنا إسماعيل بن إبراهيم أخبرنا أبو حيان التيمي عن أبي زرعة عن أبي هريرة قال : كان النبي بارزا يوما للناس فأتاه جبريل فقال: " ما الإيمان ؟ قال " الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه وبلقائه ورسله وتؤمن بالبعث " قال : ما الإسلام ؟ مقال " الإسلام أن تعبد الله ولا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة وتؤدي الزكاة وتصوم رمضان قال : ما الإحسان ؟ قال " أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك : قال : متى الساعة ؟ قال : " ما المسؤول عنها بأعلم من السائل وسأخبرك عن أشراطها إذا ولدت الأمة ربتها وإذا تطاول رعاة الإبل البهم في البنيان في خمس لا يعلمهم إلا الله ، ثم تلا النبي " إن الله عنده علم الساعة " الآية ثم أدبر فقال " ردوه" فلم يروا شيئا فقال " هذا جبريل جاء يعلم الناس دينهم " .
وما يمكن أن يستنتج من هذين المثالين لهذا النوع من الحوار:
أن التعليم يطال جميع المخلوقات ويطلب من أهله
يجب أن يحضى المعلم بدرجته والمتعلم بدرجته
سلوك آداب الحوار من أجل التعلم وغيرها من النتائج العلمية التي تكفلت بها كتب التفسير والحديث.
نموذج الحوار القصصي :
تميزت القصة في القرآن الكريم والسنة النبوية عن القصة في غيرهما حيث استعملت سردا ومثلا وحوارا، وبسرد أخبار أو حوارات الأمم السابقة أو اللاحقة في أسلوب حواري متميز ويمكن التمثيل لهذا النوع من الحوار في القرآن الكريم بالحوار الذي دار بين موسى عليه السلام وفرعون وقومه والذي تكرر مرات متعددة مثل( سورة الشعراء ):
﴿ فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاء لِلنَّاظِرِينَ قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُم مِّنْ أَرْضِكُم بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ قَالُوا أَرْجِهِ وَأَخَاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنتُم مُّجْتَمِعُونَ لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِن كَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ فَلَمَّا جَاء السَّحَرَةُ قَالُوا لِفِرْعَوْنَ أَئِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِن كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذًا لَّمِنَ الْمُقَرَّبِينَ قَالَ لَهُم مُّوسَى أَلْقُوا مَا أَنتُم مُّلْقُونَ فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ قَالُوا لَا ضَيْرَ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ إِنَّا نَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَن كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ .
ومثاله في السنة النبوية ما أخرجه البخاري في صحيحه الحديث رقم 2215 وما يمكن استنتاجه من هذا النوع من الحوار: ذكر القرآن الكريم قصص الأمم السابقة ومنها موسى عليه السلام وفرعون الحوار بالتي هي أحسن بين موسى عليه السلام وفرعون وقومه وغيرها من النتائج التي تحدث عنها العلماء.
المطلب الثاني : نماذج للحوارات باعتبار الأطراف
يمكن تقسيم هذا النوع من الحوارات إلى:
الحوار المتعالي:
وهو الذي يكون فيه الله تعالى طرفا ومن أمثلته:
حوار الله عز وجل مع ملائكته ﴿ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ﴾
حوار الله عز وجل مع إبليس ﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلآئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ قَالَ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قَالَ إِنَّكَ مِنَ المُنظَرِينَ﴾
حوار الله عز وجل مع أنبيائه : ومثاله حوار الله عز وجل مع عيسى عليه السلام ﴿ وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي و َلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ﴾
الحوار العادي
هو حوار يتم بين المخلوقات على اختلاف مراتبهم و من أمثلة هذا الحوار :
حوار الأنبياء مع الملائكة : مثل الحوار السالف بين الرسول وجبريل .
حوار الأنبياء فيما بينهم : ومثاله ما أخرجه في الصحيح قال حدثنا عبد العزيز بن عبد الله : حدثنا إبراهيم بن سعد . عن ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمان : أن أبا هريرة قال : قال رسول الله " احتج آدم وموسى فقال له موسى أنت آدم الذي أخرجتك خطيئتك من الجنة ؟ فقال له آدم :أنت موسى الذي اصطفاك الله برسالاته وبكلامه ثم تلومني علي أمر قدر علي قبل أن أخلق ؟ " فقال رسول الله : فحج آدم موسى " مرتين "
حوار الرسول مع أصحابه: ومثاله ما أخرجه البخاري في الصحيح: فقال : " حدثنا يحيي بن قزعة حدثنا إبراهيم عن الزهري عن عامر بن سعد بن مالك عن أبيه قال : عادني النبي عام حجة الوداع من مرض أشفيت منه على الموت فقلت يا رسول الله بلغ بي من الوجع ما ترى وأنا ذو مال ولا يرثني إلا ابنة " واحدة " أفأتصدق بثلثي مالي ؟ قال : لا قال " فأتصدق بشطره ؟ قال " الثلث يا سعد والثلث كثير إنك تذر ذريتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس ولست بنافق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا آجرك الله بها حتى اللقمة تجعلها في امرأتك . قلت يا رسول الله أخلف بعد أصحابي ؟ قال : إنك لن تخلف فتعمل عملا تبتغي بها وجه الله إلا ازددت به درجة ورفعة ولعلك تخلف حتى ينتفع بك أقوام ويضربك آخرون اللهم أمض لأصحابي هجرتهم ولا تردهم على أعقابهم لكن البائس سعد بن خولة . يرثي له رسول الله أن توفي بمكة . وقال أحمد بن يونس وموسى عن إبراهيم " أن تذر ورثتك"
حوار الرسول مع أهل الكتاب: ( اليهود نموذجا) ومثاله ما أخرجه البخاري: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال " لما فتحت خبير أهديت للنبي شاة فيها سم فقال النبي " أجمعوا إلي من كان ها هنا من يهود " فجمعوا له فقال : إني سائلكم عن شيء فهل أنتم صادقي عنه ؟ فقالوا : نعم قال لهم النبي من أبوكم ؟ قالوا فلان فقال " كذبتم بل أبوكم فلان قالوا صدقت قال " فهل أنتم صادقي عن شيء إن سألت عنه ؟ فقالوا: نعم أبا القاسم وإن كذبنا عرفت كذبنا كما عرفته في أبينا فقال لهم : من أهل النار ؟ قالوا نكون فيها يسيرا ثم تخلفونا فيها. فقال النبي " اخسئوا فيها والله لا نخلفكم فيها أبدا ثم قال " هل أنتم صادقي شيء إن سألتكم عنه؟ فقالوا نعم يا أبا القاسم قال: هل جعلتم في هذه الشاة سما ؟ قالوا نعم قال: ما حملكم على ذلك ؟ قالوا أردنا إن كنت كاذبا نستريح وإن كنت نبيا لم يضرك "
حوار المؤمن والكافر وحوار المسلمين فيما بينهم وحوارات الرسول مع النساء والغلمان والخدم ....
ويبقى المقصود من هذه النماذج أن الحوار كان مركزا المواضيع والقضايا في الإسلام وتطرق لجميع القضايا بتنوعها وأنه دار بين الله عز وجل وخيار الخلق الملائكة والأنبياء والمرسلين وبين أسوأ الخلق إبليس الملعون ليظهر أنه لا حاجز ولا عائق في الحوار يحول دون وقوعه.
المصدر: http://ar.jurispedia.org/index.php/%D9%81%D9%82%D9%87_%D8%A7%D9%84%D8%AD...(Islam)/%D9%86%D9%85%D8%A7%D8%B0%D8%AC_%D9%84%D8%A8%D8%B9%D8%B6_%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%88%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D8%AA_%D9%81%D9%8A_%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86_%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%B1%D9%8A%D9%85_%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%86%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%A8%D9%88%D9%8A%D8%A9