استحقاق التسامح

أدلى الفرنسيون بأصواتهم في الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة يوم أمس. وإذ إن عراقة الديمقراطية في هذا البلد تجعل من الثناء عليها أمراً مفروغاً منه، إلا أن المؤمل أن تتقاطع أصوات الناخبين مع رغبة شعبية ورسمية في الدول العربية والإسلامية، في أن تبتعد أجندة الحشد الانتخابي عن الخطاب العدائي ضد الإسلام والمسلمين.

الدورة الأولى، بحسب الفرز الأولي للأصوات، أظهرت أن الرئيس المنتهية ولايته نيكولا ساركوزي وخصمه الاشتراكي فرنسوا هولاند، نقلا تنافسهما إلى الدورة الانتخابية الثانية بعد أسبوعين، وبقاؤهما هو بحد ذاته أمر إيجابي مبدئياً.

فصحيح أن مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبن حلّت في المرتبة الثالثة بفارق كبير، لكن نسبة الأصوات التي تجاوزت الـ15% في بلد مثل فرنسا، تبعث على القلق، واستبعادها من الدورة الأولى هو هزيمة للتطرف الذي يركز هجماته وترويجه على العداء ضد الإسلام، وينعت هذا الدين الحنيف بالإرهاب. لكن قلق العرب والمسلمين لا يزال يجد مبرراً في أن الأصوات المتطرفة ستصوت لأحد المرشحيْن، والأرجح ساركوزي، وهذا الميْل الوظيفي سيكون على حساب ضخ جرعة عدائية ضد المهاجرين والأقليات.

وليس بيت القصيد في أن ينتصر مرشح معتدل للرئاسة الفرنسية، إنما من المؤسف أن الخطاب العدائي للمهاجرين والمسلمين، أصبح يدرّ على المرشحين اليمينيين «تجّار الخطابات» أصواتاً، والأسوأ أنه يتم توسيع نغمة الخطاب الذي يناهض التسامح في أكثر من بلد أوروبي. إذاً، تبنّي لغة التسامح ومحاربة طقوس التطرف الانتخابية، من أهم التحديات التي ستواجه الرئيس المقبل لفرنسا، من دون إغفال تحديات ومطبات أكثر إلحاحاً، من حيث عامل الزمن المطلوب لمواجهتها.

وفي مقدمتها الأزمة الاقتصادية، حيث تشير معطيات نشرتها مراكز لاستطلاع الرأي، إلى أن ضعف الاقتصاد يمكن أن يجعل ساركوزي، أول رئيس للبلاد يخسر معركة الترشح لولاية ثانية خلال أكثر من 30 عاماً. الأزمة الاقتصادية والإحباط الذي يسود الأوساط الشعبية الفرنسية، رفع بشكل كبير نسبة المقاطعة التي تشير إلى فقدان جزء من الفرنسيين ثقتهم في الطبقة السياسية التي يعتبرونها عاجزة عن التصدي للأزمة.

سيختار الفرنسيون رئيسهم، ولنا أن نأمل أن يكون من المتبنين لخطاب التسامح واليد الممدودة لتقبل الآخر؛ المسلم أو المهاجر.

المصدر: http://www.albayan.ae/opinions/our-opinion/2012-04-23-1.1636325

الأكثر مشاركة في الفيس بوك