حوار بين أمان المسلمين لغيرهم ونقض غيرهم لهم

حوار بين أمان المسلمين لغيرهم ونقض غيرهم لهم

 

(كتاب أمان)

 

وأما الإسلام فكان عزيزاً منيعاً بالأندلس في دولة الداخل، فانظر إلى هذا الأمان الذي كتب للنصارى:

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

كتاب أمانٍ ورحمة، وحقن دماء وعصمة، عقده الأمير الأكرم الملك المعظم عبد الرحمن بن معاوية، ذو الشرف الصميم، والخير العميم، للبطارقة والرهبان، ومن تبعهم من سائر البلدان، أهل قشتالة وأعمالها، ما داموا على الطاعة في أداء ما تحملوه، فأشهد على نفسه أن عهده لا ينسخ ما أقاموا على تأدية عشرة آلاف أوقية من الذهب، وعشرة آلاف رطل من الفضة، وعشرة آلاف رأس من خيار الخيل، ومثلها من البغال، مع ذلك ألف درع وألف بيضة، ومن الرماح الدردار مثلها في كل عام، ومتى ثبت عليهم النكث بأسيرٍ يأسرونه، أو مسلم يغدرونه، انتكث ما عوهدوا عليه، وكتب لهم هذا الأمان بأيديهم إلى خمس سنين، أولها صفر عام اثنين وأربعين مئة.

المصدر: سير أعلام النبلاء (8/250).

 

***

 

قال اليسع بن حزم: همت الروم بما لم ينالوا من طلب الثغور، فنكثوا العهد، فتجهز الحكم إليهم حتى جاز جبل السارة ـ شمالي طليطلة ـ ففرّت الروم أمامه حتى تجمعوا بسمورة، فلما التقى الجمعان، نزل النصر، وانهزم الكفر، وتحصنوا بمدينة سمورة، وهي كبيرة جداً، فحصرها المسلمون بالمجانيق، حتى افتتحوها عنوة، وملكوا أكثر شوارعها، واشتغل الجند بالغنائم، وانضمت الروم إلى جهة من البلد، وخرجوا على حمية فقتلوا خلقاً في خروجهم، فكانت غزوته من أعظم المغازي لولا ما طرأ فيها من تضييع الحزم، ورامت الروم السلم، فأبى عليهم الحكم، ثم خرج من بلادهم خوفاً من الثلوج، فلما كان العام الآتي، استعدّ أعظم استعداد، وقصد سمُّورة، فقتل وسبى كل ما مر به، ثم نازلها شهرين، ثم دخلوها بعد جهد، وبذلوا فيها السيف إلى المساء، ثم انحاز المسلمون، فباتوا على أسوارها، ثم صبحوها من الغد لا يبقون على محتلم.

المصدر: سير أعلام النبلاء (8/254 ـ 255).

 

***

 

فلما كانت سنة ثلاثين ومئتين طرق المجوس الأردمانيون إشبيلية في ثمانين مركباً في الوادي، فصادفوا أهلها على غرارة بمطاولة أمد الأمان لهم مع قلة خبرتهم بحربهم، فطلعوا من المراكب، وقد لاح لهم خورٌ من أهلها، فقاتلوهم، وقووا على المسلمين، ووضعوا السيف فيهم، وملكوا إشبيلية بعد القتل الذريع في أهلها حتى في النساء والبهائم، وأقاموا بها سبعة أيام، فورد الخبر على الخليفة عبد الرحمن بن الحكم، فاستنفر جيشه وبعث بهم إلى إشبيلية فحلوا بالشرق، ووقع القتال، واشتد الخطب، وانتصر المسلمون، واستحرّ القتل بالملاعين حتى فني جمع الكفرة، لعنهم الله، وحرق المسلمون ثلاثين مركباً من مراكبهم، فكان بين دخولهم إلى إشبيلية وهروبهم عنها ثلاثة وأربعون يوماً. وهذا كان السبب في بناء سور واديها.

المصدر: سير أعلام النبلاء (8/261).

 

***

 

قال اليسع بن حزم: استضعفت دولة بني أمية، وقام ابن حفصون، وكان نصراني الأصل، فأسلم وتنصّح وألّب وحشد، وصارت الأندلس شعلة تضرم، ولم يبق لبني أمية منبر يخطب فيه إلا منبر قرطبة، والغارات تشنُّ عليها حتى قام عبد الرحمن الناصر، فتراجع الأمر.

المصدر: سير أعلام النبلاء (8/265).

الحوار الخارجي: 
أنواع أخرى: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك