قانون وسائل الإعلام في الدولة الإسلامية

مشروع
قانون وسائل الإعلام في
الدولة الإسلامية
تقديم الشيخ احمد القصص

زياد غزال

بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
((اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً))
منذ نهاية القرن التاسع عشر الميلادي اشتدت الغزوة الحضارية الغربية على الحضارة الإسلامية، ولاسيما على أنظمة الحياة والمجتمع والدولة التي شرعها الإسلام وطبقتها الدولة الإسلامية على مدى قرون من التاريخ. وكان ذلك في سياق إسقاط شرعية الدولة الإسلامية القائمة آنذاك وإسقاط قداسة أنظمتها وقوانينها التي هي أحكام شرعية مستمدة من نصوص الوحي، أي الكتاب والسنة وما أرشدا إليه، ومن ثم تمهيد الطريق لقبول التشريعات الوضعية الغربية المنبثقة من فكرة فصل الدين عن الحياة التي قام عليها المجتمع الغربي منذ الثورة الفرنسية الكبرى. ولقد استعانت هذه الغزوة الحضارية الغربية بأناس من أبناء المسلمين صُنعوا على عين المعاهد ومراكز الدراسات الغربية، أو ممن باعوا أنفسهم رخيصة لأعداء هذه الأمة.
وبالفعل، أسفرت هيمنة دول الغرب، بفعل الاحتلال العسكري الذي بلغ غاية توسعه مع نهاية الحرب العالمية الأولى، عن إقصاء الأنظمة والقوانين الإسلامية عن رعاية شؤون الناس، وتطبيق الأنظمة والقوانين الغربية بدلاً منها، في معظم بلاد المسلمين.
وعلى الرغم من زوال الاحتلال العسكري عن معظم بلاد المسلمين، بقيت الدساتير والقوانين التي أدخلها إلى البلاد مطبقة، إذ قد كرسها بإنشاء طواقم من المثقفين بثقافته المفكرين بعقليته، وبمؤسسات أنشئت خصيصة من أجل تطبيقها والحفاظ عليها. واستمرت الجامعات وسائر مناهج التعليم ترعى هذه التشريعات وتصبغ عليها الشرعية"العلمية" و"الديمقراطية"، إذ صوروا للناس أنها نتاج تضافر"العلماء الحداثيين"والمجالس التشريعية التي نالت ثقة الجماهير الناخبة، كما يزعمون.
وأما الأنظمة والقوانين الإسلامية التي طبقتها الدولة الإسلامية طيلة مئات السنين، فقد صُورت على أنها نتاج عقول مشرعين تاريخيين أبدعوا ما دفعت إليه حاجة المجتمع والدولة والحكام في حقب ماضية من التاريخ الإسلامي، وأنكروا أن تكون هذه الأنظمة مستمدة من الوحي الذي أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم، إذ ليست هذه الأمور، أي أنظمة الحياة والمجتمع والدولة، من شؤون الدين، إسلاماً كان أو غيره، على زعمهم.
لقد شعر رواد الثقافة الغربية وأتباعهم في العالم الإسلامي بالهناءة لرؤيتهم حضارة الغرب وثقافته وأنظمته تستقر إلى حين في العالم الإسلامي دون منازعة ذات شأن من جهة المثقفين . بل قد حظيت هذه الأنظمة بتبرير فريق واسع من هؤلاء المثقفين، وحتى من بعض المتخصصين في الشريعة والدراسات الإسلامية.
إلا أن هناءة هؤلاء لم تدم طويلاً، إذ فوجئوا بحركة فكرية في العالم الإسلامي تشن حملة ارتدادية على الغزوة الحضارية الغربية، ولاسيما على الجانب التشريعي منها. وكان في مقدمة هذه الحركة دعاة الحكم بما انزل الله. فقد ابتدأواحركتهم الناشطة، التي لا زالت مستمرة بل متصاعدة الوتيرة حتى يومنا هذا، مستهدفة المنظومة الحضارية الغربية برمتها، بما في ذلك البنيان التشريعي لهذه الحضارة، والذي فُرض على بلادنا بالقوة والمكر منذ أوائل القرن العشرين. وقد أردفوا حملتهم هذه على الحضارة الغربية بإبراز مشروع بنيان تشريعي إسلامي متكامل، مستنبط من الكتاب والسنة وما أرشدا إليه، ليحطم أكذوبة خلو الإسلام من أنظمة الحياة، وليكون مشروع نظام جاهز للتطبيق في الدولة التي سخروا كل جهودهم لإقامتها استئنافاً للحياة الإسلامية. وقد كان العمل العظيم الذي قاموابه رداً صارخاً ومفحماً على الكلام الذي كان يردده العلمانيون،من المثقفين وأركان الأنظمة الحاكمة ودوائر الدراسات الاستشراقية وغيرها، من أن الحركات الإسلامية لا ترفع سوى شعارات وأنها لا تملك أي مشروع سياسي بديل تعمل على تطبيقه في حال وصولها إلى السلطة. فأثبتوا من خلال كتبهم العديدة، بدءاً بمشروع الدستور ومقدمته ومروراً بنظام الحكم والنظام الاقتصادي والنظام الاجتماعي ونظام العقوبات والتعليم المنهجي في دولة الخلافة، ووصولاً إلى أجهزة الحكم والإدارة في دولة الخلافة، أثبتوا أنهم يملكوا مشروعاً سياسياً متكاملاً للدولة الإسلامية ومجتمعها، . هذا في الوقت الذي تطوعت فيه شخصيات وهيئات ، مروِّجة ما بدأ الغزو الثقافي الغربي بترويجه منذ أكثر من قرن من الزمان، من أن الإسلام لم يعط نظاماً مفصلاً للدولة الإسلامية، فباؤوا بذلك بإثم عظيم، إما على فتواهم بغير علم، وإما على مجاراتهم لأعداء الإسلام استرضاء لهم، إذ يصدرون عن قلوب مريضة، مصداقاًًً لقوله تعالى: (فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة...).
قد يسأل سائل، مشككا أو متشككاً: إن الأنظمة الوضعية بُنيت على نظريات محددة وواضحة. فنظام الحكم الديمقراطي بني على قاعدة أن السيادة والسلطة للشعب، والنظام الاقتصادي الرأسمالي بني على قواعد حرية التملك ونظام السوق ونظرية الندرة النسبية للسلع والخدمات، والنظام الاجتماعي بني على قاعدة الحرية الشخصية، وقوانين الإعلام والصحافة بنيت على قاعدة حرية الرأي... فما هي النظريات التي بنيت عليها الأنظمة الإسلامية للحياة والمجتمع والدولة؟!
فنقول:حاش لأنظمة الإسلام أن تكون نظريات أو مبنية على نظريات. ولو كانت كذلك لما امتازت عن الأنظمة الوضعية في شيء. ذلك أن أنظمة الإسلام هي مجموع الأحكام الشرعية المتعلقة بأفعال العباد. فهي مأخوذة من خطاب الشارع، أي خطاب الله تعالى لعباده. فمجموعة المأمورات والمنهيات والمباحات التي تتعلق بأفعال العباد تشكل معاً معالجات الإسلام لمشكلات الإنسان كافة، أي الأنظمة الإسلامية لجميع جوانب الحياة. وطريقة استخراجها هي الطريقة التي يعتمدها الفقهاء المجتهدون في استنباط الأحكام الشرعية كافة من أدلتها التفصيلية، أي من القرآن والسنة وما أرشدا إليه. وهذه الطريقة هي أن كل فعل من أفعال العباد ينطبق عليه خطاب من الشارع، سواء بمنطوق النص أو مفهومه أو معقولة. فالقواعد الكلية التي تنطبق على كثير من أفراد المسائل والقواعد العامة التي تستوفي مسميات عامة والعلل التي جُعلت أصلاً لأحكام توجد كلما وُجدت العلة، فضلاً عن النصوص التي تدل على كثير من الأحكام بمنطو قها، تُمكِّن المجتهد من استنباط الأحكام وتطبيقها على الوقائع الدائمية أو المتجددة، بعد إدراك واقعها، أي تحقيقها مناطاً للأحكام الشرعية.
وبالتالي فإنه لا توجد نظرية أَسَّس عليها الفقهاء المسلمون نظاماً للحكم أو نظاماً للاقتصاد أو نظاماً للاجتماع أو نظاماً للتعليم أو قانوناً للإعلام... وإنما كان بروزُ منظومات فقهية تحت هذه العناوين ثمرةَ جهد الفقهاء في جمع الأحكام المتعلقة بكل فرع من فروع الحياة والمجتمع والدولة ونظمها وترتيبها، لتشكِّل لنا كتباً ومراجع متخصصة. فنظام الحكم في الإسلام هو مجموعة الأحكام الشرعية التي تنظِّم أجهزة الدولة وعلاقة بعضها بالبعض الآخر وعلاقة الحاكم بالمحكوم، والتي بذل الفقهاء جهداً في ترتيبها ونظمها لتكون مرجعاً ميسوراً تطبيقُه في الدولة الإسلامية المنشودة. والنظام الاقتصادي هو مجموعة الأحكام الشرعية المتعلقة بالمال وطرق كسبه وتنميته ووجوه التصرف به، وموارد بيت المال ومصارفه في الدولة الإسلامية. وقانون الإعلام هو مجموعة الأحكام المتعلقة بأفعال العباد الواقعة ضمن الدائرة المسماة في هذا العصر بالإعلام والصحافة...
إلا أنه، وإن كانت أنظمة الإسلام مجموعة الأحكام التي شرعها الشارع الحكيم - وهو الله تعالى - لأفعال العباد، والتي أوردها في نصوص الوحي، إلا أنه يمكن للفقهاء والدارسين استقراء تلك الأحكام بعد نظمها وترتيبها لمعرفة القواعد الأساسية التي بنيت عليها، ومعرفة الأهداف التي شُرعت لأجلها.
فبعد استقراء مجموعة الأحكام التي شكلت نظام الحكم في الإسلام، اتضح أن هذا النظام قام على أربعة قواعد هي: أن السيادة للشرع، وأن السلطان للأمة، ووجوب تنصيب خليفة واحد يكون رئيساً للمسلمين جميعاً في الدنيا، وأن حق تبني الأحكام وسن القوانين في الدولة الإسلامية هو لرئيس الدولة وحده.
وبعد استقراء الأحكام الشرعية المشكلة للنظام الاقتصادي الإسلامي تبين أن المشكلة التي شرعت هذه الأحكام لمعالجتها هي "كيفية توزيع المال على الناس"، لا كيفية تنمية الثروة كما هو شأن النظام الرأسمالي، وأن سياسة هذا النظام، أي الغاية التي يرمي إليها من خلال أحكامه ، هي كفالة الحاجات الأساسية من مأكل وملبس ومسكن لكل الناس فرداً فرداً، وتمكين جميع هؤلاء من تحقيق سائر الحاجات الكمالية وفق طريقة معينة للعيش ارتضاها الإسلام ...وعلى هذا المنوال يمكن النظر في سائر فروع الأحكام التي اعتنى الفقهاء بترتيبها ونظمها بعد استنباطها أحكاماً لأفعال العباد من الأدلة الشرعية، أي من نصوص الوحي وما أرشدت إليه.
بين أيدينا الآن اقتراح "مشروع قانون للإعلام والصحافة" للأستاذ زياد غزال، يأتي جهداً مميزاً في سبيل إتمام بنيان مشاريع أنظمة الدولة الإسلامية وقوانينها، والتي يلاحظ أنها، أي المشاريع، تتوسع بجهود العديد من أصحاب الأقلام من حملة الدعوة، لتنتقل من الخطوط العريضة والملامح الأساسية إلى تفاصيل الأجهزة والإدارة.
وما من شك أن قضية الإعلام والصحافة، حازت في عصرنا الحاضر حيزاً من الأهمية والخطورة لم تكن تحوزه في الماضي، ولا سيما في السنوات الأخيرة بعد تطور وسائل الاتصالات التي تحولت إلى وسائل إعلامية، وفي مقدمها شبكة قنوات البث الفضائي وشبكة الاتصال الإلكتروني "الإنترنت"، اللتان كانتا بحق ثورة بل انفجاراً إعلامياً، أحدث إرباكاً لدى العديد من الأنظمة السياسية في العالم، ولا سيما تلك الأنظمة التي لطالما اعتمدت أساليب التطويق والعزل الإعلاميَين، بحيث لا ترى الشعوب المحكومة ولا تسمع سوى ما تريها وتسمعها إياه تلك الأنظمة، على طريقة فرعون الذي ضربه الله تعالى مثالاً للطغيان والتأله في الأرض، إذ قال: (ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد). فبعد أن نشأت أجيال ملئت عقولها بالأكاذيب والأوهام التي تبثها وسائل الإعلام المستفردة قسرياً، اتسع المشهد أمام الأجيال الناشئة من خلال النوافذ الفضائية والإلكترونية الجديدة التي حولت العالم إلى ما يشبه القرية الكونية، إذ ربطت العالم كله ببعضه البعض بشبكات إعلامية متداخلة. فكانت تلك الثورة الهائلة في الاتصالات ووسائل الإعلام فرصة للقوى الكبرى النافذة، من سياسية وحضارية ودينية وثقافية، بل وصناعية وتجارية، لتشن حملاتها مستهدفة تشكيل الرأي العام وغزو العقول والأذواق والمشاعر والأسواق ودعم أنظمة وإسقاط أخرى والترويج لحروب وتبرير أخرى، والدعاية لمرشح وإسقاط آخر... ولا يخفى على أحد اليوم استخدام النظام الدولي، ومعه الأنظمة الحاكمة في العالم الإسلامي، لوسائل الإعلام في حربها على الإسلام بوصفه حضارة ونظاماً للحياة، تحت عناوين محاربة الإرهاب والتطرف والأصولية، ومن خلال تشويه صورة الحركات الإسلامية المبدئية وشخصياتها الرائدة، ومن خلال إبراز أشخاص موالين للحضارة الغربية وثقافتها على أنهم يمثلون الإسلام المعتدل. وبالعموم فإن وسائل الإعلام الحديثة هي أفعل الوسائل وأقواها في الإقناع بأي فكرة والترويج لها، وسلاح فتاك في مواجهة أي فكرة وتشويهها.
ولما كانت الأمة الإسلامية أمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وجب أن تكون أكثر الأمم عناية بالإعلام، إذ الدعوة إلى الإسلام والأمر بالمعروف يقتضي استخدام وسائل الإعلام قد دخلت كل بيت في معظم أنحاء العالم لإقامة الحجة والبرهان على صدق الإسلام ورقي حضارته وصلاحية نظامه ونصاعة تاريخه، وللإقناع بالسياسة التي تتبعها الدولة الإسلامية، في تبنيها لنظام الإسلام وفي حملها الإسلام رسالة إلى العالم وفي مواجهتها للدول المعادية من إقليمية ودولية، ولتوجيه الناس لما فيه خيرهم وخير مجتمعهم من السلوكيات الثقافية والاقتصادية والاجتماعية والخلقية.
وبالمقابل، فإن النهي عن المنكر يقتضي استخدام هذه الوسائل لإثبات ضلال الفلسفات البشرية وفساد الأنظمة الوضعية وشقاء الحضارات التي قامت على غير هدى من الله تعالى، ولفضح سياسات الدول الاستعمارية والأنظمة التي اغتصبت سلطان البلاد الإسلامية. وبالتالي فإن الجهاز الإعلامي هو من أهم الأجهزة في الدولة الإسلامية وأخطرها، وهو لا يقل أهمية عن الجهاز التعليمي. إذ الإعلام يبقى ملاصقاً لحياة الناس من متعلمين وغير متعلمين طوال حياتهم، وهو الذي يبقي الأمة منصهرة في حياة واحدة وتفاعل مشترك، فتتحرك حركة رجل واحد، واتجاه واحد وهدف واحد.
إن كتاب الأستاذ زياد غزال هذا جهد جاد، واقتراح في غاية الأهمية. وكل جهد من هذا النوع، يحتمل المراجعة والإضافة والتنقيح والتعديل، سواء من الباحث نفسه من خلال مداومة المراجعة لعمله، أو من آخرين مهتمين يتوجهون إليه بالنصح والاقتراح، أو مقبلين على جهد مواز له يستفيد منه ويبني عليه ويتفادى ثغراته. فالمؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً.
نسأل الله تعالى أن يجعل في جهد أخينا زياد غزال منفعة للأمة الإسلامية في طريق نهضتها، وعند التطبيق المرتقب للأنظمة الإسلامية التي لاحت بشائرها بإذن الله تعالى، وأن يجعله زاداً له يوم القيامة، يرتقي به درجات في نعيم مقيم، إنه تعالى سميع مجيب.
الجمعة 8صفر الخير 1429ه 15شباط 2008م أحمد القصص
الفهرس
مقدمة .............................................4....
حكم إنشاء وسائل الإعلام .............................................. 21
المقصود بوسائل الإعلام ...............................................25
شروط ظهور وسائل الإعلام .............................................25
شروط مالك وسيلة الإعلام ...............................................27
شروط مدير التحرير ...............................................28
من يتحمل المسؤولية عن المادة الإعلامية ...........................................29
المسؤول عن السماح للمطبوعات الخارجية بالدخول .............................................33
المختص في قرار الإنذار أو الإيقاف أو الإلغاء .............................................34
شروط الأعمال الدرامية .........................................35
حكم التمثيل ............................................35
حكم الاختلاط ............................................39
حكم الرسم و النحت .............................................42
حكم الصور المتحركة للأطفال ...........................................45
شروط برامج الترفيه و التسلية ...........................................47
شروط الأعمال الغنائية ...........................................52
حرمة غناء النساء في وسائل الإعلام .............................................58
حرمة رقص النساء .............................................58
حكم رقص الرجال ............................................60
حكم الآلات الموسيقية .............................................61
جرائم وسائل الإعلام .............................................73
مفهوم جرائم وسائل الإعلام .............................................74
العقاب بلازم القول .............................................56
التحريض ...........................................80
السب .............................................84
سب معتقدات أهل الذمة .............................................88
الافتراء .........................................89
القذف ........................................... 90
حرمة نشر الصور العارية ..........................................92
حرمة النظر إلى صور الممارسة الجنسية .............................................94
نشر الأخبار الكاذبة .............................................95
المادة (1) للرعية الحق في إنشاء وإصدار وسائل الإعلام
إن واقع هذه المادة المراد إيجاد الدليل الشرعي له هو (مجرد ظهور وسائل الإعلام للوجود وقابليتها للوصول إلى الرعية أو وصول الرعية إليها) هذا هو الواقع المراد إيجاد حكم الشارع له أما تصرفات وسائل الإعلام أو ما تصدره أو تبثه فلكل واقع حكمه.
فوسائل الإعلام هن أدوات للجهر والعلانية وقد طلب الشارع قول الحق والمجاهرة
به فعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال دعانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعناه فكان فيما أخذ علينا أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا وأن لا ننازع الأمر أهله قال إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان).( )
وقد اعتبر الشرع عدم الجهر بالرأي وعلانيته فيما يرى أنه حق أمراً محتقراً فقد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يحقر أحدكم نفسه؟ قالوا: يا رسول الله وكيف يحقر أحدنا نفسه؟ قال يرى أن عليه مقال ثم لايقول به فيقول الله عز وجل يوم القيامة: ما منعك أن تقول كذا وكذا فيقول: خشية الناس، فيقول فإياي أحق أن تخشى). ( )
وقد حث الشرع على أن لاتمنع رهبة الناس قول الحق إذا رآه أو شهده فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ألا لايمنعن أحدكم رهبة الناس أن يقول بحق إذا رآه أو شهده فإنه لا يقرب من أجل ولا يباعد من رزق أن يقول بحق أو يذكِر بعظيم). ( )
كما أوجب الشرع الجهر والعلانية للنهي عن المنكر إذا كان تغييره يستلزم ذلك، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان). ( )
واعتبر الشرع الدين النصيحة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الدين النصيحة : قلنا لمن قال: لله ولكتابه ولرسوله وللأئمة المسلمين وعامتهم) ( ) ووسيلة تصل لأكبر عدد من عامة المسلمين أو يصلون إليها تنصحهم وترشدهم هو من حكم النصيحة وقد مارس الصحابة في ظل الخلافة الراشدة الجهر والعلانية بأقوالهم وآرائهم بالوسائل التي كانت متاحة لهم فقد روى البيهقي في سننه (أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه افتتح الشام فقام إليه بلال وقال لتقسمنها أو لتتضاربن عليها بالسيف فقال عمر رضي الله عنه لولا أني أترك الناس بياناً لاشيء لهم ما فتحت قرية إلا قسمتها سهماناً كما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر ولكن أتركها لمن بعدهم جرية يقسمونها) ( ) فبلال رضي الله عنه طالب بحقه وحق الفاتحين حسب ظنه بشكل علني ولم ينكر عليه أحد هذه العلانية.
روى البخاري عن عبد الله بن مسعود قال (صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ركعتين ومع عمر رضي الله عنه ركعتين ثم تفرقت بكم الطرق فيا ليت حظي من أربع ركعات متقبلتان) وعند أبي داود (أن عبد الله صلى أربعاً قال فقيل له عبت على عثمان ثم صليت أربعاً؟ قال الخلاف شر) فعبد الله بن مسعود انتقد فعل الخليفة بشكل علني ولم ينكر عليه أحد هذه العلانية.
وروى الإمام أحمد عن عمر رضي الله عنه قال (إني اعتذر إليكم من خالد بن الوليد، إني أمرته أن يحبس هذا المال على ضعفه المهاجرين فأعطاه ذا البأس وذو الشرف وذو اللسانة فنزعته وأمرت أبا عبيدة بن الجراح فقال أبو عمر بن حفص بن المغيرة: والله ما اعذرت يا عمر بن الخطاب لقد نزعت عاملاً استعمله رسول الله وغمدت سيفاً سله رسول الله صلى الله عليه وسلم ووضعت لواءاً نصبه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولقد قطعت الرحم وحسدت ابن العم فقال عمر بن الخطاب أنك قريب القرابة حديث السن مغضب من ابن عمك) ( )
ففي هذا الأثر ظهرت العلانية بشكل واضح في انتقاد فعل الخليفة ولم ينكر عمر رضي الله عنه أو أحد من الصحابة علانية الانتقاد والجهر به ويقال مثل هذا في جهر ابن عباس رضي الله عنه برأيه علانيةً في انتقاد فعل الخليفة علي بن أبي طالب رضي الله عنه فعن عكرمة (أن علياً رضي الله عنه حرَّق قوماً فبلغ ابن عباس فقال: لو كنت أنا لم أحرقهم لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال (لا تعذبوا بعذاب الله) ولقتلتهم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم من بد دينه فاقتلوه) ( )
وبناءً على ما سبق يتبين أن الشرع أوجب الجهر والعلانية تارةً وندبها تارةً أخرى مما يدل أن الشرع أقر للرعية حرية التصرف في إنشاء وإصدار وسائل الجهر والعلانية.

المادة(2) المقصود بوسائل الإعلام
1. محطات التلفزة الأرضية والفضائية.
2. المحطات الإذاعية.
3. المطبوعات الدورية.
4. السينما والمسرح.
شروط ظهور وسائل الإعلام
المادة(3) يجب على من أراد إنشاء أو إصدار أي من وسائل الإعلام تقديم إخطار إلى دائرة الأمن الداخلي ويشمل ما يلي:
1. اسم الوسيلة ونوعها وعنوانها واللغة التي تنطق أو تصدر بها.
2. اسم مالك الوسيلة وتابعيته وعنوانه.
3. اسم مدير التحرير وتابعيته وعنوانه.
وبالنظر إلى أدلة المادة الأولى ترى أن الشرع أعطى الترخيص للرعية بإنشاء وإصدار وسائل الإعلام فلا تحتاج أفراد الرعية إلى أخذ الترخيص من جهة أخرى لأن الترخيص تم أخذه من الشرع مسبقاً.
أما الإخطار وهو مجموعة من البيانات يقدمها من يرغب في إنشاء أو إصدار تلك الوسيلة إلى الجهة المختصة وهي دائرة الأمن الداخلي بهدف إعلامها عن عزمه على إنشاء أو إصدار الوسيلة، فهو ليس طلباً إنما مجرد إعلام للإدارة المختصة كما أن الإدارة ليس لها حق الاعتراض في حال استيفاء البيانات وموافقتها للأحكام الشرعية التي تبناها الخليفة سلفاً.
المادة (4) يجب أن يكون لكل وسيلة إعلام مدير تحرير يشرف إشرافاً فعلياً على كل ما ينشر أو يبث.
وذلك للتأكد أن المادة المنشورة ليس معاقباً عليها أي لم تخالف الأحكام الشرعية التي تبناها الخليفة فمدير التحرير هو صاحب الإذن في النشر لذا عليه الاطلاع على كل ما ينشر.

شروط مالك وسيلة الإعلام
المادة (5) يشترط في مالك وسيلة الإعلام أن يحمل التابعية لدولة الخلافة
إن الإسلام جعل المسلمين امة واحدة قال تعالى (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله) ( )
فالإسلام آخى بين المسلمين وجمعهم رغم اختلاف ألوانهم وألسنتهم قال تعالى (إنما المؤمنون أخوة) ( ) فالعقيدة الإسلامية هي الرابط بين المسلمين أما دولة الخلافة فإن الرابط بين رعاياها هو التابعية لها وينتج عن التابعية حقوق للرعية وواجبات عليهم ودليل ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم (إذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاثة خصال أو خلال فآيتهن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين، فإن أبو أن يتحولوا منها فأخبرهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين يجري عليهم الذين يجري على المسلمين ولا يكون لهم من الفيء والغنيمة شيء ألا أن يجاهدوا مع المسلمين) ( ) فهذا الحديث يفيد أن أصحاب التابعية أي من تحولوا إلى دار الإسلام لهم حقوق لايتمتع بها المسلم الذي لايحمل التابعية.
شروط مدير التحرير
المادة (6) يشترط في مدير التحرير ما يلي:
1. أن يكون بالغاً.
2. أن يكون عاقلاً.
3. أن يحمل التابعية لدولة الخلافة.
4. أن يكون محل إقامته في العادة دولة الخلافة.
أما أن يكون بالغاً وعاقلاً لأنه يتحمل المسؤولية عن كل ما ينشر والصبي والمجنون عاجزان عن تولي شؤون نفسيهما فيرتب الشرع من يتولاها ويرى شؤونها لأنهما لايملكان التصرفات يقول الرسول صلى الله عليه وسلم (رفع القلم عن ثلاثة عن المجنون المغلوب على عقله حتى يفيق وعن النائم حتى يستيقظ وعن الصبي حتى يحتلم) )رواه ابوداود بسند صحيح فما لا يملكان الأهلية لتحمل المسؤولية، أما أن يحمل التابعية لدولة الخلافة فلمحاسبته عن الجرائم التي تقترف من قبل وسيلة الإعلام المسؤول عنها. عنها.
أما أن يكون محل إقامته في العادة دولة الخلافة لكي يتمكن القضاء من إيقاع العقوبة عليه ودولة الخلافة ولايتها على رعاياها ومن يستوطنون أرضها.
المادة (7) يتحمل المسؤولية عن كل ما يصدر أو يبث في وسائل الأعلام مدير التحرير ومن قام بالفعل.
المسؤولية في الشريعة الإسلامية هي (أهلية الشخص لتحمل عقوبة إتيان المحرمات التي حرمتها الشريعة وترك الواجبات التي أوجبتها والتي أتاها مدركاً لنتائجها) ( )
إن مدير التحرير موجود للإطلاع على كل ما ينشر والتأكد أن المادة المنشورة غير معاقب عليها فهو صاحب الإذن بالنشر فإذا وقعت جريمة من جرائم النشر فيفترض هنا أنه اطلع عليها وأذن بنشرها لأنه قبل راضياً المسؤولية عن كل ما ينشر وأن عليه منع جرائم النشر في الوسيلة التي تحت سلطته وهنا يرد تساؤل كيف يعاقب مدير التحرير على افتراض أنه اطلع حتى لوأثبت أنه لم يطلع وقبل قليل قلنا أن المسؤولية في الشرعية الإسلامية هي (أهلية الشخص لتحمل عقوبة إتيان المحرمات التي حرمتها الشريعة وترك الواجبات التي أوجبتها والتي أتاها مدركاً لنتائجها) ومسؤولية مدير التحرير وعقوبته على شيء لم يفعله إنما هو افتراض والأدلة الشرعية واضحة أن لايعاقب الشخص إلا على ما فعل لا أن يفترض أنه علم وأذن بالنشر ثم يعاقب على ذلك الافتراض يقول الله تعالى (ولا تكسب كل نفس إلا عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى) ( ) فكان لابد من دليل شرعي يجيز محاسبة مدير التحرير على مسؤوليته المفترضة التي شرحنا واقعها من قبل والدليل على ذلك هو أن البراء كان له ناقة ضارية فدخلت حائطاً( ) فأفسدت فيه فكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها فقضى (أن حفظ الحوائط بالنهار على أهلها وأن على أهل الماشية بالليل على أهلها وأن على أهل الماشية ما أصابت ماشيتهم بالليل) ( ) وفي رواية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم (قضى أن على أهل الحوائط حفظها بالنهار وأن ما أفسدت المواشي بالليل ضامن على أهلها). ( )
نجد فيما سبق أن رسول الله صلى الله عليه وسلم افترض مسؤولية صاحب البستان عن بستانه في النهار وأن عليه أن يمنع أي اعتداء من المواشي على بستانه لافتراض وجوده في النهار لذا فإن مسؤولية صاحب البستان هي مسؤولية مفترضة وما يدل أنها مفترضة افتراضاً أن صاحب البستان لو أتى بدليل أنه كان مسافراً أو مريضاً لم يغير ذلك من مسؤوليته عن حفظ بستانه في النهار حتى لو كان خارج البلدة أو مريضاً أو غير ذلك لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم افترض مسؤوليته افتراضاً فكان عليه حفظ بستانه في النهار ولم يلتفت إلى إدعائه بالأعذار حتى لو كانت الأعذار صحيحة وكذلك مسؤولية رئيس التحرير فقد افترضت افترضاً على أنه اطلع على كل ما ينشر وتأكد أن ما نشر ليس معاقباً عليه ثم أذن بنشره وعليه تم محاسبته على الجرائم التي حدثت في وسيلة الإعلام المسؤول عنها.
أما من قام بالفعل فهذا واضح لأن المسلم مسئول عن كل ما يصدر عنه والذمي مطالب بالأحكام الشرعية عدا أنه خاضع لها، يقول الله تعالى (من عمل سوءاً يجزيه) ( ) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن الله تجاوز عن أمتي ما وسوست به صدورها ما لم تعمل به أو تتكلم)( )
المادة (8) يتحمل المسؤولية في البرامج التي تبث على الهواء مباشرة من قام بالفعل فقط.
لأن المسؤولية المفترضة لمدير التحرير ترتفع لفقدان الاستطاعة على الإذن في البث يقول الله تعالى (لاتكلف نفس إلا وسعها) ( ) ويقول الله تعالى (لايكلف الله نفساً إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت)( ) والتكليف يأتي بالمسؤولية والمسؤولية تأتي بالجزاء ومتى عدمت المسؤولية عدم الجزاء يقول الله تعالى (ولا تكسب كل نفس إلا عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى) ( ) لذا يحاسب من قام بالفعل فقط ، كما يقول الله تعالى( ومن يكسب إثماً فإنما يكسبه على نفسه وكان الله عليماً حكيماً) ( )
المادة (9) ليس للصحفي حقوق يمتاز بها عن باقي الرعية.
الحق هو اختصاص يقربه الشرع سلطة على شيء والشرع لم يقر للصحفي سلطة للحصول على الأخبار والمعلومات والإحصائيات بما يمتاز به عن باقي الرعية فالشرع أعطى هذا الاختصاص للرعية دون تميز ولا ترغم مصادر الأخبار أو المعلومات أو الإحصائيات على أن تكشف شيئاًَ دون طيب نفس فهي صاحبة السلطة في البوح بها حتى لو كان صاحبها أجهزة الدولة.

المادة (10) دائرة الأمن الداخلي هي المسؤولية عن منح أو إلغاء أو وقف التراخيص لمكاتب ومراسلين وسائل الإعلام الخارجية.
دائرة الأمن الداخلي هي الدائرة التي تتولى إدارة كل ماله مساس بالأمن وتتولى حفظ الأمن في البلاد فمن واقع صلاحيات دائرة الأمن الداخلي أعطيت تلك المسؤولية.
المادة(11) قاضي الحسبة هو المسؤول عن السماح للمطبوعات الخارجية بالدخول.
قاضي الحسبة هو (القاضي الذي ينظر في كافة القضايا التي هي حقوق عامة ولا يوجد فيها مدعي على أن لا تكون داخلة في الحدود والجنايات) ( )
فمن واقع صلاحيات قاضِ الحسبة أن له منع المطبوعات التي تخالف الشرع أو موضوعات غلب على ظن قاضِ الحسبة ضررها للرعية إذا دخلت البلاد بطريقة تجارية.

المادة(12) لايجوز وقف أو إلغاء أيٍ من وسائل الإعلام إلا في حالة واحدة وهي إذا أصبح أو تبين أن مالكها لايحمل التابعية لدولة الخلافة.
لأنه حدث خلل في ركن من أركان الملكية وهو المالك وبذلك تم إيقاف الاستمرار في هذا العقد.
المادة(13) القضاء وحده هو المختص في قرار الإنذار أو الإيقاف أو الإلغاء.
لأن الإنذار والإيقاف والإلغاء عقوبة لمالك الوسيلة وإيقاع العقوبة يحتاج إلى قاضٍ ذلك أن الشرع حرم إيقاع العقوبات على الرعية إلا بحق قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ظهر المسلم حمى إلا بحقه) ( )

المادة (14) يشترط في الأعمال الدرامية ما يلي:
1. عدم اختلاط الرجال بالنساء.
2. عدم تشبه الرجال بالنساء والعكس.
3. عدم القيام بدور شخصية الملائكة والأنبياء والخلفاء الراشدين وأمهات المؤمنين ومريم البتول رضي الله عنهن
4. صنع أو رسم رأس ذي روح.
5. إخراج أي شيء من مشاهد يوم القيامة وما بعده من جنة ونار ومشاهد عذاب القبر.
الدراما هي كل أدب يمثل فالدراما أفعال وليست نصوص وواقع العمل الدرامي هي قيام شخص بأفعال شخص آخر أو بدوره سواء كان هذا الشخص حقيقياً أم خيالياًَ ويجسد حادث بكل تفصيلاته سواء كان الحادث حقيقياً أم خيالياً.
وعلى ذلك فإن الواقع المراد أيجاد الحكم الشرعي له هو مجرد الواقع المذكور آنفاً.
فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رجلاً من أهل البادية كان اسمه زاهراً وكان يهدي إلى النبي صلى الله عليه وسلم الهدية من البادية فيجهزه النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يخرج، فقال النبي صلى الله عليه وسلم إن زاهراً باديتنا ونحن حاضروه وكان عليه السلام يحبه وكان رجلاً دميماً فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يوماً وهو يبيع متاعه، فاحتضنه من خلفه وهو لايبصر فقال الرجل: أرسلني، من هذا؟ فالتفت فعرف النبي صلى الله عليه وسلم فجعل ما يألو ما ألصف ظهره بصدر النبي صلى الله عليه وسلم حين عرفه فجعل النبي يقول: من يشتري هذا العبد فقال: يا رسول الله إذا والله تجدني كاسداً، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لكن عند الله لست بكاسد وقال: أنت عند الله غالٍ) ( ).
في هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل ما يلي:
1- أظهر أنه سيد للرجل (العبد).
2- أظهر أن زاهراً عبداً.
3- عرض زاهراً للبيع.
4- دعا الحاضرين إلى شراء زاهر.
فما قام به الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قام بأفعال سيد يريد بيع عبده والرسول ليس سيده والرجل ليس عبداً فإن قال قائل هذا لا وجه به للاستدلال على إباحة العمل الدرامي لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يقل إلا حقاً فزاهر عبدالله والرسول صلى الله عليه وسلم سيد المؤمنين فلا وجه للاستدلال والجواب على ذلك والله أعلم هو أن ما قلتم صحيح ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل ما يزيد عن ذلك وهو عرض زاهر للبيع ودعوة الحاضرين للشراء.
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال كأني أنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم يحكي نبياً من الأنبياء ضربه قومه فأدموه وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول: اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون) ( )
فالرسول صلى الله عليه وسلم قام بفعل النبي الذي ضربه قومه فأدموه وهو مسح الدم عن وجهه.
أما أن العمل الدرامي كذب فهذا الحكم غير دقيق فالخبر الكاذب هو (عدم مطابقته للواقع) وقد ذكرنا واقع العمل الدرامي وهو مجرد قيام شخص بأفعال شخص آخر أو بدوره سواء كان هذا الشخص حقيقياً أم خيالياً وتجسيد حادث بكل تفصيلاته سواء كان هذا الحادث حقيقياًَ أم خيالياً وهذا هو الواقع فلا كذب هنا فعندما يقول غانم أنا أقوم بدور سالم فهو صادق لأن خبره طابق الواقع فهو لايقول أنا سالم ويوهم المشاهدين أنه سالم بل أنه عُلم ضمناً أنه يقوم بدوره أو أعلن ذلك قبل بدء العمل لكل المشاهدين أن غانم سوف يقوم بدور سالم وهذا كثير في الأدب لأن القارئ أو السامع للقصة أو القصيدة أو الراوية على ما فيها من أحداث يقول أو يفهم القارئ ضمناً أنه يقول (إني أكتب لكم قصة نسجت أحداثها من خيالي وليس من الواقع وإليكم هذه القصة) فالخبر طابع الواقع لأن الواقع أن الكاتب تخيل قصة وكتب ما تخيل فهو لم يكذب بل هو صادق وكذلك العمل الدرامي فالمشاهد يعلم مسبقاً أن غانم سوف يقوم بدور سالم وأن شخصية سالم حقيقية أم خيالية فواقع ما حصل طابق ما أخبر به المشاهد أو ضمناً إما لماذا وردت هذه الشبهة على الأعمال الأدبية والدرامية ذلك لأن الواقع بتر بتراً ولم ينظر إلى واقعه كاملاً فالرواية الخيالية أحداثها المسطرة نصف الواقع والنصف الآخر خارج سطور الراوية وهو إخبارنا أو علمنا ضمناً أن الراوية أو القصة من بناء الخيال سواء في شخصياتها أم في أحداثها فعندما جمع نصفي الواقع ظهر لنا أن ذلك ليس كذباً لأنه طابق الواقع وكذلك العمل الدرامي فهو أكثر وضوحاً لأن المعلومات تظهر في مقدمة العمل الدرامي تخبر به المشاهدين أن غانم سوف يقوم بدور سالم فلا يتصور عاقل أن المشاهد يظن أن العمل الدرامي هو عمل حقيقي وأن غانم أوهمه أنه سالم ثم اكتشف المشاهد بعد مدة أن غانم هو شخص آخر هذا لا يتصوره أحد فالمشاهد يعلم مسبقاً ماهية العمل الدرامي وبناء على معلوماته السابقة تم تقديم العمل فلا كذب هنا.
وما يؤكد هذا القول هو عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم لزاهر للبيع ودعوة الحاضرين للشراء والرسول يقول (إني لا أمزح ولا أقول إلا حقاً). ( )
فما فعله الرسول هو حق ذلك أن الناس يعلمون مسبقاً أن زاهراً ليس عبداً وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس سيده فعلموا ضمناً أن رسول الله لا يدعوهم للشراء ولا يعرض زاهراً للبيع إنما أراد مداعبته وإظهار حبه له وأنه عند الله عبد غالِ ففعل الرسول طابق الواقع فهو حق أي صدق.
أما عدم اختلاط الرجال بالنساء، ذلك أن الأصل في الحياة عند المسلمين هو انفصال الرجال عن النساء إلا لحاجة أقرها الشرع ومن الأدلة التي تُظهر هذا الأصل في الحياة:
1- أن الشرع فصل الرجال عن النساء في المسجد والصلاة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (خير صفوف الرجال في الصلاة أولها وشرها آخرها وخير صفوف النساء في الصلاة آخرها وشرها أولها) ( ) ويفهم من هذا الحديث أن الاجتماع للصلاة في المسجد يجب فيه فصل الرجال عن النساء وأراد الشرع في تأكيد الانفصال في الترغيب في ابتعاد الرجال عن النساء وعن طريق مدح الصفوف الأولى للرجال والصفوف الأخيرة للنساء تأكيداً للفصل وإذا كان هذا في المسجد فمن باب أولى أن يكون في غيره إذا لم يقتضي الأمر الاجتماع بإقرار الشرع
2- أن الشرع منع من الجلوس في الطرقات فإذا كان لابد فعلى الجالسين غض البصر.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إياكم والجلوس في الطرقات فقالوا يا رسول الله مالنا من مجالسنا بد نتحدث فيها فقال: إذا أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقه قالوا: وما حقه يا رسول الله قال: غض البصر...) ( ) ويفهم من هذا الحديث أن الحياة العامة في زمن الرسول كان الرجال منفصلين عن النساء لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر الجالسين بغض البصر وهذا يدل أنهم لا يجلسون معاً في الطرقات وإذا كان الشرع أمرهم بغض البصر أثناء الجلوس في الطرقات فمفهومه أنهم لا يجلسون معاً في الطرقات.
عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال (ليس للنساء وسط الطريق) ( ) أي أن للنساء أطراف الطريق وفيه دلالة على الحث على انفصال الرجال عن النساء حتى في الطريق، مجموع الأحاديث السابقة تبين أن الأصل في الحياة عند المسلمين: هو انفصال الرجال عن النساء إلا لحاجة أقرها الشرع (والشرع أجاز للمرأة البيع والشراء والحج وحضور الجماعة والإجارة والتعليم والتطبيب والتمريض والزراعة والصناعة وما شابه ذلك لأن دليل إباحتها يشمل إباحة الاجتماع لأجلها أما أن كان قيام المرأة بحاجتها لا يقتضي الاجتماع كالتنزه فإن الاختلاط ممنوع والعمل الدرامي هو ليس حاجة للمرأة اقتضت اختلاطها بالرجال و العمل الدرامي يقوم به الرجال دون اختلاط والنساء دون اختلاط فالمرأة لم تمنع من العمل الدرامي إنما منع اختلاطها مع الرجال فقط.
عن أبي أسيد الأنصاري أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول وهو خارج من المسجد فاختلط الرجال مع النساء في الطريق فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لنساء:استأ خرن فإن ليس لكُن أن تحْقُقْنَ الطريق عليكن بحافات الطريق فكانت المرأة تلتصق بالجدار حتى إن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها به. حسن أخرجه أبو داود. تحْقُقْنَ: هو أن تركبن حُقها وهو وسَطها.
أما منع قيام الرجل بدور المرأة والعكس فلقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المشتبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال) ( ) يقول ابن حجر في شرح الحديث (قال الطبري المعنى لايجوز للرجال التشبه بالنساء في اللباس والزينة التي تختص بالنساء ولا العكس قلت وكذلك في الكلام والمشي). ( )
أما عدم القيام بدور شخصية الملائكة والأنبياء والخلفاء الراشدين، أما الملائكة فقد خلقت من نور لها قوانين تناسب خلق الله لها تختلف عن قوانين البشر كما أن لها حياتها الخاصة بها تختلف عن الحياة الدنيا لذا لايمكن للعقل البشري تصورها أو تصور حياتها وما لم يمكن للعقل تصوره فلايمكن لأحد القيام بأفعاله والملائكة شخصيات مقدسة في الشرع الإسلامي و لعدم إمكان القيام بأفعالها مع كونها شخصيات مقدسة جاءت حرمة القيام بدور شخصيتها أما الأنبياء فلأنهم شخصيات مقدسة معصومة فأفعالهم تشريع لأقوامهم أو للناس كافة كسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وبما أن أفعالها تشريع جاء حرمة القيام بتشريع على شكل أفعال.
أما الخلفاء الراشدين فالمنع ليس كونه حراماًُ إنما هو أمر إداري للاحترام الكبير الذي تناله شخصية الخلفاء الراشدين وأنه استقر عند الأمة أنهم أفضل الأمة بعد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وهو أمر إداري كذلك بالنسبة لأمهات المؤمنين ومريم البتول رضي الله عنهن .
أما عدم صنع أو رسم رأس ذي روح
فالتصوير لغة: صنع الصورة وصورة الشهي هي هيئته الخاصة التي يتميز بها عن غيره( ) وفي هذا الزمان أصبح معنى الصورة ذات الثلاثة أبعاد تمثال وذات البعدين رسمة وجمعها رسوم.
فعن سعد بن أبي الحسن قال كنت عند ابن عباس إذ أتاه رجل فقال يا أبا عباس إني إنسان معيشتي من صنع يدي وأني أصنع هذه التصاوير فقال ابن عباس: لا أحدثك إلا ما سمعت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول سمعته يقول: (من صور صورة فإن الله معذبه حتى ينفخ فيها الروح وليس بنافخ فيها أبدا فربا الرجل ربوة شديدة واصفر وجهه فقال ويحك إن أبيت ألا أن تصنع فعليك بهذا الشجر وكل شيء ليس فيه روح) ( ) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن الذين يصنعون هذه الصور يعذبون يوم القيامة يقال لهم أحيوا ما خلقتم) ( ) ففي حديث ابن عباس يدل على تحريم صنع أو رسم كل ذي روح وإباحة ما عدا ذلك وعن أبي هريرة قال: قل رسول الله صلى الله عليه وسلم (أتاني جبريل فقال: إني كنت أتيتك الليلة فلم يمنعني أن ادخل عليك البيت الذي أنت فيه إلا أنه كان في البيت تمثال وكان في البيت قرام ستر فيه تماثيل، فمر برأس التمثال يقطع فيصير كهيئة الشجرة ومر بالستر فيقطع فيجعل من وسادتان توطآن) ( )
وعن ابن عباس قال (الصورة الرأس فإذا قطع الرأس فلا صورة) ( ) فحديث أبي هريرة (فمر برأس التمثال) يوضحه قول ابن عباس وهو راوي حديث (من صور صورة فإن الله معذبه) وهذا يدل أن المحرم هو صناعة أو رسم الرأس فقط كما أنه لايوجد علة للرسم وصناعة التماثيل فمثلاً المضاهاة لخلق الله لاتصلح علةً للرسم وصناعة التماثيل لو صح ذلك لحرم
نحت أو رسم الشمس والقمر والشجر لأنها من خلق الله والعلة تدور مع المعلول وجوداً و عدماً أما أن علة النحت والرسم أنها وسيلة إلى الحرام يقول ابن العربي (والذي أوجب النهي عن التصوير في شرعنا والله أعلم، ما كانت العرب من عبادة الأوثان والأصنام فكانوا يصورون ويعبدون، فقطع الله الذريعة وحمى الباب) ( ) والجواب أن العلة هي الباعث على التشريع فلو كانت هذه هي علة الرسم والنحت أي من أجلها وجد الحكم لكان الرسم والنحت على ما لايدوم طويلاً مثل الثلج والورق الخفيف والرمال مباحاً وهذا ينافي الأحاديث التي جاءت عامة في حرمة الرسم والنحت لرأس كل ذي روح.
أو عدم إخراج أي شيء من مشاهد يوم القيامة وما بعده من جنة ونار ومشاهد عذاب القبر.
لأن كل ذلك لايمكن للعقل تصوره وما لايمكن تصوره لايمكن استحضار مثيل له أو شبيه كما أن تلك الأمور لها قوانين تختلف عن قوانين الحياة الدنيا مما يعني استحالة استحضارها لأن استحضارها يعني تطبيق قوانين الحياة الدنيا عليها.
المادة (15) يتحمل المسؤولية في الأعمال الدرامية المخرج والمؤلف على النحو التالي:
‌أ) المؤلف والمخرج إذا احتوى النص على المحظور الشرعي الذي تبنى له الخليفة عقوبة.
‌ب) المخرج إذا كان المحظور الشرعي خروجاً عن النص أو تم مخالفة شروط العمل الدرامي
المادة (16) يجوز صنع واستخدام الدمى والرسوم الثابتة والمتحركة لكل ذي روح ما دامت مخصصة للأطفال.
وذلك لما ورد عن عائشة رضي الله عنها قالت (قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك وفي سهوتها ستر فهبت ريح فكشفت ناحية الستر عن بنات لعائشة لعب فقال: ما هذا يا عائشة؟ قالت: بناتي ورأى بينهن فرساً له جناحان من رقاع... فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى رأيت نواجذه)( ) وعنها (كنت ألعب بالبنات عند النبي صلى الله عليه وسلم) ( ) يستثني هذا النص دمى رسوم الأطفال من عموم التحريم ويفيد جواز استخدامها وما يدل على جواز صنعها ما أخرجه مسلم عن الربيع الأنصارية رضي الله عنها قالت (أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار حول المدينة: من كان أصبح صائماً فليتم صومه ومن أصبح مقطرا فليتم بقية يومه، فكنا بعد ذلك نصومه ونصَّوم صبياننا الصغار منهم إن شاء الله ونذهب بهم إلى المسجد فنجعل (وفي رواية فنصنع) لهم اللعبة من العهن فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناه إياه حتى يكون عند الإفطار) وفي هذا دليل أن الدمى كان يصنعها أهل المدينة لأطفالهم ورسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم وإذا جمع هذا الحديث مع حديث عائشة فإنهما يدلان على جواز صنع واستخدام رسوم ودمى الأطفال وقلنا الرسوم الثابتة والمتحركة لأن الاستثناء جاء عاماً في دمى الأطفال وحكم الدمى هو حكم الرسم لأن التصوير يشمل الرسم والنحت والصنع وإذا استثني من حكم التصوير ما كان مخصص للأطفال شمل كل ما ينطبق عليه واقع التصوير.
يقول ابن حجر (قال النووي: يستثنى من جواز التصوير ما له ظل من اتخاذه، لعب البنات، ومن الرخصة في ذلك). ( )

المادة(17) يشترط في برامج الترفيه والتسلية عدم اختلاط الرجال بالنساء.
برامج الترفية والتسلية: هي الأعمال غير الجادة التي تعد لغاية إدخال السرور على النفس وإزالة الضيق عنها.
إن الشرع أقر الترفيه والتسلية ولكن ليس على عمومه فقد حرم أعمالاً مثل النرد وكره أخرى وأباح أخرى ولكن مجرد الترفيه والتسلية أقره الشرع ويدل على ذلك.
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إني لأمزح ولا أقول إلا حقاً)( ) وعن أبي سلمه بن عبد الرحمن قال (لم يكن أصحاب رسول الله منحرفين ولا متماوتين وكانوا يتناشدون الأشعار في مجالسهم ويذكرون أمر جاهليتهم فإذا أريد احدهم على شيء من دينه دار حما ليق عينيه) ( ) وعن بر بن عبد المزني قال (كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتبادحون بالبطيخ فإذا كانت الحقائق كانوا هم الرجال) ( ) (ويتبادحون بالبطيخ أي يترامون به). ( )
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر إلى الصحابة وهم يستروحون أمامه وفي مجلسه فيبتسم معهم إذا ضحكوا فعن سماك بن حرب قال: قلت لجابر بن سمرة: أكنت تجالس رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم كان طويل الصمت وكان أصحابه يتناشدون الشعر عنده يذكرون أشياء من أمر جاهليتهم ويضحكون فيبتسم معهم إذا ضحكوا) ( ) كما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى الحبشة يرقصون بحرابهم في مسجده وأذن لعائشة أن تنظر إليهم وقال لهم (خذوا يا بني أرفده حتى تعلم اليهود والنصارى أن في ديننا فسحة) ( ).أما قول الرسول صلى الله عليه وسلم (كل لهو يلهو به الرجل المسلم فهو باطل إلا رمية بقوسه وتأديبه فرسه وملاعبته امرأته فإنهن من الحق) ( ) يقول ابن عربي في شرح الحديث (وله: كل ما يلهو به الرجل فهو باطل) ليس مراده حراماً إنما يريد به أنه عارٍ من الثواب وأنه للدنيا محضاً لا تعلق له بالآخرة والمباح منه باقٍ والباقي كله عمل له ثواب) ( ).
ويقول ابن حجر في شرح الحديث (إنما أطلق ما عداها (أي ثلاثة) البطلان من طريق المقابلة لا أن جميعها من الباطل المحرم) ( ) ويقول الغزالي (قوله صلى الله عليه وسلم (فهو باطل) لا يدل على التحريم بل يدل على عدم الفائدة) ( ) ويعلق الشوكاني عن رأي الغزالي في معنى الحديث (وهو جواب صحيح لأن مالا فائدة فيه من قسم المباح على أن التلهي بالنظر إلى الحبشة يرقصون في مسجده صلى الله عليه وسلم كما ثبت في الصحيح خارج عن تلكم الأمور الثلاثة)( ).
والباطل في اللغة: بطل الشيء بطلاناً (ذهب ضياعاً وخسراً)( )
وفي الشرع: نقيض الحق ومعناها في الحديث الحرام والحقيقة الشرعية مقدمة على الحقيقة اللغوية في النصوص الشرعية ولا تصرف الحقيقة الشرعية إلى حقيقة لغوية في النص الشرعي إلا بقرينة وقد وردت وعدة قرائن تصرف لفظ الباطل في الحديث الشريف من الحقيقة الشرعية وهي الحرام إلى الحقيقة اللغوية وهي ضياع العمل من غير ثواب ومن هذه القرائن:
1- أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يترامون بالبطيخ والترامي بالبطيخ يخرج عن الأمور الثلاثة المذكورة في الحديث وما أخرجه البخاري من حديث عائشة أنها زفت امرأة إلى رجل من الأنصار فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يا عائشة ما كان معكم من لهو فإن الأنصار يعجبهم اللهو).
2- واللهو هنا الغناء والغناء خارج الأمور الثلاثة وهو لهو كما سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
3- ما أخرجه البيهقي بسند حسن عن السائب بن يزيد قال (بينما نحن مع عبد الرحمن بن عوف من طريق الحج، نحن نؤم مكة اعتزل عبدا لرحمن رضي الله عنه الطريق ثم قال لرباح بن المغترف: غننا يا أبا حسان وكان يحسن النصب، فبينما رباح يغنيه أدركهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه في خلافته، فقال: ما هذا؟ فقال عبد الرحمن: ما بأس بهذا، نلهو به ونقصر عنا، فقال عمر رضي الله عنه، فإن كنت آخذاً فعليك بشعر ضرار بن الخطاب).
والصحابة كانوا يلهون في طريقهم إلى الحج بالغناء ليقصروا عن أنفسهم وهذا من غير الأمور الثلاثة وبناء على هذه القرائن صرفت كلمة الباطل في الحديث من الحقيقة الشرعية إلى الحقيقة اللغوية أما لعب الحبشة ورقصهم لا يعتبر قرينة لأنه ورد في رواية صحيحة أن الحبشة كانوا يلعبوا بحرابهم وهذا من جنس الرمي بالقوس الوارد في الحديث فكلاهما من اللعب بالسلاح.
أما عدم اختلاط الرجال بالنساء فلأن الترفيه والتسلية ليس مما يقتضي اجتماع الرجال والنساء لأجله أي أنها ليست حاجة للاجتماع يقرها الشرع وقد بينا ذلك سابقاً.

المادة (18) يشترط في الأعمال الغنائية ما يلي:
‌أ) عدم غناء ورقص النساء سواء كان ذلك فردياً أو جماعياً.
‌ب) عدم رقص الرجال إذا احتوى على تكسر.
‌ج) عدم اختلاط الرجال بالنساء.
‌د) استخدام الآلات الطرب التالية فقط:
1- الآلات الإيقاعية ذات الرق باستثناء الطبل.
2- فصيلة الناي من الآلات الهوائية.
الغناء هو: رفع الصوت بالكلام سواء كان شعراً أو نثراً بطبقات صوت موزونة ونغمات منسجمة.
وقد وردت أحاديث كثيرة في إباحة مجرد الغناء.
فعن الربيع بنت معوذ قالت (جاء النبي يدخل حين بني علي فجلس على فراشي مجلسك مني (أي راوي الحديث) فجعلت جويريات لنا يضربن بالدف ويندبن من قتل من أبائي يوم بدر إذ قالت إحداهن: وفينا نبي يعلم ما في غد. فقال: دعي هذه وقولي بالذي كنت تقولين). ( )
وعن عائشة رضي الله عنها أنها زفت امرأة إلى رجل من الأنصار فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يا عائشة: ما كان معكم من لهو، فإن الأنصار يعجبهم اللهو) واللهو الغناء في هذا الحديث.
وفي رواية (فقال: فهل بعثتم معها جارية تضرب بالدف وتغني قلت: تقول ماذا؟ قال: تقول

أتينـاكم أتينــاكم فحيـونا نحيكـم
لولا الذهب الأحمـر ما حلت بواديكـم
لولا الحنطة السمراء ما سمنت عذاريكم( )
وعن عائشة رضي الله عنها (أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع ناساً يغنون في عرس وهم يقولون):
أهـدى لها أكبش يبحبحن في المريد
وزوجك في النادي يعلـم ما في غـد
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يعلم ما في غدٍ إلا الله سبحانه)( )
وعن أبي بلج يحيى بن سليم قال (قلن لمحمد بن حاطب: تزوجت امرأتين ما كان في واحدة منها صوت،ً فقال محمد رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (فصل بين الحلال والحرام الصوت بالدف). ( )
إن الغناء بالدف دلالة على إظهار النكاح.

وعن عائشة رضي الله عنها قالت (وكان بلال إذا أقلع تغنّى وقال:
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلته
بوادٍ وحولي أذخر وخليلُ
وهل أردن يوماً حياة مجنة
وهل يبدون لي شامة وطفيل) ( )
وعن وهب بن كيسان قال: قال عبد الله بن الزبير وكان متكئاً تغنى بلال قال: فقال له رجل (تغنى) فاستوى جالساً ثم قال وأي رجل من المهاجرين لم أسمعه يتغنى النصب). ( )
وعن السائب بن يزيد (بينما نحن مع عبد الرحمن بن عوف في طريق الحج ونحن نؤم مكة اعتزل عبد الرحمن رضي الله عنه الطريق، ثم قال لرباح بن المغترف غننا يا أبا حسان وكان يحسن النصب، فبينما رباح يغنيه أدركهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه في خلافته، فقال: ما هذا؟ فقال عبد الرحمن: ما بأس بهذا، نلهو به ونقصر عنّا، فقال عمر رضي الله عنه، فإن كنت آخذاً، فعليك بشعر ضرار بن الخطاب).
أخرجه البيهقي بإسناد جيد وقال (والنصب: ضرب من أغاني الأعراب وهو يشبه الحداء قال أبو عبيد الهروي).
وفي القاموس المحيط (نصب العرب: ضربي من مغانيها أرق من الحداء) ( ).
وعن عائشة رضي الله عنها (دخل علي أبو بكر وعندي جاريتان من جواري الأنصار، تغنيان بما تقاولت به الأنصار يوم يعاث، ليست بمغنيتين، فقال أبو بكر بمزامير الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك في يوم عيد فقال يا أبا بكر لكل يوم عيد وهذا عيدنا) ( )
وفي الحديث (أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إني نذرت أن أضرب على رأسك بالدف (وفي رواية وأتغنى) قال أوفي بنذرك).( )
وفي هذه الأحاديث والآثار ما يدل بوضوح على جواز مجرد الغناء نقول مجرد الغناء وهو ما عرفناه سابقاً أي رفع الصوت بالكلام سواء كان شعراً أم نثراً بطبقات صوت موزونة ونغمات منسجمة أما ما ورد من آثار تدل على حرمة الغناء مثل قول ابن عباس في تفسير لهو الحديث في قوله تعالى (ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين).
قال ابن عباس (نزلت في الغناء وأشباهه) ( )
وعن ابن مسعود في تفسير لهو الحديث في الآية قال (هو الغناء الذي لا إله إلا هو يرددها ثلاث مرات). ( )
أما ما أخرجه جويبر عن ابن عباس (أنها نزلت في النضر بن الحارث أنه اشترى قينه فكان لا يسمع بأحد يريد الإسلام إلا انطلق به إلى قينته فيقول أطعميه واسقيه وغنيه، هذا خير ما يدعوك إليه محمد من الصلاة والصيام وأن تقاتل بين يديه).
قال الدار قطني جويبر متروك فالأثر لا يصح.
وأيضاً ما روى الكلبي ومقاتل أنها نزلت في النضر بن الحارث وذلك أنه كان يخرج تاجراً إلى فارس فيشتري أخبار الأعاجم فيرويها ويحدث بها قريشاً ويقول لهم: إن محمداً يحدثكم بحديث عاد وثمود وأنا أحدثكم بحديث رستم وأسفند يار وأخبار الأكاسرة فيستملحون حديثه ويتركون سماع القرآن فنزلت فيه هذه الآية)( ) والكلبي ومقاتل متروكان متهمان بالكذب فالأثر لا يصح لذا فما صح في سبب نزول الآية هو ما رواه ابن عباس وابن مسعود وإذا جمعنا الأحاديث التي سقناها للدلالة على إباحة مجرد الغناء مع الآثار الصحيحة في سبب نزول الآية مع أن الآية مكية نجد أن الغناء الذي نزلت فيه الآية هو غناء أهل الجاهلية من رقص النساء والتغني بالفواحش والآلات المتعددة للطرب وليس مجرد الغناء.
أما غناء النساء في وسائل الإعلام فله واقع مختلف عن مجرد غناء النساء ضمن الضوابط الشرعية فالواقع المراد إيجاد الحكم الشرعي له هو غناء النساء في وسائل الإعلام وهذا الواقع ينطبق عليه وصف المغنيات اللاتي يغنين أمام الجمهور من رجال ونساء وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال (يكون في آخر أمتي الخسف والقذف والمسخ قالوا بم يا رسول الله؟ قال باتخاذهم القينات وشربهم الخمور) ( ) والقينات هن المغنيات.
أما رقص النساء
فالرقص هو: تحريك الجسم أو بعض أعضاءه بحركات منسجمة فهذا الفعل من النساء أمام الجمهور أو في وسائل الإعلام محرم بدليل قول الرسول صلى الله عليه وسلم (صنفان من أهل النار لم أرهما قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد في مسيرة كذا وكذا). ( )
وذكر النووي أقوالاً لمعنى مميلات ومائلات منها (متبخترات في مشيتهن مميلات أكتفهن). ( ) وهذا الصنف لم يره الرسول صلى الله عليه وسلم ولا العلماء الأقدمين إنما رأيناه نحن أهل هذا الزمان.
وبناءً على ما رأينا يتضح أن معنى مميلات مائلات هو(متبخترات في مشيتهن ومميلات أكتافهن) أي يمشين في تكسر ظاهر وهو أقرب إلى سياق الحديث فإذا كان مشي المرأة بتكسر ظاهر في الأماكن العامة حرام فمن باب أولى رقصها أمام الناس أو في وسائل الإعلام.
أما رقص الرجال إذا احتوى على تكسر.
نذكر في البداية حكم رقص الرجال من غير تكسر فقد روى مسلم (جاء حبش يزفنون يوم عيد في المسجد فدعاني النبي عليه السلام فوضعت رأسي على منكبيه، فجعلت أنظر إليهم).
ويزفنون: يرقصون، (زفن يزفن: رقص) ( )
وعن أنس قال (كانت الحبشة يزفنون بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ويرقصون ويقولون محمد عبد صالح) ( )
أما حرمة رقص الرجال إذا احتوى على تكسر فهو أن التكسر للنساء أمام الأجانب حرام وهن القوارير فمن باب أولى الرجال وفي الأثر عن أم علقمة مولاة عائشة (أن بنات أخي عائشة رضي الله عنها خفضن (الخفض-الختان) فألمن ذلك فيقل لعائشة يا أم المؤمنين ألا تدعو لهن من يلهيهن؟ قالت بلى، قال: فأرسلتُ إلى فلان المغني، فأتاهم، فمرت به عائشة رضي الله عنها في البيت فرأته يتغنى ويحرك رأسه طرباً وكان ذا شعر كثير فقالت عائشة رضي الله تعالى عنها: (أف شيطان أخرجوه، أخرجوه، أخرجوه) ( )
فعائشة رضي الله عنها وافقت على من يأتي لإلهاء البنات أي للغناء لهن فلما رأت أن غناء الرجل احتوى على تكسر رأت حرمة ذلك بقرينة وصفها له بالشيطان والأمر بالإخراج.

أما استخدام أدوات الطرب التالية فقط وهي:
أ‌) آلات الطرب الإيقاعية ذات الرق باستثناء الطبل.
ب‌) فصيلة الناي من ألآت الطرب الهوائية.
فقد وردت أحاديث تدل على تحريم أدوات الطرب وأخرى تبيح ذلك.
من أدلة التحريم:
‌أ) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والمعازف) هذا الحديث علقه البخاري في صحيحه وقد وصله ابن حجر وصححه ). ( )
وفي القاموس المحيط المعازف (هي الملاهي، كالعود والطنبور والواحد عُزف أو يعزف كمنبر ومكنسة والعازف اللاعب بها والمغني) ( )
وبالنظر إلى كتب اللغة لم نجد خلافاً بين أهل اللغة المعتبرين في معنى المعازف أنها آلات الطرب كما لم نجد بين أهل الفقه المعتبرين أن المعازف هي آلات الطرب والله أعلم.
والمعازف جاءت في الحديث اسم جنس محلى بالألف واللام فتعم كل أدوات الطرب والقرينة على حرمة ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرن استحلالها باستحلال الخمر ولا خلاف على حرمة الخمر.
ويرد الشوكاني على من قال إن المحرم هو جميع ما ذكر مجتمعه وليس كل معنى على حدا يقول (يجاب بأن الاقتران لايدل على أن المحرم هو الجمع فقط وإلا لزم أن الزنا المصرح بالحديث لا يحرم إلا عند شرب الخمر واستعمال المعازف واللازم باطل بالإجماع فالملزوم مثله وأيضاً يلزم قوله تعالى (أنه لا يؤمن بالله العظيم ولا يحض على طعام المسكين فإن قيل: تحريم مثل هذه الأمور المذكور في الإلزام قد علم من دليل آخر فيجاب بأن تحريم المعازف قد علم من دليل آخر أيضاً كما سلف على أنه لا ملجئ إلى ذلك حتى يصار إليه). ( )
‌ب) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يكون في أمتي قذف ومسخ وخسف قيل يا رسول الله ومتى ذلك؟ قال: إذا ظهرت المعازف وكثرت القيان وشربت الخمور).
رواه الترمذي وحسنه الشيخ الألباني بالشواهد والمتابعات ويقول الشيخ النبهاني عن تحسين الحديث بالشواهد والمتابعات ما ينطبق على هذا الحديث (فلا يرد حديث لأنه لم يستوفِ شروط الصحيح ما دام سنده وروايته ومتنه مقبولة أي متى كان حسناً بأن كان رجاله أقل من رجال الصحيح، أو كان فيه مستور وكان فيه سيء الحفظ ولكن تقوى بقرينة ترجح قبوله، كأن يتقوى بمتابع أو مشاهد أي براو ٍظن تفرده أو حديث آخر فلا يتنطع في رد الحديث ما دام يمكن قبوله حسب مقتضيات السند والراوي والمتن) ( ) ومن الجدير بالذكر أن جماهير أهل الحديث والمحققين على تحسين الحديث بالمتابعات والشواهد.
‌ج) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (صوتان ملعونان في الدنيا والآخرة: مزمار عند نعمة ورنة عند مصيبة). ( )
‌د) أخبرنا سفيان قال حدثني علي بن بذيمة قال حدثني قيس بن جبر النهشلي عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله حرم علي الخمر والميسر والكوبة وكل مسكر حرام). ( )

قال سفيان سألت علي بن بذيمة عن الكوبة قال الطبل.
‌ه) وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن الله تبارك وتعالى حرم عليكم الخمر والميسر والكوبة وهو الطبل وقال كل مسكر حرام). ( )
‌و) وعن ابن عباس قال (الدف حرام والمعازف حرام والكوبة حرام والمزمار حرام). ( ) والكوبة في قول ابن عباس هي آلة من آلات الطرب وهذا واضح في سياق الكلام
وفي لسان العرب (الكوبة الطبل والنرد وفي الصحاح: الطبل الصغير المخصر قال أبو عبيد: أما الكوبة فإن محمد بن كثير أخبرني أن الكوبة النرد في كلام أهل اليمن وقال غيره الطبل). ( )
وعلى ما سبق فإن الكوبة لفظ مشترك بين الطبل والنرد ولابد من قرينة تصرف اللفظ إلى معناه المقصود والقرائن جاءت مرافقة مع الحديث فعلي بن بذيمة راوي الحديث فسر لنا معنى الكوبة كما أن ابن عباس وهو أحد الصحابة ومن قريش ومن أهل المدينة وعاش مع الرسول صلى الله عليه وسلم بين لنا أن لفظ الكوبة معناه آلة من آلات الطرب وهذه القرائن ترفع الاحتمال لترجح أن معنى الكوبة هو الطبل في الأحاديث.
كما وردت أحاديث تدل على إباحة أدوات الطرب منها:
‌أ) عن الربيع بنت معوذ قالت:
جاء النبي حين بنّي علي فجلس على فراشي مجلسك مني فجعلت جويريات لنا يضرن بالدف ويندبن من قتل من أبائي يوم بدر إذ قالت إحداهن: وفينا نبي يعلم ما في غد، فقال دعي هذه وقولي بالذي كنت تقولين). ( )
‌ب) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (فصل بين الحلال والحرام الصوت بالدف). ( )
‌ج) أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إني نذرت أن أضرب على رأسك بالدف قال أوفي بنذرك). ( )
‌د) وعن نافع مولى ابن عمر قال (إن ابن عمر سمع صوت زمارة راعٍ فوضع إصبعيه في أذنيه وعدل راحلته عن الطريق وهو يقول يا نافع أتسمع، فأقول نعم فيمضي حتى قلت لا، فوضع يديه وأعاد راحلته عن الطريق وقال ( رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع زمارة راعٍ فصنع مثل هذا). ( )
‌ه) روى ابن سيرين (أن رجلاً قدم المدينة بجوارٍ فأتى إلى عبد الله بن جعفر فعرضهن عليه فأمر جارية منهن فأخذت قال أيوب بالدف وقال هشام بالعود حتى ظن ابن عمر أنه نظر إلى ذلك فقال ابن عمر حسبك سائر اليوم من مزمور الشيطان فساومه ثم جاء إلى ابن عمر فقال يا أبا عبد الرحمن إني غبنت بسبعمائة درهم فأتى ابن عمر إلى عبد الله بن جعفر فقال له إنه غبن بسبعمائة درهم فإما أن تعطيها إياه وإما أن ترد عليه بيعه فقال بل نعطيها إياه) ( )
‌و) (لا خلاف بين أهل المدينة في إباحة العود) ( )
‌ز) إن سماع الغناء مع آلات الطرب فعله (شريح وسعيد بن المسيب وعطاء بن رباح والزهري والشعبي). ( )
‌ح) (أن عبد الله بن الزبير كان له جوارٍ عوادات وإن ابن عمر دخل عليه وإلى جنبه عود فقال ما هذا يا صاحب رسول الله فناوله إياه فتأمله ابن عمر فقال هذا ميزان شامي قال ابن الزبير يوزن به العقول). ( )
‌ط) أن عبد الله بن عمر دخل على ابن جعفر فوجد عنده جارية في حجرها عود ثم قال لابن عمر هل ترى بذلك بأساً قال لا بأس بهذا). ( )
‌ي) أن عمر بن عبد العزيز كان يسمع من جواريه آلات الطرب قبل الخلافة.( )
‌ك) حكى الروياني عن القفال أن مذهب مالك بن أنس إباحة الغناء بالمعازف.( )
‌ل) عن شعبة أنه سمع طنبور في بيت المنهال بن عمرو المحدث المشهور.( )
من فقرة (و)إلى فقرة (ك) ما أورده الشوكاني في نيل الأوطار من غير تحقيق في السند ولكن أوردناها لإزالة الإشكال وبعد عرض الأدلة يظهر ما يلي:
1- أن الشرع حرم آلات الطرب على عمومها وهذا ظاهر في حديث (ليكونن من أمتي قوم يستحلون الحر والحرير والمعازف ) وحديث (... إذا ظهرت المعازف وكثرت القيان وشربت الخمور).
2- لقد نص الشارع على تحريم الطبل وهو من الآلات الإيقاعية ذات الرق بعينه ولم ينص على آلة أخرى من آلات الرق.
وهذا التنصيص إذا جمع مع أحاديث إباحة الدف وهو من الآلات الإيقاعية ذات الرق أيضاً ظهر لنا أن للتنصيص فائدة وهي استثناء الطبل من حكم الإباحة للآلات الإيقاعية ذات الرق وعليه فتكون الآلات الإيقاعية ذات الرق مباحة الاستعمال باستثناء الطبل بكافة أحجامه وأشكاله وكل ما ينطبق عليه واقع الطبل.
3- إن حديث (صوتان ملعونان في الدنيا والآخرة، مزمار عند نعمة ورنة عند مصيبة) يفهم منه أن المزمار عند غير النعمة حرام، وهذا من مفهوم الموافقة ذلك أن صوت المزمار عند النعمة حرام فمن باب أولى عند عدم النعمة أما قوله صلى الله عليه وسلم (ورنة عند مصيبة) فلا يفهم منه تحريم الرنة عند غير المصيبة لأن الرنة من مظاهر الفرح وارتباطها بالمصيبة يظهر فيه حرمة آلات الطرب عند المصائب كمرافقة آلات الطرب أثناء تشييع الجنائز.
وإذا جمعنا هذا الحديث مع حديث ابن عمر الذي يدل على إباحة زمارة الراعي مع معرفة واقع آلات الطرب الهوائية التي منها المزمار وزمارة الراعي والواقع أن الآلات الهوائية تنقسم إلى قسمين:
1- فصيلة الناي-زمارة الراعي (الشبابة).
وهي قصبة جوفاء مفتوحة الطرفين ويقع النفخ فيها مباشرة على حافة فتحتها المواجهة لشفتي النافخ( )
2- فصيلة المزمار وهي (اسطوانة أسفلها على شكل مخروط وفي رأسها قشة للصفير). ( )
وإذا جمعنا بين أحاديث تحريم آلات الطرب على عمومها مع حديث المزمار مع حديث إباحة زمارة الراعي مع واقع الآلات الهوائية يظهر أن آلات الطرب من فصيلة زمارة الراعي (الناي) مباحة وغيرها محرم بدليل حديث حرمة المزمار وأحاديث حرمة آلات الطرب على عمومها.
أما فعل عبد الله بن جعفر فلا يعتبر دليلاً شرعياً عدا أن ابن عمر أنكر هذا العمل وقال حسبك سائر اليوم من مزمور الشيطان.
أما أن سماع الغناء مع آلات الطرب قد فعله (شريح وسعيد بن المسيب وعطاء بن رباح والزهري والشعبي) فقد أورده الشوكاني في نيل الأوطار من غير تحقيق في السند وقد ورد عن القاضي شريح في مصنف أبي شيبة بسند صحيح (قال أبو الحصين: أن رجلاً كسر طنبور رجل فخاصمه إلى شريح لم يضمنه شيئاً) وهذا السند هو خلاف ما أورده الشوكاني.
أما أن لا خلاف بين أهل المدينة في إباحة العود وأن (مذهب الإمام مالك إباحة الغناء بالمعازف) فقد ورد بسند صحيح عكس هذا الكلام فقد أورد ابن الجوزي في (تلبيس إبليس) ( ) بسند صحيح عن إسحاق بن عيسى الطباع وهو من رجال مسلم عندما سأله عن الغناء بالمعازف قال له الإمام مالك (إنما يفعله عندنا الفساق) وقد روى مثل هذا الخلال بسنده الصحيح ومالك إمام أهل المدينة أما فعل ابن عمر مع عبد الله بن الزبير حول العود فإنه ثبت بسند صحيح أن عبد الله بن عمر أنكر على عبد الله بن جعفر ذلك.
أما أن شعبة سمع طنبور في بيت المنهال بن عمر المحدث المعروف فما ورد بسند صحيح عن شعبة قال (أتيت منزل المنهال بن عمرو فسمعت منه صوت طنبور فرجعت ولم أسأله قلت: هلا سألته فعسى كان لا يعلم) ففي ما صح أن شعبة أنكر ذلك وتوقع أن المنهال لم يعرف ذلك.
وبعد ذلك نقول أن ما أورده الشوكاني ثبت عكسه بسند صحيح عدا أنه لا يعتبر دليلاً شرعياً وقد ثبت أن الصحابة قد تختلف في مسائل لعدم بلوغ بعض الصحابة للدليل الشرعي فقد كان ابن عباس يقول لا ربا إلا في الدين.
فقد روى مسلم (أنا أبا سعيد الخدري لقي ابن عباس فقال له أرأيت قولك في الصرف شيئاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم أم شيئاً وجدته في كتاب الله عز وجل فقال ابن عباس كلا لا أقول، أما رسول الله فأنتم أعلم به وأما كتاب الله فلا أعلمه، ولكن حدثني أسامة بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (ألا إنما الرباني النسيئة) وروى الإمام أحمد أن يحيى بن قيس المازني قال سألت عطاء عن الدينار بالدينار وبينهما فضل والدرهم بالدرهم قال (كان ابن عباس يحله)( ) وقد روى مسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلاً يداً بيد فمن زاد أو ازداد فقد أربى1).
فالصحابة قد لا يبلغهم الدليل الشرعي فيقولون بخلافه أو قد يجتهدون في المسائل فيختلفون والحجة في قوله صلى الله عليه وسلم أو في إجماعهم والغريب أنه يحتج بما اختلف به الصحابة وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم واضح.

المادة (19) يتحمل المسؤولية في الأعمال الغنائية الشاعر والمغني والمخرج على النحو التالي:
‌أ) الشاعر و المغني إذا كان المحظور الشرعي يتعلق بكلمات الأغنية.
‌ب) المغني إذا كان المحظور الشرعي خروجاً عن كلمات الأغنية.
‌ج) المغني والمخرج إذا صورت الأغنية سينمائياً أو تلفزيونياً.

جرائم وسائل الإعلام

مفهوم جرائم وسائل الإعلام
الجرائم هي: (محظورات شرعية زجر الله تعالى عنها بحد أو تعزير) ( )
أو (فعل أو ترك نصت الشريعة الإسلامية على تحريمه أو العقاب عليه) ( ) إن جرائم وسائل الإعلام جميعها من التعزير باستثناء عقوبة القذف .
والتعزير: هو (تأديب على معاصٍ لم يشرع فيها عقوبات مقدرة) ( )
إن الشرع جعل عقوبة التعزير مفوض أمرها إلى الخليفة ليقدرها حسب الكتاب والسنة ونظرتهما إلى الجريمة.
ومن الجدير بالذكر أن مكان جرائم وسائل الإعلام هو القانون الجنائي في دولة الخلافة ولكن وضعناها في مشروع القانون لغاية إيجاد تصور واضح عن الحياة الإعلامية في دولة الخلافة لذا جاء شرح مواد عقوبات جرائم وسائل الإعلام بشكل غير موسع.

أحكام عامة لجرائم وسائل الإعلام
المادة(20) (لايعاقب أحد إلا بنص قوله فلا يعاقب أحد بلازم قوله أو بما يؤول إليه قوله)
معنى اللازم (ما يمنع انفكاكه عن الشيء) ( )
والمقصود أن يقول قولا يؤديه سياقه إلى جريمة وهو إذا ظهر له لايقول بما يؤديه إليه قوله فهو لايصرح بالجريمة إنما يصرح بأقوال يلزم عنها الجريمة وهو لايقبل تلك الجريمة ولا يقول بها يقول ابن تيمية ((إن لازم مذهب الإنسان ليس بمذهب إذا لم يلتزمه فإذا كان قد أنكره ونفاه، كانت إضافته إليه كذباً عليه بل ذلك يدل على فساد قوله وتناقضه في المقال) ( ) ويقول الشاطبي (والذي يقول به شيوخنا البجائيون والمغربيون ويرون أنه رأي المحققين أيضاً أن لازم المذهب ليس بمذهب فلذلك إذا قرر عليه أنكره غاية الإنكار) ( ) ومثال ذلك أن كاتباً ينشر تعليقاً على أمر الخليفة للرعية بأنه أمر فيه معصية ولا يجوز للخليفة أن يأمر به ويبين الكاتب أن لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، إن هذا التعليق يلزم عنه الدعوة إلى عدم طاعة الخليفة وتلك الدعوة جريمة من جرائم وسائل الإعلام ولكن الكاتب لم يصرح بذلك وعلى ذلك فلا شيء على الكاتب لأنه لا يؤاخذ بلازم قوله ولا بما يؤول إليه قوله إلا انه يصرح به.
المادة (21) (جرائم وسائل الإعلام الواقعة على الإسلام أو أجهزة الدولة يمنع إيقاع العقوبات عليها في الحالات التالية:
1-الجهل 2-التأويل 3-الإكراه).
أما الجهل فهو (خلو النفس من العلم أو عدم العلم عما من شأنه العلم) ( ) ودليل امتناع إيقاع العقوبة على فاعلها بالجهل ما رواه مسلم (أن رجلاً أهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رواية خمر فقال النبي صلى الله عليه وسلم أما علمت أن الله حرمها، قال: لا) ولم يعاقب الرسول صلى الله عليه وسلم الرجل بفعله هذا ففي الحديث دليل إن من لم يعلم رُفع عنه الإثم والعقوبة.
يقول القرافي (القاعدة الشرعية دلت على أن كل جهل يمكن دفعه لا يكون حجة للجاهل، فإن الله تعالى بعث رسله إلى خلقه برسائله وأوجب عليهم كافة أن يعلموها ويعملوا بها والعلم والعمل كلها واجبات فمن ترك التعليم والعمل وبقي جاهلاً فقد عصى معصيتين لتركه واجبين) ( ) وكلام القرافي يدل أن الجهل ليس حجة لإطلاقه أنما هو مضبوط يقول السيوطي (كل من جهل تحريم شيء مما يشترك فيه غالب الناس لم يقبل، إلا أن يكون قريب عهد بالإسلام أو نشأ ببادية بعيدة يحفى فيها مثل ذلك) ( ) فإن بعض الجرائم لوسائل الإعلام تخفى على بعض الناس وهذا يختلف باختلاف الأشخاص فمن زاول مهنة الصحافة أو مارس الخروج والكتابة في وسائل الإعلام يختلف عن شخص قام بمداخلة على الهواء مباشرة للمرة الأولى فالعذر بالجهل يتعلق به عدة أمور منها الجريمة المجهولة بأن تكون من الجرائم الخفية على عامة الناس وكذلك حال الجاهل لها من حيث بيئته وعمله وعلمه وتفاوت مداركه قوة، وضعفاً فالعذر بالجهل ليس مطلقاً إنما مقيد بما يغلب على الظن عدم معرفة مرتكب الجريمة للحكم الشرعي الذي يخفى على عامة الناس مثله وتوجد غلبة الظن بالقرائن المتعلقة بحال الفاعل.
أما التأويل فهو في الشرع (صرف اللفظ عن معناه الظاهر إلى معنى يحتمله إذا كان المحتمل الذي يراه موافقاً للكتاب والسنة مثل قوله تعالى (يخرج الحي من الميت) إن أراد به إخراج الطير من البيضة كان تفسيراً و إن أراد به إخراج المؤمن من الكافر والعالم من الجاهل كان تأويلاً). ( )
يقول ابن حجر (قال العلماء: كل متأول معذور بتأويله ليس بآثم إذا كان تأويله سائغاً في لسان العرب وكان له وجه في العلم) ( ) ويقول ابن حزم (ومن بلغه الأمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من طريقة ثابتة وهو مسلم فتأول خلافه إياه أورد ما بلغه بنص آخر مما لم يقم عليه الحجة في خطئه في ترك ما ترك وفي الأخذ بما أخذ فهو مأجور معذور لقصده إلى الحق وجهله به) ( )
فالكلام أو الكتابة التي يفهم منها جريمة على الإسلام أو أجهزة الدولة يقبل من صاحبها التأويل بالشروط التالية:
1- إذا كان الكلام يحتمل الوجه الذي أوله.
2- إذا كان هذا الوجه سائغاً في لغته,.
3- أن يكون الأمر المتأول فيه لا يخالف نصاً قطعي الدلالة أو ما هو معلوم من الدين بالضرورة.
والخبراء هم الذين يحددون ذلك.
أما الإكراه فهو (اسم لفعل يفعله المرء بغيره فينتفي به رضاه أو يفسد به اختياره) ( ) يقول الرسول صلى الله عليه وسلم (إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) رواه ابن ماجه بسند حسن. والرضى انشراح الصدر والاختيار (عدم القدرة على مقاومة المكره) والإكراه المقصود هنا هو الإكراه الملجئ أي الذي يسبب ضرراً كبيراً لشخص المكره بحيث يعدم الرضا مثل القتل أو قطع عضو أو التهديد بالاغتصاب أو فعل ما سبق للفروع أو الأصول.
يقول الأنصاري (يحصل الإكراه بتخويف بمحذور كضرب شديد وحبس طويل وإتلاف مال ويختلف أثره باختلاف أحوال الناس فلا يحصل الإكراه بالتخويف بالعقوبة الآجلة لقوله لضربنك غداً ولا بالتخويف بالمستحق قوله لمن عليه القصاص، أفعل كذا وإلا اقتصصت منك وشرط الإكراه قدرة المكره على تحقيق ما هدد به بولاية أو تغلب، عاجلاً ظلماً وعجز المستكره عن دفعه كهرب وغيره وظن أنه إن امتنع من فعل ما أكره عليه حقق المهدد به ولا ينفذ تصرف المستكره بغير حق) ( )
لذا فالإكراه يختلف باختلاف
1- واقع الشخص الذي أُكره.
2- الجهة التي قامت بالإكراه وأنها قادرة على تنفيذ ما هددت به.
3- الجريمة التي وقع عليها الإكراه.
4- الأمر الذي تم التهديد به.

التحريض
المادة (22) (كل من حرض على فعل جريمة بشكل مباشر يعتبر شريكاً في فعلها إذا حدثت فتطبق عليه العقوبات الشرعية المتبناة لها)
التحريض في اللغة: الحث على الشيء والإحماء عليه. ( )
فالتحريض المعاقب عليه هو الواضح والصريح أي الموجه إلى الهدف بذاته فالجريمة يجب أن يكون الخليفة تبنى لها عقوبة شرعية أي اعتبرها جريمة حتى يقع العقاب على فاعلها أو المحرض عليها أما أن يكون التحريض بشكل مباشر بمعنى أن تكون صلة بين التحريض والجريمة أي أن تكون الجريمة وقعت بناء على التحريض أما أن يعتبر المحرض شريكاً في فعلها لوجود العلاقة بين الجريمة وكلامه.
ومثال على ذلك أن الخليفة لم يتبنى حكماً معيناً لعورة الرجل أهي بين السرة والركبة أم السوءتين فقط وتركها للرعية وقام فقيه في وسائل الإعلام بتحريض الرعية أو بعض أفرادها إلى الذهاب إلى مسابح الرجال ويحملوا يافطات مكتوب عليها الأحاديث الصحيحة التي تبين أن العورة للرجال بين السرة والركبة وبيان الإثم على من يكشف عورته وبناء على هذا التحريض قام بعض أفراد الرعية بفعل ذلك ووقفوا أمام بعض المسا بح رافعين اليافطات فقام بعض أصحاب المسابح باشتباك معهم ونتج عن الاشتباك فقد السمح لأحد أصحاب المسبح ففي هذه الحادثة فإن المحرض ليس مسئولا عن تلك الجريمة لأنه لم يحرض على جريمة أصلاً ثم ليس هنالك صلة مباشرة بين تحريضه والجريمة التي وقعت فهو لم يحرض على الضرب أو الاشتباك فتحريضه لم يكن موجهاً إلى الجريمة التي حدثت بالفعل حتى يعتبر شريكاً بها.
ومثال آخر أن شخص ما قام بتحريض الرعية أو بعض أفرادها في وسائل الإعلام بتمزيق الدفوف إذا رأوها تضرب بيد الرجال بناء على رأيه الشرعي أن الدف خاص بالنساء وهو حرام للرجال وكان الخليفة قد تبنى أن الدف مباح للرجال والنساء بناء على الأدلة الشرعية فقام بعض أفراد الرعية بناء على التحريض بتمزيق دف لرجل ما ونتج عن محاولة تمزيق الدف جرح صاحب الدف ففي هذه الحالة المحرض شريك في هذه الجريمة لأن النتيجة التي حدثت محتملة بناء على تحريضه لأن تحريضه كان موجهاً لجريمة إتلاف مال بغير حق فتعدت إلى جريمة أخرى وهي الجرح وحدث التعدي بناء على تحريضه فهو شريك في الجريمتين.
المادة (23) يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن ستة شهور كل من حرض الرعية على المحظورات الشرعية التي تبناها الخليفة ولم ينتج عن التحريض جريمة.

المادة (24) يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن سنة كل من حرض الرعية أو بعض أفرادها على معصية الخليفة.
السمع والطاعة للخليفة فرض ودليل ذلك قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم فيه شيء فردوه إلى الله والرسول)
ويقول الرسول صلى الله عليه وسم (السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب أو كره ما لم يؤمر بمعصية فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة) ( ) وعن يحيى بن حصين عن جدته قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أمر عليكم عبد مجدع (حسبتها قالت أسود) يقودكم بكتاب الله فاسمعوا وأطيعوا) ( ) فمعصية الخليفة تعني عدم تنفيذ ما أمر به سواء كانت تلك الأوامر شرعية أم إدارية.
ومثال على ذلك أن الخليفة وضع ضريبة على كافة أبناء الأمة وسماها ضريبة الخدمات العامة (التطبيب والتعليم والخدمات البلدية وغيرها من الخدمات العامة) واستدل بفعل عمر بن الخطاب في فرض الخراج وأن عمر رضي الله عنه أضاف مورداً جديداً لبيت المال عندما علم أن الدولة تحتاج إلى مورد آخر وأضاف الخليفة إلى هذا الدليل دراسة لواقع الدولة و أن واردت بيت المال لاتكفي لتقديم الخدمات مع إيجاد دولة قوية ذات جيش قوي يرد الأعداء ويفتح البلاد.
فقام عدد من أبناء الأمة بدعوة الأمة في وسائل الإعلام عن الامتناع عن دفع الضريبة وأن من يدفعها فهو آثم فهذه الدعوة إلى معصية الخليفة صريحة وواضحة والذي يحدد أن هذا الفعل من الخليفة معصية أم لا هي محكمة المظالم لذا يجب طاعة الخليفة حتى صدور قرار محكمة المظالم.
المادة (24) (يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن ثلاث سنوات كل من حرض الرعية أو بعض أفرادها على خلع بيعة الخليفة من أعناقهم)
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم (من رأى من أميره شيئاً يكرهه فليصبر فإنه ليس أحد يفارق الجماعة شبراً فيموت إلا مات ميتة جاهلية) ( ) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من خرج من الطاعة وفارق الجماعة ثم مات، مات ميتة جاهلية) ( ) ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم (من فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه) ( ) ومعنى الجماعة في الأحاديث هو الاجتماع على الخليفة ومعنى التحريض على خلع بيعة الخليفة من أعناقهم هو تحريض على مفارقة الاجتماع عليه أي أنه ليس له عليهم حق السمع والطاعة في كل أمر وليس في أمر محدد بعينه.
السب
المادة (25) (يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن سنة كل من قام بالسب على أفراد الرعية)
السب هو (الكلام الذي يقصد منه الانتقاص والاستخفاف) ( ) يقول ابن حجر الشتم هو (الوصف بما يقتضي النقض) ( ) ويوضح ابن تيمية مفهوم الاستخفاف والانتقاص فيقول (هو ما يفهم منه السب في عقول الناس على اختلاف اعتقاداتهم كاللعن والتقبيح ونحوه وهو الذي دل عليه قوله تعالى (لا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم) ( )
ثم يوضح الضابط للسب وهو العرف فيقول (مما عده أهل العرف سباً وانتقاصاً أو عيباً أو طعناً ونحو ذلك فهو من السب) ( ) والسب محرم لقوله صلى الله عليه وسلم (سباب المسلم فسوق وقتاله كفر) ( ) وفي الحديث (كنا إذا رأينا الرجل يلعن أخاه رأينا أن قد أتى باباً من الكبائر) ( ) ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم (سباب المؤمن كالمشرف على هلكه) ( ) هذا بالنسبة للمسلم أما السب الواقع على الذمي فهو محرم لقوله صلى الله عليه وسلم (ألا من ظلم معاهداً أو انتقصه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئاً بغير طيب نفس فأنا حجيجه يوم القيامة) ( ) فما اعتبره العرف انتقاصاً واستخفافاًُ فهو سب وما فهمته عقول المشاهدين أو السامعين أو القارئين أنه انتقاصاً واستخفافاً فهو سب بأي صيغة كان سواء بصيغة التساؤل أو التشكيك أو التندر، صدقاً كان أم كذباً فمن قال لآخر يا أعور وهو أعور بالفعل فإنه سب لأنه انتقصه واستخف به ولا يوجد صيغة للسب فقد يكون السب بصيغة المدح أو على شكل سؤال فضابط ذلك كله هو العرف وما تفهم العقول السلمية من جميع هذه الصيغ، كما أن السب يكون صريحاً وبالتعريض يقول ابن قدامة عن السب الصريح (من ألفاظ السب قوله كافر، سارق، فاسق، منافق، فاجر، خبيث، أعور، أقطع) ( ) ومثال السب بالتعريض كمن يقول لشخص أثناء مشادة كلامية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة... والديوث) فهو عرض بالشخص أنه ديوث ما دام قد فهم هذا المعنى من الكلام.
ويشمل حكم السب الأحياء والأموات يقول الرسول صلى الله عليه وسلم (لا تسبوا الأموات فإنهم أفضوا إلى ما قدموا) ( ) وفي الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم (نهى عن سب الأموات) ( )
كما يشمل الأفراد والجماعات مثل الأطباء والقبائل والأحزاب يقول الرسول صلى الله عليه وسلم (إن أعظم الناس جرماً إنسان شاعر يهجو القبيلة من أسرها) )

المادة (26) يعاقب بالسجن بما لا يزيد عن ثلاث سنوات كل من قام بالسب على أعراض الرعية)
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم (أربى الربا شتم الأعراض) ( ) ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم (الربا اثنان وسبعون شعبة أدناه إتيان الرجل أمه وأن أربى الربا استطالة الرجل في عرض أخيه) ( ) وعن الرسول صلى الله عليه وسلم قال (لما عرج بي ربي عز وجل مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم فقلت من هؤلاء يا جبريل قال الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم) ( ) أما إذا احتوى السب على قذف فتطبق عقوبة القذف .

المادة (27) يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن ستة شهور كل من سب آلهة أهل الذمة ومعتقداتهم)
يقول الله تعالى (ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدواً بغير علم) ( )
وسب آلهتهم ومعتقداتهم في وسائل الإعلام سيؤدي إلى سب الله عز وجل لأن وسائل الإعلام واسعة الانتشار وتصل إلى أي مكان في العالم وهذا سوف يضاعف تأثير سب آلهتهم ومعتقداتهم وهو سب الله عز وجل تعالى رب العزة علوا كبيراً قال ابن عربي (اتفق العلماء على أن معنى الآية لا تسبوا آلهة الكفار فيسبوا آلهتكم) ( )

الافتراء
المادة (28) (يعاقب بالحبس بما لا يزيد عن سنتين كل من افترى على غيره أموراً لو صحت لأدت إلى الانتقاص منه والاستخفاف به في دار الإسلام)
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم (من قال في مؤمن ما ليس فيه حبس في ردغة الخبال (أي طين ووحل) حتى يأتي بالمخرج مما قال) ( )
فالافتراء وهو لصق أمر معين على غيره وتعيين الأمر وهو الذي يميز الافتراء عن السب فمثلاً أن ينشر شخص ما في وسائل الإعلام أن فلاناً سارق هذا سب لعدم تعيين السرقة أما أن يقول أنه سرق من أموال الخراج فهذا افتراء لأنه حدد السرقة وعينها وهي أموال الخراج والذي يحدد الافتراء هو العبارات التي قيلت أو كتبت.
ويقال في الانتقاص والاستخفاف ما قيل في جريمة السب من حيث الضابط والصيغ التي ورد بها الافتراء.
أما دار الإسلام وذلك لاختلاف مفهوم الانتقاص والاستخفاف من شريعة إلى أخرى فالشريعة الإسلامية تحدد ذلك.
ويخرج المفترى من العقاب بأن يأتي بالبينة على ما قال أو كتب لأنه بذلك لا يصبح مفترياً.
والافتراء يكون صريحاً وتعريضاً ومثال على التعريض نقل الشائعات التي يرددها الناس على سبيل التعجب أو رواية من مصدر ما على سبيل التشكيك، فما قيل في السب من حيث الضابط في الانتقاص والاستخفاف يقال في الافتراء.
القذف
المادة(29) (يعاقب بالجلد ثمانين جلدة وبالحبس مدة لاتزيد عن ثلاث سنوات كل من قام بقذف أحد أفراد الرعية)
القذف هو: (الرمي بوطٍء حرام في قبل أو دبر أو نفي النسب للأب أو تعريض بذلك) ( )
والقذف يكون بلفظ صريح مثل زنيت بفلانة أو زنا بكِ فلان أو فجر بك فلان ويكون أيضاً بالتعريض لأن الكناية تقوم في العادة والاستعمال مقام الصريح وقد قالوا الكناية أبلغ من الصريح أحياناً، روى الإمام مالك أن رجلين استبا في زمان عمر بن الخطاب فقال أحدهما في الآخر والله ما أبي بزانٍ ولا أمي بزانية، واستشار في ذلك عمر بن الخطاب فقال قائلٍ مدح أباه وأمه وقال آخرون كان لأبيه وأمه مدح غير هذا نرى أن تجلدوه الحد فجلده ثمانين جلدة) ( )
أما السجن بما لا يزيد عن ثلاث سنوات فهو تعزير للقاذف على فعل القذف في وسائل الإعلام لأن القذف فيها أشد أثراً على المقذوف وأوسع انتشاراً وأصعب علاجاً فجاء التعزير على فعل زاد عن القذف وهو فعله في وسائل الإعلام.
قال تعالى (والذي يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربع شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً أولئك هم الفاسقون).
وقد تضمنت الآية ثلاثة عقوبات للقاذف من غير بينة وهي ثمانين جلدة ورد الشهادة وتفسيقه.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (اجتنبوا الكبائر السبع وذكر منها قذف المحصنة).

نشر الصور العارية
المادة (30) (يعاقب مدة لا تزيد عن سنتين كل من نشر صورة عارية)
الصورة العارية للمرأة هي ما ظهر منها غير الوجه والكفين.
عن أسامة بن زيد عن أبيه قال كساني رسول الله صلى الله عليه وسلم قبطية كثيفة مما أهداها له دحيه الكلبي فكسوتها امرأتي فقال مالك لم تلبس القبطية قلت كسوتها امرأتي فقال مرها فلتجعل تحتها غلالة فإني أخاف أن تصف حجم عظامها(1)
والقبطية: ثوب مصري رقيق أبيض.والغلالة: الثوب الذي يلبس تحت الثياب.
ففي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطى القبطية الكثيفة إلى زيد بن حارثة ليلبسها ولم يأمره بشيء مع علمه أنها لاتصف لون بشرة لكثافتها وتصف حجم الجسم لليونتها فلما علم الرسول صلى الله عليه وسلم أن زيداً ألبسها لزوجته أمره أن تضع تحتها ثوب حتى لاتلتصق القبطية بجسمها بسبب ليونتها فتصف حجم عورتها فقوله صلى الله عليه وسلم (فإني أخاف أن تصف حجم
(1)رواه احمد بسند صحيح.
عظامها) يفهم من التعليل أي الباعث على التشريع والعلة هي (حرمة وصف حجم عورة المرأة) وبناء على هذه العلة أن واقع نشر الصور العارية للمرأة يدخل في حكم وصف عورة المرأة والصورة العارية للمرأة أشد وضوحاً من وصف حجم عورتها أو تجسيدها بملابس ضيقة مثل البنطال وكل لباس تجسد به عورة المرأة.
والصور العارية للمرأة واقعها ليس كواقع الخيال والصور المتخيلة هي واقع غير ملموس والصور المطبوعة سواء كانت فوتوغرافية أو فيديو هي واقع ملموس الصور المتخيلة لايمكن نشرها والصور المطبوعة تشر وتباع وتشترى وتستخدم في الانتفاع بها فقياس الصور المطبوعة على الصور المتخلية يحتاج إلى علة شرعية والله أعلم بعد بحث في نصوص الكتاب والسنة مباشرة لم نجد نصاً يمكن أن تؤخذ منه هكذا علة استنباطا أو قياساً أو صراحة والله أعلم.
كما أن تخيل المرء لا يحاسب عليه الله عز وجل لقوله صلى الله عليه وسلم (إن الله تجاوز عن أمتي ما وسوست به صدورها ما لم تعمل به أو تتكلم).
أما الانتفاع بالصور العارية فهو فعل ويحاسب عليه المرء ومن يقول بجواز الانتفاع عليه الدليل لان الأصل في الأفعال التقيد بالحكم الشرعي .

المادة (31) يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن خمس سنوات كل من نشر صور الممارسة الجنسية.
عن أسماء بنت يزيد أنها كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم والرجال والنساء قعود فقال:
(لعل رجلاً يقول ما يفعل بأهله ولعل امرأة تخبر بما فعلت مع زوجها؟ فأرمّ القوم (أي سكتوا ولم يجيبوا) فقلت أي والله يا رسول الله أنهن ليفعلن وأنهم ليفعلون قال: فلا تفعلوا، فإنما ذلك مثل الشيطان لقي شيطانه في طريق فغشيها والناس ينظرون) ( ) ووجه الاستدلال في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم أن يخبر الرجل والمرأة بالممارسات الجنسية التي تحدث بينهما والنهي جاء جازماً فقال (لا تفعلوا) وشبه فعل المخبر بالشيطان لقي شيطانة وهذه قرينة على أن النهي للتحريم فإذا كان الإخبار بالممارسات الجنسية للزوجين محرم فمفهوم الموافقة حرمة نشر صور الممارسات الجنسية لأنها أبلغ من الإخبار وأوضح وإذا كان الشرع حرم نشر صور الممارسات الجنسية لزوجين أحل الله لهما فعل ذلك فمن باب أولى حرمة نشر صور الممارسات الجنسية التي حرمها الشرع هذا بالنسبة إلى نشر صور الممارسات الجنسية أما النظر إليها فهو محرم لقوله صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم (العينان تزنيان وزناهما النظر والأذنان تزنيان وزناهما الاستماع واللسان زناه الكلام واليد زناها البطش والرجل زناه الخطى والقلب يهوى ويتمنى ويصدق الفرج ويكذبه).
ووجه الاستدلال هو في قوله صلى الله عليه وسلم (الأذنان تزنيان وزناهما الاستماع) فإذا كان الاستماع إلى الزنا محرم فمن باب أولى رؤية صور الزنا فرؤية صور الممارسات الجنسية محرم لأنها أشد أثراً وأكثر وضوحاً من مجرد الاستماع.
المادة (32) يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن سنة كل من نشر أخباراً كاذبة أو شيء منسوب إلى الغير كذباً).
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم (أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها إذا أؤتمن خان وإذا حدث كذب وإذا عاهد غدر وإذا خاصم فجر). ( )
الخبر الكاذب هو (عدم مطابقته للواقع) ( )
سواء كان في أغلبه وفي بعض تفصيلات ما دام الخبر غير مطابق للواقع.
أما نسبة شيء إلى الغير كذباً فهو التزوير
والتزوير هو (تحسين الشيء ووصفه بخلاف ما هو عليه في الحقيقة فهو تمويه للباطل بما يوهم أنه حق). ( )
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال الإشراك بالله وعقوق الوالدين وجلس وكان متكئاً ثم قال: ألا وقول الزور فما يزال يكررها حتى قلنا: ليته سكت) ( )

تم الانتهاء من كتابته بعون الله وفضله
في
15/5/2004

الحوار الداخلي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك