التسامح في الخطاب الفكري العربي
أضافه الحوار اليوم في
وليد خالد احمد
*التسامح اسلامياً
لم يرد ذكر التسامح لفظاً في القرآن الكريم، لكن الشريعة الاسلامية ذهبت الى ما يفيد معناه. وقد جاء بما يقاربه او يدل على معناه حين تمت الدعوة الى التقوى والتشاور والتآزر والتواصي والتراحم والتعارف، وكلها من صفات التسامح مؤكدة حق الاختلاف بين البشر، و (الاختلاف آيات بينات)، وان كان لا يلغي الائتلاف.
لم يرد ذكر التسامح لفظاً في القرآن الكريم، لكن الشريعة الاسلامية ذهبت الى ما يفيد معناه. وقد جاء بما يقاربه او يدل على معناه حين تمت الدعوة الى التقوى والتشاور والتآزر والتواصي والتراحم والتعارف، وكلها من صفات التسامح مؤكدة حق الاختلاف بين البشر، و (الاختلاف آيات بينات)، وان كان لا يلغي الائتلاف.
ان كتب اللغة ومعاجمها المعتبرة التي استعان بها الكثير من مفسري القرآن، تضع مفردة التساهل مرادفاً لمفردة التسامح، ويشير ابن منظور في لسان العرب الى التسامح والتساهل باعتبارهما مترادفين. ويعرف الحنيفية السمحة بـ "ليس فيها ضيق او شدة"(15).
ويقول الفيروز ابادي في القاموس المحيط: المساهلة كالمسامحة، وتسامحوا- تساهلوا، وتساهل- تسامح، وساهلة- ياسرة(16).
ولهذا، فان الاصل في الاسلام هو التسامح، وقد كان رسالة عالمية منفتحة "وما ارسلناك الا رحمة للعالمين" مما يدل على السلم والمسالمة والصلح والرحمة.
وبالعودة الى القرآن الكريم الذي يشكل المرجعية الاساسية للشريعة الاسلامية، اضافة الى السنة النبوية، فان متابعة بعض آيات القرآن تعطينا صورة مشرقة ومتقدمة لجهة التسامح الذي اعتمد عليه الاسلام من خلال وثيقته الاولى. فقد جاء في الآية الكريمة "واختلاف السنتكم والوانكم، ان في ذلك لآيات العالمين".
وأكد القرآن الكريم في آيات كثيرة اختلاف الشعوب والقبائل "ولو شاء ربك لآمن من في الارض كلهم جميعاً، أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين"، "فذكر انما انت مذكر، لست عليهم بمسيطر"، "انا انزلنا عليك الكتاب للناس بالحق، فمن اهتدى فلنفسه، ومن ضل فانما يضل عليها، وما انت عليهم بوكيل"، "وما على الرسول الا البلاغ المبين".
ان هذه المنطلقات الفكرية التي وردت في القرآن الكريم اعطت زاداً فكرياً ونظرياً لممارسات اسلامية متقدمة خصوصاً في عهد الرسول والخلفاء الراشدين من بعد لدرجة كبيرة، بشأن اعتماد التسامح خصوصاً وقد وردت تطبيقاته في العديد من الوثائق النظرية والاتفاقيات والمواثيق السياسية. كما انها شكلت نقيضاً لممارسات اخرى لا تتسم بالتسامح باعتبارها خروجاً وتعارضاً مع هذه النصوص المقدسة خصوصاً القرآن الكريم والسنة المحمدية بعد الكتاب.
وهناك وثائق اخرى تشكل بمجموعها مرجعية صلدة لمناقشة الاتجاهات اللامتسامحة الاسلاموية، تلك التي لا تعترف بالآخر وتسعى الى استئصاله او الغائه وتهميشه(17). حيث ان الاتجاهات الاسلاموية لا تختلف احياناً في بعض ممارساتها عن السلطات الحاكمة في نهجها الشمولي واساليبها الاقصائية في رفض الآخر وعدم الاعتراف بحق الاختلاف، ورفض فكرة التسامح بادعاء امتلاك الحقيقة، وبهذا المعنى فهي وان كانت احياناً في صف المعارضات الا انها تنتهج نهجا او تسلك سلوكا مع بعض الحكومات الاستبدادية او السلطوية(18).
* التسامح مسيحياً
ظهرت مفردة تسامح Tolérance اول ما ظهرت في كتابات الفلاسفة وعلى حواشي الفلسفة في القرن السابع عشر الميلادي زمن الصراع بين البروتستانت والكنيسة الكاثوليكية، حينما نادى اولئك بحرية الاعتقاد وطالبوا الكنيسة البابوية بالتوقف عن التدخل في العلاقة بين الله والانسان. ومعلوم ان الكنيسة الكاثوليكية هي التي تجدد(قانون الايمان) وتمنح صكوك الغفران وتحتكر السلطة الروحية، وكانت فضلاً عن ذلك تنازع الدولة وسلطتها الزمنية وتريد جعلها تابعة لها. وكرد فعل على الاجماع الذي ارادت الكنيسة الكاثوليكية تكريسه حولها، دينياً وسياسياً بالوعد والوعيد حيناً وبالقوة والعنف حيناً آخر، قام المذهب البروتستانتي ضد الكثلكة وسعيها نحو الهيمنة الدينية والسياسية واخذ يطالب بحق الاجتهاد وبضرورة اتخاذ العقل ميزاناً وحكماً... وايضاً بضرورة التسامح مع المخالفين الشيء الذي يعني السماح لهم بحق الوجود وحق التعبير عن مذهبهم والقيام بالشعائر الدينية على الطريقة التي يعتقدون انها الاصلح، وذلك هو نفس المبدأ الذي تمسك به فلاسفة التنوير في اوروبا بمختلف ميولهم الدينية والفلسفية، واعطوه طابع الشمول، متى نادى بعضهم بحق الخطأ، اي بضرورة السماح للخطأ بالوجود من غير ان يتعرض لهجوم سوى الهجوم الذي يشنه عليه العقل.
ظهرت مفردة تسامح Tolérance اول ما ظهرت في كتابات الفلاسفة وعلى حواشي الفلسفة في القرن السابع عشر الميلادي زمن الصراع بين البروتستانت والكنيسة الكاثوليكية، حينما نادى اولئك بحرية الاعتقاد وطالبوا الكنيسة البابوية بالتوقف عن التدخل في العلاقة بين الله والانسان. ومعلوم ان الكنيسة الكاثوليكية هي التي تجدد(قانون الايمان) وتمنح صكوك الغفران وتحتكر السلطة الروحية، وكانت فضلاً عن ذلك تنازع الدولة وسلطتها الزمنية وتريد جعلها تابعة لها. وكرد فعل على الاجماع الذي ارادت الكنيسة الكاثوليكية تكريسه حولها، دينياً وسياسياً بالوعد والوعيد حيناً وبالقوة والعنف حيناً آخر، قام المذهب البروتستانتي ضد الكثلكة وسعيها نحو الهيمنة الدينية والسياسية واخذ يطالب بحق الاجتهاد وبضرورة اتخاذ العقل ميزاناً وحكماً... وايضاً بضرورة التسامح مع المخالفين الشيء الذي يعني السماح لهم بحق الوجود وحق التعبير عن مذهبهم والقيام بالشعائر الدينية على الطريقة التي يعتقدون انها الاصلح، وذلك هو نفس المبدأ الذي تمسك به فلاسفة التنوير في اوروبا بمختلف ميولهم الدينية والفلسفية، واعطوه طابع الشمول، متى نادى بعضهم بحق الخطأ، اي بضرورة السماح للخطأ بالوجود من غير ان يتعرض لهجوم سوى الهجوم الذي يشنه عليه العقل.
ومع ذلك، فقد برهن تطور الامور ان المنادين بالتسامح وحتى الذين اعلنوا تمسكه به بقوة لم يكونوا مستعدين دائماً للسير بهذا المبدأ الى ابعد مما يتحمله المذهب الذي يدينون به وتقتضيه مصلحة الدولة التي ينتمون اليها ويرضون عنها. ولذلك نجد دعاة التسامح من البروتستانت انفسهم شأنهم شأن كثير من فلاسفة التنوير يضعون حدوداً لحرية الاعتقاد خصوصاً اذا كان المذهب الذي يعتقده الخصم مخالفاً لمذهب الدولة القومية التي ينتمون اليها ويعملون على خدمتها وتقويتها، وبعبارة اخرى اذا كان تابعاً لمؤسسة اجنبية، والمقصود هنا الكنيسة الكاثوليكية ومقرها روما. ومن هنا اخذ التشريع للتسامح يخضع للمصلحة القومية في وقت كانت فيه النزعة القومية في اوروبا الحديثة في عنفوانها. ولذلك اعتبرت ان الكاثوليك في هذه الحالة غير جديرين بالتسامح لانهم يدينون بالولاء الى سيد اجنبي والمقصود البابا في روما(19).
الحوار الداخلي:
الحوار الخارجي: