ترجمة أوري روبين لمعاني القرآن الكريم بالعبرية

ترجمة أوري روبين
لمعاني القرآن الكريم
بالعبرية
(عرض وتقويم)

الدكتور محمد محمود أبوغدير

تقديم
يتناول البحث دراسة نقدية لأحدث ترجمة عبرية لمعاني القرآن الكريم، وهي الترجمة التي قام بها بروفيسور أوري روبين أستاذ الدراسات الإسلامية في جامعة تل أبيب وصدرت عام 2005م. وقد ذكر المترجم في تقديمه لترجمته أن الهدف من ترجمته تجنب وجوه التقصير في الترجمات العبرية السابقة. ولكن على الرغم من بعض الجوانب الإيجابية في ترجمته فقد وقع في أخطاء لم يقع فيها من سبقوه إلى ترجمة معاني القرآن الكريم إلى العبرية، والكثير من هذه الأخطاء مقصود مثل التشكيك في نزول الوحي على النبي محمد صلى الله عليه وسلم, كما تعمد إعادة تفسير وترجمة بعض المصطلحات والمفاهيم القرآنية في ضوء الأحداث السياسية التي شاهدها العالم مؤخراً، مما يعني محاولة إسقاط نتائج الأحداث السياسية على فهم القرآن الكريم. وسيعالج البحث العناصر التالية:
أولاً: تاريخ الترجمات العبرية السابقة لمعاني القرآن الكريم وسماتها.
ثانياً: دوافع الترجمة الجديدة وشبهاتها.
ثالثاً: سمات الترجمة الجديدة.
رابعاً: دراسة نقدية لنماذج من الترجمة الجديدة.
ولقد كان للتسامح الذي حظي به اليهود تحت الحكم الإسلامي في العصور الوسطى أثره في تقدم النشاط الثقافي والأدبي الذي قام به المفكرون والمترجمون اليهود، حتى إن الكاتب اليهودي المعاصر (جدعون جلعادي) يقول في صدد حديثه عن المعاملة الطيبة التي حظي بها اليهود تحت الحكم الإسلامي في العصور الوسطى بأنها كانت تقوم على سياسة حسن الجوار، وهو وضع لا يمكن استيعابه دون مقارنته بأوضاع اليهود تحت الحكم المسيحي الأوربي منذ العصور الوسطى المتأخرة وحتى سقوط ألمانيا النازية( ). ويضيف إلى ذلك الكاتب اليهودي المعاصر (دانيئل بايبس) فيقول: ((إن اليهود الذين عاشوا تحت الحكم الإسلامي لم يعانوا ما عاناه غيرهم من اليهود الذين تعرضوا للاضطهاد من جانب النظم المسيحية الأوربية))( ).
كما حرص كثير من اليهود في العصور الوسطى على الاحتفاظ في منازلهم بنسخ من القرآن الكريم برسمه العربي, أو بتحويل الرسم العربي للقرآن الكريم إلى رسم عبري دون ترجمة معانيه إلى العبرية. وقد فعلوا ذلك -كما يقول دكتور (يوسف سدان) المتخصص في الدراسات الإسلامية- لإدراكهم حقيقة أن قراءة القرآن الكريم ستساعدهم على استيعاب بلاغة اللغة العربية ومعاني القرآن الكريم، وأيضاً لكي يتمكنوا من مجادلة المسلمين بل ومجادلة النص القرآني( ).

تاريخ الترجمات العبرية لمعاني القرآن الكريم
ترجمة أوري روبين لمعاني القرآن الكريم هي الترجمة الثامنة إلى اللغة العبرية, فقد تمَّتْ الترجمة الأولى في الأندلس( ) على يد أحد الأحبار اليهود الذين عاشوا في كنف الدولة الإسلامية، واقتصرت هذه الترجمة على أجزاء من القرآن الكريم كما تقول المصادر العبرية اليهودية. ولكن المخطوط الخاص بنص هذه الترجمة فُقِدَ, وترد الإشارة إليه ضمن الإشارة إلى ترجمات عبرية أخرى قام بها المترجمون اليهود من اللغة العربية إلى اللغة العبرية، وشملت بعض أعمال الفلاسفة والمفسرين والأدباء المسلمين مثل الغزالي وابن رشد( ). ونظراً لعدم العثور على هذه الترجمة غير الكاملة لمعاني القرآن الكريم فسنتحدث في الصفحات التالية عن الترجمات السبع الأخرى المتاحة للباحثين والتي تقسم إلى قسمين:
القسم الأول: ويشمل ثلاث ترجمات غير منشورة, ولكنها محفوظة في عدد من المتاحف والمكتبات العالمية.
القسم الثاني: ويشمل أربع ترجمات مطبوعة ومنشورة منها اثنتان صدرتا قبل قيام إسرائيل, واثنتان صدرتا بعد قيامها.

أولا: ترجمات عبرية غير منشورة لمعاني القرآن الكريم:
تحتفظ بعض المتاحف والمكتبات الأوربية والأمريكية بأصول ثلاث ترجمات كاملة لمعاني القرآن الكريم إلى العبرية ولكنها غير منشورة وهي على النحو التالي:
أ- أولى هذه الترجمات محفوظة في القاعة الشرقية بالمتحف البريطاني، واختلفت المصادر اليهودية في تحديد تاريخ إنجاز هذه الترجمة. فهناك من يقول: إنها تمت في القرن السادس عشر، وآخرون يحددون القرن السابع عشر تاريخاً لإنجاز الترجمة, ولكن الجميع متفقون في الرأي على أن من قام بهذه الترجمة هو يعقوب بن إسرائيل هاليفي. وهذه الترجمة ليست منقولة مباشرة عن النص العربي بل نقلها المترجم اليهودي عن ترجمة إيطالية لمعاني القرآن الكريم صدرت في فينسيا في عام 1547م. والنص الإيطالي منقول بدوره عن نص لاتيني لترجمة معاني القرآن الكريم، ولم تحدد المصادر المختلفة زمن إنجاز هذه الترجمة.
ب- الترجمة الثانية غير المنشورة لمعاني القرآن الكريم إلى العبرية محفوظة في المكتبة البريطانية في لندن. ويقول روبين في تقديمه لترجمته: إن الترجمة تمت في الهند في القرن الثامن عشر، ولكن لا يُعرف اسم من قام بها, وعن أي لغة نقلت.
ج- الترجمة الثالثة غير المنشورة لمعاني القرآن الكريم إلى العبرية محفوظة في مكتبة الكونجرس بواشنطن, وتمت بتصرف عن ترجمة بالهولندية لمعاني القرآن الكريم دون تحديد زمن إنجازها( ).
وقد تزامن تفشي عوامل الضعف في أوصال الدولة الإسلامية في الأندلس ونجاح النصارى في الاستيلاء على النصف الشمالي من الدولة الإسلامية مع بداية الإعداد للحملة الصليبية الثانية الموجهة إلى العالم الإسلامي في المشرق العربي, ومع اهتمام الكنيسة المسيحية الأوربية بترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغات الأوربية, وبخاصة إلى اللاتينية ليمكن عن طريقها تحقيق مزيد من المعرفة عن العالم الإسلامي المستهدف. وفي هذا الصدد يقول (يوسف سدان): ((إذا فتشنا في تاريخ تراجم (معاني) القرآن الكريم إلى لغات أوربية مختلفة فسنجد أن أحد الذين وقفوا وراء ترجمة (معاني) القرآن الكريم إلى اللاتينية هو القديس بطرس، وهو أحد كبار رجال الكنيسة المسيحية الفرنسية. وقد حدث ذلك في القرن الثاني عشر الميلادي حين أنجز ترجمة لمعاني القرآن إلى اللاتينية أثناء وجوده في طليطلة بعد الاستيلاء عليها من أيدي المسلمين في حوالي 1141م. وفعل القديس بطرس ذلك بهدف توفير الأدوات التي يجادل بها المسلمين، واستعان بعناصر يهودية في إنجاز مشروعه هذا بفضل اتقانهم اللغة العربية ومعرفتهم لغات ولهجات أوربية أخرى( ). والمعروف أن حركة الاستشراق الأوربي قامت في هذه الفترة بدور المحفز والمشجع لمزيد من التعاون المسيحي اليهودي في مجال ترجمة ودراسة كل ما يتصل بالإسلام وبالثقافة الإسلامية العربية، بل وكل ما يتصل بتاريخ الشرق عامة وتاريخ العالم العربي الإسلامي خاصة)).
وهذا يعني أن الدوافع الدينية والاستشراقية الأوروبية كانت وراء حركة الترجمة الأوروبية لمعاني القرآن الكريم وغيره من الكتابات الدينية، الفكرية والأدبية العربية، واستمر هذا التوجه قروناً طويلة.

ثانيا: ترجمات عبرية منشورة لمعاني القرآن الكريم
1- ترجمة تسيفي حاييم ريكندورف لمعاني القرآن الكريم:
أعطي ريكندورف لترجمته التى صدرت في ليبزج في عام 1857م العنوان التالي (القرآن أو المقرا) ( אלקוראן או המקרא). أي: أراد أن يقول منذ البداية إن التوراة وأسفار العهد القديم هي الأصل والأساس، وأن القرآن الكريم هو فرع من أصل. وكان هدف المترجم من ذلك التشكيك في مكانة القرآن الكريم, والادعاء بأن الكثير من الأفكار الواردة فيه مأخوذة من العهد القديم.
ولم تحظ هذه الترجمة بالقبول الواسع من جانب المتلقي اليهودي في حينه, ليس لرفضه الأحكام المسبقة والمغالطات الواردة في الترجمة, بل لأن المترجم استخدم لغة العهد القديم بكل ما فيها من غموض وصعوبة الأمر الذي جعلها غير مفهومة من جانب الكثير من اليهود في عصره. كما أسقط ريكندورف ترجمة العديد من الكلمات بل والآيات الكاملة من القرآن الكريم مما أخل بالسياق العام للنص. ولم تصدر أي طبعات جديدة لهذه الترجمة. وترجمة ريكندورف هي الترجمة العبرية الأولى التي نُقلت مباشرة عن العربية, وهي نادرة الوجود إذ لم يتبق منها سوى ثلاث نسخ( ).

2- ترجمة يوسف يوئيل ريفلين لمعاني القرآن الكريم
هي الترجمة العبرية الثانية المطبوعة والمنشورة لمعاني القرآن الكريم, وهي الأولى التي صدرت في فلسطين في عام 1936م كما جاء في تقديمه للترجمة. والترجمة منقولة أيضاً عن النص العربي للقرآن الكريم مباشرة, وصدرت تحت عنوان אלקוראן (القرآن). ولقد سعى ريفلين في ترجمته هذه إلى تفادي الأخطاء التي وقع فيها سابقه ريكندورف. كما أن تعمق ريفلين في قراءة الأدب العربي ساعده على إنجاز ترجمته لمعاني القرآن بصورة أفضل من الترجمة السابقة، حيث صاغها بلغة عبرية أكثر تطوراً وفصاحة وقبولا من جانب القارئ العبري في ذلك الوقت، وبنفس المستوى اللغوي الذي كُتب به الأدب العبري في فلسطين لخدمة المهاجرين الجدد ومخاطبتهم بأسلوب يمكن أن يفهمه قطاع واسع منهم. ومن المعروف أنه في هذه الفترة نفسها أيضاً, شهدت الساحة الأدبية واللغوية اليهودية في فلسطين ظهور أول معجم عبري وضعه (موشيه بن اليعزر) (1882م– 1944م) وضمنه الكثير من الكلمات والمصطلحات الجديدة التي أدخلها إلى المعجم العبري الذي قام بوضعه: إما عن طريق عبرنتها، أو نحتها من كلمات عبرية قديمة، أو نقلها من لغات أخرى ومنها اللغة العربية. كما استفاد ريفلين وغيره من الأدباء والمفكرين اليهود في فلسطين من حركة الترجمة النشطة التي حدثت في ذلك الوقت من العربية إلى العبرية, حيث ترُجم كتاب الدكتور طه حسين (الأيام) إلى العبرية وصدر في عام 1931م, إلى جانب بعض كتابات محمود تيمور، وتوفيق الحكيم وآخرين. واستفاد ريفلين من تجربته في ترجمة معاني القرآن الكريم إلى العبرية ليقوم بعد ذلك بترجمة كتاب (ألف ليلة وليلة) إلى العبرية أيضاً. ولقد حاول ريفلين الاقتراب من فصاحة النص القرآني وبلاغته, حتى إن دائرة المعارف اليهودية العامة تصف هذه الترجمة بأنها أقرب إلى الترجمة الحرفية لمعاني القرآن الكريم( ).
3 - ترجمة أهرون بن شمش لمعاني القرآن الكريم
هي الترجمة العبرية الثالثة المنشورة لمعاني القرآن الكريم والأولى التي صدرت في إسرائيل بعد قيامها. فقد صدرت الطبعة الأولى منها في عام 1971م تحت عنوان: הקוראן הקדוש תרגום חופשי (القرآن المقدس، ترجمة حرة). وصدرت الطبعة الثانية في عام 1978م تحت عنوان הקוראן ספר הספרים של האשלאם (القرآن كتاب الإسلام الأول). وانتهج بن شمش في ترجمته أسلوباً خاصاً به يختلف عن أسلوب الترجمات السابقة واللاحقة حيث لم يقم بترجمة كل آية من آيات القرآن الكريم على حده وبالترقيم الخاص بها, بل اكتفي بتقديم المعنى الكلي لكل خمس آيات مجملات وبترقيم يجمع كل خمس آيات تحت رقم واحد, ومن هنا اختلف الترقيم لديه عن الترقيم المتعارف عليه لآيات القرآن الكريم.
ولم يُخْفِ بن شمش في تقديمه لترجمته, موقفه العدائي من القرآن الكريم ومن الإسلام, حين ذكر أن القرآن ليس سوى صياغة عربية لتوراة موسى. وقال أيضاً: ((إن المستشرقين يصفون الإسلام بأنه ديانة يهودية جاءت متمشية مع معتقدات القبائل العربية القديمة ومفاهيمها، وردد أن النبي محمداً صلى الله عليه وسلم درس أسس ديانات اليهود والنصارى ومعتقداتهم خلال رحلاته التجارية إلى فلسطين وسوريا. وحاول بن شمش تسويغ الأسلوب الذي سلكه في ترجمة كل خمس من آيات القرآن الكريم مجملات بالقول بأن لغة القرآن الكريم التي ظهرت قبل حوالي ألف وثلاثمائة سنة، كانت اللغة السائدة بين سكان مكة والمدينة، وكانت واضحة ومفهومة من الجميع آنذاك ولذلك حَرصْت على استيعاب ما ترمي إليه الآيات القرآنية, وبعد ذلك عملْتُ على نقل المعنى المقصود فعلا من الآيات))( ). وقوبل نهج بن شمش بالنقد من جانب العديد من المتخصصين اليهود لاستخدامه أيضاً لغة عبرية مبسطة بهدف خدمة أي وزارة أو مؤسسة في إسرائيل تريد الحصول على معلومات عن الإسلام ( ). ومع ذلك هناك من يتقبل أسلوب ونهج بن شمش, وبخاصة المتلقي العادي غير المتخصص الذي يرى أن هذا الأسلوب وهذا النهج يتفق مع طبيعة اللغة العبرية في طورها الحالي( ).
4- ترجمة أوري روبين لمعاني القرآن الكريم (الدوافع والمقاصد)
أشار أوري روبين في تقديمه لترجمته الصادرة في عام 2005م إلى الدوافع التي حَرَّكته لإنجاز هذه الترجمة, ومن أبرزها تفادي الأخطاء التي وقع فيها من سبقوه. ولكن هناك دوافع أخرى ومقاصد مستترة سعى إلى تحقيقها، وهو ما سنشير إليه في الصفحات التالية مع تقديم نماذج تطبيقية من ترجمته. ويمكن تقسيم الدوافع المعلنة والمقاصد المستترة لديه على النحو التالي:
أ- دوافع لغوية فنية:
حرص روبين على القول في تقديمه لترجمته بأنه سعى إلى بلورة صياغة عبرية يمكنها استيعاب التفاسير المتعارف عليها بين المفسرين المسلمين لمعاني القرآن الكريم, وإلى تعريف المتلقي للترجمة بالصورة الخاصة للقرآن كما يراها أتباعه. ومع ذلك تنكَّر لهذه المقولة حين قال وفي التقديم نفسه: إن ترجمته لن تصل إلى حد المصداقية الكاملة، وإن كل ما يصبو إليه هو أن تحظى بالثقة( ).
لقد فشل روبين في حقيقة الأمر في تحقيق هدفه هذا لأسباب عديدة, منها: طبيعة اللغة العبرية ذاتها ومحدودية مفرداتها ومصطلحاتها مقارنة بالعربية، وعجز العبرية تبعاً لذلك عن استيعاب بلاغة النص القرآني ورونقه، وهو ما اعترف به حين قال إن: ((النص القرآني عبارة عن نثر منظوم صيغ بأسلوب عربي موزون لا مثيل له في النصوص العربية الأخرى))( ).
وفي محاولة منه للتغلب على معضلة عجز اللغة العبرية عن استيعاب النص القرآني وعن توفير الألفاظ العبرية القادرة على التعبير عن العديد من معانيه، عمل _كما ذكر دكتور يوسف سدان ـ على بلورة رداء لغوي عبري يوازن عن طريقه بين الحاجة إلى استخدام لغة عبرية تناسب القارئ المعاصر وبين الحاجة إلى الحفاظ على قدر من روح النص القرآني المقدس، ثم وجد نفسه في نهاية المطاف يستخدم أسلوباًً يبتعد عن رونق البلاغة القرآنية, ويلتزم بصورة أكبر بصيغ تتمشى مع اللغة العبرية العصرية السائدة لدى المتلقي( ). أي إن حاجة المتلقي إلى من يخاطبه بمستوى أسلوبي معين, هو الذي أملى علي المترجم اختيار النهج الذي سلكه في ترجمته مما أدَّى إلى الابتعاد عن بلاغة النص القرآني وسحر بيانه. ويصبح القول البين في هذه القضية هو أن روبين أراد أن يثبت أن اللغة العبرية قادرة على استيعاب المفاهيم الثرية لمعاني القرآن الكريم وأنها ـ أي العبرية ـ ليست مهددة بالزوال، وهو ما حذَّر منه المجتمعون في ندوة عقدت في إسرائيل في 16/4/1997م تحت عنوان מדיניות לשונית בישראל לאן؟ ((السياسة اللغوية العبرية في إسرائيل إلى أين؟)) والتي خصصت لمناقشة وضع اللغة العبرية حالياً، وهل ستكون واحدة من اللغات المهددة بالفناء؟( ). وأكد الباحث اللغوي الإسرائيلي المتخصص في دلالات اللغة العبرية واستخداماتها اليومية (روفيك روزنتال)، حجم المعضلة التي تواجه اللغة العبرية المعاصرة وعدم قدرتها على استيعاب ثراء النص القرآني وبلاغته حين قال: ((رغم أن اللغة العبرية بلورت لنفسها وعلى امتداد أجيال عديدة مضت، مجموعة من الصيغ الصرفية والنحوية المقرائية والتلمودية ووظفتها لتكوين جمل ونصوص مركبة, إلا أنها لغة ضيقة الحدود وذات ثروة لفظية محدودة, مما يضع صعوبات عديدة أمام مستخدميها الحاليين))( ). ومن هنا صيغت ترجمة روبين بلغة هي أقرب إلى لغة الإعلام ولغة الشارع الإسرائيلي والتي وصفها بعضهم في إسرائيل بأنها لغة عبرية مبسطة (Pidginized Hebrew) تستخدم في جميع وسائل الإعلام وفي المؤتمرات والندوات ( ).
ب- دوافع دينية جدلية:
كشف روبين في تقديمه لترجمته عن دوافع جدلية ودينية تضاف إلى الدوافع الأخرى التي حركته نحو إنجاز ترجمته هذه, ومنها محاولة الطعن في القرآن الكريم ذاته, والادعاء بأنه ليس منَزَّلاً من الله سبحانه وتعالى على رسوله الكريم, بل هو من صنع شخص واحد هو النبي محمد صلى الله عليه وسلم. وعمد في مقدمته إلى استخدام الفعل العبري יצר (يتسار) بمعنى أنتج الشيء أو صنعه بيديه ونسبه إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم للإيماء بأن القرآن الكريم من صنع يديه, وفعل ذلك رغم وجود كلمة השראה التى تعني (الوحى)( ). واستند روبين في زعمه هذا على ما يدعيه بعض الباحثين اليهود من أن القرآن الكريم ليس مُنَزَّلاً من الله إلى رسوله الكريم، بل إنه كُتب أو ألف (استخدم المترجم الفعل العبري المشتق من مادة כתב كتب) خارج الجزيرة العربية بعد وفاة محمد صلى الله عليه وسلم بسنوات طويلة( ). وكان قد مهد لادعائه هذا في كتاب له صدر قبل عدة سنوات تحت عنوانהתנ"ך והקוראן ((التناخ (العهد القديم) والقرآن)) حين قال: إن القرآن ركز على قضية اختيار الله لبني إسرائيل لكي يؤكد أن هؤلاء أخلُّوا بالتزاماتهم تجاه الله وبسب ذلك حكم عليهم بالضياع، وأن القرآن يحاول إثبات ذلك بالإكثار من الإشارة إلى القصص الواردة في العهد القديم وتتحدث عن الآثام التي ارتكبها بنو إسرائيل وهم في طريق خروجهم من مصر إلى الأرض الموعودة( ).
وإذا كان المترجمون اليهود السابقون لمعاني القرآن الكريم قد تحدثوا في تقديمهم لترجماتهم عن التأثيرات التوراتية في القرآن الكريم, فإن روبين قد ذهب بعيداً في التشكيك في الوحي الإلهي المنَزَّل على نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم. ومعنى هذا أنه لم يتلاف أخطاء سابقيه كما ادَّعى, بل أضاف إليها ادعاءات وافتراءات تضع العديد من علامات الاستفهام أمام مقاصد ترجمته وتوقيت صدورها. ومن الجدير بالذكر في هذا الشأن الإشارة إلى موقف سبق أن عبرت عنه دكتورة ((حافا لازاروس يافيه)) المعروفة بمؤلفاتها العديدة في علوم القرآن الكريم والدراسات الإسلامية, حين ذكرت في كتابها עוד שיחות על דת האסלאם ((كلام عن الإسلام)) أن القرآن (الكريم) هو كتاب منَزَّل من الله إلى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وأنه ليس له نظير في هذا الكون( ).
ج- توقيت صدور ترجمة روبين لمعاني القرآن الكريم:
تبرز في ترجمة روبين تأثيرات الظروف السياسية الإقليمية والخارجية. فعلى المستوى الإقليمي والإسرائيلي المحلي، كان لانتفاضة الأقصى التي تفجرت في عام 2000م تأثيرات بعيدة المدى على الخريطة السياسية والاجتماعية في إسرائيل بما أحدثت من تأثيرات سلبية في الاقتصاد الإسرائيلي نجمت عن سياسة الاحتلال والممارسات العسكرية ضد الفلسطينيين. كما كان لأحداث سبتمبر 2001م, آثار بعيدة المدى في العالم وفي المنطقة، متمثلة في غزو أفغانستان في عام 2001م, ثم غزو العراق في عام 2003م، وفي الخلفية حملات تسعى إلى تشويه صورة الإسلام والمسلمين مع تحميلهم مسؤولية قيام عناصر متطرفة بتفجيرات سبتمبر وربط الإسلام والمسلمين بالإرهاب.
وقد برزت في هذه الظروف رغبة عارمة داخل إسرائيل وخارجها لقراءة الترجمات المختلفة لمعاني القرآن الكريم. وفي إسرائيل زادت مبيعات الترجمات العبرية لمعاني القرآن الكريم داخل الشارع الإسرائيلي. وشاء الله سبحانه وتعالى أن يؤدي ذلك إلى اعتناق عدد من اليهود الإسرائيليين للإسلام وبخاصة بين الإسرائيليات اليهوديات المتزوجات من فلسطينيين مسلمين, الأمر الذي دفع الحكومة الإسرائيلية إلى إصدار قانون خاص لمكافحة هذا التطور الخطير متخفيا في جوانب منه وراء مسمى (قانون المواطنة)، والهدف منه الحيلولة دون ازدياد حالات زواج يهوديات من فلسطينيين وأجانب.
كما نشرت صحيفة هأرتس في عددها الصادر في يوم 17/11/2003م قصة الفتاة اليهودية الإسرائيلية التي اعتنقت الإسلام بعد أن قرأت ترجمة عبرية لمعاني القرآن الكريم, وقد تحدث المقال المسهب الذي نشرته هأرتس -تحت عنوان (فتاة يهودية ترتدي الحجاب داخل مدرسة صهيونية داخلية)- عن الضغوط التي تعرضت لها هذه الفتاة وأسرتها كي تتراجع عن قرارها هذا دون جدوى, حتى إنها فصلت من المدرسة( ), وهناك حالات عديدة مشابهة من أشهرها ما حدث مع رجل الدين اليهودي السابق يوسف كوهين الذي قدم من الولايات المتحدة إلى إسرائيل في عام 1998م وانضم إلى حركة شاس الدينية الأرثوذكسية المتطرفة التي يتزعمها الحاخام عوفاديا يوسف, ثم اعتنق الإسلام بعد عامين من وصوله إلى إسرائيل بعد أحاديث أجراها عبر الإنترنت، مع داعية إسلامي سعودي يدعى (أحمد). ودخل معه في الإسلام أفراد أسرته المكونة من زوجته وأربعة من الأبناء. وغيَّر يوسف كوهين اسمه بعد إسلامه إلى يوسف الخطيب, وغادر مقرَّ سكنِه في إسرائيل ليستقر في القدس العربية ويعمل حاليًا في الدعوة الإسلامية( ).
وأدى تزايد المد الديني الإسلامي داخل فلسطينيي 1948م واهتمام قطاعات واسعة داخل اليهود الإسرائيليين أنفسهم بقراءة تراجم معاني القرآن الكريم والكتب الدينية الإسلامية الأخرى إلى تصاعد التنسيق بين دوائر إسرائيلية ودوائر أجنبية لشن حملات مضادة لتشويه صورة الإسلام والمسلمين.
ومن الجدير بالذكر في هذا المقام الإشارة إلى ما ذكره الباحث الإسرائيلي دانئيل بايبس في مقال نشره في مجلة (نيويورك سان) من أن على كل إنسان في العالم يشعر بالقلق تجاه ما يحدث في العالم (بعد سبتمبر) أن يخصص جانبا من وقته لقراءة تراجم معاني القرآن الكريم. وأشار بايبس في مقاله هذا إلى برنامج بثته هيئة الإذاعة البريطانية باللغة الإنجليزية في أعقاب أحداث سبتمبر تناول حجم الاهتمام المتزايد بين غير المسلمين في العالم بقراءة معاني القرآن الكريم المترجمة بلغات أجنبية وبخاصة الإنجليزية, حتى إن أكبر ناشر في بريطانيا لترجمات معاني القرآن الكريم بلغات أجنبية وبخاصة الإنجليزية, ذكر أن حجم مبيعات النسخ المترجمة لمعاني القرآن الكريم، تضاعف خمس مرات في العالم الغربي وفي الولايات المتحدة بعد أسابيع معدودة من وقوع أحداث سبتمبر, وأدَّى ذلك إلى نفاد جميع نسخ الترجمات المعروضة في المكتبات الأمريكية( ). كما زادت أيضا مبيعات تراجم معاني القرآن الكريم إلى العبرية بين يهود الغرب وأمريكا الذين يعرفون العبرية. ومن هنا يمكن القول بأنَّ صدور ترجمة روبين في هذا التوقيت بالذات لم يأت بطريق المصادفة.

منهج روبين في ترجمته لمعاني القرآن الكريم
تجيء ترجمة أوري روبين لمعاني القرآن الكريم كما ذكرنا, لتلبية احتياجات الداخل الإسرائيلي, ومع ذلك لا ينكر له الجهد الذي بذله خلال البحث عن طريق وسط بين الترجمات العبرية الصادرة قبل قيام إسرائيل والترجمة الأخرى التي أنجزها بن شمش وصدرت في إسرائيل في عام 1971م. ولكن يظل النص القرآني كما ذكر دكتور (مئير بار أشير) لغزاً يصعب فك رموزه من جانب المترجمين؛ لأنه يحتاج إلى توافر الحنكة الواسعة لفهم معاني ومضامين لغة القرآن على اختلاف مستوياتها( ). ومن هنا فإن الدراسة النقدية لهذه الترجمة الحديثة تتطلب المزيد من الجهد لتحليل كامل مضامينها ومقاصدها ومقارنتها بالترجمات العبرية السابقة, مع الأخذ في التقدير أن الهدف الذي سعت هذه الترجمة إلى تحقيقه ليس خدمة القرآن أو المسلمين بل خدمة الداخل الإسرائيلي ومخاطبته بالأسلوب السهل الذي يخل كثيراً بالنص القرآني, وهو ما يجب أن نشير إليه لتلافيه عند إصدار ترجمة عبرية بأيدي مترجمين عرب مسلمين؛ لأن ما قد يعدُّه روبين وغيره غير ذي شأن, لا يمكن أن يقبله عقل المترجم المسلم وضميره، وسنعرض بعض ملاحظاتنا على ترجمة روبين مقارنة بالترجمات العبرية السابقة على النحو التالي:
أولاً: التزم روبين نهجا خاصاً به يقوم على عدم الالتزام بالترقيم الذي تحمله كل آية من آيات الذكر الحكيم في آخرها, بل وضع الترقيم في بداية الآية, وهو ما لم يفعله المترجمون السابقون له لمعاني القرآن الكريم.
ثانيا: اتفق روبين مع سابقيه في ترجمة أسماء بعض سور القرآن الكريم واختلف معهم في ترجمة أسماء سور أخرى وسنعرض لبعض الأمثلة على النحو التالي:
1- المائدة في (سورة المائدة):
اتفق ريفلين وبن شمش على ترجمة كلمة المائدة إلى المقابل العبري المباشر שולחן( )(شولحان)، أي المائدة أو المنضدة. أما روبين فاختار مقابلاً لكلمة المائدة مصطلحاً دينياً معروفاً في الكتابات الدينية اليهودية وهو שולחן ערוך( ) (شولحان عاروخ) والمعنى الحرفي لـ: (شولحان عاروخ) هو (المائدة المعدَّة أو الجاهزة). ولكن حدث أن تَقَمَّص هذا المصطلح بعدا دينياً خاصا باليهود فقط حين أطلقه الحاخام اليهودي (يوسف كارو) في عام 1565م اسماً على كتاب له وضعه في حينه وجمع فيه جميع الفرائض والفتاوى الدينية اليهودية. وعند ذكر هذا المصطلح بين اليهود يكون المقصود به هو كتاب يوسف كارو.
2 – الروم في (سورة الروم):
اختلف روبين عن سابقيه في ترجمة كلمة الروم. فبينما اتفق السابقون له على نقل الكلمة إلى العبرية بمنطوقها العربي( ), استخدم روبين مصطلح בני ביזנטיון( ) (بناي بيزنطيون) أي أبناء بيزنطة أو البيزنطيون.
3 – الأعراف في (سورة الأعراف):
ترجم روبين كلمة الأعراف إلى المصطلح العبري ממרום החומה( ) (ميمروم هاحوما) أي من أعلى السور أو الجدار. واكتفى ريفلين بكلمة מחיצה( ) (حوما) أي سور أو جدار. وابتعد بن شمش كثيرا ونقلها إلى الكلمة العبرية רכסים( ) (ريخاسيم) من المفرد (ريخس) أي سلسلة جبال أو صخور أو هضاب أو مكان كثير الصخور.
4 – فاطر في (سورة فاطر):
رغم وجود المقابل العبري المباشر لكلمة فاطر وهو בורא (بوريه) بالعبرية أي الخالق أو المبدع للكون, وهي كلمة وردت في الإصحاح الأول من سفر التكوين عن خلق الله للكون, فإن روبين ترجم الكلمة إلى الكلمة العبرية היוצר( ) (هايوتسير) بمعنى المنتج للشيء المادي أو الفني ولا تصلح لخلق الكون والبشر, وترجمها ريفلين إلى كلمة המלאכים( ) (ملآخيم) بالعبرية أي ملائكة, واستخدم بن شمش الكلمة نفسها מלאכים( ) (ملآخيم) عنوانا رئيساً للسورة مع إضافة عنوان بديل لها وهو הבורא (هابورية) أي الخالق من الفعل العبري ברא (بارا) أي خلق.
5- الطور في (سورة الطور):
اتفق كل من روبين وريفلين على ترجمة كلمة الطور إلى مقابلها بالعبرية הר (هار)( ) أي (جبل)، بينما نقلها بن شمش إلى العبرية אלטור( ) كما هي بمنطوقها العربي (الطور).
6– الجمعة في(سورة الجمعة):
ترجم روبين كلمة الجمعة إلى المقابل العبري في المدلول وليس في النطق أي יום הששי ( ) (يوم هشيشي) أي اليوم السادس من أيام الأسبوع، وهو اليوم السادس لخلق الكون كما ورد في العهد القديم. أما ريفلين فترجم الكلمة إلى كلمة קהל( ) (قاهل) العبرية أي الجمهور والحشد. وترجم بن شمش الكلمة إلىיום כינוס( ) (يوم كينوس) بالعبرية أي يوم التجمع والحشد.
7 – العلق في (سورة العلق):
نظراً لأنه ليس ثمة مقابل عبري للكلمة العربية, فقد ترجمها روبين إلى טפת הדם( ) أي ما معناه بالعبرية (نقطة دم) أو (قطرة دم). وترجمها ريفلين إلى הדם הנקפא( ) أي ما معناه (الدم المجمد)، أما بن شمش فترجمها إلى הדם הקרוש( ) أي ما معناه (الدم المتجلط).
8 – التكاثر في (سورة التكاثر):
ترجم روبين كلمة التكاثر إلى مصطلح عبري مكون من كلمتين تعنيان (السعي إلى تحقيق مغانم أو مكاسب)רדפת הבצע( ). وترجمها بن شمش إلى ما معناه (الجشع والطمع)חמדנות( ). وترجمها ريفلين إلى התאוה להרבות( ) أي (الرغبة الشديدة) التزايد في العدد.
9 – الإسراء (في سورة الإسراء):
نظراً لعدم وجود مقابل لها في العبرية فقد ترجمها روبين إلى ما معناه (الرحلة الليلية) המסע הלילי( ) وكذلك فعل ريفلين( ). أما بن شمش فترجمها إلى בני ישראל( ) (بناي يسرائيل) أي (أبناء إسرائيل).
ثالثا: ترجمة روبين لمصطلحات (جاهد وجِهاد) مقارنة بالترجمات السابقة
دخلت مصطلحات (جاهد ومجاهدون وجهاد) إلى المعاجم العبرية الحديثة مثل معجم سجيف( ). وقد اختلف روبين عن سابقيه في ترجمة هذه المصطلحات على النحو التالي:
أ – ترجمة مصطلح (جَاهَدَ):
ﮋ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭﮊ [التوبة: ١٩]
הסבורים אתם כי השק"ת עולי הרגל ושימור המסגד הקדוש שקולים בערכם למעשיו של המאמין באלוהים וביום האחרון והקם להיאבק למען אלוהים? אין הם שווים בעיני אלוהים, טאלוהים לא ינחה את קהל בני העוולה. (19)
- ترجم روبين مصطلح (جاهد) الوارد في الآية السابقة إلى הקם להאביק למען אלוהים( ) أي ما معناه (الذي هب للنضال أو للكفاح أو للدخول في صراع من أجل الله).
- ترجم بن شمش المصطلح بتصرف إلى ما معناه (الذاهب إلى حرب مقدسة) מלחמת מצווה למען אללה ( ).
- ترجم ريفلين المصطلح إلى ما معناه (الذي سيضحي بنفسه في حرب الله) ויחרף נפשו במלחמת אלוהים( ).
ب- ترجمة مصطلح (جِهاد):
ﮋ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮊ [التوبة: ٢٤]
אמור אם אבותיכם ובניכם ואחיכם ונשיכם וקרובי משפחתכם והנכסים אשר עשיתם לכם ועסקאות המסחר אשר תחששו פן יצאו לפועל והמשכנות הנעימים לכם אם כל אלה אהובים עליכם יותר מאלוהים ומשליחו ומן המאבק למענו כי אז המתינו עד אשר יקים אלוהים את דברו אלוהים לא ינחה את קהל הפושעיו (24)().
- ترجم روبين مصطلح (جِهاد) إلى (كفاح من أجله) המאבק למענו ( ) أي (من أجل الله).
- ترجم بن شمش المصطلح إلى ما معناه (حرب مقدسة من أجل الله) מלחמת מצווה למען אללה( ).
- ترجم ريفلين المصطلح إلى (من يضحي بأرواحكم في حروبه) أي (في حروب الله) ומחרף נפשכם במלחמתו( ).
(يلاحظ أن ريفلين استخدم الكلمة العبرية נפשכם (نفشيخم) أي (أرواحكم) بدلاً من נפשו (نفشو) أي (روحه)
رابعا: ترجمة روبين لمصطلح (شهداء) مقارنة بالترجمات السابقة:
رغم أن مصطلحات (شهيد שהיד ومستشهد משתהד واستشهاد)השתהדות ومعهما مصطلح (انتفاضة) אינתפאדה قد دخلت المعجم اليومي العبري وباتت مستخدمة في أجهزة الإعلام, وفي الشارع الإسرائيلي بعد تفجر انتفاضة الأقصى( )، فقد اختلف المترجمون اليهود في ترجمة مصطلح (شهداء) على النحو التالي:
ﮋ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇﮈ ﮉ ﮊ ﮋﮊ [النساء: ٦٩] הנשמעים לאלוהים ולשליחו אלה יהיו עם הנביאים והצדיקים והעדים והישירים אשר אלוהים נטה להם חסד מה טובה חברתם של אלה(69).
- ترجم روبين مصطلح (شهداء) إلى (الشاهدين) העדים( ) من الكلمة العبرية עד أى الشاهد من (شهِد) وليس من الفعل (استشهد).

- ترجم بن شمش (شهداء) إلىהנהרגים במלחמת מצווה ( ) أي (الذين يقتلون في حرب مقدسة).
- ترجم ريفلين (شهداء) إلى (الذين قتلوا من أجل إعلاء اسم أو قدسية الله) הנהרגים על דקושת שמו( ).
خامسا: قضية تشكيل ترجمة معاني القرآن الكريم
ترجمة ريفلين هي الوحيدة بين الترجمات العبرية الأربع التي صدرت بتشكيل كامل للنص, أما الترجمات الأخرى ومنها ترجمة روبين فقد صدرت بدون تشكيل إلا في بعض الكلمات التي يختلف معناها باختلاف التشكيل. ويحدث ذلك رغم تمسك اليهود جميعا بضرورة تشكيل نص التوراة وأسفار العهد القديم الأخرى. فتشكيل النص القرآني المترجمة معانيه إلى اللغة العبرية, يضمن عدم الخطأ في قراءته, وبخاصة من جانب الطبقات غير المتخصصة أو من جانب الشباب أو العاملين في أجهزة الإعلام المختلفة. وقد طالب الكثير من الدارسين الإسرائيليين بضرورة تشكيل تراجم معاني القرآن الكريم وأي كتب دينية إسلامية أخرى تترجم إلى اللغة العبرية من أجل الحفاظ على روح النص المترجم ورونقه وجماله، كما أن جميع الترجمات العبرية للعهد الجديد (الأناجيل) والتي أنجزت منذ منتصف القرن التاسع عشر وحتى اليوم حافظت على تشكيل هذا النص المسيحي المقدس, ولذلك طلب الكاتب الإسرائيلي (مئير بار اشير) من أوري روبين أن يراعي تشكيل أي طبعة جديدة يصدرها في المستقبل لترجمته هذه لمعاني القرآن( ).
سادسا: روبين واستخدامه لغة عبرية مبسطة
اللغة العبرية التي صاغ بها أوري روبين ترجمته لمعاني القرآن الكريم, سهلة القراءة للمتلقي الإسرائيلي, إلا إنها لا تجاري بلاغة النص القرآني ورصانته وعمقه، وأدى ذلك ـ إلى جانب خلو النص المترجم من التشكيل ـ إلى تحويل ترجمة معاني القرآن الكريم إلى ما يشبه الكتاب العادي الذي يقرؤه الإنسان في رحلاته وسفرياته. حقا، جاءت ترجمة روبين متمشية مع عصر العولمة وانفتاح العبرية أمام دخول تراكيب لغوية مستقاة من اللغات الأجنبية المختلفة، إلا إنه عندما يتصل الأمر بكتاب مقدس مثل القرآن الكريم فلا يليق استخدام مستوى لغوي وأسلوبي مسترسل ومبسط للتعبير عن معاني القرآن الكريم. وقد ذكرت عالمة اللغويات الإسرائيلية (ياعيل لوتن) في تعقيبها على الأسلوب الذي انتهجه روبين وعلى المستوى اللغوي الذي استخدمه، أن اللغة العبرية الحالية التي تخضع لتأثيرات العولمة وتتلقى العديد من المصطلحات والكلمات الأجنبية, اقتربت من وضع اللغة الشعبية المشوهة( ).
سابعا: روبين بين الالتزام بالنص القرآني وبين الترجمة بتصرف
لا يستطيع أحد إلزام المترجم (غير المسلم) لمعاني القرآن الكريم بالالتزام الدقيق بالنص القرآني عند الترجمة, كما أن طبيعة النص القرآني وبلاغته, والاختلاف بين طبيعة اللغة العربية وبين اللغة الأخرى التي تنقل إليها معاني القرآن الكريم, قد تدفع بعض المترجمين إلى عدم الالتزام الدقيق بالنص الأصلي من خلال البحث عن أسلوب أسهل للترجمة. وظاهرة عدم الالتزام بالنص العربي للقرآن الكريم موجودة في جميع الترجمات العبرية دون استثناء. وعدم الالتزام هذا يزيد أو يقل لدى هذا المترجم أو ذاك بحسب درجة إتقانه للغة العربية, ومدى استيعابه وفهمه الصحيح للتفاسير القرآنية, وبحسب المستوى اللغوي العبري الذي يستخدمه.
وهذه ظاهرة بحثها المتخصصون في العلوم القرآنية وفي الدراسات الإسلامية في إسرائيل, وخلصوا إلى الرأي القائل بأن أفضل الترجمات التي تقترب من المستوى اللغوي القرآني البليغ هي ترجمة ريفلين الذي لم يلجأ إلى شرح مضامين الآيات مثلما فعل بن شمش, واقترب منه روبين وإن اختلف عن سابقه كما سبق أن ذكرنا, في الالتزام بترجمة معاني كل آية على حدة, وإن وضع رقم الآية في أولها وليس في آخرها.
ومن خلال قراءة ترجمة روبين في الفترة القصيرة التي انقضت منذ صدورها, يمكن ملاحظة وتحديد المنهج الذي سار عليه في ترجمته والذي أشرنا إلى بعض تفاصيله في صفحات سابقة. ولكن ما يلفت النظر أن روبين ابتعد في أحيان كثيرة عن الالتزام الدقيق بوضع الكلمة داخل النص القرآني بسبب انحيازه إلى المستوى اللغوي السائد الآن في إسرائيل والذي لا يسعفه في مجاراة بلاغة النص القرآني.
فمن المعروف أن اللغة العبرية تأثرت خلال العقدين الماضيين بحركة ترجمة نشطة وواسعة من لغات العالم إلى العبرية, كما تأثرت بالمستوى الصرفي والنحوي الذي يميز اللغة الإنجليزية بصورة خاصة, والذي تسلل إلى الكتب الدراسية في إسرائيل وإلى أجهزة الإعلام المختلفة وأدى إلى ظهور مستوى لغوي عبري شائع الاستعمال بين الطبقات المختلفة ويقوم على التخلي عن كثير من قواعد اللغة العبرية. وقد برز هذا بصورة واضحة في أعقاب الهجرة الروسية الواسعة التي جلبت إلى إسرائيل - منذ تفسخ الاتحاد السوفيتي سابقا وحتى الآن - ما يزيد على مليون وربع مليون مهاجر لا يعرف غالبيتهم اللغة العبرية واضطروا إلى تعلمها في إسرائيل وأخذوا الآن يشاركون في الحياة الثقافية بأسلوبهم العبري الذي نجحوا في اكتسابه خلال السنوات الماضية, والتعبير به في أشكال عديدة من الكتابات, ناهيك عن مئات الآلاف من المهاجرين الجدد إلى إسرائيل من الجمهوريات المسلمة في الاتحاد السوفيتى سابقًا ومن أثيوبيا وغيرها, الذين لا تعرف غالبيتهم اللغة العبرية, وأصبحت الشكوى العامة في إسرائيل الآن هي كيف السبيل إلى إعادة العبرية إلى سابق ما كانت عليه قبل عصر العولمة؟
ومن أمثلة التحلل من الكثير من قواعد اللغة العبرية: التخلي عن بعض أشكال تصاريف الأفعال, وبخاصة ما يتصل منها بتصريف الأفعال في حالات التذكير وفي حالات التأنيث في صيغة الجمع, حيث يستخدم الفعل الخاص بجمع المذكر مع جمع المؤنث في تصريفه في المستقبل, واستخدام صيغة الفعل الحالي أو المضارع الحالي للتعبير به عن حدث وقع في الماضي وهو ما وضح في أسلوب روبين, وكذلك استخدام المصدر اللامي بكثرة بتأثير من لغة الصحافة اليومية ولغة الشارع الإسرائيلي. ومن الأمثلة التي تتكرر على امتداد ترجمة روبين, وتدل على عدم التزامه بزمن الفعل العربي كما ورد في النص القرآني عند نقل معانيه إلى العبرية ما ورد مثلاً في قوله تعالى: ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﮊ [البقرة: ١١٣]
היהודים אומרים אמונת הנוצרים אין בה ממש והנוצרים אומרים אמונת היהודים אין בה ממש בעודם קוראים את הספר כדברים האלה יגידו גם אלה אשר דבר לא ידעו וביום תחית המתים ישפוט אלוהים ביניהם בכל אשר נחלקו בו (113).
أسلوب روبين في ترجمة الأفعال الواردة في الآية:
في هذه الآية سبعة أفعال تدل على أزمنة مختلفة وهي:
1 – وقالت اليهود: فعل ماض, صاغه روبين في زمن الحاضر أو الزمن الحالي في العبرية אומרים (أومْريم) يقولون بدلا من אמרו (أمْرو) من الكلمة العبرية אמר (آمر) أي قال, والفعل אומרים (أومريم) يعني أن القول يتم في هذه اللحظة.
2 – وقالت النصارى: ينطبق عليها ما ذكر مع الفعل السابق.
3 – يتلون الكتاب: ترجم كلمة يتلون إلىקוראים يقرؤون رغم وجود كلمة عبرية وهى הקראה أو, התגלות( ) تعبر عن معنى التلاوة.
4 – كذلك قال: نقل روبين صيغة الماضي التي وردت في الآية إلى صيغة المستقبل יגידו أي سوف يقولون, ولم يستخدم الفعل אמר (آمر) السابق واستخدم مرادفا له مشتقا من الفعل العبري הגיד( هِجيد) أي قال أو ذكر أو أخبر.
5 – لا يعلمون: ترجمها إلى زمن المستقبل في العبرية לא ידעו أي (سوف يعلمون) مؤكداً قصده هذا بتشكيل حرف الياء في بداية الكلمة بالكسرة الممالة (صيرية) وليس بالفتحة.
6 – يحكمישפוט: نقلها في صيغة المستقبل وهو بنفس المعنى المقصود في الآية.
7 – كانوا فيه يختلفون: حافظ على الزمن الخاص بالفعل (يختلفون) في الماضي נחלקו בו ولكن أسقط ترجمة (كانوا) وصاغ ترجمته إلى ما يعني (الذي اختلفوا فيه) رغم إمكانية صياغة المعنى وبنفس زمن الحدث مع الحفاظ على كلمة היו (كانوا) مفضلا أسلوب التبسيط والتسهيل المستخدم الآن في العبرية المعاصرة والذي يركز على توصيل المعلومة بأقل جهد, وهذا لا يناسب النص الديني ووجوب الحفاظ عليه.
وسار روبين على امتداد ترجمته على هذا المنوال.
وإذا كان التسهيل في الاستخدامات اللغوية هو الاتجاه المسيطر الآن على الحياة الثقافية واليومية في إسرائيل, إلا أن هذا لا يجب أن يطبق على ترجمة معاني القرآن الكريم، وهو أيضا ما يرفضون تطبيقه على نص التوراة وبقية أسفار العهد القديم, بل ولا يفعلون ذلك عند ترجمتهم للأناجيل المسيحية إلى العبرية كما ذكرنا.

الخاتمة
مما سبق عرضه, يمكن القول: إن صدور ترجمة جديدة لمعاني القرآن الكريم إلى العبرية -وهي الترجمة الرابعة المنشورة والثامنة من مجمل الترجمات العبرية لمعاني القرآن الكريم المنشورة وغير المنشورة- يعكس مدى الاهتمام اليهودي بالدراسات القرآنية والإسلامية قبل وبعد قيام إسرائيل. وهذا الاهتمام لا يبرز فقط في هذا العدد الكثير من ترجمات معاني القرآن الكريم, بل وفي إصدار سيل من الكتب والدراسات التي تتناول الإسلام والمسلمين وكتابهم المقدس الأول القرآن الكريم، وكذلك السنة النبوية والكتابات الإسلامية الأخرى. وقد تزايد هذا الاهتمام منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر، ومحاولة دمغ المسلمين بالإرهاب، والادعاء بأنه (إن لم يكن جميع المسلمين إرهابيين فإنَّ جميع الإرهابيين مسلمون).
وقد وضحت أصداء هذا التوجه في الترجمة الجديدة التي أنجزها روبين وسعي من خلالها إلى إعادة تفسير بعض المصطلحات والمفاهيم الإسلامية من خلال ربطها بأحداث سياسية شهدها العالم مؤخرا, مما يعني إسقاط نتائج بعض الأحداث السياسية على فهم معاني القرآن الكريم.
حقاً اتفق روبين مع بعض الترجمات السابقة في العديد من الأمور, ولكن اختلف معها في أمور أخرى, كما أوضحنا في صفحات سابقة, ولكنه ارتكب بعض المآخذ المقصودة مثل:
أولا: صاغ روبين ترجمته لمعاني القرآن الكريم بلغة عبرية مبسطة لتلبية احتياجات المتلقي اليهودى, مما أدى إلى ابتعاد الترجمة عن شكل النص القرآني وروحه. وهو ما حاول ريفلين تلافيه لأنه كان حريصاً على مراعاة هذا البعد البلاغي للقرآن الكريم في ترجمته, حتى إنه استعان بشاعر العبرية الأول (حاييم نحمان بيالق) ليراجع معه صياغة أجزاء من ترجمته.
وإذا كان روبين قد استفاد من النقد الذي وجه إلى الأسلوب الذي استخدمه بن شمش في ترجمته, القائم على عدم الالتزام بالتقسيم والترقيم المتعارف عليه لآيات القرآن الكريم وقيامه بشرح المعاني المجملة الواردة في كل خمس آيات وبلغة مبسطة, فإن ما ذكره بعض الدارسين الإسرائيليين من بلورة روبين لرداء لغوي جديد حاول عن طريقه الموازنة بين استخدام لغة العهد القديم وبين اللغة العبرية الدارجة, لم يزد على استخدام ما أسماه عديد من اللغويين الإسرائيليين أيضا (لغة مهجنة ومبسطة) وهذا لا يتوافق في رأينا مع قداسة النص القرآني, ولذلك نأخذ بما ذكره بعض الدارسين الإسرائيليين من أن روبين أراد أن يثبت أن اللغة العبرية قادرة على استيعاب معاني القرآن الكريم، وأنها ليست مهددة بالفناء كما يتنبأ بعض الدارسين الإسرائيليين الآخرين، ولكنه فشل في ذلك.
ثانيا: تخلى روبين, دون مبرر, عن الترقيم المعروف لآيات القرآن الكريم, ووضع رقم كل آية في أولها وليس في نهايتها, مما جعله يختلف في ذلك عن جميع سابقيه.
ثالثا: أضفى روبين أبعادا سياسية على العديد من المصطلحات والمفاهيم الدينية, وبخاصة المصطلحات ذات البعد الديني الإسلامي مثل: (المجاهدون) و(الشهداء) (جمع شهيد). وفعل ذلك أيضا عند ترجمته لأسماء بعض السور القرآنية.
رابعا: صاغ روبين ترجمته بشيء من التصرف واتباع الأسلوب الأدبي القائم على التقديم والتأخير في ترجمته للنص القرآني, متناسيا أن ذلك قد يقبل في الترجمات الأدبية والإبداعية ولكن لا يقبل عند ترجمة النصوص المقدسة, حيث إن لوضع كل كلمة داخل الجملة غاية معينة, ولا يمكن فهم النص بصورة سليمة عند تطبيق أسلوب التقديم والتأخير عليه.
خامسا: لم يشكل روبين ترجمته لمعاني القرآن الكريم, وهو في هذا سار في نفس الطريق الذي انتهجه بن شمش وريكندروف, واختلف عن النهج الذي طبقه ريفلين الذي تمسك بتشكيل النص المترجم على يديه. وما يمكن أن نقوله في هذا الشأن: إنه ربما يظهر من يقول بأنه ليس في ذلك أي ضرر طالما جاءت الترجمة سليمة بقدر الإمكان, ولكن مع النص القرآني يفضل الالتزام بالتشكيل لضمان قراءته بصورة سليمة, وهذا ما يحدث مع اليهود حين يتمسكون بتشكيل نص التوراة وبقية أسفار العهد القديم المتداول الآن بينهم, وما طبق أيضاً في ترجمة الأناجيل المسيحية إلى العبرية، وقد طالب بعض الدارسين اليهود روبين بمراعاة تشكيل ترجمته لمعاني القرآن الكريم عند إعادة طبعها.
سادسًا: تختلف تجربة ترجمة معانى القرآن الكريم إلى اللغات الأجنبية عامة والعبرية خاصة عن ترجمة الأعمال الأدبية,والتاريخية, والسياسية وغيرها. فإذا كان من المتفق عليه صعوبة ترجمة الكتابات الدينية بصورة عامة وترجمة معانى القرآن الكريم بصورة خاصة؛ لأنه إذا كانت الترجمة عملية أو تجربة تشدها أيادي النظريات المختلفة, فإن ترجمة معاني القرآن الكريم مهمة صعبة؛ نظرًا لقدسية النص القرآني وبلاغته وعمق معانيه. ومن هنا فإن ترجمة معاني القرآن الكريم إلى أي لغة أجنبية تصطدم ليس فقط بنظريات الترجمة المختلفة, ولكن تصطدم أيضًا بمحظورات لا يمكن تجاهلها عند التعامل مع نص القرآن الكريم( ).
كما يجب الإشارة إلى بعد آخر في الترجمة وهو بعد (التأويل)؛ نظرًا لأن النقل المطابق من لغة إلى أخرى هو ضرب من المستحيل( ). فالتأويل أو النقل غير الدقيق لمعاني القرآن الكريم إلى لغة أخرى وفي مقدمتها اللغة العبرية سيوقع المترجم في أخطاء عديدة، وهذا ما وقعت فيه جميع الترجمات العبرية لمعاني القرآن الكريم.

التوصيات
ومن النتائج السابقة نصل إلى التوصية بتشجيع أي مؤسسة عربية إسلامية تعمل على ترجمة معاني القرآن الكريم إلى العبرية, وكذلك ترجمة العديد من الكتب والدراسات العربية التي تقدم للعالم الصورة الصحيحة والسليمة عن الإسلام والمسلمين, خاصة أن هناك نهماً شديداً داخل إسرائيل وبين يهود الخارج وغير اليهود أيضًا في قراءة كل ما يتصل بالإسلام والمسلمين.
مع التوصية أيضًا بمتابعة وتجميع وفهرسة العديد من الكتابات المعتدلة التي تصدر عن مفكرين وباحثين يهود وغير يهود وترجمتها إلى العربية حيث تجمع مع كتابات ودراسات مشابهة لمفكرين مسلمين ليعاد بثها مترجمة للآخرين بلغات العالم الرئيسة, ولاسيما مع التزايد المستمر في أعداد اليهود وغير اليهود الذين يعتنقون الإسلام. ويمكن تنظيم ندوة من المتخصصين لوضع خطة العمل التي يمكن تنفيذها في هذا المجال.

المصادر والمراجع
أولا: مصادر باللغة العربية:
1- القرآن الكريم
ثانيًا: مراجع باللغة العربية:
1- د. أحمد النيفر: قدسية القرآن وجدل الوحي والتاريخ, قراءة في تعطل منظومة الثقافة الإسلامية. مجلة حوار العرب, بيروت, العدد السادس, مايو 2005م, ص 18.
ثالثًا: مصادر باللغة العبرية:
1- צבי חיים ריקנדורף: המקרא והקוראן, ליפציג 1857م.
2- יוסף יואל ריבלין: אלקוראן, הוצאת דביר,תל אביב, הדפסה שלישית 1937م.
3- אהרון בן שמש: הקוראן, ספר הספרים של האסלאם. הוצאת ספרים קרני.תל-אביב. מהדורה שניה 1987م.
4- אורי רובין: הקוראן. הוצאת לאור, אוניברסטת תל-אביב 2005م.
رابعًا: المراجع العبرية:
1- אסף זילנגר: נערה ברעלה ספנימייה בציונית, עתון הארץ2003/11/17م.
2- גדעוןגלעדי:הרמוניהביןיהודיםומוסלמיים-www.e.mogo.co.il
3- חוה לצרום יפה: עוד שיחות על דת האשלאם, משרד הבטחון,תל-אביב 1985م.
4- דניאל פיפס: אסלאם אינו השטן. عرض في موقع:
http: he. Dainelpipes
5- דניאל פיפס:ללמוד את הקוראן. ניו יורק סאן 2004/1/20م. عرض في موقع: http: he. Dainelpipes
6- רוביק רוזנטל: התינוק הישראלי באמבטיה העברית, כתב העת פנים, גליון 20,אביב 2002م.
7- מאיר בר-אשר: מתמסכים עם האסלאם. העתון הארץ 2005/6/15م.
8- מנחם בן: מי משמיץ את ד"ר בן שמש?. העתון מעריב 2005/10/27م.
9- יואב שטרן: אללה העניק את פלשתין ליהודים. העתון הארץ 11/29/ 2004م.
10- יוסף סדן: על 800 שנה של תרגום הקוראן, הספר שאסור לתרגמו. העתון הארץ9/11 /2005م.
11- יעל לוטן: העברית כאופציה אחרת, העתון הארץ 11/30/ 2004م.
خامسًا: دوائر معارف:
1- האנציקלופדיה העברית: כללית, יהודית ארצישראלית. ירושלים תל-אביב 1988, ערך "קוראן".
2- Encyclopedia of the Quran مادة Chronologly
سادسًا: رسائل جامعية:
1- د. سمير فرحات شحاته: ترجمة بن شمش العبرية لمعاني سورة آل عمران: دراسة نقدية. رسالة دكتوراه غير منشورة, كلية الآداب، جامعة القاهرة 2003م.
سابعًا قواميس عبرية:
1- אברהם אבן שושן: המלון החדש 8 כרכים. הוצאת קרית ספר, ירושלים 1983م.
2- יהודה גור: מלון עברי, הוצאת דביר. תל-אביב:תשכ"ו.
3- דויד שגיב:מלון עברי-ערבי לשפה העברית בת זמננו. הוצאת Hebrew Arabic Dictionary Inc/ New York 1985.
ثامنًا: مواقع الانترنيت:
www.hagad.org.il
http:he.dainelpipes.org.
www.e.mogo.co.il
www.tau.ac.il
htt://he.wikindia.org/wiki

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك