الرؤية الإسلامية لوسائل الإعلام

الرؤية الإسلامية لوسائل الإعلام
يحيى بن موسى الزهراني
إمام الجامع الكبير بتبوك

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له لا رب لنا سواه ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، خليل ربه ومصطفاه ، صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه ومن والاه . . أما بعد :
فأحييكم بتحية الإسلام : فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وأسأل الله تعالى أن يُحرم هذه الوجوه على النار ، وأن يسكنها دار القرار ، ويجنبها دار البوار ، إنه هو العزيز الغفار .
هذه المحاضرة من المحاضرات المهمة ، والتي ينبغي للعلماء وطلاب العلم ، أن يدندنوا حولها ، لأنها محور من محاور انتكاس الأمة اليوم ، فأسأل الله تعالى أن تحوز هذه الكلمات على رضاكم بعد رضى ربكم ومولاكم .
وبادئ ذي بدئ أقول إن الحديث سيكون عن وسائل الإعلام عامة ، والفضائيات والإنترنت خاصة ، فهي الهدف الرئيس في هذه الندوة .
يقول أحد الصحفيين : إن وسائل الإعلام العربية ستتوالد كما تتوالد الأرانب ، وستفتح برامج الحوارات أبوابها للصراخ حتى يطل الصباح ، وبرامج المنوعات سينطبق عليها مثلنا العربي الشهير (ما بعنا بالكوم إلاّ اليوم ) ، أما البرامج الثقافية فستختفي من الشاشات ويحل مكانها منوعات غربية وتفتح أبوابها مثل الصيدليات المناوبة . وصدقت توقعاته بلا شك ، وأضم صوتي إلى صوته .
فأخطر ما يواجه به المسلمون اليوم ذلك الغزو الوافد إلينا عن طريق وسائل الإعلام من قنوات تلفزيونية فضائية ، وإنترنت وغيرها ، فهو غزو جديد غزانا به الأعداء في عقر دارنا ، وهذا الغزو لا يحتاج إلى طائرات ولا دبابات ، ولا قنابل ولا مدرعات ، غزو ليس له في صفوف الأعداء خسائر تذكر ، فخسائره في صفوفنا نحن المسلمين ، إنه غزو الشهوات ، غزو الكأس والمخدرات ، غزو المرأة الفاتنة ، والراقصة الماجنة ، والشذوذ والفساد ، غزو عبر الأفلام والمسلسلات ، والأغاني والرقصات ، وإهدار الأعمار بتضييع الأوقات . إنه غزو لعقيدة المسلمين في إيمانهم بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره .
إن موضوع وسائل الإعلام كالفضائيات والإنترنت ، لهو موضوع هام وعظيم ، ومنزلق كبير ، ومنعطف خطير ، فالفضائيات قد أطاحت ببيوتات كثيرة ، ومزقت عفاف كثير من البنات ، وهتكت كثيراً من الأعراض ، ولطختها بالأوحال ، فلا نغالط أنفسنا فما هي إلا جلسة عتاب ومودة ، بكل شفافية وموضوعية ، لبيان وإيضاح بعض ما يعرض في تلك الوسائل الإعلامية من خير وشر ، حتى نكون منصفين لا مجحفين ، فلا ننكر أن هناك برامج تبثها تلك الوسائل فيها من الفائدة ، لكن حقيقة لو وضعنا خيرها وشرها في ميزان العدل ، لرجحت كفة ميزان الشر على الخير بأضعاف مضاعفة .
وقد قسمت الموضوع إلى ستة أقسام :
القسم الأول : أعذار المشاهدين لوسائل الإعلام .
القسم الثاني : أخطار وسائل الإعلام .
القسم الثالث : أقوال العلماء في وسائل الإعلام .
القسم الرابع : حقائق وأرقام عن وسائل الإعلام .
القسم الخامس : قصص مؤثرة عن وسائل الإعلام .
القسم السادس : خلاصة الحكم الشرعي أو الرؤية الإسلامية في وسائل الإعلام .
وإليكم بيان تلك الأقسام مختصرةً لعدم الإطالة ، لأن الكلام سيكون في عجالة ، ولئلا ينسي آخره أوله ، فأقول وبالله التوفيق :

القسم الأول : أعذار المشاهدين :
قد يتعذر بعض المسلمين بأعذار واهية واهنة أوهن من بيت العنكبوت ، في باطنهم يعترفون بسوء تصرفهم ، وبخطورة إدخال [ وسائل الإعلام الفتاكة ] إلى منازلهم ، وفي ظاهرهم وأمام الغير يكابرون ويعاندون ، ويظهرون حسن تصرفهم ، والله عز وجل يقول : " يخربون بيوتهم بأيديهم " ، ويقول تعالى : " يُصب من فوق رؤوسهم الحميم " ، ولعلنا نستعرض بعض الأعذار ونرد عليها ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً ، فمن تلك الأعذار :

العذر الأول / استماع نشرات الأخبار :
نشرات الأخبار التي تبث في تلك القنوات ، ما هي إلا فخ وكمين وقع فيه الكثير من المسلمين ، ثم لاذوا بالفرار بعدما وقع ما لم يكن في الحسبان ، من مآس وفضائح انتشرت بين الناس ، فأخذت الألسن تلوك أخبار ، من وقعوا ضحية لتلك الوسائل وتتناقل سيرهم ، ثم أقول : ما هي نسبة البرامج الإخبارية بالنسبة لذلك الزخم الكبير ، والكم الهائل من البرامج الماجنة والفاضحة الأخرى ، التي كل واحدة منها أدهى وأمر ممن سبقتها ، ثم هل الأخبار التي يدعي مشاهدتها الكثير من المسلمين ، هل تخلو من امرأة تقدمها ؟ والجواب أنها لا تخلو من امرأة تذيعها وتبثها ، فمن أباح لك أن تشاهد امرأة لا تحل لك ، أأنت المشرع أم الله ؟ أأنت من يحلل ويحرم أم الله ؟ لا شك أن الله تعالى هو المشرع هو من يأمر وينهى ، هو من يحل ويحرم سبحانه بيده الملك وهو على كل شيء قدير ، وهو الحكيم الخبير ، هو الحكيم بما ينفع عباده ، ولا تغفل أبداً عن أن الأخبار دائماً تحمل بين طياتها أمراً محرماً جاء تحريمه بالكتاب والسنة وإجماع الأمة إلا من شذ وظل الطريق ، وهذا الأمر المحرم هو الموسيقى ، فالله تبارك وتعالى حرم الموسيقى والاستماع إليها في أدلة كثيرة في القرآن الكريم وأعطيكم دليلاً واحداً فقط ، قوله تعالى : { واستفزز من استطعت منهم بصوتك } ، قال مجاهد : بصوتك : أي الغناء والمزامير .
أما الأدلة على تحريم الأغاني من سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم فهي كثيرة أيضاً ، وهذا واحد منها : قال صلى الله عليه وسلم : " ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر ( كناية عن الزنا ) والحرير والخمر والمعازف ( آلات اللهو والطرب والغناء ) " [ رواه البخاري معلقاً بصيغة الجزم ] ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يكون في أمتي قذف ، ومسخ ، وخسف " قيل : يا رسول الله ! ومتى ذاك ؟ قال : " إذا ظهرت المعازف ، وكثرت القيان ـ أي المغنيات ـ وشربت الخمور " [ رواه الترمذي ] .
وقد يقول قائلهم : لا أبالي بتلك الموسيقى ولا تطربني ، ولا ألقي لها بالاً ، ولا أهتم بها ، ولكني أسمعها لأنها تأتي رغماً عني ، ونقول له : سواءً أطربتك أم لم تطربك ، فهي في ميزان الحرام سواء ، فمن سمح لك أن تستمع إليها ، لا سيما وقد عرفت تحريمها بالأدلة الشرعية ، مع العلم بأن الأخبار التي تشاهدها عبر وسائل الإعلام المحرمة يمكن أن تُسمع عبر الراديو في المحطات الإسلامية وغيرها وبدون آلات محرمة ولا مذيعات .
ثم اعلم يا من تشاهد الأخبار أنك مهما شاهدت وتشاهد من أخبار ، فلن يقدم رأيك ولن يؤخر في مجريات الأحداث شيئاً ، لم يغيرها من هو أكبر منك منصباً ، وأعظم منك وجاهة من الناس ، فمن أنت حتى يفيد رأيك سلباً أم إيجاباً ، فلن تجدي مشاهداتك شيئاً ، وما علمته من حقائق ، فلن يغير في مجريات الأحداث الواقعة على الساحة العالمية شيئاً ، فما دام كذلك ، فما فائدة هذه ( الوسائل التي أدخلتها إلى بيتك ) ، إنها لن تزيدك إلا هماً وغماً ، وعذاباً وويلاً .

العذر الثاني / مشاهدة أخبار المسلمين :
وهذا عذر أقبح من ذنب ، وهذا العذر هو ذريعة يتخذها من غلبه هواه ، وتملكه شيطانه ، والصحيح أن الكثير من أولئك لو سألته عما يحل في بقعة معينة من بقاع المسلمين ، فقد لا يعرف أين تقع تلك البقعة ، ولا يدري أين تلك المنطقة ، لأن القصد هو مشاهدة العاهرات والفاسقات ، وسماع الماجن من الأغاني ، فأظهروا الكذب ، وأخفوا الحقيقة ، فيا من أدخلت هذه الوسائل هل تعلم بأن المسلمين يتعرضون للقهر والاضطهاد ، والقتل والاستعباد ، تنتهك أعراضهم ، ويقتل رجالهم ، وييتم أطفالهم ، وترمل نساؤهم ، وتهدم منازلهم ، وأعظم دليل على ذلك ما تعرضه وسائل الإعلام باختلاف فئاتها لما يتعرض له المسلمون في العراق وفلسطين وأفغانستان ، والشيشان ، ونيجيريا والسودان ، وما حصل قبل ذلك في البوسنة والهرسك وفي كوسوفا ، وغير من بلاد المسلمين ، فها قد علمت من أخبار المسلمين ما قد علمت ، وشاهدت منها ما شاهدت ، وسواء أقدم الأخبار رجل أم امرأة ، وسواء أكانت مصحوبة بالموسيقى ، ولا نقول أم لا ، لأن أخبار المسلمين في عقر دارهم لا تخلوا من الموسيقى ، أقول لمن شاهد تلك الأخبار والمآسي للمسلمين ، هل حرك ذلك فيك ساكناً ؟ هل تأثرت وبكيت لواقع المسلمين المر ؟ هل رفعت يديك إلى السماء داعياً المولى جل وعلا أن ينصر المسلمين في شتى بقاع الأرض ؟ هل غضبت لانتهاك أعراض المسلمات وبيعهن في الأسواق ؟ هل تمعر وجهك عندما يقتل الأطفال الرضع ؟ ويمثل بالشيوخ الركع ؟ إن أخشى ما أخشى أنك لم تزد على الحوقلة والاسترجاع ، ثم غفلت عنهم في زخم البرامج المعروضة ، ثم نسيت ما حدث لهم ، وما وقع عليهم ، بل والأدهى من ذلك والأمر عندما ترى مسلماً أحمقاً يبكي على مشهد تمثيلي زائف لموت بطل أو بطلة من الساقطين والساقطات ، ويترك قضية المسلمين الحقيقية في كل مكان ، فيالها من خسارة عظيمة ، ونكبة فادحة منينا بها من أولئك المسلمين الذين وقعوا في حبائل الشيطان ، فتلك المشاهد التي شاهدتها ستكون حجة عليك ، لا حجة لك ، لأنك علمت بواقع المسلمين ولم تُبرئ ذمتك نحوهم ، وعظمت بذلك مسؤوليتك .

العذر الثالث / السيطرة على ما يعرض :
البيت مليء بالفتيان والفتيات ، والشباب والشابات ، ويزعم أحدهم جدلاً أنه يستطيع أن يدخل تلك الآلة الخبيثة إلى بيته ، ويتحكم بها تحكماً محكماً ، ويقول : أنا متحكم بها ومسيطر عليها ، فلا أحد يراه إلا بأمري ورضاي ، فسبحان الله ، كم خدعتك نفسك ، وكم طغت عليك شهوتك ، وهل ستظل حارساً أميناً على ذلك الجهاز طيلة الوقت ، حتى تضمن أن أحداً لن يراه ، ولن ينظر إليه في غيابك ، لقد غدوت كمن جلب إلى بيته أسداً مفترساً ، وظل يحرسه ، فلا تنام له عين ، ولا يغمض له جفن ، ولا يقر له قرار ، فأي عذاب لمن يشتري بماله العذاب .
ولعل تلك كانت من أبرز الأعذار التي يسوقها أصحاب الفضائيات من أجل أن يدخلوها إلى بيوتهم ، فكذبوا على أنفسهم ، وصدقوا تلك الدعايات والافتراءات ، وروجوها بينهم .

القسم الثاني / أخطار وسائل الإعلام :
لو قدم لك طعاماً شهياً ، يسيل له اللعاب ، وتتحرك له الجوارح ، ومع ما فيك من شد الجوع أردت أن تهوي بيدك وتمدها لتأكل ، فقيل لك انتظر قليلاً ، وجيء بملعقة مليئة سماً وخلط بها ذلك الطعام ، ثم قيل لك تفضل ، كل واحذر من السم فهو بين طيات الطعام ، فكل بحذر شديد ، واختر الطعام الذي لا سم فيه ، لا شك أنك إن أقدمت على الأكل فقد أوديت بحياتك إلى المهالك ، أتدري لماذا ؟ لأن من قتل نفسه فهو في جهنم والعياذ بالله ، وكل من علم أنك فعلت ذلك ألقى عليك اللوم ، ويقولون : إنه لمجنون ، كيف يعرف بوجود السم في ذلك الطعام ثم يأكله ، لِمَ لَمْ يختر طعاماً لا سم فيه ولا خطر ، ويترك ذلك الطعام المسموم ، فكذلك صاحب ( وسيلة الإعلام المدمرة ) من أدخلها إلى بيته وترك الحبل على الغارب ، فهو على خطر عظيم لما فيها من سموم مدسوسة بين فقراتها ولا يستريب عاقل في تحريمها ، فإن أقدم عليها وقع في المحذور والممنوع ، وهو أكثر من أن يحصى ، ما بين فتيات جميلات ، وأغان ماجنات ، ومناظر مخجلة ، مخلة بالدين والعقيدة ، وغير ذلك مما يعرفه أهل تلك الوسائل الإعلامية ، وإن قال سأختار بعض القنوات أو الفقرات التي لا حرام فيها ، فهذا يغالط نفسه ، وهو كمن يستجير بالجمر من الرمضاء ، فهو يهرف بما لا يعرف ، فماذا عساك تريد أن تشاهد ، أخبار أم مسلسلات أم مباريات ، أم ماذا تريد أن تشاهد فالحرام في كل منها موجود ، وقتل العفة ودفن الدين هناك موجود أيضاً .
ألا وإن في وسائل الإعلام المختلفة مخاطر ومساوئ لا شك فيها ولا ريب ، يعقلها كل عاقل لبيب ، تنصب معظمها أو جميعها على الأمة الإسلامية ، لزعزعة الدين في نفوس أهله ، حتى يبتعدوا عن دينهم شيئا فشيئاً فيكونون صيداً سهلاً في أيدي أعدائهم من اليهود والنصارى وأعوانهم .
ولا شك أن أقوال العلماء في التحذير من وسائل الإعلام الفاضحة لم يأت من فراغ ، بل أتى إثر دراسة متأنية لهذه الظاهرة الغريبة الدخيلة على بلاد المسلمين ، ولذلك لما تبين خطرها جلياً ، أجمعوا على تحريمها ، فكانت أقوالهم كما ستسمع بعد قليل بإذن الله ، وإليك بعض مخاطر وسائل الإعلام ، أسوقها بشرح بسيط لعل الله أن يفتح على قلبك وينير بصيرتك فتعرف الحق من الباطل ، حتى يُزهق الباطل ، إن الباطل كان زهوقاً :
أولاً / وسائل الإعلام دعوة سانحة لتقارب الأديان :
فقد نشر في وسائل الإعلام آراء ومقالات بشأن الدعوة إلى ( وحدة الأديان ) : دين الإسلام، ودين اليهود، ودين النصارى، وما تفرع عن ذلك من دعوة إلى بناء: مسجد وكنيسة ومعبد في محيط واحد، في رحاب الجامعات والمطارات والساحات العامة، ودعوة إلى طباعة القرآن الكريم والتوراة والإنجيل في غلاف واحد، إلى غير ذلك من آثار هذه الدعوة، وما يعقد لها من مؤتمرات وندوات وجمعيات في الشرق والغرب. ولا شك أن ذلك ضلال بعيد ، وشر عتيد ، لوجوه كثيرة منها :
أولاً: أن من أصول الاعتقاد في الإسلام، المعلومة من الدين بالضرورة، التي أجمع عليها المسلمون : أنه لا يوجد على وجه الأرض دين حق سوى دين الإسلام، وأنه خاتمة الأديان، وناسخ لجميع ما قبله من الأديان والملل والشرائع، فلم يبقَ على وجه الأرض دين يُتعبد الله به سوى الإسلام، قال الله تعالى: (ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين) {آل عمران: 85}. والإسلام بعد بعثة محمد صلى الله عليه وسلم هو ما جاء به دون ما سواه من الأديان.
ثانيًا: ومن أصول الاعتقاد في الإسلام أن كتاب الله تعالى : (القرآن الكريم) هو آخر كتب الله نزولاً وعهدًا برب العالمين، وأنه ناسخ لكل كتاب أنزل من قبل : كالتوراة والزبور والإنجيل وغيرها، ومهيمن عليها، فلم يبق كتاب منزل يُتعبد الله به سوى: (القرآن الكريم) قال الله تعالى : " وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق " { المائدة: 48 } .
ثالثًا : يجب الإيمان بأن (التوراة والإنجيل) قد نُسِخا بالقرآن الكريم، وأنه قد لحقهما التحريف والتبديل بالزيادة والنقصان كما جاء بيان ذلك في آيات من كتاب الله الكريم منها قول الله تعالى: (فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظا مما ذكروا به ولا تزال تطلع على خائنة منهم إلا قليلا منهم ) {المائدة: 13} وقوله جل وعلا: فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون {البقرة: 79}. وقوله سبحانه : " وإن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون " {آل عمران: 78}.
ولهذا فما كان منها صحيحًا فهو منسوخ بالإسلام، وما سوى ذلك فهو محرف أو مبدل. وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه غضب حين رأى مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه صحيفة فيها شيء من التوراة، وقال عليه الصلاة والسلام : " أفي شك أنت يا ابن الخطاب ؟! ألم آتِ بها بيضاء نقية؟ لو كان أخي موسى حيًا ما وسعه إلا اتباعي " [ رواه أحمد والدارمي وغيرهما ] .
رابعًا : ومن أصول الاعتقاد في الإسلام: أن نبينا ورسولنا محمدًا صلى الله عليه وسلم هو خاتم الأنبياء والمرسلين، كما قال الله تعالى: (ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين ) { الأحزاب 40 } . فلم يبق رسول يجب اتباعه سوى محمد صلى الله عليه وسلم ، ولو كان أحد من أنبياء الله ورسله حيًا لما وسعه إلا اتباعه صلى الله عليه وسلم وأنه لا يسع أتباعهم إلا ذلك ، كما قال الله تعالى: " وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين " {آل عمران: 81}. ونبي الله عيسى عليه الصلاة والسلام إذا نزل في آخر الزمان يكون تابعًا لمحمد صلى الله عليه وسلم وحاكمًا بشريعته . وقال الله تعالى : " الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل " {الأعراف: 157}. كما إن من أصول الاعتقاد في الإسلام أن بعثة محمد صلى الله عليه وسلم عامة للناس أجمعين ، قال الله تعالى : " وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا ولكن أكثر الناس لا يعلمون " {سبأ: 28} وقال سبحانه : " قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً " {الأعراف: 158} وغيرها من الآيات .
خامسًا : ومن أصول الإسلام أنه يجب اعتقاد كفر كل من لم يدخل في الإسلام من اليهود والنصارى وغيرهم وتسميته كافرًا، وأنه عدو و ورسوله والمؤمنين، وأنه من أهل النار كما قال تعالى : " لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة ) {البينة: 1} وقال جل وعلا : " إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية " {البينة: 6} وغيرها من الآيات . وثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة : يهودي ولا نصراني ، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أهل النار " . وقال عليه الصلاة والسلام : " لو كان موسى حياً لما وسعه إلا اتباعي " . وأخبر عليه الصلاة والسلام أن عيسى بن مريم سينزل في آخر الزمان ، وسيحكم بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم .
فاحذروا رعاكم الله من هذه المفسده العظيمة والطامة الجسيمة ، ألا وهي التأثير على العقيدة ، ولهذا : فمن لم يكفِّر اليهود والنصارى فهو كافر، طردًا لقاعدة الشريعة : " من لم يكفِّر الكافر فهو كافر " .
سادسًا : وأمام هذه الأصول الاعتقادية والحقائق الشرعية ؛ فإن الدعوة إلى : " وحدة الأديان " والتقارب بينها وصهرها في قالب واحد دعوة خبيثة ماكرة ، والغرض منها خلط الحق بالباطل ، وهدم الإسلام وتقويض دعائمه ، وجرُّ أهله إلى ردة شاملة ، ومصداق ذلك في قول الله سبحانه : " ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا ) { البقرة : 217 } ، وقوله جل وعلا : " ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء ) { النساء : 89 } .
سابعًا : وإن من آثار هذه الدعوة الآثمة إلغاء الفوارق بين الإسلام والكفر، والحق والباطل، والمعروف والمنكر، وكسر حاجز النفرة بين المسلمين والكافرين ، فلا ولاء ولا براء، ولا جهاد ولا قتال لإعلاء كلمة الله في أرض الله، والله جل وتقدس يقول : " قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون " { التوبة : 29 } ، ويقول جل وعلا : " وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة واعلموا أن الله مع المتقين " { التوبة:36} .
ثامنًا: إن الدعوة إلى ( وحدة الأديان ) إن صدرت من مسلم فهي تعتبر ردة صريحة عن دين الإسلام ؛ لأنها تصطدم مع أصول الاعتقاد فترضى بالكفر بالله عز وجل ، وتبطل صدق القرآن ونسخه لجميع ما قبله من الكتب، وتبطل نسخ الإسلام لجميع ما قبله من الشرائع والأديان؛ وبناء على ذلك فهي فكرة مرفوضة شرعًا محرمة قطعًا بجميع أدلة التشريع في الإسلام من قرآن وسنة وإجماع.
تاسعًا : ومما يجب أن يُعلم أن دعوة الكفار بعامة وأهل الكتاب بخاصة إلى الإسلام واجبة على المسلمين بالنصوص الصريحة من الكتاب والسنة؛ ولكن ذلك لا يكون إلا بطريق البيان والمجادلة بالتي هي أحسن، وعدم التنازل عن شيء من شرائع الإسلام؛ وذلك للوصول إلى قناعتهم بالإسلام ودخولهم فيه، أو إقامة الحجة عليهم ليهلك من هلك عن بينة، ويحيا من حيَّ عن بينة قال الله تعالى : " قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون " { آل عمران: 64}.
أما مجادلتهم واللقاء معهم ومحاورتهم لأجل النزول عند رغباتهم ، وتحقيق أهدافهم، ونقض عُرَى الإسلام ومعاقد الإيمان فهذا باطل يأباه الله ورسوله والمؤمنون؛ والله المستعان على ما يصفون. قال تعالى : " واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك " .
عاشراً : الدعوة إلى التقريب بين الشيعة الرافضة ومن حذا حذوهم من الفرق الضالة وأهل السنة ، وهذه ثالثة الأثافي ، فهي دعاية مغرضة ، ودعابة مضحكة ، لما تحويه من باطل ، لأن فرقة الشيعة الرافضة والإسماعيلية والدروز والنصيرية والإمامية الاثني عشرية والجعفرية وغيرها من فرق الشيعة هي فرق ضالة ، ضلت عن الطريق المستقيم ، وارتكبت الأهواء والبدع .
وقد حفظ تأريخنا عن جرائم وخبث الرافضة تجاه أهل الحق والسنة الشيء الكثير فهم دائماً مع الصليبيين والمشركين ضد المسلمين ، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في منهاج السنة (1/20) : " فتجدهم أو كثيراً منهم إذا اختصم خصمان في ربهم من المؤمنين والكفار واختلف الناس فيما جاءت به الأنبياء فمنهم من آمن ومنهم من كفر سواء كان الاختلاف بقول أو عمل كالحروب التي بين المسلمين وأهل الكتاب والمشركين ، تجدهم يعاونون المشركين وأهل الكتاب على المسلمين وأهل القرآن ، كما قد جربه الناس منهم غير مرة في مثل إعانتهم للمشركين من الترك وغيرهم على أهل الإسلام بخراسان والعراق والجزيرة والشام وغير ذلك ، وإعانتهم للنصارى على المسلمين بالشام ومصر وغير ذلك في وقائع متعددة ، ومن أعظم الحوادث التي كانت في الإسلام في المائة الرابعة والسابعة فإنه لما قدم كفار الترك إلى بلاد الإسلام وقتل من المسلمين ما لا يحصي عدده إلا رب الأنام ، كانوا أعظم الناس عداوة للمسلمين ومعونة للكافرين ، وهكذا معاونتهم لليهود أمر شهير حتى جعلهم الناس لهم كالحمير " .
وهذا يؤكد المقولة بأن دين الرافضة ليس هو دين المسلمين ، وملتهم منابذة لملة المؤمنين ، وليس لديهم أرضية خصبة للدين الإسلامي ، وقبول ما تمليه الشريعة من أحكام ونظم جليلة ، وقد صرح بذلك سادتهم وكبراؤهم يقول نعمة الله الجزائري عن أهل السنة : " إنا لا نجتمع معهم على إله ، ولا على نبي ، ولا على إمام ، لأنهم يقولون : إن ربهم هو الذي كان محمد نبيه ، وخليفته من بعده أبو بكر ، ونحن لا نقول بهذا الرب ، ولا بذلك النبي لأن الرب الذي خليفة نبيه أبو بكر ليس ربنا ، ولا ذلك النبي نبينا " ، فهل بعد هذا القول من كفر .
إن المكفرات لدى الرافضة التي أجمع المسلمون عليها في كل قطر ومصر ، أنها من نواقض الإسلام ، ومفسدات الإيمان كثيرة وطويلة ، فمنها :
1- شركهم في توحيد الربوبية ، فمن عقائد القوم أن أول مخلوق خلقه الله هو نور الأئمة ، ومنه فتق جميع ما في الكون من مخلوقات علوية وسفلية 0
2- شركهم في توحيد العبادة ، من دعاء غير الله ، والطواف على القبور ، وتأليه أصحابها ، والذبح والنذر لغير الله ، قال الرافضي محمد الرضوي : أما طلب الشيعة من أصحاب القبور أموراً لا يقدر عليها إلا الله تعالى فليس هو إلا جعلهم وسائط بينهم وبين الله ، وشفعاء إليه في نجاحها امتثالاً لأمره تعالى ... ) 0
3- نفيهم صفات الله عز وجل جملة وتفصيلاً ، ووصفهم الله تعالى بالسلبيات والنقائص 0
4- نسبتهم البداء لله تعالى ، ومعناه عندهم : إن الله قد يبدو له الشيء لعدم علمه بالعواقب فيقضي بخلاف ما قضى في السابق ) 0
5- زعمهم أن القرآن محرف ، وزيد فيه ونقص ، قال الرافضي نعمة الله الجزائري ( إن الأصحاب قد أطبقوا على صحة الأخبار المستفيضة ، بل المتواترة الدالة بتصريحها على وقوع التحريف في القرآن ) وقد كتب أحد شياطينهم كتاباً أسماه ( فصل الخطاب في تحريف كتاب رب الأرباب ) وجاء في الكتاب حكاية إجماع أئمتهم على وقوع التحريف بالقرآن 0 وجاء عن بعض علمائهم تكذيب هذا ، وقد لا يعرف كثير من العامة شيئاً من هذا 0
6- قولهم : عن أئمتهم أنهم يعلمون ما كان وما يكون ، وأنهم لا يخفى عليهم شيء ، وذكروا عن الصادق زوراً وبهتاناً أنه قال ( والله لقد أعطينا علم الأولين والآخرين ) فقال له رجل من أصحابه : جعلت فداك أعندكم علم الغيب ؟ فقال له ( ويحك إني لأعلم ما في أصلاب الرجال وأرحام النساء ) 0
وجاء في كتابهم الكافي : أن الأئمة ( أئمة الرفض ) يعلمون ما كان وما يكون وأنهم لا يخفى عليهم شيء ) 0
7- تكفيرهم الصحابة إلا نفراً يسيراً ، يقول الرضوي الرافضي ( إن مما لا يختلف فيه اثنان ممن هم على وجه الأرض أن الثلاثة ، الذين هم في طليعة الصحابة – يعني أبا بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم – كانوا عبدة أوثان ) وقال ( أما براءتنا من الشيخين – أبي بكر وعمر – فذاك من ضرورات ديننا ، وهي أمارة شرعية على صدق محبتنا لإمامنا ، وموالاتنا لقادتنا ، عليهم السلام إن الولاية لعلي لا تتم إلا بالبراءة من الشيخين وذلك لأن الله يقول (فَمَنْ يَـكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدْ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انفِصَامَ لَهَا ) ونسبوا إلى أبي جعفر بهتاناً عظيماً أنه قال ( كان الناس أهل ردة بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلا ثلاثة ) فقلت : ومن الثلاثة ؟ فقال : المقداد وأبو ذر وسلمان رضي الله عنهم .
8- قذفهم الصديقة بنت الصديق عائشة رضي الله عنها بالإفك ، وقد برأها الله من فوق سبع سماوات ، قال الرافضي صاحب الصراط المستقيم قالوا [أي : أهل السنة] برأها الله في قوله (أُوْلَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ) قلنا ذلك تنـزيه لنبيه عن الزنا ، لا لها كما أجمع عليه المفسرون 0
إلى غير ذلك من المكفرات الكبيرة ، التي لا يجتمع معها إسلام إلا كما يجتمع الحوت والضب ، وأنى لهما أن يجتمعا ، فهذا بحري صرف ، وذاك بري بحت . فكذلك لا يجتمع أهل السنة والجماعة والشيعة بطوائفها .
وخيانات الشيعة ضد أهل السنة سطرها التأريخ بدماء الشهداء ، فقد كانت الرافضة سبب سقوط الدولة الإسلامية في بغداد ، فإن الوزير ابن العلقمي لما استمكن من الخليفة المستعصم العباسي ، تآمر مع التتار على نهب ديار المسلمين وقتل علمائهم وخيارهم ، فتم أمر الله ( وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً ) ، وهاهو التأريخ يعيد نفسه ، فقد سقطت بغداد اليوم بخيانات الشيعة ، وليت الأمر وقف عند هذا الحد بل زاد واتسعت رقعته ، حتى رأينا أعمالاً هوجاء وغوغاء ، من تجنٍ على أهل السنة هناك ، وقاموا بقتل جماعي لهم ، ومن قاومهم استعانوا بالغرباء من الأمريكان والبريطانيين على قتله ، ولم يصدق أولئك خبراً ، فيسارعون بقتل المسلمين هناك قتلاً عظيماً ، فهل بعد ذلك يقول قائل بجح بالتقريب بين الشيعة والسنة ، إنه لا يمكن أن يكون بيننا وبينهم أي تقارب ما لم يعودوا إلى كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ويحكمونهما فيما شجر بينهم .
وبما أنه لا دين سوى الإسلام ، فمشاهدة البرامج الداعية إلى تقارب الأديان مشاهدة محرمة لأنها قد توقع من لا علم له بالشريعة في خضم هذه الأحداث فينجرف وراء تلك الدعوات الزائفة ، ومن ثم يقع في الدعوة إلى تقارب الأديان ، بل وقد يكون من المشجعين لذلك ، لعدم أهليته في هذا السبيل ، ولا يخفى على كل مشاهد وقارئ لوسائل الإعلام المختلفة أن هناك هجمة شرسة على الإسلام وأهله ، ومن سبر أغوار التأريخ وجد أن العداء ضد الإسلام ليس مولد اليوم فقط ، بل هو منذ بزوغ فجر النبوة ، ومادام أن هناك دعوة لقتل الدين ، ودفن العقيدة الإسلامية الصحيحة في نفوس المسلمين عبر وسائل الإعلام ، فيجب وجوباً القول بتحريمها .

ثانياً / وسائل الإعلام دعوة لنبذ الحجاب والحياء وقتل للغيرة :
لا يخلو برنامج ولا مسلسل ولا فيلم بل ولا أخبار وحتى الفواصل الإعلانية من دعوة إلى تحرير المرأة المزعوم ، وقتل للحياء والعفة ، وتدمير للغيرة لدى الرجال ، وأي حرية للمرأة يدعونها وقد كانت في العصور الغابرة تعتبر من سقط المتاع ، بل كانت تعتبر إرثاً يرثه الأهل بعد وفاة الزوج ، ولقد احتار فيها النصارى فلا يدرون أهي إنسان أم غير إنسان ، وكانت عند اليهود من النجاسة بمكان ، ثم جاء الإسلام ورفع مكانتها ، وأعلى منزلتها ، وصان كرامتها ، وحفظ حقوقها كاملة من إرث ومهر وحقوق زوجية مشتركة ، وأمرها بالعفاف ، والقرار في البيوت ، وحذرها من التبرج والزينة عند الخروج من منزلها ، قال تعالى : " وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله . . " ، وأمرها ربها من فوق سبع سماوات بالحجاب والجلباب ، حفظاً لعفتها ، ودرءاً لما قد يحيق بها من مكر الأعداء ، قال تعالى : " يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفوراً رحيماً " ، وقال تعالى : " وليضربن بخمرهن على جيوبهن . . " فليحذر رب الأسرة صاحب الغيرة والدين من تلك الدعايات الكاذبة الزائفة التي تدعوا إلى تحرير المرأة من عفافها وحيائها وحجابها ، ومن لم يفعل ذلك فقد تقحم النار على بصيرة ، قال صلى الله عليه وسلم : " لا يدخل الجنة ديوث " ، ألا وإن من رضي أن يرى الرجال الأجانب أهله ومحارمه فهو ديوث خبيث الطبع ، منكوس الوضع ، متغير الفطرة السليمة التي فطر الله الناس عليها ، ألا وهي فطرة الإسلام .
وتعرض وسائل الإعلام أيضاً مشاهد حية للنساء الجميلات الفاتنات ، ومشاهد أخرى لرجال قد بلغو ذروة الوقاحة والسفالة والسفاهة إثر تعاطيهم أدوات التجميل والماكياج الخاصة بالنساء حتى يظهروا بصورة تبهر النساء ، ومظهر يعجب المسلمات المؤمنات المتفرجات من الجمهور الإسلامي ، وكلنا يقرأ قول الله تبارك وتعالى : " قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون * وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن . . " ، ألا فلنتق الله عباد الله فاليوم دار عمل ولا حساب ، وغداً في حياة القبور والبلى ، وفي حياة الآخرة حساب ولا عمل ، فطوبى لمن ختم عمله بخير ، وويل لمن ختم عمله بشر ، والعمل بالخواتيم ، فالله يمهل للظالم لكنه لا يهمله ، فاعملوا لحياة القبور ويوم البعث والنشور . فهناك السعادة التي لا شقاء معها ، أو الشقاء الذي لا سعادة معه .
فإذا عرفنا أن هذه الوسائل تدعوا إلى ضد ما يدعوا إليه القرآن الكريم ، والسنة النبوية ، فهي دعوة باطلة وسافرة ، فيجب القول بتحريمها بدون أدنى شك .
ثالثاً / وسائل الإعلام دعوة للفاحشة والرذيلة :
مشاهد العري الفاضحة ، والأفلام الإباحية الخليعة ، الداعية لفعل الفاحشة والرذيلة حتى بالمحارم ، لهي أعظم دليل على تحريم تلك الوسائل الإعلامية السيئة التي في ظاهرها السلامة والعفة ورفع مستوى الوعي لدى المشاهد ، وفي باطنها دعوة للكفر والإلحاد ، والتفكير في الحرام ، بل تدفع فعلاً لفعل الحرام لا سيما لدى الشباب المسلم ، لأنه هو المقصود أولاً وآخراً ، وكم سمعنا عن وقائع وفظائع يندى لها الجبين ، وتذرف لها العيون ، من فعل الفاحشة حتى بالمحارم ، فكم من أخ وقع على أخته ، وكم من أب وقع على ابنته ، وكم من ولد فعل الفاحشة بأمه والعياذ بالله ، وقد قال الله تعالى : " ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة ومقتاً وساء سبيلاً " ، وقال تعالى : " ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً " فانظروا كيف قرن الله تعالى الفواحش بالشرك ، وحذر القرآن والسنة من عَمَلِ عَمَلَ قوم لوط فقال سبحانه بعد أن ذكر عذابهم : " فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارة من سجيل منضود * مسومة عند ربك وما هي من الظالمين ببعيد " ، وقال صلى الله عليه وسلم : " من رأيتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به " ، فهذا تحذير من الله تعالى ، ومن نبيه صلى الله عليه وسلم من فعل الفواحش والقرب منها ، وما تعرضه وسائل الإعلام دعوة لفعل الفاحشة ، وممارسة الرذيلة ، فهذا تصادم لا يخفى على عاقل بين الكتابين وبين وسائل الإعلام ، فلا يشك مسلم عاقل بتحريم وسائل الإعلام .
فانتبهوا يا رجال الأمة ويا شبابها ، فالعدو لكم بالمرصاد ، فأوصدوا في وجهه الباب ، وإنني أناشد كل غيور ، وكل من في قلبه ذرة من دين ، وحبة خردل من إيمان ، أن يتقي الله في الأمانة التي أنيطت به ، وأن يخرج هذه الوسائل من بيته ، قبل أن يقع الفأس في الرأس ، ثم لا ينفع الندم .

رابعاً / وسائل الإعلام دعوة لتغير المفاهيم والقيم :
لقد عاش الإنسان المسلم حياة هادئة هانئة في ظل وجود الشريعة الإسلامية ، وفي ظل تطبيقها وممارستها ، حتى طغت على الناس وسائل الإعلام المختلفة المنفتحة والمنبطحة ، الداعية إلى تغيير المفاهيم الإسلامية ، والقيم الدينية لدى المسلم والمسلمة ، فما إن فتحت المنازل أبوابها على مصراعيها لإدخال هذه الأجهزة حتى تبدلت النفوس ، وتغيرت القلوب ، وخلعت عنها ربقة الدين ، وتعرت من عرى الإسلام ، وتنكر كثير من أبناء جلدتنا لأمتهم ووطنهم ودينهم وتقاليدهم وعاداتهم الإسلامية ، وبدءوا ينهقون وينبحون مطالبين بالانفتاحية والاختلاط بين الجنسين ، والله تعالى يقول : " وإذا سألتموهن فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن . . " ، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : " إياكم والدخول على النساء " قال رجل : أرأيت الحمو يا رسول الله ؟ قال : " الحمو الموت " ، الله ورسوله يحرمان الاختلاط ، ووسائل الإعلام تشرع للناس شرعاً غير الشرع المنزل من السماء ، فأي تضاد أعظم من هذا التضاد ، وأي تعد أشد خطراً من هذا التعدي على حدود الله تعالى ، فمادام أن الأمر كذلك فيجب القول بتحريم وسائل الإعلام .

خامساً / وسائل الإعلام تزييف للدين :
وهذا أمر مشاهد وملموس ، فهناك من يظهر على الشاشات وعبر الوسائل المختلفة ثم يفتي الجمهور بفتاوى سقيمة مريضة مستنداً لأحاديث ضعيفة أو مكذوبة ، أو مستمسكاً بأقوال شاذة لبعض العلماء خالفوا فيها إجماع علماء الأمة ، ثم يقوم بنشرها بين الناس فربما زعزع العقيدة الصحيحة في القلوب ، وشوه صورة الإسلام ، وهناك من علماء الفضائيات من يفتي في أمور لا يخفى على الجاهل سوءها ودناءتها ، وسقمها وسذاجتها ، حتى ما يختص بين الزوج وزوجه من أمور منكرة ، مخلة بالأدب ، خارمة للمروءة ، فيفتي بجواز تصوير الرجل وزوجه أثناء اتصالهما بكاميرا الفيديو ، وعذره في ذلك أنه يجوز لكل منهما أن يرى الآخر كما خلقه ربه ، ونسي المسكين أنه قد يقع الطلاق والفراق بين الزوجين ، فمع من سيكون ذلك الفيلم ، وهل سيضمنان أن لا يقع في أيدي أحد العابثين بالأعراض فتصبح المرأة عرضة للتهديد ، وهل سيضمنان عدم عرضه عبر وسائل الإعلام كالإنترنت مثلاً ، فتصبح فضيحتهما لا مثيل لها .
وهناك من دعاة السوء والكفر من يظهر ويبين للناس أن هناك ظلم وإجحاف وقع للمرأة في القرآن والسنة ، فكيف يكون نصيب المرأة نصف نصيب الرجل في الميراث والدية ، يريد مخالفة أوامر الله تعالى ، وأوامر نبيه صلى الله عليه وسلم ، ببث تلك الشبهات الشيطانية ، والألاعيب الإبليسية ، فيقع المشاهد في حيرة من كتاب الله تعالى ، وفي انتقاد لسنة النبي صلى الله عليه وسلم .
بل أن هناك وسائل إعلام متخصصة في انتقاد الإسلام ، وتغيير صورته وتشويهها لدى الرأي العام ، ولجميع الجماهير من المشاهدين على مستوى العالم بأسره ، يقوم عليها نخبة من المغضوب عليهم والضَّالين ، من اليهود والنصارى ، وحتماً من يشاهد ذلك فلا بد أن يضطرب دينه ، ويقع في الشك وهذا يؤدي إلى الكفر والعياذ بالله .
وهذا غيض من فيض من خسة ودناءة ما يسمى بالبرامج الدينية التي تعرض عبر وسائل الإعلام ، فهل بعد ذلك يقول قائل بجواز إدخال تلك الوسائل إلى منازل المسلمين ، بل الحق أحق أن يتبع ومن تأمل حال وسائل الإعلام اليوم وجد أن القائمين نخبة مدربة من اليهود والنصارى ، أو أذنابهم من المنافقين والعلمانيين ، فأقول : يجب وجوباً القول بتحريم تلك الوسائل حتى تعيش الأمة حياة إسلامية بعيدة عن المنغصات والمعوقات .

سادساً / وسائل الإعلام لا مصداقية :
وسائل الإعلام غير مستقرة فيما تعرضه من أخبار ، ولا صدق لما يذاع وينشر فيها من أنباء ، فحقيقتها لا تقارن بكذبها ، وصحيحها لا يوازي زيفها ، وهذا أمر حقيقي لا يختلف عليه اثنان ، وقد رآه جميع من يتابع بث هذه الوسائل ، وأعظم دليل على مصداقية قولي هذا ، الحرب القائمة بين العراق والحلفاء ، فأي خبر حقيقي بثته تلك الوسائل ، بل هناك تضارب في الآراء ، واختلاف في وجهات النظر ، وبالتالي ضاع المشاهد والمتابع من خلال تلك الزاوية الحرجة التي يتابع فيها الأحداث في كل مكان ، بل نُقل إلينا أن البعض ممن يتابع تلك الوسائل أصيب بصدمة عصبية عنيفة من جراء الكذب والدجل التي يبث عبر وسائل الإعلام ، والكذب حرام لأنه يؤدي إلى النار والعياذ بالله ، فينشأ لدينا جيل يجيد الكذب والافتراء ، ويحاكي هذه القنوات والوسائل الإعلامية في دجلها ، فالقول بالتحريم أقرب إلى الصواب ، لأن الإشاعات محرمة ، ولا تخلو وسائل الإعلام من ذلك أبداً ، ولد ذم الله تعالى الإشاعات ومن يروجها ، وأمر بالتثبت ومعرفة الحقائق ، وأنى لمشاهد أن يتثبت ، قال تعالى : " وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم . . . " ، وقال تعالى : " يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على فعلتم نادمين " ، بل إننا وجدنا أناس من المسلمين لكنهم على الفطرة ممن يقولون بالترحم على الكفار ، ومحبة غير المسلمين لما تذيعه وسائل الإعلام من تزييف للحقائق وعدم مصداقية لعد ما يُنشر فيها ، فلا بد من القول بالتحريم ولا محيد عن هذا القول وهذا الرأي .

سابعاً / وسائل الإعلام والأطفال :
إنهم بلا شك أكبر خاسر في تلك المعركة إذ ليست لديهم قدرة على التمييز بين خيرية ما يُعرض وشر ما يُشاهد ، وقد يتركهم أولياؤهم لقمة سائغة للمدبلجات وأفلام الكرتون التي تؤذي أبصارهم ، وتفسد عقولهم ، وتكرس فيهم الضغينة والإعجاب بالنموذج الغربي وتبنِّي مفاهيمه ، لقد أريد من خلال بث ذلك السيل من أفلام الكرتون ترسيخ بعض الأفكار والسلوكيات المنافية لشرعنا الحنيف بطريقة هادئة وعلى المدى الطويل حتى تصل الأمة بعد فترة إلى أن تألف هذه الأشياء في الواقع بعد أن ألفتها وتقبلتها في الخيال في أفلام الكرتون ، وإليكم بعض مفاسد الأفلام الكرتونية التي تُعرض عبر شاشات التلفاز وغيره من الفضائيات ، وما ينشئ عن ذلك من تضليل للمشاهد ، وتغيير للسلوك القويم :
1- من هذه السلوكيات أن يكون لبطل المغامرة الكرتونية صديقة يحبها ويستميت دائماً في سبيل إنقاذها من أيدي الأشرار .
2- ومنها أيضاً مشهد يتكرر كثيراً وهو التجاء بطل المغامرة للصليب ليحرق به المخلوقات الشريرة .
3- ومنها أيضاً ترسيخ قيمة السحر والسحرة والجان في تلك المسلسلات وإظهارهم بمظهر المنقذ والمدافع عن الخير .
4- ومنها ظهور بطلات المسلسلات الكرتونية بملابس وأزياء مخالفة لشرع الله كي تألف فتياتنا -اللاتي سيصبحن عما قليل بالغات - تلك الأزياء القصيرة والمفصلة على قدر الجسد والتي تبين تفاصيله بطريقة صارخة وتعتادها وتميل إليها وتفضلها على اللباس الإسلامي المحتشم ، وبالطبع لا تخضع هذه المشاهد لمقص الرقيب بدعوى أنها مسلسلات أطفال بريئة .
5- ومنها أنها دعوة صريحة لقتل النفس ، وذلك عندما يشاهد الأطفال بعض أبطال الكرتون وهو يقفز من فوق السور ، أو من أعلى العمارة ، أو ما شابه ذلك .
6- ومنها أنها دعوة لتغيير اللغة باللغة الأجنبية ، وتقمص الشخصيات . وغير ذلك كثير من مفاسد مشاهدة أفلام الكرتون . فمن هذا المنطلق وحفاظاً على أبناء المسلمين ، يلزم القول بتحريم هذه الوسائل الهدامة والهابطة ، التي تضر أكثر مما تنفع .

ثامناً / وسائل الإعلام مفاسدها أعظم من مصالحها :
يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " ما أسكر كثيره فملء الكف منه حرام " ، وفي لفظ : " ما أسكر كثيره فقليله حرام " ، وهذه قاعدة عظيمة من قواعد الشريعة الإسلامية يقعدها لنا نبي الرحمة والهدى عليه من ربه أفضل صلاة وأعظم سلام ، ولو نزلنا هذه القاعدة على الفضائيات أو الفضائحيات إذا صح التعبير ، لو جدنا أن وسائل الإعلام اليوم أصبحت أشد خطراً ، وأعظم ضرراً من الخمور والمسكرات ، فكل تصب في قالب واحد ، ألا وهو قالب إذهاب عقل المسلم ومن ثم أن يكون كالحيوان ، لأن الفرق بين الإنسان والحيوان هو العقل ، العقل هو مصدر التمييز بين المخلوقين ، وإذا ما حكمنا العقل ، وجردنا أنفسنا من التعصب واتباع الهوى والشهوات ، والانقياد وراء الشبهات التي يلقيها الشيطان في روع الإنسان ، لو جدنا أن جميع الفضائيات لا تخلو من برامج مخلة بالدين والحياء والعفاف ، بل تدعو إلى فعل الفاحشة والرذيلة ، فجل ما يعرض في الفضائيات ووسائل الإعلام المختلفة حرام بحت لا شك فيه ، ولذلك يُغلَّب جانب الحظر على جانب الإباحة ، وأيضاً فدرء المفاسد مقدم على جلب المصالح ، وأي مصلحة ترجى من وراء وسائل يمتلكها منافقون علمانيون ، بل يهود ونصارى ، ولو سلمنا جدلاً أن هناك برامج هادفة ومفيدة ، فكم هي مدة هذه البرامج المفيدة كما يقولون مقارنة بمدة البرامج الغير مفيدة ، أو المحرمة على الأصح ، وسوف نرى أنه لا وجه للمقارنة بين المدتين ، فعلى ذلك يجب القول بتحريم هذه الفضائيات بل وجميع وسائل الإعلام التي هي معاول هدم للعقيد ، وأدوات دفن للعروبة التي تتميز بالحياء والعفة .
وإنني لأهيب بالعلماء ورجال الإعلام والسياسة والمال، على العمل لمواجهة الغزو الإعلامي الهدام، وتحصين الأمة، والحفاظ على الهوية، وحماية الأجيال والمستقبل والكرامات.
وما أحوجنا إلى إعلام راشد يصلح ما أفسدته السنون ، ويعمل وفق خطط علمية واضحة ، لإعادة بناء مجد الأمة وعزتها ، وتقدمها وازدهارها .

تاسعاً / وسائل الإعلام دعوة للتشبه بالأعداء :
وهذه نقطة محورية هامة ، قد لا يخلو منها مشاهد للقنوات الفضائية ، فجل ما يعرض في تلك القنوات دعوة لليهودية والنصرانية على حد سواء مع أنك لو اتبعت اليهودية عادتك النصرانية وكذلك لو اتبعت النصرانية كادت لك اليهودية ، لأن الله تعالى من فوق سبع سموات وقبل أربعة عشر قرناً من الزمان قال لنا في كتابنا (( ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم )) وقال تعالى : (( وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء )) ، وهذا هو الحق الذي لا مراء فيه ولا جدال أن اليهودية والنصرانية ديانتين محرفتين كافرتين ، وكل منهما ليست على شيء من الحق والهدى ، بل هم أهل الضلال والفساد .
فأقول : أيها الأخوة ! أن أكثر المشاهدين للقنوات يتقمصون شخصيات أولئك الكفرة والملحدين والمفسدين ، ومن تلك العادات : الانحناء أثناء دخول المسرح ، وهذا يحصل للمثلين والمطربين ، عند دخولهم للمسارح أمام الناس فأول شيء يبدءون به هو الركوع للناس ، ومعلوم أن السجود والركوع لا يكون إلا لله تعالى ، ومن أشرك مع الله غيره في شيء من أنواع العبادة فقد ضل وغوى والعياذ بالله .
وتقليدهم في قصات الشعر التي ابتلي بها كثير من جهلة الشباب اليوم ، فمنهم من يقص وسط الرأس ويترك الباقي أو يأخذ من الجوانب ويترك الوسط إلى غير ذلك من القصات التي لا تمت للإسلام بصلة وكلها من القزع المحرم ، والنبي صلى الله عليه وسلم (( نهى عن القزع )) ومن ذلك أيضاً تقليدهم في التحية ، فبدل أن يحي المسلم أخوة المسلم بتحية الإسلام (( السلام عليكم ورحمة الله وبركاته )) لا ، بل استعاظ البعض بتحية الفسقة والمجرمين برفع يده فقط ، أو يهز رأسه فقط ، أو يضرب البوري ، بدون أن ينطق بالسلام وهذا خطأ وحرمان للأجر ، بل إذا فعلت ذلك فتكلم بالسلام حتى لو كان لا يسمعك فالله معك سبحانه يسمع ويرى بعلمه وحكمته وهو فوق عرشه .
والبعض أول ما تقابله يبادرك قائلاً (( قود مورننق )) أو ما شابه ذلك من تحيايا الكفار ، بل وقد وصل الأمر بالبعض إلى أن يأكل بالشمال لأنه رأي ذلك الفنان أو الممثل أو اللاعب يفعل ذلك ، وقد رأي النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً يأكل بشماله ، فقال له : كل بيمينك ؟ قال : لا أستطيع قال : لا استطعت ، فوالله ما رفعها . واعلموا أن الشيطان يأكل بشماله فهذا المقلد كالحمار يحمل أسفاراً ، يقلد ولا يدري ماذا يقلد ؟ ومن يقلد ؟ ولماذا يقلد ؟ أسئلة تحتاج إلى أجوبة .
وأما من يقلد ؟ فهو يقلد فاسق أو فاسقة ماجن أو ماجنة حرفا من الدين وخرجا منه . وأما ماذا يقلد ؟ فيقلد حركات وسكنات ما أسرع أن تؤدي بصاحبها إلى النهاية السيئة ، وأما لماذا يقلد ؟ حتى يقال أنه مثل النجم الفلاني . فأقول له : لا متبوع ولا مُقَلَّدٌ إلا النبي صلى الله عليه وسلم فهو الذي نقتدي به ونتأسى به ونحذو حذوه : " لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم لآخر وذكر الله كثيراً " ، أما غيره من البشر فلا ، لأن الإنسان لا يخلو من خطأ أو صواب ، فلا نتبع إلا المعصوم من الخطأ والزلل وهو النبي صلى الله عليه وسلم ، وأما الكافر فلا يتبع أبداً وكفره يكفي لعدم اتباعه ، حتى وغن اظهر لك بعض الحركات والكلمات وألا مقال التي تراها حسنة لكنها تحمل بين طياتها السم الزعاف فاحذر من اولئك المجرمين ، والعتاة العاصين وخذ على سبيل المثال على مستوى الكرة والملاعب فهذا (( مارادونا )) وعلى مستوى الغناء والمسارح فذاك (( ما يكل جاكسون )) ويا للعار عندما تشاهد الشباب اللاهث وراء السراب الخادع وهم يقلدون الكفار في كل صغيرة وكبيرة بل والله إن البعض يلبس السلاسل أو السلسة من الذهب أو غيرها ويطوق بها عنقه تقليداً لكافر وكما يعلق في رقاب البهائم في الهدي الذي يقدمه الحاج لله تعالى ، وما علم ذلك المسكين أن العزة لله ولرسوله ولدينة وللمؤمنين أما غير الجاهل أنه بلبسه ذلك قد وقع في عدة محاذير كل واحد منها أشد من الآخر ومن هذه المحاذير ما يلي :
1- التشبة بالكفار ، " ومن تشبة بقوم فهو منهم " .
2- تعليق الحلقة والخيط وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أن من تعلق شيئاً وكل أليه فإذا جعلت أمرك إلى هذه السلسلة فإنها لن تغني عنك من الله شيئاً .
3- أن الذهب محرم على الرجال ومن لبسه في الدنيا لم يلبسه يوم القيامة ، فانظر إلى الجهلة من الشباب اليوم في تقليدهم الأعمى .
4- التشبة بالنساء ، فلا يلبس الذهب إلا النساء ، وبلبسك أيها الشاب للذهب فقد تشبهت بالنساء وقد ورد اللعن في ذلك فقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال )) ولعن رسول الله صلى الله عليه وسلم (( الرجل يلبس لبسة المرأة ، والمرأة تلبس لبسة الرجل )) فهل عقلت أيها الفطن ما يحاك ضدك ، وينصب لك ، فالشراك لك بالمرصاد ، لتقع في الشباك أرأيت كيف يخطط لك ، وينظم ضدك ولكن إن شاء الله تعالى لا يحيق المكر السيء إلا بأهله ، فالله المستعان وعليه التكلان .
فإذا علمنا وجود تلك المفاسد عبر شاشات وسائل الإعلام المرئية ، ووجودها عبر وسائل الإعلام الأخرى ، فيجب القول بالتحريم .

عاشراً / وسائل الإعلام دعوة لشيوع الجريمة :
لا شك أيها الأخوة أن الشباب مليء بالطاقة والحيوية ، ويريد كل منهم أن يفرغ هذه الطاقة وعندما يشاهد فيلماً عنيفاً أو تخطيطاً لجريمة ما ، أو تعاط للمخدرات ، أو استدراج لفتاة أو امرأة ، ثم فعل فاحشة الزنا بها ، فقد يفقد بعض الشباب عقلة ، ويذهب صوابه ، ويهبه للشيطان فيقع فريسة وألعوبة يتلاعب به عدوه كيفما يريد ، فيحاول أن يطبق ما شاهده وحتماً بإذن الله سيقع في أيدي رجال الأمن ، وكم من شباب حاولوا مثل هذه المحاولات فزعزعوا الأمن وأرهبوا الآمنين ، وأخافوا الساكنين من جراء تلك القنوات التي تصب جام غضب الله على أهلها ، فسرعان ما وقعوا في يد العدالة ولله الحمد .
يقول أحد الأطباء النفسيين بجامعة كولومبيا : أن التلفزيون هو المدرسة الإعدادية للانحراف .
فأكثر ما يُعرض في القنوات أفلام جنس وجريمة ، وانحلال ورذيلة ، وهذا في بلادهم وما يعرض على شاشاتهم ، والذي انتقل إلينا عبر الفضائيات ، وكم من مآس وجرائم وقعت في بلاد المسلمين ، ثم عظ الآباء والأمهات أصابع الندم ، حين لا ينفع الندم ، كم هم الضحايا الذين وقعوا تحت وطأة الفضائيات وما يعرض فيها من أفلام جنس ، وجريمة ، وكم هم الذين انخدعوا وجرفتهم تلك التيارات فوقعوا على أمهاتهم وأخواتهم وبناتهم بسبب تلك الفضائيات ، والغفلة الناتجة عن إدخالها إلى المنازل فاحذر تسلم وأخرجها تغنم ، قبل أن تندم ، فذلك هو المغرم .
فهل بعد ذلك يشك إنسان سوي في تحريم تلك الوسائل الهدامة .

حادي عشر / وسائل الإعلام دعوة للفشل الذريع :
ألا ترى كثرة الرسوب والإهمال في الدراسة والسبب المباشر في ذلك بدون مخالطة أو خلط للحقائق ، هو الجلوس أمام الشاشات بالساعات الطوال ، ولقد أجريت دراسات وأبحاث على الطلاب والتلاميذ حول ضعف المستوى والتحصيل العلمي ، فأثبتت تلك الدراسات أن 64 % ممن شملتهم التجارب والدراسات شُغلوا عن التحصيل والاستذكار ، وأثبتت التجارب أن التلميذ عندما يتخرج من الثانوية العامة قد قضى (15,000 ) ساعة أمام التلفزيون والتلفزيون اليوم إما قناة واحدة أو قناتين فما بالك ( بالأطباق الفضائية والإنترنت ) نتوقع أن يقضي عندها الشاب معظم وقته ، وقد نقل لنا أن أحد الشباب ممن تجاوز العشرين من عمره لا يخرج من حجرته التي وُضع فيها هذا ( الدش ) فيأكل ويشرب وينام في نفس الحجرة المهلكة والغرفة الموحشة ، فلا صلاة ولا طاعة ولا بر بوالديه ، فهذا والله صدق فيه قول مولاه سبحانه : (( إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا )) وقوله : (( والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار مثوىً لهم )) .
كذلك ما نلاحظه من خمول وكسل لدى كثير من الطلاب ، حتى أصبحت المدارس وكأنها غرف للنوم ، ولا غرابة في ذلك لأن التخطيط وقع كما خطط له الأعداء فلا تُبث البرامج المثيرة إلا في أوقات متأخرة من الليل وهم بذلك يقصدون عدة جوانب :
1- النوم عن صلاة الفجر .
2- التكاسل عن حضور العمل مبكراً .
3- الإهمال في أداء العمل على الوجه المطلوب .
4- كثرة الغضب ، لأن الشخص إذا لم يأخذ قسطاً من الراحة فسيكون عصبي المزاج ، عنفواني الأخلاق فيسبب ذلك المشاجرة والمشاحنة بين المسلمين .
وقد لو حظ ذلك بشكل واضح ، فهاهم طلابنا اليوم ، يندر أن نجد في الفصل الواحد ثلاثة حصلوا على كامل الدرجات بينما في الماضي كانوا يتسابقون للحصول على المركز الأول ، أما اليوم فهم يتسابقون على الخروج مع باب المدرسة ويتنافسون على المركز الأول في ذلك ، فإلى متى هذه الغفلة ؟ ومتى نصحو من نومنا ؟ فنشكو إلى الله ضعف الحال وقلة اليقين .

ثاني عشر / وسائل الإعلام دعوة للكفر الصريح :
وهذه هي القاتلة ، والحالقة ، لا تحلق الرأس ، ولكن تحلق الدين من القلوب ، وهذا هو الخطر الداهم ، والخطب الكامن الذي من أجله وجدت وسائل الإعلام ، فما فائدة الحياة بلا هدف ؟ للموت أعظم وأفضل من حياة لا هدف لها ، ولا غاية ترجى منها ، ألا ترى أيها المشاهد أن أعظم البرامج جاذبية لا تكون إلا قبل الصلاة بوقت قليل بحيث لا يسمح لأحد بأداء الصلاة في وقتها ، كي لا يفوته شيء مما يعرض عبر القنوات ، وهناك من البرامج وخصوصاً البرامج الرياضية والمباريات لا تأتي إلا وقت الصلاة ، فانظروا كيف وصل بهم الحال ، يريدون انتشال المسلم من إسلامه ويقذفون به في بؤرة الكفر والعياذ بالله .
فإذا كان المشاهد يجلس أمام هذه الشاشات الساحرات الطوال من الساعات ، فلا عجب أن تضيع منه الصلوات لأن السهر مظنة ضياع الأوقات فيما لا ينفع .
فالصلاة ركيزة وركن أساسي من أركان الإسلام لا يُقبل من تاركها عدل ولا حرف ولقد أمر الله تعالى بها من فوق سبع سموات فقال تعالى : (( وأقيموا الصلاة )) وقال تعالى : (( إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً )) .
ولهذا حذر النبي صلى الله عليه وسلم من التخلف عنها وهم أن يحرق على الرجال الذين لا يؤدونها في المساجد أن يحرق عليهم بيوتهم بالنار فقال : (( لقد هممت أن أمر بالصلاة فتقام فأمر رجلاً يصلي بالناس ثم أنطلق برجال معهم حزب من حطب فاحرق عليهم أناس لا يشهدون الصلاة بيوتهم )) أو كما قال صلى الله عليه وسلم والصلاة هي الفاصل بين الكفر والشرك والإسلام ، فقال صلى الله عليه وسلم (( العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر )) وقال : (( بين الرجل والكفر والشرك ترك الصلاة )) فأمرها عظيم وخطرها جسيم والأعداء يحرصون على أن تضيع صلاتك حتى يحبط عملك ولا تأبه بأي عمل عملته أقبيح أم صحيح لأن الصلاة هي التي تنهى عن الفحشاء والمنكر فمن تركها ضاعت أعماله .
فإذا كانت تلك الوسائل تدعو للكفر بالله ، وإهمال أوامره سبحانه ، فلابد من القول بتحريمها ، وإخراجها من معاقل المسلمين وبيوتهم .

ثالث عشر / وسائل الإعلام دعوة لفقد العقل والإنسانية :
فيها دعوة صريحة إلى ترويج المخدرات والمسكرات ، وتعاطي الدخان ، وتعليم أساليب الفن في استخدامها وتعاطيها ، وهناك من السذج من يرى أن في ذلك فائدة عظيمة يستفيد منها الشباب والرجال ، ولم يدرك الخطر المحدق بالأمة ، ففي ظاهرها المعالجة ولكن في داخلها الترويج لتلك السموم والآفات القاتلة بيعاً وتعاطياً .
ومعلوم أن دول الكفر والإلحاد تحارب تجارة الخمور والمخدرات ، والدخان والمسكرات لضررها بالأفراد والمجتمعات ، ونحن كأمة إسلامية نحاربها ونحرمها لضررها ولحرمتها ، قال تعالى : " ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة " ، وقال تعالى : " ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً " ، وقال تعالى : " ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث " ، وقال تعالى : " يا أيها الذين أمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون " ، وما دام أنه في وسائل الإعلام دعوة لمخالفة أمر الله تعالى ، ودعوة سافرة لاقتراف ما نهى الله ورسوله عنه ، فلا غرو أن يقال بتحريم تلك الوسائل ، لأنها رامية إلى تعاطي تلك السموم ، والوسيلة لها حكم الغاية .

رابع عشر / وسائل الإعلام دعوة للتغريب :
إن الإذاعة والتلفزيون والصحافة ودور السينما والمسارح من الوسائل المؤثرة في تدمير وتخدير الشعوب وخاصة جيل الشباب، وأن هناك خططاً خبيثة واسعة كانت تُعدّ خلال القرن الأخير، ونصفه الثاني خصوصاً ـ باستخدام هذه الوسائل سواء للدعاية ضد الإسلام وضد علمائه العاملين، أو للدعاية لمصلحة المستعمرين ـ الغربيين أو الشرقيين ـ كما استخدمت لإيجاد سوق لبضائعهم، لاسيما الكمالية وبضائع الزينة، بكافة الأشكال، تبدأ بالتقليد في طراز المباني وزينتها وتستمر تقليداً في أنواع المشروبات والملابس وطرازها، واعلموا أيها الشباب أن هذه الأفلام التلفزيونية من أي صناعة كانت غربية أو شرقية ، فالهدف منها انحراف جيل الشباب فتية وفتيات عن مسار حياتهم الطبيعي، وعن العمل والصناعة والإنتاج والعلم، وجرّهم إلى الجهل بهويتهم وأنفسهم ، أو إلى النظرة السيئة وإساءة الظن بكل شيء يتعلق بهم وببلدهم حتى الثقافة والآداب والآثار القيمة .
ولا ننسى دور المجلات الهابطة ، والصحافة المغرضة ، التي تقود الشباب خاصة إلى التفاعل مع الغرب والشرق بما تنشره من مقالات وصور مبتذلة مؤسفة ، وبسياقها في نشر المقالات المضادة للثقافة الإسلامية ، كل ذلك لإهلاك الحرث والنسل ، والقضاء على شباب الأمة لأنهم الهدف من ذلك ، وهم القصد من وراء تلك الوسائل الإعلامية الهابطة ، ولم يكن ليمرّ وقت طويل حتى تنكر الكثير من شبابنا اليوم لأمتهم ولمجتمعهم بل وحتى لوالديهم ، بعد أن كانوا أبناء الإسلام والوطن الذين تتطلع إليهم أعين أمتهم ليكونوا حماة لحوزة الدين ، ونصرة للحق في كل مكان ، ولا أعظم دليلاً على هذا التغريب الحاصل للشباب اليوم من هذه المهازل والحركات الساخرة ، والسفاهة الواضحة التي يقومون بها في الشوارع وعلى الأرصفة ، وفي محلات التجارة والمطاعم ، وذاك الزي الذي يستحيي من لبسه الكفار من لبس للضيق ولبس للبناطيل والشورتات والقبعات واصطحاب الكلاب والقطط في سياراتهم وغرف نومهم ، وما يقوم به بعض السفهاء من الشباب من رقص داخل السيارات مع رفع لصوت المسجل بالأغاني المحرمة شرعاً وعرفاً ، وتلك الكلمات الغربية الغريبة التي يتشدقون بها من لعن لبعضهم البعض ، بل وصل الحد ببعضهم حتى سب الله تعالى ، وهذا كفر صريح يجب قتل فاعله ردة ولا تقبل توبته ، فوسائل الإعلام اليوم ، لا يشك عاقل أنها محرمة ولا يجوز إدخالها البيوت لما تسببه من تغريب للأسر والأفراد وخصوصاً الشباب ، فالله الله يا شباب الأمة كونوا خير معين لأمتكم ، وانفضوا غبار التغريب عن رؤوسكم ، واستيقضوا من رقدتكم ، وانتبهوا من غفلتكم .

القسم الثالث / أقوال العلماء في وسائل الإعلام :
أيها الأخوة ، العلماء هم ورثة الأنبياء ، هم الذين أوصلوا العلم لنا عالماً عن آخر ، وهذا من حفظ الله تعالى لدينه : " إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون " ، فمن شكك في علماء الأمة ، فقد شك في حفظ الله تعالى لكتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، ومن قدح في العلماء في قدح في صدق النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال : " العلماء ورثة الأنبياء ، وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً ، إنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر " [ أخرجه الترمذي وغيره ] ، فهاهم العلماء يحذرون من وسائل الإعلام بشتى أشكالها وصورها ، وخصوصاً الفضائيات والإنترنت الذي قضى على بقية كانت باقية في قلوب بعض المسلمين من غيرة وعفاف وحياء ، ووالله لا ينكر خطورة هذه الوسائل الإعلامية إلا فاقد العقل أو ناقصه ، أو رجل له مآرب أخرى ، ومقاصد لا تدرى ، وإلا فغالبية الناس حتى الغربيين عرفوا حقيقة هذه الوسائل الإعلامية فحاربوها ، فكيف بنا معاشر المسلمين ، فالله الله أيها المسلمون احذروا مكائد إخوان القردة والخنازير ، وانتبهوا أن تقعوا في شرك أحفاد بني قريظة وبني النضير وبني قينقاع ، ألا وهم اليهود والنصارى .
قال سماحة الشيخ / عبد العزيز ابن باز رحمه الله تعالى : " أما التلفزيون : فهو آلة خطيرة وأضرارها عظيمة كالسينما أو أشد وقد علمنا عنه من الرسائل المؤلفة في شأنه ومن كلام العارفين به في البلاد العربية وغيرها ما يدل على خطورته وكثرة أضراره بالعقيدة والأخلاق وأحوال المجتمع, وما ذلك إلا لما يبث فيه من تمثيل الأخلاق السافلة والمرائي الفاتنة والصور الخليعة وشبه العاريات والخطب الهدامة والمقالات الكفرية والترغيب في مشابهة الكفار في أخلاقهم وأزيائهم وتعظيم كبرائهم وزعمائهم ، والزهد في أخلاق المسلمين وأزيائهم والاحتقار لعلماء المسلمين وأبطال الإسلام وتمثيلهم بالصور المنفرة منهم والمقتضية لاحتقارهم والإعراض عن سيرتهم وبيان طرق المكر والاحتيال والسلب والنهب والسرقة وحياكة المؤامرات والعدوان على الناس ولا شك: أن ما كان بهذه المثابة وترتب عليه هذه المفاسد: يجب منعه والحذر منه, وسد الأبواب المفضية إليه, فإذا أنكره الإخوان المتطوعون, وحذروا منه فلا لوم عليهم في ذلك؛ لأن ذلك من النصح لله ولعباده ومن ظن أن هذه الآلة تسلم من هذه الشرور ولا يبث فيها إلا الصالح العام إذا روقبت فقد أبعد النجعة وغلط غلطاً كبيراً ؛ لأن الرقيب يغفل ولأن الغالب على الناس اليوم هو: التقليد للخارج والتأسي بما يفعل فيه ولأنه قل أن توجد رقابة تؤدي ما أسند إليها ولاسيما في هذا العصر الذي مال فيه أكثر الناس إلى اللهو والباطل وإلى ما يصد عن الهدى والواقع يشهد بذلك " [ مجموع فتاوى ومقالات ]
وقال فضيلة الشيخ / محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى : " لا شك في أن الدول الكافرة لا تألوا جهداً في إلحاق الضرر بالمسلمين عقيدة وعبادة وخلقاً وآداباً وأمناً ، وإذا كان كذلك ، فلا يبعد أن تبث من المحطات ما يحقق مرادها ، عليه لا يجوز اقتناؤها ، ولا الدعاية لها ، ولا بيعها ، ولا شراؤها ، لأن هذا من التعاون على الإثم والعداون " [ فتاوى علماء البلد الحرام 962 ] .
وقال فضيلة الشيخ عبد الله بن جبرين حفظه الله تعالى : " هذه القنوات الفضائية مما يبثه أعداء المسلمين أو ضعفاء الإيمان يرسلونها نحو أهل الإيمان والدين الصحيح ليزعزعوا العقيدة ويشككوا في الدين الصحيح ويثيروا الشبهات بما يبثون من الشبه التي يروجونها بين أبناء المسلمين وكذا تحتوي هذه القنوات على ما يدفع إلى الفتنة ويدعوا إلى اقتراف المحرمات من الزنا واللواط والسرقة والقتل والحيل الباطلة التي يحكيها أولئك المذيعون فلا جرم أنا رأينا وسمعنا الكثير من الجرائم والأفعال الشنيعة التي تقع في المنازل التي تحتوي على أجهزة الاستقبال لهذه القنوات فننصح المسلم الغيور على محارمه وأولاده أن يبعدهم عن تلقي هذه التصاوير والتماثيل التي تزرع الشر في النفوس وتثير الغرائز إلى ارتكاب المحرمات وإلا فسوف يعض الظالم على يديه ويتمنى إن أبتعد عن هذه الأجهزة فعليه المبادرة وإبعادها قبل أن تستفحل الشرور وتتمكن في النفوس والله المستعان " انتهى كلامه حفظه الله .
واكتفي بكلام أولئك الأجلاء من العلماء ، وقد عرف العالم الإسلامي كم سعوا للصلاح والإصلاح ، فلقد تبوءوا منزلة عالية في الأمة اليوم ، حتى علا نجمهم ، وغلا سهمهم ، فلا يقولون إلا الصواب بإذن الله تعالى ، ولا يعرفون مجاملة في دين الله ، ولا مداهنة ، ولا رضاً لبشر كائناً من كان ، فإن لم نأخذ بأقوال أولئك العلماء الأفاضل ، فبرأي من نأخذ إذن .
وقد رأينا أنهم أجمعوا على تحريم وسائل الإعلام التي تبث بين طياتها أموراً محرمة ، فكيف بوسائل تعرض أكثر ما تعرض حرام وكفر صريح ، واستهزاء بالدين وأهله ، وإثارة البلبلة والمشاكل بين شعوب المسلمين ، للقول بتحريمها واجب ديني .

القسم الرابع / حقائق وأرقام :
أيها الأخوة الفضلاء : لقد قال صموئيل زويمر رئيس جمعيات التنصير؟ لقد قال في مؤتمر القدس للمنصرين الذي عقد في القدس عام 1935م .
إنكم إذا أعددتم نشأً لا يعرفُ الصلةَ بالله، ولا يريد أن يعرفَها أخرجتم المسلم من الإسلام، وجعلتموه لا يهتمّ بعظائمِ الأمور، ويحبُّ الراحةَ والكسلَ، ويسعى للحصولِ على الشهواتِ بأي أسلوبٍ، حتى تصبحَ الشهواتُ هدفَه في الحياةِ، فهو إن تعلم فللحصولِ على الشهوات، وإذا جمع المالَ فللشهواتِ، وإذا تبوأ أسمى المراكز ففي سبيل الشهوات، إنه يجودُ بكلِّ شيءٍ للوصول إلى الشهواتِ !
هذا ما قالوه منذ ما يزيدُ على ستين عاماً، ولا يزالون يعملون دون كللٍ أو مَلَلٍ، لأنهم يرون ثمار مخططاتهم الخبيثة تزدادُ يوماً بعد يوم، وعاماً بعد عامٍ، حتى ظهرت هذه الفضائيات التي استطاعوا من خلالها – وفي أعوام يسيرة – تحقيق ما لم يستطيعوه في قرون طويلة ، لقد استطاعوا من خلال وسائل الإعلام اقتحامَ ديارنا وبيوتنا ، وحتى غرفَ نومِنا بلا مقاومةٍ منا ولا غَضَبٍ، ولا محاولةٍ لمنعهم من ذلك ، بل بموافقةٍ منا ورضى وترحيب !! فلماذا ترضى لنفسك يا أخي أن تكون ممن يساعدون الأعداء وينفذون مخططاتهم الراميةِ إلى ضرب الأمة في عقيدتها وأخلاقها وعزها ومجدها .
لماذا تقبل بالانهزام النفسي ودناءة الفكر والتصور ، وخسة الهدف والغاية ؟ .
وعند سؤال رئيس قناة فضائية من تلك القنوات عن كثافة مشاهد العري في القناة التي يديرها، قال : هيك بده المشاهد …بدو نسوان يا أخي ، وفي هذا اتهام للمشاهد بلهثه وراء الجنس، ويظل ضعفاء الإيمان يتجولون بين هذه القناة وتلك لا هم لهم إلا إشباع شهواتهم من خلال رؤية تلك اللقطات الخليعة في هذه القناة أو تلك..لقد تناقلت الصحف خبراً مفاده أن أحد متابعي الفضائيات لديه22 جهاز تلفاز في صالة واحدة يقوم بتشغيلها معاً لينتقي منها ما يشاهده لئلا يفوته مشهد من هنا أو لقطة من هناك ، أرأيتم انتكاس الفطر ، وتغير القيم ، وأن هناك جهلة من المسلمين .

عودة لبرامج الأطفال :
لأن الأطفال هم فلذات الأكباد ، وهم عماد المستقبل لكل أمة من الأمم ، فقد اعتنى بهم الإسلام عناية خاصة ، حتى قبل زواج الأب بالأم ، حث على اختيار الزوج الصالحة والزوج الصالح ، والتخير للنطف لأن العرق دساس ، وهكذا اعتنى الإسلام بالطفل قل مولده ، وأثناء الحمل به ، وبعد ولادته ، من أجل ذلك ، أفردت هذه النقطة المحورية الهامة ، لأجل تثقيف الوالدين ، بكثير من الدراسات التي أجريت على الأطفال ومشاهداتهم للأفلام الكرتونية ، أو ألعاب ( البلاي ستيشن ) أو غيرها من ألعاب ، لا تعود بفائدة مطلقاً بل كلها ضرر محض .
فقد أكدت دراسة للمجلس العربي للطفولة والتنمية أنه على ‏الرغم من دور التلفزيون في تثقيف الطفل وتوسيع مداركه من خلال نقل المعارف ‏والخبرات فأن العديد من الانتقادات يوجه إلى دوره التربوي.
وأوضحت الدراسة أن من ‏هذه الانتقادات إفساد الأطفال من خلال ما يقدمه التلفزيون أحيانا من إعلانات غير ‏ملائمة وأسلوب معالجته الجرائم والانحرافات وكذلك عرضه المتكرر بعض الأفلام التي ‏قد تتضمن ما هو خطر على الأطفال في المرحلة العمرية التي يمرون بها.
وأشارت إلى أن التلفزيون بسيطرته وهيمنته على جمهوره جعلهم أسرى له " مما أضعف ‏التواصل والعلاقات الأسرية والاجتماعية عامة وجعل الفرد يتوه في دنيا من الوهم ‏ضاعت معها معالم الحقيقة والواقع".
وأوضحت أن بعض الدراسات التي أجريت خلال العقدين الأخيرين من القرن ال 20 كشفت ‏عن وجود علاقة بين مشاهدة التلفزيون والتحصيل الدراسي وأنه " كلما زادت مشاهدة ‏الأطفال للتلفزيون انخفض تحصيلهم الدراسي وان لم يثبت أن غياب التلفزيون بالضرورة ‏كان مسؤولا عن تحقيق الأطفال لدرجات أعلى".
وأشارت الدراسة إلى أن هناك دلائل تشير إلى أن مشاهدة التلفزيون لا تؤدى إلى ‏تقليل وقت اللعب عند الأطفال فحسب بل أنها أثرت في طبيعة لعب الأطفال ذاتها خاصة ‏اللعب في المنزل أو المدرسة .
ورأت أنه على الرغم من دور التلفزيون في النمو الاجتماعي والثقافي للطفل فإنه ‏قد يؤدي إلى نتيجة عكسية ويجعل الطفل شخصية ضعيفة منفصلة عن مجتمعها إذا ما ركز ‏على عرض قيم وثقافات أخرى تؤثر على ذاتية الطفل الاجتماعية والثقافية .
وأكدت الدراسة في الوقت نفسه أن التلفزيون أصبح يشكل مدرسة موازية في نقل ‏المعارف والعلوم فيما يؤدى عامل التكرار فيما يقدمه التلفزيون إلى التأثير في إضافة معلومات جديدة إلى الطفل تختلف - كما وعمقا - عن معلوماته السابقة.
وأشارت دراسة المجلس العربي للطفولة والتنمية إلى أن التلفزيون يأتي ‏في المرتبة الأولى بين غيره من وسائل الاتصال ليس فقط من حيث عدد الساعات التي ‏يقضيها الطفل أمام شاشته من حيث قوة تأثيره الذي يصل إلى أعلى مستوياته في ‏المراحل الأولى من المراهقة.
وأوضحت أن التلفزيون يتمتع كوسيلة سمعية وبصرية بقدرات هائلة قد يكون لها دور في تنمية وظائف النمو العقلي عند الطفل والتعلم المجدي عن طريق التسلية مشيرة إلى ‏أن الطفل العربي بمختلف فئاته العمرية والاجتماعية يعيش واقعا إعلاميا متغيرا.
تولي بعض الدول اهتماماً كبيراً بصناعة لعب الأطفال وإنتاج برامج للأطفال؛ وذلك لما تؤديه تلك البرامج والألعاب من دور كبير من دعم القيم المراد غرسها في نفوس الأطفال في شتّى المجالات الإيمانية والعقلية والجسمية وغيرها. مما يدل على تأثير تلك البرامج والألعاب أن أولادنا أصبحوا يعرفون كل شيء عن الأفلام الكرتونية مثل: البوكيمون، والكابتن ماجد، وغيرهما، فضلاً عن أنهم يحفظون الكثير من الأغاني وقصص المسلسلات والأفلام.
ومما يدل على عمق المعضلة التي يعيشها أطفالنا وجود إحصائية تبين أن (68%) من الأطفال العرب الذي تقل أعمارهم عن (10 سنوات) لا يعرفون صحابياً جليلاً اسمه ( خالد بن الوليد ) أعلى شأن الإسلام ببسالته وإخلاصه وجهاده ، وهذا ما جعل الجامعة العربية تحذِّر من أنَّ الأطفال العرب مستهدفون من جانب دول كثيرة أجنبية بسبب إنتاج هذه الدول للعب أطفال وعرائس تنقل قيم ومفاهيم غريبة عن الواقع والأخلاق الإسلامية.
وحذَّرت إحدى الدراسات التي أعدَّتها الإدارة العامة للشؤون الاجتماعية والثقافية بالجامعة العربية من أنَّ الدولة الصهيونية، بالرغم من أنَّ تعداد سكانها ضئيل بالنسبة للدول العربية، إلاّ أنَّها تبدي اهتماماً كبيراً بصناعة لعب الأطفال وتسعى للسيطرة على هذه السوق وتصدير إنتاجها للدول العربية التي تعدُّ من أكبر الأسواق استهلاكاً للعب الأطفال. وأنَّ اليهود يستهدفون من وراء ذلك عقول أطفال العرب وأفئدتهم، ونقل القيم والمفاهيم التي يتناقض الكثير منها مع ما هو سائد في مجتمعنا الإسلامي، الأمر الذي يؤدِّي إلى غرس نزعات العنف والعدوان ومشاعر النقص والدونية في نفوس أطفالنا، بدلاً من أن تكون هذه اللعب والأفلام عوناً في تنمية حواس الطفل المسلم وذكائه وزيادة قدراته الإبداعية واعتزازه بدينه وقيمه.. وقد تأكَّد لدى علماء النفس أنَّ الإسراف في مشاهدة هذه البرامج والأفلام يؤدِّي إلى القلق والميل إلى الانتقام والتشبُّع بالقيم المنحرفة.
ويروى أن أحد الأطفال عندما سئل: من يعرف شخصية تاريخية كانت مثالاً للبطولة والشجاعة؟ أجاب: إنَّه جراندايزر!!
وتقول إحدى الأمهات إنها طلبت من ابنها ذي الخمس سنوات التوقف عن لعبة (بلاي ستيشن) والاهتمام بدروسه، فما كان منه إلا أن ألحّ بالاستمرار متعهداً ألاّ يذهب إلى الكنيسة، ووسط ذهول الأم ، شرح لها ابنها الأكبر أنَّ أحد محطَّات السباق تقتضي توقف المتسابق في كنيسة كبيرة!!
وخلاصة القول : إنَّ الأفلام المدبلجة والكرتونية تنقش في عقول أطفالنا قيماً تجارية وافدة، تؤدِّي في النهاية إلى تعطيل الذهن وشلل الفكر وعرقلة مسار العقل وإطلاق العنان للأخيلة المريضة والأشباح الهزيلة. بل إنَّ بعض محطاتنا الفضائية تقدِّم برامج للمسابقات للناشئة نكتشف معها أنَّ أبناءنا يعرفون كلّ فيلم أنتجته هوليود وأسماء أبطاله، ومخرجه ومنتجه، وعمَّال المكياج والديكور والإضاءة فيه.
واقعنا اليوم يشهد بأن الكثير من أبنائنا أصبحوا يعرفون ما لدى الآخرين أكثر ممَّا يعرفون عن أمتهم وتراثهم وهويتهم الإسلامية .
إن ما يحزننا في هذا الموضوع أن الكثيرين تخوفوا من البث الفضائي الغربي ثم كانت الطامة الكبرى من البث العربي وفي عقر دارنا لترويج الشذوذ ، والانفصام العقلي ، ولقد صدم الفضلاء والنبلاء من أهل الغيرة من هذه الأمة بمواضيع تروج لمفاهيم غربية تثار بلا حياء بدعاوى الحرية ومناقشة اهتمامات الناس وأي اهتمام للناس في موضوع " الشذوذ الجنسي " مثلاً الذي أثير أكثر من مرة في أكثر من فضائية منذ فترة ليست بالبعيدة ويتكرر إثارته بين الحين والآخر ،ومنها ما دار في برنامج [ صحتك .. ] حيث استضافت مقدمة البرنامج اثنين من" الشواذ جنسياً " أحدهما انجليزي و الآخركندي " يحكيان تجربتهما في اقتران كل منهما بالآخر في علاقة زوجية كعلاقة الرجل بالمرأة ، الله أكبر يعصون الله جهرة ، وتعرض وسائل إعلام المسلمين هذه النقلة النوعية من الإسلام إلى الكفر عبر شاشاتها ، والله تعالى يقول في مثل ذلك الفعل القبيح : " إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون " .
وهناك أكثر من 400 قناة تُستقبل في محيط وطننا العربي بعضها إباحي صريح ، وغالبها لا يخلوا من مغازلة المشاعر ، وتحريك الأحاسيس ، وإثارة الغريزة لدى جميع المشاهدين على اختلاف مستوياتهم وأعمارهم وأجنساهم .

القسم الخامس / قصص مؤثرة عن وسائل الإعلام :
القصة الأولى :
يقول الراوي وهو رب أسرة : في بداية حياتي كنت أمارس الأعمال الحرة ، وكانت – بفضل الله – تجارتي رابحة تدر علي خيراً كثيراً ، وكانت حياتي تسير على النهج الإسلامي الصحيح . وما كنت يوماً أتخلف عن الصلوات الخمس وبخاصة صلاة الفجر ، وكان قلبي يطرب فرحاً حين اسمع أن هناك محاضرة دينية ، فكنت أذهب إليها ولو كانت بعيدة عن بلدتي وأحرص على أن أكون في الصف الأول ؛ وكنت محظوظاً في حياتي إذ رزقني الله زوجة صالحة مطيعة ، محافظة على الصلوات الخمس راعية أمينة على بيتي ولله در الشاعر :
إلا إن النساء خلقن شتى فمنهن الغنية والغرام
ومنهن الهلال إذا تجلي لصاحبه ومنهن الظلام
فمن ظفر بصالحهن يظفر ومن يغبن فليس له انتظام

ومنها رزقني الله البنين والبنات وهم : عادل – خالد – سعاد – أمل
إنما أولادنا بيننا أكبادنا تمشي على الأرض
وكانت أسرتي هي النبراس الذي ينير طريقي ، والسلوى التي تبهج قلبي ، ومرت الأيام والشهور والسنون وكبر أولادي ووصلوا إلى الجامعات . وكنت أنتظر اليوم الذي أرى فيه أولادي يحملون الشهادات العلمية ولكن الأيام لا تبقى على وتيرة واحدة ، وسبحان الذي يغير ولا يتغير .
لكل شيء إذا ما تم نقصان .................. فلا يغر بطيب العيش إنسان
هي الدنيا كما شاهدتها دول .................. من سره زمن ساءته أزمان
فبعد أن عشت مع أسرتي حياة هادئة هانئة ، سعيدة يحسدني عليها أقراني وأصدقائي ، جاء اليوم الذي انقلبت فيه حياتي إلى حياة الدمار ، إلى حياة البؤس ، إلى حياة السجون ، إلى حياة التشرد في الطرقات ، إلى الشحاته من الناس ، إذن ما الحكاية التي دمرت حياتي وشردت أسرتي ؟!!
في أحد الأيام جاء ابني ( عادل ) وهو أكبر أبنائي إلى البيت ومعه جهاز الستلايت فاستغربت من هذا الفعل الدنيء ونظرت إليه نظرة ملؤها الإزدراء والإحتقار وقلت له ماذا تريد أن تفعل ؟
قال : أريد تركيب ( الستلايت ) لكي نشاهد القنوات الفضائية العالمية . حتى لا نعيش في قوقعه ومنعزلين عن العالم .
متخلفين ، رجعيين همجيين ، بعيدين عن العالم المتحضر ، نريد يا أبي أن نعيش في عصر النور والتكنولوجيا وحياة القرن العشرين ، حياة الأقمار الفضائية . حياة الإنطلاق ، والتقدم .
فتعجبت من هذه الأقوال التي خرجت من فم ابني ( عادل ) الهادئ الوديع الرزين . فأسرعت إليه كالأسد قائلاً :
نحن لا نريد هذه القنوات الفضائية فإنها باب من أبواب الدعوة إلى الفساد والرذيلة ؟
فقال ابني وهو مصر على رأيه : إذا لم نركب ( الستلايت ) سأخرج من البيت ولن أعود إليه أبداً .
وهنا تدخلت والدته خوفاً على فلذة كبدها من الضياع ، تتوسل إلي وتبكي بحرقة ، وكذلك أولادي وقفوا مع أخيهم وأمهم يلحون ويتوسلون أن أوافق على تركيب ( الستلايت ) وبعد هذا الضغط المتواصل ذهبت إلى أصحابي استشيرهم في هذه المسألة ، فقال بعضهم :
عليك أن ترفض رفضاً قاطعاً طلب أولادك ، لأن تلك القنوات هي الشر المقنع بمسموح التقدم والحضارة ، وإن ما تعرضه من أفلام مخلة بالشرف والفضيلة ، هو أداة تحطيم وتدمير لأولادنا .
وقال آخرون : عليك أن توافق لأن أولادك في هذه الحال يكونون تحت بصرك وأن تراقبهم ومن ثم تستطيع السماع للأخبار العربية العالمية والبرامج الدينية والعلمية .
وقد استحسنت تلك الفكرة ووافقت على دخول الدش في بيتي ... وهكذا دخل هذا الضيف الثقيل بيتي ، ولكني قاطعت النظر إليه ، ومرت الأيام والشهور ولم أشاهده .
ولكن أولادي أدمنوا النظر إلى القنوات الفضائية من أفلام ومسلسلات وعروض الأزياء ، وعروض مسابقات ملكات الجمال ، وصور عاهرات عاريات ، تحت ستار ما يسمى ( الثقافة الجنسية ) ولكن الشيطان حبائله طويلة وصبره لا ينتهي ، كما أن حرصه على إضلال بني آدم غاية الغايات عنده ، فبدأ تحريضي على الغواية بالتدريج ، حيث وسوس لي باستحسان فكرة تركيب الستلايت ، ثم حرضني على سماع النشرات الإخبارية ، والبرامج العلمية ، ثم بالتدريج تطرقت إلى مشاهدة هذه القنوات على استحياء ، ثم تعلق قلبي بها كل التعلق . وبعد أن تملكت تلك القنوات قلبي ، حرصت على مشاهدة العاهرات اللاتي يقمن بحركات جنسية ملؤها الأغراء والفتنة ، والتحدث بأصوات ملؤها الدناءة والخساسة ، وظهور الفتيات الحسناوات وبدأت أنا وأولادي نجلس الساعات الطوال لمشاهدة هذه القنوات وبدأت اتهاون بالصلاة ، فلا أصليها في وقتها وشيئاً فشيئاً هجرت المساجد بالكلية... ونسيت حديث الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) الذي يقول : ( السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله منهم : رجل قلبه معلق بالمساجد ) . بل وصل الأمر أن أصلي وقلبي متعلق بمشاهدة الأفلام العربية و الأجنبية وخاصة المشاهد الغرامية .
وانغمست بمشاهدة هذه القنوات الفضائية وهكذا أولادي وزوجتي وأخذنا نقضي النهار والليل ، وكان من نتيجة ذلك أن ضعف الإيمان في قلوبنا وحل محله التعلق بمشاهدة الأفلام والمسرحيات وكونها عربية أو أوروبية ، فنضحك بأعلى أصواتنا حين نرى شيئاً يضحكنا ونبكي حين نرى شيئاً يبكينا . فعاش قلبي مع مارلين مونرو ، واليزابيث تايلور ، ومادونا ،و..........و ..... وغيرهن من الفاتنات .
ولدي عادل يقتل زوجة ، ولكن ما كان يخطر على بالي أن أولادي سوف ينحرفون وينزلقون إلى طريق الهاوية والسقوط .
فابني ( عادل ) الكبير اخذ يراسل إحدى الفتيات الأوروبيات بواسطة ( رسيفر ديجتال ) حتى فاجأنا في أحد الأيام بأنه قد تزوجها ، لم يقتصر الأمر على هذا ، بل جاء بتلك الزوجة اللعوب إلى بيتي ، وكان ابني يحبها حباً شديداً ويغدق عليها من الأموال والمجوهرات رغم اعتراضي على هذا الزواج غير المتكافئ ، وغير المناسب لنا نحن المسلمين ، الذين نتمسك بالشرف والفضيلة ، أما هؤلاء فهم لا ينظرون إلى الفضيلة والشرف كما ننظر نحن ، وما حادثة ( مونيكا لويسكي – كلينتون ) عنا ببعيد ومن قبل ذلك ، فضائح القصر الملكي البريطاني وكما يقول المثل :
لا ينبت الشوك إلا الشوك ، ولا ينبت الصبار إلا الصبار ، فلم تمض شهور عدة حتى فتحت تلك الفتاة المنحلة من القيم والأخلاق بيتي للفاحشة والرذيلة ، لأن الطبع يغلب التطبع .
وفي أحد الأيام فوجئ ابني بأن وجد في فراشه شاباً مع زوجته ، فما كان منه إلا أن أخذ المسدس وقتل زوجته اللعوب وعشيقها وكانت وكانت النتيجة أن أبني دخل السجن وهو ينتظر أن يساق إلى ساحة الإعدام وهكذا خسرت ابني الأكبر ، وأنا السبب في ضياعه مني ، يوم سمحت له بالدخول ( رسيفر ديجتال ) إلى بيتي .
أبني خالد خلف القضبان ، وأما ابني خالد فقد كان طالباً في المرحلة الجامعية ورسب عدة مرات بسبب السهر والإدمان على مشاهدة هذه الفضائيات ، وكان النتيجة أنه أنغمس بالادمان على المخدرات ، وأخذ يسرق من والدته حتى أصبح لصاً محترفاً ، وكون عصابة من اللصوص تسطوا على البيوت والمحلات لسرقة الأموال والمجوهرات حتى يلبي حاجته من المخدرات وخاصة الافيون والابر المخدرة ، وظل على تلك الوتيرة حتى وقع في أيدي رجال الأمن ، وحكم عليه بالسجن اثنتي عشرة سنة .
إنهيار أسرتي ، أما ابنتي سعاد فشلت في الدراسة من كثرة الرسوب وأخذ قلبها يتعلق بالحياة الأوروبية من أزياء واستماع إلى الأغاني والموسيقى الصاخبة ومشاهدة القنوات الفضائية ، فتعرفت على شاب مستهتر بالقيم والأخلاق وجرفها معه إلى بحور الرذيلة ، وكان من نتيجة ذلك أن حملت منه سفاحاً ، فلما تبين أمر حملها هرب منها ، وبالتالي هربت هي أيضاً من البيت وهي تجر أذيال العار والفضيحة ولم أعرف عنها أي خبر يوصلني إليها ، وأما ( أمل ) وهي الصغيرة فأحبت شاباً لا يعطي للدين أدنى اهتمام ، بل ممن يعتبر أن الدين أفيون الشعوب ، وأن الهدف منه هو السيطرة على الشعوب كبح جماحها . وكان مدمناً للخمور على اختلاف أنواعها ، وتأثرت ابنتي ( أمل ) بحياة زوجها فانغمست معه في إدمان الخمور ، وفي يوم من الأم طلب زوجها منها شيئاً فلم تجبه لأنها كانت تحتسي الخمور ، ولا تدري بنفسها ، فأخذ زوجها يصرخ ويصرخ حتى فقد شعوره ثم ضربها بزجاجة الخمرة على رأسها ففقدت عقلها وهي اليوم تعيش في مستشفى الطب النفسي في حالة جنون وصرع ، أما زوجتي المسكينة فإنها لم تتحمل هذه المصائب فأصيبت بأزمة قلبية ، لأنها لم تتحمل أن ترى ابناءها يسقطون الواحد بعد الآخر ، وكان ذلك نتيجة طبيعية نظراً لوقوفها مع أولادها ، والضغط علي حتى أدخلت ( الدش ) إلى بيتي فأنا الآن أعيش حالة هستيرية ، ألوم نفسي والشيطان وأصبحت لا أعرف كيف أعيش حياتي من عذاب الضمير .
هذا ما جنيته على نفسي وأخذت أهيم على وجهي في الطرقات كالمجنون وتدهورت صحتي وتراكمت الأمراض في جسدي ، وبدأ الناس يتصدقون علي في طعامي وهم لا يعرفون أني المجرم الذي حطمت عائلتي وضيعت تجارتي . أنني اكتب هذه النصيحة وقلبي يتألم من الفعل الذي فعلته كيف أقابل الله يوم القيامة . وماذا أقول لله جل وعلا ، أقول له أنا الذي أدخلت ؟ الدش في بيتي ، أقول له أنا الذي حطمت أولادي ، أقول له أنا المجرم الذي تحالفت مع الشيطان للقضاء على أولادي .
إن المسألة كبيرة وخطيرة يا أخواني ، وربما يقول بعضكم أن هذه مبالغة ، فكثير من البيوت تملك ( الستلايت ) ولم يحصل كما حصل لي ، ولكني أقول : وما يدريكم .. هذه المحاكم تعج بالمراجعين وبخاصة الجنايات .. من سرقات وحمل سفاح وهروب فتيات ، وهذه المستشفيات النفسية تموج بالحالات النفسية ، وهذه الصحف تنشر على حالات الانتحار والسرقات والخطف والاغتصاب ... فما سبب ذلك ؟
بكل بساطة سببه القنوات الفضائية .
القصة الثانية :
القصة الثالثة :
القصة الرابعة :

القسم السادس / الحكم الشرعي في وسائل الإعلام :
بعد ذكر شيء من الأعذار التي يتذرع بها مشاهد وسائل الإعلام ، وبعد ذكر شيء من مخاطرها وأضرارها ، وبعد عرض أقوال بعض أهل العلم بصددها ، وبعد ذكر شيء من الحقائق التي يغفل عنها الكثير من مشاهدي وسائل الإعلام ، يتبين لكل صادق مخلص ، ولكل طالب للحق ، ولكل منصف ، أنه لا شك في تحريمها .
فماذا بعد أن نظرت أيها المشاهد والمستمع لمن تشاء وسمعت من تريد ؟ ماذا بقي لك بعد أن عصيت ربك ؟ ذهبت اللذة والمتعة ، وبقيت التبعة واللوعة ، انتهت النزوة والشهوة وظلت السيئة والشقوة ، فكم من ذنب كتب في ديوانك ؟ وكم من سيئة سطرت في كتابك ؟
ووالله إنك لو عصيت إنساناً مثلك لخجلت من مقابلته ، فما بالك بالخالق جل جلاله . ألا يسؤوك أن تَقْدُم بمعاصيك على مولاك ؟ في يوم النجاة والهلاك ؟ كيف يطيب لك أن تتلذذ بما نهاك الله عنه ومنعك منه ؟ وكيف يهنأ لك عيش والله يراك حيث نهاك : " ألم تعلم أن الله يعلم ما في السموات وما في الأرض ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا ثن ينبئهم بما عملوا يوم القيمة إن الله على كل شيء شهيد " . أين أنت من قوله تعالى : {قُل للمُؤمِنِينَ يَغُضوا مِن أَبصَـرِهِم وَيَحفَظُوا فُرُوجَهُم ذلِكَ أَزكَى لَهُم إِن اللهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصنَعُونَ} [ النور : 30 ] . أين أنت من قوله تعالى : {يَعلَمُ خَائِنَةَ الأعيُنِ وَمَا تُخفِي الصدُورُ} [ غافر : 19 ] . أين أنت من قوله صلى الله عليه وسلم : "العينان تزنيان وزناهما النظر" [متفق عليه ] . أين أنت من قوله صلى الله عليه وسلم : "أتعجبون من غيرة سعد؟ والله لأنا أغير منه، والله أغير مني" [ متفق عليه ] .
فاحذر يا من تشاهد الحرام عبر وسائل الإعلام ، احذر أن تخترمك المنية وأنت ترجو الحسن من الأمنية ، فوا أسفا على من مات ولم تمت سيئاته . ومازالت تأتيه في موته وحياته ، أدخل الفساد على أهله ، وجاءته المنية في يومه ، فأهله بالجهاز يتمتعون ، وهو بالعذاب من المتلوعين .
فيا من سمعت هذه الكلمات ، ويا من أيقنت صدق الهمسات ، هل ستصم عنها الأذنان ، وتخرس منها اللسان ، أم أنك ستكون كما قال نبيك صلى الله عليه وسلم : " بلغوا عني ولو آية " ، وكما قال حبيبك وقدوتك محمد صلى الله عليه وسلم : " من كتم علماً ألجمه الله بلجام من نار " .
فاسمع ما دمت تسمع ، اسمع ما دمت في دار المهلة ، هذا رجل أدخل على أهله ما يفسد عقيدته ويقتل حياءهم ، ويدمر عفتهم ، ومالبث أن جاه الزائر الأخير ، ففقد الوساد الوثير ، وأصبح لا سميع ولا بصير ، فمات وكان من أهل الخير ولكن لعب بعقله الشيطان فأدخل ذلك الجهاز اللعين ، ووضعه على سطح بيته ليسمع الأخبار ويرى الأحداث وكل ذلك من البوار ، فرآه جارٌ له في المنام وهو يشكو حاله وما يتعرض له من العذاب ، فاخبر الرجل أهل الميت بمارآه فما كان منهم إلا أن استمعوا لذلك الناصح فأخرجوا ذلك الجهاز من البيت ، فرآه الجار بعد ذلك وهو في أحسن حال .
فانتبهوا أيها الرجال ، فلعلكم أن تكونوا أحسن منه حال ، فأنتم في دار العمل ، فاحذروا قبل أن تنقلوا إلى دار لا عمل فيها ، بل هي الحسنات والسيئات .
وأوصي في هذا المقام كل من له حق يد التغيير في بلاد المسلمين من ولاة الأمور ، وإلى كل مسؤول وخصوصاً من ولاه الله أمر الإعلام أن يتقوا الله تعالى فيما أنيط بهم من أمانة هذه الأجيال فوالله سيسألون عنها يوم العرض ، على فاطر السماء والأرض ، ووصية أخرى أوصي بها كل بائع لهذه الوسائل الهدامة ، وأقول له : اعلم أن الله تعالى إذا حرم شيئاً حرم ثمنه ، فثمن هذه الوسائل سحت حرام ، والحرام مصيره إلى نار تلظى لا يصلها إلا الأشقى ، قال تعالى : " يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل . . . . إلى أن قال سبحانه : " ومن يفعل ذلك عدواناً وظلماً فسوف نصليه ناراً وكان ذلك على الله يسيراً " ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " كل جسد نبت من السحت فالنار أولى به " [ أخرجه البخاري ] ، واعلم أن أكل المال الحرام من أسباب عدم إجابة الدعاء ، وعدم قبول العمل ، فقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء : " يارب يارب ومطعمه حرام ، ومشربه حرام ، وملبسه حرام ، وغذي بالحرام ، فأنى يستجاب لذلك " [ أخرجه مسلم ] .
وقد جاء الشرع المطهر بحفظ الكليات الخمس وهي : الدين ، والعقل ، والنفس ، والمال ، والعرض ، ولا شك أن من اعتدى على واحدة منها فقد أتى إثماً عظيما ، وذنباً كبيراً ، فمن دعا الناس لإفساد هذه الكليات الخمس فقد عادى الله تعالى ، ومن ضاده في حكمه ، ومن عادى ربه فقد خسر خسراناً مبيناً ، وضل ظلالاً بعيداً ، ولقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من التعدي على هذه الأساسيات الخمسة فقال في حجة الوداع : " إن دمائكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا ، في بلدكم هذا ، في شهركم هذا ، وستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم . . " [ أخرجه مسلم ] .
فالمسلم إذا أتاه الأمر والنهي من ربه ومن نبيه صلى الله عليه وسلم قال كما قال الله تعالى : " إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون " ، وقال تعالى : " وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبيناً " ، هذا هو المؤمن حقاً ، أما غير المسلم فاسمعوا ماذا كان ردهم على ربهم : " وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما آتيناكم بقوة واسمعوا قالوا سمعنا وعصينا واشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم قل بئسما يأمركم به إيمانكم إن كنتم مؤمنين " .
كانت تلك بعض الخواطر نحو موضوع الساعة اليوم ، ألا وهو موضوع وسائل الإعلام وخطرها وتأثيرها سلباً على الفرد والمجتمع ، فما كان من صواب فيما قلته ونقلته فمن الله وحده ، وما كان فيها من خطأ وزلل فمني ومن تقصيري والله ورسوله بريئان ، وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يجزيكم خير الجزاء ، وأن يعظم لكم أعظم الثواب ، على حسن استماعكم وإصغائكم ، وأسأله سبحانه أن يصلح شباب الأمة ، وأن يجنبهم مخططات الأعداء ، وأن يبصرهم بأمور دينهم وعقيدتهم ، وأن يجعلهم درعاً متيناً في مواجهة الأعداء ، وأن يهديهم سبل السلام ، وأن يربط على قلوبهم ، وأن يجنب المسلمين جميعاً شرور هذه الوسائل الإعلامية الهدامة الهابطة ، إنه ولي ذلك والقادر عليه ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً .

الحوار الداخلي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك