مواقف المستشرقين من جمع القرآن الكريم ورسمه

مواقف المستشرقين من جمع القرآن الكريم ورسمه وترتيبه ـ عرض ونقد ـ
إعداد
الدكتور أبو بكر كافي

المقدمة
إن هذا القرآن هو وحي الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وهو كتابه الخالد الذي تكفل بحفظه في حروفه وكلماته، وسوره وآياته، ﮋﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝﮊ [الحجر: ٩] وهو كتابه المعجز في نظمه وترتيبه، ومعانيه وأخباره، بما يدركه أهل الإيمان فيزدادون إيماناً، ويعزب عن أهل الكفر والجحود فيزدادون طغيانا ((وليعلم الذين أوتوا العلم......)) ولقد أدرك علماء المسلمين على مرّ الزمن سرّ ترتيب القرآن الكريم، وإعجازه في ذلك، وعرفوا دقة المنهج الذي سلكه الصحابة في جمع القرآن وتدوينه، بما لم يتح لكتاب غيره في الدنيا.
ولكن كثيراً من المستشرقين أرادوا التشكيك في المسلَّمات، ومناقشة البدهيات، متدثرين بالمنهج العلمي الموضوعي، وهم بعيدون كل البعد عنه، فألقوا شبهاتهم حول جمع القرآن وتدوينه، وترتيب سوره وآياته، محاولين بثّ الشك حول هذا الكتاب الخالد، وزعزعة الثقة به في نفوس المسلمين، ولكن باءت محاولاتهم بالفشل، وأُسقط في أيديهم، وتساقطت شبهاتهم أمام أسوار الحق المنيعة ﮋ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮊ [الأنبياء: ١٨] ولقد أردنا أن نتناول في هذا البحث موقف هؤلاء المستشرقين من جمع القرآن وتدوينه وترتيبه عارضين شبهاتهم في ذلك متعقبين لها بالرد والتفنيد بمنهج علمي موضوعي بعيداً عن التهويل والاتهام ضمن المطالب الآتية:
- تمهيد: أهمية الموضوع.
- المطلب الأول: موقف المستشرقين من جمع القرآن وتدوينه، ونقده.
- المطلب الثاني: موقف المستشرقين من المصحف العثماني ونقده.
- المطلب الثالث: موقف المستشرقين من ترتيب القرآن ونقده.
- خاتمة.

تمهيد: أهمية الموضوع:
إن بحث هذا الموضوع من الأهمية بمكان؛ إذ هو يطرح مشكلة تاريخية للنص القرآني على بساط البحث، وإن كانت هذه المسألة محسومة عند علماء المسلمين، فقد تناولتها كتب التفسير وعلوم القرآن بالبحث والبيان، وكلها وصلت إلى نتيجة واحدة، لكنَّ طَرْحَها من طرف المستشرقين اتخذ منحى آخر اتسم بالتشكيك واعتماد النصوص الشاذة، والروايات الضعيفة والواهية، مما كان نتيجته مواقفَ مريبةً حول توثيق النص القرآني بما يفتح المجال واسعا للشك في صحة القرآن، أو في وجود عناصر أجنبية عنه تسربت إليه بسبب تأخر تدوينه، أو بدائية الوسائل المستعملة، أو ضعف المنهج المعتمد. أو غير ذلك.

المطلب الأول: موقف المستشرقين من جمع القرآن وتدوينه
للمستشرقين آراء كثيرة حول تدوين القرآن الكريم وجمعه، تتسم بالغرابة والشذوذ والبعد عن المنهج العلمي، ولا نستطيع أن نستقصي كل أقوالهم في ذلك، ويمكن أن نلخص مزاعمهم فيما يلي:
- ادعاء غموض تاريخ القرآن.
- عدم صحة الروايات الواردة في الجمع.
- ادعاء تأخر تدوين القرآن الكريم.
- ضياع فقرات من القرآن.
- ادعاء وجود أشياء في القرآن ليست منه.
والآن نقوم بالنقد العلمي والرد الموجز على كل شبهة من هذه الشبهات، بذكر رأي المستشرقين وسياقه بنصه أولا، ثم نقده وبيان مكمن الضعف فيه.
أولا: ادعاء غموض تاريخ القرآن:
يقول أ.ت ويلش: ((إن تاريخ القرآن بعد وفاة محمد لا يزال غير واضح، وإن إعداد النسخة الرسمية أو القانونية للقرآن مر بثلاث مراحل عبر تطورها، يصعب وضع تاريخ محدد لكل منها، وإن الاعتقاد السائد بين المسلمين هو أن القرآن كان محفوظا بطريقة شفهية، ثم كتب أثناء حياة النبي - صلوات الله وسلامه عليه - أو بعد موته بقليل، عندما جُمع ورُتب لأول مرة بواسطة الصحابة، ثم ظهرت النسخة الإمام أو المصحف الإمام في عهد الخليفة عثمان بن عفان -رضي الله عنه-))( ).
إن هذا الادعاء لا أساس له من الصحة وهو إن دلّ على شيء فإنما يدل على قصور علم هؤلاء المستشرقين وقلة اطلاعهم على المصادر الإسلامية، أو كتمانهم الحقائق العلمية الناصعة، فعلماء المسلمين قد بحثوا هذا الموضوع في كتب الحديث وعلوم القرآن والتاريخ، بل قد أفرده بعضهم بالتصنيف المستقل، ومع ذلك يحاول هؤلاء المستشرقون إعادة كتابة تاريخ القرآن، ولكن بمنهج غير الذي كتب به على أيدي العلماء الأمناء مع اعترافهم بعجزهم وقلة اطلاعهم.
وفي هذا الصدد يقول ويلش: ((ومن جانبنا فإننا نلاحظ أن مهمة إعادة كتابة تاريخ القرآن ليست سهلة، بل هي أكثر تعقيداً في الحقيقة؛ وذلك لأن المصادر القديمة تحتوي على الآلاف من الأشكال النصية المختلفة، والتي لا توجد في أي مخطوط يعرفه المستشرقون))( ).
ثانيا:ادعاء عدم صحة الروايات الواردة في الجمع.
ويشكّك ويلش في الروايات الواردة في موضوع الجمع فيقول: ((إن المسلمين قبلوا هذه الروايات على أنها صحيحة تاريخيا، وأن ما فيها حق لاشك فيه، مع أن هناك مشكلات صعبة تحوط بها، حيث توجد روايات أخرى في كتب الأحاديث المعتمدة تناقض موضوع هذا الحديث))( ).
أما المستشرقان كتاني وإسكواللي فيشككان في صحة واقعة اليمامة التي كانت سبباً في جمع القرآن قائلين بأن عدد الذين استشهدوا في هذه الموقعة من الحفاظ الذين ذكرتهم المصادر قليل، وهذا يعني أن خبر واقعة اليمامة لا يصلح أن يكون سبباً لانزعاج عمر، ودعوته لجمع القرآن، ولذلك فإن إسكواللي يذكر أن الذين استشهدوا من الحفاظ من الصحابة في موقعة اليمامة كانوا اثنين فقط( ).
ولم يشذ هذان المستشرقان في التشكيك في هذا الأمر بل نجد مستشرقين آخرين يُبدون تشككهم من أن تكون وقعة اليمامة هي التي قدمت الداعي إلى جمع القرآن ومن هؤلاء بروكلمان( ).
ويشتط ((برتون)) إلى حد الذهاب إلى أن مجموع الروايات الخاصة بجمع القرآن من وضع الخيال، وأن دور زيد بن ثابت رضي الله عنه البارز في هذه العملية إنما اخترع اختراعا، لأنه كان يكتب للنبي وهو شاب، وأنه كان من أواخر من مات من الصحابة( ).
كما يزعم ((برتون)) ومعه المستشرق ((شخت)) أن علمي الحديث والفقه قد أثرا في عملية تزايد عدد الروايات الخاصة بجمع القرآن، كما يدعي أن هذه الروايات كانت من صنع المحدِّثين والفقهاء بغرض تأييد ما ذهبوا إليه من القول بالناسخ والمنسوخ( ).
إن الروايات الواردة في موضوع الجمع كثيرة، فيها ما هو صحيح في أعلى درجات الصحة، وفيها ما هو دون ذلك، وفيها الضعيف الواهي، والمنهج العلمي يقضي بالأخذ بالصحيح وتَرْك الضعيف والواهي، أو التوفيق بين الأخبار الصحيحة الثابتة. ولكن كثيراً من المستشرقين شكّكوا فيما هو صحيح ثابت دون أدنى دليل علمي كما وقع لكتاني وإسكواللي وبروكلمان من التشكيك في أن تكون وقعة اليمامة هي الدافع لجمع القرآن في زمن الخليفة أبي بكر بالرغم من ورود القصة في أوثق كتب الحديث وهو صحيح البخاري( ).
وفيه أن القتل قد استحرَّ بالقراء يوم اليمامة. وتفيد بعض المصادر أن عدد القراء الذين قتلوا في هذه الموقعة أربعمئة وخمسون من نحو ألف( )، ومع ذلك فإن إسكواللي يزعم أن الذين استشهدوا من الحفاظ من الصحابة في موقعة اليمامة كانوا اثنين فقط( ).
كما أن كثيرا منهم عَوَّلوا على الاختلاف بين الروايات في حديث جمع القرآن دون أدنى محاولة للجمع أو التوفيق بين الروايات كما فعل ويلش، مع أن الكثير من هذه الروايات ضعيف، وعلى فرض صحته فيمكن التوفيق بينه وبين ما صَحَّ. فمن ذلك ما أخرجه ابن أبي داود من طريق الحسن أن عمر بن الخطاب سأل عن آية في كتاب الله، فقيل: كانت مع فلان، قُتل يوم اليمامة فقال:إنا لله وأمر بجمع القرآن، فكان أول من جمعه. فهذا الحديث إسناده منقطع، وعلى فرض صحته، يكون المراد بقوله: أول من جمعه، أي أشار بجمعه( ).
وخلاصة موقف المستشرقين من روايات الجمع إنما هو المبالغة في الشك والافتراض، وإنكار الحقائق الثابتة، واعتماد الضعيف والشاذ.
ثالثا: ادعاء تأخر تدوين القرآن
يرى كثير من المستشرقين أن الآيات القرآنية لم تقيد بالكتابة تحت رقابة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ولا هو ضمّها ضمن مجموع كامل، بل اكتفى فقط قبيل وفاته بالإعلان عن نهاية الوحي، الذي امتدَّ سنوات طويلة، وتمَّ تبليغه نجوماً حسب المناسبات. وأن كتابة بعض المقاطع من القرآن كانت بمبادرة بعض الصحابة تدريجيا وبوسائل بدائية لم يتم التدوين الرسمي لها إلا في عهد عثمان. وفيما يلي عرض تفصيلي لمواقف أبرز المستشرقين الذين تناولوا هذه المسألة بالبحث:
أ/غوستاف لوبون: تحدث عن القرآن الكريم حديثا مليئا بالأخطاء العلمية مما يدل على جهله أو تجاهله بحقيقة القرآن الكريم وتاريخه إذ يقول: ((القرآن هو كتاب المسلمين المقدس، ودستورهم الديني والمدني والسياسي الناظم لسيرهم، وهذا الكتاب المقدس قليل الارتباط مع أنه أنزل وحيا من الله على محمد، وأسلوب هذا الكتاب - وإن كان جديراً بالذكر أحيانا - خال من الترتيب فاقد السياق كثيرا، ويسهل تفسير هذا لدى النظر في كيفية تأليفه فقد كتب تبعاً لمقتضيات الزمن بالحقيقة، فإذا ما اعترضت محمداً معضلة أتاه جبريل بوحي جديد حلاًّ لها، ودوَّن ذلك في القرآن، ولم يُجمع القرآن نهائيا إلا بعد وفاة محمد. وبيان الأمر أن محمداً كان يتلقى في حياته عدة نصوص عن الأمر الواحد، فلما انقضت عدة سنين على وفاته حمل خليفته الثالث على قبول نص نهائي مقابلا بين ما جمعه أصحاب الرسول، والقرآن مؤلف من مئة وأربع عشرة سورة وكل سورة مؤلفة من آيات، ومحمد هو الذي يتحدث فيها باسم الله على الدوام))( ).
ب/سوردال: يزعم هذا المستشرق أن الآثار الإسلامية نفسها تدل على عدم قيد الآيات القرآنية بالكتابة تحت رقابة النبي محمد، ولا هو ضمّها ضمن مجموع كامل، بل اكتفى فقط قبيل وفاته بالإعلان عن نهاية الوحي، الذي امتدَّ على فترة سنوات طويلة، وتم تبليغه نجوما حسب الاقتضاءات.
ومبادرة بعض الصحابة هي وحدها التي تفسر تدوين مختلف المقاطع تدريجيا وبطريقة غير منتظمة وبأدوات بدائية مختلفة، انصرف عنها التسجيل في نسخ إلى ذاكرة بعض الحفظة، وكان لابن عباس وعلي وأبي مصاحف خاصة، وأما المصحف الرسمي فقد اعتُمِد على عهد عثمان وبأمره، وأرسلت منه نسخ إلى دمشق والكوفة والبصرة ومكة، وإن كان أهل الكوفة أعلق بمصحف ابن مسعود المشهور ببعض اختلافاته( ).
ج/بلاشير:يرى أن التدوين لم ينشأ إلا بعد الهجرة إلى المدينة( ).
وهذه المزاعم كلُّها لا تقف أمام الروايات الصحيحة الثابتة الدالة على أن القرآن الكريم قد تمَّ تدوينُه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فقد اتخذ النبي صلى الله عليه وسلم عددا من الصحابة يدوّنون ما ينـزل عليه من القرآن ويعرف هؤلاء بـ ((كتَّاب الوحي)) وقد وصف هذا الجمع زيد بن ثابت رضي الله عنه فقال: ((كنا عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نُؤَلِّف القرآن من الرِّقاع))( ) أي: نجمعه لترتيب آياته من الرقاع.
وما رواه البخاري( ) عن ابنِ شهاب أنّ ابن السبّاق قال: «إنّ زيد بن ثابت قال: أرسل إليّ أبو بكر رضي الله عنه قال: إنك كنتَ تكتُب الوحيَ لرسول الله صلى الله عليه وسلم, فاتّبعِ القرآن. فتَتَبّعْتُ حتى وجدتُ آخِر سورةِ التوبةِ آيتين مع أبي خُزيمَةَ الأنصاريّ لم أجِدهما مع أَحَدٍ غيره ﮋﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕﮊ إلى آخرِه.
وما رواه البخاري( ) أيضا عن البَراء قال: «لما نَزَلَت: ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕﮊ [النساء: 95] قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: ادعوا فلانا، فجاءه ومعه الدواةُ واللوحُ _أو الكتف_ فقال: اكتب ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﮕ ﮊ ...الحديث.
فهذه النصوص وغيرها تبين أن تدوين القرآن كان بأمر من الرسول صلى الله عليه وسلم، ولم يكن بمبادرة من الصحابة، كما أنها تبيِّن أن الرسول كان حريصا على تدوين كل ما ينـزل عليه من الوحي ولو كان بعض آية. وهذا لا ينفي أن بعض الصحابة كانوا يدونون القرآن أو بعضا منه تدوينا شخصيا خاصا بهم. إذاً فالآثار الإسلامية واضحة وصريحة في أن التدوين وقع بأمر الرسول وعِلْمه ورقابته خلاف ما يدعيه سوردال وغوستاف لوبون وغيرهم.
وأما ادعاؤهم أن الخليفة الثالث هو الذي حمل الناس على قبول نص نهائي مقابلا بين ما جمعه أصحاب الرسول، فهذا الادعاء غير صحيح بل هو محض افتراء على عثمان، فلم يفعل إلا ما فيه الخير للأمة، وبمحضر من الصحابة ورضاً منهم، ولم يكن معتمده فيما قام به هو المقابلة بين ما دوَّنه الصحابة في مصاحفهم بل قد رجع إلى النسخة الأصلية التي جُمِعت في عهد أبي بكر مما دوّن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، والآثار الإسلامية الثابثة واضحة في هذا الموضوع، ولكن يأبى هؤلاء المستشرقون إلا المغالطة والتلبيس، وسنكتفي بإيراد أصح ما ورد في هذا الموضوع مما ذكره الإمام البخاري رحمه الله.
قال-متحدثا عن جمع القرآن في عهد أبي بكر-: ((حدّثنا موسى بن إسماعيل عن إبراهيمَ بن سعدٍ حدّثَنا ابنُ شهاب عن عُبيد بن السّبّاق «أن زيد ابن ثابت رضي الله عنه قال: أرسل إليّ أبو بكر الصديق مَقتلَ أهلِ اليَمامة, فإذا عُمرُ بن الخطابِ عنده. قال أبو بكر رضي الله عنه: إنّ عمر أتاني فقال: إنّ القتل قد اسْتَحَرّ يومَ اليمامة بقُرّاءِ القرآن، وإنّي أخْشى أن يستحرَّ القَتلُ بالقرّاءِ في المَواطن فيَذهب كثيرٌ من القرآن إلا أن تجمعوه، وإنّي لأَرى أن تجمع القرآن. قال أبو بكر: قلت لِعُمرَ: كيف نفعَلُ شيئاً لم يفعله رسولُ الله صلى الله عليه وسلم؟ قال عُمر: هذا والله خيرٌ. فلم يَزلْ عُمرُ يُراجِعُني حتى شرحَ الله صدري لذلك، ورأيت في ذلك الذي رأى عُمر. قال زيد: قال أبو بكر: إنك رجلٌ شابٌ عاقِل لا نَتهِمُك، وقد كنتَ تكتُبُ الوحيَ لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَتَتَبّعِ القرآن فاجمعْه. فواللّهِ لو كلَّفُوني نَقْل جَبَل من الجبال ما كان أثقلَ عليّ ممّا أمرني به مِن جمع القرآن. قلت: كيف تفعلان شيئا لم يَفعله رسولُ الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: هو واللّهِ خيرٌ. فلم يَزَلْ أبو بكر يُراجعني حتى شَرَحَ الله صَدري للذي شرح له صدرَ أبي بكر وعُمر رضي الله عنهما. فتَتَبّعت القرآنَ أَجمعُه منَ العُسُبِ واللِّخاف وصُدور الرّجال، حتى وجدْتُ آخِرَ سُورة التّوبة مع أبي خُزَيمة الأنصاريّ لم أَجِدْهما معَ أَحَدٍ غيره( ) ﮋﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕﮊ [التوبة: ١٢٨] حتّى خاتمة بَراءةَ، فكانت الصُحفُ عند أبي بكر حتى توفَّاه الله، ثم عند عُمَر حياتَه، ثم عند حَفْصَة بنْتِ عُمر رضي الله عنهما))( ).
ويروي صفة الجمع الذي وقع في عهد عثمان فيقول: ((حدّثنا موسى حدّثَنا إبراهيمُ حدّثنا ابنُ شِهاب أنّ أنسَ بن مالكٍ حدّثهُ «إنّ حُذيفَةَ بن اليَمان قَدِم على عثمانَ, وكان يُغازي أهلَ الشام في فتح إرمينيَةَ وأَذَرْبيجَانَ مع أهل العِراق, فأَفزَعَ حُذَيفَةَ اختِلافُهُم في القراءة, فقال حذَيفةُ لعثمانَ: يا أميرَ المؤمنين أدرِكْ هذه الأمّة قبل أن يختَلِفوا في الكتاب اختلافَ اليهود والنّصارى. فأرسل عثمانُ إلى حفصةَ أن أرسِلِي إلينَا بالصّحُف نَنسَخُها في المصاحِف، ثم نرُدّها إليك. فأرسلَت بها حفصةُ إلى عثمانَ، فأَمَرَ زيدَ بن ثابت وعبدَ الله بن الزّبير وسعيدَ بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام، فَنَسَخوها في المصاحف, وقال عثمان للرّهطِ القُرَشِيّين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيدُ بن ثابت في شيءٍ من القرآنِ، فاكتبوه بلسانِ قريش، فإنما نَزَلَ بلسانهم، ففعلوا. حتى إذا نَسخُوا الصحُفَ في المصاحف ردّ عثمانُ الصحفَ إلى حفصةَ، فأرسل إلى كل أُفق بمصْحَفٍ ممّا نسخوا، وأَمَرَ بما سِواهُ من القرآن في كلّ صحيفة أو مصحَفٍ أن يُحرَق))( ).
رابعا: ضياع فقرات من القرآن.
ويرى المستشرق نولدكه أن أجزاء من القرآن قد ضاعت، فيضع في كتابه ((تاريخ القرآن)) هذا العنوان الواضح: ((الوحي الذي نزل على محمد ولم يحفظ في القرآن)).
وهذا ما تبناه المستشرقان اللذان كتبا مادة القرآن بدائرة المعارف؛ إذ ورد فيها: ((إنه مما لاشك فيه أن هناك فقرات من القرآن قد ضاعت))( ).
وهذا الزعم قديم يعود في أصله إلى الروافض الذين يزعمون أن القرآن قد تعرض للتحريف، ونقصت منه آيات كثيرة تدل على ولاية علي وأحقِّيته بالخلافة، وغير ذلك( ). واستدلوا لذلك بروايات ساقطة وأخبار موضوعة ملفقة، وقد استعمل هؤلاء المستشرقون أغلب هذه الروايات، ففتحوا الباب لأمثال هؤلاء الملاحدة للطعن في صحة القرآن وسلامته من التبديل.

خامسا: ادِّعاء وجود أشياء في القرآن ليست منه.
ومن أبرز المستشرقين الذين بحثوا هذا الموضوع المستشرق الألماني نولدكه في كتابه ((تاريخ القرآن)) وفيه آراء كثيرة بعيدة عن المنهج العلمي، منها ادعاؤه أن فواتح السور ليست من القرآن، وإنما هي رموز لمجموعات الصحف التي كانت عند المسلمين الأولين قبل أن يوجد المصحف العثماني، فمثلا حرف الميم كان رمزاً لصحف المغيرة، والهاء لصحف أبي هريرة، والصاد لصحف سعد بن أبي وقاص، والنون لصحف عثمان، فهي إشارة لملكية الصحف وقد تركت في مواضعها سهواً، ثم ألحقها طول الزمن بالقرآن فصارت قرآنا))( ). وهذا الزعم مردود لعدة أمور( ):
أولا:إن زيدا رضي الله عنه لم يكن يجمع القرآن من نسخ كاملة، وإنما كان يجمعها من مواد مختلفة كالعظام والجريد واللخاف، فأيُّ ورقة أوجريدة أو عظمة كانت تحمل هذه الحروف؟
ثانيا:إن هذا الرأي لا يستند إلى أي دليل أو رواية صحيحة، حتى الروايات الضعيفة التي أولع بها المستشرقون لم يرد فيها شيء من هذا لا تصريحاً ولا تلميحاً.
ثالثا:لم يُجب هؤلاء المستشرقون عن تساؤل مهم وجوهري في هذا الموضوع، وهو لماذا وُضِعَتْ هذه الحروف في أوائل هذه السور دون غيرها، ولماذا لهذا العدد من السور بالتحديد؟
رابعا:إن هذه الحروف بهيئاتها لا تتطابق مع الأسماء التي اقترحها المستشرقون، فالزبير لا يرمز له بـ((الر)) لذلك استعمل ويلش حرف((Z)) بدلا من حرف ((R)) الذي وضعه نولدكه وهيرشفليد في دعواهم أن ((الر)) رمز للزبير.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى إن الأسماء التي اقترحها المستشرقون لم تكن معروفة بحيازة مصاحف، في الوقت الذي أهمل فيه هؤلاء المستشرقون ذكر أشهر الصحابة الذين عُنوا بحفظ القرآن وجمعه وتدوينه كابن مسعود، وعلي بن أبي طالب وأبيّ بن كعب وغيرهم.
خامسا: إن هذه الطريقة لم تكن معروفة عند العرب، ولم تكن من عادتهم في توثيق أشعارهم وخطبهم.
فهذا كله يبين ضعف نظرية نولدكه، ومع ذلك قد وَجَدَتْ ترحيبا كبيراً في الأوساط الاستشراقية، وظلت هي السائدة في الكتابات الغربية وقتاً طويلاً؛ لأن هذا الرجل يعد شيخ المستشرقين الألمان من غير مدافع، ويعد كتابه من أهم المصادر الغربية في دراسة هذا الموضوع، وعليه اعتمد معظم المستشرقين وتابعوه في كثير من آرائه التي لا يؤيدها المنهج العلمي الصحيح.

المطلب الثاني: المصحف العثماني في نظر المستشرقين
يرى المستشرق ماسي أن المصحف العثماني قد تعرض للتحوير لأسباب ثلاثة: يُرجعها إلى أخطاء الناسخين، واحتفاظ القراء بالدروس القديمة للنص في ذاكرتهم، وضعف الخط العربي وانعدام الدقة فيه، واشتباه كثير من الحروف قبل الإعجام( ).
ويقول جولد زيهر: ((فلا يوجد كتاب تشريع اعترفت به طائفة دينية اعترافا عقديا، على أنه نص منـزّل موحى به، يقدم نصه في أقدمِ عصورِ تداوله مثل هذه الصورة من الاضطراب، وعدم الثبات، كما نجد في نص القرآن))( ). ويقول عن سبب اختلاف القراءات: ((... فاختلاف تحلية هيكل الرسم بالنقط، واختلاف الحركات في المحصول الموحد الغالب من الحروف الصامتة كانا هما السبب الأول في نشأة حركة اختلاف القراءات، في نص لم يكن منقوطا أصلا، أولم تتحرَّ الدقة في نقطه وتحريكه))( ).
ولن نخوض في الرد على هؤلاء فيما يتعلق بشبهاتهم حول القراءات وكون الرسم سببا في نشأتها فقد كفانا العلماء مؤونة ذلك( )، ولكن سنتكلم على كون النص القرآني في المصاحف العثمانية الأولى قد تعرض للتحوير والاختلاف الشديد والاضطراب وعدم الثبات بسبب ضعف الخط العربي القديم أو بأخطاء الناسخين الشعورية منها كعدم تحري الدقة في نقطه وتحركه أو غير الشعورية بسب تأثير النصوص المحفوظة في الذاكرة.
الاختلاف بين المصحف العثماني ومصاحف الصحابة:
من الأمور التي لها علاقة وطيدة بموضوع جمع القرآن ما يثيره المستشرقون من شبهات وتشكيك حول المصحف الذي جمعه سيدنا عثمان وأنه يخالف كثيرا مصاحف الصحابة، وأن عثمان فرض هذه النسخة من القرآن فرضا.
وقد تعددت المصاحف التي قيل إن الصحابة كتبوها، فهناك مصاحف منسوبة إلى: ابن مسعود، وأبيّ بن كعب، وعلي بن أبي طالب، وعبد الله بن عباس، وأبي موسى الأشعري، وأنس بن مالك، وعمر بن الخطاب، وزيد بن ثابت، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عمرو، وسالم مولى أبي حذيفة، وعبيد بن عمير، وأمهات المؤمنين: عائشة وحفصة وأم سلمة.
ومع أن هذه المصاحف -على فرض وجودها ومخالفتها للمصحف العثماني- فردية وخاصة، ومع أن من أصحابها من اشترك في الجمع العثماني، مثل أبيّ بن كعب، أو من المجمعين على ما فعل عثمان كعلي بن أبي طالب، فقد روي الكثير عن اختلاف هذه المصاحف عن مصحف عثمان( ).
وقد وجد هؤلاء المستشرقون في موضوع اختلاف المصاحف ميداناً واسعاً لزلزلة العقائد، وفتح باب الشكوك، لأنهم يعرفون أن الشك في نص يوجب الشك في آخر، فهم يُلِحّون في طلب روايات الاختلاف، وينقلونها من غير تحرز، ويؤيدونها غالبا، ولا ينقدون أسانيدها، ولا يلتفتون إلى آراء علماء المسلمين فيها.
فقد نشر ((ألفونس منجانا)) و((آجنس سميث)) في سنة 1914م كتابا بعنوان ((أوراق من ثلاثة مصاحف قديمة يمكن أن تكون سابقة للمصحف العثماني، مع قائمة بمافيها من اختلافات)) كما نُشِر لمنجانا كتابٌ باسم: ((ترجمة سريانية قديمة للقرآن تعرض آيات جديدة واختلافات))( ).
وأورد جولدزيهر في كتابه ((مذاهب التفسير الإسلامي)) الزيادات الموجودة في المصاحف الفردية غير مصحف عثمان( ).
وتوسع ((جفري)) في ذكر الاختلافات المنسوبة إلى العديد من المصاحف الفردية للصحابة، كما جمع الاختلافات المنسوبة إلى مصاحف من بعد الصحابة: التابعين فمن بعدهم، كما جمع الاختلافات المنسوبة إلى المصاحف المجهولة الأصحاب( ).
ومع أن بعض المستشرقين يعترفون أن بعض هذه الاختلافات تبدو مستحيلة من الناحية اللغوية، ويرون أن بعضها الآخر مما انتحله بعض اللغويين، فإنهم يصفون مصحف عثمان بأنه أقرب المصاحف إلى الأصل، ولا يقولون إنه الأصل نفسه( ).
وعلى فرض وجود هذه المصاحف، وأنها بقيت بعد المصحف العثماني قليلا أو كثيرا، فإنها لم تظفر بما ظفر به هذا الأخير من إجماع الصحابة وثقتهم وأخذهم بما تضمنه من الأوجه والقراءات.
وقد أجاب العلماء بأن تلك المصاحف الفردية ربما تضمنت ما كانت روايته آحاداً، وما نُسخت تلاوته، وما لم يكن في العَرْضة الأخيرة، وأنه اختلطت فيها أحيانا الألفاظ القرآنية بالشرح وبيان التأويل، وهذه المصاحف المنسوبة للصحابة قد ثبت أن عثمان قد أمر بإحراقها على ملأ من الصحابة وبموافقتهم.
ضعف الخط العربي القديم:
يزعم ماسي وجولد زيهر أن الخط العربي لم يُتَحَرَّ الدقة فيه مما أدى إلى اختلاف المصاحف العثمانية فيما بينها. وهذه الدعوى غير صحيحة لأمور:
أولا: إن اختلاف مرسوم المصاحف قام على أساس اختلاف القراءات المروية عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وكان مقصوداً، ولم يكن خطأ. قال الإمام أبو عمرو الداني: ((فإن سأل سائل عن السبب الموجب لاختلاف مرسوم هذه الحروف الزوائد في المصاحف؟ قلت: السبب في ذلك عندنا أن أمير المؤمنين عثمان بن عفان-رضي الله عنه- لماَّ جمع القرآن في المصاحف، ونسخها على صورة واحدة، وآثر في رسمها لغة قريش دون غيرها مما لا يصح ولا يثبت، نظرا للأمة واحتياطا على أهل الملة، وثبت عنده أن هذه الحروف من عند الله عز وجل كذلك منـزَّلة، ومن رسول الله-صلى الله عليه وسلم- مسموعة، وعلم أنَّ جَمْعَها في مصحف واحد على تلك الحال غير متمكن إلا بإعادة الكلمة مرتين، وفي رسم ذلك كذلك من التخليط والتغيير للمرسوم ما لا خفاء به، ففرَّقها في المصاحف لذلك، فجاءت مثبتة في بعضها ومحذوفة في بعضها؛ كي تحفظها الأمة كما نزلت من عند الله عزَّ وجل وكما سمعت من رسول الله-صلى الله عليه وسلم- فهذا سبب اختلاف مرسومها في مصاحف أهل الأمصار))( ).
ثانيا:إن الاختلافات الثابتة بين المصاحف العثمانية من حيث الرسم قليلة:
فالاختلاف بين مصحفي الكوفة والبصرة كان في خمسة أحرف، وبين مصحف المدينة والعراق في اثني عشر حرفا، وبين مصحفي الشام والعراق في نحو أربعين حرفا( ).
ثالثا: وأمَّا تَرْكُ الشكل والنقط في كتابة النص القرآني فكان مقصودا هو الآخر ليحمل الرسم القراءات الصحيحة الثابتة وفي هذا يقول الحافظ ابن الجزري: ((ثم إن الصحابة رضي الله عنهم لما كتبوا تلك المصاحف جَرَّدوها من النقط والشكل ليحتمله مما لم يكن في العَرْضة الأخيرة مما صحَّ عن النبي-صلى الله عليه وسلم- وإنما أَخْلَوا المصاحف من النقط والشكل لتكون دلالة الخط الواحد على كلا اللفظين المنقولين المسموعين المتلوين شبيهة بدلالة اللفظ الواحد على كلا المعنيين المعقولين المفهومين))( ).
ثم إن الاعتماد لم يكن على المكتوب، بل الاعتماد في نقل القرآن على الحفظ لا على مجرد الخط( ). ولذلك كان سيدنا عثمان يبعث مع كل مصحف قارئاً، ولم يكتف بإرسال المصاحف وحدها( ).
أخطاء الناسخين:
يزعم المستشرقون كـ ((ماسي)) وغيره أنَّ المصحف العثماني تعرض للتحوير وأن من أسباب ذلك أخطاء الناسخين، ويتشبثون ببعض الآثار التي قد يُفهم منها وقوع أخطاء في تدوين القرآن الكريم، منها:
ما رواه الحارث بن عبد الرحمن، عن عبد الأعلى بن عبد الله بن عامر القرشي قال: لما فُرغ من المصحف أُتي به عثمان، فنظر فيه، فقال:قد أَحْسنتم وأجملتم، أرى فيه شيئا من اللحن، وستقيمه العرب بألسنتها( ).
وما رواه هشام بن عروة عن أبيه قال: سألت عائشة عن لحن القرآن ﮋ ﮊ وعن قوله:
ﮋ ﯿﰀﰂ ﰃﮊ وعن قوله: ﮋ ﯛ ﯜ ﯝﮊ فقالت: يا بن أختي، هذا عمل الكتاب أخطؤوا في الكتابة( )، وغيرها من الآثار.
وفي صحة هذه الآثار نظر، وعلى فرض صحتها فقد أجاب العلماء عن هذه الآثار وغيرها بأجوبة مقنعة لا يتسع المقام لذكرها( )، ومع ذلك فإنها مخالفة للمتواتر القطعي، ومعارض القطعي ساقط مردود، فلا يلتفت إليها، ولا يعمل بها.

المطلب الثالث: مواقف المستشرقين
من ترتيب القرآن
للمستشرقين آراء غريبة حول ترتيب سور القرآن الكريم وآياته، تناقض ما قرّره علماء المسلمين من توقيف الترتيب القرآني، وما ينطوي عليه ذلك الترتيب من ترابط موضوعي وإعجاز بلاغي، إذ يزعمون أن ترتيب القرآن كان باجتهاد النبي أو الصحابة، ولا يرجع إلى تعيين النبي - صلى الله عليه وسلم – وتوقيفه المتلقّى عن الوحي أساساً، والهدف من طرح هذا الإشكال هو التشكيك في تعبدية النص القرآني، والطعن في ترابطه ووحدته وأسلوبه، ومن ثَمَّ ادِّعاء تعرضه للتصرف البشري الذي هو في حقيقة الأمر نوع من التحريف والتبديل. وفيما يلي عرض تفصيلي لمواقف أبرز المستشرقين الذين تناولوا هذه المسألة بالبحث:
هنري ماسي: يرى أن ترتيب سور القرآن وآياته إنما وضع بعد وفاة النبي( ) صلى الله عليه وسلم.
ويقول بروكلمان -متحدثا عن الجمع العثماني- :((إن زيداً رتب في هذا الجمع السور حسب طولها، وابتدأ بأطولها، بعد الفاتحة التي وضعها على رأس السور كلها، وعلى هذا المنوال جمع القرآن أيضا أبي بن كعب، والمقداد ابن عمرو، وعبد الله بن مسعود، وأبو موسى الأشعري...))( ).
جاك بيرك: قام مؤخرا بترجمة للقرآن الكريم وكتب لها مقدمة أثار فيها قضايا كثيرة، منها ما أثاره المستشرقون فيما مضى حول بنية النص القرآني أهو مصنوع أم منـزَّل؟ فيقول بهذ الصدد: ((إنه وَفْقاً للمصادر التراثية فإن تدوين القرآن قد بدأ مع بداية الرسالة وسرعان ما أدى ذلك إلى تجميعات، وقد ظلَّتْ هذه المحفوظات مجزأة، فقد كان المسلمون يرون أن ذاكرة الرواة أكثر صدقاً من الوثائق، وذلك نظراً للأهمية التي تضفيها هذه المجتمعات على الصوت الآدمي، ولم تتم عملية التدوين النهائية من مختلف المصادر إلا في عهد عثمان، ذلك الوقت الذي شهد أحداثا اجتماعية هائلة، وكان العمل الذي حظي بالموافقة الرسمية يلتزم الترتيب الذي أقره الرسول، كما أنه لم يتم الاهتمام في البداية إلا بأطول سبع سور))( ).
ويؤكد ((بيرك)) أنه لا يمكن البتُّ في هذا الموضوع، لأن الأحاديث غير كاملة ولا تعطي درجة المصداقية المطلوبة.
ويرى ((بيرك)) أن المصحف لا يتبع الترتيب الزمني للنـزول، بل تجاوزت المسألة أكثر من ذلك، حتى إننا نجد داخل السورة نفسها آيات أو فقرات نزلت في أوقات مختلفة، وإن كان ذلك لا يثير أدنى قلق على العقيدة الإسلامية... ومن ذلك تتسع المسافة بين النـزول والترتيب لدرجة التناقض( ).
ويؤكد ((بيرك)) في موضع آخر أن عدم التوافق ليس دائم الوجود؛ إذ إن التاريخ والترتيب يلتقيان أحيانا في السور من لقمان إلى فصلت، ولا شك أن هذه التوافقات توضح وجود ترتيب قرآني يكشف عن تركيبه وتفرده الذي يمثل طابعه الحر))( ).
ومن هذا المنطلق يرى نولدكه ضرورة ترتيب القرآن وفق ترتيب النـزول، وقام بمحاولة في هذا الصدد معتمدا في ذلك على كتاب أبي القاسم عمر بن محمد بن عبد الكافي من رجال القرن الخامس( ).
ومع ذلك يرى المستشرق الفرنسي بلاشير وفق الوضع الراهن للنص القرآني استحالة ترتيب القرآن بحسب النـزول لأنه لا يوفر ترتيباً دقيقاً وموضوعيا، ويرى ضرورة العدول عن هذا المنهج إلى منهج آخر، يراعى فيه ترتيب القرآن حسب المراحل والموضوعات، مما يهيئ وحدة نفسية وتاريخية أنسب بالترجمة وأكثر ملاءمة، وقراءة أيسر وأجمل في ظن الغرب( ).

المطلب الرابع: نقد موقف المستشرقين
من ترتيب القرآن
أما بالنسبة لترتيب آيات القرآن الكريم فإنه لا خلاف بين العلماء أن ذلك توقيفي بأمر الرسول - صلى الله عليه وسلم- وفيما يلي عرض لأقوال العلماء وأدلتهم في ذلك:
قال السيوطي: ((الإجماع والنصوص المترادفة على أن ترتيب الآيات توقيفي لا شبهة في ذلك، وأما الإجماع فنقله غير واحد منهم الزركشي في ((البرهان)) وأبو جعفر بن الزبير في ((مناسباته))، وعبارته: ترتيب الآيات في سورها واقع بتوقيفه صلى الله عليه وسلم وأمره من غير خلاف في هذا بين المسلمين انتهى. وسيأتي من نصوص العلماء ما يدل عليه))( ).
وأما النصوص فمنها( ): حديث زيد السابق: كنا عند النبي نؤلف القرآن من الرِّقاع.
ومنها: ما أخرجه أحمد بإسناد حسن عن عثمان بن أبي العاص قال: كنت جالسا عند رسول الله إذ شَخَصَ ببصرِه ثم صَوَّبه، ثم قال: ((أتاني جبريل فأمرني أن أضع هذه الآية بهذا الموضع من هذه السورة: ﮋ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂﮊ [النحل: ٩٠] إلى آخرها.
ومنها: ما أخرجه البخاري عن ابن الزبير قال: قلت لعثمان: ﮋﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕﮊ [البقرة: ٢٣٤] قد نسختها الآية الأخرى فَلِمَ تكتبها أو تدعها؟ قال: يا بن أخي لا أغير شيئا منه من مكانه.
ومنها: ما رواه مسلم عن عمر قال: ما سألت النبي عن شيء أكثر مما سألته عن الكلالة حتى طعن بإصبعه في صدري وقال: ((تكفيك آية الصيف التي في آخر سورة النساء)).
ومنها: الأحاديث في خواتيم سورة البقرة.
ومنها: ما رواه مسلم عن أبي الدرداء مرفوعا: ((مَنْ حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عُصم من الدجال)) وفي لفظٍ عنده ((من قرأ العشر الأواخر من سورة الكهف)).
ومن النصوص الدالة على ذلك إجمالاً: ما ثبت من قراءته لسور عديدة كسورة البقرة وآل عمران والنساء في حديث حذيفة، والأعراف: في صحيح البخاري أنه قرأها في المغرب. و ((قد أفلح)): روى النسائي أنه قرأها في الصبح، حتى إذا جاء ذكر موسى وهارون أخذته سعلة فركع. والروم: روى الطبراني أنه قرأها في الصبح، و((ألم تنـزيل)). و((هل أتى على الإنسان)) روى الشيخان: أنه كان يقرؤهما في صبح الجمعة. و((ق)): في صحيح مسلم أنه كان يقرؤها في الخطبة. و((الرحمن)): في المستدرك وغيره أنه قرأها على الجن. و((النجم)): في الصحيح قرأها بمكة على الكفار وسجد في آخرها. و((اقتربت)): عند مسلم أنه كان يقرؤها مع (ق) في العيد والجمعة. و((المنافقون)): في مسلم أنه كان يقرأ بهما في صلاة الجمعة، و((الصف)): في المستدرك عن عبد الله بن سلام أنه قرأها عليهم حين أنزلت حتى ختمها، في سور شتى من المفصل تدل قراءته لها بمشهد من الصحابة أن ترتيب آيها توقيفي، وما كان الصحابة ليرتبوا ترتيبا سمعوا النبي يقرأ على خلافه فبلغ ذلك مبلغ التواتر.
وقال مكي وغيره( ): ترتيب الآيات في السور بأمرٍ من النبي، ولما لم يأمر بذلك في أول براءة تركت بلا بسملة.
وقال القاضي أبو بكر في الانتصار: ((ترتيب الآيات أمر واجب وحكم لازم، فقد كان جبريل يقول: ضَعُوا آية كذا في موضع كذا)).
وقال -أيضا-: ((الذي نذهب إليه أن جميع القرآن الذي أنزله الله وأمر بإثبات رسمه ولم ينسخه ولا رفع تلاوته بعد نزوله هو هذا الذي بين الدفتين الذي حواه مصحف عثمان، وأنه لم ينقص منه شيء، ولا زِيد فيه، وأن ترتيبه ونظمه ثابت على ما نظمه الله تعالى ورتبه عليه رسوله من آي السور لم يُقَدَّم من ذلك مُؤخَّر ولا أُخِّر منه مقدَّمٌ، وإن الأمة ضبطت عن النبي ترتيب آي كل سورة ومواضعها وعرفت مواقعها، كما ضبطت عنه نفس القراءات وذات التلاوة... وأخرج عن ابن وهب قال: سمعت مالكا يقول: ((إنما ألف القرآن على ما كانوا يسمعون من النبي صلى الله عليه وسلم)).
وقال البغوي في ((شرح السنة)): ((الصحابة رضي الله عنهم جمعوا بين الدفتين القرآن الذي أنزله الله على رسوله من غير أن زادوا أو نقصوا منه شيئا خوف ذهاب بعضه بذهاب حفظته، فكتبوه كما سمعوا من رسول الله من غير أن قدَّموا شيئا أو أخَّروا أو وضعوا له ترتيبا لم يأخذوه من رسول الله، وكان رسول الله يلقِّن أصحابه ويعلِّمهم ما نزل عليه من القرآن، على الترتيب الذي هو الآن في مصاحفنا بتوقيف جبريل إياه على ذلك، وإعلامه عند نزول كل آية أنَّ هذه الآية تكتب عقب آية كذا في سورة كذا. فثبت أن سعي الصحابة كان في جمعه في موضع واحد لا في ترتيبه، فإن القرآن مكتوب في اللوح المحفوظ على هذا الترتيب أنزله الله جملة إلى السماء الدنيا ثم كان ينـزله مفرقا عند الحاجة، وترتيب النزول غير ترتيب التلاوة)).
وقال ابن الحصار: ((ترتيب السور ووضع الآيات مواضعها إنما كان بالوحي. كان رسول الله يقول: ضعوا آية كذا في موضع كذا، وقد حصل اليقين من النقل المتواتر بهذا الترتيب من تلاوة رسول الله ومما أجمع الصحابة على وضعه هكذا في المصحف)).
هذا ما يقوله علماء المسلمين، وهذه أدلتهم من الصحة والوضوح بما لا يرتاب معه مرتاب، إلا مَنْ طمس الله على قلبه، وجعل على بصره غشاوة.
وأمَّا ما يقوله هؤلاء المستشرقون بهذا الصدد فهو لا يستند إلى أي دليل علمي يمكن مناقشته وبحثه، فما عندهم إلا التشكيك الهدمي لا الشك العلمي القائم على القرائن والملابسات المقبولة والموضوعية.
بيدَ أن كثيراً من هؤلاء المستشرقين وجدوا في اختلاف أقوال علماء المسلمين في موضوع ترتيب سور القرآن الكريم متّكأ يستندون إليه في شبهاتهم لأن للعلماء في ترتيب سور القرآن ثلاثةَ آراء:
الأول:أن ترتيب السور على ما هي عليه في المصحف الآن توقيفي، وأنه لم توضع سورة مكانها إلا بأمر من الرسول عن جبريل عليه السلام عن الله تعالى كترتيب الآيات سواء بسواء، وقد ذهب إلى هذا جماعة من العلماء منهم: أبو بكر الأنباري قال: ((أنزل الله القرآن كله إلى سماء الدنيا ثم فرقه في بضع وعشرين فكانت السورة تنـزل لأمر يحدث والآية جوابا لمستخبر ويوقف جبريل النبي على موضع الآية والسورة فاتساق السور كاتساق الآيات والحروف كله عن النبي فمن قدم سورة أو أخرها فقد أفسد نظم القرآن))( ).
وقال الكرماني في ((البرهان)): ((ترتيب السور هكذا هو عند الله في اللوح المحفوظ على هذا الترتيب وعليه كان يعرض على جبريل كل سنة ما كان يجتمع عنده منه وعرضه عليه في السنة التي توفي فيها مرتين، وكان آخر الآيات نزولا: ﮋ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽﮊ [البقرة:٢٨١] فأمره جبريل أن يضعها بين آيتي الربا والدين))( ).
وقال الطيبي: ((أنزل القرآن أوَّلا جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا، ثم نزل مفرَّقاً على حسب المصالح، ثم أثبت في المصاحف على التأليف والنظم المثبت في اللوح المحفوظ))( ).
قال أبو جعفر النحاس: ((المختار أن تأليف السور على هذا الترتيب من رسول الله؛ لحديث واثلة: ((أعطيت مكان التوراة السبع الطوال))، الحديث. قال: فهذا الحديث يدل على أن تأليف القرآن مأخوذ عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه من ذلك الوقت وإنما جمع في المصحف على شيء واحد؛ لأنه قد جاء هذا الحديث بلفظ رسول الله على تأليف القرآن))( ).
قال ابن الحصار: ((ترتيب السور ووضع الآيات مواضعها إنما كان بالوحي))( ). وقال ابن حجر: ((ترتيب بعض السور على بعضها أو معظمها لا يمتنع أن يكون توقيفياً)) قال: ((ومما يدل على أن ترتيبها توقيفي ما أخرجه أحمد وأبو داود عن أوس بن أبي أوس حذيفة الثقفي، قال: كنت في الوفد الذين أسلموا من ثقيف... الحديث. وفيه: فقال لنا رسول الله: طرأ علي حزبي من القرآن فأردت ألا أخرج حتى أقضيه، فسألنا أصحاب رسول الله قلنا: كيف تحزبون القرآن؟ قالوا نحزبه: ثلاث سور وخمس سور وسبع سور وتسع سور وإحدى عشرة وثلاث عشرة وحزب المفصل من ق حتى نختم.
قال: فهذا يدل على أن ترتيب السور على ما هو في المصحف الآن كان على عهد رسول الله. قال: ويحتمل أن الذي كان مرتباً حينئذ حزب المفصل خاصة بخلاف ما عداه))( ).
قال السيوطي: ((ومما يدل على أنه توقيفي كون الحواميم رُتبت ولاء، وكذا الطواسين، ولم ترتب المسبحات ولاء، بل فُصل بين سورها، وفُصل بين طسم الشعراء وطسم القصص بطس مع أنها أقصر منهما، ولو كان الترتيب اجتهادياً لذكرت المسبحات ولاء وأُخرت طس عن القصص))( ).
الثاني: ترتيب السور اجتهادي من فعل الصحابة رضي الله عنهم.
قال ابن فارس: ((جمع القرآن على ضربين:أحدهما تأليف السور كتقديم السبع الطوال وتعقيبها بالمئين فهذا هو الذي تولَّته الصحابة، وأما الجمع الآخر وهو جمع الآيات في السور فهو توقيفي تولاه النبي صلى الله عليه وسلم كما أخبر به جبريل عن أمر ربه. ومما استدل به لذلك اختلاف مصاحف السلف في ترتيب السور فمنهم مَنْ رتَّبها على النـزول، وهو مصحف عليّ، كان أوله: اقرأ ثم المدثر ثم ن ثم المزمل ثم تبت ثم التكوير، وهكذا إلى آخر المكي والمدني. وكان أول مصحف ابن مسعود: البقرة ثم النساء ثم آل عمران، على اختلاف شديد وكذا مصحف أُبيّ وغيره( ).
الثالث:أن ترتيب بعض السور كان توقيفيا وبعضها كان باجتهاد من الصحابة.
قال الزركشي في ((البرهان)): ((والخلاف بين الفريقين لفظي؛ لأن القائل بالثاني يقول: إنه رمز إليهم بذلك؛ ليعلمهم بأسباب نزوله ومواقع كلماته، ولهذا قال مالك: إنما ألفوا القرآن على ما كانوا يسمعونه من النبي صلى الله عليه وسلم. مع قوله بأن ترتيب السور باجتهاد منهم. فآل الخلاف إلى أنه هل هو بتوقيف قولي أو بمجرد استناد فعلي بحيث بقي لهم فيه مجال للنظر، وسبقه إلى ذلك أبو جعفر بن الزبير( ).
وقال البيهقي في ((المدخل)): ((كان القرآن على عهد النبي مرتباً سورُه وآياته على هذا الترتيب إلا الأنفال وبراءة( ).
ومال ابن عطية إلى أنَّ كثيراً من السور كان قد عُلم ترتيبها في حياته كالسبع الطوال والحواميم والمفصل، وأن ما سوى ذلك يمكن أن يكون قد فوض الأمر فيه إلى الأمة بعده( ).
وقال أبو جعفر بن الزبير: ((الآثار تشهد بأكثر مما نص عليه ابن عطية ويبقى منها قليل يمكن أن يجري فيه الخلاف كقوله: ((اقرؤوا الزهراوين البقرة وآل عمران)) رواه مسلم. وكحديث سعيد بن خالد: قرأ بالسبع الطوال في ركعة. رواه ابن أبي شيبة في مصنفه. وفيه: أنه كان يجمع المفصل في ركعة. وروى البخاري عن ابن مسعود أنه قال: في بني إسرائيل والكهف ومريم وطه والأنبياء: إنهن من العتاق الأُول وهنَّ من تِلادي. فذكرها نسقا كما استقر ترتيبها. وفي البخاري أنه كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه ثم نفث فيهما فقرأ قل هو الله أحد والمعوذتين( ).
وبعد استعراض هذه الأقوال وأدلتها نرى أن الرأي الراجح هو توقيف ترتيب أكثر سور القرآن الكريم، وما لم يَرِدْ دليلٌ على ترتيبه لا يعني أنه رتب بطريق الاجتهاد، فقد يكون ترتيبُه بدليل لم يصل إلينا.
وعلى كل حال، ومهما يكن من أمر، سواء كان هذا الترتيب الذي نجده في المصاحف بطريق التوقيف أو بطريق الاجتهاد، ثم أجمعت الصحابةُ عليه، ومضت الأمة على قبوله، فيجب التمسكُ به والإعراضُ عن الدعواتِ الزائفة لإعادة ترتيب المصحف حسب النـزول أو الموضوع، أو غير ذلك، مما يلهج به المستشرقون ومن يتبعهم، ولأن في ترتيب سوره معانيَ لا تقل عن معاني الترتيب في آياته، جَدَّ كثير من العلماء في استنباطها وتحصيلها، فالعدول عن هذا الترتيب مخالف للإجماع وفي ذلك مفاسد عظيمة( ).

خاتمة

هذه بعض مواقف المستشرقين حول جمع القرآن الكريم وترتيبه ورسمه، قد عرضناها من خلال هذه الورقة، وقد تجلَّى لنا ما تحمله هذه الآراء من بُعدٍ عن المنهج العلمي، وخروج عن الموضوعية، بل وجهل في كثير من الأحيان بعلوم الإسلام ومصادره، وغفلة عن طبيعة هذا الكتاب الكريم، وربانية مصدره، وتكفّل الله تعالى بحفظه، يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم، والله متم نوره ولو كره الكافرون. وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.

قائمة المصادر والمراجع

• الإتقان في علوم القرآن، جلال الدين السيوطي، دار المعرفة بيروت لبنان.
• الاستشراق والدراسات الإسلامية، الدكتور عبد القهار العاني، دار الفرقان للنشر والتوزيع –ط1- عمان الأردن.
• البرهان في علوم القرآن:بدر الدين الزركشي، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم-ط3-دار الفكر1400م.
• تاريخ الأدب العربي، كارل بروكلمان، ترجمة عبد الحليم النجار، الإدارة الثقافية بجامعة الدول العربية، القاهرة 1968.
• تاريخ القرآن، أبو عبد الله الزنجاني، لجنة التأليف والترجمة والنشر، القاهرة1935 م.
• الجمع الصوتي الأول للقرآن الكريم للدكتور لبيب السعيد-ط2-دار المعارف، مصر.
• دراسات في علوم القرآن، الدكتور فهد بن عبد الرحمن بن سليمان الرومي -ط1-مكتبة التوبة، الرياض المملكة العربية السعودية 1413هـ
• رسم المصحف العثماني وأوهام المستشرقين في قراءات القرآن الكريم دوافعها ودفعها، للدكتور عبد الفتاح إسماعيل شلبي.
• سمير الطالبين في رسم وضبط الكتاب المبين لعلي محمد الضباع
- ط1 - مصر، دت.
• صحيح البخاري، مع الفتح -ط1 -دار الريان للتراث، القاهرة 1407هـ-1986م.
• في رحاب القرآن الكريم الدكتور محمد سالم محيسن، مكتبة الكليات الأزهرية1400 م.
• القرآن الكريم من المنظور الاستشراقي دراسة نقدية تحليلية للدكتور محمد محمد أبو ليلة-ط1-دار النشر للجامعات مصر، سنة2002.
• القرآن وأوهام مستشرق لمحمد حسين أبو العلا-ط1- المكتب العربي للمعارف بمصر، دت.
• القراءات في نظر المستشرقين والملحدين للشيخ عبد الفتاح القاضي.
• محمد في مكة، وات مونتغومري، تعريب شعبان بركات، المكتبة العصرية.
• مذاهب التفسير الإسلامي، جولدتسيهر، ترجمة الدكتور عبد الحليم النجار، مكتبة الخانجي، القاهرة1374 هـ-1955 م.
• المستدرك على الصحيحين، الحاكم النيسابوري، دار الكتب العلمية.
• المقنع في رسم مصاحف الامصار للإمام أبي عمرو عثمان بن سعيد الداني، ت محمد الصادق قمحاوي، مكتبة الكليات الأزهرية القاهرة، دت.
• مناهج البحث في الإسلاميات لدى المستشرقين وعلماء الغرب: الدكتور محمد البشير مغلي رسالة ماجستير بجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية قسنطينة الجزائر1410-1990.
• مناهل العرفان في علوم القرآن للشيخ محمد عبد العظيم الزرقاني، ت فواز أحمد زمرلي-ط4-دار الكتاب العربي.
• النشر في القراءات العشر للحافظ أبي الخير محمد بن محمد الشهير بابن الجزري، دار الفكر.

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك