التسامح أعظم علاج على الإطلاق

هل تريد أن تمنح نفسك الصحة والعافية ؟ سامح كل من تسبب بإيذائك سواء كان ذلك ظلما لك أو سبا وشتما أو أخذا لمالك,سامحهم لوجه الله !!أرجوك سامحهم من أجل حياتك من أجل سعادتك! من أجل أن تستفيض بشعور السكينة من أجل أن تخرجهم من قلبك إلى الأبد!هب أنك لم تسامحهم أرأيت كيف يأتيك الهم وتكتويك الأحزان وتعتصر قلبك الحقد وتستجلب الأمراض لقلبك ؟أرأيت كيف يؤذيك القلق وأنت تفكر بهم؟ ماهذا؟ أتريد أن تحول حياتك إلى شجار ومعارك طاحنة وإلى جراح ؟ يقول جيرالد في كتابه" التسامح أعظم علاج على الإطلاق" ما الذي بوسعك أن تبتغيه ثم لا يمنحك إياه التسامح هل تريد السلام التسامح يقدمه لك هل تريد السعادة هدوء البال تحقيق هدف ما إحساس بالقيمة وجمال يفوق العالم هل تريد الرعاية والأمان ودفء الحماية دائما؟ هل تريد هدوء لا يعكره شئ ورقة لا يطالها آذى وراحة عميقة دائمة وسكونا رائعا لا يزعجك شئ فيه. كل ذلك يمنحك إياه التسامح وأكثر فهو يومض بعينيك عندما تنهض من نومك ويمنحك البهجة التي تستقبل بها يومك إنه يربت على جبهتك أثناء نومك ويستقر فوق أجفانك فلا ترى أحلاما بها خوف أو شر أو حقد وعندما تنهض مرة أخرى يمنحك يوما آخر من السعادة والسلام كل ذلك يمنحك إياه التسامح وأكثر.

 

فالآثار الجانبية للأفكار غير المتسامحة والتي نحملها في عقولنا يمكن أن نؤثر تأثيرا سلبيا على سعادتنا فلنلقي نظرة على القائمة التالية والتي تضم بعض المشاكل الجسدية التي يمكن أن يكون لها صلة بالعقل الغير متسامح.

 

    *     الصداع

    *     آلم الظهر

    *     آلام الرقبة

    *     آلام المعدة وأعراض القرحة

    *    الاكتئاب

    *    قلة الطاقة

    *    التعاسة

    *    الانفعال والخوف

    *   الأرق والقلق

 يقبل القليل منا أن يتبادل الأدوية وهو يعلم إنها ستضره وبالرغم من ذلك فنحن تقريبا لانتقى الأفكار التي نضعها في عقولنا ما هو العلاج؟ ما هو أقوى دواء لدينا نعالج به أفكارنا التي سببت لنا هذه القائمة من الأعراض؟ التسامح إنه علاج قوي ومزمن ومعجزة ليده القدرة على جعل هذه الأعراض تختفي." لعلنا نذكر نماذج من المتسامحين الذين حفلت بهم كتب التاريخ:

 

-قيس بن عاصم المنقري ، كان الرسول (صلى الله عليه وسلم ) يقول له: (أنت سيد أهل الوبر) لأنه من أحلمهم .. فقد ضرب في الحلم والصفح أروع الأمثلة ، حتى إنه ما كان يغضب أبداَ .

 

جلس مرة من المرات وهو محتب .. فجاء ولد له فقال : قتل أخي .

 

قال : من قتله ؟.

 

قال : ابن فلانة ـ امرأة كانت عندهم وجلست معهم ـ .

 

قال الأحنف بن قيس : فوالله ما حل قيس بن عاصم حبوته ولا تحرك ولا تغير .

 

فلما انتهى من الحديث قال : جهزوه وغسلوه ، ثم ائتوني به لأصلي عليه وأودعه ، وخذوا مائة ناقة وأعطوها ذاك الولد لئلا يخاف .. وطمئنوا أمه لئلا تظن بنا شراً .. وعفا الله عما سلف !!.

 

قال الأحنف بن قيس : منذ ذلك اليوم تعلمت الحلم .

 

ولذلك فالأحنف من بني تميم ـ قوم الأحنف ـ وقال لهم : هل رأيتم الأحنف غضب يوماً من الأيام ؟

 

قالوا : والله ما رأيناه غضب .

 

قال : فما لي إن أغضبته .

 

فواعدوه بشيء من المال .

 

فدعا رجلاً سفيهاً من سفهاء بني تميم وقال : خذ هذه الجائزة واذهب إلى الأحنف ابن قيس ولا تكلمه ، وإنما ألطمه على وجهه ! فإذا سألك فقل إنني سمعت أنك تعرض لي وتسبني وتغتابني .

 

فذهب ، وإذا الأحنف بن قيس جالس في مجلس بني تميم ، فتقدم له ذاك السفيه فضربه على وجهه .

 

فقال الأحنف : ما لك ؟.

 

قال : سمعت أنك تعرضت لي وشتمتني .

 

قال : من أرسلك ؟.

 

قال : فلان بن فلان .

 

قال : ماذا قال ؟.

 

قال : قال لي : اذهب إلى سيد بني تميم فلان فاضربه .

 

قال : لست أنا بسيد بني تميم ، إن سيد بني تميم جارية بن قدامة .

 

فانطلق هذا السفيه فأتى جارية بن قدامة فضربه على وجهه .

 

فقام جارية بن قدامة ومعه سيف فضرب يد الرجل فأبانها له ! .

 

المتفائل لسان حاله كما قال الشاعر :

 

وأصفح عن سباب الناس حلما وشر الناس من يهوي السبابا

 

لو أقمت الدنيا وأقعدتها هل ستنتصر ؟ إنك ستخسر نفسك بفيروس الغضب وتتألم وتتعذب والألم لا يحل المشكلة لأنها انتهت! قد تصاب بجلطة أو بقرحة أو بالقولون أو بأي مرض من الأمراض والسبب أنك لم تتمالك نفسك .يقول ابن القيم" أوثق غضبك بسلسلة الحلم فإنه كلب إن أفلت اتلف." وقديما قيل : الفائز هو الذي يضحك في النهاية .

 

مشى المعافى بن سليمان مع صاحب له فالتفت إليه صاحبه عابسا وقال : ما أشد البرد اليوم ؟ فقال المعافى : أستدفأت الآن!! قال : لا. قال: فماذا استفدت من الذم؟ لو ذكرت الله لكان خيرا لك.

 

-اجتمع الصحابة في مجلس .. لم يكن معهم الرسول عليه الصلاة والسلام .. فجلس خالد بن الوليد .. وجلس ابن عوف .. وجلس بلال وجلس أبو ذر .. وكان أبو ذر فيه حدة وحرارة فتكلم الناس في موضوع ما .. فتكلم أبو ذر بكلمة اقتراح: أنا أقترح في الجيش أن يفعل به كذا وكذا. قال بلال : لا .. هذا الاقتراح خطأ . فقال أبو ذر : حتى أنت يابن السوداء تخطئني .!!! فقام بلال مدهوشا غضبانا أسفا .. وقال : والله لأرفعنك لرسول الله عليه السلام .. وأندفع ماضيا إلى رسول الله . وصل للرسول عليه الصلاة والسلام ..وقال : يارسول الله .. أما سمعت أبا ذر ماذا يقول في ؟ قال عليه السلام : ماذا يقول فيك ؟؟ قال : يقول كذا وكذا .. فتغير وجه الرسول صلى الله عليه وسلم ..وأتى أبو ذر وقد سمع الخبر .. فاندفع مسرعا إلى المسجد .. فقال : يارسول الله .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . قال عليه السلام : يا أبا ذر أعيرته بأمه .. "إنك امرؤ فيك جاهلية" ولو كنت من العباد والزهاد، ولو كنت ممن تقوم الليل وتصوم النهار وتطعم المساكين، إنك امرؤ فيك جاهلية، " .!! فبكى أبو ذر رضي الله عنه.. وأتى الرسول عليه السلام وجلس .. وقال يارسول الله استغفر لي .. سل الله لي المغفرة ثم خرج باكيا من المسجد .. وأقبل بلال ماشيا ..فطرح أبو ذر رأسه في طريق بلال ووضع خده على التراب ..وقال : والله يابلال لا ارفع خدي عن التراب حتى تطأه برجلك .. أنت الكريم وأنا المهان ..!! فأخذ بلال يبكي .. وأقترب وقبل ذلك الخد ثم قاما وتعانقا وتباكيا . هذه هي حياتهم يوم تعاملوا بالإسلام رضي الله عنهم أجمعين . إن بعضنا يسيء للبعض في اليوم عشرات المرات .. فلا يقول : عفواً ويعتذر إن بعضنا يجرح بعضا جرحا عظيما .. في عقيدته ومبادئه وأغلى شيء في حياته فلا يقول .. سامحني . إن البعض قد يتعدى بيده على زميله .. وأخيه.. ويخجل من كلمة : آسف . الإسلام دين التقوى لم يفرق بين لون أو حسب أو نسب .. فلماذا يعجز أحدنا عن الإعتذار لأخيه .. بهدية صغيرة .. أو كلمة طيبة .. أو بسمة حانية .. لنضل دوما على الحب والخير أخوة .

 

التسامح قيمة عالمية : ( وما أرسلناك إلا رحمة العالمين ) الأنبياء 107 , رحمة انسانية ورحمة أخوية ورحمة سماوية ومنهج رباني واسع للبشرية أجمع ,تأمل هذه الآيات القرآنية التي خاطب بها الله رسوله صلى الله عليه وسلم وهي برهان كبير على عظمة مبدأ التسامح :

 

1 – ( فاصفح عنهم وقل سلام فسوف يعلمون ) الزخرف 98 , يقول الطبري : نزلت حينما دعا النبي ربه : ( يارب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون ) ومعني الآية أي اصفح عنهم يا محمد وأعرض عن آذاهم , وقل سلام عليكم , ( فاصفح الصفح الجميل ) .

 

2 – ( خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين ) الأعراف 99 , فكان التسامح في حياة المجتمع النبوي لا يشدد على الناس , ولا يؤاخذ الجاهلين , وإنما يسر وتيسير , ورحمة بعد رحمة , ( فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك ) آل عمران 51 .

 

3 – ( ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم ) فصلت 43 , فسلام المجتمع في مقابلة السيئة بالحسنة , حتى يصبح العدو كأنه ولي حميم .

 

-روى البخاري : عن أنس بن مالك قال : كنت أمشي مع الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) وعليه برد نجراني غليظ الحاشية ، فأدركه أعرابي فجذبه بردائه ، جذبة شديدة .

 

قال أنس : فنظرت إلى صفحة عاتق النبي ( صلى الله عليه وسلم ) وقد أثرت فيها حاشية الرداء من شدة جذبته .

 

ثم قال : يا محمد أعطني من مال الله الذي عندك .

 

فالتفت إليه ( صلى الله عليه وسلم ) فضحك ثم أمر له بعطاء .

 

نعم اضحك في وجه من يؤذيك لتمتص غضبك وتكيل عليه أنت سفاهته على نفسه !!.

 

إذا نطق السفيه فلا تجبه                فإن كلمته فرجت عنه

 فخير من إجابته السكوت              وإن خليتـه كمدا يموت

 

***

 لما عفوت ولم أحقد على أحد

 

أرحت نفسي من هم العداوات

 

أدرك علماء النفس في دراساتهم أهمية العفو والرضا والتسامح في علاج الكثير من الأمراض المستعصية حيث أن المتسامحين لايعانون من ضغط الدم وهم أكثر الناس إبداعاوفي دراساتهم أكتشوا أن التسامح يطيل في العمرويقوي أجهزة المناعة لدى الإنسان ويميت الخلايا العصبية في الدماغ.يقول بعض العلماء"إنك لأن تنسى موقفامزعجا حدث لك أوفر بكثير من أن تضيع الوقت وتصرف طاقة كبيرة من دماغك للتفكير بالإنتقام!وبالتالي فإن العفويوفر على الإنسان الكثير من المتاعب فإذا أرت أن تسر عدوك فكر بالإنتقام منه,لأنك ستكون الخاسر الوحيد" ألاتحب أيها القاريء الكريم أن يغفر الله لك؟تذكر" وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (22) [النور ) .

 

نزلت هذه الآية السابقة حينما منع الصديق أبو بكر رضي الله عنه , الصدقة عن مسطح بن أثاثة , بعد أن نال من عائشة في حادثة الإفك , نزلت : ( ألا تحبون أن يغفر الله لكم ) النور 22 , فقال أبو بكر : بلى نحب يا ربنا , ثم واصل إنفاقه على مسطح رغم ما قال ورغم ما فعل , فعلمنا الصديق في هذا الموقف أن التسامح نوعان :

 

الأول : مع النفس : بالتألم للفعل وحملها على العلاج , ونسيان الماضي المؤلم البغيض .

 

الثاني : مع الناس : بأن يتصدق عليهم بأخطائهم , ويحلل نفسه من آذاهم له ولو كان قاسياً .

 

فإن أكلوا لحمي وفرت لحومهم وإن هدموا مجدي بنيت لهم مجدا

المصدر: http://dc231.4shared.com/doc/LRAV4V34/preview.html

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك