وسائل الإعلام الغربية تهمل الجوانب الايجابية في حوار الحضارات

وسائل الإعلام الغربية تهمل الجوانب الايجابية في حوار الحضارات

 

بقلم ميلاني ميل
ترجمة عبد اللطيف شعيب

 

المسلمون والمسيحيون الذين يبذلون جهدهم من أجل الحوار بين الأديان لا ينتبه إليهم أحد في وسائل الإعلام. ومع ذلك هناك الكثيرون الذين يعملون من أجل إقامة الجسور بين الثقافات والأديان. مقال بقلم ميلاني ميل

 

الصحيفة الألمانية المحافظة لإدي فيلت" تتوسط صحف ألمانية أخرى

ينتابني خوف مضاعف بعد كل عمل إرهابي يقال إنه ارتكب باسم الإسلام، فمن ناحية ينتابني الغضب والحيرة والإشفاق على الضحايا وذويهم، ومن ناحية أخرى تساورني أفكار ساخرة عما إذا كان علينا أن نصوغ مرة أخرى بيانا في مؤتمر صحفي نستنكر فيه هذه الأعمال ونعبر فيه عن تعاطفنا مع الضحايا.
ويتساءل المرء مستنكرا عما إذا كانت الكارثة كبيرة لدرجة تحتاج إلى هذا التعليق الصحفي. وإذا كانت كبيرة لهذه الدرجة فعندئذ يبدأ السباق الأحمق، ولأن الخبر الصحفي يفقد أهميته بسرعة نجد أنفسنا - نحن المسلمين والمسيحيين في المجتمعات الإسلامية المسيحية ومنظمات الحوار ومجالس التنظيم والجمعيات الكنسية والإسلامية – مضطرين مرة ثانية إلى الكتابة والمناقشة والمقارنة وأخذ القرار والتصديق عليه ومن ثم إرساله بأقصى سرعة إلى إدارات التحرير. ونجد في ذلك أن هذا هو نفس ما قلناه دائما وكتبناه وأرسلناه سابقا ولكن بتاريخ آخر وعن ضحايا آخرين في مكان آخر. إننا على علم كل مرة بأن ما نكتبه مصيره سلة القمامة أو رفوف إدارات التحرير الكبيرة.

هذا السباق الأحمق

وأحيانا يدفعني الشعور للكتابة فقط لأن عدم الكتابة قد يكون في حد ذاته نقدا موجها لنا. وأي صحفي لا يدرك كل ما قمنا به من تصريحات حتى الآن قد يحقق شيئا من النجاح إذا أثبت عدم قيام أية منظمة بالتعليق على أي عملية إرهابية. إننا لن نستطيع الفوز في هذا السباق الأحمق، وهي ليست مهمتنا على الإطلاق. إن المسلمين والمسيحيين الذين يبذلون جهدهم من أجل الحوار بين الأديان لا ينتبه إليهم أحد في وسائل الإعلام، وهم يعانون من الميكانيكية القديمة التي تقول بأن الأخبار الحسنة ليست مفيدة للإعلام. إن بإمكان كل منظمة من منظمات الحوار - مثلها في ذلك مثل المنظمات الإسلامية –أن تقول إن منشوراتها ومؤتمراتها ومواقفها ضد الإرهاب والزواج بالإكراه والعنف المنزلي والمساس بحرية ممارسة العبادة لا تصل إلى الجماهير. كما تنقصهم الجماعة المؤثرة والمال والاهتمام الحقيقي، خاصة عندما يؤدون عملهم تطوعا. وتنقصهم أيضا الصور عندما تنشر وسائل الإعلام المطبوعة والمرئية والمسموعة تقارير عن الإرهاب الإسلامي ممزوجة بصور للمسلمين أثناء الصلاة أو صور للإرهاب مقرونة بتسجيلات للمؤذن. إنهم يسرقون بذلك صور وأصوات الإسلام ويضيفون إليها موضوعات إسلامية. وقد فهم الإسلاميون هذا المنطق وأخذوا يستخدمونه بذكاء لا يلفت نظر المسلمين، وأصبحت اليد المرفوعة ممسكة بالمصحف رمزا للرعب. فأنى للمسلمين إذا أن يستردوا هذه اليد من وسائل الإعلام التي لا تعتد بقيمة الخبر "إننا نستنكر الإرهاب"؟

بين عالمين

إن الخط الحلزوني بدأ ينحدر بلا هوادة إلى أسفل وله تأثيرات سلبية. إن المسلم أو المسيحي الذي يؤيد الحوار يتقلب بين عالمين، عالمه الحقيقي في ألمانيا وعالم الإسلام كما تصوره وسائل الإعلام.
ومن يتساءل في إحدى القرى الصغيرة عما إذا كان عشرة من المسلمين - الذين يعرفهم شخصيا منذ سنوات طويلة – يمكنهم أن يحصلوا على مكان للصلاة في المستشفى، فهو على علم بأن نجاحه يتعلق أولا وأخير على صور الهجمات الإرهابية لتنظيم القاعدة في النشرة الإخبارية.
وحق الإنسان في حرية ممارسة العبادة تتوقف على الرؤية الحقيقية للموقف الدولي عند سكان القرية الصغيرة. وإذا كانت زوجة عمدة القرية قد أهدي لها كتب لخبراء شتى في العلوم الإسلامية بمناسبة أعياد الميلاد أو سمعت عن الحريم اليوم فستبقى القرية الصغيرة بدون مسجد. إن الناس المشتركين في الحوار يُواجهون النقد بسهولة لافتراض سذاجتهم، وهذا طبيعي لأن لديهم الاستعداد للنقاش على العكس من المتطرفين والإرهابيين. واحتمالية ظهور مشارك مثل بن لادن للحوار مع المسيحيين التابعين للكنيسة في القرية الصغيرة ضعيف نسبيا، ولهذا فإن القرية الصغيرة تدعو كل من يريد الحضور لهذه الأمسية. وينبغي على المدعوين أن يستعدوا، فهم على الرغم من أنهم يجلسون مع القلائل الذين يستنكرون الإرهاب إلا أنهم يتلقون النقد بالنيابة. إن التمييز بين الأفراد يعد من الصعوبة بمكان ولن يستطع المرء أن يتخلص من الأحكام المسبقة بسرعة. إن الإسلام تركيب واحد في أعين كثير من الناس الذين فقدوا الاتجاه في المجتمع التعددي المعقد. والتناقض لا يكاد يكون أكبر من ذلك، فأولئك الذين يفعلون شيئا ويظهرون في حياتهم أن الحوار والتفاهم من الأشياء الممكنة ينطبق عليهم الحكم بأن الحوار لن يؤدي إلى إنهاء كل الصراعات على الأرض. والذين يعيشون بين عالمين تصيبهم الصراعات مباشرة إذا قورنوا بمن يعيش الصراعات على شاشات التلفاز. إنهم أولئك الذين لهم أقرباء وأصدقاء في العراق وإيران وباكستان وفي أماكن أخرى، وهؤلاء الأقارب والأصدقاء ليسوا فقط مسلمين بل مسيحيين أيضا.

لعبة سياسية

وفي الحوار أصبح الناس لا يطيقون كيف تتحول حرية ممارسة العبادة إلى لعبة سياسية فيما يتعلق بانضمام تركيا إلى الإتحاد الأوروبي، وكيف يُقوض السلام بين المسلمين والمسيحيين في العراق، وكيف لا يحظى ضحايا الكوارث في باكستان إلا بالقليل من الاهتمام الإعلامي لأن باكستان ليس فيها شواطئ مصيف. إن من يشترك في الحوار في هذا البلد لا تقع عليه أية مسؤولية تجاه مساوئ العالم، وإنما يمكنه أن يسأل عن أسباب قلة مساندة هذا العمل. فهذا العمل ضروري، ومن الأفضل أن تحظى جهود المسلمين والمسيحيين التي تنطوي على كفاءات موضوعية كبيرة بالتقدير المناسب.
والتمييز ضروري أيضا، إذ على المرء ألا يفوت الفرصة وأن يرجع إلى أولئك الذين على علم ببناء الجسور بين المجتمعات وأن يدعمهم، لأنهم لا بديل عنهم.
 

 

 

المصدر: http://www.dw.de/dw/article/0,,1873222,00.html

الحوار الداخلي: 
الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك