الجنادرية.. وحوار من أجل التعايش.. والسلام
الجنادرية.. وحوار من أجل التعايش.. والسلام
خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله، هو من قام بفتح أبواب حوارات الحضارات والأديان، والشأن المحلي لكسر الصورة النمطية التي ضخمتها أحداث ١١ سبتمبر وإرهاب القاعدة، لكن الجنادرية كانت السباقة بحشد وجوه عالمية وعربية ومحلية في طرح الأبعاد الفكرية والثقافية والأزمات العالمية كمنبر قام بتأسيسه الملك عبدالله وفق منهجية تراعي حرية الطرح والنقاش..
ربع قرن مضى على قيام هذا المهرجان، وكل عام يمر يطوّر أدواته واختيار موضوعاته وفي هذا العام تحل فرنسا ضيف شرف على المناسبة، ومعها أربعمائة مدعوّ من كل أنحاء العالم في مناقشة مختلف الموضوعات المعاصرة سواء تعلقت بحقوق الإنسان أو السياسة، أو الإرهاب ، أو القيم التي أسستها الأديان، وفي هذا الاطار الذي يشمل العديد من الموضوعات نجد أن الحوار يأخذ مداه الأبعد، إذ أدت العزلة بين الشعوب وتنافر الثقافات إلى تحطيم العلاقات الإنسانية مما جعل الفجوة كبيرة بين حضارات الشعوب وتراثها ، وإسهاماتها في التقدم البشري..
هذا اليوم سنشهد حفل افتتاح الجنادرية (٢٥) وهي امتداد لما قبلها وإن تنوعت المواضيع وفقاً لمسيرة الأحداث العالمية والمحلية، وحين تكون المملكة في بؤرة الأحداث، سواء بحجمها المادي والروحي، أو باعتبارها قناة تواصل مع العالم في جعل السلام محوراً للتعايش والتفاهم، وفتح النوافذ لصياغة مشروع إنساني لا يفرق بين القوميات والأديان ، وأرومة وأصول كل أمة، بحيث ينطلق الكلّ وفق مسؤوليته ورؤيته ودوره الذي يلتقي مع حق الإنسان في الحرية والكرامة، وكل ما يتفق ومبدأ التعايش الذي سنته الأديان والقوانين..
المهرجان لا يدعو لأنْ تتحد الأفكار، بل أن تتعارض وفق فهمٍ لطبيعة كل شعب ونظمه واتجاهاته، لأن المطلوب غلق الخصومات والعداوات وتأجيج الشعوب، والانفتاح الذي يسهل مهمات الفهم لخصوصية كل أمة وشعب، ولعلنا أمام مفكرين وكتّاب نشأوا في مجتمعات لها تقاليدها ودساتيرها ونظمها، فإنه مهما تباينت الآراء فإن الجامع بينهم القيم المشتركة، لأن التاريخ البشري هو من أسّس الوقائع والأحداث ، وهو الذي يرسم صورة الحاضر عندما انفتحت الأبعاد و«تعولَم» العالم بقوة المنجزات التقنية التي طوت القرون بالسنوات، وهي حصيلة تقدم أضاف بعداً جديداً في تقريب الأمم مع بعضها برابط لم يكن ليحدث لولا تميز الاتصالات والمواصلات وانفتاح العالم على بعضه..
لقد بدأت الجنادرية كمشروع ثقافي محدود لكنها الآن أصبحت مهرجاناً عالمياً يتطور كل عام بوسائل جديدة، ولعل التميز الأهم أن المناسبة لا تحصر بنوعٍ وجنس معين عندما يكون المشاركون من كل الأطياف والعقائد والأيدلوجيات، وهذا تميز أخذ وجهه الحضاري من الأهداف التي نشأت مع تأسيس هذه المناسبة..
الملك عبدالله الذي كرّس جهوده للتعليم والتنمية والثقافة، لم يحصر أفكاره ونشاطه ضمن الخريطة الضيقة عندما جعل الحوار والانفتاح والتواصل مع العالم هدفاً من أجل عالم مُسالم ومتعايش..
المصدر: http://www.alriyadh.com/2010/03/17/article507138.html