إسرائيل والسلام

بقلم : لبناني فنيقي

تكاد لا تغيب شمس إلا وقد وقف أحد الزعماء أو قل المتزعّمين العرب ليكيل الشتائم لإسرائيل, وليذكّر العرب والمسلمين أجمعين بإستحالة السلام مع الدولة العبرية بحجة أنها كيان محتلّ وغاصب. ولو أن كيل هذه الشتائم تحول الى حصى منذ إقامة دولة إسرائيل الى يومنا هذا لكانت الأخيرة تقبع تحت أنقاضها منذ سنين مضت.

 

… أتعجّب وتتعجّب معي كافة الشعوب العربية والإسلاميّة من الموقف الرمادي الرسمي العربي من إسرائيل. فهم –الزعماء العرب- لا يريدون لشعوبهم العيش بسلام مع الدولة العبرية ولا هم لديهم موقف واضح وصريح من الحرب معها. إذ لا يخفى على أحد بأن إسرائيل هي من الدول العظمى في العالم علي الصعيدين السياسي والعسكري, والتحالفات التي تجمعها مع أهم مراكز القرارت السياسية والعسكرية في العالم يجعل من المستحيل إلغائها. وهذا ما يعرفه حقّ المعرفة كل السياسيّن والزعماء العرب دون إستثناء بدأ من السيّد حسن نصرالله الذي توسّل القوى السياسيّة اللبنانيّة للتوسط لدى الأمم المتحدة لوقف الحرب مع إسرائيل عام 2006, الى الحكومة المصريّة التى بوقف تدفّق الغاز من أراضيها الى إسرائيل لم تنجح إلا بقطع باب رزقٍ على الشعب المصري, مروراً ببشار الأسد وأحمد النجاد الذين فضّلوا بناء منشآت نووية ليس لهم بها حاجة ملحّة على إطعام شعوبهم.

 

… اتفهّم الشعور الإسلامي خاصةً والعربي العربي عامّةً من مجرّد الحديث عن السلام مع إسرائيل, إذ أن هذه الشعوب قد تربّت منذ نعومة أظافرها على كره الدولة العبريّة وإستحالة السلام معها. وحقيقة أن أنظمتها الديكتاتورية منعتها من إستنشاق الحرية, منعها من التفكير المنطقي بخيار السلام وما ممكن ان يحققه من رفاهة الحياة وسكونها.

 

فلنتسائل بمنطق عن سبب توجيه العرب والمسلمين الى العداء مع إسرائيل؟ والجواب بسيط: “السيطرة على هذه الشعوب”.

 

إن ابسط طريقة للسيطرة على شعب وشرعنة الأنظمة الديكتاتورية هي إيهام هذه الشعوب بأن هناك من يتربص لهم في ظلام كل مفترق طريق لإفتراسهم, وان هذه الأنظمة هي المنقذ الوحيد لهم. وقد نجحت غالبية هذه الأنظمة بالبقاء قابعة على رقاب شعوبها الى يومنا هذا بفعل هذا الوهم. ولكنّ الشعوب العربية المشهود لها بالفكر والحضارة تقف اليوم لتقول “لا” لهذه الأنظمة. لا للديكتاتورية لا للرجعية ولا للجوع. وهنا تكمن فرصة السلام التي لا يجب خسارتها واللتي يجب على كل الأنظمة العربيّة الصاعدة إستغلالها.

 

… لماذا السلام وما هي منافعه؟

 

إن السلام كما هو متعارف عليه عالميّاً, عملية الإعتراف بقيام دولة ما ضمن حدود متعارف عليها دولياً وممثلة سياسياً لدى دول العالم. ان الإعتراف بدولة إسرائيل ليس هو إلغاء وجود الدولة الفلسطينية أو شعبها بل هو طريقة لإيجاد دولتين لشعبين يجمعهما حسن الجوار ومعاملة الندّ لندّه. وهو الحل الوحيد والأوحد, وحقيقة العداء العربي والإسلامي لإسرائيل يُأخّر قيام الدولة الفلسطينية ويضمن إستمرارية معاناة شعبها.

 

اذا كانت الحكومة الفلسطينية تفاوض قرينتها الإسرائيلية على مائدة السلام فلما لا نحذو حذوها؟ فمتى أصبحنا بحالة سلام سهُل علينا مطالبة إسرائيل بتنفيذ القرارات الدولية, ويكون لدينا أفضلية المفاوضة ونحظى بالتأييد والدعم العالمي. ونأمن شرهّا -أنّ كان بها شرّ- اذ ليس من البديهي أن تتقاتل الدول المتسالمة .

 

أما على الصعيد الإقتصادي فالمنفعة كبيرة بالسياحة من والى اسرائيل والتبادل التجاري أسهل وأوفر ربحاً. فكل من يفقه علم الإقتصاد يستطيع أن يؤكّد نظرية الربح في التجارات القريبة, فلا رسوم جمركيّة متعددة ولا مصاريف نقل كبيرة.

 

… ختاماً, ان للسلام مع اسرائيل فوائد شتى وانجاز للشعب الفلسطيني, فان كانت القضيّة الفلسطينيّة هي سبب العداء فأنّ هذه القضيّة نفسها وبعد 64 عاماً هي الدافع الأكبر للسلام كي لا تطول أكثر معاناة الشعب الفلسطيني.

 

… جرّبنا العداء 64 عاماً من دون أي مكسب الم يحن الوقت لنفهم ان هذه الطريقة غير ناجعة؟ أوليس حريّ بنل أن نجرّب البديل؟ …السلام.

 

 

 

فلتعش الشعوب العربية يوماً بحرية وسلام لا يشغلها سوى التطور الفكري والحضاري وإعلاء مكانتها فوق منابر العلم كافة.

المصدر: http://www.lebaneseinisrael.com/X/?p=49957

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك