حوار فيسبوكي
حوار فيسبوكي
خضير الحميري
كنت قد أصغيت لنصيحة أحد الاصدقاء مع بداية فتح حسابي على موقع التواصل الاجتماعي قبل عامين بأن لا أطلب صداقة ذوي الاسماء المستعارة ولا أمنحهم صداقتي على إعتبار ان الاسم المستعار فخ مجهول القرار، فهو يحاورك بلا حذر ولا محددات ولا خشية على اسمه أو رسمه ، لا يتحسب كما تتحسب ولا يخجل كما تخجل ، تكتب على حائطه باحترام وحذر و يشخبط على حائطك بلا تحوط .. تقدم له أفكارك وأسرارك وأخبارك ، ويقدم لك أوهامه وتقلباته .. وحين التقيت يوما بصديق أعرفه سألني باستغراب:
ـ لماذا أطلب صداقتك منذ أشهر وانت ترفض الاستجابة للطلب ؟
ـ كيف أرفض يا رجل ونحن أصدقاء منذ عقود ..
ـ أنا أطلب صداقتك الافتراضية على الفيس بوك بعد أن مللت من صداقتك الواقعية ..
ـ لم يردني منك أي طلب !!..
ـ طلبي تحت أسم مستعار وصورة شبحية ..
ـ قابل ( أشم كفه إيدي ) .. ثم لماذا الاسم المستعار ولك اسمك واعتبارك ؟
ـ لكي أشتم وأسب وأفتي براحتي ..
ـ وهل حياتنا بحاجة الى المزيد من الشتائم والفتاوى ؟
ـ لا .. بل هي بحاجة للمزيد من الصراحة والوضوح .. الاعتبارات الاجتماعية والدينية والسياسية تكتفني وتشل لساني .. عن قول الحقيقة ..
ـ ولكنك تفصح لي عن شخصيتك الحقيقية هنا، فما الفائدة !!
ـ لك أنت وحدك .. لاني اريدك ان تشاركني متعة أن تكون مجهولا .. وتتخلص من كل القيود والاعتبارات والمجاملات المتراكمة في علاقاتك المعتادة .
ـ ولكن حسابي على الفيس بوك باسمي وصورتي وسيرتي كما تعلم ..
ـ وما الضير في حساب ثان بإسم مختلق !
ـ و من سيمد لي يد الصداقة ، ويبادلني الحديث والمشاعر ، وماهي المواضيع التي سنختلقها ونتحمس لها .. ونختلف أو نتفق حولها ..
ـ أما عن الاختلاف والاتفاق فلا ( تشيل هم ) فنحن نختلف ونتفق على أعظم واتفه الاشياء كما تعرف.. أما عن الصداقات فان أصدقائي المجهولين أضعاف أصدقائك المعلومين .. وفي الوقت الذي يشوب أحاديثكم وخلافاتكم السقيمة الملل والتكرار ، فان احاديثنا تتجدد وتتمدد كل يوم .
ـ عن ماذا تتحدثون ؟؟
ـ عن كل مايخطر ولا يخطر في بالك ..
ـ أوهام .. بلا حدود ..
ـ الوهم متعة احيانا، مع تحفظي على حكمك المسبق ..
ـ وهل تعرف أحدا من أصدقائك الوهميين بشخصيته الحقيقية ؟
ـ لا .. ولا أريد أن أعرف ، كي لا أفقد متعتي .
ـ وهل تميز الرجل فيهم من المرأة .
ـ ليس ضروريا ، يكفي أن يقدم أحدهم نفسه بأنه امرأة لاقبله كما قدم نفسه حتى وان كان خلاف ذلك ..
ـ تواطؤ معلن ..
ـ بل هي متعة معلنة .. فهل ترغب بشيء منها ؟
ـ ................
ـ ليكن لديك إسمان وصورتان وشخصيتان .. على رأي الدكتور علي الوردي..
ـ ................
ـ لماذا انت صامت .. هل أزعجك حديثي .. أم انك تفكر بالاسم المستعار الذي ستتخذه لنفسك ؟
ـ ...............
ـ ما رأيك بإسم ( ساري العبدلله ) ..
ـ ...............
ـ أو ( عازف الليل )..
ـ ...............
ـ وإذا أردته وهميا تماما ، فيمكن ان تطلق على نفسك اسما آخر ..
ـ ما هو ...
ـ ( الشراكة الوطنية ) مثلا .. ولكني لا أضمن لك أي صداقات ثابتة !!.
المصدر: http://www.alnaspaper.com/inp/view.asp?ID=11810