التضاد.. والعنف!!

التضاد.. والعنف!!

 

يوسف الكويليت

 

تزامن ظهور الأيديولوجيات الشمولية في مرحلة وعي متطور علمي وثقافي، ومع ذلك نشبت حربان عالميتان غاياتهما مختلفة، وسلوكهما تخطى أعراف أخلاقيات التطور البشري إلى تعويم الإنسان إما لتبعية للنقاء العرقي الذي يجب أن يسود عالم العبيد، أو اعتبار الصراع الطبقي هو المتسبب في بؤس الإنسان، ولابد من سيادة الطبقات العمالية حتى تحقق العدالة، وبقي النظام الديموقراطي وحده من يصارع تلك الفوضى البشرية وهو لم يكن في بنائه الاقتصادي والحر أكثر نقاء، بل كان مؤدلجاً بصيغة الاستيلاء على العالم بداعي نشر منتجاته للأسواق الأخرى، والاستفادة من الامكانات الطبيعية والثروات القومية لتلك المستعمرات..

 

تغيرت الموازين في الوقت الحاضر، حيث برزت رأسماليات عالمية بواجهات سياسية لا تتلاقى بنظمها، وإن تقاربت أهدافها، حيث تدفق السلع وزيادة الناتج القومي، وإيجاد طاقة بشرية متطورة تقنياً وعلمياً، وسائل للتفوق ووسائل للمنافسة، حتى ان بروز آسيا مقابل أوروبا وأمريكا الشمالية سيغير من المكون العالمي بما في ذلك العالم الثالث عندما نشهد سباقاً متسارعاً بين الصين والغرب على أفريقيا وأمريكا الجنوبية، ودول مصادر الطاقة، مما يعني اتساع الحوافز حتى لمن بقوا في الظل وتحت هيمنة الاستعمار الاقتصادي الوريث للاستعمار السياسي..

 

في ظل هذه التطورات بدأت حرب عالمية ثالثة مع قواعد الإرهاب المنتشرة في كل بقعة من العالم، وهذه المرحلة لا تعرف من هو عدوك وكيف "يتخندق" أو يختار هدف ضربته المباشرة في ظل أفكار عدمية تشعر بالإخفاق من مسايرة الشعوب، المتقدمة التي هي، في نظرها، نتاج فكر مضلل وكافر يريد انحراف العالم الإسلامي، وبالمقابل بدأت تنشأ مواجهة مع قوى ليبرالية عالمية ترفض أن تختزل بفكر مضاد، أو قبول تقسيم يخالف معتقداتها وقوانينها بمبدأ أرض الكفر، وأرض الإيمان..

 

هذا الفكر الشمولي لم يتخذ شكل النظريات التي صاحبت الايديولوجيات الكلاسيكية، وإنما طرح الإسلام من خلال تفسير يتلاقى مع سلوك العنف كظاهرة ينبني عليها من خلال هذه الممارسات، خط الدولة الإسلامية الكبرى، وقطعاً بدأ الوعي بالخطر يخلق صداماً آخر مع كل المسلمين، وهو اتجاه خطير حتى ممن يعتقدون بدرء الضربة الأولى من الإرهابيين من قبل المجتمع الدولي غير المسلم..

نعم هناك فساد مستشرٍ بالعالم الإسلامي، وهناك موارد مهدرة وحكومات متعسفة لكن الإصلاح لا يحدث بعنف مقابل آخر، وإلا عزز نفوذ تلك السلطات بداعي مكافحة الإرهاب المستتر، مع أنه بالإمكان التعايش مع الدين بسماحته وقوة شرعيته، لا بوصفه متراساً يضاد كل العالم ومحصوله العلمي والثقافي..

المصدر: http://www.alriyadh.com/2007/05/26/article252207.html

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك