ثقافة الاتصال

ثقافة الاتصال

د/ عبدالإله محمد جدع

 

يبدو أن بعضاً من شرائح المجتمع تحتاج إلى المزيد من المعرفة في ثقافة الاتصال والتواصل مع الآخرين لأن ثمة فجوات واضحة في التعامل بين الناس تظهر بعض معالمها في ضعف مهارات التركيز والانتباه عند الاستماع للآخرين لأن الغالبية لا يهتمون بإزالة الحواجز الصوتية التي تحول دون استقبالهم للرسالة الاتصالية من المتحدث استقبالاً يحقق الهدف منها (التعارف، نقل المعلومة، تبادل المشاعر....)، وكذلك ضعف مهارات الاهتمام عند الاستماع لأحد إذ لا يحاولون التشجيع أو التعاطف والانتباه أو التجاوب مع المتحدث ثم ضعف مهارات البحث والسؤال في الاستماع لأحد من الناس فلا يغذون المتحدث بالمعلومة أو إعادة طرحها بطريقة مختلفة، ثم ضعف مهارة التحكم العاطفي عند الاستماع للآخرين إذ أن لدى كل منا (مرشحات) أو مؤثرات في الاتصال هي عبارة عن قيم وعادات ومعتقدات تتولد من التنشئة والبيئة والثقافة والتربية وتشكل تلك المرشحات منطقة تقييم (فلتره) إذ يعرض عليها كل ما يردنا من معلومات أو اتصالات ونقوم بتفسيرها في (اللاوعي) مما يؤثر في قبولنا (استقبالنا) للرسالة الاتصالية من أي متحّدث إلينا وتحقيق أهدافها.. ومن المهم التعرف على هذه المعوقات الاتصالية لزيادة الوعي بهذه المرشحات وتزويدنا بالقدرة على اختيار ردود الأفعال والتحكم فيها، وهناك ضعف أيضا في مهارات الحدس عند الاستماع للآخرين واقصد بها الاستماع لأكثر من الكلمات المنطوقة لاستشفاف ما يريده المتحدث، وأخيرا ضعف مهارات البناء في استماعنا للناس فتلك المهارة هي التي يقوم فيها الدماغ باستكشاف الأفكار الجديدة وربط مجموعة الأفكار بعضها ببعض وبما يطرحه المتحدث مما يعمق فرصنا للفهم والتجارب وبمعنى آخر هي عبارة عن (استماع، فهرسة المعلومات، ترتيبها منطقياً، مقارنتها).

 

ومن الممكن زيادة قدراتنا الاتصالية من خلال التدريب لزيادة مهاراتنا في الإنصات وليس الاستماع فحسب والبون شاسع بين اللفظتين ومعناهما قال تعالى: (وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون) فما أكثر من يستمعون إليك وهم لا ينصتون وبعدها لا يفهمون ما أردت ولا يتجاوبون وربما يسيئون إليك!! ونحن نحتاج إلى مهارات تجعلنا أكثر فاعلية ونجاحاً في الاتصال مع الآخرين وكسب ثقتهم ونحتاج إلى قراءات في الذكاء العاطفي (وهو غير الذكاء العقلي)...وهو عبارة عن مجموعة من الصفات الشخصية، والمهارات الاجتماعية/ الوجدانية التي تمكنك من فهم مشاعرك وانفعالاتك ومشاعر وانفعالات الآخرين وبمعنى أكثر وضوحاً هو المقدرة على إدارة الانفعالات بشكل إيجابي يعزز إنتاجنا وتواصلنا مع الآخرين.. كما أننا في حاجة إلى الذكاء الاجتماعي وهو عبارة عن القدرة على التصرف بلباقة في المواقف والأوضاع والظروف الاجتماعية المختلفة بمعنى القدرة على رصد وتنظيم المرء لمشاعره ومشاعر الآخرين وهي لباقة تجعلك تعتمد على مشاعرك في توجيه وإدارة أفكارك وأفعالك ومن الوسائل التي تنمّي هذا الذكاء (البشاشة في الوجه، والانفتاح على الآخرين ومساندتهم ، ومراعاة مشاعرهم، فالابتسامة تفرز مادة (الاندروفين) التي تزيد من الطاقة الطبيعية للجسم فتخفف من مشاعر الحزن والألم ونحن في حاجة كبيرة للابتسام.. في وجوه الآخرين لأنها المفتاح السحري لنجاح الاتصال بيننا وبينهم.

 

صحيفة المدينة السعودية

الحوار الداخلي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك